الملك عبدالعزيز اًل سعود فى الكويت
اِن سيرة الملك عبدالعزيز تبهر كل من قرأها لأنها سيرة أنسان فذ تمثلت فيه معاني البطوله والرجوله الاٍنسانيه رجل تجمعت فيه شمائل النخوه العربيه الأصيله وله من المناقب والمواقف الرجوليه مايعجز القلم عن ذكره رجلاَ تجلت فيه روح الاِمام العادل والراعي الصالح والقائد المعلم الذى خلط رقعة ملكه الشامخ بذراعه الفتي لقد كان واحداَ من أولئك العباقره الأفذاذ الذين يولدون وفى صدورهم شعلة لايخبو لها ضرام وفى أعصابهم هاجساَ لايستريح من حوافز الغيره على إنجاز رسالتهم والحماسه لتحقيق أهدافهم مهما حالت الحوائل وتزاحمت المصاعب بينهم وبين مايناضلون من أجله ويسعون إليه فالعظيم لايسعى ليكون عظيماَ أو يكون خالداَ ولكن طبيعته الفذه هى التى تندفع به قدماَ إلى حقه من تلك العظمه ونصيبه من من ذلك الخلود يقول عن نفسه( أنا عربي ومن خيار الأسر العربيه ولست متطفلاَ على الرئاسه والملك وإن أبائي وأجدادي معروفون منذ القدم بالرئاسه والملك) لقد ألهمت سيرة هذا الرجل الكثير من المؤرخين والأدباء والساسه والرحاله والمستشرقين والشعراء وألفت كتب ومجلدات عن سيرته وكفاحه وترجمت عنه الكثير من التراجم والمؤلفات بجميع اللغات لما لهذه الشخصيه من تأثير بارز ودور فعال على مسرح الأحداث منذ أوائل القرن العشرين عندما أعاد إحياء الدوله السعوديه الثالثه فى شوال 1319هـ1902 فى ملحمه بطوليه جريئه وإقدام وشجاعه نادره أدهشت المراقبين السياسين اُنذاك؟ اللذين كانوا يراقبون أوضاع المنطقه عن قرب والدول المحيطه بها فتعالوا نتعرف على هذه الشخصيه الفذه التى غيرت مجرى التاريخ ورسمت خريطه جديده للجزيره العربيه والشرق الأوسط برمته فقد ولد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود فى بلدة ضرما من نواحى الرياض فى قصر والده مقر الاٍمامه والاٍماره مابين صلاة العشاء والفجرليلة التاسع والعشرين من شهر ذي الحجه 1293هـ1876م نشأ الفتى وترعرع فى بيئه تحيط بها الباديه من كل ناحيه فأكسبته قوه وسلامة بنيه فقد كان طويل القامه عريض المنكبين بارز الصدر حاد العينين دقيق الخصرضامر البطن مفتول الساعدين والساقين رشيق الحركه تلقى أصول الدين وهو بالسابعه من عمره فقدعهد به والده ألى الشيخ عبدالله الخرجى لتعليمه القراٌن الكريم فختمه فى الحاديه عشر من عمره ثم تلقى أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف اٌل شيخ ثم أطلع على تاريخ العرب والاٍسلام وألم بتاريخهم وتدرب فى الباديه مع أقرانه على ركوب الخيل والفروسيه والبطوله حتى أصبح من فرسان الخيل والسيف والرمايه وقد شاهد وأدرك الكثير من الأحداث التى مرت بها المنطقه فى فترة سنه المبكر ورأى النزاع والحروب التى كانت بين والده وخصومه سواء من حاكم حائل وقتها محمد العبدالله الرشيد أو من القبائل الأخرى أو الصراع القائم بين أعمامه اُنذاك على الملك والحكم وشاهد والده الاٍمام عبدالرحمن كيف يستبسل من أجل أسترجاع ملك اٌبائه وأجداده ورأى والده يحارب فى الوقعه الأخيره ويستسلم إلى الله ثم شاهد والده وهو فى الاٍحساء يرفض شروط الدوله العثمانيه فسدت أمامه الأبواب كلها فلم يجد إلا باب الصحراء فخرجت القافله مهاجره فى عام 1308هـ1890م بعد وقعة المليدا الشهيره وسط صحراء قاحله صعبه محفوفه بالمخاطر والصعاب وسارت أياماً بلياليها حتى وصلت إلى قطر التى لم يمكثوا فيها إلا أياماً قليلة غادروها إلى البحرين حيث إستقبلهم الشيخ عيسى بن خليفه بكل حفاوه وترحيب ووفر لهم كل سبل الراحه والطمأنينه التى إستردوا فيها قليلاً من الراحه والاٍستقرار وقد كان الامير الصغير يحضر مجلس الشيخ عيسى بن خليفه وكان الشيخ شديد الاِعجاب بالفتى لفرط ذكائه وإعتزازه ببلده وموطن اًبائه وأجداده فقد سأله الشيخ عيسى مره على سبيل المزاح مارأيك ياولدى عبدالعزيز قطر أفضل أم البحرين؟ فأجاب على الفورالرياض أفضل!منهما فأبتسم الشيخ عيسى بعدها وأسر ألى والده الاِمام عبدالرحمن (إبنك هذا سيكون له شأن عظيم) بعدها غادرت الأسرة البحرين قضت خلالها عاماً كاملاً مع قبائل المره والعجمان بالربع الخالى الذى تسميه العرب بلاد النار لشدة جفافه وقسوة الحرارة فيه ورغم قصر المده إلا أنها كان لها أثر كبيرفى صقل شخصية الأمير عبدالعزيز ومواهبه تعلم فيها فنون الفروسيه والتخفى والمباغته ومعرفة الأثار والنجوم التى يعتمد عليها الفارس فى تحركاته الليليه بعد الله عز وجل ولكن لم تستمر إقامة الاِمام عبدالرحمن وأتباعه فى هذا المكان فكان أمر الله قدراُ مقدورا فرحل الركب مرةً أخرى وكانت هذه المرة إلى الكويت والتى إستصعبها بادىُ الأمر الشيخ محمد بن صباح وخاف على نفسه من الدوله العثمانيه والأعداء المحيطين بالكويت وهم خصوم الاِمام عبدالرحمن الفيصل من القبائل المواليه لحاكم حائل وقتها ولكن الله تعالى منُ عليهم بأن جائت الموافقه من الدوله العثمانية بالسماح للأسره ومرافقيهم بالاِقامه فى الكويت بعد مراسلات ومخاطبات من قبل الشيخ محمد بن صباح ووالي البصره وذلك عام 1310هـ1892م تم بعدها تخصيص بيتاً للاسره ويقع فى فريج (عنزه) حول مسجد بن بحر له بابان أحدهما مواجه للجنوب يفضي إلى مجلس الاِستقبال الكبير والباب الثاني مواجه للغرب يؤدى إلى فناء واسع مكشوف على جنباته عدد من الغرف وبيتا اًخر بجانبه جعل خصيصاً للمخلصين القلائل من الخدم اللذين رافقوا الأسره بعد خروجهم من الرياض حيث خصص لهم راتباً شهرياَ وقدره(30) ليره يدفع بمعرفة والى البصره والذى لم يكن يفي بسد إحتياجات الأسره ومن معهم؟ رغم ماوفره لهم الشيخ محمد من سبل العيش الكريم وعين لهم من يقوم بتلبية حوائجهم ومتطلباتهم وهو المرحوم إبراهيم المزين راعي بيرق الشيخ مبارك الصباح وكان الراتب المخصص لأسرة اٌل سعود لم يكن يصل باِنتظام مما كان يسبب الضيق لأسره كانت فى بحبوبحة من العيش الرغيد حتى لما أراد الشاب الصغير الأمير عبدالعزيز الزواج وهو فى سن مبكره وقيل بالسابعة عشر من العمر عجز والده الاِمام عبدالرحمن تدارك المهر؟ مما جعله يستدين من التاجر الثري هلال بن فجحان المطيري وفى روايه أن بعض التجار هبوا للمساعده كما تذكر بعض المصادر ولم تمضي عدة سنوات قليله حتى تحسنت الحاله المعيشيه وتوسعت وتعددت المساكن وذلك أثناء فترة مشيخة الشيخ مبارك الصباح للكويت عام 1314هـ 1896م وأنجب إبنيه الأمير تركي وبه كان يكنى وقد عينه والده أميراً على القصيم قبل وفاته شاباً عام1338هـ1919إثر الأنفلونزا الموسميه التى إجتاحت العالم اُنذاك وحصدت الملايين من البشر وتسمى سنة (الرحمه) والملك سعود الذى تولى الحكم بعد والده وقد أتيح للأمير الشاب عبدالعزيز أثناءإ قامته فى الكويت أن يشهد فى مجلس الشيخ مبارك ظروباً عجيبه من الزحام الأوروبي والتنافس الدولي مع المراكز الأستراجيه والأسواق التجاريه وطرق المواصلات ومنابع المواد الخام فى المنطقه ورأى الشيخ مبارك الذى كان من دهاة العرب كيف يفاوضة الدول المتنافسه والمتصارعه فيدارى الجميع ويساومهم من غير أن يزعج أحداَ أو يخضع لفريق دون الاَخر وقد رأى الكثير من أمراء القبائل وزعمائها وتعرف على الوجهاء وأعيان وحكام البلدان المجاوره وأستمع وتعرف على الشعراء والأدباء والتقى بعدد من المؤرخين والرحاله والمستشرقين اللذين كانوا يستقبلهم الشيخ مبارك فى مجلسه وبدأ بتلقن فن الزعامه والحكم و أصول السياسه والدبلوماسيه وأساليب المرونه والدهاء وفى مجلس والده الأمام عبدالرحمن تغذيه للروح والعقل والمبادىُ والأخلاق وقد إلتقى وتعرف بالكابتن البريطاني الشهير وليم شكسبير المندوب السياسي فى الكويت الذى وثق وصور المراحل الاولى من حياة وسيرة الملك عبدالعزيز حتى مقتله بمعركة (جراب ) 1333هـ يناير 1915م حينما رافق جيش الملك للتصوير والتوثيق رغم تحذير عبدالعزيز له فقد وصف شكسبير الأمام عبدالعزيز بأنه (رجل واسع الأفق وصريح وأنه يوحي بثقه تفوق ما يوحى به غيره من العرب)وقد نشأت بينهم صداقه أدت إلى إيمان شكسبير بقضية الأمام وأصبح من المتحمسين له وإلى اُل سعود بشكل عام وقد إلتحق الشاب الأمير بالمدارس والكتاتيب الأهليه اُنذاك وتتلمذ على يد مطاوعه ومطوعات مثل المطوعه شريفه حسين العمر التى تعلم منها القراُن الكريم وعلومه وقد أعطاها الاِمام
عبدالرحمن مقابل تعليمها لأبنه جنيهين من الذهب إلا أنها رفضت ذلك؟ محتسبه عملها لوجه الله تعالى وقد حفظ لها هذا الموقف الملك عبدالعزيز بعد ذلك وكان يصلها ويسئل عنها حتى وفاتها رحمها الله كما درس على يد الشيخ الملا راشد بن شرهان حفظ القراُن وعلومه ومبادىُ اللغه العربيه وأصولها كما درس على يد الملا زين العابدين بن حسن بن باقر وهوأكثر من خص الملك عبدالعزيز بمدائحه وقصائده لذا أمر له الملك براتب وكسوه كل عام ولم تنقطع عنه حتى وفاته الملا عام 1370هـ1950م ولقد إنتبه الشيخ مبارك مبكراَ لهذا الشاب الذى رأى فيه الرجوله المبكره والفراسه وقوة الشخصيه والنباهه فلم يكن عبدالعزيز بذلك الشاب اللاهي والغير مبالي أوالطائش كما هي طبيعة الشباب اللذين هم فى سنه بل كان لايخالطم ودائم الصمت كثير التأمل والتفكير وكان يفضل الجلوس من إبن عمه وصديق دربه وكفاحه الأمير عبدالعزيز بن مساعد على شاطىُ البحر وأحياناً يخرجون من البلده ويجلسون على تله مرتفعه من الأرض متجه أنظارهم نحو الجنوب باتجاه نجد أرض الاُباء والأجداد حتى أن الشيخ مبارك فيما يروى عنه أنه مر ذات يوم بعربته مع أتباعه وخدمه وأبصر من بعيد رجلين يجلسان على ضلع مرتفع قليلاً وأرسل إليهم من يستطلع خبرهم فقيل له أنه الامير عبدالعزيز وإبن عمه؟ فأتجه نحوهم وأركبهم معه بالعربه متجهين إلى البلده وفى اثناء المسير سألهم الشيخ مبارك عن سبب خروجهم من البلده وجلوسهم بهذا المكان فأجابه الامير عبدالعزيز بأنهم كانوا يتحدثون عن نجد ومااٌلت اليه الأوضاع فيها بعد خروجهم فأبتسم الشيخ مبارك وأربت على كتف عبدالعزيز قائلاً (إبشر ياولدى ياعبدالعزيز والله وانا بوجابرغير ترجعون لنجد وتقر عيونكم فيها )وفعلاَ لم يمضى على هذا الحديث خمس سنوات حتى تم للمك عبدالعزيز دخول الرياض منتصراً وتحريرها من المحتل الغاصب فى مغامره جريئه وشجاعه نادره منقطعة النظير أذهلت المراقبين والمهتمين بشئون المنطقه اٌنذاك وقلبت الموازين والمصالح وخلطت الأوراق والحسابات الدوليه نتج عن أثرها رسم خريطه جديده للجزيره العربيه والمنطقه العربيه برمتها والشيخ مبارك هو من عناه سلطان الدويش بقوله( يافاطري توما شربت الكيف× من يوم أبو جابر ظهر×نبي نطارد مكرمين الضيف×...... هل البوش العفر) وكان الشاب الأمير عبدالعزيز كثير التردد على مجالس أخرى فى الكويت وهى كثيره ومتنوعه مثل مجلس البدر والشملان والغانم والخالد والمضف ومجلس السيد خلف باشا النقيب نقيب الأشراف فى تلك الفتره وهى من أكبر المجالس وأشهرها على الاِطلاق من حيث نوعية الرواد ومكانتهم الاِجتماعيه والغايات النبيله التى تجمعهم وكان من أبرز المنتظمين لهذا المجلس بين الحين والاُخر الشيخ محمد بن صباح والشيخ مبارك وجراح وبقية الامراء والوجهاء وعلية القوم ونشأت صداقه بين الشاب عبدالعزيز وبين السيد عبدالرحمن إبن السيد خلف النقيب وأستمرت صداقتهم حتى وفاة الأخير فى البصره عام 1355هـ1936م وقد تأثر الملك عبدالعزيز عند سماعه خبر وفاة صديقه تأثراً بالغاً وفاضت الدموع من عينيه عندما تذكر تلك الأيام التى قضاها الأمير الشاب مع السيد عبدالرحمن النقيب بين جدران مجلس والده فى تلك الأيام الخوالي والذى كان من اكثر المتحمسين والمشجعين للأمير عبدالعزيز لاِستعادة ملك اُبائه واجداده ومنذ أن إستلم الشيخ مبارك سدة الحكم فى مايو 1896م 1314هـ أولىً جل إهتمامه لنصرة قضية الاِمام عبدالرحمن الفيصل إمام نجد الشرعي المعترف عند كثير من القبائل ومشيخات الدول والزعماء السياسيين اَنذاك وكان الشيخ مبارك كثير هذه المقوله للأمام عبدالرحمن (إقلط عندي ياخالي) لأن والدة الشيخ مبارك هى لولوة بنت الشيخ محمد بن إبراهيم بن ثاقب الوطبان وهم قرابة اَل سعود أمراء منطقة الزبير اَنذاك فقد أوعز الشيخ مبارك إلى قائد جيشه الشجاع صقر بن جاسر الغانم بالاِغاره على القبائل المواليه لمحمد العبدالله الرشيد النازله بأطراف الكويت وباديتها حتى وفاة الأخير فى عام 1897م1315هـ وإشتدت الغارات والمناوشات بين الطرفين بشكل مركز واكثر من سابقه خصوصاً بعد أن جاء للحكم عبدالعزيز المتعب الرشيد حيث أخذ النزاع المتواصل بين الطرفين أبعاد أخرى وبدأت الأخطار تحيط بالكويت وأخذت المشاكل تكتنف الشيخ مبارك من كل جهه وصوب بتدخل أطراف إقليميه لها ثقل سياسى فى المنطقه كالدوله العثمانيه التى أمدت إمارة حائل بالسلاح والأموال والدعم المعنوى المباشر حيث أمدته بطابور عسكرى تركى وصل حائل عن طريق المدينه المنوره ورابط فيها؟ وبدأت الدوله بتهديد الشيخ مبارك باَحتلال الكويت وعزله من الحكم وتحريك خصومه التقليلديين لغزو الكويت عن طريق المجال البحرى مما دعا الشيخ مبارك أن يطلب الحمايه البريطانيه عام 1317هـ1899م للمحافظه على الجبهه الداخليه للكويت ليتفرغ بعد تأمينها داخلياَ للتركيز على الوضع والجبهه الخارجيه تحديداَ ومماٌ يجدر ذكره أن الأمير الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن وعبدالعزيز بن مساعد وعبدالله بن جلوى قد شاركا وساهما فى بعض هذه الغزوات وصد تلك الهجمات التى كانت تدور أحداثها قبل معركة الصريف الشهيره؟ ومن بينها غارات عبدالعزيز الرشيد المتكرره على أطراف الكويت الأمر الذى جعل الشيخ مبارك يعد العده ويجمع الجموع لمحاربة أمير حائل وحلفائه من القبائل وزعماء المناطق .
يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع
التعديل الأخير تم بواسطة ابو مشاري الرفدي ; 09-24-2010 الساعة 04:32 AM
|
الإهداءات
09-23-2010, 06:41 PM
العرض الشجري
