بلاد الأشواق
وَمَا ذاكَ إلا غيْرةً أن ينالَها ☆☆ سِوَى كُفئِها والربُّ بالخَلْقِ أعْلَمُ
وإنْ حُجِبَتْ عنَّا بكلِّ كريهةٍ ☆☆ وحُفَّتْ بما يؤذي النفوسَ ويُؤلِمُ
فَلِلهِ ما في حَشْوِها مِن مَسرَّةٍ ☆☆ وأصنافِ لذَّاتٍ بِها نَتَنَعَّمُ
ولله بَرْدُ العيشِ بينَ خِيامِها ☆☆ ورَوضاتِها والثغرُ في الروضِ يَبْسُمُ
فَلِلَّهِ واديها الذي هوَ موعدُ الْـ ☆☆ ـمَزيدِ لِوَفدِ الحُبِّ لو كنتَ مِنهمُ
بِذيَّالِكَ الوادي يَهيمُ صَبابَةً ☆☆ مُحِبٌّ يرى أن الصَّبابَةَ مغنَمُ
وَلله أفراحُ المُحِبين عندما ☆☆ يُخاطِبُهُم مِن فوقِهم ويُسَلِّمُ
ولله أبصارٌ ترى اللهَ جَهرةً ☆☆ فلا الضَّيْمُ يَغْشاها ولا هي تَسْأمُ
فيا نَظرةً أهْدَتْ إلى القلب نَضْرَةً ☆☆ أمِنْ بَعْدِها يَسْلو المحُبُّ المتيَّمُ
ولله كمْ مِن خَيْرَةٍ لو تَبَسَّمَتْ ☆☆ أضاءَ لَها نورٌ مِن الفَجْرِ أعظَمُ
فيَا لذةَ الأبْصارِ إنْ هِيَ أقبَلَتْ ☆☆ ويا لذَّةَ الأسْماعِ حينَ تَكَلَّمُ
ويا خَجْلَةَ الغُصْنِ الرطيبِ إذا انْثَنَتْ ☆☆ ويا خَجْلَةَ البَحرَيْنِ حين تَبَسَّمُ
فإن كنتَ ذا قلبٍ عليلٍ بِحُبِّها ☆☆ فلم يبقَ إلا وصْلُها لكَ مَرْهَمٌ
ولا سِيَّما في لَثْمِها عندَ ضمِّها ☆☆ وقد صارَ منها تحتَ جيدِكَ مِعْصَمُ
يَراها إذا أبْدَتْ لهُ حُسْنَ وجْهها ☆☆ يلذُّ بِها قبلَ الوِصالِ ويَنْعَمُ
تفَكَّهُ منها العينُ عند اجتِلائِها ☆☆ فواكهَ شتَّى طلعُها ليس يُعْدَمُ
عناقِدَ مِن كرْمٍ وتُفّاحَ جنَّةٍ ☆☆ ورُمانَ أغْصانٍ بِها القلبُ مُغْرَمُ
ولِلوَرْدِ ما قدْ ألْبَسَتْهُ خُدودها ☆☆ ولِلخَمْرِ ما قد ضمَّهُ الرِّيقُ والفَمُ
تَقَسَّمَ منها الحُسْنُ في جَمْعِ واحِدٍ ☆☆ فيَا عَجَبًا مِن واحِدٍ يَتَقَسَّمُ
تُذكِّرُ بالرحمنِ مَن هو ناظرٌ ☆☆ بجملتِها أنَّ السُّلُوَّ مُحَرَّمُ
لَها فِرَقٌ شَتَّى مِنَ الحُسْنِ أُجْمِعَتْ ☆☆ فينطِقُ بالتَّسبيحِ لا يَتَلَعْثَمُ
إذا قابلتْ جيشَ الهُمومِ بِوجْهها ☆☆ تولىَّ على أعقابِه الجيشُ يُهْزَمُ
ولَمّا جرَى ماءُ الشبابِ بِغُصْنِها ☆☆ تَيَقَنّ حقًّا أنَّهُ ليسَ يُهْزَمُ
فيَا خاطبَ الحسْناءِ إنْ كُنْتَ راغِبًا ☆☆ فهذا زمانُ المَهْرِ فهو المقدَّمُ
وكنْ مُبْغِضًا للخائناتِ لحبِّها ☆☆ فتحظى بِها مِن دونِهنَّ وتنعمُ
وكنْ أيّمًا مما سواها فإنها ☆☆ لِمثلكَ في جناتِ عدن تأيّمُ
وصمْ يومَك الأدْنى لعلكَ في غدٍ ☆☆ تفوزُ بِعِيدِ الفِطْرِ والناسُ صُوَّمُ
وأقدِمْ ولا تقْنَعْ بعَيْشٍ مُنَغَّصٍ ☆☆ فما فازَ باللذاتِ مَن ليس يقدمُ
وإن ضاقتِ الدنيا عليكَ بأسرِها ☆☆ ولم يكُ فيها منزلٌ لكَ يُعلَمُ
فحيَّ على جناتِ عدْنٍ فإنَّها ☆☆ منازلكَ الأولى وفيها المخيَّمُ
ولكننا سَبْيُ العدوِّ فهل ترى ☆☆ نعودُ إلى أوطانِنا ونسلَّمُ
وقد زعموا أن الغريبَ إذا نأى ☆☆ وشطَّتْ به أوطانُه فهو مؤلم
وأيُّ اغترابٍ فوق غربَتِنا التي ☆☆ لها أضحتِ الأعداءُ فينا تَحَكَّمُ
وحيَّ على روضاتِها وخيامِها ☆☆ وحيَّ على عيشٍ بها ليسَ يُسْأمُ
وحيَّ على السوقِ الذي فيه يلتقِي الْـ ☆☆ ـمُحِبُّون ذاكَ السوق للقومِ يُعلَمُ
فما شئتَ خذْ منه بلا ثمنٍ له ☆☆ فقد أسلفَ التجار فيه وأسلمُوا
وحيَّ على يومِ المزيدِ الذي به ☆☆ زيارةُ ربِّ العرشِ فاليوم موسِمُ
وحيّ على وادٍ هنالكَ أفْيَح ☆☆ وتُرْبَتُهُ مِن أذفرِ المِسكِ أعظَمُ
منابر مِن نورٍ هناك وفضةٍ ☆☆ ومن خالِصِ العِقْيانِ لا تتفصَّمُ
ومِنْ حوْلِها كثبانُ مِسْكٍ مقاعدٌ ☆☆ لمِن دونهم هذا العطاءُ المفخَّمُ
يرونَ به الرحمنَ جلَّ جلالُه ☆☆ كرؤيةِ بدرِ التَّمِّ لا يُتَوَهَّمُ
وكالشمسِ صحْوًا ليس مِن دون أفْقِها ☆☆ سحابٌ ولا غيمٌ هناكَ يغيّمُ
فبينا همُ في عيشِهِم وسرورِهم ☆☆ وأرزاقُهُم تجرى عليهِمْ وتُقْسَمُ
إذا همْ بنور ساطعٍ قد بدا لهمْ ☆☆ سلامٌ عليكم طبْتُم ونَعِمْتُمُ
سلامٌ عليكمْ يَسمعونَ جميعُهُم ☆☆ بآذانِهم تسليمُهُ إذْ يُسَلِّمُ
يقولُ : سلوني ما اشْتَهَيْتُمْ فكلُّ ما ☆☆ تُريدون عِندي إنني أنا أرْحَمُ
فقالوا جميعًا نحن نسألكَ الرِّضا ☆☆ فأنتَ الذي تُولي الجميلَ وتَرْحَمُ
فيُعطيهمُ هذا ويُشهِدُ جَمْعَهمْ ☆☆ عليهِ تعالى اللهُ فاللهُ أكرمُ
فَبِاللهِ ما عُذْرُ امرئٍ هو مؤمنٌ ☆☆ بِهذا ولا يَسعى له ويقدّمُ ؟؟
ولكنما التوفيقُ بالله إنَّهُ ☆☆ يَخصُّ به مَنْ شاءَ فضلا ويُنْعِمُ
فيا بائِعًا هذا بِبَخْسٍ مُعَجَّلٍ ☆☆ كأنكَ لا تدري بل سوفَ تَعْلَمُ
نهاية المطاف
فقدِّمْ فدَتْكَ النفسُ نفسَكَ إنَّها ☆☆ هي الثمنُ المَبْذولُ حين تُسَلّمُ
وخضْ غَمَراتِ الموتِ وارْقَ معارجَ الْـ ☆☆ ـمحبَّةِ في مرضاتِهم تتسَنَّمُ
وسلِّمْ لَهُم ما عاقَدُوكَ عليهِ إنْ ☆☆ تُرِدْ منهُمُ أن يَبْذُلُوا ويُسَلِّمُوا
فما ظفرتْ بالوصْلِ نفسٌ مَهِينَةٌ ☆☆ ولا فازَ عبْدٌ بالبَطالَةِ يَنْعَمُ
وإنْ تكُ قد عاقَتْكَ سُعْدَى فقَلْبُكَ الْـ ☆☆ ـمُعَنَّى رهينٌ في يَدَيْها مُسَلَّمُ
وقد ساعدتْ بالوصل غيرَكَ فَالهوى ☆☆ لها مِنْكَ والواشِي بِها يَتَنَعَّمُ
فدَعْها وسَلِّ النفسَ عنها بِجَنَّةٍ ☆☆ من العِلم في روضاتِها الحقّ يَبسُمُ
وقد ذُلِّلَتْ منها القُطُوفُ فمَنْ يُرِدْ ☆☆ جَناها يَنَلْهُ كيف شاءَ ويَطْعَمُ
وقد فُتِحَتْ أبْوابُها وتَزَيَّنَتْ ☆☆ لِخُطّابِها فالحسْنُ فيها مُقسّمُ
وقدْ طابَ منها نُزْلُها ونَزيلُها ☆☆ فطوبَى لِمَنْ حلُّوا بِها وتنَعَّمُوا
أقامَ على أبوابِها داعِي الهُدَى ☆☆ هَلُمُّوا إلى دارِ السّعادةِ تَغْنَمُوا
وقد غرسَ الرحمنُ فيها غِراسَهُ ☆☆ مِن الناسِ والرحمنُ بالخَلْقِ أعْلَمُ
ومَن يَغْرِسِ الرحمنُ فيها فإنَّه ☆☆ سعيدٌ وإلا فالشَّقاءُ مُحَتَّمُ