" هل كل من أضاع أصله قال أنا تميمي "
أصل هذا المثل أن المهلهل بعد مقتل أخيه كليب ذهب إلى قبيلة من قبائل تغلب وكانت هذه القبيلة ذات فرسان ومنعه وخيرات جزيلة، فإجتمع المهلهل بأميرها الأمير عمر أو عمرو وفرسانها ، وقال لهم " اركبوا معنا لقتال بني بكر" فأبوا وقالوا بلسان واحد: لا نحارب من لم يحاربنا.
فقال المهلهل : أما شملتكم الحرب إلى الآن؟
فقالوا: لا.
فقال ما كنت أظن إلا أنها شملت كل بني تغلب وما دام كذلك فتنحّوا عن منازلكم واقصدوا غير هذه الديار، فإن حاربناهم لا تأمنون على أنفسكم من شرهم وأذاهم لأنكم من قبيلة تغلب فينتقمون منكم لذلك.
فقالوا: ما علينا من بأس فإنهم يحاربون من يتعرض لهم في ديارهم، ونحن اليوم في ديار بني تميم. وما نحن اليوم إلا من تميم، فاغتاظ المهلهل من هذا الكلام وكان أشد عليه من ضرب الحسام وقال لسيدهم وأميرهم: "وهل كل من أضاع أصله قال أنا تميمي".
فتركهم وسار وأتفق أنه إلتقى بقومٍ من بني بكر في ذلك الجوار فأغار عليهم وقتل رجالهم وقطع رؤوس ساداتهم ورجع في الظلام وطرح الرؤوس بين خيام وبيوت القوم المعتزلين من بني تغلب المذكورين وعندما استيقظ القوم صباحاً رأوا الرؤوس بين الأطناب وعرفوها، فأيقنوا أنها مكيدة من مكائد المهلهل، وقال لهم أميرهم إنضموا إلى بني تغلب والتحقوا بالمهلهل فإني لا أرى إلا وقد أغارت علينا بني بكر لأخذ ثأر هؤلاء القوم.
هذه الرواية التي قيل أنها أصل المثل السائر إلى اليوم وهو " كل من أضاع أصله قال أنا تميمي" وقائله هو المهلهل الزير سالم ، وهو لا شك فخر وسموّ وعلوّ وليس كما يظن من يسيئون الفهم في هذا العصر ، وذلك لمنعة قبيلة بني تميم وسؤددهم وحمايتهم لجوارهم وذمامهم ، وكذلك الحال مع بعض الأمثال التي أسيء فهمها وتوظيفها في هذا العصر ومن ذلك المثل الذي نسمعه دائماً يتكرر وهو " الهيلق " وكان أصل المثل " الهيلك " وبدايته هو سنة الهلاك أو المجاعة التي أصابت الكويت والأقاليم المجاورة لها، والهيلك هم الذين كانوا يجتمعون حول قصر أمير الكويت آنذاك وحول سور الكويت لأكل ( العيش ويسمى التّمّن ) الذي كان يقدم حول القصر وسور الكويت للجياع الذين هم الهيلك أي الأوناس الذين هلكوا أو أصابهم الهلاك بسبب المجاعة.
كذلك الحال مع الكلمة التي نسمعها تتردد كثيراً ألا وهي كلمة " الهكرة " وقد قام جناب مؤرخ قبائل ربيعة الأديب عبدالله بن عبار حفظه الله تعالى بشرح وتوضيح أصل هذه الكلمة ، فلقد "جاء في المنجد والقاموس المحيط ودائرة معارف القرن العشرين وفي الكثير من كتب اللغة والأنساب الهكاري بفتح الهاء وتشديد الكاف وبعد الألف راء هذه النسبة إلى قبيلة من الأكراد لهم معاقل وحصون وقرى من بلاد الموصل الشرقية" أ.هـ ، والتالي هو رابط الموضوع المتعلق بذلك، تحت عنوان: " ما هم الهكر ".
لذا وجب التنويه والإيضاح كي لا يقع البعض في سوء فهم وتوظيف هذه الأمثال والتي يتوجب على الجميع معرفة أصلها والمناسبات التي قيلت بها وأن العرب لا يمكن لهم أن يسبوا حتى أعدائهم في ميادين الشرف والقتال فما بالك بأقوامٍ أعزهم الله عز وجل على لسان رسوله الرحمة المهداة صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله أعلم..