الإهداءات

 

 

   

 

    


  -  تعديل اهداء
العودة   موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه المركز البحثي لقبيلة عنزه موقع المؤرخ أبو مشاري جمال الرفدي
موقع المؤرخ أبو مشاري جمال الرفدي كل مايخص بحوث المؤرخ أبو مشاري جمال الرفدي

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-20-2013, 05:09 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مؤرخ قبائل السلقا
إحصائية العضو







ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً


افتراضي

خامساً: رحلة إدوارد نولده (عام: 1310هـ/ 1893م)
صاحب الرحلة: هو: ألماني من ساحل البلطيق ولد عام (1266هـ/ 1849م) في مقاطعة (لاتفيا) وكانت وقتها تحت النفوذ القيصري الروسي، خدم في السلك العسكري (نظامياً ثم مرتزقاً) ودخل عالم الرحلات عام (1306هـ/ 1888م) ويعد نولده من أوائل الرحالة الدبلوماسيين بعد انقراض عهد الرحالة التقلديين (الجغرافيين) وقد توفي في لندن منتحراً عام (1313هـ/ 1895م)
هدف الرحلة:
رغم أن نولده لم يلجأ إلى تغيير اسمه أو انتحال هوية غير هويته إلا أنه لم يفصح في كتاب رحلته عن مهمته التي جاء من أجلها، ولكن البعض يرى أنه قدم إلى المنطقة كمبعوث سريّ باسم قيصر روسيا إلى الأمير (محمد بن عبدالله آل رشيد) أمير حائل عام (1310هـ/ 1893م) وذلك لحساب الاستخبارات الروسية من أجل التفاوض مع ابن رشيد، لتأمين مرفأ للبواخر الروسية على الخليج العربي .
خط سير رحلته:
وصل نولده إلى حائل في (22 رجب 1310هـ/ 9 فبراير 1893م) واستقبله (حمود بن رشيد) حيث كان الأمير غائباً في مخيم قريب من شقراء وفي طريق نولده لمقابلته - جنوباً - دخل عنيزة في (1 شعبان/ 17 فبراير) وتجول فيها ثم اتجه إلى شقراء ومنها إلى مخيم ابن رشيد في (برود السر) حيث وافاه هناك في (7 شعبان/ 23 فبراير) وأقام في حتى (18 رمضان/ 5 مارس) حيث غادر إلى العراق تحت حماية الأمير ابن رشيد وبحراسة مشددة من رجاله, وفي رحلته تلك تميزت المعلومات التي قدمها نولده للمناطق التي زارها عن أوضاعها السياسية بالدقة والوضوح وقد طبعت رحلته تلك في كتاب بعنوان: Reise NachInnerarbien, Kurdistan Und Aremenien 1892) (رحلة في وسط الجزيرة العربية وكردستان وأرمينيا عام 1892)
نص وصف نولده لعنيزة:
"أربع مسيرات متتالية أوصلتني إلى مشارف مدينة عنيزة، أكثر المدن سكاناً في الجزيرة العربية التي رغم أنني كنت منهكاً فقد أردت زيارتها,حسب تقديرات العرب فإن الجوف وسكاكا والرس وحائل والرياض وبريدة وشقراء والهفوف يقطن كلاً منها ما بين (8000 - 12000) نسمة، أما عنيزة والحوطة من ناحية أخرى فلابد أن بها ثلاثة أضعاف هذا العدد من السكان إذ بكل منهما حوالي (35000)) نسمة, يحيط بعنيزة سوران سور داخلي يحيط بالمدينة نفسها وسور خارجي وبينهما يوجد حزام من المزارع والبساتين بعرض اثنين إلى ثلاثة كيلومترات كلا الجدارين بهما أبراج والسور نفسه مكون من بناء لجدار مزدوج من الطين بين كل جانب من جوانبه والآخر فراغ باتساع (10 - 12 متراً) وهو حاجز معقول ضد أي قصف للمدفعية,بعد جولة حول المسجدين الرئيسين فيها حضرت الاستقبال في مبنى الحكومة لقد قام الشيخ (فيصل) وهو من عائلة البسام ويعمل رئيساً للمدينة وممثلاً لابن رشيد بتولي كافة الإجراءات وأخذني في زيارة لبعض الأجزاء الهامة في المدينة بما في ذلك السوق المكتظ بالبضائع"ويقول في موطن آخر: "تدخل ابن رشيد ثلاث مرات في شؤون الرياض، وكانت له حملات لا تحصى عدداً ضد قوى نجد الأخرى، وقد كان الحظ معه دائماً في عملياتهم ضدهم إلا في حالة مدينة عنيزة التي رغم عمليات محاصرتها ومقاطعتها كانت هي سوء الطالع الوحيد في كل عملياته"
ملاحظات على زيارة نولدة لعنيزة:
1- "كانت زيارة نولده للمدينة قصيرة جداً ولعدة ساعات فقط وكان دخوله لها في (1 شعبان 1310هـ الموافق 17 فبراير 1893م) واتخذت طابعاً رسمياً حيث لقي فيها الترحيب والاستقبال الحار من قبل الأمير والأعيان، وكان الأمير وقتها من آل يحيى الذين نصبهم ابن رشيد في عنيزة بعد معركة المليداء (جمادى الآخرة 1308هـ)2- "تمكن نولده من زيارة المسجدين الرئيسيين في عنيزة ورغم أنه لم يعينهما إلا أن الجامع الكبير بالتأكيد كان أحدهما وربما يكون الآخر مسجد أم حمار أو غيره3- "عدّ نولدة عنيزة من أكبر المدن في الجزيرة العربية سكناً وسكاناً وحدد عدد سكانها بـ(35000) إنسان، وهذا رقم مبالغ فيه إذ من المتوقع أن عدد السكان آنذاك ربما لا يتجاوز ثلث هذا الرقم4- "قدم نولدة وصفاً وافياً لأسوار عنيزة فذكر أن لها سورين (وهما اثنان من ثلاثة أسوار لفت المدينة عبر تاريخها الطويل) وهو هنا يتحدث عن الثاني الذي بني قبل عام (1182هـ) والثالث الذي بني بعد عام (1285هـ) واتسعت دائرته نظراً لتوسع المدينة في عهد الأمير (زامل بن عبالله السليم) (ت: 1308هـ/ 1890م) وأشار نولده إلى مقدر المسافة الفاصلة بني السورين وهي (من 2 إلى 3 كيلومتر) مغطاة بالمزارع، أما عن تقديره لعرض السور فهو تقدير مبالغ فيه ربما أن الأمر ربما يتعلق بخطأ في الترجمة أو خطأ في المعلومة الأصلية أو خطأ طباعي إذ لا يعقل أن يصل عرض السور (من 10 إلى 12 متراً) ولكنا إذا حوّلنا كلمة (متر) إلى (شبر) يكون الأمر منطقياً ومقبولاً أو ربما يكون التقدير هنا لارتفاع السور وليس لعرضه وقد يكون المقصود بهذا التقدير هو عرض مقصورة البوابة الرئيسية5-" كما أشاد نولدة بالقوة العسكرية لعنيزة الأمر الذي لاحظه من استعصاء المدينة المتكررة أمام غزوات ابن رشيد في الأحداث التي سبقت مجيء هذا الرحّالة إلى الجزيرة العربية6- زار نولدة عنيزة عام (1310هـ/ 1892م) أي بعد هزيمة أهلها في المليداء بعامين وكان النفوذ وقتها لابن رشيد على نجد كلها كنتيجة مباشرة لتلك المعركة الحاسمة، ونلمح من كلامه عن أعيان المدينة أن هناك قطبين رئيسيين فيها الأول يمثله الأمير (من آل يحيى) والقطب الثاني يمثله (عائلة البسام) ذات النفوذ المالي والاجتماعي والسياسي في المدينة والذين كانوا حلفاء أساسيين في المنطقة لابن رشيد وكان هذا المركز والنفوذ الذي وصل إليه آل البسام قد دفع نولدة - خطأ - إلى الظن بأنهم هم أمراء عنيزة من قبل ابن رشيد، بينما هم في الحقيقة لم يكونوا سوى ممثلين تجاريين (فوق العادة) لمصالح ابن رشيد في القصيم.... بقي ملاحظة أخيرة على شخصية (فيصل البسام) الذي ذكره نولدة ووصفه بأنه رئيس المدينة وممثلاً لابن رشيد، والذي كان مرافقاً رسمياً له - فيما يبدو- أثناء تجوله بالمدينة والمتتبع للمصادر الأصلية التي تناولت تلك الفترة لا يجد أثراً لهذه الشخصية التي يفترض لها أن تكون هامة؟ ولعل الخطأ جاء من الترجمة عن الأصل أو أن نولدة نفسه أخطأ في ذكر الاسم الحقيقي لمن كان مرافقاً له.
سادساً: رحلة الكابتن شكسبير (عام: 1332هـ/ 1914م)
صاحب الرحلة:من هو شكسبير؟ هو وليم هنري شكسبير عسكري ودبلوماسي بريطاني ينحدر من سلالة الأديب الإنجليزي الشهير (وليم سكسبير) ولد الكابتن شكسبير في الهند عام (1295هـ/ 1878م) وانخرط في السلك العسكري هناك ثم انضم للعمل بالدائرة السياسية البريطانية بالهند وفي عام (1326هـ/ 1908م) عين قنصلاً مساعداً للمقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي وفي عام (1327هـ/ 1909م) عين وكيلاً سياسياً في الكويت حتى عام (1333هـ/ 1914م) وبصفته تلك اتصل بالملك عبدالعزيز آل سعود لأول مرة عام (1328هـ/ 1910م) وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى كان خارج الخدمة فاستدعى لمهمة خاصة للاتصال بالملك عبدالعزيز للمرة الثانية وفي عام (1333هـ/ يناير 1915م كان حتفه برصاص معركة جراب التي حضرها وهو يلتقط لها صوراً بكاميرته من ربوة تشرف على ميدان القتال .
هدف رحلات شكسبير:
يعد الكابتن شكسبير أول سياسي إنجليزي يتصل بالملك عبدالعزيز بصفة رسمية (قبل وأثناء) الحرب العالمية الأولى ومن خلال تلك الاتصالات نشأت علاقة خاصة بين الرجلين على هامش الاتصالات الرسمية، ومن هنا جاءت رحلات شكسبير ذات الطابع الدبلوماسي الجاد حيث كانت رحلته الأولى عام (1332هـ/ 1914م) قبيل الحرب العالمية الأولى وهي التي زار فيها (عنيزة) وجاءت كتلبية لدعوة من الملك عبدالعزيز والثانية في عام (1333هـ/ 1915م) في ظروف الحرب العالمية الأولى وهدفها ضمان تحالف الملك عبدالعزيز مع بريطانيا أو على الأقل تحييد موقفه ولهذا الهدف حضر شكسبير (معركة جراب) بينه وبين ابن رشيد التي لقي فيها حتفه كما أسلفنا (1333هـ/ يناير 1915م) يقول لويل توماس نقلاً عن فلبي: "إن مهمة شكسبير كانت استمالة عبدالعزيز وابن رشيد معاً إلى الوقوف في وجه الترك"
خط سير رحلة شكسبير (الأولى)
انطلق من الكويت في (يناير 1914م) على رأس قافلة جمال وعدة رجال بلغ عددهم سبعة رجال وخادمين ويرافقه الدليل (عبدالعزيز بن حسن)، وكانوا مجهزين ببنادق، وكان شكسبير يحمل كاميرا ونسخة من كتاب الرحالة (بلجريف) وكان خط سير الرحلة كالآتي : الكويت ثم حفر الباطن ثم صحراء الدهناء ثم الزلفي ثم الرياض ومنها خرج برفقة الجيش السعودي بقيادة الملك عبدالعزيز المتجه لحرب ابن رشيد في جراب، وبعد يومين من مسيرة الجيش السعودي انفصل عنه شكسبير وتوجه إلى بريدة وعندما قطع عليه الطريق غير اتجاه إلى عنيزة ثم ذهب إلى بريدة ثم الجوف متجنباً دخول حائل .
شكسبير في عنيزة:
دخل شكسبير عنيزة في (26 مارس 1914م) وأقام فيها يومين متتالين، وكان سبب توجهه إليها عن غير قصد منه حيث كان متوجهاً إلى بريدة وعندما قطع عليه الطريق (كما أسلفنا) احتمى بدخوله عنيزة مضطراً وقد أعجب بنشاطها التجاري وقضى معظم أوقاته بصحبة (صالح الزامل) وتجول في الأسواق وتحدث مع تجار المدينة وقد ترك هذا انطباعاً حسناً في نفسه حيث قال عنها: "إنها أعادت إليَّ جو الحواضر الضخمة بكثرة رجال الأعمال فيها وتقدم مستوى المعيشة"
سابعاً: رحلة عبدالله فلبي (1336هـ/ 1918م)
هو (سانت جون فلبي) ولد في سيلان عام (1302هـ/ 1885م) وانتقل مع والدته إلى لندن عام (1308هـ/ 1891م) وفيها أتم دراسته الثانوية بتفوق وتابع دراسته الجامعية في (جامعة كمبردج) وتخرج منها عام (1907م) حيث التحق بخدمة حكومة الهند البريطانية وهناك وسع ثقافته ولغاته وتزوج وتعلم العربية في الهند ومن هناك دخل في سلك العمل الاستعماري في البلاد العربية في البصرة عام (1915م) إبان الحرب العالمية الأولى واتصل بالملك عبدالعزيز منذ رحلته الأولى للجزيرة العربيةعام (1336هـ/ 1917م) حيث زار عنيزة في تلك الرحلة وفي عام (1925م) استقال من العمل الحكومي البريطاني والتحق بخدمة الملك عبدالعزيز (بصفة شخصية)، وفي عام (1930م) أعلن إسلامه وسماه الملك عبدالعزيز باسم (عبدالله) ونال الجنسية السعودية واستوطن جدة حيث أسس فيها شركة سيارات وفي عام (1955م) توترت العلاقة بينه وبين الملك سعود بسبب انتقاداته اللاذعة لسياسة الحكومة السعودية بعد وفاة المؤسس (الملك عبدالعزيز) في كتاب أصدره في لندن ونشره باللغة الإنجليزية وكانت وفاته في بيروت (زائراً) في (30 سبتمبر 1960م)
أهداف فلبي من رحلته:
لاشك أن فلبي في زياراته الأولى للجزيرة العربية كان يعمل لصالح الدوائر الرسمية البريطانية، ويرفع تقاريره إليها عن الحالة السياسية وغيرها من الجوانب وقد جاء فلبي إلى الرياض ممثلاً لدولة عظمى كما وصف نفسه لمقابلة شيخ من شيوخ الصحراء (يعني الملك عبدالعزيز) وليمنعه من إفساد مشاريع بريطانيا الحربية ويرى البعض أن مهمته تنطوي على تكليفه من قبل السلطات البريطانية للتوسط في الخلاف بين الملك عبدالعزيز والشريف حسين بن علي شريف مكة .
ملخص رحلته الأولى إلى الجزيرة العربية:
قدم فلبي من بغداد إلى البحرين (بحراً)، ثم منها إلى ميناء العقير في (30 محرم 1336هـ) الموافق (15 نوفمبر 1917م) ثم الهفوف، ثم الرياض في (15 صفر 1336هـ) حيث قابل الملك عبدالعزيز، ثم توجه إلى الطائف في (24 صفر 1336هـ) ثم إلى جدة حيث قابل الشريف الحسين بن علي ومن هناك رفض الشريف عودته إلى الرياض براً، فاضطر إلى أن يسلك طريقاً بحرياً (طويلاً) فركب البحر من جدة إلى القاهرة ثم بلاد الشام ثم عاد إلى السويس ثم الهند، ثم البصرة ومن هناك توجه إلى حفر الباطن فالأحساء (حيث كان الملك عبدالعزيز هناك يستعد لمهاجمة ابن رشيد بشراء المؤن والأسلحة) ومنها إلى الرياض حيث زار المناطق الجنوبية منها بعد موافقة الملك عبدالعزيز، ثم عاد إلى الرياض حيث صحب الجيش السعودي الزاحف لغزو ابن رشيد الذي سلك طريق الوشم فالمذنب ثم عنيزة فبريدة حيث وصلها ذلك الجيش في (18 ذي القعدة 1336هـ) الموافق (25 أغسطس 1918م) ولم يوافق الملك عبدالعزيز عل مصاحبة فلبي له في غزواته ضد ابن رشيد (لربما حتى لا تتكرر مأساة شكسبير) فاختار أن يقيم في عنيزة فأقام في الفترة من (3 ذي الحجة 1336هـ إلى 22 منه) الموافق (9 سبتمبر 1918م إلى 28 منه) أي قرابة (19) يوماً.
مشاهدات فلبي في عنيزة:
في الفترة التي قضاها فليبي في عنيزة حرص على جمع معلومات كثيرة عن المدينة وعادات أهلها وكانت ترافقه (كاميراته) التي التقط فيها الكثير من الصور للمزارع وغيرها, ومما لفت نظر فلبي في عنيزة مئذنة الجامع الكبير التي لا تزال قائمة، فقال في وصفها: إن ارتفاعها يبلغ 80 قدماً (24 متراً) وأنها من الطين وأنه طلب مقابلة من بناها وهو (إبراهيم بن صويلح) فسأله حين قابله قائلاً: كم كانت أجرتك حين بنيتها؟ فقال: "إنها تساوي (40 دولاً). وسأله هل تستطيع بناء أرفع منها؟ فقال ابن صويلح: نعم، فقال له كيف؟ قال: أوسع دائرة قاعدتها ثم ابني الارتفاع الذي أريد"وقدر فلبي عدد سكان عنيزة آنذاك بـ (15 ألف) إنسان, وعن التجارة والسلع ذكر: أن ثلث المعاملات الذهبية بالجنيه الإنجليزي والباقي بالليرة التركية, وقدر عدد الدكاكين في عنيزة بأنها لا تقل عن (1000) دكان, وعن السلع ذكر أن ملح العوشزية يباع منه في عموم القصيم وأنه نظيف إلى حدٍ ما، وذكر من السلع الهامة في سوق عنيزة الرز العراقي الذي يسمى (التمن) والذي لم يكن متواجداً بتلك الكثرة من قبل، وذكر من السلع (الكبريت الياباني) من ماركة الأسد,أما الصناعات فذكر فلبي عنها:"أن الصناعات الجلدية من الجلود المعالجة نشيطة ويصنع منها الكثير من المصنوعات الجلدية المتعددة الاستخدامات" وذكر أيضاً أنه شاهد انتشار الساعات في عنيزة وأنه يوجد أناس مخصوصين لإصلاح أعطالها, وعن النشاط الزراعي ذكر: أن التمر في عنيزة متوفر بكثرة وأنها تختص بـ (28 نوعاً) منه, وذكر أن الغزال موجود في عنيزة حيث كان يربي في بعض المنازل ولكنه قليل, أما عن العمران فبالإضافة إلى ما ذكره سابقاً عن الجامع الكبير فإن فلبي رصد بعض الملامح العمرانية للمدينة منها: أنه كان يقوم حصن قديم اسمه (حصن خورشيد) وهو من بقايا الحصون التي بناها خورشيد باشا حول المدينة,ويذكرأن ممرات المدينة وشوارعها في الأحياء القديمة متعرجة وأغلبها ضيقة’ فقد لاحظ فلبي أن هناك مقلب قمامة خارج البلدة كان مخصصاً لعظام الحيوانات وما شابهها .
اهتمام فلبي بتدوين وتوثيق تاريخ الجزيرة العربية:
يروي (عبدالله القيعان) الذي كان يعمل عند الأمير (خالد السديري) أمير العلا، أنه كان يرافق فلبي فيذهبان في الصباح ولا يعودان إلا في آخر الليل إلى المعسكر لأنه كان مكلف رسمياً من قبل الأمير بمرافقة فلبي على اعتبار أنه خبير بدروب المنطقة وجبالها، ويقول القيعان كان فلبي يحمل معه أوراقاً مكربنةً يعطيني إياها فأصعد إلى الأماكن العالية والتي فيها كتابات قديمة لأقوم بشفها وإحضارها إليه ثم يطويها ويحفظها، وقال إن فلبي كان يلبس العقال والكوت (الجاكيت) وإذا حل الليل لبس المشلح (الوبر) فيبدو كبدوي راعي غنم، وكان يجيد التحدث باللهجة البدوية وقال عنه: إنه ذات مرة صلى بي صلاة المغرب...

"للحديث بقية"







رد مع اقتباس
قديم 09-20-2013, 10:51 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
مؤرخ قبائل السلقا
إحصائية العضو







ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً


افتراضي

ثامناً: رحلة أمين الريحاني (عام: 1341هـ/1922م)

هو أمين بن فارس الريحاني، لبناني الأصل، أمريكي الجنسية، مسيحي المعتقد وإن كان يؤمن بوحدة الأديان سماويها وبشريها ولد في قرية العريكة بلبنان عام (1293هـ/ 1876م) ومات بها عام (1359هـ/ 1940م) تعلم الابتدائية في لبنان ورحل إلى أمريكا في الثانية عشر من عمره وهناك عمل بالتجارة والتمثيل ودرس شيئاً من الحقوق ثم عاد إلى وطنه وتعلم العربية وآدابها وتردد مراراً بين لبنان وأمريكا ساح في بلاد عربية وأوربية فقد زار الجزيرة العربية (نجدها وحجازها ويمنها) وزار كذلك فلسطين ومصر والمغرب وأسبانيا ولندن وباريس, قال عنه الزركلي: كاتب خطيب يعد من المؤرخين له مؤلفات أدبية وتاريخية كثيرة من أشهرها (الريحانيات) و (ملوك العرب) و (تاريخ نجد الحديث)
خط رحلة الريحاني:
قدم الريحاني البلاد السعودية في عام (1341هـ/ 1922م) في وقت سيطر فيه الملك عبدالعزيز على معظم أنحاء المملكة سوى الحجاز، وفي هذه الظروف اتصل بالملك عبدالعزيز الذي أذن له وقدم له تسهيلات مكنت الريحاني من زيارة بلاد نجد ومنها مدينة عنيزة .
هدف رحلة الريحاني:
تدور شكوك كثيرة حول دوافع الريحاني إلى جزيرة العرب وحول المحرك الفعلي لهذه الزيارة أو المستفيد منها، بل إن هذه الشكوك أثيرت أمامه في حياته من قبل من زارهم من الزعماء والأمراء والساسة، وخاصة من قبل الملك عبدالعزيز نفسه في إحدى مجالسه؟ وإذا تابعنا تلك الشكوك فقد تأرجحت أهداف رحلته بين سياسية استعمارية خدمة للإنجليز وأخرى اقتصادية لصالح امتياز شركات النفط الأمريكية وثالثة تنصيرية وأخرى قومية وحدويّة ويحق لنا أن نسأل هل استخدم الريحاني الشعار القومي كغطاء لتحقيق أهداف سرية وخطيرة! خصوصاً إذا علمنا أن وتر القومية آنذاك هو معزوف الشعوب العربية وقياداتها الذين خرجوا لتوهم من عباءة الدولة العثمانية ولكنهم ما لبثوا أن وقعوا في براثن الاستعمار البغيض ومن الأسباب التي تثير الشك في رحلة الريحاني إضافة إلى أنه كان يحمل الجنسية الأمريكية أنه كذلك كان يحمل خطاب تعريف من وزارة الخارجية الأمريكية عندما قدم إلى جزيرة العرب بل وكانت تقاريره ومشاهداته عن البلاد التي زارها تصل بانتظام إلى القنصل الأمريكي في بيروت....
خط سير رحلته:
وصل ميناء العقير واجتمع فيه بالملك عبدالعزيز ثم صحبه إلى الرياض وعندما أراد التوجه إلى الكويت من الرياض سلك طريق المحمل فالوشم فالقصيم حيث زار فيه العوشزية وعنيزة وبريدة ثم الأسياح فصحراء الدهناء فحفر الباطن ثم الكويت.
مشاهداته في عنيزة:
كانت زيارة الريحاني لعنيزة في عام (1341هـ/ 1922م) وذكر عنها كلاماً مسهباً في كتابه (تاريخ نجد) منذ أن دخل العوشزية شرق (عنيزة) والتي كان أول ما لفت نظره فيها سبخاتها الملحية حيث ظنه نهراً من بعيد فاقترب منه وأخذ قطعة تجاوز سمكها الأربعة أصابع، ثم أن كبير العوشزية دعاهم إلى القهوة وضيّفهم، فكان بذلك أول مضيف لهم منذ أن دخلوا القصيم ومما قاله: "أهلها ملح الأرض جاءنا وجيههم يدعونا للقهوة"ثم في اليوم التالي توجه الريحاني إلى عنيزة قائلاً في وصفها: "عنيزة مليكة القصيم، عنيزة حصن الحرية ومحط رحال أبناء الأمصار، عنيزة قطب الذوق والأدب، باريس نجد وهي أجمل من باريس…ولاحظ الريحاني أن النفود غرب المدينة يشكل خطراً زاحفاً عليها: "قلت مرة لأهلها: أنتم والنفود قوم فأعجبوا بالكلمة وتناقلوها" ومما قاله أيضاً: قد تصغر عنيزة دون أهلها وهم زهاء ثلاثين ألفاً فهي مزدحمة بالسكان وأكثر أسواقها كالسراديب لأنهم يبنون فوقها الجسور وفوق الجسور البيوت ولكن هناك سوقاً للتجارة كبيرة منيرة تدهشك بما فيها من الأشكال والألوان فتذكرك بأمريكا وبلاد الإنجليز وتنقلك إلى الهند واليابان…ثم ذكر كرم الضيافة العنيزي بشيء من الإطراء قائلاً: "على أن ضيافة العربي العنيزي تمتاز عن ضيافة الإنجليزي في أن رب البيت يخدمك بنفسه من حين الاستقبال إلى حين الوداع…ثم أسهب بعد ذلك في وصف مجلس القهوة ونقوشة وتصميمه والموقد (الوجار) وطريقة صف المواعين (الأباريق والدلال) والنجر والحجري (الهاون) ثم ذكر عادات الأهالي في الضيافة وأنها نوعان منها ضيافة القهوة والتي يحلو فيها الحديث والأخرى على الغداء أو العشاء
ثم أثنى على الأمير عبدالعزيز بن عبدالله آل سليم (الذي كان قد اعتزل الإمارة) وعلى ضيافته وشكوى ذلك الأمير من أسنانه وحديثه عن (أمريكه) وتقدمها الطبي والعمراني ,ثم وصف زيارته لأمير عنيزة (عبدالله السليم) ووصف ما أولم له به من الحنيني اللذيذ جداً ثم تحدث عن رغبته عن جلب مكائن تجارية لرفع الماء لكن بعد أن يفعل السلطان عبدالعزيز (الملك عبدالعزيز) ومن الشخصيات الهامة التي التقى بها الريحاني في عنيزة وسجل إعجابه بها الوجيه (عبدالله بن محمد آل بسام) وكان فائدة الريحاني عظيمة من هذا الأديب المؤرخ حيث أرشده الملك عبدالعزيز إليه ليمده بأسماء المدن النجدية ومما قاله الريحاني في هذا الصدد (وكنت قد استعنت عندما مررت بعنيزة بالشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البسام فكتب لي لائحة بأسماء بلدان القصيم وسدير والعارض) وقال أيضاً عنه: "والشيخ عبدالله البسام الذي قال فيه عظمة السلطان إنه من العارفين المدققين"وقد وصف الريحاني شخصية الشيخ عبدالله البسام بأنه عالم أديب ذا روح عصرية وأنه قد ساح في مصر والعراق والهند، ووصف ثرائه ومرزعته الحديثة وأن القليب التي حفرها كان عمقها 80 قدماً (أي: 24 متراً) وكلفتها (400 ليرة إنجليزية) وأن رفع الماء منها يكلفه يومياً (ليرة واحدة) بالجمال, ثم ذكر الريحاني مدى التسامح الديني الذي كان سائداً في عنيزة ورحابة صدور أهلها للمخالفين في الرأي والمعتقد ومذكراً بما حدث لداوتي فيها وما آلت إليه الأمور بعد مرور (45 سنة)
ملاحظات على زيارة الريحاني لعنيزة:
1- أن دخوله إلى عنيزة كان من جهة الشرق ولذا فقد مرّ بقرية العوشزية وقد نال ضيافة كريمة من أهلها الكرام2- تحدث الريحاني عن ملح العوشزية (السبخة) ووصفها وقال إن ملحها يملأ أسواق القصيم لكنه غير نقي3- استهل الريحاني مدونات مشاهداته في عنيزة بمدح المدينة وأهلها مثل قوله: (مليكة القصيم) و (باريس نجد) و (حصن الحرية) و (قطب الذوق والأدب)4- لفت نظر الريحاني موقع عنيزة وكيف هي واقعة بين جال الصفراء (شرقاً) وسفح النفوذ (غرباً) وأن هذا انعكس على تقييدها عن التوسع الأفقي للعمران مما جعلها ذات كثافة سكانية عالية5- وصف الأسواق الصغيرة (الطرقات) بأنها كالسراديب لكثرة الجسور المنزلية فوقها6- وقال عن السوق التجاري الرئيسي أنه الأكثر بضاعةً وتنوعاً في السلع 7- تحدث أن في عنيزة أسر عريقة ذات نسب وفضل وأنهم سواح في الأرض منذ القدم مما أعطاهم القدرة على استيعاب الغرباء وحب استضافتهم، وقد خص بالذكر منهم أعياناً مثل:
الأمير عبدالعزيز العبدالله السليم الذي تنازل عن الإمارة عام (1335هـ) لابن أخيه والأمير عبدالله الخالد السليم والأديب والمؤرخ والعارف المدقق الشيخ عبدالله بن محمد البسام ولقد استفاد الريحاني من الخدمات الجليلة التي قدمها له الشيخ عبدالله البسام في تحديد مواقع بلدان نجد في القصيم وسدير والعارض 8- قدم الريحاني وصفاً لأسلوب الحياة الاجتماعية في التعامل مع الغرباء وإكرام الضيوف وأعطى تبعاً لذلك وصفاً لقاعة الاستقبال (القهوة) حيث قال: "إنها طويلة فسيحة عالي سقفها، وقد سقف بخشب الأثل، قائم على أعمدة من الحجر مطلية بالجص، لها نوافذ مزدوجة النافذة فوق الأخرى، العالية لدخان الموقد يخرج منها والواطئة لتجديد الهواء النقي، وعلى جدرانها (القهوة) رسوم هندسية نقشت بالجص فوق أرضية من الطين…9- لمس الريحاني بوضوح مدى التفتح الذي تميز به أهل عنيزة عن غيرهم تجاه الغرباء والمخالفين ناقلاً قول الشيخ عبدالله البسام: "أهل عنيزة اليوم يغضبون لأقل إساءة تلحق بالغريب في بلدهم"10- وفي الختام نلاحظ أن مدونات الريحاني عن عنيزة فقيرة في جوانب هامة كالنشاط الزراعي والتجاري وإن كان لم يهملها مطلقاً.
تاسعاً: رحلة لويس ديم (عام: 1342هـ/ 1923م)
صاحب الرحلة: هو لويس بي ديم أمريكي الجنسية طبيب ومنصّر كان يعمل لصالح الإرسالية الأمريكية في البحرين .
هدف رحلته:
كان هاجس جهود بعثات التنصير في الخليج العربي اختراق صحراء العرب (شرقها ووسطها وغربها) كنوع من التحدي للعالم الإسلامي المدفوع بالعنصرية الصليبية في أقبح صورها، وكانت همزة الوصل لتحقيق تلك الأحلام هي الإرسالية الأمريكية في البحرين التي قامت بجهود حثيثة من أجل تحقيق أهداف التنصير في قلب جزيرة العرب, ولهذا انتدبت تلك الإرسالية الطبيب لويس ديم للقيام بهذه المهمة في منطقة نجد وذلك بعد أن واتت تلك الإرسالية الفرصة الثمينة حينما طلب الملك عبدالعزيز منها إرسال فرقة طبية متنقلة لمكافحة بعض الأمراض الوبائية التي ظهرت آنذاك، وعندما التقى لويس ديم بالملك عبدالعزيز اجتهد في أن يقنعه بجدوى إنشاء مستشفى مقيم في الأحساء كما فعل من قبله الطبيب الأمريكي المنصّر (مايلريا) في الكويت عام (1333هـ/ 1914م) عندما اقترح على الملك عبدالعزيز إقامة مستشفى في الرياض على غرار المستشفى الأمريكي بالكويت, وقد كان الجواب بالرفض في كلتا الحالتين، لأن الملك كان على علم بخبث نوايا تلك المشاريع الطبيّة وأهدافها التنصرية وكان رد الملك عبدالعزيز على هؤلاء المنصِّرين أنه في وقت الحاجة لطبكم سيتم استدعائكم دون حرج .
خط سير رحلة ديم:
انطلق (لويس ديم) من البحرين برئاسة فريق طبي متكامل وعلى أتم الاستعدادات، مكون من 4 مساعدين (ممرضين) ومعهم (32 صندوقاً) مملوءة بالأدوية والمعدات محملة على الجمال, ومن الرياض رافق البعثة أربعة حراس بأمر الملك عبدالعزيز ولحق بهم اثنان في بريدة -بعد ذلك- وعادت البعثة إلى البحرين وهي تحت حراسة أولئك الستة, غادر ديم البحرين في (6 نوفمبر 1923م) متوجهاً إلى الأحساء التي غادرها يوم الاثنين (12 نوفمبر) وفي يوم الجمعة الذي يليه (عصراً) دخل الرياض حيث تصدى لمعالجة الأهالي كما عالج الملك عبدالعزيز نفسه وأقام في الرياض (27 يوماً) وبعد أن أذن له الملك عبدالعزيز توجه إلى شقراء في (آخر ديسمبر) ومكث فيها (أسبوعين) ثم توجه إلى عنيزة حيث وصلها في (19 يناير 1923م) وأقام فيها (ثلاث أسابيع) ثم توجه إلى بريدة وأقام فيها (أسبوعاً واحداً) ومنها عاد إلى الأحساء (عن طريق المجمعة) ثم إلى ميناء العقير ومنها بحراً إلى البحرين .
نص مشاهدات ديم في عنيزة:
"وبعد أربعة أيام من مغادرة شقراء وصلنا عنيزة التي وجدناها مختلفة في كل شيء فللوهلة الأولى اعتقدنا أن عنيزة هي مجرد مدينة صغيرة مطوقة بسلسلة من التلال الصخرية من جانب والنفود (التلال الرملية) من الجانب الآخر ومدينة عادية تخلو من المدهشات، لكنها ظهرت مختلفة، فبسبب محدودية أراضيها تعتبر منطقة كثيفة السكان وبيوتها الطينية تتكون معظمها من ثلاثة إلى أربعة طوابق وبجانب البيوت وجدنا أن بساتين عنيزة وهي من أجمل البساتين التي رأيتها في الجزيرة العربية تقع على حافة المدينة وليست بعيدة عنها وأكثر من هذه فعنيزة تشكل نسيجاً خاصاً وتوليفة متميزة في الجزيرة العربية فبيوتها هي الأحسن والناس فيها الأكثر ذكاءً وأفضل معرفة وأكثر إنسانية وودية، وتجار عنيزة لديهم شهرة واسعة وسط جميع العرب فهم يعملون في أشغال واسعة ومتفرقة في مكة وجدة ودمشق والبصرة وبغداد ومصر والبحرين والكويت وبومباي ومناطق أخرى في الهند وبالرغم من ذلك فإنهم يفضلون العودة دائماً إلى مدينتهم عنيزة,وعنيزة بجانب كل ذلك تحتفظ باعتزاز وكبرياء وطني عظيم وسط باقي المدن العربية, وكنت قابلت عند عودتي عدداً من أهالي عنيزة في البحرين وكان سؤالهم الأول هو كيف وجدت بلادنا…وفي عنيزة جرى الترحيب بنا بشكل كبير وحار، لم يحصل لنا في أي مكان في الجزيرة العربية كلها, كما كنا طيلة إقامتنا ضيوفاً عند الكثير من العائلات المعروفة ففي كل مساء كنا نضطر لتلبية أكثر من ثلاث زيارات في الليلة الواحدة وكنا نعتذر عن غيرها كثيراً جداً وكانت جميع ليالينا في الواقع محجوزة مقدماً قبل أسبوع وبالرغم من أن المناقشات الدينية كانت تتخلل هذه الزيارات بعض الوقت - طبعاً - إلا أنها لم تكن مناقشات متعصبة أو مفعمة بالكره أو تصحبها سخرية منا كتلك التي في بعض المدن الأخرى لكن المسلمين في عنيزة متعصبون أيضاً لدينهم مثلهم مثل أي مكان في الجزيرة العربية, ومضت الأيام الأولى في عنيزة في انشغال كبير ولم نجد فرصة حتى للاستراحة في أوقات كثيرة لكن الترحيب والودية اللذين وجدناهما في كل مكان في المدينة والزيارات العديدة التي قام بها أمير المدينة وقادتها وشخصياتها البارزة أنستنا التعب, وعلى الصعيد الطبي كان عملنا ناجحاً أكثر من المتوقع، فقد عالجنا (1366 مريضاً) في العيادة الصغيرة التي أقمناها بوسط المدينة خلال (17 يوماً) من العمل المتواصل ضمن (21 يوماً) مدة إقامتنا في عنيزة وبالإضافة إلى العيادة فإن الطرقات المؤدية إلى عيادتنا كانت مملوءة مثل معظم المدن في الجزيرة العربية بصفوف من العميان والعرجان والمرضى الذين يبحثون عن علاج وأدوية لأمراضهم المتنوعة, وعلاوة على ذلك عالجنا الكثير من المرضى ذوي الحالات المستعصية في البيوت وأحياناً كانت الدعوات الاجتماعية كثيراً ما تختلط بمعالجة الناس في المجالس، وفي الواقع فإن الترحيب المتواصل بنا لم يتوقف يوماً واحداً بل استمر حتى يوم مغادرتنا وكان ذلك يوم الاثنين (11 فبراير) حيث زودنا الأهالي بصفائح من التمور وأطعمة طيبة خاصة للسفر الصحراوي"
ملاحظات على زيارة ديم لعنيزة:
1- بالنسبة لتاريخ الزيارة فقد بدأت في (19 يناير 1924م) وانتهت يوم الاثنين (11 فبراير 1924م)، أي أنها استمرت ثلاثة أسابيع متواصلة، وهذه الزيارة ذكرها مؤرخ نجد الشيخ عبدالله بن محمد البسام قائلاً: "وفي هذه السنة (أي سنة 1342هـ) وصل عنيزة طبيب أمريكاني اسمه ديم استقام نحو عشرين يوماً أفاد بعلاجه أهل البعوج والبواسير"2- أشار (ديم) إلى كثافة سكان عنيزة نظراً لضيق مساحتها بين الكثبان الصخرية والرملية،ووصف بيوتها بأنها تعلو إلى ثلاث أو أربع طوابق وأنها مبنية من الطين، كما أعجب بمزارعها وعدها من أجمل مزارع الجزيرة العربية3- أثنى (ديم) على مجتمع عنيزة ثناءً عاطراً لما يمتلكونه من مقومات ميزتهم عن غيرهم فهم في نظره كرماء وأذكياء ومثقفين وصدورهم رحبة للرأي المخالف، ويؤلفون وحدهم نسيجاً اجتماعياً متجانساً ومما لاحظه ديم ذلك الحب الشديد الذي يكنه أهل عنيزة لمدينتهم حتى وإن عاشوا بعيداً عنها4- أشاد بشهرة أهل عنيزة بارتياد أسواق التجارة العالية في داخل الجزيرة العربية وخارجها حتى الهند5- أتمت البعثة معالجة عدداً كبيراً من المرضى مما يعكس ارتفاع عدد سكان المدينة وأشار (ديم) في تقريره إلى بعض الأمراض التي كانت شائعة عند الناس كالعرج والعمى والفتق والبواسير وغيرها حيث أجرى لأصحابها عمليات جراحية وقد ذكر كبار السن الذين عاصروا مجيئه لعنيزة أن أغلب علاجه مسكنات يعطيها لمرضاه وهي عبارة عن حبوب مشهورة تسمى (كناكينا) ذات لون أصفر وكان ديم وممرضيه يضعون عند تنضيد الجروح الأشرطة الطبية اللاصقة على هيئة (صليب) على الجرح ليحمل المسلمون (الصليب) على أجسادهم دون أن يشعروا 6- وكانت العمليات الجراحية والمعالجة الطبية تتم في عيادة وسط المدينة - كما ذكر ديم - وهذه العيادة عبارة عن بيت تبرع به رجل يدعى (الدكماري) والذي كان يقع في حي البرغوش (الواقع غرب مسجد الجادة) 7- قبل أن تغادر البعثة عنيزة حمّلها الأهالي بصفائح (تنك) التمر وربما الكليجا والبقل (الإقط) ولم ينس الطبيب ديم أن يدس في أمتعته ما استحسنه من أعمال خشبية خفيفة الحمل عالية القيمة كالطاولات والأبواب الخشبية المنقوش عليها بالحفر فعل ذلك كذكرى لهذه الزيارة الجميلة ولكي يقول لأهل عنيزة في البحرين لقد وصلت إلى مدينتكم وهذا هو الدليل .

" إنتـــــهى"

المصدر"مجلة الواحة" - تاريخ وتراث - عدد 60/السنة 16/2010م


* جون فلبى المشهور بعبدالله فلبى من أشهر المؤرخين الأجانب الذين أرخوا تاريخ المملكة العربية السعودية بأمانة وحيادية وله الكثير من الكتب والمؤلفات والمدونات التى تناولت تاريخ وجغرافية المملكة والجزيرة العربية بشكل عام ولم تكن له اَراء سياسية معارضة كما ذكر المؤلف خصوصاَ وأنه من المقربين للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذى أمده بكل مايحتاجه لتسهيل مهامه العلمية أثناء إقامته الطويلة فى المملكة التى دامت لأكثر من ثلاثين سنة إلا أن كتابه الأخير"تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية" الذى صدر عام 1954م هو الذى أدى الى إبعاده عن البلاد بعد ذلك...







آخر تعديل ابو مشاري الرفدي يوم 09-20-2013 في 11:28 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استفسار عن نسب عائلة الربيعة في عنيزة ابوصالح الأنساب العام واستفسارات الأنساب 1 04-10-2012 04:48 PM
مشاهدات المستشرق شاري هوبير 0 حميد الرحبي المستشرقين 5 06-15-2011 10:41 PM
الرحالة الذى رأى نهراَ فى الدرعية؟ ابو مشاري الرفدي موقع المؤرخ أبو مشاري جمال الرفدي 8 10-09-2010 01:15 PM
استفسار عن عوائل عنيزة المنتسبين لعنزة الحسام العنزي الأنساب العام واستفسارات الأنساب 1 05-29-2010 02:44 PM
بعض ما كتب الرحالة الغربيون عن عنزة موقع العبار مصادر تاريخ قبيله عنزه في الجاهليه وبالاسلام 5 04-08-2009 01:15 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 08:17 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd 
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009