السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أديب قبائل ربيعة الموقر، يبدو لي أن أخينا الدكتور عيد بن يحيى ينقصه بعض الأمور وأخذ به إندفاع الشباب وزهو الشهادة والظهور خلف شاشات التلفاز والشهرة التي هيئت له من خلال ما رصد له من دعمٍ معنوي ومادي إذا أضفنا إلى ذلك ثقة من عوّل عليه في هذا العمل التاريخي الهام، ولكن لمثله من مثلك يسدى النصح ونشهد الله أنك أجزلت النصح ولم تبخل عليه بالتوجيه فجزيت عنا وعن جميع قبائل ربيعة كل خير في الدنيا والآخرة، ولابد للأخ العزيز الدكتور عيد أن يراعي أننا ذوي العلاقة وأحفاد أهل تلك المعركة فليس هو بمدركة ولا بطابخة وعليه أن يراعي ذلك جيداً ويأخذ بعين الإعتبار والإهتمام وعليه كذلك مراعاة الحقوق العربية فكرياً وأدبياً وتاريخياً، وأنه تلقى في هذا الصدد التصحيح والنصح والتوجيه من رجل تئـول إليه أمور كل هذه القبائل وهو جنابكم العزيز المكرم فأنت مؤرخ وأديب قبائل ربيعة عامةً وقبيلة عنزة خاصةً ومن قضيت ما سبق من عمرك كله في البحث والتدقيق وتحصيل كل مفاخر وأمجاد هذه القبائل وعرفت منازلها وأيامها وأمجادها ومشائخها وأمراء حربها وألممت وأحطت بكل أشعارها وتقصيت أخبارها منذ خلقها الله وأوجدها.
وكان عليه وفقه الله وهداه بعد أن راجعكم الأخذ بما تفضلتم به عليه وأن يراجع كتب التاريخ جيداً قبل أن يبث تلك الحلقة الخاصة بموقعة ذي قار، وإضافةً لما تفضلت به رعاك الله وأمد بعمرك، نضيف لأخينا الدكتور ما نقص عليه من علمٍ ولم يدركه لحماسه الذي دفعه لذلك العمل وتشجيع من عوّل عليه بذلك ولربما كنّا مثله بالظن أنه لا يوجد حنو إلا ذاك الذي يقع بين مدينتي طريف والقريات.
وكان لزاماً عليه فيما يخص حدود شبه الجزيرة العربية مراجعة دارة الملك عبدالعزيز وسؤالهم عن حدود الجزيرة الجغرافية الطبيعية منذ زمن تلك الموقعة في الجاهلية وصولاً إلى ما وصل إليه حكم أئمة آل سعود - رحمهم الله - وكل ما يتعلق بموقعة ذي قار الشهيرة وبخريطة العراق قبل وبعد الإسلام ومنها خريطة مدينة الحيرة وتضاريسها الطبيعية التي تعتبر هي حاضرة المناذرة والتي دمجها عبدالملك بن مروان فيما بعد مع الكوفة التي بناها الصحابي الجليل سعد بن أبي وقّاص بعد معركة القادسية الشهيرة في عهد الخليفة الفاروق رضي الله عنهما وأرضاهما وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خير جزاء واللّتين أطلق عليهما العرب في ذلك العصر مسمى ( الكوفان ) وصولاً على عهد صدام حسين والتي كانت تسمى قبله تلك المنطقة ( بقشّاء المنتفق ) وهنا يلام بتعريضه لهذا الرجل بعد مماته فما كتبه في مقدمة برنامجه وقاله ولكأن بكلامه التشفّي وليس التعريض فقط وهذا ليس من عاداتنا ولا من قيمنا ولا من مبادئنا الموروثة ولا من شيم أولي النهى والعزم والعلم، وقد عرف الرجل بأس دولتنا وهو على قيد الحياة ورأى ذلك بأم عينه، وما قاله أخينا الدكتور عيد لا يمثل وجهة حكومتنا ولا شعبنا العربي المسلم السعودي الأبي، المتقيدين بقيم وشيم العرب الغرّاء ولا مبادئ الدين الإسلامي السمحاء الذي ينهى عن مثل هكذا قول.
ونقول لأخينا ولإبن وطننا العزيز عليك بالحلم والأناة وعليك بالإمتثال لما قاله لك مؤرخ قبائل ربيعة الأديب عبدالله بن عبار حفظه الله وإياك وعليك أن تتذكر دائماً ما قاله الأرجاني، حينما قال:-
إقرن برأيك رأي غيرك واستشر=فالحق لا يخفى على اثنين
للمرء مرآةٌ تريه وجهه=ويرى قفاه بجمع مرآتين
وقوله كذلك:-
شاور سواك إذا نابتك نائبة=يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر ما دنى ونأى=ولا ترى نفسها إلا بمرآة
* * *
ونضيف لأخينا الدكتور بن يحيى ما جاء عن حدود الجزيرة العربية بعد ما أضافة لك أديب قبائل ربيعة أمد الله بعمره ورعاه فيما يخص موقعة ذي قار، ونقول لجنابه إنظر إلى ما ورد في كتاب نهاية الارب في معرفة أنساب العرب في :-
الفصل الرابع
في ذكر مساكن العرب القديمة التي درجوا منها إلى سائر الأقطار
أعلم: أن مساكن العرب في ابتداء الأمر كانت بجزيرة العرب الواقعة في أواسط المعمورة، واعدل أماكنه وأفضل بقاعه حيث الكعبة الحرام وتربة أشرف الانام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما حول ذلك من الأماكن، وهذه الجزيرة متسعة الأرجاء، ممتدة الأطراف، يحيط بها من جهة الغرب بعض بادية الشام حيث البلقا إلى أيلة، ثم القلزم الآخذ من أيلة، حيث العقبة الموجودة بطريق حجاج مصر إلى الحجاز إلى أطراف اليمن حيث طي وزبيد وما داناهما، ومن جهة الجنوب بحر الهند المتصل به بحر القلزم المقدم ذكره من جهة الجنوب إلى عدن إلى أطراف اليمن حيث بلاد مهرة ظفار وما حولها، ومن جهة الشرق بحر فارس الخارج من بحر الهند إلى جهة الشمال إلى بلاد البحرين ثم إلى أطراف البصرة ثم إلى الكوفة من بلاد العراق، ومن جهة الشمال الفرات آخذاً من الكوفة على حدود العراق إلى عانة إلى بالس بلاد الجزيرة الفراتية من برية الشام حيث وقع الابتداء.
والحاصل أن السائر على حدود جزيرة العرب فيه من أطراف برية الشام من البلقا جنوباً إلى أيلة، ثم يسير على شاطئ بحر القلزم وهو مستقبل الجنوب والبحر على يمينه إلى مدين إلى ينبع إلى البروة إلى جدة إلى أول اليمن إلى زبيد إلى أطراف اليمن من جهة الجنوب ثم يعطف مشرقاً ويسر إلى ساحل اليمن وبحر الهند على يمينه حتى يمر على عدن ويجاوزها حتى يصل إلى سواحل ظفار من مشاريق اليمن إلى سواحل مهرة، ثم يعطف شمالاً ويسير على سواحل
- 23 -
اليمن وبحر فارس على يمينه ويتجاوز سواحل مهرة إلى عمان من بلاد البحرين إلى جزيرة ( أوال ) إلى القطيف إلى كاظمة إلى البصرة إلى الكوفة، ثم يعطف إلى الغرب ويفارق بحر فارس ويسير والفرات على يمينه إلى سلمية إلى البلقا حيث بدأ.
ودور هذه الجزيرة على ما ذكره السلطان عماد الدين صاحب حماة في تقويم البلدان سبعة أشهر وأحد عشر يوماً بسير الأثقال فمن البلقا إلى الشراة ثلاثة أيام، ومن الشراة إلى أيلة نحو ثلاثة أيام، ومن أيلة إلى الحجاز وهي فرضة المدينة المنورة النبوية نحو من عشرين يوماً، ومن الحجاز إلى ساحل الجحفة نحو ثلاثة أيام، ومن ساحل الجحفة إلى جدة وهي فرضة لمكة ثلاثة أيام، ومن جدة إلى عدن نحو من شهر، ومن عدن إلى سواحل مهرة نحو من شهر، ومن مهرة إلى عمان إلى البحرين نحو من شهر، ومن هجر إلى عبادان من العراق نحو من خمسة عشر يوماً، ومن عبادان إلى البصرة نحو يومين، ومن البصرة إلى الكوفة نحو اثنى عشر يوماً، ومن الكوفة إلى بالس نحو عشرين يوماً، ومن بالس إلى سلمية(1) نحو سبعة أيام، ومن سلمية إلى مشاريق غوطة دمشق نحو أربعة أيام، ومن مشارق غوطة دمشق إلى مشاريق حوران نحو ثلاثة أيام، ومن مشاريق حوران إلى البلقا نحو ستة أيام.
واعلم - أن الجزيرة في أصل اللغة ما ارتفع عنه الماء آخذاً من الجزر الذي هو ضد المد، ثم توسع فيه فأطلق على كل ما دار عليه الماء ولما كان هذا القطر يحيط به بحر القلزم من جهة الغرب، وبحر الهند من جهة الجنوب، وبحر فارس من جهة المشرق، والفرات من جهة الشمال، أطلق عليه جزيرة واضيفت إلى العرب لنزولهم لها ابتداءً وسكناهم فيها. قال المدائني (2) : وجزيرة العرب هذه
_________________
(1) وفي مخطوطة الاوقاف : سلمة.
(2) أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالله بن أبي سيف البصري الشهير بالمدائني أحد الاعلام الف في التاريخ كتبا كثيرة هي معول أهل الفن واعتمد عليها الفريقان. ولد بالبصرة سنة 135 هج 752 م ونشأ بها ومات ببغداد سنة 225 هج ودفن بها.
- 24 -
تشتمل على خمسة أقسام: تهامة ، ونجد ، والحجاز ، والعروض. واليمن .
فتهامة هي الناحية الجنوبية عن الحجاز.
ونجد هي الناحية التي بين الحجاز والعراق.
والحجاز: هو ما بين تهامة ونجد.
وتهامة جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام، وسمي حجازاً لحجزه بين نجد وتهامة.
والعروض: هي اليمامة ما بين تهامة إلى البحرين، ويدخل في جزيرة العرب أيضاً قطعة من بادية الشام كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، ثم في كل قطر من هذه الأقطار مدن وبلاد مشهورة.
فأما الحجاز: ففيه من البلاد المشهورة المدينة المنورة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وقيل هي من نجد، وفيها أيضاً من البلاد خيبر والطائف.
وأما تهامة : ففيها من البلاد المشهورة مكة المشرفة، وقيل هي من الحجاز وفيها أيضاً من البلاد ينبع.
وأما نجد : فقد قيل أن المدينة النبوية منها، والراجح أنها من الحجاز على ما تقدم.
وأما العروض: فيشتمل على ناحيتين، الناحية الأولى : اليمامة، وقيل هي من الحجاز وهي مدينة دون مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في المقدار، بينها وبين البصرة ست عشرة مرحلة، وبينها وبين الكوفة أيضاً مثل ذلك، وهي أكثر نخلا من سائر بلاد الحجاز، وبها كان مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل في زمن أبي بكر ( رضي الله عنه ) .
الناحية الثانية - بلاد البحرين، وهي قطر متسع مجاور لبحر فارس كثير النخل والثمار، والمشهور به من البلاد هجر بفتح الهاء والجيم وهي التي كانت قاعدة البحرين في الزمن المتقدم فخربها القرامطة عند استيلائهم على البحرين، وبنوا مدينة الاحساء ونزلوها وصارت هي قاعدة البحرين، وهي مدينة كثيرة
- 25 -
ونورد لجناب الدكتور وإبننا العزيز
ما جاء في باب عرض
رسول الله صل الله عليه وسلم نفسه الشريفة الطاهرة
على القبائل أول الدعوة
وما رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/422) وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (214) وابن عساكر في "تاريخه" (17/293) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ خَرَجَ - وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ - إِلَى مِنًى حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْعَرَبِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ وكَانَ رَجُلًا نَسَّابَةً فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: وَأَيُّ رَبِيعَةَ أَنْتُمْ؟ مِنْ هَامَتِهَا أَمْ مِنْ لَهَازِمِهَا؟ قَالُوا: بَلْ مِنْ هَامَتِهَا الْعُظْمَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِنْ أَيِّ هَامَتِهَا الْعُظْمَى؟ قَالُوا: ذُهْلٌ الْأَكْبَرُ ... إلى أن قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى مَجْلِسٍ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَإِذَا مَشَايِخُ لَهُمْ أَقْدَارٌ وَهَيْئَاتٌ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنُو شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَالْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَيْسَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ عِزٍّ فِي قَوْمِهِمْ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَ بَلَغَكُمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَهَا هُوَ ذَا فَقَالَ مَفْرُوقٌ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِلَامَ تَدْعُو يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُظَلِّلُهُ بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَى اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنْ تُؤُوُونِي ، وَتَمْنَعُونِي ، وَتَنْصُرُونِي ، حَتَّى أُؤَدِّيَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَمَرَنِي بِهِ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ ، وَكَذَّبَتْ رَسُولَهُ ، وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنِ الْحَقِّ ، وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، قَالَ لَهُ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وَقَالَ لَهُ مَفْرُوقٌ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَوَاللَّهِ مَا هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ كَلَامِهِمْ لَعَرَفْنَاهُ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فَقَالَ لَهُ مَفْرُوقٌ: دَعَوْتَ وَاللَّهِ يَا قُرَشِيُّ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَقَدْ أُفِكَ قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ ، وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَّامِ هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ فَقَالَ: وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ شَيْخُنَا وَصَاحِبُ دِينِنَا ، فَقَالَ لَهُ هَانِئٌ: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ يَا أَخَا قُرَيْشٍ ، وَصَدَّقْتُ قَوْلَكَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنَّ تَرْكَنَا دِينَنَا وَاتِّبَاعَنَا إِيَّاكَ عَلَى دِينِكَ لِمَجْلِسٍ جَلَسْتَهُ إِلَيْنَا لَيْسَ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرٌ إِنْ لَمْ نَتَفَكَّرْ فِي أَمْرِكَ وَنَنْظُرْ فِي عَاقِبَةِ مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ إِنَّهُ زَلَّةٌ فِي الرَّأْيِ ، وَطَيْشَةٌ فِي الْعَقْلِ وَقِلَّةُ نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الزَّلَّةُ مَعَ الْعَجَلَةِ ، وَإِنَّ مِنْ وَرَائِنَا قَوْمًا نَكْرَهُ أَنْ نَعْقِدَ عَلَيْهِمْ عَقْدًا وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَنَرْجِعُ وَتَنْظُرُ وَنَنْظُرُ ، وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَامِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ فَقَالَ: وَهَذَا الْمُثَنَّى شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا فَقَالَ الْمُثَنَّى: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ وَاسْتَحْسَنْتُ قَوْلَكَ يَا أَخَا قُرَيْشٍ وَأَعَجْبَنِي مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ ، وَالْجَوَابُ هُوَ جَوَابُ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ ، إِنَّمَا نَزَلْنَا بَيْنَ صِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْيَمَامَةُ وَالْأُخْرَى السَّمَاوَةُ ، وَإِنَّمَا نَزَلْنَا عَلَى عَهْدٍ أَخَذَهُ عَلَيْنَا كِسْرَى أَنْ لَا نُحْدِثَ حَدَثًا وَلَا نُؤْوِيَ مُحْدِثًا ، وَلَعَلَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا يَلِي بِلَادَ الْعَرَبِ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ مَغْفُورٌ ، وَعُذْرُهُ مَقْبُولٌ ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا يَلِي بِلَادَ فَارِسَ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ غَيْرُ مَغْفُورٍ وَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ نَنْصُرَكَ مِمَّا يَلِي الْعَرَبَ فَعَلْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا أَسَأْتُمُ الرَّدَّ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصِّدْقِ إِنَّهُ لَا يَقُومُ بِدِينِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ ) ، ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِضًا عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَمَا نَهَضْنَا حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانُوا صُدُقًا صُبُرًا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ " .
حسنه الحافظ في "الفتح" (7/220) وقال ابن كثير رحمه الله :
" هذا حديث غريب جدا كتبناه لما فيه من دلائل النبوة ومحاسن الأخلاق ومكارم الشيم وفصاحة العرب ، وقد ورد هذا من طريق أخرى " انتهى من "البداية والنهاية" (3 /178) .
هنا يتضح لنا ما يهمنا فيما أورده بن كثير عن البيهقي وغيره وهو حدود قبائل بكر بن وايل من اليمامة وحتى بطحاء السماوة بالقرب من مدائن كسرى وحيرة المناذرة.
ختاماً نعيد شكرنا وفخرنا بجنابك المكرم يأديب قبائل ربيعة لما تقوم به من تصحيح وتنقيحٍ وذودٍ عن تاريخ أبناء ربيعة.
كما نشكر الأخ الدكتور عيد بن يحيى ونطلب منه إعادة النظر في ما قدمه ونطالبه بالمثول أدبياً لما تفضلت به علينا وعليه من تصحيح لمعلومات ذلك اليوم الذي إنتصرت وإنتصفت فيه العرب من الفرس وعليه مراعاة أن الأمة العربية ومن ثم الإسلامية لا يراعيها حد فمفاخر الأمة تصل إلى حدود الهند والسند والصين وأواسط أوروبا وكان نواة تلك الجيوش فتيانُ خرجوا من بطحاء مكة والمدينة النبوية الزاهرة.
وعليه أن يراعي حدود المملكة العربية السعودية منذ قيام الدولة السعودية الأولى وما وصل إليه حكم أئمتها - رحمهم الله برحمته الواسعة - وذلك ليس ببعيد ولا بعسير المنال وحينذاك سيعرف حدود المملكة الحقيقية، وعليه مراعاة مراجعة وثائق مؤتمر العقير الشهير ومطالبات المغفور له بإذن الله تعالى مؤسس الدولة السعودية الثالثة وموحّد هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - أنزل الله على قبره شآبيب رحمته وجزاه عنا وعن العرب والإسلام خير الجزاء - فهو يعلم أين هي حدود الجزيرة العربية وملك آباءه وأجداده، وهنا لابد أن نشيد بشاعر الوطن الشاعر خلف بن هذال، فلله دره حينما قال إبّان غزو العراق لدولة الكويت موجهاً الحديث للرئيس صدام حسين:-
والعدا لا تشتبه في الخوارط والحـدود *** الحــدود من الحديــدة إلــى أقصـى كربلا
قد رفعنا في سماها العلـم فـوق العمـود *** بين رجم من الجماجم وحشد من المـلا
وقــعـــة زلزالها مثل زلـــزال الــرعـــود *** في نهارٍ فيه صم الرمــك تـــرم الفـلا
ملحمين سيوفنا في المناكـب والعضـود *** ومطعميـن رماحنـا بالقلـوب وبالكلـى
مثل هذه الأبيات لابد أن يعلم فحواها ومعناها أبناء وطننا الأجلاء في هذا العصر وإفهامهم معنى ما قصده وعناه الشاعر خلف بن هذال العتيبي أطال الله بعمره.
في النهاية، ننتظر من إبننا الدكتور عيد بن يحيى تصحيح هذا الخطأ التاريخي وأن يعتذر عن ذلك بالعذر الذي يليق به وبمقام أديب قبائل ربيعة عامةً وقبيلة عنزة خاصةً، والعذر من سمات الكرام من العرب، ونطالبه أن يعيد بث الحلقة الخاصة بيوم ذي قار وإستضافة مؤرخ قبائل ربيعة عامةً وقبيلة عنزة خاصةً الأديب عبدالله بن عبار لتصحيح ما جاء فيها من أغلاط وأخطاء تاريخية كبيرة، والتنسيق كذلك مع إخواننا الأكارم في دارة الملك عبدالعزيز حيال كل ما يتعلق في هذا الحدث العربي التاريخي الذي يهم الأمتين العربية والإسلامية جمعاء.