الإهداءات

 

 

   

 

    
  

 


    -  تعديل اهداء
العودة   موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه الركن العلمي المراجع والكتب المتخصصة
المراجع والكتب المتخصصة يختص بالمراجع والكتب المتخصصة بمجالات الانساب والشعر والتاريخ
 

 
 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 10-04-2015, 08:11 PM   #1
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,331
افتراضي [ من أهم وقائع قبائل ربيعة وقعة ذي قار ]

[ وقعة ذي قار من أهم وقائع قبائل ربيعة ]


تمت أعادة نسخ هذه المواضيع لأهميتها وبها خمسة مباحث وهي :
المبحث الأول : شرح معركة ذي قار حسب ما جاء بالمصادر الموثقة .
المبحث الثاني : معركة ذي قار قصة خيالية من نسج خيال الحكواتيين .
المبحث الثالث : لعبة الدحّة وخطأ ربطها في معركة ذي قار .
المبحث الرابع : تزوير نسب قبيلة عنزة .
المبحث الخامس :نقل تعليقات كتاب المنتدى والقراء على هذه المواضيع .

معركة ذي قار حسب ما كتبت بالمصادر دون زيادة أو نقص من بدايتها إلى نهايتها وهنا يتضح الفرق بين التاريخ الصحيح وبين الخرافات وتلفيق الحكواتيين موقعة ذي قار من أهم أيام العرب في الجاهلية وقد بسطت بإسهاب في عدد من الكتب التاريخية ومنها : كتاب العقد الفريد وكتاب تاريخ الطبري وكتاب تاريخ الرسل والملوك وكتاب الأغاني وكتاب النقائض وكتاب معجم البلدان وكتاب ديوان الأعشى وكتاب أيام العرب في الجاهلية وكتاب موسوعة تاريخ إيران السياسي. وكتاب تاريخ ابن خلدون وكتاب موسوعة تاريخ العرب وكتاب تاريخ /ممالك / دول/ حضارة وكتاب تاريخ العرب قبل الإسلام وغيرها من كتب التاريخ العربي وقد حدثت المعركة في ذي قار قرب الكوفة جنوب العراق قبل الهجرة بعشر سنين وليس في منطقة القريات كما أشيع وهي حرب ضروس دارت رحاها في ذي قار بين قبيلة بكر بن وائل ومعها قبيلة عنزة بن أسد ضمن جمع اللّهازم وقد انتصرت قبيلة بكر على قوات كسرى وهذا النصر يعد من مفاخر قبائل ربيعة وهي مفخرة للعرب عامه وسبب معركة ذي قار كما جاء بشرح القصّة :
كان النعمان بن المنذر ملك الحيرة بالعراق وقتل عدي بن زيد العبادي وهو ترجمان كسرى ومن خواصه وصار أبنه زيد عند كسرى بدال ابوه مستشار وترجمان لكسرى فأصبح يتحيّن الفرص لكي ينتقم من النعمان بثار ابيه وفي ذات ليلة كان زيد يسامر الملك كسرى واثناء مسامرته تطرق لذكر بنات المناذرة وبالغ في وصف حسنهن وجمالهن وكانوا المناذرة يسمون ( الاشاهب ) لبياض بشرتهم فشوّق كسرى على أن يخطب هند ابنة النعمان بعد أن عرّض بها زيد وهو يقصد المكيدة للنعمان فأرسله كسرى للنعمان لكي يخطب أبنته وزيد يعلم أن العرب ما يزوجون العجم ولا يصاهرونهم فجاء زيد للنعمان وقال : ان الملك ارسلني يتشّرف بمصاهرتك ويطلب بنتك زوجه له فاعتذر النعمان عن الموافقة ورفض تزويج الملك ورجع زيد وهو قد فكر بخطّة يحرض كسرى على النعمان وقال : زيد للمك ان النعمان يقول ( أبنتي ما تصلح له زوجه وإنما يجد في بقر فارس ما يكفيه ) والنعمان لم يقل هذا القول وحيث ان النعمان تابع لكسرى ملك الفرس وكان النعمان ملك على العرب في الحيرة بالعراق وكانوا جدوده منذ عصور قديمة من الزمن وهم يتوارثون حكم الحيرة وعندما نقل زيد لكسرى كلام على لسان النعمان غضب كسرى وكتب للنعمان يطلب حضوره فعلم النعمان أنه يريد قتله ولما أتاه كتاب كسرى بتحريض من زيد حمل النعمان نسائه وعياله وبناته وحاشيته وحرسه الشخصي وخيله وهجنه وبغاله واسلحته وذخائره وتحفه وخزائنه من الذهب والفضة وجميع أمواله ومقتنيات قصره ولحق بجبلي طي وكان متزوجاً إليهم فأراد النعمان من طياً أن يدخلوه الجبلين ويمنعوه فأبوا عليه خوفاً من كسرى وقالوا له لولا صهرك لقتلناك فأنه لا حاجة بنا إلى معاداة كسرى ولا طاقة لنا به ، فأقبل يطوف على قبائل العرب ليس أحد منهم يقبله غير أن بني رواحة بن قطيعة بن عبس قالوا إن شأت قاتلنا معك لمنه كانت له عندهم قال ما أحب أن اهلككم فأنه لا طاقة لكم بكسرى وعندما لم يجد من يحميه من ملك الفرس نزل في ذي قار في سواد العراق عند بني شيبان سراً فلقى هاني بن مسعود الشيباني وكان سيداً منيعاً فاستجار به فأجاره وقال له قد لزمني ذمامك وأنا مانعك مما أمنع حالي وأهلي وولدي ومالي منه ما بقي من عشيرتي الأدنين رجل وإن ذلك غير نافعك لأنه مهلكي ومهلكك وعندي رأي لك لست أشير به عليك لأدفعك عما تريده من مجاورتي ولكنه الصواب فقال : هاته فقال: إن كل أمر يجمل بالرجل أن يكون عليه إلا أن يكون بعد الملك سوقه والموت نازل بكل أحد ولأن تموت كريماً خير من أن تتجرع الذل أو تبقى سوقه بعد الملك هذا إن بقيت فأمض إلى صاحبك وأحمل إليه هدايا ومالاً وألق بنفسك بين يديه فأما أن صفح عنك فعدت ملكاً عزيزاً وأما أن اصابك فالموت خير من أن يتلاعب بك صعاليك العرب ويتخطفك ذئابها وتأكل مالك وتعيش فقيراً مجاوراً أو تقتل مقهوراً فقال كيف بحرمي ؟ قال هاني : هن في ذمتي لا يخلص إليهن حتى يخلص إلى بناتي فقال : هذا وأبيك الرأي الصحيح ولن أجاوزه ثم أختار النعمان خيلاً وحللاً من عصب اليمن وجواهراً وطرفاً كانت عنده ووجه بها إلى كسرى وكتب إليه يعتذر ويعلمه أنه سائر إليه ووجه بها مع رسوله فقبلها كسرى وأمره بالقدوم عليه فعاد إليه الرسول فأخبره بذلك وأنه لم يرى له عند كسرى أي سوء فمضى إليه بعد أن استودع هاني بن مسعود حلقته وأهله وولده وألف شكة حتى إذا وصل إلى المدائن لقيه زيد بن عدي على قنطرة ساباط فقال له : أنج نعيم أن استطعت النجاة فقال له أفعلتها يا زيد ؟ أما والله لئن عشت لك لأقتلنك قتله لم يقتلها عربي قط ولألحقنك بأبيك فقال له زيد أمض لشأنك نعيم فقد أخيت لك أخيه لا يقطعها المهر الأرن ( الأخية العروة تربط إلى وتد مشقوق وتشد فيها الدابة والأرن النشيط ) فلما بلغ كسرى أن النعمان بالباب بعث إليه فقيده وبعث به إلى سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه وفي رواية لابن الكلبي القاه تحت أرجل الفيلة فوطئته حتى مات ورثوه كبار شعراء العرب فمن قصيدة للنابغة الذبياني :
مـن يطلـب الدهـر تـدركـه مخالبـه *** والدهـر بالوتـر ناج غيـر مطلـوب
ما مـن أنـاس ذوي مجـدٍ ومكرمـة *** إلا يـشـد عـلـيـهــم شــدة الــذيــب
حـتى يـبـيـد عـلى عـمـد سـراتـهـم *** بالنـافـدات مـن الـنبـل المـصايـيـب
أني وجدت سهام المـوت معـرضة *** بـكـل حتـف مـن الآجــال مكـتــوب
وقال الشاعر زهير بن أبي سلمى المزني من قصيده :
ألـم تـرى لـلـنعـمـان كـان بـنـجـدة *** مـن الشـر لـو أن أمـرأ كـان بـاقـيـا
فـلـم أرى مخـذولاً لـه مـثـل ملكـه *** أقـل صـديـقـاً أو خـلـيـلاً مـوافـيــــا
خـلا أن حيـاً مـن رواحـة حافظـوا *** وكـانـوا أنـاس يـقـون الـمـخـازيـــا
فـقـال لـهـم خـيـراً وأثـنـى عليهـم *** وودعــهــم تــوديــع ألا تــلاقــيــــا
فلما قتل كسرى النعمان أستعمل أياس بن قبيصة الطائي على الحيرة وما كان عليه النعمان وبعث إليه أن يجمع ما خلفه النعمان ويرسله إليه من الدروع وغيرها فبعث أياس إلى هاني بن مسعود يأمره بأن يرسل له ما استودعه النعمان من الدروع وغيرها وقال له لا تكلفني أن أبعث إليك ولا إلى قومك بالجنود تقتل المقاتله وتسبي الذرية فبعث إليه هاني يقول أن الذي بلغك باطل وما عندي قليل ولا كثير وإن يكن الأمر كما قيل فأنا أحد رجلين أما رجل أستودع أمانة فهو حقيق أن يردها على من أودعه إياها ولن يسلّم الحر أمانته أو رجل مكذوب عليه فليس ينبغي أن تأخذه بقول عدو أو حاقد ، فلما منعها هاني غضب كسرى ثم أخذت بكر بن وائل تغير على السواد فوفد قيس بن مسعود بن خالد بن ذي الجدين على كسرى فسأله أن يجعل له أكلاً وطعمه على أن يضمن له بكر بن وائل ألا يدخلوا السواد ولا يفسدوا فيه فأقطعه الأبلة وما والاها وقال : هي تكفيك وتكفي أعراب قومك فكانت له حجرة فيها مائة من الأبل للأضياف إذا نحرت ناقة قيدت أخرى ، فكان يأتيه من آتاه من بكر فيعطيه جلّة تمر وكرباسة حتى إذا قدم الحارث بن وعلة والمكسر بن حنظلة اعطاهما جلتيّ تمر وكرباستين فغضبا وأبيا أن يقبلا ذلك منه وخرجا واستغويا ناساً من بكر بن وائل ثم أغارا على السواد فلما بلغ ذلك كسرى أشتد حنقه عليهم وأرسل إلى قيس بن مسعود وهو بالأبلة وقال له لقد غررتني من قومك وزعمت أنك تكفينيهم وأمر به فحبس في ساباط ثم أرسل إلى أياس بن قبيصة واستشاره في الغارة على بكر فقال له : ماذا ترى ؟ وكم ترى أن نغزيهم من الناس ، فقال له أياس : أن الملك لا يصلح أن يعصيه أحد من رعيته وأن تطعني لم تعلّم أحداً لأي شيء عبرت وقطعت الفرات فيروا أن شيئاً من العرب قد كربك ولكن ترجع وتضرب عنهم وتبعث عليهم العيون حتى ترى غـّرة منهم ثم ترسل حلبة من العجم فيها بعض القبائل التي تليهم فيوقعون بهم وقعة الدهر ويأتونك بطلبتك ، فقال له كسرى أنت رجل من العرب وبكر بن وائل أخوالك فأنت تتعصب لهم ولا تألوهم نصحاً فقال أياس رأي الملك أفضل فقام إليه عمرو بن عدي بن زيد العبادي وكان كاتبه وترجمانه بالعربية وفي أمور العرب فقال له أقم أيها الملك وأبعث إليهم بالجنود يكفوك وكان عنده النعمان بن زرعه التغلبي وهو يحب هلاك بكر فقال لكسرى : يا خير الملوك أدلك على عدو يطلبهم وعلى غـّرة بكر ؟ قال : نعم قال : أمهلم حتى يقيظون فإنهم لو قاظوا تساقطوا على ماء يقال له ذوقار تساقط الفراش في النار فأخذتهم كيف شئت وأنا عندك إلى أن أكفيكهم ومع ذلك فأن مطالبهم في ذلك الوقت كثير وذلك مما يوهن كيدهم ويكون أيسر على الملك هلاكهم فوافقه كسرى وأقرهم حتى قاظوا وجاءت بكر بن وائل فنزلت بالحنو حنو ذي قار ، ولما بلغ كسرى نزولهم عقد للنعمان بن زرعه التغلبي على تغلب والنمر بن قاسط وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وأياد وعقد لأياس بن قبيصة الطائي على العرب ومعه كتيبتاه الشهباء والدوسر فكانت العرب ثلاثة آلاف وعقد للهامرز على ألف من الأساورة وعقد لخنابزين على ألف وبعث معهم باللطيمة وقد كانت تخرج من العراق فيها البز والعطر والألطاف توصل إلى باذان عامل كسرى باليمن وأمر عمرو بن عدي أن يسير بها وكانت العرب تخفرهم وتجيرهم حتى تبلغ اللطيمة اليمن وعهد كسرى إليهم إذا شارفوا بلاد بكر ودنوا منها أن يبعثوا النعمان بن زرعة يخيرهم بين ثلاث خصال : إما أن يعطوا بأيديهم فيحكم فيهم الملك بما يشاء وإما أن يعروا الديار وإما أن يأذنوا بحرب ، وكان كسرى قد أوقع قبل ذلك ببني تميم يوم الصفقة فالعرب وجلة خائفة منه وكانت هند بنت النعمان في بني سنان فلما علمت بمسير جموع كسرى قالت تنذر العرب :
ألا أبـلـغ بـنـي بـكـرٍ رســـــولاً *** فـقـد جـد الـنـفـيـر بـعـنـقـفـيـر
فـلـيـت الجـيـش كـلهـم فـداكـم *** ونفسي والسريـر وذا السريـر
كـأنـي حـيـن جـد بـهـم إلـيـكـم *** مـعـلـقـة الـذوائـب بـالـعـبـــور
فـلـو أنـي أطـقـت لـذاك دفـعــاً *** إذاً لـدفـعــه بـدمـي وزيـــــري
فلما بلغ الخبر بكر بن وائل سار هاني بن مسعود حتى أنتهى إلى ذي قار فنزل به وأقبل النعمان بن زرعة حتى نزل على أبن أخته مرة بن عمرو فحمد الله النعمان وأثنى عليه ثم قال : أنكم أخوالي وأحد طرفي وأن الرائد لا يكذب أهله وقد أتاكم مالا قبل لكم به أحرار فارس وفرسان العرب والكتيبتان الشهباء والدوسر وإن في الشر خياراً ولأن يفتدي بعضكم بعضاً خير من أن تصطلموا أنظروا هذه الحلقة فأدفعوها وأدفعوا رهناً من أبنائكم بما أحدث سفهاؤكم فقال القوم ننظر في أمرنا ، ثم بعثوا إلى من يليهم من بكر وبرزوا ببطحاء ذي قار بين الجلهتين وأخذوا يرتقبون من يأتي من قبائل بكر لا ترفع جماعة إلا قالوا سيدنا في هذه فرفعت لهم جماعة فقالوا : سيدنا في هذه فلما دنوا إذا هم بعبد عمرو بن بشر بن مرثد فقالوا لأ ثم رفعت لهم أخرى فقالوا : سيدنا في هذه فإذا هو جبلة بن باعث بن صريم اليشكري فقالوا : لأ فرفعت أخرى فقالوا في هذه سيدنا فإذا هو الحارث بن وعلة بن المجالد الذهلي فقالوا : لأ ثم رفعت لهم أخرى فقالوا : في هذه سيدنا فإذا فيها الحارث بن ربيعة بن عثمان التيمي في تيم الله فقالوا : لأ ثم رفعت لهم أخرى أكبر مما كان يجي فقالوا لقد جاء سيدنا وإذا رجل أصلع الشعر عظيم البطن مشرب حمرة هو حنظلة بن ثعلبة بن سيّار العجلي فقالوا : يا أبا معدان قد طال انتظارنا وقد كرهنا أن نقطع أمراً دونك وهذا أبن أختك النعمان قد جاءنا والرائد لا يكذب أهله وهذا هاني بن قبيصة يهم بركوب الفلاة ويقول لنا لا طاقة لكم بجموع الملك قال حنظلة فما الذي أجمع عليه رأيكم وأتفق عليه ملؤكم قالوا : إن اللخى أهون من الوهى وإن في الشر خياراً ولأن يفتدى بعضنا بعضاً خيراً من أن نصطلم جميعاً فقال حنظلة : قبّح الله هذا رأياً لا تجّر أحرار فارس أرجلها ببطحاء ذي قار وأنا أسمع هذا الصوت ثم أمر بقبته فضربت بوادي ذي قار ثم نزل ونزل الناس فأطافوا به ثم قال : لا أرى غير القتال فإنا إن ركبنا الفلاة متنا عطشاً وإن أعطينا بأيدينا تقتل مقاتلنا وتسبى ذرارينا ثم قال لهاني بن مسعود يا أبا إمامة إن ذمتكم ذمتنا عامة وإنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا فأخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك فإن تظفر فترد عليك وإن تهلك فأهون مفقود ( والحلقة هي اسلحة النعمان التي استودعها عند هاني ) فأمر بها هاني فأخرجت وفرقـّت في القوم ثم التفت حنظلة إلى النعمان بن زرعة رسول كسرى فقال له : لولا أنك رسول لما أبت إلى قومك سالماً فرجع النعمان إلى أصحابه فأخبرهم بما رد عليه القوم فباتوا ليلتهم مستعدين للقتال وبكر يتأهبون للحرب فلما أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم يسيرون على تعبية ومعهم الجنود والأفيال عليها الأساورة وكان مرداس السلمي مجاوراً في بكر بن وائل يومئذ فلما رأى الجيوش قد اقبلت إليهم حمل عياله وخرج عنهم وقال يحرضهم :
بـلـغ سـراة بـني بـكـر مـغـلغــلــة *** أنـي أخـاف عـليكـم سربـة الـواري
أني أرى الملك الهامـرز منصلتـاً *** يـزجـي جيـاداً وركبـاً غيـر اعـياري
فـأن أبـيـتـم فـأنـي رافـع ظـعــنـي *** ومنشب فـي جبال اللـوب أضفـاري
وجـاعـلاً بـيـنـنـا ورداً غـواربــــه *** تـرمـي إذا مـا رمـى الـوادي بتيـار
وكتب لقيط الأيادي إلى بني شيبان في يوم ذي قار شعراً يقول فيه :
قـومـوا قياماً على أمشاط أرجـلكـم *** ثم أفزعوا قد ينال الأمن من فزعا
وقــلــدوا أمــركــم الــلــه دركــــم *** رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا متـرفـاً إن رخـاء العيش ساعـده *** ولا إذا عـض مـكـروه بـه خـشـعـا
مـا زال يحلـب هـذا الـدهـر أشطـره *** يـكـون مـتـبـعـاً طـوراً ومـتـبـعـــا
حـتى أستمـر عـلى شـزر مـريرتـه *** مستحكم الرأي لا قحم ولا ضرعـا
وكان نازلاً في بني شيبان ربيعة بن غزالة السكوني ثم التجيبي هو وقومه فقال : يا بني شيبان أما أني لو كنت منكم لأشرت عليكم برأي مثل عروة العلم فقالوا : أنت والله من أوسطنا فأشر علينا فقال : لا تستهدفوا لهذه الأعاجم فتهلككم بنشابها ولكن تكردسوا كراديس فإذا أقبلوا على كردوس شد الآخر فقالوا : قد رئيت رأياً ، ولما تقارب الزحفان قام حنظلة بن ثعلبة فقال : إن النشاب الذي مع الأعاجم يفرقكم فإذا أرسلوه لم يخطئكم فعاجلوهم اللقاء وابدؤهم بالشدة ثم قام إلى وضن راحلة أمرأته فقطعه ثم تتبع الظعن يقطع وضنهن فسقطن على الأرض فقال : ليقاتل كل رجل منكم عن حليلته ثم ضرب قبه على نفسه ببطحاء ذي قار وآلى ألا يفر حتى تفر القبة وقطع سبعمائة رجل من بني شيبان أيدي أقبيتهم من مناكبها لتخف أيديهم لضرب السيوف وقام هاني بن مسعود فقال : يا قوم مهلك مقدور خير من نجاء معرور وإن الحذر لا يدفع القدر وإن الصبر من أسباب الظفر المنية ولا الدنية واستقبال الموت خير من استدباره والطعن في الثغر أكرم من الطعن في الدبر يا قوم جدوا فما من الموت بد فتحلوا كان له رجال أسمع صوتاً ولا أرى قوماً ويا آل بكر شدوا واستعدوا وإلا تشدوا تردوا وقام شريك بن عمرو بن شراحيل فقال : يا قوم إنما تهابونهم أنكم ترونهم عند الحفاظ أكثر منكم وكذلك أنتم في أعينهم فعليكم بالصبر فإن الأسنة تردي الأعنة يا آل بكر قدماً قدماً وجعل الناس يتحاضّون ويرجزون فقالت امرأة من عجل :
أن تهزموا نعانق *** ونفرش النمارق
أو تهزموا نفارق *** فراق غير وامق
وقال حنظلة بن ثعلبة :
قـد جـد اشـيـاعـكـم فـجــدوا *** مـا عـلتي وأنـا مـودٍ جـلـد
والـقـوس فـيـهـا وتـرٍ عـرد *** مـثـل ذراع البـكـر أو أشـد
قد جعلت أخبار قومي تـبـدو *** إن المنـايـا ليس منهـا بـد
هــذا عـمـيــر حـيــة ألــــــد *** يـقــدمـه لـيـس لــه مـــرد
حـتى يـعـود كالكميت الـورد *** خلـوا بني شيبان فاستبدوا
روحي فـداكم وأبي والجـد
وقال يزيد بن حنظلة :
من فـر منكم فـر عـن حـريـمـه *** وجــاره وفــر عــن نـديـمـه
أنـا أبـن سيـّار عـلى شـكـيـمـه *** إن الـشـراك قــد مـن أديـمـه
وكـلـهـم يـجـري عـلى قـديـمـه *** من قارح الهجنـة أو صميمه
وقال عمرو بن جبله اليشكري :
يا قـوم لا تـغـرركـم هـذي الخـرق *** ولاوميض البيض في الشمس برق
مـن لـم يـقـاتـل منكـم هـذا العنـق *** فـجـنـبــوه الـراح وأسـقـوه الـمـرق
ووقف الجيشان متقابلين فكانت بنو عجل في الميمنة بأزاء خنابزين وعليهم حنظلة بن ثعلبة وبنو شيبان في الميسرة بأزاء كتيبة الهامرز وعليهم بكر بن يزيد بن مسهر وأفناء بكر في القلب وعليهم هاني بن مسعود فخرج أسوار من الأعاجم في أذنيه درتان من كتيبة الهامرز يتحدى الناس للبراز فنادى في بني شيبان فلم يبرز إليه أحد حتى إذا دنا من بني يشكر برز له ابن حارثة فشد عليه بالرمح فطعنه ودق صلبه وأخذ حليته وسلاحه وخرج الهامرز يدعوا إلى البراز فخرج إليه الحوفزان فقتله وفي ذلك الحين أرسلت أياد وكانت في جيوش كسرى سراً إلى بكر وقال رسولهم أي الأمرين أعجب إليكم أن نطير تحت ليلتنا فنذهب أو نقيم ونفر حين تلاقون القوم قالوا بل تقيمون فإذا التقى الناس أنهزمتم بهم ، وقال يزيد بن حمّار السكوني وكان حليفاً لشيبان أطيعوني وأكمنوا لهم كميناً ففعلوا وجعلوا يزيد رأسهم وكمنوا في مكان يقال له الخبي واجتلدوا وحملت ميسرة بكر وعليها حنظلة على ميمنة الجيش وحملت ميمنة بكر وعليها يزيد بن مسهر على ميسرة الجيش وخرج عليهم الكمين من الخبي وعليهم يزيد بن حمّار فشدوا على قلب الجيش وولت أياد منهزمة كما وعدتهم وأنهزمت الفرس وتبعتهم بني بكر ولحق مرثد بن الحارث النعمان بن زرعة فأهوى له طعناً فسبقه النعمان بصدر فرسه فأفلته ولكن أسود بن بجير العجلي وضع يده في يده ثم جز ناصيته وخلى سبيله ، ثم أتبعت بكر الفرس وأحلافهم من العرب يقتلونهم بقية يومهم وليلتهم حتى أصبحوا من الغد وقد شارفوا السواد ودخلوه في طلب القوم أما أياس بن قبيصة فكان أول من أنصرف إلى كسرى بالهزيمة وكان كسرى لا يأتيه أحد بهزيمة جيش إلا نزع كتفيه فلما أتاه أياس سأله عن الخبر فقال هزمنا بكر بن وائل فأتيناك بنسائهم فأعجب ذلك كسرى وأمر له بكسوة ثم أستأذنه أياس فقال : إن أخي قيس بن قبيصة مريض بعين التمر فأردت أن آتيه ثم أستأذنه فأذن له كسرى فركب فرسه الحمامة ولحق بأخيه ثم آتى كسرى رجل من أهل الحيرة وهو بالخورنق فسأل : هل دخل على الملك أحد ؟ فقيل : نعم أياس بن قبيصة فقال ثكلت أياساً أمه وظن أنه قد حدثه بالخبر فدخل عليه وحدثه بهزيمة القوم وقتلهم فأمر به فنزعت كتفاه وهكذا انتصرت قبيلة بكر بن وائل على العجم ويوم ذي قار من أهم أيام العرب بالجاهلية وذو قار بير ماء لبكر بن وائل قريباً من الكوفة وقد قيل بهذا اليوم كثيراً من الشعر ونظراً لكثر ما قيل نلخص بعض القصائد قال : صناجة العرب شاعر بكر الأعشى بن قيس من قصيدة :
وجند كسرى غداة الحنـو صبحهـم *** مناغطاريف ترجو الموت وأنصرفوا
لـقـوا مـلـمـلـمـة شهـبـاء يـقـدمـهـا *** لـلـمـوت لا عـجـزٍ فـيـهـا ولا خـرف
فـرع نـمـتـه فـروع غـيـر نـاقـصــة *** مـوفـق حـازم فـي أمــره أنـــــــــف
فـيـهـا فـوارس مـحـمـودٍ لـقــاؤهـم *** مـثـل الأسـنـة لا مــيـل ولا كـشــــف
بيض الوجوه غداة الروع تحسبهم *** جنـان عيـن عـليها البيض والزغـف
لـمـا رأونـا كشفـنـا عـن جمـاجـمنـا *** لـيـعـلمـوا أنـنـا بـكـرٍ فـيـنـصـرفـــوا
قـالـوا البقيـة والهـنـدي يـحصدهـم *** ولا بـقــيـة إلا الـسـيـف فـانـكشـفـوا
لـو أن كـل مـعــدٍ كـان شـاركــنـــــا *** في يـوم ذي قار ما أخطاهم الشـرف
لـمـا أتـونـا كـأن الـلـيـل يـقـدمـهـــم *** مطبـق الأرض تغشاهـا بهـم سـدف
بـطـارق وبـنـو مـلـك مـرازبـــــــــة *** مـن الأعـاجـم فـي آذانـها الـنـطـــف
من كل مرجانة في البحـر أحـرزهـا *** تـيـارهـا ووقـاهـا طـيـنهـا الـصـدف
وضعـنـنـا خـلـفـنـا تجـري مدامعهـا *** أكـبـادهـا وجـلا مـمـا تـرى تـجــــف
كـأنـمـا الحـال فـي حـافـات جمعـهـم *** والبيض برق بـدأ في عارض يكـف
يحسرن عن اوجه قـد عاينت عـبـراً *** ولاحـهـا عـبـرة ألـوانـهـا كـســــف
ما في الخدود صدوراً عن وجوههم *** ولا عـن الطعن في اللبـات منحـرف
لـمـا أمـالـوا إلـى الـنـشـاب أيـديـهـم *** مـلـنا بـبـيـض فـظـل الهـام يقتطـف
وخـيـل بـكـرٍ فـمـا تـنفـك تـطحـنهـم *** حـتى تـولـوا وكـاد الـيـوم يـنتـصـف
وقال الأعشى القيسي يلوم قيس بن مسعود الشيباني :
أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد *** وأنـت امرؤ تـرجـو شبابـك وائـل
أطـوريـن فـي عـام غـزاة ورحـلــة *** ألا لـيـت قـيس عـرفـتـه الـمقـاتـل
لقـد كـان في شيبان لـو كنت عالماً *** قـبـاب وفـيـهـم رحـلـة وقـبـائـــــل
رحـلت ولـم تـنظـر وأنـت عميدهـم *** فـلا يبلغـني عـنـك مـا أنـت فـاعـل
فـعـريّـت مـن أهـل ومـال جـمعـتـه *** كـمـا عـريـت مـمـا تـمـر المـغـازل
لـعـلـك يـوم الـحـنـو إذ صبحــتهـم *** كـتـائـب مـوت لـم تـعـظـك العـواذل
وقال الأعشى يمدح بني شيبان :
فـدى لبني ذهـل بن شيبـان نـاقـتي *** وراكـبـهـا يـوم الـلـقـاء وقـــلــــت
كفـوا إذ أتـى الهامرز تخفق فـوقـه *** كـظـل الـعـقـاب إذ هـوت فـتـدلــت
أذاقـوهـم كـأسـاً مـن الـمـوت مـرة *** وقـد بـذخـت فـرسـانـهـم وأذلــــت
فـصبـحـهـم بـالحـنـو حـنـو قـراقـر *** وذي قـارهـا منهـا الجنـود فـقـلـت
عـلى كـل مـحـبـوك الـسـراة كـأنـه *** عـقـاب سرت مـن مرقـب إذ تدلـت
فجاءت على الهامرز وسط بيوتهم *** شأبـيـب مـوت اسبـلـت فاستهـلـت
تناهـت بنو الأحزاب إذ صبرت لهم *** فـوارس مـن شيبـان غـلب فولـت
وروى هذا البيت في لسان العرب :
وهـم ضـربـوا بالحنـو حنـو قـراقـر *** مـقـدمـة الـهـامـرز حـتـى تـولــت
قال أبو عبيدة : سئل أبو عمرو بن العلاء وقد تنافر إليه عجلي ويشكري فزعم العجلي أنه لم يشهد يوم ذي قار من بكر غير شيباني وعجلي وقال اليشكري : بل شهدتها قبائل بكر وحلفاؤهم فقال أبو عمر قد فصل بينكما التغلبي حيث يقول :
ولـقـد رئـيـت أخــاك عـمـراً مـــرة *** يـقـضي وضيـعـيـه بـذات العـجـرم
فـي غمـرة الموت التي لا تشتـكي *** غـمـراتـهـا الأبـطـال غـيـر تـغـمغـم
وكـأنـمـا أقـدامـهــم وأكــفـهـــــــم *** سـرب تـسـاقـط فـي خـليـج مـفـعـم
ولمـا سمعـت دعـاء مـرة قـد عـلا *** وأتـى ربـيـعـة فـي العـجـاج الأقـتـم
ومحـلـّم يـمشـون تـحـت لـوائـهـم *** والـمـوت تـحـت لــواء آل مـحــلــّم
لا يصرفون عن الوغى بوجوههم *** فـي كـل سـابـقـة كـلـون الـعــظـلــم
ودعـت بـنـو أم الـرقاع فـاقـبـلــوا *** عــنـد الـلـقـاء بـكـل شـاك مـعــلـــم
وسـمعـت يـشكـر تـدعي بحـبـّيـب *** تـحـت العجاجـة وهـي تقطـر بالـدم
يمشون في حلق الحديد كما مشت *** أسـد العـريـن بـيـوم نحـس مـظلـم
والجمـع مـن ذهـل كـأن زهـاءهـم *** جـرب الجمـال يقودهـا ابنـا قـشعـم
والخيـل من تحت العجاج عوابساً *** وعـلى مـنـاسجهـا سحائـب مـن دم
وقال العديل بن الفرج العجلي :
مـا أوقـد النـاس مـن نـار لمـكـرمـة *** إلا اصطـلينـا وكنـا موقـدي النـار
ومـا يعـدون مـن يـوم سـمعـت بـه *** للنـاس أفـضـل مـن يـوم بـذي قـار
جـئنـا بـأسلابهـم والخـيـل عابسـة *** لـمـا استـلـبـنـا لكسرى كـل أسـوار
وقال أبو كلبة التيمي مجاوباً العديل :
لـولا فـوارس لا مــيـل ولا عــــزل *** مـن اللـهـازم مـا قـظـتـم بـذي قـار
أن الفوارس مـن عجـل هـم أنفـوا *** من أن يخلوا لكسرى عرضة الدار
لاقـوا فوارس مـن عجـل بشكـتهـا *** لـيـس إذا قـلـصـت حـرب بأغـمـار
قد احسنت ذهل بن شيبان ماعدلت *** في يوم ذي قـار فرسان بن سيـار
ونحـن أتـيـناهـم مـن عـند أشملهم *** كــمــا تــلــبــس ورّاد بــصـّـــــدار
وقال بكير أصم بني الحارث بن عباد يمدح بني شيبان :
أن كـنـت سـاقـيـة الـمـدام أهـلـهــا *** فـأسـقـي عـلـى كـرم بـنـي هــمــام
وأبـا ربـيـعـة كـلـهـا ومـحــلــــــــم *** ســبــق بــغــايــة أمــجــد الأيــــام
ضربـوا بـني الأحـرار يـوم لقوهـم *** بـالـمـشـرفـي عـلـى مـقـيـل الـهـام
شـد أبـن قـيـس شـدة ذهـبـت لـهـا *** ذكــراً لــه فــي مــعــرق وشــــــام
عـمـرو ومـا عـمـرو بـقـحـم دالـف *** فــيــهــا ولا غــمــر ولا بــغـــــلامٍ
هذا ملخص ما حدث في معركة ذي قار وهي من أشهر أيام العرب في الجاهلية وتسمى يوم ذي قار ويوم الحنو ويوم قراقر ويوم تقطيع الوضن وقد مر ذكرها بجميع كتب التاريخ وشاركت قبيلة عنزة مع قبيلة بكر في أكثر من عشرين وقعة من أيام العرب بالعصر الجاهلي واهم المعارك التي شاركت قبيلة عنزة قبيلة مع قبيلة بكر معركة ذي قار ومن تلك الأيام يوم الوقيط ويوم ثيتل وهو موضع في النباج المعروف بالأسياح حالياً قال قرة بن قيس بن عاصم من قصيدة :
أنـا الـذي شـق الـمــزاد وقـــد أرى *** بـثيـتـل أحـيـاء الـلـهـازم حـضــرا
وفي يوم الشيطين قال الشاعر رشيد بن رميض العنزي من قصيدة :
ومـا كـان بيـن الشيطيـن ولعـلع *** لـنـسـوتـنـا ألا مـنـاقـل أربـــــــــع
وجئنا بجمع لم يرى الناس مثله *** يكاد من هو ضهر الوريعة يضلع
وجمع اللهازم تشكل في حالة حرب ويتألف من ثلاثة بطون من بكر بن وائل وهم بنو قيس بن ثعلبة رهط الأعشى الشاعر وبنو تيم بن ثعلبة وبنو عجل بن لجيم واللهازم في اللغة أصول عظام الحنك . ويحق لقبائل العرب جميعها الافتخار في النصر على الفرس بمعركة ذي قار وقبائل العرب لهم مفاخر وأمجاد وتاريخ مشّرف وتلك المعركة فخرها لقبيلة بكر وقبيلة عنزة خاصه والنصر في يوم ذي قار يمثّل مفخرتين . المفخرة الأولى : هي حماية الدخيل فمن عادات العرب إذا أبتلا رجل بقتل رجل من جماعته في عصر عدم وجود حكومة تضبط الأمن وتقتص من القاتل فأنه يجلي ويلجأ لقبيلة قويه تحميه من الذي يطالبه بالثأر كشخص عادي ولكن النعمان بن المنذر ملك والذي يطلبه ملك أقوى دولة وهي أمبراطورية فارس والدخيل الشخص العادي طلاّبه اشخاص عاديين ولكن النعمان الذي يطلبه عنده جيوش من العرب والفرس وحمايته أبناء النعمان وبناته وحرمه وحاشيته وتحف قصره وخيوله وبغاله وهجنه واسلحته هي الذي جعلت من حقنا الافتخار بحماية الدخيل لأنه طاف على العرب ولا وجد من يقبل حمايته حتّى استعد بحمايته هاني بن مسعود الشيباني زعيم قبيلة بني شيبان من بكر بن وائل وذلك عندما قرر كسرى خفر ذمام هاني وأخذ تركت النعمان منه غصب فقد رفض هاني تسليم ودائع النعمان واستعان هاني في قبيلة بكر وقبيلة عنزة التي كانت مع جمع اللهازم لقصد الفزعة وسبب الحرب هو حماية الدخيل .
المفخرة الثانية : استعداد القبيلتان للحرب رغم عدم تكافؤ المتحاربين وكان شعارهم ( الدمار ولا العار ) وجيش كسرى الذي شن الغارة عليهم يتكوّن من المرازبة وكتيبتا الشهباء والدوسر وعدد من قبائل العرب وفي عزيمة الرجال واصرارهم على الثبات والشجاعة هزموا الفرس ومن معهم ونحن نفتخر في ثبات جدودنا بالقتال في حربهم بذي قار ضد الفرس ومعركة ذي قار أهتموا بها المؤرخين وكتبت في جميع المراجع العربية ولم يختلف على أحداث المعركة أحد من المؤرخين وكل ما حدث في هذه المعركة من أسبابها والمشاركين بها وما قيل بها من شعر ووصف تعبئة قبيلة بكر وحثهم في الخطب وتقطيع وضن هوادج النساء وبني زعيم بكر أبن سيار العجلي لقبته واقسم أنه ما يفر حتّى تفر القبّه وكل أحداثها سجلت وتداولوها المؤرخين عبر العصور .
وللمعلومية فأن النعمان لم يودع أبنته هند وحدها كما جاء في الدعايات الملفقة بل ودّع جميع تركتة وذكر في الخبر أن بني سكون من قبيلة سليم القيسية كانوا من حلفاء بني شيبان وقد شاركوا بالمعركة والذين يدعّون أن المعركة على قبيلة عنزة خاصة فان قولهم غير صحيح فهي على قبيلة بكر وقبيلة عنزة ومعركة ذي قار حرب ضروس بالرماح والسيوف وهمّة الشجعان وانتصروا على الفرس بالشجاعة والأقدام والثبات وليس بالدحة كما يشاع ومعركة ذي قار من اعظم أيام العرب التي حدثت في أواخر العصر الجاهلي وبداية دعوة الرسول صلّى الله عليه وسلّم للإسلام وعندما بلغ الرسول الخبر قال
( اليوم أول يوم انتصفت به العرب من العجم وبي نصروا ) ودعا لبكر فقال ( اللهم اجبر كسيرهم وآو طريدهم ولا تريني فيهم سائلا ) .


شرح معركة ذي قار في الموسوعة الحرة


جزء من حروب الجاهلية معلومات عامة التاريخ 609م وقيل 604م وقيل 624م الموقع ذي قار النتيجة انتصار العرب المتحاربون : - بنو شيبان - بنو عجل بن لجيم - بنو ذهل - بنو تيم بن ثعلبة - بنو يشكر - بنو قيس بن ثعلبة - عنزة بن اسد مع لهازم بكر. الخصم المقابل : الفرس - بنو تميم - تغلب - النمر بن قاسط - قضاعة - إياد.(انسحبت بعد اتفاقها السري المسبق مع بني بكر بن وائل على أن يخدعوا الفرس). القادة : هانئ بن مسعود الشيباني - حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي -عبد عمرو بن بشر الضبيعي - جبلة بن باعث اليشكري - الحارث بن وعلة الذهلي - الحارث بن ربيعة التيمي . قادة جيش الفرس : الهامرز قائد الفرس - النعمان بن زرعة قائد تغلب والنمر - خالد بن يزيد البهراني قائد قضاعة وإياد - إياس بن قبيصة الطائي قائد العرب جميعا .القوة الفرس : غير معروف1000 من الأساورة الفرس - العرب 3000 آلاف - الخنابرين 1000الف يوم ذي قار هو يوم هزمت به العرب العجم وذكر الأصفهاني في كتابه الأغاني أنه حدث في زمن النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم ، وقع فيه القتال بين العرب والفرس في العراق وانتصر فيه العرب. وكان سببه أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العباديّ لأنه قتل أباه عدي بن زيد، فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه، ثم عاد فاستسلم لكسرى، فسجنه ثم قتله. وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه وديعة النعمان، فأبى هانئ دفعها إليه دفعاً للمذمة، فغضب كسرى على بني شيبان وعزم على استئصالهم، فجهّز لذلك جيشاً ضخماً من الأساورة الفرس يقودهم الهامرز وجلابزين، ومن قبائل العرب الموالية له، من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد، وولى قيادة هذه القبائل إياس بن قبيصة الطائي، وبعث معهم كتيبتيه الشهباء والدوسر. فلما بلغ النبأ بني شيبان استجاروا بقبائل بكر بن وائل، فوافتهم طوائف منهم، واستشاروا في أمرهم حنظلة بن سيّار العجلي، واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء ذي قار، وهو ماء لبكر بن وائل قريب من موضع الكوفة.
محتويات : البداية - طلب كسرى للنعمان - محاولته الهرب - ذهابه إلى كسرى - ماقبل المعركة - مسير جيش كسرى إلى ذي قار - رد بني بكر على طلب كسرى - مساعدة قبائل العرب لبكر – المعركة - إثارة الحماسة عند بكر - المعركة - وصول الخبر إلى كسرى - نتائج المعركة - ما روى عن الرسول عن المعركة - جزء من قصيدة الأعشى -أعشى قيس- يصف يوم ذي قار .
تحامل كسرى بن هرمز على النعمان في كثير من الأمور حيث أبى النعمان مد يد العون أو مصاحبة كسرى إلى بلاد الروم عندما هرب من قائد جيشه بهرام جوبين. وكذلك رفض طلبا لكسرى أن يهب له جوادا عربيا أصيلا كان قد طلبه منه. ثم جاءت الطامة الكبرى حيث طلب كسرى منه أن يزوجه إبنته التي هي آية من الجمال فرفض، وقد ذكرت المصادر العربية القصة بأن كسرى ذكر يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له: زيد بن عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه عدي بن زيد وحبسه ثم قتله فقال له: أيها الملك العزيز إن النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة. وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة، فلما دخلا على النعمان قالا له: إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءً من العرب فأراد كرامتك وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات. فقرأ عليه بالصفة التي أرادها. فشق ذلك على النعمان فقال لزيد والرسول يسمع: أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته؟ فقال الرسول لزيد بالفارسية:ما المها والعين؟ فرد بالفارسية: "كاوان" أي البقر. فأمسك الرسول، فقال زيد للنعمان: إنما أراد الملك كرامتك، ولو علم أن هذا يشق عليك لم يكتب إليك به. فأنزلهما يومين عنده، ثم كتب إلى كسرى: إن الذي طلبه الملك ليس عندي، وقال لزيد: اعذرني عند الملك.
فوصل زيد إلى كسرى فقرأ عليه كتاب النعمان. وأوغر صدره وقال: فسل هذا الرسول الذي كان معي عما قال. فقال للرسول: ماقال؟ فقال الرسول: أيها الملك، إنه قال: أما في بقر السواد وفارس ما يكفيه حتى يطلب ماعندنا؟ فعرف الغضب في وجهه، ووقع في قلبه ما وقع، ولكنه لم يزد على أن قال: رب عبد قد أراد ماهو أشد من هذا، ثم صار أمره إلى التباب. فشاع هذا الكلام حتى بلغ النعمان، وسكت كسرى أشهرا على ذلك، وجعل النعمان يستعد ويتوقع، حتى أتاه كتاب كسرى.
أرسل كسرى إلى النعمان يستقدمه، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة فحمل أسلحته وما قوي عليه، ثم لحق بجبل طيء، وكان متزوجا إليهم، فأراد النعمان من طيء أن تدخله الجبل وتمنعه، فأبوا خوفا من كسرى، وقالوا له: لولا صهرك لقتلناك، فإنه لاحاجة بنا إلى معاداة كسرى ولا طاقة لنا به. فأقبل يطوف على قبائل العرب وليس أحد منهم يقبله، إلا بني رواحة من قطيعة بن عبس قالوا له: إن شئت قاتلنا معك -لمنة كانت له عندهم- فقال: ما أحب أن أهلككم، فإنه لاطاقة لكم بكسرى. وذهب إلى بادية بني شيبان سرا، فلقي هانئ بن مسعود الشيباني، وكان سيدا منيعا، فاستجار به فأجاره، وقال له: قد لزمني ذمامك، وأنا مانعك مما أمنع نفسي وولدي منه، وما بقي من عشيرتي الأدنين رجل، ولكن ذلك غير نافعك، لأنه مهلكي ومهلكك، وعندي لك رأي، لست أشير به عليك لأدفعك عما تريده من مجاورتي، ولكنه الصواب. فقال: هاته. قال: إن كل أمر يجمل بالرجل أن يكون عليه إلا أن يكون بعد الُملكِ سُوقة، والموت نازل بكل أحد، ولأن تموت كريما خير من أن تتجرع الذل أو تبقى سوقة بعد الملك، هذا إن بقِيتَ، فامض إلى صاحبك، واحمل إليه هدايا ومالا، والق بنفسك بين يديه، فإما أن صفح عنك فعدت ملكا عزيزا، وإما أن أصابك فالموت خير من أن يتلعّب بك صعاليك العرب ويتخطفك ذئابها، وتأكل مالك وتعيش فقيرا مجاورا أو تقتل مقهورا. فقال: كيف بحرمي؟ قال: هن في ذمتي لا يخلص إليهن حتى يخلص إلى بناتي. فقال: هذا وأبيك الرأي الصحيح ولن أجاوزه. ذهابه إلى كسرى اختار النعمان خيلا وحللا يمانية وجواهر ووجه بها إلى كسرى، وكتب إليه يعتذر، ويعلمه أنه صائر إليه. ووجه بها مع رسوله، فقبلها كسرى وأمره بالقدوم إليه، فعاد إليه الرسول فأخبره بذلك وأخبره بأنه لم ير له عند كسرى سوءا. فأودع هانئ بن مسعود أهله وماله وفيه أربعمائة درع وقيل ثمانمائة درع. وتوجه النعمان إلى كسرى فلقي زيد بن عدي على قنطرة ساباط فقال: انج نعيم إن استطعت النجاء. فقال: أنت يا زيد فعلت هذا! أما والله لئن انفلت لأفعلن بك ما فعلت بأبيك. فقال له زيد: امض نعيم فقد والله وضعت لك عنده أخية لا يقطعها المهر الأرن. فلما بلغ كسرى أنه بالباب بعث إليه فقيده وبعث به إلى خانقين حتى وقع الطاعون فمات فيه قال: والناس يظنون أنه مات بساباط ببيت الأعشى وهو يقول :
فذاك وما أنجى من الموت ربّه *** بساباط حتى مات وهو محرزق
وكان موته قبل الإسلام سنة 595-604م. ما قبل المعركة أقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده، فبعث إياس إلى هانئ يأمره بأن يرسل ما استودعه النعمان عنده من الدروع وغيرها، وقال له: لا تكلفني أن أبعث إليك ولا إلى قومك بالجنود تقتل المقاتلة وتسبي الذرية. فأبى هانئ أن يسلم ما عنده. ورغم ذلك فإن الروايات تتحدث أن إياس نفسه لم يكن يود للفرس وكان يتمنى هزيمتهم؛ إذ أخر العرب وجعل الفرس في المقدمة أمام البكريين، مما مهّد الطريق لقبائل العرب بالانسحاب من أرض المعركة بناءا على اتفاقها السري مع بني شيبان وبكر . فلما أبى هانئ غضب كسرى، فأرسل إلى إياس بن قبيصة، واستشاره في الغارة على بكر، فقال له: ماذا ترى؟ وكم ترى أن نغزيهم من الناس؟ فقال له إياس: أرى ان تبعث عليهم العيون حتى ترى غرة منهم، ثم ترسل حلبة من العجم فيها بعض القبائل التي تليهم، فيوقعون بهم وقعة الدهر ويأتونك بطلبتك. فقال له كسرى: أنت رجل من العرب، وبكر بن وائل أخوالك، فأنت تتعصب لهم ولا تألوهم نصحا. فقال إياس: رأي الملك أفضل. فقام إليه عمرو بن عدي بن زيد -أخو زيد بن عدي- وكان كاتبه وترجمانه بالعربية وفي أمور العرب، وقال له: أقم أيها الملك، وابعث إليهم بالجنود يكفونك. وكان عنده النعمان بن زرعة التغلبي وهو يحب هلاك بكر بن وائل فقال لكسرى: أمهلهم حتى يقيظوا ويتساقطوا على ذي قار تساقط الفراش في النار فتأخذهم كيف شئت. فوافقه كسرى وأقرهم، حتى إذا قاظوا جاءت بكر بن وائل فنزلت بالحنو، حنو ذي قار . مسير جيش كسرى إلى ذي قار لما بلغ كسرى نزول بكر بن وائل حنو ذي قار، عقد للنعمان بن زرعة على تغلب، وخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وإياد، جعل إياس بن قبيصة على العرب كلها ومعه كتيبتاه الشهباء والدوسر، وكانت العرب ثلاثة آلاف، وعقد للهامرز على ألف من الأساورة، وعقد لخنابرين على ألف، وبعث معهم باللطيمة -وهي عير تخرج من العراق فيها البز والعطر والألطاف، توصل إلى باذان عامل كسرى باليمن- وأمر عمرو بن عدي أن يسير بها، وكانت العرب تخفرهم وتجيرهم حتى تصل اليمن، وعهد إليهم كسرى إذا شارفوا بلاد بكر ودنوا منها أن يبعثوا النعمان بن زرعة يأخذ منهم وديعة النعمان ومائة غلام منهم يكونون رهنا بما أحدث سفهائهم، أو القتال، وقد كان كسرى قد عاقب بني تميم يوم الصفقة عندما نهبوا اللطيمة، لذا فالعرب وجلة وخائفة منه. فأرسلت هند بنت النعمان تنذر بكر بن وائل بالجيش. سار هانئ بن مسعود حتى انتهى إلى ذي قار فنزل به. وأقبل النعمان بن زرعة حتى نزل على ابن أخته مرة بن عمرو من بني عجل فحمد الله النعمان وأثنى عليه ثم قال إنكم أخوالي وأحد طرفي وإن الرائد لا يكذب أهله وقد أتاكم مإلا قبل لكم به من أحرار فارس وفرسان العرب والكتيبتان الشهباء والدوسر وإن في هذا الشر خيارا. ولأن يفتدي بعضكم بعضا خير من أن تصطلموا فانظروا هذه الحلقة فادفعوها وادفعوا رهنا من أبنائكم إليه بما أحدث سفهاؤكم. فقال له القوم: ننظر في أمرنا. رد بني بكر على طلب كسرى انتظرت بكر بن وائل حتى مقدم ساداتهم، فقدم أولا حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي فقالوا: يا أبا معدان قد طال انتظارنا وقد كرهنا أن نقطع أمرا دونك وهذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاءنا والرائد لا يكذب أهله. قال: فما الذي أجمع عليه رأيكم واتفق عليه ملؤكم. قالوا: قال إن اللخي أهون من الوهي وإن في الشر خيارا ولأن يفتدي بعضكم بعضا خير من أن تصطلحوا جميعا. قال حنظلة: فقبح الله هذا رأيا لا تجر أحرار فارس غرلها ببطحاء ذي قار وأنا أسمع الصوت ثم أمر بقبته فضربت بوادي ذي قار ثم نزل ونزل الناس فأطافوا به.فقال: لاأرى غير القتال، فإنا إن ركبنا الفلاة متنا عطشا، وإن أعطينا ما بأيدينا تقتل مقاتلتنا وتسبى ذرارينا. ثم قال لهانئ بن مسعود: يا أبا أمامة إن ذمتكم ذمتنا عامة وإنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا فأخرج هذه الحلقة ففرقها بين قومك فإن تظفر فسترد عليك وإن تهلك فأهون مفقود. فأمر بها فأخرجت ففرقها بينهم ثم قال حنظلة للنعمان: لولا أنك رسول لما أبت إلى قومك سالما. فرجع النعمان إلى أصحابه فأخبرهم بما رد عليه القوم فباتوا ليلتهم مستعدين للقتال وباتت بكر بن وائل يتأهبون للحرب، وقد استقوا الماء لنصف شهر تحسبا للمعركة. مساعدة قبائل العرب لبكر قبل أن تبدأ الحرب، جرت المراسلات بين بني شيبان وقبائل العرب، كما جرت المراسلات بين قبائل بكر نفسها. فجاءت الوفود من بني بكر بن وائل في اليمامة والبحرين، وكذلك طلب الأسرى من بني تميم عند بني شيبان منهن أن يقاتلوا معهم قائلين: نقاتل معكم، فإنا نذب عن أنفسنا. وقد أرسل قوم من طيء والعباد وإياد وسائر من كان مع العجم من العرب سرا إلى بكر يعلمهم أن انتصارهم على الفرس أحب إليهم، وقال رسولهم: أي الأمرين أعجب إليكم؟ أن نطير تحت ليلتنا هذه، فنذهب؟ أو نقيم ونفر حين تلاقون القوم؟ قالوا: بل تقيمون، فإذا التقا الناس انهزمتم بهم. المعركة فلما أصبحوا أقبلت الأعاجم نحوهم وأمر حنظلة بالظعن جميعا فوقفها خلف الناس ثم قال يا معشر بكر بن وائل قاتلوا عن ظعنكم أو دعوا فأقبلت الأعاجم يسيرون على تعبئة. وكان ربيعة بن غزالة السكوني ثم التجيبي يومئذ هو وقومه نزولا في بني شيبان فقال: يا بني شيبان أما لو أني كنت منكم لأشرت عليكم برأي مثل عروة العلم فقالوا: فأنت والله من أوسطنا فأشر علينا فقال: لا تستهدفوا لهذه الأعاجم فتهلككم بنشابها ولكن تكردسوا لهم كراديس فيشد عليهم كردوس فإذا أقبلوا عليه شد الآخر فقالوا: فإنك قد رأيت رأيا ففعلوا. إثارة الحماسة عند بكر فلما تقارب القوم والتقى الزحفان قام حنظلة بن ثعلبة فقال: يا معشر بكر بن وائل إن النشاب الذي مع الأعاجم يعرفكم فإذا أرسلوه لم يخطئكم فعاجلوهم باللقاء وابدأوهم بالشدة. ثم قام إلى وضين راحلة امرأته فقطعه ثم تتبع الظعن يقطع وضنهن لئلا يفر عنهن الرجال، وقال :ليقاتل كل رجل منكم عن حليلته. فسمي يومئذ مقطع الوضين. ثم ضرب قبة على نفسه ببطحاء ذي قار، وآلى لايفر حتى تفر القبة، وقطع سبعمائة رجل من شيبان أيدي أقبيتهم من مناكبها لتخف أيديهم لضرب السيوف. ثم قام هانئ بن مسعود فقال: يا قوم مهلك معذور خير من نجاء معرور وإن الحذر لا يدفع القدر وإن الصبر من أسباب الظفر المنية ولا الدنية واستقبال الموت خير من استدباره والطعن في الثغر خير وأكرم من الطعن في الدبر يا قوم جدوا فما من الموت بد فتح لو كان له رجال أسمع صوتا ولا أرى قوما يا آل بكر شدوا واستعدوا وإلا تشدوا تردوا. ثم قام شريك بن عمرو بن شراحيل بن مرة بن همام فقال: يا قوم إنما تهابونهم أنكم ترونهم عند الحفاظ أكثر منكم وكذلك أنتم في أعينهم فعليكم بالصبر فإن الأسنة تردي الأعنة يا آل بكر قُدُما قُدُما. المعركة كانت بنو عجل في الميمنة بإزاء خنابزين وعليهم حنظلة بن ثعلبة. وبنو شيبان في الميسرة بإزاء كتيبة الهامرز، وعليهم بكر بن يزيد بن مسهر. وباقي بكر بن وائل في القلب وعليهم هانئ بن مسعود. فخرج أسوار من الأعاجم مسور، في أذنيه درتان، من كتيبة الهامرز يتحدى الناس للمبارزة، فنادى في بني شيبان فلم يبرز له أحد حتى إذا دنا من بني يشكر برز له يزيد بن حارثة أخو بني ثعلبة بن عمرو فشد عليه الرمح، فطعنه فدق صلبه، وأخذ حليته وسلاحه. ثم إن القوم اقتتلوا صدر نهارهم أشد قتال رآه الناس، وحملت ميسرة بكر وعليها حنظلة على ميمنة الجيش، وحملت ميمنة بكر وعليها يزيد بن مسهر على ميسرة الجيش، وخرج عليهم كمين كانوا اعدوه للفرس وعليهم يزيد بن حمار فشدوا على قلب الجيش، وولت إياد منهزمة كما وعدتهم. فشد الحوفزان واسمه الحارث بن شريك - على الهامرز فقتله، وقتلت بنو عجل خنابرين، وضرب الله وجوه الفرس فانهزموا، وتبعتهم بكر بن وائل، فلحق مرثد بن الحارث، النعمان بن زرعة، فأهوى له طعناً، فسبقه النعمان بصدر فرسه فأفلته، ولحق أسود بن بجير العجلي النعمان بن زرعة، فقال له: يا نعمان، هلم إلي، فأنا خير آسر لك، وخير لك من العطش. قال: ومن أنت؟ قال: الأسود بن بجير، فوضع يده في يده، فجز ناصيته، وخلى سبيله، وحمله الأسود على فرس له، وقال له: انج على هذه، فإنها أجود من فرسك، وجاء الأسود بن بجير على فرس النعمان بن زرعة، وأفلت إياس بن قبيصة على فرس له، وقتل خالد بن يزيد البهراني، قتله الأسود بن شريك بن عمرو، وقتل يومئذ عمرو بن عدي بن زيد العبادي الشاعر أخو زيد بن عدي صاحب النعمان. ثم كان اليوم الثاني من القتال فجزعت الفرس من العطش، فصارت إلى الجبابات وأتبعتهم بكر بن وائل إلى الجبابات فعطش الأعاجم فمالوا إلى بطحاء ذي قار وبها اشتدت الحرب، فأتبعتهم بكر بن وائل يقتلونهم بقية يومهم وليلتهم، حتى أصبحوا من الغد، وقد شارفوا السواد ودخلوه، فذكروا أن مائة من بكر بن وائل، وسبعين من عجل، وثلاثين من أفناء بكر بن وائل، أصبحوا وقد دخلوا السواد في طلب القوم، فلم يلفت منهم كبير أحد وأقبلت بكر بن وائل على الغنائم فقسموها بينهم، وقسموا تلك اللطائم بين نسائهم. وصول الخبر إلى كسرى فكان إياس بن قبيصة أول من أتى كسرى بعد الهزيمة وكان لا يأتيه أحد بهزيمة جيش إلا نزع كتفيه، فلما أتاه إياس سأله عن الخبر، فقال: هزمنا بكر بن وائل، فأتيناك بنسائهم، فأعجب بذلك كسرى وأمر له بكسوة، وإن إياساً استأذنه عند ذلك، فقال: إن أخي مريض بعين التمر، فأردت أن آتيه، وإنما أراد أن يتنحى عنه ويفر، فأذن له كسرى، فترك فرسه "الحمامة" وهي التي كانت عند أبي ثور بالحيرة، وركب نجيبة فلحق بأخيه، ثم أتى كسرى رجل من أهل الحيرة وهو بالخورنق، فسأل: هل دخل على الملك أحد؟ فقالوا: نعم، إياس، فقال: ثكلت إياساً أمه! وظن أنه قد حدثه بالخبر، فدخل عليه فحدثه بهزيمة القوم وقتلهم، فأمر به فنزعت كتفاه. نتائج المعركة عزل كسرى أبرويز بعد خسارة المعركة إياس بن قبيصة عن حكم الحيرة وعين عليها حاكما فارسيا هو آزاذبه بن ماهان الهمذاني، إلا أنه لم يتمكن من إعادة الثقة التي كانت بين المناذرة والأكاسرة، ومن تحسين العلاقة التي ساءت بين العرب والفرس، فتمردت بكر بن وائل التي استقلت بالبحرين فتبعها قبائل في أواسط الجزيرة العربية. مما اضطر الفرس أن يعيدوا حكم الحيرة إلى أحد أبناء النعمان وهو المنذر المغرور في محاولة لعودة الأوضاع إلى ماقبل المعركة ولكن الأمور تغيرت بظهور دولة الخلافة وبدء حروب الردة. ما روى عن الرسول عن المعركة ذكر الإصفهاني في كتابه الأغاني بأن وقعة ذي قار كانت بعد وقعة بدر بأشهر، ورسول الله بالمدينة، فلما بلغه ذلك قال: هذا يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا. ولم يؤكد أحد من المؤرخين ذلك حيث ان وقعة بدر كانت سنة 624 م وواقعة ذي قار كانت 609م (احتمال أواخر سنة 609م و بداية سنة 610م، وهو سن بلوغ النبي محمد سن 40)، وهذا الحديث ضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة برقم 579. ثم ذكر جزء من قصيدة الأعشى -أعشى قيس- يصف يوم ذي قار .

الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني. جزء 24. ص:66-75
الأندلسي، العقد الفريد، الجزء السادس ص 114
أيام العرب في الجاهلية. تأليف: محمد أحمد جاد المولى بك وعلي محمد البحاوي. محمد أبو الفضل إبراهيم. ص:22
موسوعة تاريخ إيران السياسي. د حسن كريم الجاف. م1 ص113
وقعة ذي قار وسببها الكامل في التاريخ لابن الأثير.
تاريخ ابن خلدون في ذكر يوم ذي قار .
موسوعة تاريخ العرب ، تاريخ /ممالك / دول/ حضارة. عبد عون الروضان.
تاريخ الأمم والملوك للطبري .
تاريخ العرب قبل الإسلام. محمد سهيل طقوش. ص405

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 09-15-2024 الساعة 07:09 PM
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الامير ربيعة محمد الحبيب التغلبي امير قبائل ربيعة بالعراق جاسم الركابي الأنساب العام واستفسارات الأنساب 13 09-26-2013 07:33 AM
قبائل ربيعة في الجنوب الباحث العربي الأنساب العام واستفسارات الأنساب 3 06-15-2013 02:19 PM
كيف انكمشت قبائل ربيعة عبدالله بن عبار البحث العلمي في وائل جد قبيله عنزه 4 11-01-2012 08:06 AM
تحالف قبائل ربيعة ابن تغلب سوالف التعاليل 15 08-13-2012 02:52 AM
من أهم وقائع قبائل ربيعة وقعة ذي قار موقع العبار البحث العلمي في وائل جد قبيله عنزه 10 08-12-2012 11:42 AM
 


 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

 
 
 

الساعة الآن 10:27 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd 
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009