موقعه ذيقار
الكتاب: المختصر في أخبار البشر
المؤلف: أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي (المتوفى : 732هـ)
كتب "وهو ابن المنذر بن ماء السماء، وكان اسم أمه هند، ويعرف بعمرو بن هند، ولثمان سنين مضت من ملكه، كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ملك بعده أخوه قابوس بن المنذر بن ماء السماء. وقيل إِنه لم يتملك وإنما سمي ملكاً لما كان أبوه وأخوه ملكين، ثم ملك بعده أخوهما المنذر بن المنذر، ثم ملك بعده ابنه النعمان بن المنذر بن المنذر بن ماء السماء، وكنيته أبو قابوس، وهو الذي تنصر، وأمه سلمى بنت وائل بن عطية الصايغ، من أهل فدك، وملك اثنتين وعشرين سنة وقتله كسرى برويز، وبسبب مقتله كانت وقعة ذي قار بين الفرس والعرب."
وكتب " ومن أيام العرب المشهورة يوم ذي قار وكان في سنة أربعين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل في عام وقعة بدر الأول أقوى، وكان من حديثه أنّ كسرى برويز غضب على النعمان بن المنذر وحبسه، فهلك في الحبس، وكان النعمَان قد أودع حلقته، وهي السلاح والدروع، عند هانئ بن مسعود البكري، فأرسل برويز يطلبها من هانئ المذكور فقال: هذه أمانة والحر لا يسلم أمانته، وكان برويز لما أمسك النعمان، قد جعل موضعه في مُلك الحيرة إِياس بن قبيصة الطائي، فاستشار برويز إِياساً المذكور فقال إِياس: المصلحة التغافل عن هانئ بن مسعود المذكور حتى يطمئن، وتتبعه فتدركه، فقال برويز إِنه من أخوالك، ولا نألوه نصحاً، فقال إِياس: رأي الملك أفضل.
فبعث برويز الهرمزان في ألفين من الأعاجم، وبعث ألفا من بهرا، فلما بلغ بكر ابن وائل خبرهم، أتوا مكاناً من بطن ذي قار فنزلوه، ووصلت إِليهم الأعاجم، واقتتلوا ساعة وانهزمت الأعاجم هزيمة قبيحة، وأكثرت العرب الأشعار في ذكر هذا اليوم."
وكتب " وقيل كانت سنة ثلاث، وقرقرة الكدر، ماء مما يلي جادة العراق إِلى مكة، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بهذا المرضع جمعاً من سليم وغطفان، فخرج لقتالهم، فلم يجد أحداً، فاستاق ما وجد من النعم، ثم قدم المدينة. وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين، مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه. وفي هذه السنة تزوج علي بفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها كانت الوقعة بذي قار بين بكر بن وائل وبين جيش كسرى برويز، وعليه الهامرز، واقتتلوا قتالاً شديداً، وانهزمت الفرس ومن كان معهم من العرب، وقتل الهامرز."