اليـــــــ الوطنـــ السعودي ــــي ـــــــــوم
الوطنية من منظور شرعي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء وعلى آل بيته الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
توطئة للموضوع
يقول الشاعر
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة ،،،، وأهلي وإن ظنّوا عليّ كرام
وقال الشاعر:
وكم من منزل في الأرض يألفه ،،،،،، الفتى وحنينه أبداً لأول منزل
إن الإنسان بلا وطن هو كيان لكنه بلا روح ، الإنسان بلا وطن هو جسد لكن بلا إحساس ، إن الفاقد للوطن هو بالضرورة فاقد للأمن والاستقرار، والفاقد للأمن والاستقرار لابد أنه فاقد للاطمئنان ، الوطن بلا أمن واستقرار هو غابة يعيش فيها القـوي ويهان فيها الضعيف كما كان سالف هذه البلاد ، ونحمد الله على الأمن الذي نعيشه في بلادنا أدام الله أمنها واستقرارها ، فأين المرجفون المكفرون المخربون المفجرون الإرهابيون المنتحرون من نعمة الأمن التي هم الآن يفتقدونها0
تعريف الوطنية
قال ابن منظور في لسان العرب : الوطن المنزل الذي تقيم فيه وهو موطن الإنسان ومحله ، وقال الدكتور حسن خطاب : أن الوطنية شعور بالانتماء بالقول والعمل للجماعة والوطن , فالوطني هو الذي يقدم المصالح العامة على مصالحه الفردية , أو يرعاهما معا , يعني الإحساس بهموم الآخرين ، والعمل على تحقيق مصالح الناس , والانشغال بهمومهم , وحل قضاياهم , والدفاع عنهم ضد أي عدوان خارجي , ومن ثم فإن التأصيل الشرعي للوطنية يتمثل في دعوة الإسلام للاهتمام بمصالح المسلمين , وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة 0
وضع المملكة العربية السعودية قبل التوحيد
اليوم الوطني يعود بنا إلى الوراء إلى ما قبل الثمانين عاما ، يوم جميل لطيف لأنه يذكرنا بتوحيد هذه البلاد وجَعْلِها تحت حكم واحد ، بعد أن كانت قبائل متناحرة ، وعصابات متقاتلة ، الحاج لا يأمن على نفسه إن أراد الحج ، وطالب الرزق لا يأمن على نفسه إن أراد طلب الرزق ، فكانت الجزيرة العربية لا تعرف للأمن اسما ، ولا للحدود رسما ، ولا للأخوة معنى ، فقيض الله لهذه البلاد المقدسة بقدسية حرميها ( مكة والمدينة ) المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز طيب الله ثراه فجعلها كيانا واحدا ، قبيلة واحدة ، أرضاً واحدة ، حدا واحدا ، هذا التوحيد للمملكة أخذ من الملك عبد العزيز رحمه الله وقتا طويلا ، وجهدا كبيرا ، ومالا كثيرا ، وأنفسا عزيزة ثمينة ، فتغير اتجاه الناس من القتل والنهب والتناحر إلى البناء والتطوير والإنتاج ، فأصبحت أيادي الأمس المتقاطعة اليوم متصافحة تسعى لرقي هذا البلد وأهله ، وأصبحت أشعار الأمس الداعية للقتل والانتقام هي اليوم أشعار تآلف ووحدة 0
قالت الأعراب فماذا قالت
حب الوطن كحب النفس ، حب الوطن كحب المال ، حب الوطن كحب الوالد والولد ونحو ذلك لأن الحب بشكل عام غريزة بشرية لا يمكن أن ننفك عنها ، قال أحد الأعراب ( إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه ، وتشوقه إلى إخوانه ، وبكاؤه على ما مضى من زمانه ) 0
ثلاث في ثلاث
قيل ثلاث خصال في ثلاث أصناف :
الإبل تحن إلى أوطانها ،،،،،،،،، وإن كان عهدها بها بعيداً 0
الطير يحن إلى وكره ،،،،،،،،،،،، وإن كان موضعه مجدباً 0
الإنسان يحن إلى وطنه ،،،،،،،،،، وإن كان غيره أكثر نفعاً 0
شوق النبي r إلى الوطن
لما أشتاق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة محل مولده ومنشئه أنزل الله تعالى عليه قوله ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد ) أي إلى مكة ، وفي الأثر قَدِم أُصيِل الغفاري على رسول الله r من مكة ، فقالت له عائشة كيف تركت مكة ؟ قال : أخضرت جنباتها ، وابيضت بطحاؤها وأغدق أذخرها وانتشر سلمها ، فقال له رسول الله r ( حسبك يا أصيل لا تحزني ) ، وفي رواية ( وبها يا أصيل تدع القلوب تقر) ، لاحظوا اشتاق النبي r إليها فهي موطنه الأول ، فألفة الموطن الأول والحنين إليه مركوزة في الفطر 0
الوطنية الممقوتة
جاءت في عصورنا المتأخرة وطنية مقيتة ، وطنية لا تنظر إلى المسلمين نظرةً شاملة بل وطنية حزبية تريد أن تقسم الأمة إلى أمم ، فأصبحنا نسمع بالأمتين العربية والإسلامية ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل انقسمت كل أمة على نفسها فإذا بالأمة العربية أصبحت أمماً ، وليت الأمر وقف عند هذا الحد ولكنه شد وامتد حتى أطلت الإقليمية في البلد الواحد ، فهذه وطنية مقيتة مغلفة مبنية على الحزبية أو القبلية أو الفكرية أو ما شذ من الآراء والأفكار المدمرة ، فنحمد الله أن وطنيتنا في بلدنا هذا المملكة العربية السعودية ومنذ أن أسسها الملك عبد العزيز رحمه الله ومن بعده أبنائه رحم الله من مات ووفق من بقي منهم : مبنية على طاعة الله عز وجل وحبه ، ونشر الدين الصحيح السليم من خلال الدعوة إلى الله ، ومن خلال المناهج العلمية المبنية على أسس شرعية سليمة ، فالحمد لله وطنية بلادنا كوطنية السلف الصالح لربهم ودينهم وبلدهم الإسلامي ، ونريد لوطنيتنا ولبلدنا المسلم أن تبقى مادامت السماوات والأرض 0
فالوطنية لها مفهوم شرعي ، ولها مفهوم وثني فأما المفهوم الشرعي وهو حب الانتماء والدفاع عن الأملاك والدفاع عن الأرض فهو أمر مشروع وهذا نهج بلدنا والحمد لله 0
حب الوطن من الإيمان
قول منتشر بين الناس ويعتقدون أنه حديث وهو ( حب الوطن من الإيمان ) وهو في الحقيقة ليس بحديث بل موضوع مكذوب على النبي r ، قال الألباني رحمة الله ( موضوع ،ومعناه غير مستقيم إذ أن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه ، كل ذلك غريزي في الإنسان لا يمدح بحبه ولا هو من لوازم الإيمان )، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ومثله ( حب الوطن من الإيمان ) وهو مشهور عند العامة على أنه حديث صحيح ، وهو حديث موضوع مكذوب ، بل المعنى أيضاً غير صحيح 0
أقوال العلماء في حب الوطن
ذكروا ثلاثة أقوال في ( أن حب الوطن من الإيمان ) أختصرها فيما يلي :
القول الأول : أن معناه صحيح 0
القول الثاني : لا ملائمة بين حب الوطن وبين الإيمان ، ويرده قوله تعالى ( ولو أنا كتبنا عليهم ) ، فإنه يدل على حبهم لوطنهم مع تلبسهم بالإيمان إذ ضمير ( عليهم ( للمنافقين 0
القول الثالث : حاول آخرون التوفيق فقالوا ( ولا يخفى أن معنى الحديث : حب الوطن علامة من علامات الإيمان ، وهي لا تكون إلا إذا كان الحب مختصاً بالمؤمن ، وقالوا معنى الحديث - إن صح معناه - أن يحمل على أن المراد بالوطن : الجنة فإنها السكن الأول لأبينا آدم ، أو المراد به مكة فإنها أم القرى وقبلة العالم ، أو المراد به الوطن المتعارف عليه ، ولكن بشرط أن يكون سبب حبه صلة أرحامه أو إحسانه إلى أهل بلده من فقرائه 0
كيف تكون الوطنية
الوطنية ليست شعارات أو احتفالات ، بل هي شعور بالانتماء لهذه الأرض وهذا المجتمع الذي نعيش فيه , وبذل كل ما هو غالي ونفيس للدفاع عن أراضيه وتقديم كل ما هو مفيد للدين والوطن 0
الوطنية تكون بتربية الأبناء تربية صالحة حتى يكونوا أفرادا نافعين لدينهم ووطنهم
تكون عن طريق المعلم الذي يقف بين تلاميذه يغرس فيهم حب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه 0
تكون بالمحافظة على ثروات الوطن 0
تكون من خلال الإنتاج والعمل بإخلاص وأمانة وعدم التكاسل أو التلاعب والتحايل 0
تكون بتنمية مبدأ الشكر لله على نعمة الأمن الذي نعيشه وعلى رغد العيش وان عدم الشكر مدعاة لزوال النعم 0
والحمد لله على نعمة الأمن والإيمان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد بن فنخور العبدلي

الأخ الفاضل محمد بن فنخور جزيت خير الجزاء وأوتيت الحسنيين في الدارين ..

نعم هنا تجدر الإشارة أن بقية الدول العربية وللأسف الشديد تسمي الأشياء بغير أسمائها التي يجب أن تكون عليه ، فهم جعلوا من " اليوم " الوطني عيداً لهم وهذا يذكرنا بكثرة أعياد اليهود والنصارى التي أخبر عنها رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه وما نشاهده نحن لهم من كثرة الأعياد التي لم ينزل بها من الله سلطانا، فما هذا اليوم إلا يوم من الأيام الخالدة في حقيقة أمره ففيه توحدة البلاد وإستقر العباد وطلبوا رزقهم دون خوفٍ ولا ورع وليس بعيد كما جعلوه ..

وإذ نحمد الله عز وجل أن هيء لهذه البلاد ولاة أمرها وأئمتها وعلمائها الذين لا يساومون ولا ينخدعون بزيف الدنيا وزخرفها، كما نسأله بأعز أسماءه وصفاته أن يهدي الضآلين من العرب والمسلمين وأن يشملنا وإياهم برحمته الكريمة التي وسعت كل شيء إنه أرحم الراحمين ..

ولك الشكر الجزيل حتى ترضى على ما تتفضل به علينا من تطوير وتنوير من خلال ما تقدمه في هذا الصرح الكريم ..

الأخ محمد بن فنخور العبدلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتك بكل خير أما بعد
فقد نثرت الدرر في منتداك من خلال ما تكتب من مقالات مفيدة وهي مدعمة بأقوال العلماء والمؤرخين واللغويين ولا نقول ألا جزاك الله خير وسبق وأن أقترح علينا أحد الأخوة بأن نستقطب في هذا المنتدى أحد الفقهاء ليتناول الشئون الدينية في هذا الموقع ومن حسن الحظ أن تشاركنا وتكون من أعضاء هذا المنتدى وهذا شرف لنا وفقك الله لما يحب ويرضى وكل عام وأنت بخير

الأخ الفاضل محمد بن دوهان
الأخ الفاضل عبد الله العبار
كتب الله أجركم ونفع بكم