أشراط الساعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد أيها المسلمون : إن للساعة قبل وقوعها أشراط وعلامات منها ما ذكره النبي r بقوله ( إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ) ، هذا الحديث الشريف تضمن أمورا أربعة هي من أهم أشراط الساعة وأبرز علاماتها وأماراتها 0
إنها مقدمة تمهد لخراب العالم ، وانصرام الدنيا ، وفناء الأشياء ، فلا تقوم الساعة إلا بعد أن تميد الأرض بالشر ، وتضطرب بالكفر ، فلا يبقى على ظهرها خيرا أبدا ، وتعم الحياة جاهلية رعناء ، وشرور عمياء ، وكفر بالإله ، وجحود بالرسالات وضلال مطبق شامل ، وقد قال النبي r ( لا تقوم الساعة وعلى ظهر الأرض من يقول الله الله ) وللساعة علامات صغرى ظهر بعضها ، وعلامات كبرى لم يحدث منها شيء بعد ، وتبتدئ بظهور المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ثم بخروج الدجال الفتنة الكبرى ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج إلى آخر ما هو مفصل ومعروف 0
أما العلامات الصغرى التي حدثت فكثيرة وإنك لتستطيع أن تلتمسها من خلال حياة المسلمين الحاضرة وما فيها من فواحش ومنكرات ، وفقد للحياء والتراحم ومجاهرة بالمعاصي ومنع للزكاة وخيانة للأمانة وتهافت على الآثام ، ومن أماراتها كثرة الترف والفسوق وأن ترى الذين كانوا حفاة عراة يرعون الشاء ، ويسكنون الصحراء يتطاولون في البنيان ، ويتقلبون في أعطاف النعيم ، فتصبح لهم أبنية شاهقة ، ومراكب فاخرة ، وأثاث ورياش 0
أيها المسلمون : إن الأمور الأربعة المتقدمة هي من أهم وأبرز هذه العلامات والأمارات ، فالعلامة الأولى والثانية : أن يرفع العلم ويثبت الجهل ، فكيف يكون ذلك 0
إن الله عز وجل لا يقبض العلم من صدور العلماء ولا يرفعه انتزاعا ولكن يقبضه بموت العلماء فيموت علمهم معهم ، قال النبي r ( إن الله لا ينتزع العلم من صدور العلماء انتزاعا ولكن ينتزعه بقبض العلماء بعلمهم فيبقى أناس جهال يُسْتفتون فيفتون فَيَضِلْون ويُضِلْون)0
إن العلماء هم نور الحياة ، ونبراس الهداية ، وقبس الحق فإذا ماتوا ولم يكن من يقوم مقامهم ويملأ الفراغ العلمي الذي حدث بموتهم انطفأ ذلك النور وأظلمت الحياة وعم الجهل وتخبط الناس في دياجير الباطل والضلال قال رسول الله r ( إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة ) ، وقال عليه الصلاة والسلام ( اتبعوا العلماء فإنهم سرج الدنيا ومصابيح الآخرة) وإننا لنرى أكابر العلماء والفضلاء يموتون فلا نجد من يخلفهم في عملهم وفضلهم ، وتنطفئ مصابيحهم فلا نجد من يوقدها من بعدهم ، ولن يمر علينا وقت طويل إذا امتد بنا هذا الحال حتى نبحث عن العالم لا بل عن طالب العلم فلا نراه ويعم فينا الجهل بالدين فلا نفقه حقيقته وهداه ، إنا لنرى العلم يقبض أهله بموت حملته ثم تبقى مقاماتهم فارغة فلا يملؤها إلا من هو دينهم ، ولا يخلفهم إلا من يصح أن يكون تلميذا لهم 00 ولقد بدأنا نشكو قحطا في العلماء لأن المسلمين قد انصرفوا عن الدين وزهد الشباب المثقف في طلب العلم ورأوه سبة ومذلة وانحطاطا وأقفرت البلاد الإسلامية من المعاهد الدينية والمدارس الشرعية أو كادت وماذا يحصل بعد أن يرفع العلم بقبض العلماء وتقفز البلاد من المعاهد المنتجة لهم إلا أن يثبت الجهل ويسود الجهلاء ويكون الضلال المبين وإنما يحز في القلب أن الجهل بالدين قد أطبق على عامة المسلمين فأصبحوا لا يفرقون بين حق وباطل وحلال وحرام حتى قادهم الجهل إلى المعاصي والآثام وقد قال r ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ) فماذا فعل المسلمون بهذه الفريضة؟ لقد عطلوها ورضوا بالجهل واطمأنوا إليه ونفروا من العلم وزهدوا فيه ثم استسلموا لشهواتهم وانقادوا لأهوائهم وضلوا ضلالا بعيدا 0
أيها المسلمون: أما العلامة الثالثة والرابعة من أشراط الساعة فهي : شرب الخمر وظهور الزنا ، إن الخمرة هي أم الخبائث والزنا الذي هو رأس الفواحش ما ظهر في أمة إلا كان ذلك دليلا على بلوغها أبعد حدود الإجرام وترديها في أعمق الكبائر والآثام ، وقد قال r ( الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر ، من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وعمته وخالته ) ، قال النبي r ( ما ظهر الزنا أو الربا في قرية إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله ) ، مع ما للمسكرات والمخدرات من آثار صحية وعقلية على متعاطيها من جنون وتلف في المخ وتليف في الكبد وما خفي كان أعظم 0
أيها المسلمون : الساعة آتيه لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وإذا كانت نهاية العالم قد بدأت وأمارات الساعة قد ظهرت فلنكن على ذكر مستمر لذلك اليوم الرهيب ولنكن على أتم استعداد للموت ولما بعد الموت ولنحرص على أن نخرج من هذه الدنيا بنفس طاهرة لم تتلوث بالمعاصي وقلب سليم لم يتمكن فيه حب الدنيا ، قال تعلى ( وما يدريك لعل الساعة قريبا ) 0
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم0
راجع
http://islamport.com/d/3/amm/1/178/2381.html

اخي محمد فنخور جزاك الله خير ونفع بعلمك