نشر هذا المقال بتاريخ اليوم الموافق 3 من شهر 5 لعام 2009 في جريده الجزيره
حول موضوع سرقة الموروث والعبث به
السادة الكرام هيئة تحرير صحيفة الجزيرة الغراء حفظهم الله ورعاهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فحسب ثقة القراء المطلقة بهذه الصحيفة وأنها منبر من المنابر الحرة من خلال نشرها للمواضيع التي تهم المواطن لذا أرجو نشر هذا المقال لأهميته شاكراً ومقدراً اهتمامكم.
كتب أحد الإخوة مشكورا مقالا يشير به إلى سرقة عدد من الكتب الشعبية وكتب الأنساب ومنها كتاب الشيخ منديل الفهيد وكتاب الأديب الباحث عبدالله بن رداس وكتابنا (أصدق الدلائل في أنساب وتاريخ بني وائل قبائل عنزة خاصة وقبائل ربيعة عامة) وغيرها من موروثاتنا التي سرقت وغيرت تسمياتها وطبعت بالخارج بأسماء أخرى وصدرت لبلدنا وعرضت بمعرض الكتاب وهي تباع بأسعار خيالية مما يثير الاستغراب؟ وبعد أن أثار الأخ الكاتب هذا الموضوع المهم فقد وجب أن أعرض ما يخص كتابي بما يلي:
لقد أمضيت في جمع مادة هذا الكتاب عشرات السنين فشرعت في البحث منذ بداية حياتي وطبعت هذا الكتاب اثنتا عشرة طبعة في داخل المملكة وخارجها وكنت أنقحه في كل طبعة وأتلافى ما أعثر عليه من أخطاء وهو مجهود فردي تلقيت مادته من خلال البحث الميداني وتلقي المعلومات من مصادرها حتى أصبح مرجعا لكل باحث يبحث عن نسب قبيلة عنزة الصحيح وهذا بشهادة المنصفين من رجال القبيلة وغيرهم وسبق أن طلب مني بعض أصحاب الموسوعات والمؤلفات المتخصصة بالأنساب أن أسمح لهم بالنقل من هذا الكتاب فسمحت لهؤلاء في موافقة خطية شريطة أن يشار لمصدر النقل وتم ذلك ومنهم الأخ الباحث إبراهيم بن جارالله بن دخنة الشريفي وهو باحث من دولة الكويت وصدرت الموسوعة الذهبية في أنساب قبائل وأسر شبه الجزيرة العربية واقتبس ما يخص أنساب قبيلة عنزة وأشار للمصدر مشكوراً ثم إن المحامي شفيق بن محسن العنزي نائب رئيس مجلس عنزة في بغداد وصاحب مجلة العنزي قد طلب مني الموافقة على تصوير نسخة من الكتاب لتكون مرجعا للجاليات العنزية في العراق لعدم توفر الطبعة الأصلية هناك وكتبت له موافقة وتم طبع نسخة من هذا الكتاب وأشار له كمصدر رئيسي حسب القانون.
وفي عام 1415هـ هاتفني شخص يدعى محمد بن سليمان الطيّب مصري الجنسية وذكر أنه باحث وينوي إصدار موسوعة أنساب القبائل العربية فاتضح لي أنه يريد جمع الكتب الجاهزة وإدراجها بإصدارات تصدر باسمه دون أن يكون له جهد في جمعها فأبلغته بعدم موافقتي على طلبه وعدم السماح له ولكنني فوجئت بعد ذلك بإصدار الطبعة الأولى المجلد الأول من موسوعته وقد أدرج طبعتين من كتابي ولم يبق إلا الغلاف والمقدمة فقط وأشار إشارات لا توفي بالغرض وأصبح من ينقل من هذه الموسوعة يشير للسارق كمصدر ثم تقدمت بشكوى لحماية حقوق المؤلف التابعة لإدارة المطبوعات بوزارة الإعلام بالمملكة وأحضرت نسخة الموسوعة ونسخة من كتابي وتمت المطابقة وأصدر مدير عام المطبوعات مشكوراً تعميما إلى جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية بالمملكة بمنع الكتاب المذكور وكان التعميم الذي أحتفظ بصورة منه قدر صدر برقم8019-م-د وتاريخ 5- 8-1417هـ وأبلغت أنه بموجب القانون الدولي يجب رفع قضية ومقاضاة المذكور من قبل السلطات المصرية وذلك لقصد تغريمه وإيقاف كتابه وقد اكتفيت بمنع إيراد كتابه دون مقاضاته تجاوزاً وتسامحاً مني ولكن مع الأسف لا يزال الكتاب موجودا في مكتبات المملكة ضمن مجلداته العشرة التي وضعها في مغلف واحد وهي جميعها سرقات ومما يثير الاستغراب أنه قد كتب على الغلاف عبارة بحوث ميدانية وهو لم يبحث مع أي جهة إلا أنه سرق محتويات كتب لمؤلفين معظمهم سعوديون وأدرجها كاملة وأصبحت باسمه.
ومن خلال ما يعرض في معارض الكتاب التي تقام بالمملكة وحيث كنت أبحث عن كل جديد يخص مجال بحثي فقد عثرت على موسوعة تقع في تسعة مجلدات وعنوانها (موسوعة قبائل الجزيرة العربية) تأليف (ماجد ناصر الزبيدي) وهي تباع بثلاثمائة ريال سعودي فظننت أني أجد بها ما يزود معلوماتي واشتريتها وعندما تصفحت هذه الموسوعة وجدتها إحدى طبعات كتابي (أصدق الدلائل في أنساب بني وائل) حرفياً ووقفت حائراً كيف أنه سرق كتابي وحوّر وأضيف له بعض الكتب وطبع بدار تسمى دار الرافدين في لبنان وكان طبع الكتاب عام 1425هـ ومما أثار استغرابي ودهشتي أكثر أن الدار قد كتبت على الغلاف من الداخل التحذيرات التالية:
(جميع حقوق الطبع والنشر والتأليف محفوظة ومسجلة للناشر ولا يحق لأي شخص أو مؤسسة أو جهة إعادة طبع أو ترجمة أو نسخ الكتاب أو أي جزء منه إلا بترخيص من الناشر تحت طائلة الشرع والقانون).
هكذا كتبت الدار وهي تذكر بالشرع والقانون يا للعجب وهي السارقة؟ ثم إن دار الرافدين لم تكتف بإصدار هذه الموسوعة المسروقة بل أصدرت كتاباً آخر باسم (قبيلة عنزة تاريخها ورجالاتها وأنسابها في العراق والجزيرة العربية) ووضعت على الغلاف صورة الشيخ محروت بن هذال شيخ مشائخ عنزة لقصد الجذب والإغراء وقد طبع الكتاب في سنة 1426هـ وسمي مؤلف الكتاب (رضا ناصر حسين) والكتاب مجلد واحد ويباع بمبلغ سبعين ريالا سعوديا وهو عبارة عن نسخة مصورة من كتابي (أصدق الدلائل في أنساب بني وائل).
ولا تزال هذه الدار تواصل سرقتها للكتب ولم تكتف بما سبق فقد بلغني أنه نشرت موسوعة أخرى تحت اسم موسوعة قبائل عنزة تحتوي على مادة مقتبسة من كتابي المشار إليه ولا أشك أن وراء هذه السرقات كلها لص محترف يدعى (خالد العاني)؟ وهو عراقي الجنسة ومتخصص في سرقة كتب أنساب أهل الجزيرة العربية وهو يسرق كتباً من تأليف باحثين سعوديين ويطبعها في تلك الدار ويضع لها مؤلفين لا وجود لهم ويعرضها في كل معرض عربي يقام ويصدرها إلى بلادنا وهي تباع بأسعار خيالية جداً مستغلاً تسامحنا وإكرامنا للوافدين وسبق أن حذرت هذا الرجل من تكرار هذا العمل المشين ولكنه لم ينتهِ.
كما أنني قد اطلعت على موسوعة تقع في أربعة مجلدات وتسمى موسوعة قبائل العرب للمدعو عبدالحكيم الوائلي وهي صادرة من الأردن وقد أدرج صاحب هذه الموسوعة أيضاً كتابي المذكور كاملاً في موسوعته ولم يشر له وغيره الكثير من الإصدارات التي لا أريد أن أسمي أصحابها ولكن يذكرنا من احترف هذه الخصلة الذميمة وهي سرقة جهد الغير أو شعر الغير بحادثة أوردها أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني وملخصها أن الشاعر الأموي بشار بن برد عندما سرق منه تلميذه سلم الخاسر بيته القائل:
من راغب الناس لا يظفر بغايته
وفاز باللذة الفاتك اللهج
وكان سلم الخاسر تلميذه وراويته وقد أعجبه معنى البيت فاقتبسه وصاغه في بيت أخف وهو قوله:
من راغب الناس مات هماً
وفاز باللذة الجسور
فسار مع الناس بيت سلم الخاسر واندثر بيت بشار بن برد مما جعل بشارا يحنق على تلميذه ثم إنه ترصد له حتى ظفر به فقبض عليه وأشبعه ضرباً وهو يردد البيتين ويقول: لقد سهرت الليالي أستحلب أفكاري حتى جادت قريحتي بهذا البيت فتسرقه أيها اللص بهذه السهولة وتدعيه ومما لا شك فيه أن بشارا محق في تأديب تلميذه سلم وإذا كان هذا الشاعر انتقم من سارق بيت من شعره فكيف بمن يعتدي على حقوق محفوظة شرعاً وعرفا لمؤلف اجتهد وبحث وتكلف جهدا ومالا وتلقى الصعوبات حتى أخرج مؤلفه إلى حيز الوجود ثم يأتي من يسرق جهده بسهولة دون رادع من ضمير.
وأخيراً آمل من وزارة الثقافة والإعلام أن تقوم بإعادة الحقوق المسلوبة لأصحابها حسب ما نص عليه نظام حفظ وصيانة حقوق المؤلف المكفولة بموجب المعاهدات الدولية، وحيث إن كل كتاب يحمل شهادة إيداع من مكتبة الملك فهد الوطنية وقد سجل بالرقم المعياري الدولي لذا يجب رد الحقوق إلى أصحابها وردع السارق والدار التي تعاونت معه. وإننا على ثقة مطلقة بأن وزارة الإعلام والثقافة في بلادنا الحبيبة ممثلة في معالي الوزير والمسؤولين بالوزارة حفظهم الله يحرصون كل الحرص على حفظ حقوق المواطن. ونظراً لكثرة السرقات فإني أطلب أن تشكل لجنة من قبل وزارة الثقافة والإعلام تتألف من الباحثين المختصين في علم الأنساب والحضارة والتاريخ وتراقب الكتب التي تعنى بأنساب القبائل فتدرسها وتوقف السارق عند حده ويأخذ جزاءه، كما أن هناك بعض الإصدارات تتخبط في جذور القبائل وتتلاعب حسب ما يحلو للباحث أن يكتب وهذه قد تكون أهم من سرقة الكتاب حيث إن العبث في نسب قبيلة وإلحاقها بنسب غير نسبها الصحيح يسبب الشك وهذا ما لوحظ أخيراً من الكتب المسروقة فإننا نأمل من أصحاب الشأن مقارنتها بالكتاب الأصلي وفي حال ثبوت السرقة يجب أن تخاطب الدولة التي توجد بها الدار التي سرقت الكتب وطبعتها وادعت ملكيتها ومعاقبتها ومن تعاون معها من اللصوص.
الباحث عبدالله بن دهيمش بن عبار العنزي - الرياض
http://search.suhuf.net.sa/2009jaz/may/3/wo2.htm