الباحث عبدالخالق الجنبي لـ«الوسط»
الطبعات السابقة لديوان ابن المقرب لا تمثله تمثيلا صحيحا
المنامة - أجرى الحوار: علي الموسى
- بداية نود التحدث عن بداية اهتمامكم بتاريخ المنطقة و الأبحاث التراثية... و مالذي أنجزتموه في هذا الصدد؟
حين بدأت مرحلة القراءة شدني ما وجدته في كتب التراث عن هذه المنطقة، فهو وإن كان نزرا يسيرا إلا أنه كان كافيا للفت انتباهي.
أما عن اعمالي المكتوبة والمطبوعة فأهمها الآتي:
1- بحث موضوعي عن الشيخ ابراهيم بن سليمان القطيفي.
2- بحث عن «قبر الآجام» .
3- بحث عن «هجر وقصباتها الثلاث، المشقر والصفا ومحلم» .
4- بحث عن «آفاق الواحة القطيفية» .
5- بحث عن «السابون الميناء البحراني القديم» منشور على الموقع نفسه.
6- وأهمها: «تحقيق شرح ديوان ابن المقرب العيوني» على أكثر من عشرين نسخة مخطوطة ومشروحة لم يسبق أن خرجت طبعة مماثلة له من حيث التحقيق والشرح والتعليق، وهو الآن تحت الطبع، ومن المحتمل ان يكون في المكتبات بعد شهرين من الآن.
- هل يمكن إضاءة الفترة التاريخية التي عاش فيها ابن المقرب خصوصا و انها فترة شهدت اضطرابات لم تخف على الباحثين؟
هي بالفعل كما قلت كانت الفترة التاريخية التي عاشها ابن المقرب مشهورة بالاضطرابات السياسية، فكان هناك أعراب البادية من بطون عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة التي كانت تقوم بدور الخفارة في المنطقة، وتأخذ مقابل ذلك أموالا طائلة من حكام العيونيين، ثم لم يكفهم ذلك حتى استولوا على حكم المنطقة كله.
وكان هناك أيضا حاكم جزيرة قيس الذي كان يخوض حربا ضروسا مع آخر الحكام العيونيين، وقد توصل في عهد أحدهم وهو الأمير الفضل بن محمد بن أبي الحسين إلى معاهدة أخذ حاكم جزيرة قيس بموجبها من الأمير فضل جزيرة «أُكل» المعروفة اليوم بـ «جزيرة النبيه صالح» و«جزيرة الطيور»، وهي مازالت معروفة باسمها حتى اليوم وتقع ضمن أرخبيل جزر حوار، وكذلك جزيرة «الجارم» الواقعة شمال جزيرة أوال وأخذ أيضا من ساحل «عسكر الشهداء» إلى قريتي «مني» «والمروزان»، وكل ذلك قد ذكرناه بتفصيل كبير في تحقيقنا لشرح ديوان ابن المقرب الذي ذكر جزءا من هذه المعاهدة كما أنه كان يوجد خطر آخر يحدق بالدولة العيونية، وكان له أكبر الأثر في سقوطها، وهو القادم من جزيرة «هرمز» إذ استطاع حاكمها في النهاية من انتزاع الحكم من آخر الأمراء العيونيين محمد بن محمد بن أبي الحسين. في ظل هذه الاجواء كلها عاش شاعرنا ابن المقرب.
- ما هي الأسباب التي دعتكم لشرح و تحقيق ديوان ابن المقرب و اختياره تحديدا؟
إن السبب الذي دعاني إلى اختيار شرح ديوان ابن المقرب وتحقيقه هو عدم ظهور نسخة مطبوعة طباعة صحيحة من قبل من حيث التحقيق والكمال في الأبيات والشروح، كما أننا وجدنا الكثير من المعلومات التاريخية والأدبية النادرة بين دفتي هذا الديوان لم تنشر من قبل وهي في غاية الاهمية لتاريخ هذه المنطقة، فاخترناه لذلك.
- متى بدأت فكرة المشروع... وهل حصل تعاون مع أحد الباحثين؟
كانت بدايتنا مع العمل في تحقيق هذا الديوان عندما عثرنا بمحض الصدفة على مخطوطة المكتبة الرضوية بـ «مشهد» الايرانية، ولما تصفحتها وجدت فيها الكثير مما لم ينشر من قبل فكان ان اخترتها أصلا لعملي ثم قمنا بالبحث عن بقية النسخ إلى أن حصل لدي 21 نسخة للديوان بين نسخ مشروحة وأخرى مجردة من الشرح.
ويشاركني هذا العمل الضخم كل من الاستاذين عبدالغني آل عرفات وعلي البيك، وهما من خيرة الشباب المثقف.
- لا شك انك واجهت صعوبات بتصديك لهذا العمل .. وكيف تم التغلب عليها...؟
يمكنني تلخيص هذه الصعوبات أو تصنيفها إلى قسمين 1- صعوبة مادية وإمكاناتية. 2- صعوبات فنية.
فبالنسبة إلى الشق الأول فإن تكاليف السفر بحثا عن مخطوطات الديوان وتصويرها ودفع ما أمكن لتسهيل ذلك كله قد تطلب منا مبالغ كبيرة، وكذلك عدم وجود مؤسسات خيرية تساعد الباحثين في مثل هذه الأمور ساهم في تأخري في الحصول على النسخ التي حصلت عليها مع العلم أنه لايزال هناك بعض النسخ التي اعتقد أهميتها لم أتمكن حتى الآن من الحصول عليها رغم محاولاتي المضنية لذلك كنسختين خطيتين كانتا موجودتين في المكتبة الآصفية في حيدرآباد بالهند.
وبالنسبة إلى الصعوبات الفنية فهي نفسها التي يلاقيها كل محققي التراث المخطوط، ولكنني اضيف هنا أن الكثير من أخبار المنطقة الواردة في الشرح كتبت بلغة أقرب إلى الدراجة وليس الفصحى، فكان ذلك من الصعوبات الاضافية علي في التحقيق.
الطبعات السابقة مع احترامي لأصحابها لا تمثل ديوان ابن المقرب تمثيلا صحيحا، فهي إما ناقصة أو مخالفة لصورة المخطوطات المشروحة إذ أن الشرح يأتي بعد بيت أو اكثر مباشرة وليس مفصولا عنه بالاضافة إلى عدم المام القائمين عليها بمدن المنطقة وقراها بعكسنا نحن إذ عرفنا حتى جزيرة صغيرة وردت في شرح الديوان اسمها «كران».
- ما هو تقييمك للطبعات المتوافرة لديوان ابن المقرب... وما هي الاضافة التي حققتها أنت في عملك؟
هذه بالفعل قصة محزنة يراد لها صفحات وصفحات، ولكن ملخص القول إن «مؤسسة البابطين» لم تتعامل معي بإنصاف، فأنا الذي زودتهم بالنسخ التي حصلت عليها وتلك التي لم احصل عليها إذ وعدوني عن طريق من قال لنا إنه مندوبهم، وهو الاستاذ عبدالرحمن الملا الذي اتصل بي شخصيا في منزلي واخذ مني تلك المعلومات التي طلبها عبر الفاكس، وقد وعدني بأنه سيتابع معي الأمر، ولكنه لم يفعل.
ثم قمت بعد ذلك عندما سمعت عن عزم «مؤسسة البابطين» إقامة ندوة تحمل اسم «علي بن المقرب العيوني» بالاتصال بهم عبر الفاكس، واخبرتهم أنني اعمل على تحقيق الديوان، وعبر فاكس آخر آخر طلبت منهم معرفة ما لديهم من نسخ خطية. قال صاحب المؤسسة إنهم عثروا عليها في «قم» والمغرب، واتضح فيما بعد ان نسخة «قم» هي نسخة المكتبة الرضوية التي اتخذتها اصلا لتحقيقي، فلا اعرف كيف قال إنها من «قم» في قناة تليفزيون الكويت الفضائية، ولكن المؤسسة لم تكلف نفسها حتى مجرد الرد على الفاكسين اللذين أرسلتهما لها، ثم فوجئت في الندوة الآن أنهم يوزعون على المشاركين والضيوف نسخة مطبوعة لديوان ابن المقرب بتحقيق الدكتور احمد الخطيب معتمدا فيه على نسختين خطيتين فقط هما الرضوية والبرنستنية المشروحتين مهملا نسخة خطيرة لا تقل عن الرضوية أهمية وهي النسخة البرلينية.
- في دورة علي بن المقرب العيوني تم اصدار شرح ديوان ابن المقرب من قبل مؤسسة البابطين بتحقيق الدكتور أحمد موسى الخطيب و هو نفس المشروع الذي عملت عليه ماهي ملاحظاتك عليه؟
تصفحت تحقيق أحمد الخطيب وقلت في نفسي إذا كان عمله أفضل من عملي فسنسلم له لأن ما يهمني هو خروج هذا الديوان الذي يمثل وثيقة تاريخية عن المنطقة بصورة صحيحة إلا أن هول الصدمة قد تملكني، لأنني وجدته عملا مرتجلا جدا، فليس فيه سوى تفريغ محتوى النسخة الرضوية واخراجها من حيز المخطوط إلى حيز المطبوع مع الإشارة إلى ما ورد من قراءات مخالفة في النسخة البرنستنية، وأما سوى ذلك فقد اعتمد على نسخة مجردة من الشرح هي نسخة دار الكتب التي سبق واعتمد عليها الدكتور عبدالفتاح الحلو في طبعته التي اعتمدها الخطيب أيضا في هذه الطبعة. وفضلا عن الاخطاء الكثيرة التي وقع فيها الدكتور أحمد الخطيب مثل قوله في الصفحة 923 عن «سُليسل» نهر الاحساء الشهير أنه عين «سلسبيل» في البحرين، وكذلك عدم معرفته بأكثر من 300 موضع وقرية بحرانية وردت في الديوان لم يحدد مكان أي منها لأن فاقد الشيء لا يعطيه بعكسنا نحن أبناء هذه المنطقة إذ سافرنا حتى إلى قرية «طيوي» العمانية لنوثّق رواية كون قبر ابن المقرب فيها، ولم نترك اسم موضع أو قرية وردت في الشعر وشرحه إلا وحددنا موقعها الآن. والأدهى في كل ذلك أن الدكتور الخطيب قد أدرج في الملاحق 14 قصيدة وقطعة شعرية نسبها إلى الشاعر وهي ليست له بل هي أو معظمها للشاعر علي بن أفلح العبسي قالها مادحا أبا المعالي قريش بن بدران العقيلي وعميد الدولة الوزير العباسي محمد بن جهير.
كما لا ننسى قوله في مقدمته إنه استغنى عن نسخة مكتبة برلين واستعاض عنها بنسخة جامعة برنستون، والأقرب أنه لم تكن لديه نسخة برلين التي احتفظت بمعلومات غاية في الندرة لم ترد حتى في النسخة الرضوية أو أي نسخة غيرها مثل نص خطاب أبي البهلول إلى دار الخلافة العباسية وغيرها الكثير مما أشرت إليه في طبعتي التي على وشك أن تظهر، واترك الحكم حينها إلى القارئ ليرى أي الفريقين كان أحسن عملا.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 27 - الخميس 03 أكتوبر 2002م الموافق 26 رجب 1423هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنبي وصاحباه يصدران «شرح ديوان ابن المقرب» في ثلاثة أجزاء
الدمام: ميرزا الخويلدي
صدر اخيراً شرح ديوان ابن المقرب العيوني لثلاثة من الباحثين السعوديين بعد أن ثار الكثير من الجدل بشأن اعتراضهم قبل نحو عامين على مشروع لتحقيق الديوان قام به المحقق الأردني الدكتور احمد موسى الخطيب، ونشرت «الشرق الأوسط» اعتراضهم (26 /10 /2002) بالاضافة لرأي الدكتور الخطيب ومؤسسة البابطين التي تولت طباعة تحقيق الخطيب («الشرق الأوسط» 7 /12 /2002).
ويقع الكتاب في ثلاثة مجلدات، يتضمن المجلدان الأولان شرحاً لديوان ابن المقرب العيوني معتمداً على عشرين مخطوطة، ويقع المجلدان في 1300 صفحة، في حين يتضمن المجلد الثالث دراسة مفصلة عن الشاعر وديوانه ويقع في 600 صفحة. وتمت الطباعة في المركز الثقافي للنشر والتوزيع في بيروت، ويعتبر هذا العمل باكورة إنتاج المركز الجديد.
وقد بدأ الباحثون الثلاثة (عبد الخالق الجنبي، وعبد الغني العرفات، وعلي البيك) مشروعهم في تحقيق ديوان إبن المقرب في يناير (كانون الثاني) 1999 بعد حصولهم على نسخة المكتبة الرضوية في مشهد (شمال ايران)، والتي اعطتهم دافعاً للبحث في عدد من مخطوطات الديوان في شتى مكتبات العالم، بينها مخطوطة مكتبة برلين التي تعد ثاني اهم مخطوطة بعد الرضوية، لاشتمالها على أخبار تاريخية لم ترد في غيرها من المخطوطات، ومخطوطة جامعة برنستون الأميركية، والحصول على نسخة من المخطوطات كانت مودعة في مكتبة مجلس الشورى الايراني، ونسخة المكتبة البريطانية، وهي رابع اهم مخطوطات الديوان.
وبالاضافة للمخطوطات المشروحة، عمل الباحثون الثلاثة على تجميع العديد من المخطوطات المجردة من الشرح، أهمها مخطوطة المكتبة البريطانية الثانية، ومخطوطة مكتبة الموصل العراقية، حيث ورد فيهما اربعين بيتاً للشاعر لم ترد في المخطوطات المشروحة، كما عمل الباحثون لتحقيق أكثر من 350 موضعا او موقعا وردت في ديوان الشاعر ابن المقرب تحقيقاً ميدانياً تضمنت اسماء قرى ومواضع وانهار او عيون ذكرت في ديوان الشعر أو شرحه مع تقديم تعريفات بها والعمل على تحديد موضعها في هذا الوقت. ويتميز هذا العمل بأنه أول عمل تحقيقي بهذا الحجم لديوان ابن المقرب العيوني يقوم به باحثون من أبناء المنطقة الجغرافية التي عاش فيها الشاعر الاحسائي المعروف.
جريدة الشرق الأوسط - العدد 9293 - السبـت 18 ربيـع الاول 1425هـ الموافـق 8 مايو 2004م.