القلب
الحمد لله خالق السماوات والأرض , الحمد لله مقلب الليل والنهار , الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس , وصلاة وسلام على خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد
عبد الله : خذ كأس نظيفا وأملأه بالماء الصافي ، ثم بعد ذالك ضع نقطة من الحبر الأسود في كوب الماء ، سوف تلاحظ تغير لون الماء بسرعة إلى اللون الأسود بالرغم أنها نقطة واحدة ، كرر العملية ولكن بأخذ كوب ماء آخر وأضافته على الكوب السابق حتى يعود الماء صافيا ، لاحظ أننا سوف نحتاج إلى الكثير من الماء حتى نزيل ذالك السواد 0
عبد الله : الهدف من هذه التجربة هو التبيين بأن هذا القلب الذي بين جوانحنا هو مثل كوب الماء الصافي ، ولكن قد يشوبه بعض الأمراض من أمراض القلوب فتفسده وتعكر صفوه نحتاج بعدها إلى الكثير من الأعمال الصالحة حتى نطهر تلك القلوب 0
عباد الله : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( الْحَلَالُ بَيِّنٌ ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِى أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ ، أَلا وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وَهِى الْقَلْبُ ) ، يقول الدكتور زغلول النجار : وهنا تتضح لمحة من لمحات الإعجاز في هذا الحديث النبوي الشريف إذا أخذ على جانبه المادي العضوي الملموس ، وإذا أخذ على جانبه المعنوي الروحاني الغيبي فإننا نجده صحيحًا دقيقًا شاملاً ؛ فالقلب بمدلوله المادي هو قوام حياة الجسد ، إذا صلح صلح الجسد كله , وإذا فسد فسد الجسد كله , والقلب بمدلوله المعنوي قوام العواطف والعقائد , والمفاهيم والأفكار, وركائز الأخلاق وضوابط السلوك ، فإذا صلح صلحت كل هذه الزوايا , وبصلاحها ينصلح الجسد كله 0
عباد الله : يقول الحق تبارك وتعالى ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ ، فصلاح القلب سعادة في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل ، قال تعالى ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ ، ولكل مخلوق قلب ، ولكنهما قلبان ، قلب حي نابض بالنور ، مشرق بالإيمان ، ممتلئ باليقين ، عامر بالتقوى ، وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار ، قال تعالى عن قلوب المعرضين اللاهين ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ﴾ ، وقال ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ، وقال ﴿ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ فالقلوب تمرض ويطبع عليها ، وتقفل وتموت 0
عبد الله : قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيره ، وصيام القلب يكون تفريغه من المادة الفاسدة من الشركيات المهلكة ، والاعتقادات الباطلة ، والوساوس السيئة ،أما قلب المؤمن فعامر بحب الله , فيه نور وهاج لا تبقى معه ظلمة ، قلب يضئ كالشمس ، ويلمع كالفجر ، يزداد قلب المؤمن من سماع الآيات إيمانا ، ومن التفكر يقينا ، ومن الاعتبار هداية ، قلب المؤمن يصوم عن الكبر والتكبر ، قلب المؤمن يصوم عن العجب والغرور ، قلب المؤمن يصوم عن الحسد ، لأن الحسد يحبط الأعمال الصالحة ، ويطفئ نور القلب ، يقول سبحانه ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ ، ويقول صلى الله عليه وسلم ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) ، وأخبر عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات عن رجل من أصحابه أنه من أهل الجنة فلما سئل ذاك الرجل بم تدخل الجنة قال لا أنام وفي قلبي حسدا أو حقد أو غش على مسلم ، فهل من قلب يصوم صيام العارفين 0
وأخيرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) 0
قلت ما قد سمعتم والحمد لله رب العالمين
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وبعد
هناك عوامل تحيي القلوب بإذن الله ومنها :
1- ذكر الله تعالى
2- ذكر الموت
3- زيارة القبور
4- زيارة الصالحين والإطلاع على أعمالهم الصالحة
كما يجب علينا الحذر من مفسدات القلوب فالقلب يفسد كما يفسد البدن وفساده من أمور كثيرة تعرض للعبد منها :
1- شغل القلب وتعلقه بغير الله
2- الذنوب
3- كثرة مخالطة الناس
4- كثرة تناول الطعام والشراب
5- كثرة النوم
عباد الله : علينا أن نجتهد لإصلاح قلوبنا وتصفيتها مما قد يشوبها من الأمراض ، أصلح الله قلبي وقلوبكم وتقبل مني ومنكم سائر أعمالنا وجعلها خالصة لوجهه الكريم 0
اللهم يا سامعاً لكل شكوى ويا عالماً بكل نجوى ويا كاشفاً لكل بلوى اكشف هم المهمومين ونفّس كرب المكروبين اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك وأفقر عبادك إليك وهب لنا غنىً لا يطغينا وصحة لا تلهينا وأغننا اللهم بفضلك عمن سواك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين

مستفادة من عدة خطب ومقالات وبحوث ومنها كتابات الدكتور زغلول النجار

أحسنت وأجدت ... لافض فوك .