قلي بربك من هذه القبيلة التي دوخت المؤرخين سابقاً ولاحقاً، ولا تكاد تجد شجر اوحجر او هضبة او خبت او جبل ولا سهل ولا بحر ولا نهر الا وتجد اسمها قد نحت هنالك ، لقد طبقت الآفاق شهرتها ا ، وملئت السمع والبصر ، حتى انها انتجت شعيب الأنبياء وذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (نعم القوم عنزة رهط شعيب واختان موسى، مبغي عليهم منصورون ) رواه احمد في مسنده وصححه العلامة احمد شاكر .
ولقد وردت النصوص كما روى جواد علي في تاريخه ان الحارث بن كعب المذحجي ، واسد بن خزيمة الكناني ، وتميم بن مر بن اد بن طابخة بن الياس المضري ، ذكر جميعهم على دين هذا النبي العنزي الاسدي الربعي . وذلك من خلال وصية الحارث بن كعب المذحجي لأبنائه عندما حضرته الوفاة .
فعندما نستعرض تاريخ هذه القبيلة الاسطورة ، نحتاج الى ايام وايام حتى نلم بكل المراجع بل والمخطوطات التي لا تكاد تبحث فيها الا وتجد اسمها ماثلاً امام عينيك ، اقول بحق لقد دوخت المؤرخين ، ولا يزال رجالاتها وغير رجالاتها يتجاذبون الحديث حولها وتدور مساجلاتهم حول حقيقة هذه القبيلة امستقلة بنفسها عن ربيعة الفرس او هي ثمثل بقية ربيعة، وهذا الموضوع نتركه الى نهاية المقال ، فعندما نتطرق الى قبيلة عنزة بالتاريخ فلابد اولاً من ان نتبع مواقع هذه القبيلة بالجزيرة العربية قبل الاسلام وبعده كما كانت نفسها القبيلة تتبع موقع القطر من السماء، فنحن نعلم من النصوص القديمة للمؤرخين والنسابة ان عنزة بن اسد كان لهم السيادة المطلقة على عموم ربيعة الفرس عندما كانوا في تهامة اليمن ، اما بعد ذلك ورد ذكرهم في عهد حكم النعمان بن المنذر ،كما اورد ذلك الدكتور جواد علي في تاريخه المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام الجزء الثالث ص 278. ويذكر ان (يوم العذيب ) كان في عهد حكم (النعمان) وكان (النعمان) قد بعث الى (الاصهب الجعفي) ينكر عليه بلوغ (سعد بن زيد مناة) و (عنزة ) العذيب وهو ماء بالعراق بين القادسية والمغيثة ،كما ذكر ذلك ياقوت الحموي في معجم البلدان ، ومن المعلوم بأن النعمان كان في زمن البعثة النبوية الشريفة فهنا نفهم من النص الذي بينا ايدينا ان قبيلة عنزة بن اسد كانت في منطقة الكوفة بالعراق في زمن النعمان بن المنذر .
وهنا نص آخر اورده الطبري في تاريخه تاريخ الملوك المجلد الثالث ص 559 عندما ذكرحوادث سنة 76هـ وذكر قصة شبيب الخارجي ومبايعة سلامة بن سيار التيمي الشيباني له بشرط ان ينتخب له ثلاثين فارساً ، ثم لا يغيب عنه الا ثلاثاً ، فانطلق بهم نحو عنزة ، وأنما ارادهم ليشفي نفسه منهم لقتلهم اخاه فضالة . فهنا نفهم من هذا النص الصريح ان عنزة على ثلاثة ايام من الموصل وهذه هي منطقة الانبار ، وكل المؤرخين والمراجع التي بين ايدينا اجمعت على وجود عنزة في الانبار الى عهد القرامطة ، فأورد صاحب كتاب قبر الآجام نقل عن المقريزي ج1 : ص 156 حينما ذكر من كان بالعراق من بكر بن وائل على زمن القرامطة وذكر من بطونهم بني ذهل وعنزة وتيم اللات ، ومن هنا نعرف ان عنزة لا زالت في العراق الى منتصف القرن الخامس ، متى هاجرت الى منطقة غرب الحجاز اي منطقة خيبر بالذات، فهناك نص في كتاب غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام لبن فهد الهاشمي نقل عن ابن الاثير في اخبار سنة عشرين وستمائة : وقال في هذه السنة سار الملك المسعود أتسز بن الملك الكامل محمد غلى مكة - وصاحبها حينئذ حسن بن قتادة بن إدريس العلوي الحسني ، قد ملكها بعد ابيه كما ذكرنا - وكان حسن قد أساء السيرة إلى الأشراف والمماليك الذين كانوا لأبيه ، وقد تفرقوا عنه ولم يبق عنده غير أخواله من عنزة ، فمن هذا النص نفهم اولاً ان قبيلة عنزة هم اخوال القتاديون اليوم من الاشراف ثانياً نعلم جيداً ان قتادة كان متملك على ينبع وما حولها قبل القرن السادس وان هذه المصاهرة لابد وان جرت قبل ان يتملك قتادة على مكة بزمن ليس بالقليل وهذا هو زمن الاستقرار بالجزيرة امنياً على عهد الدولة العيونية والتي هي ربما كانت من الاسباب المشجعة لهجرة عنزة الى منطقة نجد من خلال النسب الربعي الذي يجمعهم بعبد القيس ، وكما اورد بن المقرب العيوني قصة حربهم اي عنزة مع امراء خيبر في زمنهم آل جعفر الطيار ولكن الذي غاب عنا بعد هذا ونحتاج الى البحث فيه ماذا حصل بالتاريخ العنزي الوائلي الربعي بعد سنة 620 وبعد سقوط الدولة العيونية، اظن هذا ما فكك طلاسمه بن المقرب العيوني في شرح ديوانه الطبعة الثانية لعام 1433هـ سبع مجلدات لمحققه عبد الخالق الجنبي ورفاقة فإن فيه الكثير من الاجوبة للأسئلة المطروحة لمن تتبع نصوص الديوان وألقى نظرة فاحصة وموضوعية، وذلك لمن أتى الحق بقلب سليم . والذي يظهر لي والله اعلم بخلقه ان عنزة كما كانت سيدة ربيعة في الزمن السحيق ثم اصبحت تحت عباءة بكر بن وائل من خلال حلف اللهازم فقد دار الزمن دورته واصبحت سيدة ربيعة بلا منازع وهذا ما أخبر عنه المصطفى قبل وقوعه بخمسة قرون والله من وراء القصد .

أخي الفاضل بارك الله فيك الذي ذكر نسب شعيب من عنزة هو أبن كثير في قصص الأنبياء وفي البدايه والنهاية وأبن كثير محدّث وليس فقيه وقد خرّج محدّثك الحديث ( نعم الحي عنزة مبغي عليهم منصورون ) من علماء وذكرت رواته ودرجة الحديث وكلمة قوم شعيب وأختان موسى هي مضافة في الخبر وليس صحيح لأن شعيب عليه السلام من قوم مدين ومعاصر لموسى عليه السلام وعصر شعيب يسبق عصر ربيعة بقرون وليس هو من عنزة أما وجود عنزة في الحجاز فأول ذكر لها ذكره الهمداني عام 304هـ في منطقة تسمّي قدس قرب المدينة المنورة وعنزة منذ هجرتها من عين التمر بالعراق وتواجدها في ضواحي المدينة وحرّة خيبر لم تغادر إلا بالقرن الثامن الهجري أمتد وجودها إلى نجد وحبذا لو قرأت كتاب أصدق الدلائل في أنساب بني وائل الطبعة الثامنة ثلاثة مجدات فأن مصادر تاريخ عنزة كامله مما دفع المزورين إلى الحسد والغيرة من حيث مصداقية هذا الكتاب سواء عن ماضي القبيلة أو حاضرها هذا ما أردت أيضاحه وشكراً لك