الأخ محمد بن دوهان حفظك الله لكي يعرف الجميع أن كل هذه الزوابع المثارة منذ سنين حول ما يشاع هو الحسد يجب أن نبصّر العامة وإليكم هذا الموضوع من تجربة الحياة :

( الحسد يقود إلى الجنون )

هذه نظرية طبية علمية حقيقة وليست خيال ففي بداية الطفرة التي مرّت على المملكة وتغيّر الأحوال فقد سمعت مقابلة مع مدير مستشفى الأمراض العقلية في الطائف المسمى
( شهار ) حيث سأله المذيع عن أحوال المرضى المنومين بالمستشفى وأسباب أعتلالهم فقال بالحرف الواحد ( أن معظم النزلاء عندنا بعد أن درسنا أسباب أمراضهم وجدنا أنها من الحسد ) حيث تجد رجلين أقرباء أو أصدقاء أو جيران أو زملاء وهم يعيشون حياة طبيعية ويجتمعون في كل يوم على السمر والأنس وهم من ذوي الدخل المحدود ثم أن أحدهم بدأ يشتغل في العقار أو في التجارة في بداية الطفرة فرزقه الله رزق وافر وقام بتشييد قصر فاخر وفرشه من أغلا الفرش ووضع أثاثه من أثمن الأثاث ثم أشترى سيّارة فخمة وفتح مكتب وبدأ ينشغل بأعماله وعندما يزوره صديقة الذي على حالته الأولى لم يحرّك ساكن يشعر أنه تكبّر عليه وتغيّر عليه وأصبح يحتقره وهو ليس كذلك ولكن تراكم أعماله وتجارته أشغلته عنه وليس عنده فراغ يرافق رفيقه ويلعب معه البالوت كعادته ويكشت معه للبر لصيد القميري والتمشي بالصحراء ثم أن هذا الذي لم يحالفه الحظ يصيبه الحسد حيث أن رفيقه وصديقة أصبح يملك على الأموال وهو لا يملك على شيء ثم يصيبه الأحباط لأنه لم يصل إلى ما وصل إليه صاحبه ثم يصيبه أنفصام شخصية فيشذ تفكيره ويوسوس ثم يزداد هوس إلى أن يصل إلى درجة الجنون وهكذا وضّح مدير المستشفى نتائج الحسد


وبعد أن انتهت الطفرة بما إنتهت عليه من رابح وخاسر فقد جاء عصر حب الشهرة وأصبح الكل ينشد الشهرة فهذا رجل وهبه الله موهبة الشعر وبدأ يشارك في وسائل الإعلام واشتهر وهذا رجل دخل في عالم الصحافة وبدأ يكتب بالصحف واشتهر وهذا رجل أعطاه الله المال وبدأ يكرم ويبذل ويعزم ويعمل المناسبات وتمدحه الشعراء فاشتهر وهذا رجل أعطاه الله القوة الجسدية ودخل في الأندية الرياضية وأصبح لاعب تصفّق له كل الأكف واشتهر وهذا رجل ألف كتاب وصار لكتابه مصداقية فاشتهر ومع هذه الشهرة وانتشار السمعة فأن هناك رجال ليس عندهم شيء من هذه الأسباب التي تسبب الاشتهار وقد أحاطت بهم سمعة فلان وفلان في المجالس وهم محرومين من كل هذه الوسائل ولم يبقى أمامهم إلا التعرض لبعض من اشتهر بالمسبة فهم أن كان الرجل قد اشتهر بشعر وضعوا عنده علامات استفهام ووجدوا مدخل للقدح به ومن اشتهر بالكرم قالوا هذا مبذّر وكرمه رياء والذي يهمني من هذا الموضوع هو التجربة التي مرّت عليه من خلال تأليفي وشعري علماً أنني لم أصل إلى درجة الغبطة حيث أن بعض الشعراء أوصلهم شعرهم إلى درجة الملوك والحكام فهم قد نالوا من الجاه والمال ما لم يناله المشائخ والزعماء وهذا مدعاة للحسد والغبطة ولكن محدثكم لا يزال شخص عادي ما يستحق الحسد وهناك بعض من ألفوا الكتب حصلوا على الجاه والثراء أما محدثكم فأن شعره معظمه بالقبيلة والذود عن حسبها وتوضيح نسبها ولهذا أصبح يدق به بعض قومه عند المسئولين بأنه عنصري ومتعصب ويذكّر بالماضي ويصوّل القبائل على بعضها حتى انعكس الوضع أما الكتاب فأن الدعايات التي بثت من كثر ما نوهت عنها لا داعي لتكرار ما قالوا عنه وقد برز في هذا المجال أشخاص معروفين فهم تخصصوا في التعريض بأبن عبّار في المجالس وليس لهم شغل بث الإشاعات ومع الأسف أن بعض هؤلاء من الذين كنت أمجّد أسلافهم وأدافع عنهم فأصبحت بحاجة إلى من يكفيني شرهم أما أجدادهم فقد شهّرت بهم حسب ما يمليه ضميري من الأنصاف ولكن هؤلاء الأحفاد قد هدموا ما بنوه الأجداد وأصبح سلاحهم البلبلة والتنكّر للجميل والحسد لكل من يبرز من قبيلتهم وهؤلاء الصنف من الناس ينطبق عليهم قولي في هذا المقطع من أحد قصائدي :


ويـن الـرجـال الـلي تحـل اللـواليـس *** قـريبهـم مـا يشتـكي ظيـم حاسوس
صـيـد الحمـايـل مدركين النـواميـس *** ما يقبلـون الجـور والحـق ملموس
لا هاجـت الهيجاء بالأكوان فـّريس *** شجعان يسقون المعادي من الكوس
زالـوا وصـارت للخباث الـمناحيـس *** الـلي مذاهبهم عـلى عشرة أجنوس
اللي عـلى عـلـوم الـرذايـل بـلالـيس *** أذنـاب لـكـن يـدعـون أنـهــم روس
خـلان سـلـم وبـالـلـوازم حـمـالـيـس *** وإلى وردت لجالهـم مارد أرسوس
أهـل الدنس والـدنـفسه والدنـافـيس *** داسـوا كرامتهم بخـف القـدم دوس
يـا صاح مالـك بالهـدوس الهلابيس *** لو كـان تسكـن وادي غيـر مانـوس
أبعـد عـن الهـلباج والنـذل والهيـس *** حثال الرجال قلوبهم سود وأنجوس
أوصـيك لا تـزرع جـمـايلـك بغـليس *** ينكرك لو كثـر عـلى خشمك البوس