الإهداءات

 

 

   

 

    
  

 


    -  تعديل اهداء
العودة   موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه المركز البحثي لقبيلة عنزه المقالات العلميه والبحث العلمي
المقالات العلميه والبحث العلمي بقلم مؤرخ قبائل السلقا الشيخ جمال بن مشاري الرفدي
 

إضافة رد
 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 03-26-2011, 12:12 AM   #1
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,132
افتراضي شذرات من أخبار العرب ونوادرهم

الجزء الأول

علموا أولادكم الأدب
حكي أن الحجاج أمر صاحب حراسته أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه. فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان يتمايلون وعليهم أثر الشراب، فأحاط بهم وقال لهم: من أنتم حتى خالفتم الأمير؟ فقال الأول:
أنا ابن من دانت الرقاب له .. ما بين مخزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقـاب صاغرة .. يأخذ من مالها ومن دمـها
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب أمير المؤمنين، وقال الثاني:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره ... فمنـهم قيامٌ حولها وقـعود
فأمسك عن قتله وقال: لعله من أشراف العرب، وقال الثالث:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه ... وقومها بالسيف حتى استقامت
ركابـاه لا تنفـك رجـلاه منهـما ... إذا الخيل في يـوم الكريهة ولت
فأمسك عن قتله وقال: لعله من شجعان العرب. فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوال، والثالث ابن حائك. فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال لجلسائه: علموا أولادكم الأدب، فوالله لولا الفصاحة لضربت أعناقهم، ثم أطلقهم وأنشد:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً ... يغنيـك محموده عـن النسب
إن الفتى مـن يقول هـا أنا ذا ... ليس الفتى من يقول: كان أبي
الحجاج والأعرابي
وحكي أن الحجاج انفرد يوماً من عسكره فلقي أعرابياً فقال له: يا وجه العرب، كيف الحجاج؟ فقال: ظالم غاشم. قال: هلا شكوته إلى عبد الملك بن مروان؟ قال: أظلم وأغشم عليهما لعنة الله.فبينما هو كذلك إذ تلاحقت به عساكره فعلم الأعرابي أنه الحجاج فقال الأعرابي: أيها الأمير السر الذي بيني وبينك لا يطلع عليه أحد إلا الله.فتبسم الحجاج وأحسن إليه وانصرف.
الأعرابي وحلوى الحجاج
حضر أعرابي عند الحجاج فقدم الطعام فأكل الناس منه ثم قدمت الحلوى فترك الحجاج الأعرابي حتى أكل منها لقمة ثم قال: من أكل من الحلوى ضربت عنقه، فامتنع الناس من أكلها وبقي الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرة وإلى الحلوى مرة ثم قال: أيها الأمير أوصيك بأولادي خيراً. ثم اندفع يأكل فضحك الحجاج حتى استلقى على قفاه وأمر له بصلة.
معاوية وسودة الأسدية
ومما يروى عن الشعبي قال: استأذنت سودة بنت عمارة بن الأسد على معاوية بن أبي سفيان، فأذن لها، فلما دخلت عليه قال لها: يا بنت الأسد الست القائلة:
شمر كفعل أبيك يا ابن عمارة ... يوم الطعان وملتقى الأقران
وانصر علياً والحسين ورهطه ...واقـعد لهند وابنها بـهوان
إن الإمـام أخـا النبـي محمد ...عل م الهدى ومنارة الإيمان
وقد الجيوش وسر أمـام لوائه ... وارم بأبيض صارم وسنان
قالت: بلى يا معاوية، وما مثلي من رغب عن الحق واعتذر.قال: فما حملك على ذلك؟ قالت: حب علي واتباع الحق.قال: والله ما أرى عليك من أثر علي شيئاً.قالت: أنشدك الله يا معاوية! لا تذكر ما مضى.قال: هيهات! وما مثلك، ومقام أخيك يسيئني، وما لقيت من أخيك.قالت: صدقت يا معاوية، لم يكن أخي ذميم المقام، ولا خبياً، وهو والله كقول الخنساء:
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
وأنا أسألك يا معاوية إعفاك مما استعفيت به.قال: قد فعلت؛ فما حاجتك؟ قالت: يا معاوية، إنك أصبحت للناس سيداً ولأمورهم والياً، والله سائلك عن أمرنا، وما افترض عليك من حقنا، ولا تزال تقدم علينا من يغرك ويبطش بسلطانك، ويحصدنا حصد السنبل، ويدرسنا درس العصفر، ويسومنا الخسف، ويسلبنا الحيل، هذا ابن أرطاة قدم علينا فقتل رجالي وأخذ مالي، ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فإما عزلته. فشكرناك، وإما أقررته فعرفناك.فقال لها: أبقولك تهدديني؟ هممت أن أحملك على قتب جمل أشرس وأسيرك إليه لينفذ فيك أمره. فأطرقت وبكت وأنشدت تقول:
صلى الإله على روح تضمنها ... قبر فأصبح فيه الحق مدفونا
قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً ... فصار بالحق والإيمان مقرونا
قال: ومن ذاك؟ قالت: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال ولم؟ قالت: أتيته في رجل ولاه علينا، ولم يكن بيننا وبينه إلا كما بين الغث والسمين، فوجدته قائماً يصلي، فلما نظر إلي انفتل من صلاته. ثم قال برأفة ورحمة: ألك حاجة؟ فأخبرته فبكى. ثم قال: اللهم اشهد علي وعليهم أني لم أولهم وآمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك. ثم أخرج من جيبه قطعة من جلد كهيئة طرف الجواب فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم: " قد جاءتكم بينة من ربكم، فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " . إذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك حتى يقدم عليك من يقبضه منك، والسلام فأخذته منه وأوصلته إليه فامتثل ورجع عما كان فيه فقال معاوية: اكتبوا لها برد مالها والعدل في حالها فقال: ألي خاصة أم لي ولقومي؟ قال بل لك قالت: إذا الفحشاء واللؤم، هي والله إما عدلاً شاملاً وإلا فأنا كسائر قومي. قال: اكتبوا لها بحاجتها هي وقومها.
الحجاج والأسرى
وقيل: أمر الحجاج بقتل أسرى. فقتل منهم جماعة، فقال رجل منهم وقد عرض للقتل: يا حجاج. إن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو، والله تعالى يقول: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء " . فهذا قول الله تعالى في الكفار فكيف بالمسلمين. وقد قال الشاعر:
وما نقتل الأسرى ولكن نفكهم ... إذا أثقل الأعناق حمل المغارم
فقال الحجاج: أف لهؤلاء الجيف والله لو قال هؤلاء مثل ما قال هذا الرجل ما قتلت منهم أحداً ولكن أطلقوا بقيتهم.
الحجاج والمرأة الحرورية
قال الرواي: ولما ولي الحجاج العراق قال: علي بالمرأة الحرورية. فلما حضرت قال لها: كنت بالأمس في وقعة ابن الزبير تحرضين الناس على قتل رجالي ونهب أموالي؟ قالت: نعم. قد كان ذلك يا حجاج.فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال: ما ترون في أمرها؟ فقالوا: عجل بقتلها.فضحكت المرأة فاغتاظ الحجاج وقال: ما أضحكك؟ قالت: وزراء أخيك فرعون خير من وزرائك هؤلاء.قال: وكيف ذلك؟ قالت: لأنه استشارهم في موسى فقالوا: أرجه وأخاه " أي أنظره إلى وقت آخر، وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي. فضحك الحجاج وأمر لها بعطاء وأطلقها.



معاوية والطرماح بن الحكم
لما دخلت قريش على معاويةسلم عليهم وقربهم وقال: أتدرون يا أهل قريش لم أخرت أهل اليمن وقربتكم؟ قالوا: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: لأنهم لم يزالوا يتطاولون علينا بالفخار ويقولون ما ليس فيهم، وإني أريد إذا دخلوا غداً وأخذوا أماكنهم من الجلوس أن أقوم فيهم نذيرا وألقي عليهم من المسائل ما أقل به إكرامهم وأرخص به مقامهم، فإذا دخلوا وأخذوا أماكنهم من الجلوس وسألوا عن شيء فلا يجبهم أحد غيري.قال الراوي: وكان المقدم عليهم رجلاً يقال له الطرماح بن الحكم الباهلي، فأقبل على أصحابه، وقال: أتدرون يا أهل اليمن لم أخركم ابن هند وقدم قريشاً؟ قالوا: لا قال: لأنه في غداة غد يقوم فيكم نذيراً ويلقي عليكم من المسائل ما يقل به إكرامكم ويرخص به مقامكم، فإذا دخلتم عليه وأخذتم أماكنكم من الجلوس وسألكم عن شيء فلا يجبه أحد غيري.فلما كان من الغد دخلوا عليه وأخذوا أماكنهم فنهض معاوية قائماً على قدميه، وقال: أيها الناس من تكلم قبل العرب، وعلى من أنزلت العربية؟ فقام الطرماح وقال: نحن يا معاوية، ولم يقل يا أمير المؤمنين.فقال: لماذا؟ فقال: لأنه لما نزلت العرب ببابل وكانت العبرانية لسان الناس كافة أرسل الله تعالى العربية على لسان يعرب بن قحطان الباهلي، وهو جدنا فقرأ العربية وتداولها قومه من بعده إلى يومنا هذا، فنحن يا معاوية عرب بالجنس وأنتم عرب بالتعليم.فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أقوى العرب إيماناً ومن شهد له بذلك؟ فقال الطرماح: نحن يا معاوية.قال: ولم؟ قال: لأن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم فكذبتموه وسفهتموه وجعلتموه مجنوناً، فآويناه ونصرناه فأنزل الله: " والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، محسناً لنا متجاوزاً عن سيئاتنا فلم لم تفعل أنت كذلك؟ كأنك خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فسكت زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لساناً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.قال: ولم ذلك؟ قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده:
يطعمون الناس غباً ... في السنين الممحلات
في جفانٍ كالخوابي ... وقــدور راسـيات
وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.قال: فسكت معاوية زماناً وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكراً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.قال: ولم ذلك؟ قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارساً في الجاهلية وفارساً في الإسلام وشهد له بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفداً بالحديد؟ فقال له الطرماح: ومن أتى به؟ قال معاوية: أتى به علي.قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبداً.فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن؟ قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: " وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد " .
بليتان المنصور والطاعون
وخطب المنصور يوماً بالشام، فقال: أيها الناس ينبغي لكم أن تحمدوا الله تعالى على ما وهبكم في فإني منذ وليتكم صرف الله عنكم الطاعون الذي كان يجيئكم.فقال أعرابي: إن الله أكرم من أن يجمعك أنت والطاعون علينا.
المهدي والأعرابي
يحكى أن المهدي خرج يتصيد، فسار به فرسه حتى دخل إلى خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي. هل من قرى؟ قال: نعم، فأخرج له قرض شعير فأكله، ثم أخرج له فضلة من لبن فسقاه، ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه قعباً. فلما شرب قال: يا أخا العرب أتدري من أنا؟ قال: لا والله.قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة.قال: بارك الله في موضعك.ثم سقاه قعباً آخر فشربه فقال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة.قال: لا، بل أنا من قواد أمير المؤمنين.قال: رحبت بلادك وطاب مرادك.ثم سقاه ثالثاً فلما فرغ منه قال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين.قال: لا، ولكني أمير المؤمنين.فأخذ الأعرابي الركوة وأوكأها وقال: والله لو شربت الرابع لادعيت أنك رسول الله.فضحك المهدي حتى غشي عليه وأحاطت به الخيل ونزلت إليه الملوك والأشراف فطار قلب الأعرابي فقال له: لا بأس عليك ولا خوف ثم أمر له بكسوة ومال.
أبي هرمة والخمر
ودخل ابن هرمة على المنصور وامتدحه، فقال له المنصور: سل حاجتك؟ قال: تكتب إلى عاملك بالمدينة إذا وجدني سكران لا يحدني.فقال له المنصور: هذا حد لا سبيل إلى تركه.فقال: ما لي حاجة غيرها.فقال لكاتبه: اكتب إلى عاملنا بالمدينة من أتاك بابن هرمة وهو سكران فاجلده ثمانين، واجلد الذي جاء به مائة.فكان الشرطة يمرون عليه وهو سكران ويقولون: من يشتري ثمانين بمائة، فيمرون عليه ويتركونه،

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
ويحكى عن العباس صاحب شرطة المأمون، قال: دخلت إلى مجلس أمير المؤمنين ببغداد يوماً، وبين يديه رجل مكبل بالحديد، فقال لي: يا عباس؟ قلت: لبيك يا أمير المؤمنين.قال: خذ هذا إليك فاستوثق به واحتفظ عليه وبكر به إلي في غد واحترز عليه كل الاحتراز.قال العباس: فدعوت جماعة حملوه ولم يقدر أن يتحرك فقلت في نفسي: مع هذه الوصية التي أوصاني بها أميرالمؤمنين من الاحتفاظ به ما يجب إلا أن يكون معي في بيتي، فلما تركوه في داري أخذت أساله عن قضيته وحاله ومن هو؟ فقال: أنا من دمشق.فقلت: جزى الله دمشق خيراً، فمن أنت من أهلها؟قال: وعمن تسأل؟ قلت: أوتعرف فلاناً؟ قال: ومن أين تعرف ذلك الرجل؟ فقلت: وقعت لي معه قضية.فقال: ما كنت بالذي أعرفك خبره حتى تعرفني قضيتك معه؟ فقلت: ويحك! كنت مع بعض الولاة بدمشق فسمعت أهلها، وقد خرجوا علينا حتى أن الوالي خرج في زنبيل من قصر الحجاج، وهرب وأصحابه، وهربت في جملة القوم، فبينما أنا هارب في بعض الدور، وإذا بجماعة يعدون، فما زلت أعدو أمامهم حتى تجاوزتهم، ومررت بهذا الرجل الذي ذكرته لك، وهو جالس على باب داره، فقلت: يا هذا أغثني أغاثك الله؟ قال: لا بأس عليك ادخل الدار.فدخلت، فقالت لي زوجته: ادخل المقصورة.فدخلتها ووقف الرجل على باب الدار، فما شعرت إلا وقد دخل، والرجال معه يقولون هو والله عندك.فقال: دونكم الدار فتشوها ؟ففتشوها حتى لم يبق سوى تلك المقصورة وامرأته فيها، فقالوا: ها هو هنا.فصاحت بهم المرأة ونهرتهم، فانصرفوا، وخرج الرجل وجلس على باب داره ساعة، وأنا قائم أرجف ما تحملني رجلاي من شدة الخوف، فقالت المرأة: اجلس لا بأس عليك.فجلست، فلم ألبث حتى دخل الرجل، فقال: لا تخف فقد صرف الله عنك شرهم وصرت إلى الأمن والدعة إن شاء الله.فقلت: جزاك الله خيراً.فما زال يعاشرني أحسن معاشرة وأجملها وأفرد لي مكاناً من داره ولم يحوجني إلى شيء ولم يفتر عن تفقد أحوالي، فأقمت عنده أربعة أشهر في أتم عيشٍ وأرغده إلى أن سكنت الفتنة وهدأت وزال أثرها، فقلت له: أتأذن لي في الخروج حتى أتفقد حال غلماني، فلعلي أقف منهم على خبر.فأخذ علي المواثيق بالرجوع إليه، فخرجت وطلبت غلماني فلم أر لهم أثراً فرجعت إليه وأعلمته بالخبر، وهو مع هذا كله لا يعرفني بنفسه ولا يعرف من أنا، فقال لي: علام تعزم؟ فقلت: عزمت على التوجه إلى بغداد قال: إن القافلة بعد ثلاثة أيام تخرج.فقلت له: إنك قد تفضلت علي هذه المدة، لك علي عهد الله إنني لا أنسى لك هذا الفضل ولأوفينك مهما استطعت.قال: فدعا بغلام أسود وقال له: أنعل الفرس الفلاني، ثم جهز آلة السفر فقلت في نفسي: ما أشك أنه يريد أن يخرج إلى ضيعة له أو ناحية من النواحي. فأقاموا يومهم ذلك في كد وتعب، فلما كان يوم خروج القافلة جاء في السحر، فقال: يا فلان! قم، فإن القافلة تخرج الساعة، وأكره أن تنفرد عنها. فقلت في نفسي: كيف اصنع وليس معي ما أتزود به ولا ما أكتري به مركباً، ثم قمت، فإذا هو وامرأته يحملان بقجة من أفخر اللباس وخفين جديدين وآلة السفر، ثم جاءني بسيف ومنطقة فشدهما في وسطي، ثم قدم لي غلاماً وعلى كتفه صرتان وفوقهما مرتبة السفر وسجادة من أفخر ما يكون، وأعلمني بما في الصرتين أنه خمسة آلاف درهم، وشد لي الفرس الذي أنعله بسرجه ولجامه، وقال لي: اركب، وهذا الغلام الأسود يخدمك ويسوس مركوبك، وأقبل هو وامرأته يعتذران إلي من التقصير في أمري وركب معي من يشيعني، وانصرفت إلى بغداد، وأنا أتوقع خبره لأفي بعهدي له في مجازاته ومكافاته، واشتغلت مع أمير المؤمنين فلم أقدر أن أتفرغ إلى أن أرسل إليه من يكشف خبره، فلهذا أسأل عنه.فلما سمع الرجل الحديث قال: قد أمكنك الله من الوفاء له ومكافأته على فعله ومجازاته على صنعه بلا كلفة عليك ولا مؤنة تلزمك.فقلت: وكيف ذلك؟ قال: أنا ذلك الرجل، وإنما الضر الذي أنا فيه قد غير عليك حالي وما كنت تعرفه مني، ثم لم يزل يذكر لي تفاصيل الأسباب حتى أثبت معرفته، فما تمالكت أن قمت وقبلت رأسه، ثم قلت له: فما الذي صيرك إلى ما أرى؟ قال: هاجت بدمشق فتنة مثل الفتنة التي كانت في أيامك فنسبت إلي، وبعث أمير المؤمنين بجيوش فضبطوا البلد فأخذت أنا وضربت إلى أن أشرفت على الموت، وقيدت وبعث بي إلى أمير المؤمنين وأمري عنده عظيم، وهو قاتلي لا محالة، وقد أخرجت من عند أهلي بلا وصية، وقد تبعني من ينصرف إليهم بخبري، وهو نازل عند فلان، فإن رأيت أن تجعل من مكافأتك لي أن ترسل من يحضره لي حتى أوصيه بما أريد، فإن أنت فعلت ذلك فقد جاوزت حد المكافأة وقمت بوفاء عهدك.قال العباس: فقلت يصنع الله خيراً.ثم أحضر حداداً في الليل وفك قيوده، وزال ما كان عليه من الإنكال، وأدخله حمام داره، وألبسه من الثياب ما احتاج إليه، ثم سير من أحضر إليه غلامه، فلما رآه جعل يبكي ويوصيه، فاستدعى العباس نائبه وقال: علي بفرسي الفلاني والبغل الفلاني والبغلة الفلانية حتى عد عشرة، ثم عشرة من الصناديق، ومن الكسوة كذا وكذا.قال ذلك الرجل: وأحضر لي بدرة فيها عشرة آلاف درهم وكيساً فيه خمسة آلاف دينار، وقال لعامله في الشرطة: خذ هذا الرجل وشيعه إلى حد الأنبار.فقال له: إن ذنبي عظيم عند أمير المؤمنين وخطبي جسيم، وإن أنت احتجيت بأني هربت بعث أمير المؤمنين في طلبي كل من على بابه فأرادوا قتلي.فقال: انج بنفسك ودعني أدبر أمري.فقال: والله لا أبرح من بغداد حتى أعلم ما يكون من خبرك، فإن احتجت إلى حضوري حضرت.فقال لصاحب الشرطة: إن كان الأمر على ما يكون، فليكن في موضع كذا وكذا، فإن أنا سلمت في غداة غدٍ أعلمته، وإن أنا قتلت وقيته بنفسي كما وقاني بنفسه، وأنشدك الله أن لا يذهب من ماله درهم، وتجتهد في إخراجه من بغداد.قال الرجل: فأخذني صاحب الشرطة وصيرني في مكان يثق به، وتفرغ العباس لنفسه وتحنط وجهز له كفناً.قال العباس: فلم أفرغ من صلاة الصبح إلا وأرسل المأمون في طلبي يقولون: يقول لك أمير المؤمنين: هات الرجل معك وقم.قال: فتوجهت إلى دار أمير المؤمنين وإذا هو جالس وعليه كآبة، فقال: أين الرجل؟ فسكت، فقال: ويحك أين الرجل؟ فسكت، فقال ويحك أين الرجل؟ فقلت: يا أمير المؤمنين اسمع مني ما أقول.فقال: لله علي عهد، لئن ذكرت أنه هرب لأضربن عنقك.فقلت لا والله، يا أمير المؤمنين إنه ما هرب، ولكن اسمع حديثي معه كيت وكيت، وقصصت عليه القصة جميعها وعرفته أني أريد أن أفي له وأكافئه على ما فعله معي، وقلت: أنا وسيدي ومولاي أمير المؤمنين بين أمرين: إما أن يصفح عني، وقد وفيت وكافأت، وإما أن يقتلني فأقيه بنفسي وقد تحنطت، وها كفني يا أمير المؤمنين.فلما سمع المأمون الحديث قال: ويحك، لا جزاك الله خيراً عن نفسك، إنه فعل بك ما فعل من غير معرفة، وتكافئه بعد المعرفة والعهد بهذا لا غير؟ هلا عرفتني خبره، فكنت أكافئه عنك ولا أقصر بوفائي له؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنه ههنا، وقد حلف أنه لا يبرح حتى يعرف سلامتي، فإن احتجت إلى حضوره
حضر.فقال المأمون: وهذه منة أعظم من الأولى، اذهب الآن فطيب نفسه وسكن روعه وائتني به حتى أتولى مكافأته عنك.قال: فأتيت إليه وقلت: ليزل عنك حزنك، إن أمير المؤمنين قال كيت وكيت.فقال: الحمد لله الذي لا يحمد على السراء والضراء أحد سواه. ثم قام فصلى ركعتين، ثم أتيت به إلى أمير المؤمنين، فلما مثل بين يديه أقبل عليه وأدنى مجلسه وحدثه حتى حضر الغداء وأكل معه وخلع عليه وعرض عليه أعمال دمشق فاستعفى عنها، فأمر له المأمون بعشرة أفراس بسروجها ولجمها، وعشرة بغال بآلاتها، وعشر بدر، وعشرة آلاف دينار، وعشرة مماليك بدوابهم، وكتب إلى عامله بدمشق بالوصية به، وأطلق خراجه، وأمر بمكاتبته بأحوال دمشق، فصارت كتبه تصل إلى المأمون وكلما وصلت خريطة البريد وفيها كتابه يقول لي:
ياعباس هذا كتاب صديقك، والله أعلم.
مفاخرة اليمن ومضر



وعن الهيثم بن عدي. قال كان أبو العباس السفاح تعجبه المسامرة ومنازعة الرجال فحضرت ذات ليلة في مسامرة إبراهيم بن مخرمة الكندي وناس من بني الحارث بن كعب وهم أخواله وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي. فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضر واليمن فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا وكانت لهم القرى ولم يزالوا ملوكاً أرباباً وورثوا ذلك كابراً عن كابر أولاً عن آخر منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة، ومنهم من مدحته الزبر، ومنهم غسيل الملائكة، ومنهم من اهتز لموته العرش، ومنهم من كلمه الذئب، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً. وليس شيء له خطر إلا وإليهم ينسب من فرس رائع أو سيف قاطع أو درع حصينة أو حلة مصونة أو درة مكنونة، إن سئلوا أعطوا وإن سيموا أبوا، وإن نزل بهم ضيف قروا لا يبلغهم مكابر، ولا ينالهم مفاخر، هم العرب العرباء، وغيرهم المتعربة. قال أبو العباس السفاح: ما أظن التميمي يرضى بقولك. ثم قال: ما تقول يا خالد؟ قال: إن أذنت في الكلام تكلمت.قال: أذنت لك في الكلام فتكلم ولا تهب أحد.فقال: أخطأ يا أمير المؤمنين المقتحم بغير علم والناطق بغير صواب، فكيف يكون ما قال، وإن القوم ليست لهم ألسن فصيحة ولا حجة رجيحة. نزل به كتاب ولا جاءت به ا سنة، وهم منا على منزلتين: إن حادوا عن قصدنا أكلوا، وإن جازوا حكمنا قتلوا، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي عليه، ونفخر عليهم بخير الأنام وأكرم الكرام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ولله المنة علينا وعليهم لقد كانوا أتباعه فبه غزوا وله أكرموا، فمنا النبي صلى الله عليه وسلم ومنا الخليفة المرتضى، ولنا البيت المعمور والمسعى وزمزم والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة والبطحاء مع ما لا يخفى من المآثر ولا يدرك من المفاخر. فليس يعدل بنا عادل ولا يبلغ فضلنا قول قائل ومنا الصديق والفاروق والوصي وأسد الله وسيد الشهداء ذو الجناحين وسيف الله، عرفوا الله وأتاهم اليقين، فمن زاحمنا زاحمناه ومن عادانا اصطلمناه.ثم التفت إلى إبراهيم فقال: أعالم أنت بلغة قومك؟ قال: نعم. قال: فما اسم العين؟ قال: الجمجمة.قال: فما اسم السن؟ قال: الميذن.قال: فما اسم الأذن؟ قال: الصنارة.قال: فما اسم الأصابع؟ قال: الشناتر.قال: فما اسم اللحية؟ قال: الذئب.قال: فما اسم الذئب؟ قال: الكنع. قال: أفمؤمن أنت بكتاب الله؟ قال: نعم.قال: فإن الله تعالى يقول: "إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون " ، وقال تعالى: " بلسانٍ عربي مبين " وقال: وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومهِ " فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل، ألم تر أن الله تعالى قال: العين بالعين، ولم يقل: الجمجمة بالجمجمة؛ وقال: السن بالسن، ولم يقل الميذن بالميذن؛ وقال: الأذن بالأذن، ولم يقل الصنارة بالصنارة، وقال: " يجعلون أصابعهم في آذانهم " ولم يقل شناترهم. وقال: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، ولم يقل بذنبي. وقال تعالى: فأكله الذئب، ولم يقل فأكله الكنع. ثم قال أسألك عن أربع إن أقررت بهن قهرت وإن جحدتهن كفرت قال: وما هن؟ قال: الرسول منا أو منكم؟ قال: منكم.قال: فالقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال: عليكم.قال: فالبيت الحرام لنا أو لكم؟ قال: لكم.قال: فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال: فيكم.قال خالد: فما كان بعد هذه الأربع فهو لكم.
القاضي ابن أبي ليلى والمنصور


وحدث عبد الله البلتاجي، قال: دخل ابن أبي ليلى على أبي جعفر المنصور، وكان ابن أبي ليلى قاضياً فقال أبو جعفر: إن القاضي يرد عليه. من ظرائف الناس ونوادرهم أمور، فإن كان ورد عليك شيء فحدثنيه، فقد طال علي يومي.قال: والله يا أمير
المؤمنين، قد ورد علي منذ ثلاثة أيام أمر ما ورد علي مثله. أتتني عجوز تكاد تنال الأرض بوجهها أو تسقط من انحنائها فقالت: أنا بالله وبالقاضي أن يأخذ لي بحقي وأن يعينني على خصمي.قلت: ومن خصمك؟ قالت: إبنة أخ لي.فدعوت بها فجاءت امرأة ضخمة ممتلئة شحماً فجلست منبهرة. فذهبت العجوز تتظلم، فقالت الشابة: أصلح الله القاضي، مرها فلتسكت حتى أتكلم بحجتي وحجتها فإن لحنت بشيء فلترد علي، فإن أذنت لي أسفرت.فقالت العجوز: إن أسفرت قضيت لها.فقلت لها: أسفري، فأسفرت عن وجه والله ما ظننت أنه يكون مثله إلا في الجنة. فقالت: أصلح الله القاضي، هذه عمتي مات والدي وتركني يتيمة في حجرها فربتني فأحسنت التربية، حتى إذا بلغت مبلغ النساء قالت لي: يا بنت أخي، هل لك في التزويج؟ قلت: ما أكره ذلك يا عمة.قالت العجوز: نعم.قالت: فخطبني وجوه أهل الكوفة فلم ترض إلا رجلاً صيرفياً، فتزوجني، فكنا كأننا ريحانتان ما أظن أن الله خلق غيره يغدو إلى سوقه ويروح علي بما رزقه الله تعالى. فلما رأت العمة موقعه مني وموقعي منه حسدتنا على ذلك، وكانت لها ابنةً فشوفتها وهيأتها لدخول زوجي، فوقعت علينه عليها، فقال: يا عمة هل لك أن تزوجيني ابنتك؟ قالت: نعم بشرط.فقال لها: وما الشرط.؟ قالت: تصير أمر ابنة أخي إلي.قال: قد صيرت أمرها إليك.قالت: فإن قد طلقتها ثلاثاً بتةً.وزوجت ابنتها زوجي، فكان يغدو عليها ويروح، فقلت لها : يا عمتي أتأذنين لي أن أنتقل عنك؟ قالت: نعم.فانتقلت عنها وكان لعمتي زوج غائب فقدم فلما توسط منزلها قال: ما لي لا أرى ربيبتنا؟ قالت: طلقها زوجها فانتقلت عنا.فقال: إن لها من الحق علينا أن نعزيها بمصيبتها.فلما بلغني مجيئه إلي تهيأت له وتشوفت. فلما دخل علي عزاني بمصيبتي، ثم قال: إن فيك بقيةً من الشباب؛ فهل لك أن أتزوج بك؟ قلت: ما أكره ذلك ولكن على شرط.قال لي: وما الشرط؟ قلت: تصير أمر عمتي بيدي.قال: فإني قد فعلت وصيرت أمرها بيدك.قلت: فإني قد طلقتها ثلاثاً بتة.قالت: فقدم علي بثقله من الغد ومعه ستة آلاف درهم فأقام عندي ما أقام، ثم إنه اعتل وتوفي فلما انقضت عدتي جاء زوجي الأول الصيرفي يعزيني بمصيبتي فلما بلغني مجيئه تهيأت وتشوفت له، فلما دخل علي قال لي: يا فلانة إنك تعلمين أنك كنت أعز الناس علي وأحبهم إلي، وقد حلت المراجعة، فهل لك في ذلك؟ قلت: ما أكره ذلك، ولكن اجعل أمر ابنة عمتي بيدي.قال: فإني قد فعلت.قلت: فإني قد طلقتها ثلاثاً بتةً، أصلح الله القاضي، فرجعت إلى زوجي فما اعتدائي عليها.فقالت العجوز: أنا فعلت مرة، وفعلت مرة بعد أخرى.فقلت: إن الله لم يوقت في هذا وقتاً، وقد قال تعالى: ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله " فواحدة بواحدة والبادي أظلم.فقال القاضي: إن زوج العمة لم يكن له أن يتزوج ابنة أخيها وهي في عدته؛ فأرادت العجوز أن تتولى التفريق بينه وبينها استيفاء لها ومجازاة لها على فعلها، فقلت لها: قد فرقت بينكما، قومي إلى منزلك.

المأمون ومدعي النبوة
ويحكى أنه تنبأ رجل في أيام المأمون، فقل ليحيى بن أكثم القاضي: يا يحيى امض بنا مستترين حتى ننظر إلى هذا المتنبي وإلى دعواه.فركبا في الليل مستترين ومعهما خادم حتى صارا إلى بابه وكان مستراً بثوبه، فاستأذنا عليه فخرج إليهما، فقال: من أنتما؟ فقالا: رجلان يريدان أن يسلما على يديك.قال: ادخلا. فدخلا وجلس المأمون عن يمينه، يحيى عن يساره، فقال المأمون: إلى من بعثت؟ قال: إلى الناس كافة.قال: أفيوحى إليك، أم ترى في المنام، أم ينفث في قلبك؟ قال: بل أناجي وأكلم قال: ومن يأتيك؟ قال: جبريل.قال: فمتى كان عندك؟ قال: الساعة قبل أن تأتياني بساعة.قال: فما أوحى إليك؟ قال: أوحى إلي أنه سيدخل عليك رجلان فيجلس أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك، والذي يجلس عن يسارك ألوط خلق الله تعالى.فقال له المأمون: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وكان يحيى يعزى إلى ما قاله عنه المتنبي.
راعي الذمم
وروي عن الحسن بن الحصين. قال: لما أفضت الخلافة إلى بني العباس كان من جملة من اختفى إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك فلم يزل مختفياً إلى أن أضناه وأضجره الاختفاء، فأخذ له أمان من السفاح، فقال له: لقد مكثت زماناً طويلاً مختفياً فحدثني بأعجب ما رأيت في اختفائك، فإنها كانت أيام تكدير.فقال: يا أمير المؤمنين، وهل سمع بأعجب من حديثي؟ لقد كنت مختفياً في منزل أنظر منه إلى البطحاء فبينما أنا على مثل ذلك، وإذا بأعلام سود قد خرجت من الكوفة تريد الحيرة فوقع في ذهني أنها خرجت تطلبني، فخرجت متنكراً حتى أتيت الكوفة من غير الطريق، وأنا والله متحير، ولا أعرف بها أحداً، وإذا أنا بباب كبير في رحبة منيعة. فدخلت في تلك الرحبة فوقفت قريباً من الدار، وإذا برجل حسن الهيئة، وهو راكب فرساً ومعه جماعة من أصحابه وغلمانه، فدخل الحربة فرآني واقفاً مرتاباً فقال لي: ألك حاجة؟ قلت: غريب خائف من القتل.قال: ادخل قد خلت إلى حجرة في داره، فقال: هذه لك، وهيأ لي ما أحتاج إليه من فرش وآنية ولباس وطعام وشراب، وأقمت عنده ووالله ما سألني قط من أنا، ولا ممن أخاف؟ وهو في أثناء ذلك يركب في كل يوم ويعود تعباً متأسفاً كأنه يطلب شيئاً فاته ولم يجده، فقلت له يوماً: أراك تركب في كل يوم وتعون تعباً متأسفاً كأنك تطلب شيئاً فاتك؟ فقال لي: إن إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك قتل أبي وقد بلغني أنه مختف من السفاح، وأنا أطلبه لعلي أجده وآخذ بثأري منه.فتعجبت والله يا أمير المؤمنين من هربي وشؤم بختي الذي ساقني إلى منزل رجل يريد قتلي ويطلب ثأره مني. فكرهت الحياة واستعجلت الموت لما نالني من الشدة، فسألت الرجل عن اسم أبيه وعن سبب قتله، فعرفني الخبر فوجدته صحيحاً، فقلت: يا هذا قد وجب علي حقك، وأن من حقك أن أدلك على قاتل أبيك وقرب إليك الخطوة وأسهل عليك ما بعد.فقال: أتعلم أين هو؟ قلت: نعم.فقال: أين هو؟ فقلت: والله هو أنا فخذ بثأرك مني
فقال لي: أظن أن الاختفاء أضناك فكرهت الحياة.قلت: نعم والله أنا قتلته يوم كذا وكذا.فلما علم صدقي تغير لونه واحمرت عيناه وأطرق رأسه ساعة ثم رفع رأسه إلي وقال لي: أما أبي فسيلقاك غداً يوم القيامة فيحاكمك عند من لا تخفى عليه خافية، وأما أنا فلست مخفراً ذمتي ولا مضيعاً نزيلي، أخرج عني فإني لا آمن من نفسي عليك بعد هذا اليوم. ثم وثب يا أمير المؤمنين إلى صندوق فأخرج منه صرة فيها خمسمائة دينار وقال: خذ هذه واستعن بها على اختفائك.فكرهت أخذها وخرجت من عنده وهو أكرم رجل رأيت. فبقي السفاح يهتز طرباً ويتعجب.









التعديل الأخير تم بواسطة محمد بن دوهان ; 03-30-2011 الساعة 03:34 PM
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-26-2011, 07:24 AM   #2
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,260
افتراضي

أحسنت يا أبو مشاري وما أجمل آداب العرب التي حفلت بها كتب الأدب فشكراً لك على أختيارك لهذه العبر ونحن ننتظر استعراضك لكتاب نجيمان

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 11-05-2022 الساعة 09:23 AM
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-26-2011, 08:31 PM   #3
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,132
افتراضي

وأنا بدورى إستاذ أبومشعل أشكرك على المداخلة والتعليق وإن شاء الله طلبك مجاب وأنا ممنون لك فبارك الله فيك

ودمت بخير
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-26-2011, 10:59 PM   #4
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,132
افتراضي

الجزء الثانى
أبو حنيفة وجاره الإسكافي
وفي تاريخ بغداد ووفيات الأعيان: أن أبا حنيفة رضي الله عنه، كان له جار إسكافي يعمل نهاره، فإذا رجع إلى منزله ليلاً تعشى ثم شرب، فإذا دب الشراب فيه غنى وقال:
أضاعوني، وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهةٍ وسداد ثغر
ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وأبو حنيفة يسمع صوته كل ليلة. وكان أبو حنيفة يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته فسأله عنه فقيل: أخذه العسس منذ ليالٍ، فصلى أبو حنيفة الفجر من غده، ثم ركب بغلته وأتى إلى دار الأمير، فاستأذن عليه، فقال: ائذنوا له، وأقبلوا به راكباً ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط. ففعل به ذلك، فوسع له الأمير من مجلسه وقال له: ما حاجتك؟ قال: أشفع في جاري.فقال الأمير: أطلقوه وكل من أخذ في تلك الليلة. فخلوهم أيضاً وذهبوا وركب أبو حنيفة بغلته وخرج والإسكافي يمشي وراءه فقال له أبو حنيفة: يا فتى! هل أضعناك؟ فقال: بل حفظت ورعيت فجزاك الله خيراً عن حرمة الجوار. ثم تاب الرجل ولم يعد إلى ما كان يفعل.وقال الشافعي: قلت لمالك، هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم، رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته.
يعفو عن الرأس والذنب
وأتي المتوكل بمحمد بن النصيب ووزيره ابن الديرواني وكان محمد هذا قد خرج على المتوكل واستوزر ابن الديرواني، فلما مثل بين يدي المتوكل قال له: ما حملك على ما فعلت يا محمد؟ قال: الشقوة وحسن الظن بعفوك يا أمير المؤمنين، وأنشد يقول:
أبى الناس إلا أنك اليوم قاتلي ... إمام الهدى والعفو بالحر أجمل
تضاءل ذبي عند عفوك قلـتى ... فـجد لي بعفو منك فالـعفو أفضل
فقال الملك: خلو سيبله، ثم قدم ابن الديرواني فقال: اضربوا عنقه، فقال: سبحان الله، يا أمير المؤمنين، تعفو عن الرأس وتقطع الذنب؟ فضحك المتوكل وعفا عنه.

إبن اَدم
ووقف رجل على الواثق فقال: يا أمير المؤمنين، صل رحمك وارحم أقاربك وارحم رجلاً من أهلك.
فقال الواثق: من أنت، فإني لا أعرفك قبل اليوم؟قال: ابن جدك آدم.فقال: يا غلام، أعطه درهماً؟ فقال: يا أمير المؤمنين، وما أصنع بالدرهم؟ قال: أرأيت لو قسمت المال بين إخوتك أولاد جدي أكان ينوبك منه حبة.فقال: لله درك ما أذكى فهمك فأمر له بعطاء وانصرف مكرماً.

المأمون وزبيدة أم الأمين
حكي أن المأمون مر يوماً على زبيدة أم الأمين، فرآها تحرك شفتيها بشيء لا يفهمه، فقال لها: يا أماه، أتدعين علي لكوني قتلت ابنك وسلبته ملكه؟ قالت: لا والله يا أمير المؤمنين.قال: فما الذي قلته؟ قالت: يعفيني أمير المؤمنين.فألح عليها وقال: لا بد أن تقوليه؟ قالت له: قلت، قبح الله اللجاجة.قال: وكيف ذلك؟ قالت: لأني لعبت يوماً مع أمير المؤمنين الرشيد بالشطرنج على الحكم والرضا، فغلبني، فأمرني أن أتجرد من أثوابي وأطوف القصر عريانة، فاستعفيته، وبذلت له أموالاً لا تحصى، فلم يعف عني. فتجردت من أثوابي وطفت القصر عريانة، وأنا حاقدة عليه، ثم عاودنا اللعب فغلبته فأمرته أن يذهب إلى المطبخ، فيطأ أقبح جارية وأشوهها خلقة فاستعفاني عن ذلك فلم أعفه، فنزل لي عن خراج مصر والعراق، أبيت وقلت: والله لتطأنها، فألححت عليه وأخذت بيده وجئت به إلى المطبخ، فلم أر جارية أقبح ولا أقذر ولا أشوه خلقة من أمك مراجل، فأمرته أن يطأها فوطئها فعلقت منه بك، فكنت سبباً لقتل ولدي وسلبه ملكه.فولى المأمون وهو يقول: قاتل الله اللجاجة، أي التي لج بها عليها حتى أخبرته بهذا الخبر.

الرشيد وجارية جعفر
ويحكى أن جعفراً البرمكي نادم الرشيد ليلة، فقال: يا جعفر بلغني أنك اشتريت الجارية الفلانية، ولي مدة أطلبها، فإنها بديعة الجمال، ولي شوق زائد إليها فبعنيها.قال: ليس علي فيها بيع.قال: هبنيها.
قال: ولا أهبها.فقال الرشيد: زبيدة طالق مني ثلاثاً إن لم تبعنيها أو تهبنيها.وقال جعفر: زوجتي طالق مني ثلاثاً إن بعتها أو وهبتها.ثم أفاقا من نشوتهما وعلما أنهما وقعا في أمر عظيم وعجزا عن تدبير الحيلة فقال الرشيد: هذه واقعة ليس لها غير أبي يوسف، فاطلبوه، فكان قد انتصف الليل. فلما طلب قام فزعاً وقال: ما طلبت في هذا الوقت إلا لأمر حدث في الإسلام.ثم خرج مسرعاً وركب بغلته وقال لغلامه: اصحب معك المخلاة، واجعل فيها بعض شعير، فإذا دخلنا دار الخلافة ودخلت فضع بين يدي الدابة شيئاً منه تشتغل به إلى حين خروجي، فإنها لم تستوف علفها في هذه الليلة.
فقال: سمعاً وطاعةً.فلما دخل على الرشيد قام له وأجلسه على سريره بجانبه وكان لا يجلس معه غيره، وقال له: ما طلبناك إلا لأمر مهم، وهو كذا وكذا، وقد عجزنا عن تدبير الحيلة.فقال: يا أمير المؤمنين، هذا من أسهل ما يكون. يا جعفر! بع أمير المؤمنين نصفها وهبه نصفها تبرأ من
يمينكما.فسر بذلك أمير المؤمنين وفعلا، فقال الرشيد: أحضر الجارية في هذا الوقت فإني شديد الشوق إليها.فأحضرت، فقال القاضي أبي يوسف: أريد وطأها في هذا الوقت، ولا أطيق الصبر إلى مضي مدة الاستبراء، انظر لي الحيلة في ذلك؟ فقال أبو يوسف: ائتوني بمملوك من مماليك أمير المؤمنين الذين لم يجر عليهم العتق.فأحضر مملوك، فقال أبو يوسف: يا أمير المؤمنين، إئذن لي أن أزوجها منه، ثم يطلقها قبل الدخول فيحل وطؤها في الحال من غير استبراء.فأعجب الرشيد ذلك أكثر من الأول، فقال: أذنت لك.فأوجب القاضي النكاح، ثم قبله المملوك، فقال له القاضي طلقها.
فقال له: هذه صارت لي زوجة وأنا لا أطلقها.فردد عليه القول فأبى وضاق صدر الخليفة لذلك، وقال: قد اشتد الأمر أعظم مما كان.فقال القاضي أبو يوسف: يا أمير المؤمنين رغبه بالمال.
فقال: طلقها ولك مائة دينار.قال: لا أفعل.قال: مائتا دينار.قال: لا أفعل.إلى أن عرضوا عليه ألف دينار وهو يمتنع، وقال القاضي: الطلاق بيدي أم بيد أمير المؤمنين أم بيدك؟ قال: بل بيدك أنت.
قال: والله لا أفعل أبداً.فاشتد غضب أمير المؤمنين، فقال القاضي: يا أمير المؤمنين لا تجزع فإن الأمر هين اعتق الجارية، ثم ملك هذا العبد للجارية؟ قال: أعتقتها وملكته لها.فقال لها القاضي: قولي قبلت؟ فقالت: قبلت.فقال القاضي: حكمت بالتفريق بينكما لأنه دخل في ملكها فانفسخ النكاح.
فقام أمير المؤمنين على قدميه، وقال: مثلك من يكون قاضياً في زماني. وستدعى بأطباق الذهب فأفرغت بين يديه، وقال للقاضي: هل معك شيء توعيه؟ فتذكر مخلاة البغلة. فاستدعى بها، فملئت له ذهباً، فأخذها وانصرف. فلما أصبح قال لخلانه: انظروا إلى من علم العلم فليتعلمه كذلك، فإني أعطيت هذا المال العظيم في مسألتين أو ثلاث.فانظر أيها المتأدب إلى لطف هذه الواقعة فإنها اشتملت على محاسن منها إدلال الوزير على قلب أمير المؤمنين وحلم الخليفة، وزيادة علم القاضي فرحم الله أرواحهم أجمعين.ولكن مسألة الاستبراء لم تتخرج إلا على مذهب أبي حنيفة فخرجها أبو يوسف على قواعد مذهبه لأنه حنفي المذهب. والله أعلم.
إبليس يزور أبا نواس
نظير ذلك مما يستظرف لأبي نواس، ما حكي عنه أنه قال: ضجرت من ملازمة أمير المؤمنين هارون الرشيد حتى إني لم أجد فراغاً إلى نفسي، فتوجه أمير المؤمنين إلى الصرح ليبيت فيه ثم يعود. فوجدت لروحي فرصة فدخلت داري وأغلقت بابي وأحضرت شراباً وطلبت نفسي الحلوة، فعند المساء، وإذا بالباب يطرق، فخرجت وإذا أنا بظبي من أولاد الأتراك ما رأت عيني أحسن منه منظراً، فسلم عيل وقال لي: أتقبل ضيفاً؟ قلت: يا سيدي ومن لي بذلك؟ فدخل بيتي فحار عقلي عند دخوله ثم أخرج من تحت ثيابه سلاحية شراب، ونقلاً وشيئاً من الدجاج ثم شرب وغنى شيئاً لم أسمعه من غيره، وقضيت مرادي منه مراراً إلى أن مضى وقت من الليل، وقد هام عقلي من الشراب ومن حسنه ومن تسليم نفسه إلي بغير تقديم عوض، ثم قال: يا سيدي أريد الانصراف.
فقلت له: يا سيدي متى خرجت أنت خرجت روحي من جسدي وكل شيء أملكه بين يديك وأنا أصير عبدك بعد هذا اليوم ولا أفارقك.قال: أصحيح ما تقول؟ قلت: نعم.قال: ما أنا محتاج إلى مالك، وإن كنت صادقاً فيما ادعيت من محبتك لي قم واحلق لحيتك وشاربك واقعد مثلي أمرد.قال: فحكم علي السكر والعشق فما قدرت أن أخالفه فأجبته إلى ذلك علي أن يبيت عندي، فعمد إلى موس وبل لحيتي وفي الحال أنزلها وبقيت مثله أمرد، ثم صار يضحك علي وقال: يا أبا نواس كيف الشعر الذي ذكرت فيه آدم وإبليس؟ فأنشدته قائلاً:
عجبت من إبليس في كبره ... وخبث ما أضمر في نيته
تـاه علـى آدم فــي سجــدة ... وصـار قـواداً لــــذريـته
ثم ضحك ضحكاً عالياً وصك على ساحل قفاي صكاً مزعجاً، فاغتظت منه ثم قلت له: ويلك أتفعل بي هكذا. ثم أردت التطلع إليه، فما وجدت أحداً يجيبني فقلت: إنه الملعون إبليس.

عروة بن أذنية وهشام بن عبد الملك
قيل: وفد عروة بن أذينة على هشام بن عبد الملك فشكا إله فقره فقال: ألست القائل:
لقد علمت وما الإسراف من خلقي 00أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعـى إليـه فيعيبـني تطلـبه 00وإن قـعدت أتاني ليس يعيبنـي
وخرجت الآن من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق؟ فقال: يا أمير المؤمنين، وعظت فأبلغت.وخرج وركب ناقته وكر إلى الحجاز راجعاً، فلما كان الليل نام هشام على فراشه فذكر عروة وقال: رجل من قريش قال حكمة ووفد علي فرددته خائباً. فلما أصبح وجه ليه بألف دينار فقرع عليه الرسول باب داره بالمدينة فأعطاه المال فقال: أبلغ عني أمير المؤمنين السلام، وقل له: كيف رأيت قولي، سعت فأكديت، فرجعت خائباً، فجلست في داري فأتاني رزقي في منزلي.
الحجاج وهند بنت النعمان
وحكي أن هند بنت النعمان كانت أحسن نساء زمانها. فوصف للحجاج حسنها فخطبها وبذل لها مالاً جزيلاً وتزوج بها وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ودخل بها.ثم أنها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة. وكانت هند فصيحة أديبة، فأقام بها الحجاج بالمعرة مدة طويلة. ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله، ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة، وتقول:
وما هند إلا مهرةٌ عربيةٌ ... سلالـة أفراس تحللـها بـغل
فإن ولدت فحلاً فلله درها ... وإن ولدت بغلاً فجاء به البغل
فلما سمع الحجاج كلامها انصرف راجعاً ولم يدخل عليها. ولم تكن علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم، وهي التي كانت لها عليه، وقال: يا ابن طاهر، طلقها بكلمتين، ولا تزد عليهما. فدخل عبد الله بن طاهر عليها فقال لها: يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت. وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله.فقالت: اعلم يا ابن طاهر، إنا والله كنا فما حمدنا، ثم بنا فما ندمنا وهذه المائتا ألف هي لك ببشارتك بخلاصي من كلب ثقيف.؟ ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها، ووصف له جمالها، فأرسل إليها يخطبها لنفسه، فأرسلت إليه كتاباً تقول فيه بعد الثناء عليه: اعلم يا أمير المؤمنين، أن الكلب ولغ في الإناء. فلما قرأ عبد الملك بن مروان الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، إحداهن بالتراب، فغسل الإناء يحل
الاستعمال.فلما قرأ كتاب أمير المؤمنين، لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه تقول: بعد الثناء عليه، اعلم يا أمير المؤمنين أني لا أجري العقد إلا بشرط، فإن قلت: ما الشرط؟ أقول: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدتك التي أنت فيها ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً.فلما قرأ ذلك الكتاب عبد الملك ضحك ضحكاً شديداً، وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك. فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب ولم يخالف وامتثل الأمر.وأرسل الحجاج إلى هند يأمرها بالتجهز فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل إلى المعرة بلد هند. فركبت في محمل وركب حولها جواريها وخدمها فترجل الحجاج، وهو حاف، وأخذ بزمام البعير يقوده ويسير بها، فأخذت تهزأ منه وتضحك مع الهيفاء دابتها، ثم إنها قالت لدايتها: يا دايتي اكشفي لي ستارة المحمل لنشم رائحة النسيم! فكشفته فوقع وجهها في وجهه فضحكت عليه، فأنشد يقول:
فإن تضحكي يا هند يا رب ليلة ... تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته تقول:
وما نبالي إذا أرواحنا سلمت ... بما فقدناه من مال ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجع ... إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل تلعب وتضحك إلى أن قربت من بلد الخليفة فلما قربت من البلد رمت من يدها ديناراً على الأرض وقالت: يا جمال! إنه سقط منا درهم فادفعه إلينا. فنظر الحجاج إلى الأرض فلم ير إلا ديناراً فقال: إنما هو دينار. فقالت: بل درهم. قال: بل دينار. فقالت: الحمد لله سقط منا درهم فعوضنا الله ديناراً. فخجل الحجاج وسكت ولم يرد جواباً ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها وكان من أمرها ما كان.
معاوية وميسون الكلبية
ولما اتصلت ميسون بنت بحدل بمعاوية رضي الله عنه ونقلها من البدو إلى الشام كانت تكثر الحنين على ناسها والتذكر لمسقط رأسها، فاستمع عليها ذات يوم فسمعها تنشد وتقول:
لبيت تخفق الأرواح فيـه ... أحب إلي من قصر منيـف
وأكل كسيرة في كسر بيتي ... أحب إلي من أكل الرغيف
وأصوات الرياح بكل فـجٍ ... أحب إلي من نقر الـدفوف
ولبس عباءة وتقر عيـني ... أحب إلي من لبس الشفوف
وكلب ينبح الطراق حولـي ... أحب إلي من قـط ألـوف
وبكر يتبع الأظعان صعـبٌ ... أحب إلي من بغـِل زفوف
وخرق من بني عمي نحيفٌ ... أحب إلي من علـج عنيف
قال الراوي: فلما سمع معاوية الأبيات قال: ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجاً عنيفاً.
معاوية والحسن
وروي أن معاوية رضي الله عنه خرج عاماً حاجاً، فمر بالمدينة ففرق على أهلها أموالاً جزيلة ولم يحضر الحسن بن علي رضي الله عنهما، فلما حضر قال له معاوية: مرحباً مرحباً برجل تركنا حتى نفد ما عندنا وتعرض لنا ليبخلنا؟ فقال الحسن رضي الله عنه: كيف ينفد ما عندك، وخراج الدنيا يجيء إليك؟ فقال له معاوية: قد أمرت لك بمثل ما أمرت به لأهل المدينة، وأنا ابن هند.فقال الحسن: قد رددته عليك، وأنا ابن فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
المأمون والفتاة العربية
عن أبي عبد الله النميري أنه قال: كنت يوماً مع المأمون، وكان بالكوفة، فركبت للصيد ومعه سرية من العسكر، فبينما هو سائر إذ لاحت له طريدة فأطلق عنان فرسه وكان على سابق من الخيل، فأشرف على نهر من ماء بحر الفرات، فإذا هو بجارية عربية خماسية القد، قائمة النهد، كأنها القمر ليلة تمامه، وبيدها قربة قد ملأتها من النهر، ورفعتها على كتفها، وصعدت من حافة النهر، فانحل وكاؤها، فصاحت برفيع صوتها: يا أبت! أدرك فاها، قد غلبني فوها، لا طاقة لي بفيها.قال: فعجب المأمون من فصاحتها ورمت القربة من يدها، فقال لها المأمون: يا جارية من أي العرب أنت؟ فقالت: أنا من بني كلاب.قال: وما حملك أن تكوني من الكلاب؟ قالت: والله لست من الكلاب وإنما أنا من قوم كرام غير لئام، يقرون الضيف، ويضربون بالسيف، ثم قالت: يا فتى من أي الناس أنت؟ قال: أوعندك علم بالأنساب؟ قالت: نعم.قال: أنا من مضر الحمراء.قالت: من أي مضر؟ قال: من أكرمها نسباً وأعظمها حسباً وخيرها أماً وأباً، مما تهابه مضر وتخشاه.قالت: أظنك من كنانة؟ قال: أنا من كنانة.قالت: من أي كنانة؟ قال: من أكرمها مولداً وأشرفها محتداً وأطولها في المكرمات يداً، ممن تهابه كنانة وتخشاه.قالت: والله أنت من بني هاشم؟ قال: أنا من بني هاشم.قالت: من أي هاشم؟ قال: من أعلاها منزلةً وأشرفها قبيلةً ممن تهابه هاشم وتخشاه.قال: فعند ذلك قبلت الأرض وقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين وخليفة رسول رب العالمين.قال: فتعجب المأمون منها وطرب طرباً شديداً، ثم قال: لأتزوجن بها لأنها من أكبر الغنائم، ووقف حتى التحق به العسكر، فنزل وأرسل خلف أبيها وخطبها منه، فزوجه بها، وهي والدة العباس والله أعلم.
الأمير الأموي وملك النوبة
وذكر المنصور يوماً في مجلسه زوال ملك بني أمية وما جرى عليهم، وأنهم عاشوا سعداء وماتوا فقراء، فقال له إسماعيل بن علي الهاشمي: إن عبد الله بن مروان بن محمد في حبسك، وله قصة مع ملك النوبة. فأحضره واسأله عنها. فأحضره، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.فقال المنصور: رد السلام أمن ولم تسمح نفسي بذلك، ولكن اقعد! فقعد فقال: ما قصتك مع ملك النوبة فقال: يا أمير المؤمنين، كنت ولي عهد أبي فلما طلبتنا دعوت عشرة من غلماني ودفعت لكل واحد ألف دينار وأوسقت خمس بغال وشددت في وسطي جوهراً له قيمة
عظيمة وخرجت هارباً إلى بلاد النوبة، فلما قربنا بعثت غلاماً لي، فقلت له: امض إلى هذا الملك وأقرئه السلام وخذ لنا منه الأمان وابتغ لنا ميرة. فمضى وأبطأ حتى أسأت به الظن، ثم أقبل ومعه رجل فدخل وسلم وقال: الملك يقرئك السلام ويقول لك: من أنت وما جاء بك إلى بلادي؟ أمحارب، أم راغب في ديني، أم مستجير بي؟ فقلت له: رد على الملك، ما أنا بمحارب ولا راغب في دينك ولا ممن يبتغي بدينه بدلاً بل مستجير به.فذهب الرسول ورجع إلي وقال: الملك يقول لك إني أجيء إليك غداً فلا تحدث نفسك حدثاً ولا شيئاً من الميرة.فقلت لأصحابي: افرشوا الفراش، ففرش لي وجلست من الغد أرقبه، وإذا هو قد أقبل وعليه بردان قد ائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، حافي الرجلين، ومعه عشرة معهم الحراب: ثلاثة يقدمونه وسبعة خلفه فاستصغرت أمره وسولت لي نفسي قتله، فلما قرب إذا سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ قالوا: الخيل. فوافى بها عشرة آلاف عنان، ووافت الخيل عند دخوله فأحدقوا بنا، فلما دخل جلس على الأرض، قال: فقلت لترجمانه: لِمَ لمْ يقعد على الموضع الذي وطئ له؟ فسأله، فقال: قل له إنه ملك وكل ملك حقه أن يكون متواضعاً لله وعظمته إذ رفعه الله على عباده.ثم نكت بإصبعه الأرض طويلاً ورفع رأسه وقال: قل له كيف سلبتم هذا الملك، فأخذ منكم وأنتم أقرب الناس إلى نبيكم؟ فقلت: جاء من هو أقرب منا قرابة إليه، فسلبنا وغلبنا وطردنا فخرجت إليك مستجيراً بالله، ثم بك.قال: فلم كنتم تشربون الخمر وهو محرم عليكم؟ قلت: فعل ذلك عبيد وأعاجم دخلوا في ديننا وفي ملكنا من غير رأينا.قال: فلم تركبون على الديباج وعلى خيولكم سروج الذهب والفضة وهي محرمة عليكم؟ قلت: فعل ذلك عبيد وأعاجم دخلوا في ديننا وفي ملكنا بغير رأينا.قال: فلم كنتم إذا خرجتم إلى الصيد مررتم على القرى وكلفتم أهلها ما لا طاقة لهم به بالضرب والإهانة ولا يقنعكم ذلك حتى تحطموا زرعهم في طلب دراج قيمته نصف درهم، والتكليف والعناء محرم عليكم؟ قلت: فعل ذلك عبيد وغلمان وأتباع.قال: لا! ولكنكم استحللتم ما حرم الله عليكم وأتيتم ما نهاكم الله عنه فسلبكم العز وألبسكم الذل ونصر أعداءكم عليكم، ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها بعد، وإني أخاف أن تنزل بك النقمة إذ كنت من الظلمة فتشملني معك، فإن النقمة إذا نزلت شملت، فاخرج بعد ثلاث، فإن وجدتك بعدها أخذت ما معك وقتلتك ومن معك.ثم وثب قائماً وخرج وقمت ثلاثاً ورجعت إلى مصر فأخذني عاملك وبعث بي إليك، وها أنا ذا والموت أحب إلي من الحياة.فرق له المنصور وهم بإطلاقه، فقال له إسماعيل بن علي: في عنقي بيعة هذا.قال: فما ترى؟ قال: ينزل في دار من دورنا ويجري عليه ما يجري على مثله.ففعل به ذلك.
معن بن زائدة الشيباني
كان من الكرماء، يقال فيه: حدث عن البحر ولا حرج، وكان عاملاً بالبصرة، فحضر على بابه شاعر وأقام مدة يريد الدخول فلم يتهيأ له، فقال يوماً لبعض الخدام: إذا دخل الأمير البستان فعرفني، فلما دخل أعلمه بذلك، فكتب الشاعر بيتاً ونقشه على خشبة وألقاها في الماء الذي يدخل البستان، وكان معن جالساً على القناة، فلما رأى الخشبة أخذها وقرأها فإذا فيها هذا البيت:
أيا جود معن ناج معناً بحاجتي ... فليس إلى معن سواك رسول
فقال: من الرجل صاحب هذه؟ فأتي به إليه. فقال: كيف قلت؟ فأنشده البيت فأمر له بعشر بدر، فأخذها وانصرف، فوضع معن الخشبة تحت بساط. فلما كان في اليوم الثاني أخرجها من تحت بساط ينظر فيها، ودعا بالرجل فأمر له بمائة ألف درهم، فلما كان في اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فتفكر الرجل وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه فخرج من البلد بما كان معه. فلما كان في اليوم الرابع طلب الرجل فلم يوجد، فقال معن: والله هممت أن أعطيه حتى لا يبقى في بيت مالي درهم ولا دينار إلا أعطيته له، وفيه يقول القائل:
يقولون معـن لا زكاة لمالـه ... وكيف يزكي المال من هو باذله
إذا حال جولٌ لم يكـن في دياره ... من المـال إلا ذكره وجمائلـه
تـراه، إذا مـا جئته، متهـللاً ... كأنـك تعطيـه الذي أنت آمله
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلـجته المعروف والبر ساحله
تعـود بسط الـكف حتى لونه ... أراد انقباضاً لم تطـعه أنامله
فلو لم يكن في كفه غير نفسه ... لـجاد بـها فليـتق الله سائلـه
ومن قول معن:
دعيني أنهب الأموال حتى ... أعف الأكرمين عن اللئام
ويروى أن معن بن زائدة خرج في جماعة يتصيدون، فاعترضهم قطيع ظباء، فتفرقوا في طلبه، وانفرد معن خلف ظبي، فلما ظفر به نزل فذبحه، فرأى شخصاً مقبلاً من البرية على حمار، فركب فرسه واستقبله، فسلم عليه وقال له: من أين أتيت؟قال: أتيت من أرض قضاعة وإن لي بها أرضاً، لها عدة سنين، مجدبة، وقد أخصبت في هذه السنة فزرعتها قثاء فطرحت في غير وقتها، فجمعت منها ما استحسنته وقصدت الأمير معن بن زائدة لكرمه المشهور ومعروفه المأثور، وإحاسنه المذكور.فقال له: كم أملت منه؟ قال: ألف دينار.فقال: فإن قال لك: كثير.قال: خمسمائة دينار.قال: إن قال لك: كثير.قال: ثلاثمائة دينار.قال: إن قال لك: كثير.قال: مائتي دينار.قال: إن قال لك: كثير.قال: مائة دينار.قال: إن قال لك: كثير.قال: خمسين ديناراً.قال: إن قال لك: كثير.قال: أفلا أقل من ثلاثين.قال: إن قال لك: كثير.قال: أدخل قوائم حماري في حر أمه، وأرجع إلى أهلي خائباً.فضحك معن منه وساق جواده حتى لحق بعسكره ونزل منزله، وقال لحاجبه: إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فادخل به علي.فأتى بعد ساعة فلما دخل على الأمير معن لم يعرفه لهيبته وجلالته، وكثرة خدمه وحشمه وهو متصدر في دست مملكته، والحفدة قيامٌ عن يمينه وشماله وبين يديه. فلما سلم عليه قال له الأمير معن: ما الذي أتى بك يا أخا العرب؟ قال: أملت الأمير وأتيته بقثاء في غير أوانها.قال: فكم أملت فينا؟ قال: ألف دينار.قال كثير.قال: خمسمائة دينار.قال: كثير.قال: ثلاثمائة دينار.قال: كثير.قال: مائتي دينار.قال: كثير.قال: مائة دينار.قال: كثير.قال: والله لقد كان ذلك الرجل الذي قابلني علي مشؤوماً ثم قال: خمسين ديناراً.قال: كثير.قال: أفلا أقل من ثلاثين؟ قال: فضحك معن وسكت فعلم الأعرابي أنه صاحبه فقال: يا سيدي إن لم تعطني الثلاثين فالحمار مربوط بالباب، وها أنا مع معن جالس.فضحك معن حتى استلقى على قفاه ثم استدعى بوكيله وقال: أعطه ألف دينار وخمسمائة دينار وثلاثمائة دينار ومائتي دينار ومائة دينار وخمسين ديناراً وثلاثين ديناراً ودع الحمار مربوطاً مكانه.فبهت الأعرابي وتسلم ألفي دينار ومائةً وثمانين ديناراً، فرحمة الله عليهم أجمعين.وكان مع كرمه صاحب
شهامة، فمن ذلك، أنه سعى رجل في إفساد دولة المهدي، وكان من الكوفة فعلم به المهدي فأهدر دمه، وجعل لمن دل عليه مائة ألف درهم، فأقام الرجل حيناً مختفياً ثم ظهر في بغداد فبينما هو في بعض الشوارع إذ رآه رجل من الكوفة فعرفه فاخذ بمجامع طوقه ونادى: هذا طلبة أمير المؤمنين فبينما الرجل على تلك الحالة وقد اجتمع حوله خلق كثير إذ سمع وقع حوافر الخيل من ورائه فالتفت فإذا هو بمعن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد؟ أجرني أجارك الله. فوقف فقال للرجل الذي تعلق به: ما تريد منه؟ قال: هذا طلبة أمير المؤمنين أهدر دمه، وجعل لمن دل عليه مائة ألف درهم.فقال له معن: دعه! ثم قال: يا غلام أردفه، فأردفه وكر راجعاً إلى داره، فصاح الرجل: معن حال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين ولم يزل صارخاً إلى أن أتى قصر المهدي، فأمر المهدي بإحضار معن، فأتته الرسلُ، فدعا معن أولاده ومماليكه وقال: لا تسلموا الرجل، وواحد منكم يعيش.ثم سار إلى المهدي فدخل وسلم فلم يرد عليه، ثم قال: يا معن! أتجير علينا عدونا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال المهدي: ونعم أيضاً.واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، بالأمس بعثتني إلى اليمن مقدم الجيش، فقتلت في طاعتك في يوم واحدٍ عشرة آلاف رجل، ولي مثل هذا قال معن: فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله بصلةٍ يعلم منها موقع الرضا، فإن قلب الرجل قد انخلع من صدره خوفاً.قال: قد أمرنا له بخمسين ألف درهم.قال: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء على قدر جنايات الرعية.قال: قد أمرنا له بمائة ألف أيام كثيرة فما رأيتموني أهلاً أن أجير رجلاً واحداً استجار بي، ودخل منزلي.فسكن غضب المهدي، وقال: قد أجرنا من أجرت يا أبا الوليد.درهم.قال: عجلها يا أمير المؤمنين، فإن خير البر عاجله.فأحضر معن الرجل وقال له: خذ صلة أمير المؤمنين، وقبل يده، وإياك ومخالفة خلفاء الله في أرضه فما كل مرة تسلم الجرة .


انتهـــــــى





















التعديل الأخير تم بواسطة محمد بن دوهان ; 03-30-2011 الساعة 03:33 PM
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-28-2011, 07:57 PM   #5
مشرف أخبار أبناء قبيله عنزه
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,389
افتراضي

اخي أبومشاري الرفدي بارك الله فيك على المعلومات القيمة
مفضي الوحداني متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-30-2011, 02:57 AM   #6
مؤرخ قبائل السلقا
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 1,132
افتراضي

أشكرك اخى الوحدانى على المشاركة والمتابعة

بارك الله فيك
ابو مشاري الرفدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أخبار الحمقى والمغفلين !! صفوق الدهمشي العنزي المقالات والبحث العلمي 8 09-22-2011 09:11 PM
أخبار صحيفة أم القرى ابو مشاري الرفدي المقالات العلميه والبحث العلمي 10 09-29-2010 03:17 PM
مختار الحديث الشريف رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 14 01-25-2010 03:22 PM
الدرر والمفاخر في أخبار العرب الأواخر موقع العبار مصادر تاريخ قبيله عنزه في الجاهليه وبالاسلام 2 03-19-2009 09:54 AM
 


 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

 
 
 

الساعة الآن 06:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd 
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009