إيقاظ الهمم في إثبات أن الأنباط من العجم
بقلم
احمد بن سليمان ابو بكرة الترباني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ علية الصلاة والسلام ـ وبعد :
من العجائب التي نسمعها اليوم من بعض أدعياء المعرفة في الأنساب وكذلك دعاة العربية , أنهم يقولون في أبحاثهم ومقالاتهم أن ( الأنباط من العرب ) , ويفتخرون في هذا !!
وهذا يدل ان هؤلاء لا يعرفون تاريخ العرب ولا يعلمون من علوم الأنساب والعربية غير إسمها .
وقد نقلت في هذه الرسالة أدلة قوية تثبت للعاقل اللبيب ان الأنباط من العجم , والأنباط يضرب بهم المثل في جهالة النسب , ولهذا حذر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث قال : تعلموا أنسابكم ولا تكونوا كالنبط إذا سئل احدهم عن أصله قال : من قرية كذا .
فعلم الأنساب أشتهرت به العرب , خلافا لغيرها من الأمم وخاصة ( الأنباط ) .
بل تقول العرب للرجل الذي لا يعرف نسبه يقال عنه : نبطي , وهي مذمة , فكيف يدعي هؤلاء بأن الأنباط من العرب , سبحان الله والله المستعان .
ونذكر لكم ادلة قوية تثبت أن الأنباط من العجم
باب ـ ( الأنباط من العجم )
ذكر الحافظ ابوموسى الأصفهاني في ( مجموع المغيث )(2/397) : سأل عمر بن الخطاب عمر بن معد يكرب عن سعد ـ رضي الله عنهم ـ فقال : خير أمير , نبطي في حبوته , عربي في نمرته .......... .
قلت : وهذا دليل واضح على ان الانباط من العجم , حيث ذكر عمر بن معد يكرب ان سعد ـ رضي الله عنهم ـ كان نبطي في جلسته , عربي في لباسه , وهذا تفريق واضح بين جنس النبط وجنس العرب فأنتبه رحمك الله .
وأخرج ابن قتيبة في ( عيون الأخبار ) (1/450) : إن عمر بن الخطاب كان يقول : من كان جاره نبطيا وأحتاج الى ثمنه فليبعه .
وجاء في ( معجم الشعراء )(523) لابن المرزباني :
قال جرير يهجو ميجاش بن نعيم البرجي :
إني لأعلم يا ميجاش انكم
اولاد أحمر من أنباط حوران
قلت : أولاد أحمر هم العجم من الأنباط .
قال التبريزي في ( شرح ديوان الحماسة ) (2/891) : العرب تسمي العجم الحمراء .
قلت : وذلك لأن الغالب على العجم أنهم حمر الوجوه زرق العيون , ولهذا فإن قبائل بئر السبع كقبيلة الترابين والتياها والعزازمة وغيرهم يقولون عن بعض سكان القرى التي لا يعرف نسبها يقولون عنهم ( حمران ) كسكان برقة نابلس فإن قبائل بئر السبع تسميهم ( حمران ) لحمرة وجوههم وزرقة عيونهم , وهذه القيافة التي غاب عنها أدعياء المعرفة بالانساب , ولا سيما أن قرية برقة نزلها الشراكسة والشيشان وبقايا حملة ابراهيم باشا .
ومما يدل ايضا على أن الأنباط من العجم قول حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ :
لكميت كأنها دم جوف
عتقت من سلافة الأنباط
وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد )(4/57) : قال احمد بن ابي دواد لمحمد بن عبدالملك الزيات عند الواثق : أضوي ـ أي أسكت ـ بالنبطية فقال له : لماذا ؟ والله ما انا بنبطي ولا بدعي . انتهى
قلت : وهذا محمد الزيات يرد على ابن ابي دواد بأنه عربي وليس نبطي .
وأخرج السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) (3/221) قصيدة لابن حزم يقول فيها :
فعرب وأحبوش وترك وبربر
وفرس بهم قد فاز قدح المساهم
وقبط وأنباط وحزر وديلم
وروم رموكم دونه بالقواصم
قلت : وهذا تفريق واضح بين هذه الأجناس وبين جنس العرب , والأنباط من جنس العجم .
وأخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (4/181) قول عيسى بن لهيعة حين ذكر ان بعض الكتاب كتب الى بعض الملوك , فوقع الملك في اسفل الكتاب : والله لو عطست ضبا ماكنت عندنا الا نبطيا , فأقصر عن تنطعك وسهل كلامك .
علق ابن عبدربة على هذا القول وقال : لو عطست ضبا يريد ان الضباب من طعام الأعراب وفي بلدهم , فقال : لو عطست فنثرت ضبا من عطاسك لم تلحق بالأعراب ولم تكن الا نبطيا . انتهى
قلت : وهذا تشبيه حسن , فإن هذا نراه اليوم من أصحاب الوجوه الحمر , تجدهم يتصنعون ويتكلمون بلهجات البدو , وهذا الصنف لو عطس من أنفه بعيرا لم يكن عندنا الا أحمر من أصحاب البرذون .
قال الحريري في ( المقامة التاسعة والأربعون ) : وإني اوصيك بما لم يوص به شيث الأنباط ولا يعقوب الأسباط ........ .
قال الشريشي في ( شرحه للمقامات ) (3/445) : الأنباط قيل سموا انباطا لأستنباطهم البناء واستخراجهم المياه , والنسابون يزعمون انهم من ولد يافث بن نوح .
أخرج ابن عبدربة في ( العقد الفريد ) (3/307) عن سعيد بن المسيب قال : ولد نوح ثلاثة أولاد , سام وحام ويافث , فولد سام العرب وفارس والروم , وولد حام السودان والبربر والنبط , وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج .
قلت : ولا خلاف في هذا بأن الأنباط من يافث او من حام المهم انهم من العجم وهذا هو المقصود من هذا السرد .
قال الإمام النووي في ( رياض الصالحين ) ( باب النهي عن تعذيب العبد ) : الأنباط الفلاحون من العجم .
قال ابن دريد كما عند الشريشي في ( شرح المقامات ) (3/445) : النبط جيل من الناس معروف وهم النبط والانباط والاسباط بنو يعقوب عليه السلام .
وذكر ابن المرزباني في ( معجم الشعراء ) (508) لما قتل كسرى النعمان بن المنذر أغارت العرب على السواد ـ اي الانباط ـ فقال مفروق وهو من بني شيبان وكان أحد من أغار :
أنزى بأنباط السواد وساقه
إلي وأودى رجلتي وفوارسي
.
وفي نهاية هذه الرسالة , إعلم رحمك الله ان الأنباط من العجم يضرب بهم المثل في جهالة النسب , فلا تلتفت رحمك الله الى الأقوال الشاذ الركيكة , فأنتبه هداك الله وألزم غرس أجدادك العرب .
كتبه :
أحمد بن سليمان ابو بكرة الترباني