قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِوَسَلِّمُوا تَسْلِيماً[الأحزاب:56
وقد ذُكر في معنى الصلاة على النبي أقوال كثيرة، والصواب ما قاله أبو العالية: إن الصلاة من الله ثناؤه على المصلي عليه في الملأ الأعلى أي عند الملائكة المقربين - أخرجه البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً به - وهذا أخص منه في الرحمة المطلقة - وهذا ترجيح سماحة الشيخ محمد بن عثيمين.
والسلام: هو السلامة من النقائص والآفات فإن ضم السلام إلى الصلاة حصل به المطلوب وزال به المرهوب فبالسلام يزول المرهوب وتنتفي النقائص وبالصلاة يحصل المطلوب وتثبت الكمالات - قاله الشيخ محمد بن عثيمين.
المواطن التي يستحب فيها الصلاة والسلام على النبيويرغب فيها:
1- قبل الدعاء:
قال فضالة بن عبيد: سمع النبي رجلاً يدعو في صلاته فلم يصل على النبي فقال النبي : {عجل هذا! } ثم دعاه فقال له ولغيره: {إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم يصليعلى النبي، ثم ليدع بعد بما يشاء} [رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد بإسناد صحيح وصححه ابن حبّان والحاكم ووافقه الذهبي].
وقد ورد في الحديث: {الدعاء محجوب حتى يصلي الداعيعلى النبي} [رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات].
2- عند ذكره وسماع اسمه أو كتابته:
قال : {رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليّ}
3- الإكثارمن الصلاة عليه يوم الجمعة:
عن أوس بن أوس قال، قال رسول الله : {إن من أفضل أيامكميوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ.. } الحديث
- 4الصلاة على النبيفي الرسائل وما يكتب بعد البسملة:
قال القاضي عياض: ( ومن مواطن الصلاة التي مضى عليها عمل الأمة ولم تنكرها: ولم يكن في الصدر الأول، وأحدث عند ولاية بني هاشم - الدولة العباسية - فمضى عمل الناس في أقطار الأرض. ومنهم من يختم به أيضاً الكتب ).
5- عند دخول المسجد وعند الخروج منه:
عن فاطمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : {إذادخلت المسجد فقولي بسم الله الرحمن الرحيم والسلام على رسول الله اللهم صل على محمدوعلى آل محمد واغفر لنا وسهل لنا أبواب رحمتك فإذا فرغت فقولي ذلك غير أن قولي: وسهل لنا أبواب فضلك}
فضيلة الصلاة على النبيوالسلام عليه
قال : {من صلّى عليّ حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي}
وقال : {من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً}
وعن عبدالرحمن بن عوف قال: أتيت النبي وهو ساجد فأطال السجود قال: {أتاني جبريل وقال: من صلّى عليك صليت عليه ومن سلّم عليكسلمت عليه فسجدت شكراً لله
وعن عبدالله بن مسعود عن النبي قال: {إن لله ملائكةسياحين يبلغونني من أمتي السلام}
وقال : {من صلّى عليّ واحدةً صلّى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشرخطيئات ورفع له عشر درجات}
وعن ابن مسعود مرفوعاً: {أولى الناس بي يوم القيامةأكثرهم عليّ صلاة}
وعن جابر بن عبدالله، قال: قال النبي : {من قال حين يسمعالنداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلةوابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له الشفاعة يوم القيامة}
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه:
ذكر ابن القيم 39 فائدة للصلاة على النبيمنها:
1- امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
2- حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
3- يكتب له عشر حسنات ويمحو عنه عشر سيئات.
4- أن يرفع له عشر درجات.
5- أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه فهي تصاعد الدعاء إلى عند رب العالمين.
6- أنها سبب لشفاعتهإذا قرنها بسؤال الوسيلة له، أو إفرادها.
7- أنها سبب لغفران الذنوب.
8- أنها سبب لكفاية الله ما أهمه.
9- أنها سبب لقرب العبد منهيوم القيامة.
10- أنها سبب لصلاة الله على المصلي وصلاة الملائكة عليه.
11- أنها سبب لرد النبيالصلاة والسلام على المصلي.
12- أنها سبب لطيب المجلس، وأن لا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
13- أنها سبب لنفي الفقر.
14- أنها تنفي عن العبد اسم ( البخيل ) إذا صلى عليه عند ذكره.
15- أنها سبب لإلقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهلالسماء والأرض، لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاءمن جنس العمل فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.
16- أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي داعربه أن يبارك عليه وعلى آله وهذا الدعاء مستجاب والجزاء من جنسه.
17- أنها سبب لعرض اسم المصلي عليهوذكره عنده كما تقدم قوله: {إنصلاتكم معروضة عليّ}وقوله: {إن الله وكّل بقبريملائكة يبلغونني عن أمتي السلام}وكفى بالعبد نبلاً أن يذكر اسمهبالخير بين يدي رسول الله.
18- أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبدالرحمن بن سمرةالذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبيوفيه: {ورأيت رجلاً منأمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته عليّ فأقامته علىقدميه وأنقذته} [رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في "الترغيبوالترهيب" وقال: هذا حديث حسن جداً].
19- أنها سبب لدوام محبة الرسولوزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذيلا يتم إلا به لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضارمحاسنه ومعانيه الجالبة لحبه فسيتضاعف حبّه له وتزايد شوقه إليه، واستولى على جميعقلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضار محاسنه يغلبه، نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعينالمحب من رؤية محبوبه ولا أقر لقلبه من ذكر محاسنه، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسبزيادة الحب ونقصانه في قلبه والحس شاهد بذلك.
20- أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليهوذكره، استولتمحبته على قلبه، حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاءبه، بل يصير ما جاء به مكتوباً مسطوراً في قلبه ويقتبس الهدي والفلاح وأنواع العلوممنه، فأهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له كلما ازدادوا فيما جاء به منمعرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله.
وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.