يقال بالأمثال : (وافق شنٌّ طبقة)
ويقال :
وافق شنٌ طبقة ** وافقه فاعتنقة
ويقال ايضاً :
لحقت شنٌّ إيّاداً بالقنا ** طبقاً وافق شنٌّ طبقة

والحقيقة طالما استمعنا لهذا المثل السيّار على ألسنة الناس . وكثير من الملأ لا يعلم كنه هذا المثل وحقيقته ، وايضاً لا يعلم الكثير من رجالات عنزة او بني وائل ، أنّ هذا المثل الشهير له ارتباطٌ في (ربيعة الفرس) وخصوصاً عبد القيس بن أفصى .
ذكروا المؤرّخين أن عبد القيس عندما هاجروا الى اقليم البحرين (المنطقة الشرقية بالسعودية اليوم) كان فيها من القبائل القاطنة ـ الأزد من بني فهم أحد بطون زهران الأزد ، وكذلك إياد بن نزار أخي ربيعة الفرس ومضر ، وهم قبائل تنوخية .
فتحاربت عبد القيس وإيّاد ، وكان بنو شنّ وهم أقوى عبد القيس لبني إيّاد ، وكانت قبائل إيّاد بن نزار ، تسمى الطبق لإطباقهم على الناس لشدّتهم وبأسهم ، فعينوا حينئذ كل قبيلة لقبيلة ، فجعلوا شناً ـ وكانوا أقوى عبد القيس ـ لإياد ، والتقى القوم ، فهرب جميع من كان في البحرين إلا من طلب الأمان منهم غير إياد ، فإنهم أبوا الا القتال ، فاستحر القتل في شنّ وإياد ، فظفرت إياد عليهم وقتلوا رؤسائهم سعد السعود بن لبيد الشّني ، والأدرم بن نهار في عدة كثيرة من شنّ ، وأتى الصريخ لكيز ، فأقبلوا جميعاً ، فحملوا على إياد فكشفوهم عن شنّ بعدما أحاطوا بهم ، فقاتلتهم إياد إلى الليل ، ثم إن إياداً خافوا الاستئصال ، فرحلوا تحت ليلهم ، وخلوا لهم الدار ، وفي ذلك يقول شاعر إياد :
نحن قتلنا في العراق شناً ** كذاك كــنُــّا ، وكذاك إنّا
إذا لـقـيـنا بــطــلاً مــُبــنــّا ** ذاق لدينا الموت فنّاً فنّا
وكــــم أبدنا قبل قرن قرنا ** فانتقمت بعدُ لـكـيــز منّا

وكانت شنٌّ لا يقام لها ، فوافقها طبق أي الحيّ من إياد ، فانتصف منها ، فقيل : (وافق شنٌّ طبقة) . وحينئذ سكنت عبد القيس البحرين ، وتملكوها ، وكانت إياد تسكن القطيف ، والتنوخ والفرس ((تسكن)) بهجر ، فقال الرجاء بن هارون في قصيدته :
نفت إياد خيلنا والفرس عن هجر .

الأخ خيال اللهازم كتب التاريخ والتراث مليئة بقصص أحداث قبائل العرب من عدنانيين وقحطانيين وكما تفضّلت ولكن عبدالقيس عندما نزلت في بلاد البحرين وكان بها أياد بدأت عبدالقيس تربط خيلها في كرانيف نخل أياد فعرفوا أنهم سوف يضايقونهم ويزاحمونهم على بلادهم وقالوا أياد ( النخل عرف أهله ) ورحلوا إلى سواد العراق وهكذا نحبّذ ايراد أخبار القبيلة حسب ما ورد في المصادر وهذا هو المطلوب ولا نستغني عن نشر القصص التي تبصّر الجيل الحاضر بما حصل بالماضي

نعم كلامك صحيح يا شيخ عبد الله . وانما أنا أوردت من تاريخ عبد القيس ما يختصُّ في المثل (وافق شنٌّ طبقة) وذلك لشهرته وتداوله بين العامة ، وأما المثل الآخر (عرف النخل أهله) فلا تعرفه العامة البتة ولا يتداولونه في مسامراتهم ، وربما عرفه خواص المثقفين فقط ، وأكاد أجزم انه لا يعرف الا عند من يتعاطون الادب والشعر الجاهلي والفصيح من المثقفين اليوم وخواص الخواص بالذات .
وسوف نورد المثل الذي تحدثت عنه حفظك الله في مقال آخر ان شاء الله تحت عنوان هجرة ربيعة من بلاد اليمن وخصوصاً عبد القيس وحربهم مع النمر بن قاسط وسيدهم (عامر) الضّحيان . شكراً لك شيخنا على المداخلة الكريمة واللطيفة .