أخي أبو عبدالله حيّاك الله :
هناك كلمة تقال للنائم عندما يستيقض من النوم وهي ( صح النوم ) وأنا أقول لك يا أخي ( صح النوم ) أنت تحدث عن رجل من قبيلة الجميلات التي لا يختلف أحد على نسبها من أنها من عنزة دون شك ومنهم الكبرى والغررة والنتيفات والصباح وغيرهم وكل هذه البطون ذكرت بجميع المصادر أنهم من عنزة وأشيع ورسخ بأذهان الناس وأعترف بهذا النسب هذه القبائل وقاموا بعمل مشجرات ولكي لا يقول قائل أنني أخذت المعلومة من قال وقيل ولكني زرت النتيفات في الهدار وزرت البديع الذي به قصر فيصل الجميلي وزرت الجميلات في الأفلاج وأوسيلة وأجتمعت معهم ولا وجدت من عنده أدنى شك في نسبهم أنهم ليس من عنزة فأن أن صحة الرواية فهم من البجايدة والثابت أنهم من عنزة والديار الذين هم بها كانت ولا تزال من ديار بني هزّان القديمة
قال الأمير محمد السديري رحمه الله في الملحمة الزايدية :
فكو حقوق للدخيل أبن وابل *** جميلية نالوا حقوق وجاه
وقد كتبت بحث في كتابي قطوف الأزهار وتحاصيت على قصائد فيصل الجميلي وهذا البحث :
* أما الفارس فيصل الجميلي من الجميلات اهل الهدار فهو من نوادر الرجال وله قصص وقصائد معروفه وقد زرت منطقة الهدار للبحث عن تراث هذا الفارس ونقلت بالمشافهة من رواة النتيفات الذين هم من سلالة عامر بن فيصل الجميلي كما يتوارثون وهو ينتسب إلى الجميلات من البجايدة من السلقا من العمارات من عنزة عاش فيصل الجميلي في القرن الحادي عشر الهجري وتنقل في عدد من بلاد الله الواسعة كما تدل على ذلك قصائده وهو رجل كريم وشجاع وكثيراً ما يعتز بكرمه وعفته وترفعه عن الفحش والفجور وهو يمثل قيم العربي النبيل أما عن نسبه فقد أشار له في احد قصائده التي لم نعثر على بقيتها ومنها قوله :
يـقـول الجـميـلي والجميـلي فيصـل *** أنـخـا وتـسمعـنـي منـاعـيـر وايـل
جميليـة تسـقي اعـداهـا مـن الكـدر *** وهي شربها عذب من الما زلايـل
ومعروف أن النتيفات اطلق عليهم هذا اللقب بعد أن هاجروا الجميلات وبقي منهم عدد قليل يقال نتيفات عرب وهم ينحدرون هم وآل صباح والكبرى والغررة والقديمات وعدد من العوايل جميعهم من الجميلات وقد دخلوا بالحلف مع قبيلة الدواسر ومن بقايا أثارهم قصر صبحى في الهدار وقصر سلمى في البديع ويقال أن هذه الأثار كانت لبني الحريش القبيلة العامرية المعروفة التي سكنت هذه الديار في الجاهلية وصدر الإسلام أما الشاعر والفارس فيصل فكان له أخوه منهم : هجرس وحماد وله أبناء منهم : عامر وحماد ويروى أن حماد ذريته الغررة وينسب لأبناء فيصل المثل القائل ( رمح الجميلات بفرسهم ) وقد سألت عن قصة هذا المثل فحدثني الراوي عامر بن مقعد النتيفي رحمه الله والراوي أبن مهدي رحمه الله وعدد من رجال النتيفات وأفاد أن فيصل الجميلي سافر إلى العراق وأحب أمرأه من العرب اسمها جهم ورغب بالزواج منها ولكن أهلها لا يعرفونه فصار فداوي عند أهل الفتاه ويقول المثل الشعبي (من لا يعرفك ما يثمنك) وكانوا يتساءلون عن هذا الرجل الغريب وعن نسبه وديرته ثم في أحد الأيام أغاروا قوم على أبل العرب الذين يسكن عندهم فيصل الجميلي فلحقوا أهل الأبل ولم يحالفهم الحظ في فكاكها ثم أن فيصل أراد أن يبرهن لهم أنه فارس فركب فرسه ولحق القوم وفك الأبل وجاب الخيل قلايع ورمى الفرسان فأصبح له اعتبار بحيث طلب الزواج من جهم وتزوجها وأنجبت له ثلاثة أولاد ثم أن شيخ القوم الذين صار معهم قد أنتحس منه وأراد قتله فعلمت زوجته بخطة المذكور فأخبرت فيصل ونوى الرجوع لقومه ولكن المرأة رفضت مغادرت قومها وأصرت على عدم الرجوع معه فقال لها لابد أن تكوني مطلقه لكي لا تطول مدة غيابي ثم أكسب خطاك وقبل الطلاق أرغب أن أوصيك فقالت هات ماذا تريد أن تقول فقال قصيدة طويلة حفظ منها قوله :
يـا جهـم لا شامـت بـنـا مـن كـنيـه *** حـذار مـن دحـوش الـرجـال حـذار
لا تـاخـذيـن غــرٍ غـريــر مــدقـــر *** يــمــر عــيــد ولا عـلـيــك اخـــدار
ولا تـاخـذين قـن عـلى شـان مالـه *** مـالـك عـلـى مـال الـقـمـوح اقــدار
ولا تاخذين عـودٍ إلـى اقـفا شبابـه *** يـمـوت وورعـانـه عـليـك اصـغـار
ولا تـاخذيـن يـا جـهـم الا مـجـرب *** افـعـالــه غــب الـكـايـنـات اغـــزار
فقالت جهم :
يا فيصل عيالك صغـار كما القـطـا *** وفـروخ الـقـطـا مـا ينجـعـون لـدار
فقال فيصل مجاوباً جهـم على الفور :
يـا جهـم أن الحـر لا مسـه القـوى *** تـخـلـخـل مـا بـيـن الـحــرار وطـار
فرجع فيصل إلى ديرته تاركاً زوجته وأبناءه وبعد أن كبروا الأبناء رجعوا لقومهم وعندما اقتربوا من ديار والدهم شاهدوا أمامهم أبل سارحه في الفلاة فظنوا انها لقوم فاخذوها وكانت هذه الأبل أبل اخوتهم من ابيهم الذين لا يعرفونهم فهبوا أهل الأبل لفكاكها منهم وقام أحدهم بطعن فرس أخيه بالرمح فقتلها وعندما لحق فيصل الجميلي عرف الأبناء وعرفوه فصاح بأبناءه قائلاً ( رمح الجميلات في فرسهم ) فذهبت مثلاً ومن مميزات شعر فيصل أنه كثيراً ما يبدأ القصيدة بأسمه ونسبه ومن شعره هذه القصيدة قالها في أول وصوله إلى العراق وهو لا يعرف أحد :
يـقـول الجـميلي والجـميـلي فيصـل *** والـراس مـن تحـت العمامـة مـال
قعـدت في سـوق العـراقين جـالـس *** لا مـسـائـل حــيٍ ولا مــنــســـــال
وجدي على ربعي على كوار ضمر *** عــلـى ذالــهــات كـنـهــن اجـمـال
عليهـن مـن اولاد الجميلات غلمـه *** عشـريـن مـنـهـم يـنطحـون حـلال
يـبغـون طـرش مـا يعـوض لصـادر *** يـتــلـيـه قـب كـنــهـــن اســيــــال
لا قاضوا المقياض بنوا عروشهـم *** بـنـوا لـهـم بـكــوارهــن مــقــيــال
لـهـن ضـلال بـالـضـحـى طـارداتـه *** ومـستـقـفـيـات بـالـعـصيـر ضـلال
تـرى ديـرتي يـا جـاهـليـن بديـرتي *** عـنـهـا الجـبـال الـنـايـفـات شمـال
كــم مــرة وردت فـيـهــا فـاطـــري *** لا لـجـلـجـوا فـي طـيـهـا الـمـحـّال
مـلـكـت بـالـهـدار تـسعـيـن عـيـلـم *** مـسـايـلـهـا بـالـريـف يـوم اتـسـال
والـيـوم جـفـتـنـي وجـفـت غـيـري *** وهــذي تـصاريـف الـزمـن مـيّــال
يا نفس عـزي مـن تعـزيـن عـنـده *** لــو كــان راعــي كــفــة واحــبــال
ويـا نفس ذلـي مـن تـذليـن عـنـده *** لــو كـــان راعــي مـجـلـس وأدلال
نابع