المراجع العثمانية خليط أشبه بوثائق ويكليكس ولا قيمة فيها للتاريخ السعودي .. المؤرخ عبد الرحمن الرويشد لـ «عكاظ»
كتب المستشرقين عن المملكة أكاذيب وآل سعود يرجعون إلى ربيعة
حوار: بدر الغانمي
قلة هم المؤرخون الذين يطلق عليهم (أسياد الذاكرة) ممن يحولون الأحداث والمواقف العابرة إلى إثبات تاريخي ويوثقونه حقبة إثر حقبة، ترسيخا وشرحا وتحليلا بدءا من النبش والتجميع وانتهاء بالمقارنة والنقد والتقييم.. والحديث الممتد من الأسبوع الماضي مع الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد مؤرخ الدولة السعودية خرج من الشخصي الى الموضوعي ليتناول مواقف ويصحح أحداث جرت على أرض مشبعة ومهووسة بالتاريخ تصحيح المدرك للأخطاء والهفوات لا المتعاطف بعمق.. أكد صحة رواية الشيخ محمد بن عبد الله آل الشيخ في عدد الرجال الستين الذين دخلوا الرياض مع المؤسس، وأوضح أن الملك عبد العزيز لم يقتل صبرا بسيفه في حياته أبدا. وصف الأمير سلمان بالأكثر شبها بوالده وأوضح أن كلام سموه في إرجاع نسب الأسرة إلى ربيعة صحيح وموثق.
حذر الباحثون من خطورة وثائق الأرشيفين البريطاني والعثماني بشأن الدولة السعودية لاحتوائهما على خليط أشبه بوثائق ويكليكس وانطباعات وإفادات استخباراتية تخالف الحقيقة. اضاءات أشمل من التفاصيل بدأها الرويشد مفندا حقيقة الروايات حول الأربعين رجلا الذين دخلوا مع الملك عبد العزيز إلى الرياض عام 1319هـ، بقوله:
هم ستون وليسوا أربعين، وبعيدا عن تحقيقاتي ومتابعات غيري في التفاوت حول أولئك الرجال الذين صحبوا الملك عبد العزيز فقد كان أول من دون أسماءهم وشهد الحدث برمته، ولا ينكر أحد عدالته هو الشيخ محمد بن عبد الله آل الشيخ، خال الملك فيصل ــ رحمهما الله ــ وابن رئيس العلماء إبان تحقيق النصر الكبير عام 1319هـ، فقد دون عددهم وحصرهم في ستين رجلا، وعليه وضعت تحقيقاتي مصحوبة بترجمة لكل واحد من أولئك الأبطال في كتاب أسميته (الستون رجلا خالدو الذكر).
• نفى الأمير سلمان بن عبد العزيز نسبة آل سعود إلى قبيلة عنزة تحديدا بقوله: لو سئلت شخصيا لقلت إنني من بني حنيفة، من بكر بن وائل من عنزة، فماذا نفهم من هذا القول، حسب وجهة نظركم؟
ـــ إذا كان الأمير سلمان قال هذا القول فهو محق؛ لأن النسابين مجمعون على نسب أسرة آل سعود إلى ربيعة الذي يجمع بين العنزية وبني حنيفة. فالنسب متصل، والجد واحد ومما استندت إليه المصادر في هذا، هو أن قبيلة بني حنيفة تسكن هذه الديار منذ عصر الجاهلية.. غير أن بعض المؤرخين من غير العرب، ومن العرب المتأخرين، نسب آل سعود إلى غير بني حنيفة.. إلى عنزة ذاتها، أو إلى المصاليخ من عنزة. فكل من قال بهذا هم من المؤرخين الرحالة أو العرب غير السعوديين، أو ممن نقل عن مصادر غير دقيقة. وأول من قال بهذا القول الرحالة (بوركهارت ) ونقل عنه الحيدري البغدادي، والعزاوي، وتابعهم فؤاد حمزة، وصلاح الدين المختار، دون الرجوع إلى أي مصدر محلي. أما ابن بشر وابن لعبون وابن سلوم وابن خنين ومؤرخو نجد القدماء، فأكدوا نسب آل سعود إلى حنيفة من وائل، وهو قول جبر بن سيار. ويتضح هذا أيضا، فيما كتبه نسابون مهتمون من خارج نجد، مثل الشوكاني، مؤرخ اليمن، والمؤرخ التركي إبراهيم رفعت، صاحب كتاب مرآة الحرمين، وشكيب أرسلان، كما أكد ذلك نسابو العائلة أنفسهم الأمير عبد الله بن عبد الرحمن، والأمير سعود الكبير، والأمير سلمان بن عبد العزيز .
• من خلال تتبعكم لتاريخ الأسرة السعودية من هو أشبه أبناء الملك عبد العزيز رحمه الله بأبيه؟
ـــ عشت بالقرب من دائرة الملك عبد العزيز منذ سكناه قصر المربع الذي استعاض به عن القصر الأول في الديرة عام 1358هـ (1938م) وكانت صلتي بأبنائه الكبار والصغار جيدة بحيث تمنحني البراءة عن صدق الحكم عما سألتني عنه، وعليه أقول بكل صدق: إن لأولاد عبد العزيز جميعهم منه في الشبه الجسدي والأخلاقي والفكري نصيب كبير، غير أني دون تحيز لأي أحد منهم، أرى أن الأوفر حظا في ذلك اليوم هو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وكنت قد أطلقت هذا الحكم منذ سنوات عديدة في قصيدة لي ألقيتها بين يديه في يوم عيد مبارك، حينما عددت خصال الملك عبد العزيز المؤسس وأوصاف الأمير الجميلة. ومن يطلع على كتاب سموه عن والده (ملامح إنسانية من سيرة الملك عبد العزيز ) يدرك مدى هذا التشابه، وإن كان الجميع يعترف أنه لا أحد يضارع الملك عبد العزيز فيما حباه الله من خصال وصفات نادرة.
• لماذا لم تجد الرسائل التي بعثها الملك عبد العزيز بوصفه أميرا وحاكما ثم ملكا الموجودة في الأرشيف البريطاني مع أهميتها لدارس التاريخ من يحفل بها؟
ـــ أنا لا أوافق على هذا الطرح، ومع تقديري واحترامي، فجميع الوثائق التي أصدرها الملك عبد العزيز لبريطانيا أو لغيرها من الدول الأجنبية التي تربطه بها علاقات، كلها مدونة ومترجمة بالكامل قبل أن نجدها مجموعة ومطبوعة ومترجمة في أعمال بعض المستفيدين من جمعها وترجمتها. ومن يطلع على تاريخ نجد والحجاز في مصادره الأولى وبعد انضمام الحجاز إلى بقية أجزاء المملكة يجد أن معظم تلك الوثائق موثقة في أعمال الريحاني وحافظ وهبة، وفؤاد حمزة، فقد احتوت تلك الأعمال على المعاهدات والاتفاقيات كما توافر عدد من الوثائق في كتب الرحالة الرسميين، الذين قدموا إلى ديوان جلالة الملك عبدالعزيز كشكسبير وغيره، كما توجد طائفة من هذه الرسائل ضمن دراسات تاريخية مثل كتاب (السعوديون والحل الإسلامي لمحمد جلال كشك) أما ما يحويه الأرشيف البريطاني من أوراق أخرى في الجمعية الجغرافية أو في غيرها، فهي مجرد تقارير رسمية أو انطباعات شخصية أو إفادات استخبارية ينبغي أن يتناول محتواها بحذر، وإطلاق كلمة وثائق عليها هو من باب الاستسهال، فهي تمثل وجهة نظر من كتبها وقد وجد في مجال الدراسات من تناول تلك الوثائق بالتحليل العلمي وتوضيح ظروفها التاريخية ومبرراتها السياسية، إذا فهي لم تهمل كما تفضلتم.
• تناولت كثير من الكتب التاريخية لمستشرقين ورحالة تاريخ الأسرة السعودية بإضافات وإسقاطات لها، مثل ما قاله فاسيلييف عن العلاقة بين الإمام فيصل وكل من شريف مكة وبريطانيا، وعن النظام الاجتماعي السياسي للدولة عندما قال:
إن تقسيم الإمارة بين أبنائه هيأ أساسا للنزاعات التي أدت إلى تمزيق الدولة السعودية الثانية فلماذا لم تتصدوا لها؟
ـــ أنا أيضا أتساءل مثلك: لماذا لم نتصد لكتب المستشرقين والرحالة الذين كتبوا عن الأسرة السعودية، وطفحت كتبهم بالكثير من الأخطاء والتشويه؟ ومن ذلك ما ذكره فاسيليف نقلا عن المستشرقين والسياسيين الأجانب عن النظام السياسي إذ زعم بعضهم أن الإمام فيصل بن تركي قد قسم إمارته بين أبنائه وقد تابعهم فاسيليف ومؤرخ سعودي أيضا هو أحمد العطار، حيث أضاف أن الإمام فيصل بعد أن اخترمته المنية استقل ابنه محمد في المنطقة الشمالية، وابنه سعود بالخرج والأفلاج، وبقي ابناه عبد الله وعبد الرحمن في الرياض، وكل ما قيل حول هذا التقسيم هراء لا أساس له من الصحة في أي مصدر محلي معروف، وليس الأمر مقصورا على هذه المقولة فحسب، بل إن هناك كتابا يعج بالكثير من الأخطاء في التاريخ السعودي، وللأسف الشديد، قوبل بالترحاب وأعيدت طباعته أكثر من مرة، أعني كتاب ابن سعود لـ (بنوا ميشان) فقد زعم أن الإمام سعود الكبير كان حفيدا لمحمد بن عبد الوهاب، وأن هذا الإمام قد استولى على صنعاء عنوة ولقب (أمير نجد) و(إمام الوهابيين) والأفظع من هذا زعمه أن الإمام سعود قتل تحت أسوار الطائف، وأن الحكم انتقل إلى عمه عبدالله، وأن الإمام فيصل ابن لعبدالله الذي قتل في الآستانة، ليس هذا فحسب بل إن الملك عبد العزيز عندما نصبه والده حاكما، سلمه سيف سعود الكبير، وهو السيف المبارك الذي كان في حوزة ابن عبدالوهاب، وقد ركع الملك عبد العزيز عند تسلمه ذلك السيف، وقبله بعد أن رفعه إلى السماء وزعم أن الملك عبدالعزيز قتل بيده (عبيد بن رشيد) بسيف سعود الكبير، وقطعه إربا إربا؛ لأنه قتل عمه محمد بن فيصل في الرياض وبعد أن قتله صبرا قبل سيفه. والمعروف تاريخيا أن الملك عبد العزيز لم يباشر قتل شخص صبرا في حياته، كما أن عبيد بن رشيد قتل في معركة عنيزة عام 1321هـ أما عم الملك عبد العزيز (محمد بن فيصل) فقد مات ميتة طبيعية عام 1311هـ.
ومن الصدف أن هذه الأكذوبة نقلها (بنوا ميشان) من كتاب لم يشر إلى اسمه ألفه غربي آخر هو أرمسترونج صاحب كتاب (سيد الجزيرة الملك عبد العزيز) وهذا الكتاب بدوره يحفل بالأخطاء والأكاذيب، وقد يتعجب المرء من نشره في صحيفة محلية على حلقات عام 1411هـ.
• بصراحة، هل هناك ثقة في الاعتماد على الأرشيف العثماني في الكتابة عن تاريخ الأسرة السعودية؟ ومدى أهمية ما يحتويه من وثائق تتعلق بالشأن السعودي؟
ـــ لعلك تشير إلى ما سبق أن نبهت إليه من ضرورة التقليل من أهمية محتويات الأرشيف العثماني فيما يتعلق بالتاريخ السعودي بالذات، ونهجي في هذا كما تعلم ينطلق من قناعتين اثنتين الأولى: الاقتناع أن ما يحتفظ به من أوراق في الأرشيف العثماني عن التاريخ السعودي أو عن البلاد السعودية بصفة عامة، جمع في ظل الكراهية والعداء من الدولة العثمانية للدولة السعودية.
الثانية: أن تلك الأوراق لا تعد مادة وثائقية بالمعنى المفهوم لكلمة وثيقة في اللغة، فالوثيقة في الأصل هي الصك الشاهد لصدق المحتوى، ومعلوم أن كل ما في ذلك الأرشيف هو خليط من الحقائق والأكاذيب والأخبار، وهي مجرد تقارير استخباراتية حررها ولاة الدولة العثمانية والمتعاونون معهم والأمراء المحيطون بالدولة السعودية الخاضعون لإمرة السلطان آنذاك مثل الحجاز والعراق والأحساء ومن بعض ما يكتبه المغرضون في الداخل عن الدولة والدعوة، ويأتي ذكر القبائل وأسماء الأشخاص والمعتقدات عرضا، وليس قصدا بالإضافة إلى أنه لا توجد صلة مباشرة بين الدولة العثمانية، والدولة السعودية الأولى مطلقا، وإنما حدث ذلك بشكل محدود في الدولة السعودية الثانية والثالثة وجميع المكاتبات والتقارير التي تعج بها إضبارات الأرشيف العثماني تحمل في طياتها التهديدات والتبجحات ونقد المعتقدات للمجتمع في الغالب، لذا هونت من شأن تلك الأوراق وطالبت أن يضع الباحث عند الاستفادة من بعضها فيما يتعلق بالدلالات الخارجة عن الموضوع ذلك بعين الاعتبار، وأنه ليس لها قيمة تذكر لتاريخنا فيما عدا تلك الدلالات العامة، على اعتبار أن تلك الأوراق مجهولة النشأة سواء كان ذلك بالنسبة للتاريخ العام، أو تاريخ الأسرة السعودية.
أما ما يتعلق بالاستناد إليها في الحالات الاجتماعية أو الفكرية أو التاريخية فأمر خطير للغاية، وللتدليل على هذا أشير إلى ما يوجد اليوم بين أيدينا من وثائق منسوبة إلى الأرشيف العثماني وتطفح كلها بالتزييف والكذب على معتقداتنا، وما عليك إلا أن ترجع إلى كتابين يحتلان رفوف كثير من مكتباتنا العامة، مثل كتاب (العثمانيون وآل سعود في الأرشيف العثماني) و(فهارس الوثائق العثمانية) لتتفهم ما قصدت وأردت بذلك التهوين. وعلى كل حال أستطيع أن أقول باطمئنان إن الأمر أشبه بما يشاع اليوم عن وثائق ويكليكس التي خلطت الغث بالثمين.
• هل مازلتم تعتقدون أن الوثائق الموجودة في أرشيف الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، الذي يرى فيه كثير من المؤرخين والباحثين عين اليقين، بحكم الدور الذي اضطلعت به بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط، خلال العقدين الماضيين، وغيرهما من خزائن تاريخ العالم، من الوثائق التي لا يمكن التسليم بها؟
ـــ ما أزال أعتقد أن وثائق تلك الجمعية مهمة جدا، لاسيما الوثائق التاريخية، لولا أن ذلك الأرشيف يخالطه عدد من التقارير التي كتبها عدد من المخبرين والجواسيس البريطانيين وغيرهم، على اعتبار أنها وثائق تاريخية. والحقيقة أنها انطباعات شخصية تحتمل الخطأ والصواب، وتمثل وجهة نظر أفراد لهم نظرتهم ودوافعهم، ولا ريب أن نشرها لا يقصد منه إلا الإساءة. ومن المؤكد، أن من جمعوا تلك الوثائق، لم يأخذوا ذلك بعين الاعتبار ولم يقصدوا الإساءة أو الإثارة.
• ماذا تبقى من طريق الحج الذي سلكه الإمام عبد الرحمن، والد الملك عبد العزيز، الذي يقال إنك تعرف تفاصيله جيدا؟
ـــ كانت آخر حجة للإمام عبد الرحمن بن فيصل عام 1344هـ (1926م) على ظهور الإبل وكان الطريق الذي سلكه هو طريق الحج النجدي والشرقي القديم، وهو الطريق نفسه الذي سلكه ابنه الملك عبد العزيز عام 1343هـ (1925م) في رحلته التاريخية إثر انضمام الحجاز إلى بقية أجزاء المملكة، وكانت على ظهور العيس عبر صحراء نجد. وسجل الشيخ يوسف ياسين أحد أتباع الملك عبد العزيز، ذلك الحدث ونشره تباعا في أعداد صحيفة أم القرى مدونا معالم الطريق وواصفا مياهه وطرقه وقد طبعت تلك الرحلة في كتاب لطيف بعنوان (الرحلة الملكية) طبعته وزارة المعارف السعودية، ثم طبع مرات عديدة طبعات مختلفة الأحجام وقد ظل ذلك الطريق مسلوكا للإبل والسيارات حتى عام 1358هـ (1939م) حينما أخذت السيارات تستخدم في الذهاب بالحجاج إلى الحجاز وتبحث عن طريق ملائم، فكانت أحيانا تسلك أجزاء من هذا الطريق الترابي، وربما تباعدت عنه يمينا أو شمالا حتى استقر خط سيرها على خط معظم أجزائه جديدة وتبدو نائية إلى الشمال أو إلى الجنوب وأخيرا هجرت أجزاء من الطريق القديم للإبل والطريق القديم للسيارات، ووضع الخط المسفلت بين مكة والرياض، وهو الخط الذي يلتقي أحيانا في مناطق معينة بالخط القديم. وللتحقق من هذا يمكن الرجوع لكتاب (صحيح الأخبار) للشيخ محمد بن بليهد فهو خير ما يرجع إليه في هذه الشأن.
• يتساءل بعض المتابعين لكتابة تاريخ الدولة السعودية عن الأمير عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي حقه من الكتابة، فالقليل من هذا الجيل يعرف من هو ذلك الأمير، وكذلك الحال فيما يتعلق بمساعديه وأعوانه الذين كانوا يؤدون أدوارهم على مسرح تاريخ هذه البلاد، ثم مضوا إلى رحمة الله؟
ـــ صحيح، فالأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي، أحد رجال تشييد هذا الصرح العظيم وأحد الأعوان الكبار للمؤسس، وممن لهم أدوار بارزة تستشف في كل سطر يكتب، أو حرف يتلى، في تاريخ هذه المملكة، بالنسبة له ولآبائه وأعمامه وأجداده.. لكن الخاصية التي اختص بها أهل هذا البيت منذ القدم، هي التواضع، وعدم الرغبة في التباهي، وقد تعجب إذا أدركت أن جميع ما كتب أو خلد عن ملوكنا وأمرائنا من آل سعود، لم يكن بأمر أو رغبة منهم وإنما استجابة من مواطنيهم في حب رصد تاريخهم ومآثرهم. وبهذه المناسبة أتذكر أن أحدهم استطاع أن يرصد أدوار وأحداث هذا الرائد في مدونة طبعت لمرة واحدة ثم اختفت فجأة، مما يؤكد عدم حرص أولئك السادة على التباهي أو النشر والإعلان.
• يقال إن منهجكم في الحكم على نسب القبائل لا يرجع إلى ما كتبه أبناء هذه القبيلة عن قبيلتهم، وهو الخطأ نفسه الذي وقع فيه مؤلف كتاب (إمتاع السامر المنسوب لشعيب بن عبد الحميد الدوسري) الذي انتقدتموه شخصيا؟
ـــ لست أنا الوحيد الذي انتقد ذلك الكتاب عندما ظهر لأول مرة بطريقة تكاد تكون سرية، وقد أثار الشك في كثير مما ورد فيه، إذ انتقده كثير ممن يهتم بتاريخ هذه المملكة، وزاد في ارتيابهم أنه قد أسند تأليفه إلى شخص معروف قبل وفاته. وحينما برز الكتاب، اطلع عليه بعض الفضلاء مدركين خطورته فنشروا بعض المقالات حول ما فيه، وقمت أنا وصديقي الكاتب الأديب محمد بن عبدالله بن حميد رئيس النادي الأدبي في أبها آنذاك، للتصدي لما في الكتاب من أخطاء، خدمة للقراء، وحماية للفكر، ومؤازرة لجهد الآخرين. ورأينا أن من الإنصاف أن نبقي الكتاب على ما هو عليه وأن نقوم بالتعليق على مواطن الخطأ فقط، موضحين بالدليل زيف ما يدعيه بالنسبة للقضايا التاريخية والاجتماعية وموضحين مخالفاته في جميع مادة الكتاب ومن أبرزها رواية أخبار عن أحداث وربط أنساب الزعامات ورؤساء القبائل والبيوتات بفروع وأفخاذ قبائل عدنانية بأرومات قحطانية دون أن يستند إلى مرجع محدد أو توثيق مقبول، بل بمجرد قول ضعيف أو تشابه في الأسماء إلى غير ذلك من الأبواب الواسعة التي يقع فيها الخلط في نسب القبائل كما ذكر ذلك الهمداني ومع ذلك لا أتذكر أن أحدا اعترض على نهجنا عند خروج كتابنا في طبعته الأولى أو حتى الثانية.
• لماذا تصدرت لوضع مشجرة لأسرة آل سعود (ذكورا وإناثا) في الوقت الذي سبقكم فيها الشيخ محمد التميمي؟
ـــ قصة هذا الأمر هي عندما تقدم مؤرخ أمريكي يدعى (جون أرميتاج) إلى وزير الإعلام الأسبق معالي الشيخ علي الشاعر، مبديا رغبته في إنجاز شجرة عائلة يضمنها أسرة أفراد العائلة المالكة السعودية؛ لكن المسؤولين رأوا أنه لا حاجة في أن يقوم بهذا العمل مؤرخ أجنبي مادام أن ذلك في استطاعة مؤرخ وطني، فكان أن تم اختياري للقيام بهذا العمل وصدر أمر ملكي بذلك، على أن يكون العمل على مستويين، أحدهما تحديث المشجرة السابقة، فقمت بالتحديث للعمل السابق، الذي كان قد توقف بموت صاحبه الشيخ محمد التميمي، الذي كان موظفا قديما، في وزارة المعارف (التربية والتعليم) وباحثا معروفا.
أما المستوى الثاني، فكان من تصميمي وإخراجي، ويشتمل على مشجرة بأحجام مختلفة، وعلى كتاب توضيحيٍ باللغتين العربية والإنجليزية، وهو على شكل خريطة عائلية وجداول واضحة للسلالات من القاعدة إلى أعلى فرع في العائلة، يمكن أن يبنى عليها تحديثات الأجيال القادمة، وكانت آخر طبعة لهذا العمل هي عام 1425هـ (2004م) وستكون الطبعة الثالثة في القريب العاجل إن شاء الله.
المصدر : جريدة عكاظ