( ملخص موضوع سبق وأن كتبته في كتابي قطوف الأزهار من مآثر الشيخ فرحان الأيداء شيخ قبيلة ولد علي وأبنه محمد رحمهما الله )
الجد الأعلى الحمولة اليديان هو الشيخ حمدان الملقب ( الأييدي ) وقد لقب بهذا اللقب لعضب كان في أحد يديه ويتحدث الرواة أنه عثر على كنز في عصرٍ كانت العرب في مجاعة وقد أشترى أبل وغنم وبيت كبير وموالي وأنفق على جماعته مبالغ طائلة وأشتهر بالكرم والشجاعة وعظم شأنه حتى ترأس قبيلة ولد علي في نجد والحجاز ثم أنجب سبعة من الأبناء جميعهم ساروا على نهجه في الكرم والشجاعة وأصبحوا السبعة أباء لعمائر من عشيرة اليديان وتأمر على القبيلة عدد من ذريته ومع شهرة هذا الرجل لا تسعفنا المصادر بقصص وافية عن حياته إلا ما يتناقله الرواة نظراً لعدم التدوين في العصور الماضية علماً أن ما بقي في حافظة الرواة معظمها روايات مرتبطة بأحداث لا ينبغي لنا الخوض بمضمونها لتجاوز ذكر ما حدث بين أبناء الجلدة الواحدة التي أرتبط تاريخها الماضي بأحداث أليمة حسب الوضع السائد آنذاك ونحن في عصر الأخاء والمحبة والوئام في ضل شريعة الإسلام السمحة التي تنفذ من قبل حكومتنا الرشيدة أدام الله عزها وأيدها بنصره لرفع راية الإسلام وينحصر بحثنا في محاولة تدوين الجانب المضيء من تاريخ هذه الأسرة الكريمة وقد زودنا الشيخ فارس بن محمد الفرحان الأيداء أحد أحفاد الشيخ حمدان مشكوراً بنبذه عن ملخص غزوات الشيخ فرحان بن بدر الأيداء وأبنه الشيخ محمد الفرحان تتضمن غزواتهم وبعض مواقفهم الطيبة مع موحد هذا الكيان الشامخ جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه ونقتطف بعض ما جاء بنبذة الشيخ فارس مع ما توفر عندنا من معلومات عن الشيخ فرحان وأبنه محمد أما الشيخ فرحان فهو فرحان بن بدر بن مطلق بن رجاء بن ضيف الله بن مسعد بن حمدان الأيداء وقد لعب الشيخ فرحان دور مهم في تاريخ قبيلته ومن أسلافه الشيخ مطلق الجد الأدنى لفرع المشيخة في هذه الأسرة وتفرع من سلالة مطلق ثلاثة حمايل معروفة وهم البدروالهايس والبركات ويطلق عليهم أخوان بقشة ويقال لهم ( خزامة الفيل ) أما عن سيرة الشيخ فرحان بن بدر الأيداء فلا يتسع المجال للتحدث عن كل أمجاده ومفاخره وقد عاش الشيخ فرحان بن بدر الأيداء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري وتوفي في الحادي والعشرون من رمضان عام 1341هـ رحمه الله وشارك في معارك توحيد المملكة ما يقارب من خمسة عشر عاماً تحت بيرق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل طيّب الله ثراه وعرف عنه الشجاعة والإقدام والكرم وحب الخير وبعد النظر قال الشاعـر محمد بن حويكم من قصيدة بالشيخ فرحان بن بدر الأيداء :
الشيـخ أبـو مطلــق زمـام الـحـرابـه ** حـكمـه يطـوع لابسيـن الطرابـيش
حـراً تـعـلا وبـالـعــدا غــط نــابـــه ** خـلا هـل البـوقـات مثـل الدراويش
والشيخ فرحان هو زعيم قبيلة ولد علي في نجد وشمال الحجاز على الإطلاق وقد أستلم الشيخ فرحان بن بدر الأيداء رئاسة قبيلة ولد علي بعد وفاة عمه بركات بن مطلق الأيداء وبقي في الشيخة ما يقارب عشرون عاماً وكان رجلٍ معروف بالشجاعة والإقدام ومن ذوي الهمم العالية ومن دواعي حنكته وذكاءه كوّن علاقة وطيده مع الملك عبدالعزيز عندما كان في الكويت وكان يواصله سراً حسب ما ذكر الشيخ فارس وكان عنده يقين أن هذا الرجل سوف يستعيد ملك الآباء والأجداد الذي سلب منهم في فترة من الزمن وعندما قام الملك عبدالعزيز باسترجاع البلاد كان فرحان أول مؤيد له وكان له مواقف وقد حمل بيرق الجهاد بمساندة أبناء قبيلته الأوفياء وقد بذلوا الروح في سبيل النصر ومن المعارك التي شارك بها الشيخ فرحان أثناء توحيد المملكة منها 1- معركة بواء عام 1341هـ وقد قتل من جماعة الشيخ فرحان أكثر من عشرون رجلاً منهم سبعة رجال من أبناء عمومته اليديان وجرح خلق كثير وقد انتهت المعركة بنصر فرحان وجماعته وأندحاراخصامهم 2- معركة عردة أيضاً عام 1341هـ وكانوا أخصامهم بقيادة إسماعيل القزاز والمجاهدين بقيادة الشيخ فرحان وقد بدأت المعركة كما يصفها معاصرية في الصباح الباكر وأنتهت في المساء وبها انتصر المجاهدين وأنهزموا أخصامهم وأسر عدد كبير منهم واستولى الشيخ فرحان على مدافع وأسلحة من القوم وأرسل الشيخ فرحان أحد هذه المدافع من ذات الحجم الكبير إلى الملك عبدالعزيز وبقي هذا المدفع في حامية المدينة المنورة وفي هذه المعركة قتل الشيخ فرحان تحت البيرق كما قتل عدد كبير من رجال القبيلة وقبل وفاته أوصى في أنجاله الشيخ محمد وأخيه الشيخ علي الملك عبدالعزيز ثم حمل اللواء من بعده أبنه الشيخ محمد الفرحان رحمه الله وقد ولد الشيخ محمد في منطقة البريكة شمال المدينة المنورة عام 1328 هـ وتولى رئاسة قبيلته في سن الرابعة عشرة وقدم على الملك عبدالعزيز بحيث أقـره على قبيلته ووعده بأخذ ثأر أبيه وقال له بالحرف الواحد ( أنا عوض والدك ) ولك مشيخة قبيلة ولد علي وأمارة منطقة ( خيبر ) وعاصر الشيخ محمد بقايا معارك التوحيد وتمكن من أخذ ثأر والده بعد أقل من سنة من وفاته في معركة مغيرا عام 1341هـ وشارك الشيخ محمد بعدد من الغزاوات منها غزوة على أحد القبايل وغزوة الحرث وحضر الشيخ محمد الفرحان أجتماع الجمعية العمومية بالرياض حسب ما ذكر صاحب كتاب أصدق البنود ثم جاء عصر الاستقرار وتشكل على الشيخ محمد اللواء الثامن والثلاثون من أفواج الحرس الوطني وذلك عام 1383 هـ والشيخ محمد الفرحان الأيداء مثالاً للرجل الوقور المهيب المحبوب عند جميع من عرفه من قبيلته ومن القبائل الأخرى وله معرفة بأنساب العرب ومعروف بالحلم والكرم وعفة النفس وبعد النظر والورع والتقى وهو يختار أفاضل الرجال فيستشيرهم عندما يريد أن يقدم على أمر من الأمور والشيخ محمد الفرحان ترأس قبيلته ثلاث وخمسون سنة منذ وفاة والده رحمه الله عام 1341هـ إلى وفاته رحمه الله في حادث سير قرب البتراء بطريق المدينة المنورة في 11\ 5 \ 1394هـ ودفن في مقبرة بريدة بالقصيم رحمه الله وله ثمانية أنجال أكبرهم الشيخ سعود بن محمد الفرحان الذي تولى من بعده رئاسة شمل القبيلة ورئاسة اللواء ولا يزال أما النجل الثاني فهو الشيخ مطلق وهو حالياً وكيل اللواء والنجل الثالث الشيخ بدر وهو حالياً نائب أمير القبيلة والنجل الرابع الشيخ فارس وهو متقاعد من الحرس الوطني وكان برتبة عقيد والنجل الخامس الشيخ نايف وهو حالياً برتبة عميد بالحرس الوطني وقد شارك في معارك تحرير الكويت وحصل على وسام الملك فيصل والنجل السادس نواف وهو حالياً موظف في اللواء والنجل السابع الحميدي وهو موظف أيضاً باللواء والنجل الثامن عبدالعزيز وهو موظف أيضاً في اللواء ومن صفات الشيخ محمد رحمه الله نظرته الشموليه لعموم أبناء قبيلة عنزة دون تفريد وكثيراً ما يقول لمن ينتسب عنده إلى فرع معيّن من فروع قبيلة عنزة ( قل عنزي وكفى ) فأنني لست لولد علي فقط بل لجميع عنزة وكان رحمه الله على مستوى القبيلة ومن صفات الشيخ محمد الكرم وعدم التعدي على الغير وعدم التكبر فقد قال له رجل أنك أكرم من وطأ على الآرض فقال أخطأت أن سمران الغري الخمعلي أكرم مني فهو يلح من ذرعانه وضرب المثل بعدد من الرجال الكرماء ولم يرضى على قول هذا الرجل الذي فضله على الغير وهو الذي يعرف مراحه عندما يشد من منزل إلى آخر بكثرة عظام الأبل والغنم ويعـرف بيته بكثرة الوافدين والحضور وقد قيل بالشيخ محمد بن فرحان الأيداء من شعر المدح والثناء الكثير مما لا تتسع له مجلدات وفي هذا الكتاب بعض القصائد التي قيلت بالشيخ محمد لشعراء شتى رحمه الله ومنها قصيدة غانم اللميع وقد ضمنت هذا الكتاب
وهذه القصيدة لأحد شعراء عنزة رثاء بالشيخ فرحان بن بدر الأيداء :
البـارحـة بـالـقـلـب مـثـل الـوقـيـده ** شبـت بقـلـبي شبـت الـنـار بالـقـاز
عـلى الذي مـا أظـن غيـره يصيـده ** لكـن مقاديـر الـولي مـا بهـا اميـاز
مـرحـوم يـا شيـخ فـعـالـه مجـيـده ** فـرحان الأيداء من مشاهير عـنـاز
شيخ ضهـر شوفـات طلعـه بعـيـده ** شبحـه بعـيـد ودوم بالطيـب يمتـاز
شيخ شهـر عـلـمـه وزايـد حميـده ** عقلـه ثقيـل بكامل الوزن ما أيـراز
مـذاهـبـه كـل الـلـيـالـي جــديــــده ** مـا هـز فـكـره كـل مبـغـض ولـمـاز
شيخ ثمر زرعه ضهر من حصيده ** ما نجحه عـلم الدراسة ولا اعـتـاز
يوم خطات الشيخ يبغض عضيـده ** مـا طـاع هـرجـة كـل حاسـد ودزاز
مـا هـو كمـا طفـل يـزاحم طـريـده ** ضـد الـصـديـق وللمعـاديـن يـنحـاز
فـرحـان نـطـاح الأمـور الـشـديـده ** ومطوّعٍ ضـده عـلى غـيـر مـا جـاز
تــوحــدت بــريــاه كــل الــبـديــده ** وأصلح على وقتـه مهمات وأنجاز
والجـوهـرة مـا تـنـوزن بالحـديـده ** وعلى المثل ما يقارن الحـر بالبـاز
ومـن لا تحـمـل مـا حياتـه سعيـده ** يـروح عـمـره مـا تـجـمـل ولا فــاز
ومـن حـاولـه بالكـيـد لازم يكـيـده ** مـا هــز قـلـبـه بـالـلـقــا كـل هــزاز
غيـر عرده تشهد ضواحي عريده ** والـتـرك تشهـد يـوم صولات قـزاز
سيفه شرع بالجند ما ابقا شريـده ** ماضل غير اللي براس الجبـل حـاز
ومـن قبلهـا فـاتـت فعايـل عـديـده ** قايدها أبـو مطلق بالإكوان ما يهاز
الـفعـل يـشـهـد والـقبـايـل شهيـده ** تضهـر ثناء قـوم قـويـيـن وأعـزاز
يـقـود قـوم مـا تـهـاب الـوعــيــده *8 سيل لطم غثوه على روس الحواز
* وهذه القصيدة من شعر مهنا بن ضيف الله الخالدي من الوسامة من ولد علي ولها مناسبة قالها يثني على حمولة المطلق من اليديان رداً على أبيات قالها أحد الرجال في العصر الماضي وحصل بذلك موقعه كان ممن حضرها من الفرسان هايس الأيداء والخوة الربيلي ومسعد الخالدي :
كـان أنـت حالـم حلـوم الليل كـذابـه ** تشوف نجـوم السماء تبي تقـربهـا
عصيت بالحق وجـو للحـق طـلابـه ** ومن باق بالحق لا يأمن عـواقبهـا
من يعلن الحرب جو للحرب حرابـه ** وتبي تجرب الـلي غيـرك مجربهـا
من فوق قحصاً عليهن وأي ركابـه ** عـزوة ربـيعـة رفـيعـات مـنـاسبها
تشهد لها الفرس بذي قـار وترابـه ** يوم أن كسرى بنت النعمان يطلبها
حموا شرفهاعن الطاغوت وحزابه ** يـوم أبـن شيـبـان للميدان حـزبـهـا
يشهد لها السيف في حديه ونصابه ** والشلف تشهد لهاجرت مضاربها
وأن كان جينا لسوق الموت جلابـه *8 أمـا ربـحنـا بـهـا ولا أنـت تكسبهـا
جينـا مـع الصبح بمغـيـره وهـذابـه ** عـج الرمك بالثرى يشبه سحايبهـا
وتـشابكـوا باللـقـاء شبـان وشيابـه ** والـلي خسـر ربحها يذكر سبايبهـا
لا قـاك حـضفٍ يكـض السم بنيـابـه ** وراحت بك اللي تزبن روح راكبها
وجبـنـا اذواداً تـتعـب يديـن حـلابـه ** يا زين في مرحهـا خـدمة محالبهـا
ما كـل مـن هـام للـدرب ايتهقـوابـه ** ولا كـل لحيه حماها طـول شاربهـا
ما اسبكم يالأجـواد بجـود وحـرابـه ** لاشك عـزوة ربيعـة مـن يحـاربهـا
قلت والشيخ محمد الفرحان الأيداء رحمه الله لكل عنزي فهو الذي أنب أحد الرجال عندما جاءه له لزوم وأنتسب له من أحد فخوذ القبيلة فقال له ( قل عنزي وبس لا تقول من الفخذ الفلاني حيث إذا لم أكن لعنزة كلها فلا خير فيني ) رحمه الله وله مواقف لا يستوعبها مجلدات والداعي لنشر هذا المقال وهذه القصائد هو أن الأخ بدون لقب قد تطرّق لسيرة هذا العلم الفذ