لم يتصور الشاب عبدالله الطوالة، أن استخدامه لمثبت السرعة في سيارته من نوع «جيب لاند كروزر» طراز 2010، كان من الممكن أن يؤدي إلى هلاكه، لولا جرأة مدير مرور حفر الباطن المقدم ضيف الله الجبلي الذي انطلق بسيارة، بمعية الجندي أول مبارك المطيري، ليسير بالسرعة ذاتها التي كان يسير بها الطوالة، ويطلق النار على زجاج السيارة الخلفي، لتتوقف بعدها السيارة.
ويــروي عبدالله، تفاصيــــل الواقعــــة بصوت يلهج بالشكر، «بمجرد تجاوزي نقطة تفتيش أم الجماجم، قمت بتثبيت السرعة على 120 كيلومتراً في الساعة، بيد أنه خلال أقل من دقيقة، بدأت السرعة تتزايد، لتصل إلى 210 كيلومترات في الساعة، فحاولت إزالة التثبيت. غير أن النظام علق. لأعيش أصعب لحظات عمري، فبادرت بالاتصال في المرور، الذي تواصل سريعاَ مع مدير مرور حفر الباطن، الذي سارع بدوره بالتواصل مع أمن الطرق، لتأمين الطريق، ورفع الأمر إلى محافظ حفر الباطن، الذي حث الجهات المعنية على الاستنفار».
ومر الطوالة، في ثلاث «لحظات عصيبة»، الأولى حينما اقترب من أم الجماجم، إذ كان هناك اكتظاظ للمارة، ما حدا به إلى الانحراف قليلاً عن الخط، قبل إعادة السيارة إلى الطريق. وتكرر المشهد ذاته عندما وصل بالقرب من قاعدة الملك خالد العسكرية، وآخر اللحظات العصيبة التي شهدت انفراج الأزمة، حينما أبلغه مدير المرور بالخطة، التي تقتضي إطلاق النار على الزجاج الخلفي، لينفك نظام التعليق الآلي. ويقول: «لم أصدق عيني حينما انخفضت سرعة السيارة، خصوصًا مع وصولي لمشارف البنيان، واقترابي من مدخل المدينة». وبمجرد وقوف سيارته، نزل السائق مسرعاً، وسجد لله شكراً، قبل أن يرافق سيارة الإسعاف، للاطمئنان على حاله، وإجراء الفحوصات الطبية. فيما اكتظ الموقع بالناس، الذين حضروا بكثافة بعد علمهم بما حدث. وقال عبدالله: «إن كل عبارات الشكر والتقدير والامتنان تقف عاجزة بحق المقدم ضيف الله، والجندي أول مبارك، اللذين تجشما عناء الخطر، وأنا مدين لهما بعد الله، بإنقاذ حياتي».
بدوره، أوضح مدير مرور حفر الباطن، أن «اتصالاً ورد، يفيد باتجاه سيارة تسير بسرعة 210 كيلومترات في الساعة نحو حفر الباطن، بعد تعلق نظام التثبيت الآلي، فاستنفرت الدوريات الأمنية، وتم التواصل مع الشركة المُصنعة، بعد فشل محاولة ضغط زر إعادة التشغيل، لإيقاف النظام، وأفادونا أن كسر الزجاج الخلفي كفيل بتغير ضغط السيارة، وبالتالي قد ينفك التعليق. وتم إطلاع محافظ حفر الباطن، ومدير الشرطة، وأخذ توجيهاتهما، ثم تم التواصل مع سائق السيارة، وشرحنا له الخطوات، وطالبته بالهدوء، وإحكام السيطرة، وركبت بمعية الجندي أول مبارك المطيري، وسرنا بنفس سرعة السيارة، وبمحاذاتها.
وأطلقت ثلاث طلقات على السيارة، أخطأت الأولى. بينما أصابت الطلقتان الأخيرتان زجاج السيارة، لتنخفض سرعتها، وتتوقف تماماً قبيل خمسة كيلومترات من مدخل حفر الباطن». ورفض الجبلي في حديثه للزميل إبراهيم السليمان ونشرته الحياة ، اعتبار أن ما قام به يُعدُّ «شيئاً خارقاً، أو بطولياً، بل هو واجب يمليه عليه وطني وشرف المهنة التي أنتمي إليها»، بحسب قوله، محذراً الشباب في هذه المناسبة من «تجاوز السرعة النظامية المقررة، لأن نتائجها وخيمة». يُشار إلى أن حوادث تعليق نظام السرعة، تكررت كثيراً في هذا النوع من السيارات، ما يعرض حياة الكثيرين إلى الخطر، بل ذهب البعض ضحية لها من دون محاسبة أو متابعة للمتسبب الرئيس. فيما يُنتظر تكريم المقدم ضيف الله الجبلي، والجندي أول مبارك المطيري، نظير شجاعتهما وتصرفهما في ظرف «حالك وصعب».
http://www.al-jazirah.com/20120105/ln28d.htm