الإهداءات

 

 

   

 

    
  

 


    -  تعديل اهداء
العودة   موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه الركن الخاص المنتدى العام
المنتدى العام لجميع المواضيع العامه والتي ليس لها منتدى مختص
 

إضافة رد
 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-27-2010, 10:04 PM   #1
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي مناقب أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين

رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:05 PM   #2
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رحمة الله عليهن أجمعين

بِسْمِ اللهِ الرحمٰن الرَّحِيمِ
المقدمة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وعلى ءاله وصحبه وسلم، أما بعد:
فهذا مختصر في مناقب أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ألّفه الشيخ فخر الدين بن عساكر الأشعري رحمه الله تعالى لمّا افتتح الملك الناصر مدينة حلب.

ذكر فيه ما خص به صلى الله عليه وسلم في أمر النكاح وما أبيح له منهن ومقدار عددهن ومن دخل بهن ومن طلَّق منهن ومن ماتت عنده ومن مات عنهن، ثم أفرد لكل واحدة منهن ترجمة مختصرة على ترتيب تزويجه صلى الله عليه وسلم بهن ضمّنها بعض ما جاء في فضل كل واحدة، فأحببنا أن ننشر هذا الكتاب راجين من الله الثواب وعليه نتوكل وبه نستعين ونسأله خير العلم والعمل واليقين إنه وليّ المتقين.

الحِكَم والأسباب لتعدد زوجات النبيّ صلى الله عليه وسلم

ليُعلم أن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم لم يكن متعلق القلب بالنساء، والدليل على ذلك أنه كان معروفًا بين أهل مكة بمحمدٍ الأمين إلى أن بلغ من العمر أربعين سنةً وقد كان أوتي من الجمال ما لم يساوه فيه أحد، فلو كان كما يفتري عليه الملحدون ولوعًا بالنساء لظهرت منه رذيلة بل رذائل كثيرة ولكان أهل بلده طعنوا فيه بذلك حين أعلن دعوته ودعاهم إلى عبادة الله وحده وترك ما كانوا يعبدونه من الأوثان. وكانوا اكتفوا بالتشنيع عليه بذلك عن غيره من أساليب الإيذاء له ولمن ءامن به. ولم يتزوج إلا بعد أن صار عمره خمسة وعشرين عامًا، ثم ماتت زوجته حين بلغ من العمر خمسين سنةً ثم تزوج امرأةً أخرى ثم عدّد لا لإشباع الشهوة بل لِحِكَمٍ تَعودُ إلى مصالح دعوته، فخصه الله تعالى دون أمته بأن أباح له أن يجمع بين أكثر من أربع من الزوجات.
ومن جملة تلك الحكم أن تنتشر شريعته بطريق النساء إلى النساء، قلنا لو كان كما يقولون كان عدَّد الزواج قبل أن يبلغ عمره خمسين سنة كما هو شأن المنهمكين في شهوة النساء، ومن الدليل على أنه لم يكن متعلق القلب بالنساء ما رواه مسلم(1) عن عائشة أنها قالت: "ما كانت تمر ليلتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خرج إلى البقيع(2) يدعو لأهل الجبانة" مع ما اجتمع في عائشة من حداثة السن والجمال.

_______________________
(1) انظر "صحيح مسلم": كتاب الجنائز: باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها.
(2) أي جبانة المدينة.

مسألة في تفنيد ما افتُريَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة زينب(1) بنت جحش

طعن بعض الكفار فيه صلى الله عليه وسلم بقوله إن محمدًا احتال على زيد بن حارثة لما عَلِقَت نفسه بزوجته زينب بنت جحش حتى توصل لزواجها.
الجواب: أن زينب لم تكن معرفته بها جديدة لأنها بنت عمته أمها أُمَيْمَةُ بنت عبد المطلب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه فكرهت ذلك ثم رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عزَّ وجلَّ نبيه صلى الله عليه وسلم أنها تكون من أزواجه فكان يستحي أن يأمره بطلاقها وكان لا يزال يكون بين زيدٍ وزينبَ ما يكون من الناس فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا تزوج امرأة ابنه وكان قد تبنى زيدًا، فكان مما قاله زيد: يا رسول الله إن زينب اشتد عليّ لسانها وأنا أريد أن أطلقها، فقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك.
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ﴾ (سورة الأحزاب/ ءاية 37) أنه كان يخفي إخبارَ الله الذي أخبره أنها ستصير زوجته بوحي غير قرءان(2)، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان عليه الناس قبل البعثة من أحكام التبنّي بأمرٍ لا أَبْلَغ في الأبطال منه وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابنًا له.

ثم لما أنزل الله في ذلك قوله: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنٰكَها﴾ (سورة الأحزاب/ءاية 37) أظهر ذلك فتلاه على الناس قرءانًا فبهذا ظهر ووضح أنه صلى الله عليه وسلم لو كان متعلق القلب بالنساء كان غلب عليه ذلك التعلق فعدد الزواج بالكثير من النساء قبل بلوغ خمسين عامًا من عمره.

__________________________________________________ ________________
(1)وهي التي يقول الله فيها:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى~ أَنْعَمَ الله ُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَٰكَهَا}(سورة الأحزاب/ءاية 37 ) فزوَّجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه بلا ولي ولا شاهدين.
(2)وذلك أنه كان يبلّغ ما أنزل من القرءان فوراً.


كتب الأربعينات في الحديث وغيره

كتب الأربعين يراد بها المؤلفات التي يصنّفها العلماء في موضوع ما يجمعون فيها أربعين حديثًا.
قال الحافظ النووي في مقدمة كتابه "الأربعون النووية": "فقد رَوَينا عَنْ عَليِّ بن أبي طالب وعبدِ الله بنِ مسعودٍ ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ وأبي الدَّرْداءِ وابنِ عُمَرَ وابنِ عباسٍ وأنَسِ بنِ مالِكٍ وأبي هُرَيرة وأبي سعيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنهم من طُرُقٍ كثيراتٍ برواياتٍ متنوَّعاتٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ حَفِظَ على أُمَّتي أربعينَ حديثًا (1) من أمْر دينها بَعَثَهُ الله يومَ القيامةِ في زُمْرةِ الفُقهاءِ والعُلماء"، وفي روايةٍ: "بَعَثه الله فَقِيهًا عالمًا"، وفي روايةِ أبي الدَّرْداء: "وكُنتُ له يومَ القيامةِ شافعًا وشهيدًا"، وفي رواية ابن مَسْعودٍ: "قِيلَ له ادخُلْ مِن أيِّ أبوابِ الجنةِ شِئتَ"، وفي رواية ابن عُمَر: "كُتِبَ في زُمرةِ العلماء وحُشرَ في زُمْرةِ الشُّهداء"، واتَّفَق الحُفَّاظُ على أنَّه حديثٌ ضعيفٌ وإن كَثُرَتْ طُرُقُه.
وقد صَنَّفَ العُلماءُ رضي الله عنهُم في هذا البابِ ما لا يُحصَى من المصنَّفات، فأوَّل مَن علِمتُهُ صَنَّف فيه عبدُ الله بنُ المبارَكِ، ثم محمدُ

__________________________________
(1) "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً" معنى الحفظ هنا: أن ينقلها إلى المسلمين وإن لم يحفظها ولم يعرف معناها.هذا حقيقة معناه، وبه يحصل انتفاع المسلمين لا يحفظ ما ينقله إليهم.
بنُ أسْلَمَ الطُّوسي العالِمُ الرَّبانيُّ (1)، ثم الحَسنُ بنُ سفيانَ النَّسَوِيّ، وأبو بكرٍ الآجُرِّيُّ، وأبو بكرٍ محمدُ بنُ إبراهيمَ الأصفهانيُّ، والدارقُطنيُّ، والحاكِمُ، وأبو نُعَيم، وأبو عبد الرحمٰن السُّلَمِيُّ، وأبو سعدٍ المالينيُّ وأبو عُثمانَ الصابونيُّ، ومحمد بن عبد الله الأنصاريُّ، وأبو بكرٍ البَيْهقيُّ، وخلائقُ لا يُحصَوْنَ من المتقدّمينَ والمتأخرينَ.


وقد استَخَرتُ الله تَعالى في جَمعِ أربعينَ حديثًا اقتِدَاءً بهؤلاءِ الأئمةِ الأعلام، وحُفَّاظ الإسلامِ، وقد اتَفَقَ العلماءُ على جَوازِ العَمَلِ بالحديث الضعيفِ في فضائلِ الأعمالِ، ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث بلْ على قوله صَلَى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحةِ: "ليُبَلِّغ الشاهِدُ منكمُ الغائِبَ" وقولِهِ صَلَى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ (2) الله امْرأً (3) سَمِعَ مَقالتي فَوَعاهَا فأدَّاها كما سَمِعَها".
ثمَّ منَ العُلماءِ مَنْ جَمَع الأربعين في أصول الدّين وبعضُهم في الفُروعِ وبعضُهم في الجهاد وبعضُهم في الزُّهْد وبعضُهم في الآدابِ وبعضُهم في الخُطَبِ، وكُلُّها مقاصِدُ صالِحةٌ رضي الله عن قاصِدِيها" ا.هـ.

__________________________________
(1) نسبة إلى الرب زيد فيه الألف والنون على غير قياس كما تقول العرب لِحيانيٌّ لمن لحيته طويلة ومعنى العالم الرباني العالم العامل المعلم.
(2) أي حسّن الله وجهه.
(3) "نضر الله امرأ" روي بتشديد الضاد وتخفبفها والتشديد أكثر ومعناه: حسّنه وجمّله.


وقال حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون" (1): "وقد صنف العلماء في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات واختلفت مقاصدهم في تأليفها وجمعها وترتيبها فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد وإثبات الصفات ومنهم من قصد ذكر أحاديث الأحكام ومنهم من اقتصر على ما يتعلق بالعبادات ومنهم من اختار حديث المواعظ والرقائق ومنهم من قصد إخراج ما صح سنده وسلم من الطعن ومنهم من قصد ما علا إسناده ومنهم من أحب تخريج ما طال متنه وظهر لسامعه حين يسمعه حسنه إلى غير ذلك وسمى كل واحد منهم كتابه بكتاب الأربعين" ا.هـ.
ثم الشيخ فخر الدين بن عساكر رحمه الله تعالى أراد أن يسلك طريقة هؤلاء العلماء الذين ألَّفوا في الأربعينات فكان تصنيفه هذا الذي سمّاه "كتاب الأربعين في أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين" حيث قال في مقدمته: "فإني لما رأيت جماعة من الأئمة الأجلاء والسادة العلماء رحمهم الله صنفوا كثيرًا من الأربعينات في فنون حسان ومعان مختلفة طمعًا في الثواب الموعود على ذلك كما شهدت به الأحاديث... فأحببت أن أكون من جملتهم وأدخل في زمرتهم ابتغاءً للثواب الجزيل والأجر الجميل" ا.هـ.

__________________________________

(1)كشف الظنون (1/52).

ترجمة المؤلف (1)
اسمه ونسبه ولقبه وكنيته وشهرته:

هو الشيخ أبو منصور عبد الرحمٰن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي الأشعري الملقب بفخر الدين والمعروف بابن عساكر.
قال أبو شامة: ليس في أجداده من اسمه عساكر، وإنما هي تسمية اشتهرت عليهم في بيتهم، ولعله من قبل أمهات بعضهم.
وهو ابن أخي أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر محدث الشام وحافظها وصاحب "تاريخ دمشق".
مولده:

ولد في رجب سنة خمسين وخمس مائة كما كتب بخطه.
زواجه وأولاده:
زوّجه شيخه الشيخ قطب الدين أبو المعالي مسعود النيسابوري ابنته وجاءه ولد منها سمّاه مسعودًا ومات شابًا.

__________________________________

(1) من مصادر نرجمته: طبقات الشافعية الكبرى (8/177-186) لتاج السبكي، وفيات الأعيان (3/135) لابن خلكان، التكملة لوفيات النقلة (3/102-103) للمنذري، طبقات الشافعية (2/54-55) لابن قاضي شبهة، سير أعلام النبلاء (22/187-190) للذهبي.

هيئته وصفاته الخُلُقية:

قال الذهبي في "السير": "وكان فخر الدين لا يمل الشخص من النظر إليه لحسن سَمته ونور وجهه ولطفه واقتصاده في ملبسه".
وقال أبو المظفر الجوزي في "مرءاة الزمان": "كان زاهدًا عابدًا ورعًا منقطعًا إلى العلم والعبادة حسن الأخلاق قليل الرغبة في الدنيا".
نشأته في طلب العلم:

اهتم الشيخ فخر الدين رحمه الله منذ صغره بالعلم، فاشتغل بالفقه على شيخه قطب الدين مسعود النيسابوري وصحبه زمانًا وانتفع بصحبته وزوَّجه ابنته، وكان يحضر تحت قبة النسر بالجامع الأموي بدمشق لسماع الحديث.
ثناء العلماء عليه:

قال ابن خلكان: "كان إمام وقته في علمه ودينه".
وقال الحافظ المنذري: "دخلت دمشق وهو بها ولم يتفق لي السماع منه ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من دمشق غير مرة، وكان مشهورًا بالصلاح والعلم، وبيته مشهور بالحفظ والفقه والمعارف".
وقال ابن قاضي شهبة: "هو أحد الأئمة المبرّزين بل واحدهم فضلاً وكبيرهم قدرًا شيخ الشافعية في وقته".

وقال تاج الدين السبكي: "شيخ الشافعية بالشام وءاخر من جمع له بين العلم والعمل"، وقال أيضًا: "اتفق أهل عصره على تعظيمه في العقل والدين".
شيوخه
رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:06 PM   #3
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

سمع من عمَّيه الصائن هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الدمشقي، وعمه الكبير محدث الشام وحافظها أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، والشيخ قطب الدين النيسابوري، وعبد الرحمٰن بن أبي الحسن الداراني، وحسان بن تميم، وأبي المكارم بن هلال، وداود بن محمد الخالدي، ومحمد بن أسعد العراقي، وغيرهم.
تلاميذه:

روى عنه ضياء الدين المقدسي، وزين الدين خالد، والقوصي، وابن العديم، والتاج عبد الوهاب بن زين الامناء، والقاضي كمال الدين إسحاق الشيباني، وتفقه عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام وغيره.
الوظائف التي شغلها:
كان الشيخ فخر الدين بن عساكر يهتم بنشر العلم من فقه وحديث ولا سيما عقيدة أهل السنة والجماعة وله رسالة نفيسة في العقيدة سنذكرها لاحقًا إن شاء الله تعالى، فكان ينتقل بين مكة ودمشق والقدس وغيرها ليحدّث بها حرصًا منه على تبليغ العلم.

قال تاج الدين السبكي: "كان الشيخ فخر الدين بن عساكر مدرساً بالمدرسة العذراوية وهو أول من درّس بها والنورية والجاروخية وهذه الثلاثة بدمشق، والمدرسة الصلاحية بالقدس، يقيم بالقدس أشهرًا وبدمشق أشهرًا. وقال الذهبي: درّس بالتقوية بدمشق، وكان عنده بالتقوية فضلاء البلد حتى كانت تسمى نظامية الشام.
زهده:

قال أبو المظفر الجوزي: "كان فخر الدين زاهدًا عابدًا ورعاً منقطعاً إلى العلم والعبادة، حسن الأخلاق، قليل الرغبة في الدنيا".
وقال عمر بن الحاجب: "هو أحد الأئمة المبرزين بل واحدهم فضلاً وقدرًا، شيخ الشافعية، كان زاهدًا، ثقةً، متهجدًا، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصب، سلك طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع ينشر العلم، وكان مطرح التكلف، عرضت عليه مناصب فتركها".
وقال القوصي: "كان كثير البكاء، سريع الدموع، كثير الورع والخشوع، وافر التواضع والخضوع، كثير التهجد قليل الهجوع، مبرزًا في علمي الأصول والفروع".
قال السبكي: "هو ءاخر من جمع له بين العلم والعمل"، وقال: "اتفق أهل عصره على تعظيمه في العقل والدين".
ورعه:

قال أبو شامة: "وبعث إليه المُعَظَّم ليوليه القضاء فأبى، وطلبه ليلاً فجاءه فتلقاه وأجلسه إلى جنبه، فأحضر الطعام فامتنع، وألح عليه في القضاء فقال: أستخير الله، فأخبرني من كان معه قال: ورجع ودخل بيته الصغير الذي عند محراب الصحابة(1) وكان أكثر النهار فيه فقام ليلته في الجامع يتضرّع ويبكي إلى الفجر، فلما أصبح أتوه، فأصر على الامتناع، وأشار بابن الحرستاني فوُلّيَ، وكان قد خاف أن يُكره فجهز أهله للسفر، وخرجت المحابر(2) إلى ناحية حلب، فردها العادل وعزّ عليه ما جرى ورقَّ عليه وقال: عيّن غيرك، فعين له ابن الحرستاني".
عقيدته:

كان الشيخ فخر الدين بن عساكر رحمه الله تعالى على عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد ألف في ذلك رسالة مختصرة جامعة موضحة لعقيدة الأشاعرة التي هي عقيدة الصحابة ومن تبعهم بإحسان من سلف وخلف، وهي رسالة عظيمة أثنى عليها الحافظ صلاح الدين العلائي رحمه الله المتوفى سنة 761هـ وسمّاها "العقيدة المرشدة"

__________________________________
(1) أي في الجامع الأموي.
(2) هم أهل المحابر وهم طلاب العلم.



وقال: "وهذه العقيدة المرشدة جرى قائلها على المنهاج القويم والعقد المستقيم وأصاب فيما نزَّه به العليّ العظيم" اهـ، نقل ذلك الإمام
تاج الدين السبكي في طبقاته ووافقه في تسميتها بالعقيدة المرشدة وساقها بكاملها(1)، وقال في ءاخرها ما نصه: "هذا ءاخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سُنِّي" اهـ.
ونحن نسوق هذه "العقيدة المرشدة"، قال الشيخ فخر الدين بن عساكر رحمه الله تعالى: "اعلم أرشدَنا الله وإياكَ أنه يجبُ على كلّ مكلَّف أن يعلمَ أن الله عزَّ وجلَّ واحدٌ في مُلكِه، خلقَ العالمَ بأسرِهِ العلويَّ والسفليَّ والعرشَ والكرسيَّ، والسَّمواتِ والأرضَ وما فيهما وما بينهما. جميعُ الخلائقِ مقهورونَ بقدرَتِهِ، لا تتحركُ ذرةٌ إلا بإذنِهِ، ليسَ معهُ مُدبّرٌ في الخَلقِ ولا شريكٌ في المُلكِ، حيٌّ قيومٌ لا تأخذُهُ سِنةٌ ولا نومٌ، عالمُ الغيب والشهادةِ، لا يَخفى عليهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، يعلمُ ما في البرِّ والبحرِ، وما تسقطُ من ورقةٍ إلا يعلمُهَا، ولا حبةٍ في ظلماتِ الأرضِ ولا رَطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبين. أحاط بكلّ شيءٍ علماً وأحصى كلَّ شيءٍ عددًا، فعالٌ لما يريدُ، قادرٌ على ما يشاءُ، له الملكُ وله الغِنَى، وله العزُّ والبقاءُ، وله الحكمُ والقضاءُ، ولهُ الأسماءُ الحسنى، لا دافعَ لما قضى، ولا مانعَ لما أعطى، يفعلُ في مُلكِهِ ما يريدُ، ويحكمُ في خلقهِ بما يشاءُ.

__________________________________
(1) انظر "طبقات الشافعية الكبرى" (8/185-186) لتاج الدين السبكي.



لا يرجو ثوابًا ولا يخافُ عقابًا، ليس عليه حقٌ [يلزمُهُ] ولا عليه حكمٌ، وكلُّ نِعمةٍ منهُ فضلٌ وكلُّ نِقمةٍ منه عدلٌ، لا يُسئلُ عما يفعلُ وهم يُسألونَ. موجودٌ قبل الخلقِ، ليس له قبلٌ ولا بعدٌ، ولا فوقٌ ولا تحتٌ، ولا يَمينٌ ولا شمالٌ، ولا أمامٌ ولا خلفٌ، ولا كلٌّ، ولا بعضٌ، ولا يُقالُ متى كانَ ولا أينَ كانَ ولا كيفَ، كان ولا مكان، كوَّنَ الأكوانَ ودبَّر الزمانَ، لا يتقيَّدُ بالزمانِ ولا يتخصَّصُ بالمكانِ(1) ، ولا يشغلُهُ شأنٌ عن شأن، ولا يلحقُهُ وهمٌ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ، ولا يتخصَّصُ بالذهنِ، ولا يتمثلُ في النفسِ، ولا يتصورُ في الوهمِ، ولا يتكيَّفُ في العقلِ، لا تَلحقُهُ الأوهامُ والأفكارُ، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ اهـ.
مؤلفاته:
ذكر العلماء أنَّ الشيخ فخر الدين ألَّف عدة مصنفات في الفقه والحديث والعقيدة ومنها:
1- الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين، وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا.
2- رسالة في العقيدة ذكر فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، ذكرها تاج الدين السبكي في طبقاته، وقد ذكرناها سابقًا.

__________________________________

(1) معناه الله هو خالق المكان والجهات فلا يجوز أن يكون في مكان أو جهة فهو سبحانه موجود بلا مكان.

وفاته رحمه الله:

توفي في العاشر من رجب سنة 620هـ بدمشق، وكانت جنازته مشهودة قل أن وجد مثلها، وقال أبو شامة: "أخبرني من حضره(1) قال: صلى الظهر وجعل يسأل عن العصر، وتوضأ ثم تشهد وهو جالس، وقال: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، لقنني الله حجتي، وأقالني عثرتي، ورحم غربتي، ثم قال: وعليكم السلام، فعلمنا أنه حضرت الملائكة ثم انقلب ميتًا".
وغسله الفخر ابن المالكي، وابن أخيه عبد الوهاب ابن زين الأمناء، وكان مرضه بالإسهال، وصلى عليه أخوه زين الأمناء ومن الذين قدر على الوصول إلى سريره وذلك من شدة ازدحام الناس عند تشييعه.
وقال تاج الدين السبكي عند ذكر خبر وفاته: "قد كانت مصيبة عامة في الشام سائرة في بلاد الإسلام".
ودفن بطرف مقابر الصوفية الشرقي مقابل قبر ابن الصلاح جوار تربة شيخه قطب الدين النيسابوري.

__________________________________

(1) أي حضر وفاته.


التعريف بالنسخة

تحتفظ المكتبة الظاهرية بدمشق بنسخة فريدة من كتاب الأربعين في
مناقب أمهات المؤمنين برقم 535 حديث، 1239عام. والذي يغلب على الظن أن النسخة بخط المؤلف وبآخرها سماع عليه وإجازة منه للكتاب بخطه في التاسع من رجب سنة 615هـ بمقصورة الصحابة بجامع دمشق، وعلى النسخة أيضًا سماع على الإمام إبراهيم ابن الإمام عز الدين بن عبد السلام بجامع التوبة [الأشرفي] بالعقيبة سنة 674هـ، وسماع ءاخر على الإمام أحمد بن إبراهيم الفزاري بالرباط الناصري بسفح جبل قاسيون سنة 685هـ، وسماع ءاخر بمقصورة الصحابة سنة 664هـ، وعلى النسخة تملك الإمام محمد ابن علي بن طولون مؤرخ دمشق.
والنسخة في 56 ورقة 25×17سم، في كل صفحة 13 سطرًا.


قراءة على المصنف بمقصورة الصحابة بجامع دمشق

قرأت جميع هذه الأربعين على مصنفها الشيخ الفقيه الإمام العالم العامل الزاهد مفتي الشام فخر الدين أبي منصور عبد الرحمٰن بن محمد بن الحسن الشافعي أثابه الله الجنة. فسمعها عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عثمان بن أبي طاهر الاربلي، وتاج الدين محمد بن جميل بن زيد الخلاطي، ومحمد ويحيى ابنا تمام بن يحيى بن الأمير عباس الحميري، وعبد الواحد بن عبد السيد بن بركات المقدسي، وأبو بكر وعمر ابنا عبد الخالق بن أبي بكر المؤذن بمسجد الرماحين، وأخي أبو الفضل سليمان. كتبه أبو بكر ابن محمد بن أبي بكر بن أحمد بن خلف البلخي وفق الله به. وسمع من أول الجزء إلى ءاخر الحديث العشرين أبو بكر محمد بن الإمام تقي الدين أبي طاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنصاري الأنماطي وأبو المعالي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن صابر السلمي. وسمع من أول الحديث الحادي والعشرين إلى ءاخر الجزء أبو علي عبد اللطيف بن الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي وذلك في مجلسين ءاخرهما يوم الاثنين تاسع رجب من سنة خمس عشرة وست مائة بمقصورة الصحابة من جامع دمشق، والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وءاله.

ثم أُتبع بإقرار المؤلف على ما ورد بقوله وخطه:
صحيح ذلك. كتبه عبد الرحمٰن بن محمد بن الحسن الشافعي في تاريخه.


قراءة على الشيخ إبراهيم بن الشيخ عز الدين
ابن عبد السلام في جامع التوبة بدمشق

قرأت جميع هذه الأربعين على شيخنا الإمام العالم الصدر الكامل الأوحد المسند المحقق شمس الدين أبي الطاهر إبراهيم بن الشيخ الإمام صدر الشام العالم الصدر الكامل مفتي الفريقين عز الدين أبي محمد بن عبد العزيز ابن الشيخ الإمام عبد السلام أثابه الله الجنة بحق سماعه فيه. فسمع الفقيه الأجل الفاضل صدر الدين أبو داود سليمان بن الشيخ الإمام الحافظ جمال الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الحق بن خلف الحنبلي والفقيه الأجل العالم منير الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن عبد.. البكري، والفقيه الإمام العالم شمس الدين محمد بن إبراهيم بن علي بن مسلم الرقي وءاخرون لم يتحقق فواتهم. وصح ذلك وثبت في مجالس ءاخرها يوم الاثنين ثاني عشر المحرم سنة أربع وسبعين وست مائة بالجامع الأشرفي بالعقيبة عرف بجامع التوبة. وكتب الفقير إلى رحمة ربه أحمد بن عبد الرحمٰن بن أبي الحسين بن أبي القاسم بن ثعلب الزبيدي الصوفي عفا الله عنه والقراءة له والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وءاله.
سماع على الشيخ أحمد بن إبراهيم الفزاري
بالرباط الناصري بسفح جبل قاسيون

سمع جميع هذه الأربعين من لفظ الشيخ الإمام العلامة حجة العرب ولسان أهل الأدب صدر الحفاظ شرف الدين أبي العباس أحمد ابن الشيخ برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري بحق قراءته لها على الشيخين المذكورين في طبقة قراءته المكتوبة على أول الجزء: الفقيه الأجل شمس الدين أبو حفص عمر ابن الشيخ المسمع، والشيخ الصالح الفقيه المقرئ محمد ابن الشيخ سليمان ابن الشيخ داود الجزري والفقيه الأجل زكي الدين أبو محمد زكريا ابن الشيخ يوسف بن سليمان الحلي والشمس محمد وأخوه إسماعيل ابنا الشيخ رافع بن محمد الرحبي، والبنت الصالحة مؤنسة بنت الشيخ المسمع. وكاتب الطبقة إبراهيم بن عبد الرحمٰن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري عفا الله عنه وصح ذلك وثبت في مجلسين وافق ءاخرهما يوم السبت الثامن والعشرين من شهر شعبان المبارك من سنة خمس وثمانين وست مائة بالرباط الناصري بسفح جبل قاسيون. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءال محمد وسلم تسليمًا.

سماع على الورقة الأولى من الكتاب

قرأت جميع هذا الكتاب وهو كتاب الأربعين للشيخ الإمام العلامة فخر الدين أبي منصور عبد الرحمٰن بن محمد بن الحسن الشافعي رحمه الله على الشيخين الأجلين الرئيسين العدلين فخر الدين أبي عبد الله محمد وعماد الدين بن أبي زكريا يحيى ولدي الشيخ الإمام العالم الزاهد كمال الدين يحيى... أطال الله بقاءهما بحق سماعهما منه فسمعه الولد النجيب شمس الدين أبو عبد الله محمد وأخوه علاء الدين أبو الحسن علي... عماد الدين المسمع المذكور، والشيخ الإمام العالم الفاضل الصدر الكبير خطيب الخطباء شمس الدين إبراهيم بن الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام مفتي الفرق فريد العصر عز الدين أبي محمد عبد العزيز ابن الشيخ الإمام عبد... ابن الشيخ الإمام أبي القاسم ابن الشيخ الإمام الحسن السلمي الشافعي وولده النجيب أسعده الله عز الدين أبو البركات... ناصر الدين أبو الفداء أحمد ابن الشيخ الإمام العالم العامل الصدر الكبير بدر الدين أبو زكريا يحيى، والأمير الكبير عز الدين محمد شنقران الشهرزوري وولده شرف الدين عيسى، وسمع الفقيه الإمام العالم العامل عز الدين أبو... الإمام العالم عفيف الدين أبي العباس أحمد بن خضر بن يوسف الهكاري. وصح ذلك وثبت في مجلس [وذلك في] الثالث عشر من ربيع الآخر سنة أربع وستين وست مائة بمقصورة الصحابة بجامع دمشق كتبه أفقر عباد الله [أحمد بن إبراهيم ابن] سباع بن ضياء الفزاري عفا الله عنه. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وءاله وصحبه وسلم.
تملك

انتقل بالابتياع الشرعي من... فخر الدين إلى ملك العبد الفقير إلى الله تعالى شمس الدين أبي عبد [الله] محمد الزرعي الشافعي الحاكم بعجلون... الله تعالى وذلك... عاشر شهر رجب الفرد سنة ثلاث وسبعين...

تملك

ملكه من... المؤذن كاتبه محمد بن طولون.
أنهاه مطالعة مستعيره من مكتبة مدرسة أبي عمر قدس سره المحتاج لعفو الله تعالى السيد عبد الغني الجابي. وذلك في جماد الأول سنة أربع ومائتين وألف.
بِسْمِ اللهِ الرحمٰن الرَّحِيمِ

الحمد لله مُسَهّلِ ما صَعُبَ من الأمور الكائنات، فاتِحِ فاتِحةِ الفتوح الميسَّراتِ، المبَشَرِ فَتْحُها بتطهيرِ الأرض المقدسَةِ مِن دَنَسِ الكُفرِ والضلالات بطاهِر سَريرَةِ مالِكِها ونَصْرِ مالِكِ الأرض والسموات، المتقدّسِ عن الحَدَثِ(1) والنقصان والآفات، المستحِقِ لكمالِ النُعوتِ والصِفاتِ، المسبَّحِ بصُنُوفِ اللُّغاتِ، المحمودِ على جميع الأفعال والحالات. أحمدُه على ترادُفِ نِعَمِهِ السابِغات، وترافُدِ مِنَنِهِ السائغاتِ. حمدًا دائمًا على مَمَرِ الأوقاتِ والسَّاعاتِ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وَحْده لا شريكَ لهُ، شهادةً مُنَزهةً عن الشَّك والشُّبُهاتِ. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم، استخرجَهُ من أشرفِ الآباءِ والأمَّهاتِ، وابتَعَثَهُ بالمعجزات البالغاتِ، والآياتِ والحُجج الواضحات، وخَتَمَ بِهِ النُّبوةَ والرسالاتِ، وخصَّه بأفضلِ النِّساءِ والزوجاتِ، وشرَّفه بتحريمهنَّ على المؤمنينَ بعد الوفاة. فاضاءَ بنُورِ رسالتهِ حَنادِسَ(2) الظُّلمِ والظُّلُماتِ، وانْجلى بشمسِ مَقالتِهِ سَحابُ الكُفرِ والغَوَاياتِ، وأعزَّ دينَه بأصحابهِ وأَهْلِهِ الذين هُم لأمتِه كالنُجوم السائراتِ.

__________________________________
(1) الحدث معناه الحدوث، الحدث خلاف القِدم، ويطلق على ما ينقض الوضوء، هنا المراد به الحدوث الذي هو خلاف القِدم.
(2) الحِنْدِس: الليل الشديد الظلمة.




فصَلَّى الله عليه وعَلَيهم أفضلَ الصلوات، وعلى أزواجهِ الطيباتِ الطاهرات، المنزَّهاتِ عن قولِ أهْلِ الإفْكِ المبرَّءاتِ. وسلَّمَ كثيرًا إلى يوم الدين ونَشْرِ العِظامِ الباليات.
أما بعد فإني لما رأيتُ جماعةً من الأئمةِ الأجلاَّء، والسادةِ العلماءِ رَحِمَهم الله صنَّفوا كثيرًا من الأربعينات، في فنونٍ حِسانٍ ومعانٍ مُختلفاتِ، طمعًا في الثواب الموعود على ذلك كما شهِدَت به الأحاديثُ وورد في الرواياتِ.
وذلك فيما أخبرنا به عمي الإمامُ الحافظُ أبو القاسم علي بنُ الحسنِ بنِ هبةِ الله رحمةُ الله عليه، أنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ الباقي ابنِ محمدِ الأنصاريُ ببغدادَ، وأبو محمدٍ طاهرُ بنُ سهلِ بنِ بِشْرِ بنِ الأسفَراييْنِيُ بدمشقَ قالا: نا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ علي بنِ ثابتٍ الخطيبُ البغداديُ، أخبرني محمدُ بنُ جعفرِ بنِ غَيلانَ الشُرُوطيُ، نا سعدُ بنُ محمدِ بنِ إسحاقَ الصَّيْرَفِيُّ، نا محمدُ بنُ عثمانَ بن أبي شيبةَ، نا محمدُ بنُ حفصٍ الحراميُ كوفيّ، نا دُحيم الصَيداويُ، نا أبو بكرِ بنُ عيَّاشٍ، عن عاصمٍ، عن زَرّ، عن عبدِ الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَفِظَ على أمتي أربعينَ حَديثًا ينفَعُهُمُ الله بها، قِيل له: ادخُل مِن أيِّ أبوابِ الجنةِ شِئتَ".
دُحَيم هو عبدُ الرحمٰن من بَني الصّيدا، حَيٌّ من بني أسَد، لا مِنْ صيدا التي على السّاحل، كُوفيّ. ومحمد الحَرَاميُ مَنسوبٌ إلى أبيه من بني حَرام. وَزر هو ابنُ حُبَيشٍ.
وقد رُوِيَ معنى هذا الحديثِ من وجوهٍ عن عبد الله بن عباس، وعن أمير المؤمنين علي، وعن أبي الدرداء، وعن عبد الله بن عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة وغيرِهم رضي الله عنهم.
وفي بعض الروايات: "مَنْ حفِظَ على أُمتي حَديثًا واحدًا يُقيم به سُنَّةً، ويَرُدُّ به بِدعةً فَلهُ الجنَّةُ".
وهذه الرواياتُ كلُها فيها ما يَدُلُ على عِظَمِ ثَوابِ نَشْرِ السُّنَةِ وقَمْعِ البدعة.
وقد أخبَرنا بذلِكَ عَمي الإمامُ الحافظُ رحمهُ الله، أنا أبو القاسمِ زاهرُ بنُ طاهرٍ بنيسابورَ، أنا الأستاذُ أبو القاسمِ القُشَيريُ، أنا الحاكمُ(1) أبو عبدِ الله الحافظُ، نا أبو علي الحسينُ بنُ محمدٍ الصَّفانيُ بمَرو، أنا أبو رجاءٍ محمدُ بنُ حَمْدَوَيْهِ نا العلاءُ بنُ مَسْلَمةَ، نا إسماعيلُ بنُ يحيى التميميُ، عن سفيانَ الثوريِ، عن ليثٍ، عن طاوُسٍ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أدَّى إلى أُمتي حَديثًا وَاحدًا يُقيمُ به سُنَّة ويَرُدُّ بهِ بِدعَةً فلهُ الجنَّة
رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:09 PM   #4
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

__________________________________

(1) هو صاحب المستدرك.


وهذا نصٌ قاطعٌ في حصولِ الثوابِ بمُطْلَقِ الأداء دونَ الحفظ. ويَحْتَمِلُ أن يُراد بالحفظِ هَهُنا ضبطُ تلك الأحاديثِ وتقييدُها في الكتبِ، والمواظبةُ على نقلِها وإبلاغِها حتى لا تندرِسَ على ممر الأزمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "قيّدوا العلمَ بالكتابِ"(1).
وهذه الأحاديثُ وإن كان أئمةُ الصَّنْعَةِ تكلَّموا في أسانيدِها، ولكنَّ فضْلَ الله أعظمُ من ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بلغَهُ عن الله تعالى شىءٌ فيه فضيلةٌ فأخذ به إيماناً واحتساباً، ورجاءَ ثوابِه ءاتاهُ الله ذلك وإن لم يكنْ كذلك"(2).والله أعلم.

__________________________________
(1) قال الحافظ السخاوي في "المقاصد" (ص/109-110): "رواه الطبراني وأبو نعيم في "الحلية" وغيرهما عن ابن عمرو مرفوعاً بلفظ: "قيدوا العلم بالكتاب"، وعند العسكري من حديث عبد الحميد بن سليمان حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس مرفوعاً: "وما قيد العلم بمثل الكتابة"، وقال لُوَين رواية عن عبد الحميد إنه لم يرفعه غيره، وقال العسكري :ما أحسبه من كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم وأحسب عبد الحميد وهم فيه وإنه من قول أنس، فقد روى عبد الله بن المثنى عن ثمامة قال: كان أنس يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب، قال: فهذا علة" الحديث اه، وأخرجه الدرامي (1/127) والطبراني في "المعجم الكبير" (1/246) والحاكم في "المستدرك" (1/106) عن أنس رضي الله عنه من قوله وقال الحاكم :"وكذلك الرواية عن أنس صحيح من قوله وقد أسند من وجه غير معتمد" اهـ، وأخرجه الحاكم أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق عبد الله بن المؤمّل، قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/152): "رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن معين وابن حبان وقال ابن سعد ثقة قليل الحديث وقال الإمام أحمد أحاديثه مناكير" اهـ.
(2) رواه أبو الشيخ في "مكارم الأخلاق" من طريق بشر بن عبيد وهو متروك، ورواه الحسن ابن عرفة في جزئه من طريق خالد بن حيان عن فرات بن سليمان وعيسى بن كثير عن أبي رجاء قال الحافظ السخاوي :"وخالد وفرات فيهما مقال وأبو رجاء لا يعرف"، وقال الحافظ بن الجوزي"لو لم يكن في إسناده سوى أبي رجاء البياض قال يحيى وهو كذاب وقال النسائي متروك الحديث"، ورواه البغوي وابن عبد البر وكامل الجحدري عن عباد ابن الصمد وهو متروك عن أنس بن مالك نحوه، وذكره ابن عدي في كامله من رواية بَزيع عن ثابت عن أنس واستنكره وكذا أخرجه أبو يعلى والطبراني بنحوه عن بزيع وهوضعيف كما قال الحافظ الهيثمي، وللحديث شواهد أخرى. انظر:الموضوعات (1/258)، المقاصد الحسنة(ص /634-635)، الأسرار المرفوعة (ص/322)، وتنزيه الشريعة (1/265)، ومجمع الزوائد(1/149).



فأحْبَبْتُ أن أكونَ مَن جُملتِهم، وأدخُلَ في زُمرتِهم ابتغاء للثواب الجزيلِ والأجرِ الجميل. ولما فتحَ مولانا الملكُ الناصرُ صلاحُ الدنيا والدينِ سُلطانُ الإسلامِ والمسلمينَ، محيي دولةِ أميرِ المؤمنينَ مدينةِ حلب حَرَسَهَا الله، وَلَزِمَتْني المهاجَرَةُ إلى بابهِ الشريفِ شاكرًا لإنعامِه السابق العَميم، ومُهنّئًا بهذا الفتح العظيم، رأيْتُ أن أُقدِمَ إلى خدمتِه هديةً يَعُمُّ نفعُها ويبقى أجرُها، ولما لم أسمع أنَّ واحدًا مِنَ العلماءِ صنَّفَ شيئًا في مناقبِ أمهاتِ المؤمنين مُفرَدًا، ولا رَغِبَ لجمعِهِ مِنَ الناسِ أحدٌ أحببتُ أن يكون في هذه الدولةِ العادلةِ ذِكْرُ مناقِبِهِنَّ عِوَضًا عمَّا مضى من سَبّهنَّ، وءاثَرْتُ أن أجمَعَ في ذلك مختصرًا وإن كانَ فضلُهُنّ سائِرًا مُشتهرًا وسمَّيْتُهُ:
كتابَ الأربعينَ في مناقِبِ أمهاتِ المؤمنينَ رضي الله عنهنَّ أجمَعينَ.

وقدّمتُ فيه مُقدمةً أذكُرُ فيها ما خُصَّ بهِ صلى الله عليه وسلم في أمرِ النكاح، وما أُبِيحَ له مِنهنَّ، ومِقْدارَ عَدَدِهِنَّ، ومَنْ دَخَلَ بها، ومَن طلَّّقَ منهُنَّ، ومَنْ ماتَتْ عِنده، ومَن ماتَ عَنْهنَّ، ثم أُفرِدُ لكلِّ واحدةٍ ممَّنْ وَقَعَ إليَّ في حقها خبرٌ خاصٌ، ترجمةً على ترتيبِ تزويجِه صلى الله عليه وسلم بهن رضي الله عنهُنَّ وأرضاهُنَّ.
راجيًا في ذلك حُسْنَ المغفرةِ والثوابِ والأمنَ من سوءِ العذابِ. وعلى الله أَتَوَكَّلُ وبه أستعينُ، وأسألُه خيرَ العلمِ والعمل واليقين إنه وليُ المتقين.

فَصْلٌ: من خصائصه صلى الله عليه وسلم
الزيادةُ على الأربعِ إلى التِّسْعِ

وفيما فوقَ ذلكَ قولان: أحدُهما: لا يَحِلُّ له أكثرُ من التسع، كالأربع في حقِنا، لأنه ماتَ عنهُنَّ، ولم يَصِحَّ أنهُ زادَ عليهنَّ معَ مبالغتِهِ في بابِ النكاحِ.
والثاني:أنَّهُنَّ في حقه كالسَّراري في حَقِّنا، فلَهُ الزيادةُ من غيرِ حَصْرٍ تشريفاً له وتوسيعًا عليه، لِما رزقَهُ الله من القوةِ.
والقولانِ جاريانِ في انْحِصارِ طلاقهِ في الثلاثِ.
وجازَ له النكاحُ من غيرِ وَلِيٍّ ولا شهود على الصحيح، لأنَّ الوليَ يُرادُ لتحصيل الكَفاءَةِ، ولا كُفْءَ أكفأُ منه صلى الله عليه وسلم. وكذا ينعَقِدُ من غير شهود، لأنَّ المقصودَ من الشهودِ إقامةُ الحجةِ عندَ الجُحُودِ، وهو لا يَجْحَدُ، وقيل: يشترطُ لتوقع جحودِ الزوجةِ النكاحَ.
وأُبيحَ لهُ من غيرِ مَهْرٍ أيضًا، وبلفظِ الهِبَةِ لقولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/50)
وأُبيحَ له تَرْكُ القَسْمِ بينَ نِسائِهِ على أحدِ الوَجْهَين. وكانَ يَقْسِمُ عليهن تَبَرعًا وتكَرمًا مكافأةً على اختيارِهنَّ الله ورسولَه دُونَ زينةِ الحياة الدنيا، وقد كان وجب عليه تخييرُهُنّ لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿يٰأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزوٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيٰوةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/28).
ووجب إرسالُ مَنِ اختارت الحياةَ الدنيا صَوْنًا لِمَنْصِبهِ عنْ أنْ يتأذى به أحد. وإمساكُ مَنِ اختارتْهُ واختارت الله والدارَ الآخرة. لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَٰجٍ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/52). وقال الشافعي رضي الله عنه: نُسِخَتْ هذه الآيةُ بالآيةِ السابقةِ في النظم وهي قوله عز وجلَّ: ﴿يَٰأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ الَّـٰتي~ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/50). وهذا مِنْ عجيب النسخ، ولم يُنسَخ في القرءانِ على مثال هذا سوى قولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكمْ ويَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَٰعًا إلَى الحَوْلِ﴾ [سورة البقرة] (الآية/240) نُسِخَت بقوله: ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [سورة البقرة] (الآية/234) وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لم تُنسخ ءايةُ وجوبِ الإمساكِ وتحريمِ غيرِهن. وتمسَّك الشافعيُ بالحديث أيضًا وهو قول عائشةَ رضي الله عنها: ما ماتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى أُبيحَ له أن يتزوج مَنْ أرادَ ويُطلقَ من أراد (1). والمعنى في ذلك أن تكون له المنّةُ عليهنَّ بإمساكِهنَّ مقابلةً لاختيارهِنَّ له، ولو وجَبَ عليه لما كان فيه له مِنَّةٌ، وهذا علةُ من قالَ بعدم وجوب القَسْم بَينهنَّ، ووجب على مَنْ له زوجةٌ وَرغِبَ في نكاحِها أَنَّ يُطَلّقَها زوجُها لِقِصَّةِ زَيْدٍ.

__________________________________
(1) أخرجه الترمذي في سننه بلفظ: "ما مات رسول الله حتى أحل له النساء" وحسنه، انظر كتاب "تفسير القرءان": باب ومن سورة الأحزاب (3216).


وَمَنْ ماتَ عنها حَرُمَتْ على غيرهِ إكرامًا له، لأن العربَ تَعْتَقِدُ ذلكَ سبةً وعارًا.
وهل تَحْرُمُ مُطَلَّقَتَهُ صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ: أحدُها: تَحْرُمُ كالمتَوَفَّى عنها. والثاني لا تحرمُ لأنه زَهِدَ فيها وانتهى النكاحُ نهايتَه بخلافِ الموتِ فإنَّ أحكامَ النكاحِ باقيةٌ من وجهٍ، ولهذا يجوزُ نَظَرُ المرأةِ إلى زوجِها بعدَ الموتِ، وتُغسِّلهُ اتفاقاً وَيُغَسِلُّها الزوجُ عندَ الشافعيّ رَضِيّ الله عنه، وقالَ أبو حنيفةَ: لا يُغَسِلُها بل تُغَسِّلُه. والثالثُ: وَهُوَ الأَصَحُّ أنه إنْ بَنَى بها فلا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ وإلا حَلَّت، ودليلهُ ما نُقِلَ أن عِكْرِمَةَ بنَ أبي جَهْلٍ، وَقِيْلَ: الأشعثُ بنُ قيس تَزَوَّجَ مطلقتَه فأنكرَ عليهِ عمرُ رضي الله عنه، وأرادَ فَسْخَ نكاحهِ فقالَ: إنَّه لم يَدْخُلْ بها فَأَقَرَّ نِكاحَه.

فَصْلٌ: وأما عَدَدُهُنَّ
عَدَدُ أزواجِهِ صلى الله عليه وسلم

وأما عددُهن فقدِ اختَلَفوا فيه كثيرًا والذي صَحَّ من غيرِ خِلافٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ إحدى عشرةَ امرأةً كلُّهنَّ بَنَى بِهِنَّ، وتَزَوَّجَ غيرَهُنَّ ولم يَدْخُلْ بِهِنَّ، وقيلَ: بنى بِثَلاثَ عشرةَ امرأةً، وتزوجَ خمسَ عشرةَ امرأةً، وقيلَ: ثمانِ عَشْرَةَ، واختلفوا في تسميتهِنَّ، واجتمعَ عندَهُ إحدى عشرةَ امرأةً، واختلفوا في واحدةٍ منهن فقيلَ: رَيْحانَةُ، وقيلَ: أُمُّ شُرَيْكٍ، وقيلَ: إنَّ رَيْحانَةَ سُرِّيَّةٌ، وأُمُّ شُرَيْكٍ لم يتزوجْ بها ولا دخَلَ بها، وإنما هي مِنَ اللاتي وَهَبْنَ أنفُسَهُنَّ، والله أعلمُ بذلك. واختلفوا أيضًا في تقديمِ بعضِهنّ على بعضٍ في التزويجِ بِهِنَّ.
أما المتَّفَقُ على أَنَّهُ بنى بِهِنَّ:
فالأُولى: خديجةُ(1)و(2)

بنتُ خُوَيلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبدِ العُزّى القرشيةُ، وأمُّها فاطمةُ بنتُ زائدةَ بنِ جُنْدُبٍ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/11)، أسد الغابة(6/78)، الإصابة(4/281)، الاستيعاب(4/279)، سير أعلام النبلاء(2/109)، المستدرك(3/182-186)، مجمع الزوائد(9/218)،تسمية أزواج النبيّ (ص/46)، أزواج النبيّ(ص/35)، تهذيب الأسماء واللغات(2/341).
(2) قال الحافظ النووي في "تهذيبه": "وذكر الزهري وخلائق من العلماء أنها أول من أسلم وءامن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ونقل الثعلبي الإجماع عليه وقيل أبو بكر وقيل غير ذلك"اهـ، وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب"(4/282-284) أنها أول من أسلمت، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة"(6/78):"خديجة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أول امرأة تزوجها واول من أسلم بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل ولا امرأة" اهـ، وأقره الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة " (2/262).


وهي أولُ امرأةٍ تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من غيرِ خلافٍ قبلَ المَبْعَثِ بخَمْسَ عَشْرةَ سنةً. وكانت بنتَ أربعينَ سنةً، وهو ابنُ خمس وعشرينَ سنةً. وكانت قبلهُ تحتَ أبي هَالةَ هندِ بنِ زرَارَةَ بنِ النبَّاشِ بنِ عَدِيّ أحدِ بني أُسيِّدِ بنِ عمرٍو بنِ تميمٍ، وقبله عند عَتِيق بنِ عابدٍ.
وهي أمُّ أولادِه كلهم –سوى إبراهيمَ بنِ ماريةَ القِبْطيةِ- فولَدَتْ له القاسمَ وبه كان يُكْنَى، وعبْدَ الله وهو الطاهرُ والطيِّبُ سُمِّيَ بذلك لأنه وُلِدَ في الإسلام، وقيل: إن الطَّاهِرَ والطيِّبَ اسمانِ لابنَيْنِ، وقيل(1): إن اسمَهما عبدُ العزّى وعبدُ منافٍ. وولَدَتْ له من النساءِ زينبَ، ورُقَيَّةَ، وأمَّ كُلْثُومٍ، وفاطمةَ صلى الله عليهم أجمعين.
توفيت بمكة قبلَ الهجرةِ إلى المدينة، وقبلَ فرضِ الصلاةِ بخَمْسٍ، وقيل: بثلاثِ سنينَ، في السنة التي ماتَ فيها أبو طالبٍ بنُ عبدِ المطلبِ، وفي كلِ ذلك خلافٌ(2). وكان عُمْرُها وَقْتَ وفاتِها خَمْسًا وستينَ سنةً، وقيلَ: خمسًا وخمسينَ في شهرِ رمضانَ سنَةَ عَشْرٍ من النبوةِ. ولم يَجْتَمِعْ معها أحد من نسائِه صلواتُ الله عليهنَّ. وقيلَ: زوَّجَها منه أبوها، وقيل: عمُّها عَمْرو.

__________________________________
(1)يوجد في بعض الكتب أنَّ اسمَ ولَدَي الرسول عبد العُزّى وعبدُ منافٍ. قال الحافظ ابن الجوزي في "تلقيح فهوم الأثر"(ص/30): "قال لنا شيخنا ابن ناصر: لم يُسمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط"اهـ. فمن قال إن الرسولُ سمّاهما وأقَرَّ هذا يكفر. أما من قال خديجة سمَّتْهُما ولم يُقِرَّهُ الرسولُ لا يكفرُ.
(2) صحح الحافظ النووي وفاتها قبل الهجرة بثلاث سنين.

الثانيةُ: سَوْدَةُُ بِنْتُ زَمْعَةَ(1)

ابنِ قيسِ بن عبد شمسٍ بنِ عبدِ وِدّ بنِ نَصْرِ بنِ مالِكٍ، وأمُّها الشَّمُّوسُ بنتُ قيسِ بنِ زيدِ بن عمروٍ من بني النجارِ.
وتزوَّجَها بعدَ الهجرةِ وقيل في شوالٍ قبل مهاجَرِهِ إلى المدينةِ بعدَ وفاةِ خديجةَ. وكانت تحتَ السَّكرانِ بنِ عَمْرٍو فأسلَمَ وتُوفيَ عنها.
وتوفيت في خلافةِ معاويةَ سنةَ أربعٍ وخمسينَ بالمدينةِ.
وقيل: إنه تزوَّجَ عائشةَ قبلَ سَوْدَةَ والصحيحُ أنه تزوّجَها في شوالٍ إلا أنه لم يدخلْ بعائشةَ إلى بعد سنتينِ أو ثلاثٍ، فيحتمِلُ أنَّ مَنْ قال: إن سودةَ قبل عائشةَ معناهُ...(2) بين الروايتينِ.
الثالثةُ: عائشةُ(3)

بنتُ أبي بكرٍ الصديقِ عبدِ الله ويقالُ: عَتِيقُ بنُ أبي قُحافَةَ عثمانَ ابن عامرِ بنِ عمرو بنِ كَعْبٍ. وأمُّها أمُّ روْمانَ(4) بنتُ عامرِ بنِ عُوَيْمِرٍ.

__________________________________
(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/42)، أسد الغابة(6/157)، الإصابة (4/338)، الاستيعاب (4/323)، سير أعلام النبلاء (2/265)، مجمع الزوائد (9/246)، تسمية أزواج النبيّ (ص/53-54)، أزواج النبيّ (ص/173)، تهذيب الأسماء واللغات (2/348).
(2) ولعلَّهُ إشارة إلى ما ذَكَرَهُ ابنُ حجرٍ في "الإصابةِ" (4/338) بقولِهِ: "فخُطِبَتْ عليه سودةُ بنتُ زَمْعَة وعائشةُ فتزوجهما فبنى بسودَةَ بمكةَ وعائشةُ يومئذٍ بنتُ ستِ سنينَ حتى بنى بها بعدَ ذلك" .
(3) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى(8/46)، أسد الغابة(6/188)، الإصابة(4/359)، الاستيعاب(4/356)، سير أعلام النبلاء(2/135)، المستدرك(4/3-14)، مجمع الزوائد(9/225)، تسمية أزواج النبيّ (ص/77)، تهذيب الأسماء واللغات (2/350).
(4) قال الحافظ النووي في "تهذيبه"(2/350): "بضم الراء وسكون الواو على المشهور، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": يقال بفتح الراء وضمها" اهـ.


هاجَرَت مع النبي صلى الله عليه وسلم وتزوَّجها بعد الهجرة، وقيل: بل في شوالٍ سنةَ عَشْرٍ من النبوة قبل مُهاجَرِه إلى المدينةِ بسنةٍ ونصفٍ أو نحوِها، وكانت بكرًا ولم ينكِحْ بِكرًا غيرَها، ولم تلِدْ له ولا غيرُها من الحرائرِ سوى خديجةَ بنتِ خُوَيْلِدٍ.
ونكحَها(1) وهي ابنةُ ستٍ وقيل: سبعِ سنينَ، وبنى بها وهي ابنةُ تسعِ سنينَ وتوفيَ عنها وهي ابنةُ ثمانِ عَشْرَةَ.
توفيت في شهر رمضانَ ليلةَ الثلاثاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ منه وذلك في سنةِ ثمانٍ وخَمسين. وصلى عليها أبو هريرةَ نائبُ مروانَ بنِ الحَكَمِ بالمدينةِ(2)، ودُفِنَتْ بالبقيعِ بعد الوِتْرِ من ليلتِها.
الرابعةُ: حَفْصَةُ(3)

بنتُ عمرَ بن الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ رَيَاحٍ. وأمُّها زينبُ بنْتُ مَظْعُوْنِ بنِ حبيب بنِ وَهْبٍ.
مولِدُها قبلَ بَعْثِ النبيّ صلى الله عليه وسلم بخَمْسِ سنينَ. كانت تحتَ خُنَيْسِ بنِ حُذَافَةَ بنِ قيسِ بنِ عَدِيٍ فتُوفِيَ عنها.

__________________________________
(1)بمعنى العقد.
(2) قال الحافظ النووي في "تهذيبه" (2/352): "واعلم أن عائشة لم تدخل الشام قط، وإنما ذكرت هذا لأني رأيت من اشتبه عليه ذلك فتوهم دخولها دمشق، وهذا خطأ صريح وجهل قبيح ولا خلاف بين أهل التواريخ والحديث أنها لم تدخل الشام, وممن نص على عدم دخولها الشام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في باب ذكر مساجد دمشق" اهـ.
(3) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/65)، أسد الغابة(6/65)، الإصابة(4/273)، الاستيعاب(4/268)، سير أعلام النبلاء(2/227)، المستدرك(4/14-15)، مجمع الزوائد(9/244)، تسمية أزواج النبيّ (ص/58)، أزواج النبي (ص/137)، تهذيب الأسماء واللغات(2/338).



وتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شَعْبَاَنَ على رأس ثلاثينَ شهرًا من الهجرة قبلَ أُحُد في سنةِ ثلاثٍ وقيلَ: سنةِ اثنتينِ.
وتُوُفِيَتْ في شعبانَ سنةَ خمسٍ وأربعينَ في خلافةِ معاويةَ وهي ابنةُ ستيْنَ سنةً، صلى عليها مروانُ ودُفِنَتْ بالبقيع.
الخامسةُ: أمُّ سَلَمَةَ(1)

هندُ بنتُ أبي أُمَيَّةَ سُهَيْل بن المغيْرَةِ بنِ عبدِ الله، وأمُّها عاتِكَةُ بِنتُ عامرِ بنِ رَِبيْعَةَ. وكانت قرشيةً مخْزُوميَّةً وكانت قبلَهُ تحتَ أبي سَلَمَةَ عبدِ الله بنِ عبدِ الأَسَدِ بن هلال فتُوفيَ عنها.

________________________________________
(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/69)، أسد الغابة (6/340)، الإصابة (4/423)، الاستيعاب (4/421)،سيرأعلام النبلاء (2/201)، المستدرك (4/16-19)، مجمع الزوائد (9/245)، تسمية أزواج النبيّ (ص/56)، أزواج النبيّ (ص/147)، تهذيب الأسماء واللغات (2/361).


وتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شوالٍ سنَة أربعٍ وتوفِيَتْ في
ذي القعْدَةِ سنةَ تسعٍ وخمسينَ(1)،وكان لها يومَ ماتَتْ(2) أربعٌ وثمانون سنَةً صلى عليها أبو هريرةَ(3) ودُفِنَتْ بالبقيع.


السادسة: جُوَيْرِيةُ(4)

بنتُ الحارث بن أبي ضِرارٍ من خُزاعةَ.

______________________________________________
(1) قال الذهبي في "السير"(2/210): "وبعضهم أرّخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم، والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين رضي الله عنها" اه، وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/424): "قال الواقدي : "ماتت في شوال سنة تسع وخمسين وصلى عليها أبو هريرة ولها أربع وثمانون سنة" كذا قال، وتلقاه عنه جماعة وليس بجيد فقد ثبت في "صحيح مسلم" (كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت،ح 2882) أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان دخلا على أم سلمة في ولاية يزيد بن معاوية فسألاها عن الجيش الذي يخسف به، الحديث. وكانت ولاية يزيد بعد موت أبيه في سنة ستين، وقال بن حبان: ماتت في ءاخر سنة إحدى وستين بعدما جاءها الخبر بقتل الحسين بن علي، قلت: وهذا أقرب. وقال محارب بن دثار: أوصت أم سلمة أن يصلي عليها سعيد بن زيد وكان أمير المدينة يومئذ مروان بن الحكم وقيل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، قلت:والثاني أقرب فإن سعيد بن زيد مات قبل تارخ موت أم سلمة على الأقوال كلها فكأنها كانت أوصت بأن يصلي سعيد عليها في مرضة مرضتها ثم عوفيت ومات سعيد قبلها" ا.هـ، وصحح الحافظ ابن عساكر في تاريخه (3/211)، ما رجحه الحافظ ابن حجر من أن سنة وفاتها إحدى وستين من الهجرة، وصحح الحافظ النووي وفاتها سنة تسع وخمسين (تهذيب الأسماء 2/362).
(2) قال الذهبي في "السير (2/202): "وكانت ءاخر من مات من أمهات المؤمنين، عمّرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فوجمت لذلك وغشي عليها وحزنت عليه كثيراً لم تلبث بعده إلا يسيراً وانتقلت إلى الله" ا.هـ أي توفيت.
(3) قال الذهبي في "السير " (2/208): "ولم يثبت وقد مات قبلها " ا.هـ.
(4) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/92)، أسد الغابة (6/56)، الإصابة (4/265)، الاستيعاب(4/258)، سير أعلام النبلاء (2/261)، المستدرك(4/25-28) مجمع الزوائد(9/250)، تسمية أزواج النبيّ(ص/63)، أزواج النبيّ(ص/207)، تهذيب الأسماء واللغات (2/336).


كانت تحتَ مالكِ بنِ صَفْوانَ، وقيلَ: مُسافِع بنِ صَفوان، فقُتِلَ يومَ المُرَيْسِيعِ.
تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ أنْ أَعْتَقَها وذلك بعدَ غزوةِ المُرَيْسِيع وكانَتِ ابنةَ عشرينَ سنةً.
وتوفيَتْ وهي ابنةُ خمس وستينَ سنةً وذلك في شهرِ ربيع الأولِ سنة سبعٍ وخمسينَ في خلافةِ معاويةَ، وقيلَ: سنةَ ستينَ. وصلى عليها مروانُ بنُ الحَكَمِ والي المدينةِ.


السابعةُ: زَيْنَبُ(1)و (2)

بنتُ جحش بنِ رِئابِ بنِ يَعْمُرِ بنِ صَبْرَةَ بنِ مُرَّةَ. أمُّها أُمَيْمَةُ بنتُ عبدِ المطلبِ بنِ هاشِمٍ وكانت تحتَ زيدِ بنِ حارثةَ بنِ شَرَاحِيْلَ.
تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في ذي القَعْدَةِ سنةَ خمسٍ من الهجرةِ وهي يومئذٍ بنتُ خمسٍ وثلاثينَ سنةً، وتوفيت وهي ابنةُ ثلاث وخمسينَ سنةً ودُفِنَتْ بالبقيعِ وصلَّى عليها عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه، وهي أول أزواجِه موتًا أي بعدُه صلى الله عليه وسلم.

__________________________________________________ _____
(1)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/80)، أسد الغابة(6/125)، الإصابة(4/313)، الاستيعاب(4/313)، سير أعلام النبلاء(2/211)، المستدرك(4/23-25)، مجمع الزوائد(9/246)، تسمية أزواج النبي(ص/61)، أزواج النبي(ص/181)، تهذيب الأسماء واللغات(2/344).
(2)وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الثامنةُ: زينبُ(1)

بنتُ خُزيمةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ الله بن عمرِو بنِ عبدِ مَنافٍ.
وهي أمُّ المساكينِ،كانت تُسَمّى بذلك في الجاهليةِ، وكانت تحتَ الطُّفََيْلِ بنِ الحارثِ بنِ المُطَّلبِ بن عبدِ منافٍ، فطلَّقها وتزوَّجَ بها عبيدةُ بنُ الحارثِ وقُتِلَ يومَ بَدْرٍ شهيدًا.
وتزوَّج بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رأسِ أحَدٍ وثلاثينَ شهرًا من الهجرة، فَمَكَثَتْ عندَهُ ثمانيةَ أشهرٍ، وتوفيت في ءاخِرِ ربيع الآخِرِ على رأسِ تسعٍ وثلاثينَ شهرًا من الهجرة، وصلّى عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ودُفِنَتْ بالبقيعِ، كان سِنُّها يَومَ توفيت نحوَ ثلاثينَ سنةً، كذا ذكَرَهُ ابنُ سعد كاتِبُ الواقِدِيّ.


التاسعةُ: أُمُّ حَبيبةَ(2)

رَمْلَةُ بنتُ أبي سفيانَ صَخْرِ بنِ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عبدِ شَمْسٍ، وأمُّها صفيةُ بنتُ أبي العاصِ بنِ أميةَ.
كانت تحتَ عُبَيْدِ الله بنِ جحشِ بنِ رئابٍ، توفي بأرض الحبشةِ بعد أن ارتدَ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/91)، أسد الغابة(6/129)، الإصابة(4/315)، الاستيعاب(4/312)، سير أعلام النبلاء(2/218)، المستدرك(4/33-34)، مجمع الزوائد(9/248)، تسمية أزواج النبي(ص/69)، أزواج النبي(ص/139).
(2)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/76)، أسد الغابة(6/115)، الإصابة(4/305)، الاستيعاب(4/303)، سير أعلام النبلاء(2/218)، المستدرك(4/20-23)، مجمع الزوائد(9/249)، تسمية أزواج النبي(ص/64)، أزواج النبي(ص/161)، تهذيب الأسماء واللغات(2/358).
وتزوجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم سنةَ سبعٍ من الهجرة، وهي التي أَصْدَقَها النجاشيُّ عنه صلى الله عليه وسلم، وكان لها يومَ قَدِمَ بها المدينةَ بضعٌ وثلاثونَ سنةً.
وتوفيت في سنةِ أربعٍ وأربعينَ في خلافةِ أخِيْها معاوية.


العاشِرةُ: صفيةُ(1)

بنتُ حُيَيِّ بنِ أَخْطَبَ من وَلَد(2) هارونَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمُّها بَرَّةُ بنتُ سَمَوْءَلٍ أُخْتِ رفاعةَ.
كانت تحتَ سلامِ بنِ مِشْكَمٍ القُرَظِي ثم خَلَفَ عليها كِنَانَةَ بنَ الربيع بنِ أبي الحُقَيْقِ.
سباها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خَيْبَرَ وكانَتْ عروسًا، وأعتَقَها وتزَوَّجَها بعدَ مَرْجِعِهِ من خيبرَ، وكانَ يَقْسِمُ لها ولجويريةَ بنتِ الحارثِ، وكان سنُّها وقتَ سباها نحوَ سبعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وتوفيت سنةَ اثنتينِ وخمسينَ من الهجرةِ في خلافةِ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ ودُفِنَتْ بالبقيعِ وقيلَ سنةَ خمسينَ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى(8/95)، أسد الغابة (6/169)، الإصابة (4/346)، الاستيعاب (4/346)، سير أعلام النبلاء (2/231)، المستدرك (4/28- 29)، مجمع الزوائد (9/250)، تسمية أزواج النبي(ص/66)، أزواج النبي(ص/213)، تهذيب الأسماء واللغات (2/348).
(2) أي من ذريته.


الحادية عشرة: ميمونةُ(1)

وقيل: بَرَّةُ(2)بنتُ الحارثِ بنِ حَزْنِ بنِ بُجيْرِ بنِ الهَزْمِ، وأمُّها هندُ بنتُ عوفِ بنِ زُهَيْر.
وكانت تحتَ مسعودِ بنِ عمرو بن عبدِ نائلٍ الثَّقَفِيِ في الجاهليةِ، وفارَقَها ثم خَلَفَ عليها أبو رُهْمِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ أبي قَيْسِ بنِ عبدِ ودّ، فتوفي عنها فتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وهي ءاخرُ نسائِه تزويجًا وموتًا، وقيل: إنها ماتت قبلَ عائشةَ رضي الله عنها، وَرَدَ ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن عائشةَ، وهي خالةُ عبدِ الله بنِ عباس، ونكَحَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سنةِ سبعٍ سنةِ عُمْرَةِ القضاءِ.

__________________________________

(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/104)، أسد الغابة (6/272)، الإصابة (4/411)، الاستيعاب(4/404)، سير أعلام النبلاء (2/238)، المستدرك(4/30-33)، مجمع الزوائد (9/249)، تسمية أزواج النبي(ص/67)، أزواج النبي (ص/197)، تهذيب الأسماء واللغات (2/355).

(2) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان اسم خالتي ميمونة : برة ، فسمَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة " رواه الحاكم في "المستدرك" (4/30) وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه.


وتوفيت في سنة إحدى وستينَ(1) في خلافةِ يزيدَ بنِ معاويَةَ كذا ذكَرَهُ ابنُ سعد، وكان عمرُها نحوَ ثمانينَ سنةً أو إحدى وثمانين، ودُفِنَتْ بِسَرِفٍ في القُبَّةِ التي بَنَى بها فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما أخبرَ بذلك، وقيل: ماتت بمكةَ ونُقِلَتْ إليها.
وهي من اللاتي وَهبْنَ أنفسَهن لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم(2).

__________________________________
(1) قال الذهبي في "السير" (2/245) بعد أن ذكر هذه الرواية: "لم تبق إلى هذا الوقت فقد ماتت قبل عائشة وقد مرَّ قول عائشة : ذهبت ميمونة . وقال خليفة : توفيت سنة إحدى وخمسين " ا.هـ، وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/413): "ونقل ابن سعد عن الواقدي أنها ماتت سنة إحدى وستين، قال : "وهي ءاخر من مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى، ولولا هذا الكلام الأخير لاحتمل أن يكون قوله : "وستين " وهما من بعض الرواة ولكن دل أثر عائشة الذي حكاه عنها يزيد بن الأصم أن عائشة ماتت قبل الستين بلا خلاف، والأثر المذكور صحيح فهو أولى من قول الواقدي، وقد جزم يعقوب بن سفيان بأنها ماتت سنة تسع وأربعين، وقال غيره: ماتت سنة ثلاث وستين، وقيل سنة ست وستين، وكلاهما والأول أثبت" ا.هـ، والأثر الذي أشار إليه الحافظ ذكره في "الإصابة" (4/412) وعزاه لابن سعد، وقال الحافظ النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (2/356) ما نصه: "توفيت سنة إحدى وخمسين، قاله خليفة بن خياط وغيره وهو الأظهر وقيل سنة آثنتين وخمسين وقيل سنة ثلاث وخمسين وقيل سنة ثلاث وستين، وهذه الأقوال الثلاثة شاذة باطلة وقد صرح الحافظ ابن عساكر بضعفها وفي الحديث الصحيح ما يبطلها، فإن في الصحيح أنها توفيت قبل عائشة" ا.هـ.
(2) قال آبن إسحاق: ويقال إنها وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم وذلك أن خِطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها فقالت: البعير وما عليه لله ورسوله رضي الله عنها فأنزل الله عزّ وجلّ {وآمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيَّ } [سورة الأحزاب] (ءاية/50) ، ويقال التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها،ويقال أم شريك غُزّيَّةُ بنتُ جابر بن وهب ويقال غيرها ا.هـ. (انظر "السيرة النبوية"، 4/647).



ومات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن تسْعٍ من هؤلاءِ وهُنَّ: سَوْدَةُ، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وجويريةُ، وزينب بنت جحش، وأم حبيبةَ، وصفيةُ، وميمونة. وكلُّ واحدةٍ من هؤلاء اتفق النَّقَلةُ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تزوجها وبنَى بها. واتفقوا على أنه مات عن التسع المذكورات واختلفوا في التقديم والتأخير وذلك اختلاف لا يَضُرُّ، واجتمَعَ عنده جميعُ المذكوراتِ سوى خديجةَ فإنها ماتت ولم يتزوجْ معها غيرَها. وزادَ بعضُهم: إنه اجتمع عندَهُ إحدى عَشْرَةَ امرأةً فقال بعضهُم هي: أمُّ شُرَيْكٍ بنتُ جابِر، ورَيحانةُ بنتُ زيدِ بنِ عمرو، وقيل: إنها لم تَزَل سُرّيةً وهو الصحيحُ.

ذِكْرُ ما وَقَعَ إلي مما وردَ في مناقِبِ أمِ المؤمنينَ
خديجةَ أمِ هِنْدٍ، تُُكنَى بولدٍ كان لها
الحديثُ الأَوَّلُ

أخبرنا أستاذي الإمام قطب الدين حجة الإسلام إمام الحرمين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري رحمه الله، في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وخمسمائة، أنا الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد البيهقي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الحافظ.
وأخبرنا عمي الإمام العالم الحافظ الثقة ثقة الدين صدر الحفاظ محدث الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قدّس الله روحه، أنا الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الصاعدي النيسابوري، أنا أبو بكر البيهقي(1)، أنا أبو عبد الله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بنُ أبي الأشْعَثِ الكِنْدِيُ من أهل الكوفة، حدثني إسماعيلُ بنُ إياسِ بنِ عَفيفٍ، عن أبيه، عن جدِه عفيفٍ أنه قال:

__________________________________
(1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/162-163).


كنتُ امْرَأ تاجرًا فقَدمْتُ مِنًى أيامَ الحج وكان العباسُ بنُ عبد المطلب امرأً تاجرًا، فأتَيتُهُ أبْتاعُ منه وأبيْعُهُ، قال: فبينا نحنُ إذ خرجَ رجلٌ من خِبَاءٍ يُصَلّي فقامَ تُجاهَ الكعبةِ، ثم خَرَجَتِ امرأةٌ فقامت تُصلي، وخرجَ غلامٌ فقامَ يُصلي معَهُ، فقلتُ: يا عباسُ ما هذا الدِّيْنُ؟ إنَّ هذا الدِّيْنَ ما ندرِي ما هو؟ فقال: هذا محمدُ بنُ عبدِ الله يزعمُ أنَّ الله تبارَكَ وتعالى أرْسَلهُ، وأنَّ كُنوزَ كِسرى وقيْصَرَ ستُفتَحُ عليه، وهذِهِ امرأتُه خديجةُ بِنْتُ خُوَيْلِد ءامنَت به، وهذا الغلامُ ابنُ عمهِ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ءامَنَ به.
قال عفيفٌ: وليتني كُنْتُ ءامَنْتُ بهِ يومئذٍ فكُنْتُ أكونُ ثانيًا(1)و(2).
هذا حديثٌ صحيحٌ من حديثِ إسماعيلَ بنِ إياسِ بنِ عفيفٍ، عن أبيه إياسٍ عن جدِه عفيفٍ الكِنْدي، أسلمَ بعد ذلك وحسُنَ إسلامُهُ.
وقولُه: "ثانياً"، يعني ثانيَ الرجالِ.
تابَعَه إبراهيمُ بنُ سعيدٍ عن محمدِ بنِ إسحاقَ وقال في الحديث:
"إذ خَرَجَ رجلٌ من خِباءٍ قريب منه فنَظَرَ إلى السماء فلمَّا رءاها قد مالَتْ يعني الشمس قامَ يصلي"(3) ثم ذَكَرَ قيامَ خديجةَ خَلْفَهُ
رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:11 PM   #5
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

__________________________________

(1) هو صاحب المستدرك.


وهذا نصٌ قاطعٌ في حصولِ الثوابِ بمُطْلَقِ الأداء دونَ الحفظ. ويَحْتَمِلُ أن يُراد بالحفظِ هَهُنا ضبطُ تلك الأحاديثِ وتقييدُها في الكتبِ، والمواظبةُ على نقلِها وإبلاغِها حتى لا تندرِسَ على ممر الأزمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "قيّدوا العلمَ بالكتابِ"(1).
وهذه الأحاديثُ وإن كان أئمةُ الصَّنْعَةِ تكلَّموا في أسانيدِها، ولكنَّ فضْلَ الله أعظمُ من ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بلغَهُ عن الله تعالى شىءٌ فيه فضيلةٌ فأخذ به إيماناً واحتساباً، ورجاءَ ثوابِه ءاتاهُ الله ذلك وإن لم يكنْ كذلك"(2).والله أعلم.

__________________________________
(1) قال الحافظ السخاوي في "المقاصد" (ص/109-110): "رواه الطبراني وأبو نعيم في "الحلية" وغيرهما عن ابن عمرو مرفوعاً بلفظ: "قيدوا العلم بالكتاب"، وعند العسكري من حديث عبد الحميد بن سليمان حدثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس مرفوعاً: "وما قيد العلم بمثل الكتابة"، وقال لُوَين رواية عن عبد الحميد إنه لم يرفعه غيره، وقال العسكري :ما أحسبه من كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم وأحسب عبد الحميد وهم فيه وإنه من قول أنس، فقد روى عبد الله بن المثنى عن ثمامة قال: كان أنس يقول لبنيه: يا بني قيدوا العلم بالكتاب، قال: فهذا علة" الحديث اه، وأخرجه الدرامي (1/127) والطبراني في "المعجم الكبير" (1/246) والحاكم في "المستدرك" (1/106) عن أنس رضي الله عنه من قوله وقال الحاكم :"وكذلك الرواية عن أنس صحيح من قوله وقد أسند من وجه غير معتمد" اهـ، وأخرجه الحاكم أيضاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق عبد الله بن المؤمّل، قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/152): "رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن معين وابن حبان وقال ابن سعد ثقة قليل الحديث وقال الإمام أحمد أحاديثه مناكير" اهـ.
(2) رواه أبو الشيخ في "مكارم الأخلاق" من طريق بشر بن عبيد وهو متروك، ورواه الحسن ابن عرفة في جزئه من طريق خالد بن حيان عن فرات بن سليمان وعيسى بن كثير عن أبي رجاء قال الحافظ السخاوي :"وخالد وفرات فيهما مقال وأبو رجاء لا يعرف"، وقال الحافظ بن الجوزي"لو لم يكن في إسناده سوى أبي رجاء البياض قال يحيى وهو كذاب وقال النسائي متروك الحديث"، ورواه البغوي وابن عبد البر وكامل الجحدري عن عباد ابن الصمد وهو متروك عن أنس بن مالك نحوه، وذكره ابن عدي في كامله من رواية بَزيع عن ثابت عن أنس واستنكره وكذا أخرجه أبو يعلى والطبراني بنحوه عن بزيع وهوضعيف كما قال الحافظ الهيثمي، وللحديث شواهد أخرى. انظر:الموضوعات (1/258)، المقاصد الحسنة(ص /634-635)، الأسرار المرفوعة (ص/322)، وتنزيه الشريعة (1/265)، ومجمع الزوائد(1/149).



فأحْبَبْتُ أن أكونَ مَن جُملتِهم، وأدخُلَ في زُمرتِهم ابتغاء للثواب الجزيلِ والأجرِ الجميل. ولما فتحَ مولانا الملكُ الناصرُ صلاحُ الدنيا والدينِ سُلطانُ الإسلامِ والمسلمينَ، محيي دولةِ أميرِ المؤمنينَ مدينةِ حلب حَرَسَهَا الله، وَلَزِمَتْني المهاجَرَةُ إلى بابهِ الشريفِ شاكرًا لإنعامِه السابق العَميم، ومُهنّئًا بهذا الفتح العظيم، رأيْتُ أن أُقدِمَ إلى خدمتِه هديةً يَعُمُّ نفعُها ويبقى أجرُها، ولما لم أسمع أنَّ واحدًا مِنَ العلماءِ صنَّفَ شيئًا في مناقبِ أمهاتِ المؤمنين مُفرَدًا، ولا رَغِبَ لجمعِهِ مِنَ الناسِ أحدٌ أحببتُ أن يكون في هذه الدولةِ العادلةِ ذِكْرُ مناقِبِهِنَّ عِوَضًا عمَّا مضى من سَبّهنَّ، وءاثَرْتُ أن أجمَعَ في ذلك مختصرًا وإن كانَ فضلُهُنّ سائِرًا مُشتهرًا وسمَّيْتُهُ:
كتابَ الأربعينَ في مناقِبِ أمهاتِ المؤمنينَ رضي الله عنهنَّ أجمَعينَ.

وقدّمتُ فيه مُقدمةً أذكُرُ فيها ما خُصَّ بهِ صلى الله عليه وسلم في أمرِ النكاح، وما أُبِيحَ له مِنهنَّ، ومِقْدارَ عَدَدِهِنَّ، ومَنْ دَخَلَ بها، ومَن طلَّّقَ منهُنَّ، ومَنْ ماتَتْ عِنده، ومَن ماتَ عَنْهنَّ، ثم أُفرِدُ لكلِّ واحدةٍ ممَّنْ وَقَعَ إليَّ في حقها خبرٌ خاصٌ، ترجمةً على ترتيبِ تزويجِه صلى الله عليه وسلم بهن رضي الله عنهُنَّ وأرضاهُنَّ.
راجيًا في ذلك حُسْنَ المغفرةِ والثوابِ والأمنَ من سوءِ العذابِ. وعلى الله أَتَوَكَّلُ وبه أستعينُ، وأسألُه خيرَ العلمِ والعمل واليقين إنه وليُ المتقين.

فَصْلٌ: من خصائصه صلى الله عليه وسلم
الزيادةُ على الأربعِ إلى التِّسْعِ

وفيما فوقَ ذلكَ قولان: أحدُهما: لا يَحِلُّ له أكثرُ من التسع، كالأربع في حقِنا، لأنه ماتَ عنهُنَّ، ولم يَصِحَّ أنهُ زادَ عليهنَّ معَ مبالغتِهِ في بابِ النكاحِ.
والثاني:أنَّهُنَّ في حقه كالسَّراري في حَقِّنا، فلَهُ الزيادةُ من غيرِ حَصْرٍ تشريفاً له وتوسيعًا عليه، لِما رزقَهُ الله من القوةِ.
والقولانِ جاريانِ في انْحِصارِ طلاقهِ في الثلاثِ.
وجازَ له النكاحُ من غيرِ وَلِيٍّ ولا شهود على الصحيح، لأنَّ الوليَ يُرادُ لتحصيل الكَفاءَةِ، ولا كُفْءَ أكفأُ منه صلى الله عليه وسلم. وكذا ينعَقِدُ من غير شهود، لأنَّ المقصودَ من الشهودِ إقامةُ الحجةِ عندَ الجُحُودِ، وهو لا يَجْحَدُ، وقيل: يشترطُ لتوقع جحودِ الزوجةِ النكاحَ.
وأُبيحَ لهُ من غيرِ مَهْرٍ أيضًا، وبلفظِ الهِبَةِ لقولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/50)
وأُبيحَ له تَرْكُ القَسْمِ بينَ نِسائِهِ على أحدِ الوَجْهَين. وكانَ يَقْسِمُ عليهن تَبَرعًا وتكَرمًا مكافأةً على اختيارِهنَّ الله ورسولَه دُونَ زينةِ الحياة الدنيا، وقد كان وجب عليه تخييرُهُنّ لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿يٰأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزوٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيٰوةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/28).
ووجب إرسالُ مَنِ اختارت الحياةَ الدنيا صَوْنًا لِمَنْصِبهِ عنْ أنْ يتأذى به أحد. وإمساكُ مَنِ اختارتْهُ واختارت الله والدارَ الآخرة. لقوله عزَّ وجلَّ: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَٰجٍ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/52). وقال الشافعي رضي الله عنه: نُسِخَتْ هذه الآيةُ بالآيةِ السابقةِ في النظم وهي قوله عز وجلَّ: ﴿يَٰأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ الَّـٰتي~ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [سورة الأحزاب] (الآية/50). وهذا مِنْ عجيب النسخ، ولم يُنسَخ في القرءانِ على مثال هذا سوى قولهِ عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكمْ ويَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَٰعًا إلَى الحَوْلِ﴾ [سورة البقرة] (الآية/240) نُسِخَت بقوله: ﴿والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [سورة البقرة] (الآية/234) وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لم تُنسخ ءايةُ وجوبِ الإمساكِ وتحريمِ غيرِهن. وتمسَّك الشافعيُ بالحديث أيضًا وهو قول عائشةَ رضي الله عنها: ما ماتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى أُبيحَ له أن يتزوج مَنْ أرادَ ويُطلقَ من أراد (1). والمعنى في ذلك أن تكون له المنّةُ عليهنَّ بإمساكِهنَّ مقابلةً لاختيارهِنَّ له، ولو وجَبَ عليه لما كان فيه له مِنَّةٌ، وهذا علةُ من قالَ بعدم وجوب القَسْم بَينهنَّ، ووجب على مَنْ له زوجةٌ وَرغِبَ في نكاحِها أَنَّ يُطَلّقَها زوجُها لِقِصَّةِ زَيْدٍ.

__________________________________
(1) أخرجه الترمذي في سننه بلفظ: "ما مات رسول الله حتى أحل له النساء" وحسنه، انظر كتاب "تفسير القرءان": باب ومن سورة الأحزاب (3216).


وَمَنْ ماتَ عنها حَرُمَتْ على غيرهِ إكرامًا له، لأن العربَ تَعْتَقِدُ ذلكَ سبةً وعارًا.
وهل تَحْرُمُ مُطَلَّقَتَهُ صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ: أحدُها: تَحْرُمُ كالمتَوَفَّى عنها. والثاني لا تحرمُ لأنه زَهِدَ فيها وانتهى النكاحُ نهايتَه بخلافِ الموتِ فإنَّ أحكامَ النكاحِ باقيةٌ من وجهٍ، ولهذا يجوزُ نَظَرُ المرأةِ إلى زوجِها بعدَ الموتِ، وتُغسِّلهُ اتفاقاً وَيُغَسِلُّها الزوجُ عندَ الشافعيّ رَضِيّ الله عنه، وقالَ أبو حنيفةَ: لا يُغَسِلُها بل تُغَسِّلُه. والثالثُ: وَهُوَ الأَصَحُّ أنه إنْ بَنَى بها فلا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ وإلا حَلَّت، ودليلهُ ما نُقِلَ أن عِكْرِمَةَ بنَ أبي جَهْلٍ، وَقِيْلَ: الأشعثُ بنُ قيس تَزَوَّجَ مطلقتَه فأنكرَ عليهِ عمرُ رضي الله عنه، وأرادَ فَسْخَ نكاحهِ فقالَ: إنَّه لم يَدْخُلْ بها فَأَقَرَّ نِكاحَه.

فَصْلٌ: وأما عَدَدُهُنَّ
عَدَدُ أزواجِهِ صلى الله عليه وسلم

وأما عددُهن فقدِ اختَلَفوا فيه كثيرًا والذي صَحَّ من غيرِ خِلافٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ إحدى عشرةَ امرأةً كلُّهنَّ بَنَى بِهِنَّ، وتَزَوَّجَ غيرَهُنَّ ولم يَدْخُلْ بِهِنَّ، وقيلَ: بنى بِثَلاثَ عشرةَ امرأةً، وتزوجَ خمسَ عشرةَ امرأةً، وقيلَ: ثمانِ عَشْرَةَ، واختلفوا في تسميتهِنَّ، واجتمعَ عندَهُ إحدى عشرةَ امرأةً، واختلفوا في واحدةٍ منهن فقيلَ: رَيْحانَةُ، وقيلَ: أُمُّ شُرَيْكٍ، وقيلَ: إنَّ رَيْحانَةَ سُرِّيَّةٌ، وأُمُّ شُرَيْكٍ لم يتزوجْ بها ولا دخَلَ بها، وإنما هي مِنَ اللاتي وَهَبْنَ أنفُسَهُنَّ، والله أعلمُ بذلك. واختلفوا أيضًا في تقديمِ بعضِهنّ على بعضٍ في التزويجِ بِهِنَّ.
أما المتَّفَقُ على أَنَّهُ بنى بِهِنَّ:
فالأُولى: خديجةُ(1)و(2)

بنتُ خُوَيلدِ بنِ أَسَدِ بنِ عبدِ العُزّى القرشيةُ، وأمُّها فاطمةُ بنتُ زائدةَ بنِ جُنْدُبٍ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/11)، أسد الغابة(6/78)، الإصابة(4/281)، الاستيعاب(4/279)، سير أعلام النبلاء(2/109)، المستدرك(3/182-186)، مجمع الزوائد(9/218)،تسمية أزواج النبيّ (ص/46)، أزواج النبيّ(ص/35)، تهذيب الأسماء واللغات(2/341).
(2) قال الحافظ النووي في "تهذيبه": "وذكر الزهري وخلائق من العلماء أنها أول من أسلم وءامن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم، ونقل الثعلبي الإجماع عليه وقيل أبو بكر وقيل غير ذلك"اهـ، وذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب"(4/282-284) أنها أول من أسلمت، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة"(6/78):"خديجة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أول امرأة تزوجها واول من أسلم بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل ولا امرأة" اهـ، وأقره الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة " (2/262).


وهي أولُ امرأةٍ تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من غيرِ خلافٍ قبلَ المَبْعَثِ بخَمْسَ عَشْرةَ سنةً. وكانت بنتَ أربعينَ سنةً، وهو ابنُ خمس وعشرينَ سنةً. وكانت قبلهُ تحتَ أبي هَالةَ هندِ بنِ زرَارَةَ بنِ النبَّاشِ بنِ عَدِيّ أحدِ بني أُسيِّدِ بنِ عمرٍو بنِ تميمٍ، وقبله عند عَتِيق بنِ عابدٍ.
وهي أمُّ أولادِه كلهم –سوى إبراهيمَ بنِ ماريةَ القِبْطيةِ- فولَدَتْ له القاسمَ وبه كان يُكْنَى، وعبْدَ الله وهو الطاهرُ والطيِّبُ سُمِّيَ بذلك لأنه وُلِدَ في الإسلام، وقيل: إن الطَّاهِرَ والطيِّبَ اسمانِ لابنَيْنِ، وقيل(1): إن اسمَهما عبدُ العزّى وعبدُ منافٍ. وولَدَتْ له من النساءِ زينبَ، ورُقَيَّةَ، وأمَّ كُلْثُومٍ، وفاطمةَ صلى الله عليهم أجمعين.
توفيت بمكة قبلَ الهجرةِ إلى المدينة، وقبلَ فرضِ الصلاةِ بخَمْسٍ، وقيل: بثلاثِ سنينَ، في السنة التي ماتَ فيها أبو طالبٍ بنُ عبدِ المطلبِ، وفي كلِ ذلك خلافٌ(2). وكان عُمْرُها وَقْتَ وفاتِها خَمْسًا وستينَ سنةً، وقيلَ: خمسًا وخمسينَ في شهرِ رمضانَ سنَةَ عَشْرٍ من النبوةِ. ولم يَجْتَمِعْ معها أحد من نسائِه صلواتُ الله عليهنَّ. وقيلَ: زوَّجَها منه أبوها، وقيل: عمُّها عَمْرو.

__________________________________
(1)يوجد في بعض الكتب أنَّ اسمَ ولَدَي الرسول عبد العُزّى وعبدُ منافٍ. قال الحافظ ابن الجوزي في "تلقيح فهوم الأثر"(ص/30): "قال لنا شيخنا ابن ناصر: لم يُسمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط"اهـ. فمن قال إن الرسولُ سمّاهما وأقَرَّ هذا يكفر. أما من قال خديجة سمَّتْهُما ولم يُقِرَّهُ الرسولُ لا يكفرُ.
(2) صحح الحافظ النووي وفاتها قبل الهجرة بثلاث سنين.

الثانيةُ: سَوْدَةُُ بِنْتُ زَمْعَةَ(1)

ابنِ قيسِ بن عبد شمسٍ بنِ عبدِ وِدّ بنِ نَصْرِ بنِ مالِكٍ، وأمُّها الشَّمُّوسُ بنتُ قيسِ بنِ زيدِ بن عمروٍ من بني النجارِ.
وتزوَّجَها بعدَ الهجرةِ وقيل في شوالٍ قبل مهاجَرِهِ إلى المدينةِ بعدَ وفاةِ خديجةَ. وكانت تحتَ السَّكرانِ بنِ عَمْرٍو فأسلَمَ وتُوفيَ عنها.
وتوفيت في خلافةِ معاويةَ سنةَ أربعٍ وخمسينَ بالمدينةِ.
وقيل: إنه تزوَّجَ عائشةَ قبلَ سَوْدَةَ والصحيحُ أنه تزوّجَها في شوالٍ إلا أنه لم يدخلْ بعائشةَ إلى بعد سنتينِ أو ثلاثٍ، فيحتمِلُ أنَّ مَنْ قال: إن سودةَ قبل عائشةَ معناهُ...(2) بين الروايتينِ.
الثالثةُ: عائشةُ(3)

بنتُ أبي بكرٍ الصديقِ عبدِ الله ويقالُ: عَتِيقُ بنُ أبي قُحافَةَ عثمانَ ابن عامرِ بنِ عمرو بنِ كَعْبٍ. وأمُّها أمُّ روْمانَ(4) بنتُ عامرِ بنِ عُوَيْمِرٍ.

__________________________________
(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/42)، أسد الغابة(6/157)، الإصابة (4/338)، الاستيعاب (4/323)، سير أعلام النبلاء (2/265)، مجمع الزوائد (9/246)، تسمية أزواج النبيّ (ص/53-54)، أزواج النبيّ (ص/173)، تهذيب الأسماء واللغات (2/348).
(2) ولعلَّهُ إشارة إلى ما ذَكَرَهُ ابنُ حجرٍ في "الإصابةِ" (4/338) بقولِهِ: "فخُطِبَتْ عليه سودةُ بنتُ زَمْعَة وعائشةُ فتزوجهما فبنى بسودَةَ بمكةَ وعائشةُ يومئذٍ بنتُ ستِ سنينَ حتى بنى بها بعدَ ذلك" .
(3) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى(8/46)، أسد الغابة(6/188)، الإصابة(4/359)، الاستيعاب(4/356)، سير أعلام النبلاء(2/135)، المستدرك(4/3-14)، مجمع الزوائد(9/225)، تسمية أزواج النبيّ (ص/77)، تهذيب الأسماء واللغات (2/350).
(4) قال الحافظ النووي في "تهذيبه"(2/350): "بضم الراء وسكون الواو على المشهور، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": يقال بفتح الراء وضمها" اهـ.


هاجَرَت مع النبي صلى الله عليه وسلم وتزوَّجها بعد الهجرة، وقيل: بل في شوالٍ سنةَ عَشْرٍ من النبوة قبل مُهاجَرِه إلى المدينةِ بسنةٍ ونصفٍ أو نحوِها، وكانت بكرًا ولم ينكِحْ بِكرًا غيرَها، ولم تلِدْ له ولا غيرُها من الحرائرِ سوى خديجةَ بنتِ خُوَيْلِدٍ.
ونكحَها(1) وهي ابنةُ ستٍ وقيل: سبعِ سنينَ، وبنى بها وهي ابنةُ تسعِ سنينَ وتوفيَ عنها وهي ابنةُ ثمانِ عَشْرَةَ.
توفيت في شهر رمضانَ ليلةَ الثلاثاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ منه وذلك في سنةِ ثمانٍ وخَمسين. وصلى عليها أبو هريرةَ نائبُ مروانَ بنِ الحَكَمِ بالمدينةِ(2)، ودُفِنَتْ بالبقيعِ بعد الوِتْرِ من ليلتِها.
الرابعةُ: حَفْصَةُ(3)

بنتُ عمرَ بن الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ رَيَاحٍ. وأمُّها زينبُ بنْتُ مَظْعُوْنِ بنِ حبيب بنِ وَهْبٍ.
مولِدُها قبلَ بَعْثِ النبيّ صلى الله عليه وسلم بخَمْسِ سنينَ. كانت تحتَ خُنَيْسِ بنِ حُذَافَةَ بنِ قيسِ بنِ عَدِيٍ فتُوفِيَ عنها.

__________________________________
(1)بمعنى العقد.
(2) قال الحافظ النووي في "تهذيبه" (2/352): "واعلم أن عائشة لم تدخل الشام قط، وإنما ذكرت هذا لأني رأيت من اشتبه عليه ذلك فتوهم دخولها دمشق، وهذا خطأ صريح وجهل قبيح ولا خلاف بين أهل التواريخ والحديث أنها لم تدخل الشام, وممن نص على عدم دخولها الشام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في باب ذكر مساجد دمشق" اهـ.
(3) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/65)، أسد الغابة(6/65)، الإصابة(4/273)، الاستيعاب(4/268)، سير أعلام النبلاء(2/227)، المستدرك(4/14-15)، مجمع الزوائد(9/244)، تسمية أزواج النبيّ (ص/58)، أزواج النبي (ص/137)، تهذيب الأسماء واللغات(2/338).



وتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شَعْبَاَنَ على رأس ثلاثينَ شهرًا من الهجرة قبلَ أُحُد في سنةِ ثلاثٍ وقيلَ: سنةِ اثنتينِ.
وتُوُفِيَتْ في شعبانَ سنةَ خمسٍ وأربعينَ في خلافةِ معاويةَ وهي ابنةُ ستيْنَ سنةً، صلى عليها مروانُ ودُفِنَتْ بالبقيع.
الخامسةُ: أمُّ سَلَمَةَ(1)

هندُ بنتُ أبي أُمَيَّةَ سُهَيْل بن المغيْرَةِ بنِ عبدِ الله، وأمُّها عاتِكَةُ بِنتُ عامرِ بنِ رَِبيْعَةَ. وكانت قرشيةً مخْزُوميَّةً وكانت قبلَهُ تحتَ أبي سَلَمَةَ عبدِ الله بنِ عبدِ الأَسَدِ بن هلال فتُوفيَ عنها.

________________________________________
(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/69)، أسد الغابة (6/340)، الإصابة (4/423)، الاستيعاب (4/421)،سيرأعلام النبلاء (2/201)، المستدرك (4/16-19)، مجمع الزوائد (9/245)، تسمية أزواج النبيّ (ص/56)، أزواج النبيّ (ص/147)، تهذيب الأسماء واللغات (2/361).


وتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شوالٍ سنَة أربعٍ وتوفِيَتْ في
ذي القعْدَةِ سنةَ تسعٍ وخمسينَ(1)،وكان لها يومَ ماتَتْ(2) أربعٌ وثمانون سنَةً صلى عليها أبو هريرةَ(3) ودُفِنَتْ بالبقيع.


السادسة: جُوَيْرِيةُ(4)

بنتُ الحارث بن أبي ضِرارٍ من خُزاعةَ.

______________________________________________
(1) قال الذهبي في "السير"(2/210): "وبعضهم أرّخ موتها في سنة تسع وخمسين فوهم، والظاهر وفاتها في سنة إحدى وستين رضي الله عنها" اه، وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/424): "قال الواقدي : "ماتت في شوال سنة تسع وخمسين وصلى عليها أبو هريرة ولها أربع وثمانون سنة" كذا قال، وتلقاه عنه جماعة وليس بجيد فقد ثبت في "صحيح مسلم" (كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت،ح 2882) أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان دخلا على أم سلمة في ولاية يزيد بن معاوية فسألاها عن الجيش الذي يخسف به، الحديث. وكانت ولاية يزيد بعد موت أبيه في سنة ستين، وقال بن حبان: ماتت في ءاخر سنة إحدى وستين بعدما جاءها الخبر بقتل الحسين بن علي، قلت: وهذا أقرب. وقال محارب بن دثار: أوصت أم سلمة أن يصلي عليها سعيد بن زيد وكان أمير المدينة يومئذ مروان بن الحكم وقيل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، قلت:والثاني أقرب فإن سعيد بن زيد مات قبل تارخ موت أم سلمة على الأقوال كلها فكأنها كانت أوصت بأن يصلي سعيد عليها في مرضة مرضتها ثم عوفيت ومات سعيد قبلها" ا.هـ، وصحح الحافظ ابن عساكر في تاريخه (3/211)، ما رجحه الحافظ ابن حجر من أن سنة وفاتها إحدى وستين من الهجرة، وصحح الحافظ النووي وفاتها سنة تسع وخمسين (تهذيب الأسماء 2/362).
(2) قال الذهبي في "السير (2/202): "وكانت ءاخر من مات من أمهات المؤمنين، عمّرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد فوجمت لذلك وغشي عليها وحزنت عليه كثيراً لم تلبث بعده إلا يسيراً وانتقلت إلى الله" ا.هـ أي توفيت.
(3) قال الذهبي في "السير " (2/208): "ولم يثبت وقد مات قبلها " ا.هـ.
(4) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/92)، أسد الغابة (6/56)، الإصابة (4/265)، الاستيعاب(4/258)، سير أعلام النبلاء (2/261)، المستدرك(4/25-28) مجمع الزوائد(9/250)، تسمية أزواج النبيّ(ص/63)، أزواج النبيّ(ص/207)، تهذيب الأسماء واللغات (2/336).


كانت تحتَ مالكِ بنِ صَفْوانَ، وقيلَ: مُسافِع بنِ صَفوان، فقُتِلَ يومَ المُرَيْسِيعِ.
تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَ أنْ أَعْتَقَها وذلك بعدَ غزوةِ المُرَيْسِيع وكانَتِ ابنةَ عشرينَ سنةً.
وتوفيَتْ وهي ابنةُ خمس وستينَ سنةً وذلك في شهرِ ربيع الأولِ سنة سبعٍ وخمسينَ في خلافةِ معاويةَ، وقيلَ: سنةَ ستينَ. وصلى عليها مروانُ بنُ الحَكَمِ والي المدينةِ.


السابعةُ: زَيْنَبُ(1)و (2)

بنتُ جحش بنِ رِئابِ بنِ يَعْمُرِ بنِ صَبْرَةَ بنِ مُرَّةَ. أمُّها أُمَيْمَةُ بنتُ عبدِ المطلبِ بنِ هاشِمٍ وكانت تحتَ زيدِ بنِ حارثةَ بنِ شَرَاحِيْلَ.
تزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في ذي القَعْدَةِ سنةَ خمسٍ من الهجرةِ وهي يومئذٍ بنتُ خمسٍ وثلاثينَ سنةً، وتوفيت وهي ابنةُ ثلاث وخمسينَ سنةً ودُفِنَتْ بالبقيعِ وصلَّى عليها عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه، وهي أول أزواجِه موتًا أي بعدُه صلى الله عليه وسلم.

__________________________________________________ _____
(1)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/80)، أسد الغابة(6/125)، الإصابة(4/313)، الاستيعاب(4/313)، سير أعلام النبلاء(2/211)، المستدرك(4/23-25)، مجمع الزوائد(9/246)، تسمية أزواج النبي(ص/61)، أزواج النبي(ص/181)، تهذيب الأسماء واللغات(2/344).
(2)وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الثامنةُ: زينبُ(1)

بنتُ خُزيمةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ الله بن عمرِو بنِ عبدِ مَنافٍ.
وهي أمُّ المساكينِ،كانت تُسَمّى بذلك في الجاهليةِ، وكانت تحتَ الطُّفََيْلِ بنِ الحارثِ بنِ المُطَّلبِ بن عبدِ منافٍ، فطلَّقها وتزوَّجَ بها عبيدةُ بنُ الحارثِ وقُتِلَ يومَ بَدْرٍ شهيدًا.
وتزوَّج بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رأسِ أحَدٍ وثلاثينَ شهرًا من الهجرة، فَمَكَثَتْ عندَهُ ثمانيةَ أشهرٍ، وتوفيت في ءاخِرِ ربيع الآخِرِ على رأسِ تسعٍ وثلاثينَ شهرًا من الهجرة، وصلّى عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ودُفِنَتْ بالبقيعِ، كان سِنُّها يَومَ توفيت نحوَ ثلاثينَ سنةً، كذا ذكَرَهُ ابنُ سعد كاتِبُ الواقِدِيّ.


التاسعةُ: أُمُّ حَبيبةَ(2)

رَمْلَةُ بنتُ أبي سفيانَ صَخْرِ بنِ حَرْبِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عبدِ شَمْسٍ، وأمُّها صفيةُ بنتُ أبي العاصِ بنِ أميةَ.
كانت تحتَ عُبَيْدِ الله بنِ جحشِ بنِ رئابٍ، توفي بأرض الحبشةِ بعد أن ارتدَ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/91)، أسد الغابة(6/129)، الإصابة(4/315)، الاستيعاب(4/312)، سير أعلام النبلاء(2/218)، المستدرك(4/33-34)، مجمع الزوائد(9/248)، تسمية أزواج النبي(ص/69)، أزواج النبي(ص/139).
(2)من مصادر ترجمتها:الطبقات الكبرى(8/76)، أسد الغابة(6/115)، الإصابة(4/305)، الاستيعاب(4/303)، سير أعلام النبلاء(2/218)، المستدرك(4/20-23)، مجمع الزوائد(9/249)، تسمية أزواج النبي(ص/64)، أزواج النبي(ص/161)، تهذيب الأسماء واللغات(2/358).
وتزوجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم سنةَ سبعٍ من الهجرة، وهي التي أَصْدَقَها النجاشيُّ عنه صلى الله عليه وسلم، وكان لها يومَ قَدِمَ بها المدينةَ بضعٌ وثلاثونَ سنةً.
وتوفيت في سنةِ أربعٍ وأربعينَ في خلافةِ أخِيْها معاوية.


العاشِرةُ: صفيةُ(1)

بنتُ حُيَيِّ بنِ أَخْطَبَ من وَلَد(2) هارونَ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمُّها بَرَّةُ بنتُ سَمَوْءَلٍ أُخْتِ رفاعةَ.
كانت تحتَ سلامِ بنِ مِشْكَمٍ القُرَظِي ثم خَلَفَ عليها كِنَانَةَ بنَ الربيع بنِ أبي الحُقَيْقِ.
سباها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من خَيْبَرَ وكانَتْ عروسًا، وأعتَقَها وتزَوَّجَها بعدَ مَرْجِعِهِ من خيبرَ، وكانَ يَقْسِمُ لها ولجويريةَ بنتِ الحارثِ، وكان سنُّها وقتَ سباها نحوَ سبعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وتوفيت سنةَ اثنتينِ وخمسينَ من الهجرةِ في خلافةِ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ ودُفِنَتْ بالبقيعِ وقيلَ سنةَ خمسينَ.

__________________________________
(1)من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى(8/95)، أسد الغابة (6/169)، الإصابة (4/346)، الاستيعاب (4/346)، سير أعلام النبلاء (2/231)، المستدرك (4/28- 29)، مجمع الزوائد (9/250)، تسمية أزواج النبي(ص/66)، أزواج النبي(ص/213)، تهذيب الأسماء واللغات (2/348).
(2) أي من ذريته.


الحادية عشرة: ميمونةُ(1)

وقيل: بَرَّةُ(2)بنتُ الحارثِ بنِ حَزْنِ بنِ بُجيْرِ بنِ الهَزْمِ، وأمُّها هندُ بنتُ عوفِ بنِ زُهَيْر.
وكانت تحتَ مسعودِ بنِ عمرو بن عبدِ نائلٍ الثَّقَفِيِ في الجاهليةِ، وفارَقَها ثم خَلَفَ عليها أبو رُهْمِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ أبي قَيْسِ بنِ عبدِ ودّ، فتوفي عنها فتزوجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
وهي ءاخرُ نسائِه تزويجًا وموتًا، وقيل: إنها ماتت قبلَ عائشةَ رضي الله عنها، وَرَدَ ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن عائشةَ، وهي خالةُ عبدِ الله بنِ عباس، ونكَحَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سنةِ سبعٍ سنةِ عُمْرَةِ القضاءِ.

__________________________________

(1) من مصادر ترجمتها: الطبقات الكبرى (8/104)، أسد الغابة (6/272)، الإصابة (4/411)، الاستيعاب(4/404)، سير أعلام النبلاء (2/238)، المستدرك(4/30-33)، مجمع الزوائد (9/249)، تسمية أزواج النبي(ص/67)، أزواج النبي (ص/197)، تهذيب الأسماء واللغات (2/355).

(2) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان اسم خالتي ميمونة : برة ، فسمَّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة " رواه الحاكم في "المستدرك" (4/30) وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه.


وتوفيت في سنة إحدى وستينَ(1) في خلافةِ يزيدَ بنِ معاويَةَ كذا ذكَرَهُ ابنُ سعد، وكان عمرُها نحوَ ثمانينَ سنةً أو إحدى وثمانين، ودُفِنَتْ بِسَرِفٍ في القُبَّةِ التي بَنَى بها فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما أخبرَ بذلك، وقيل: ماتت بمكةَ ونُقِلَتْ إليها.
وهي من اللاتي وَهبْنَ أنفسَهن لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم(2).

__________________________________
(1) قال الذهبي في "السير" (2/245) بعد أن ذكر هذه الرواية: "لم تبق إلى هذا الوقت فقد ماتت قبل عائشة وقد مرَّ قول عائشة : ذهبت ميمونة . وقال خليفة : توفيت سنة إحدى وخمسين " ا.هـ، وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/413): "ونقل ابن سعد عن الواقدي أنها ماتت سنة إحدى وستين، قال : "وهي ءاخر من مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى، ولولا هذا الكلام الأخير لاحتمل أن يكون قوله : "وستين " وهما من بعض الرواة ولكن دل أثر عائشة الذي حكاه عنها يزيد بن الأصم أن عائشة ماتت قبل الستين بلا خلاف، والأثر المذكور صحيح فهو أولى من قول الواقدي، وقد جزم يعقوب بن سفيان بأنها ماتت سنة تسع وأربعين، وقال غيره: ماتت سنة ثلاث وستين، وقيل سنة ست وستين، وكلاهما والأول أثبت" ا.هـ، والأثر الذي أشار إليه الحافظ ذكره في "الإصابة" (4/412) وعزاه لابن سعد، وقال الحافظ النووي في "تهذيب الأسماء واللغات" (2/356) ما نصه: "توفيت سنة إحدى وخمسين، قاله خليفة بن خياط وغيره وهو الأظهر وقيل سنة آثنتين وخمسين وقيل سنة ثلاث وخمسين وقيل سنة ثلاث وستين، وهذه الأقوال الثلاثة شاذة باطلة وقد صرح الحافظ ابن عساكر بضعفها وفي الحديث الصحيح ما يبطلها، فإن في الصحيح أنها توفيت قبل عائشة" ا.هـ.
(2) قال آبن إسحاق: ويقال إنها وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم وذلك أن خِطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم انتهت إليها وهي على بعيرها فقالت: البعير وما عليه لله ورسوله رضي الله عنها فأنزل الله عزّ وجلّ {وآمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيَّ } [سورة الأحزاب] (ءاية/50) ، ويقال التي وهبت نفسها للنبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش رضي الله عنها،ويقال أم شريك غُزّيَّةُ بنتُ جابر بن وهب ويقال غيرها ا.هـ. (انظر "السيرة النبوية"، 4/647).



ومات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن تسْعٍ من هؤلاءِ وهُنَّ: سَوْدَةُ، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وجويريةُ، وزينب بنت جحش، وأم حبيبةَ، وصفيةُ، وميمونة. وكلُّ واحدةٍ من هؤلاء اتفق النَّقَلةُ على أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم تزوجها وبنَى بها. واتفقوا على أنه مات عن التسع المذكورات واختلفوا في التقديم والتأخير وذلك اختلاف لا يَضُرُّ، واجتمَعَ عنده جميعُ المذكوراتِ سوى خديجةَ فإنها ماتت ولم يتزوجْ معها غيرَها. وزادَ بعضُهم: إنه اجتمع عندَهُ إحدى عَشْرَةَ امرأةً فقال بعضهُم هي: أمُّ شُرَيْكٍ بنتُ جابِر، ورَيحانةُ بنتُ زيدِ بنِ عمرو، وقيل: إنها لم تَزَل سُرّيةً وهو الصحيحُ.

ذِكْرُ ما وَقَعَ إلي مما وردَ في مناقِبِ أمِ المؤمنينَ
خديجةَ أمِ هِنْدٍ، تُُكنَى بولدٍ كان لها
الحديثُ الأَوَّلُ

أخبرنا أستاذي الإمام قطب الدين حجة الإسلام إمام الحرمين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري رحمه الله، في جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وخمسمائة، أنا الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد البيهقي، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الحافظ.
وأخبرنا عمي الإمام العالم الحافظ الثقة ثقة الدين صدر الحفاظ محدث الشام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قدّس الله روحه، أنا الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي الصاعدي النيسابوري، أنا أبو بكر البيهقي(1)، أنا أبو عبد الله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بنُ أبي الأشْعَثِ الكِنْدِيُ من أهل الكوفة، حدثني إسماعيلُ بنُ إياسِ بنِ عَفيفٍ، عن أبيه، عن جدِه عفيفٍ أنه قال:

__________________________________
(1) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/162-163).


كنتُ امْرَأ تاجرًا فقَدمْتُ مِنًى أيامَ الحج وكان العباسُ بنُ عبد المطلب امرأً تاجرًا، فأتَيتُهُ أبْتاعُ منه وأبيْعُهُ، قال: فبينا نحنُ إذ خرجَ رجلٌ من خِبَاءٍ يُصَلّي فقامَ تُجاهَ الكعبةِ، ثم خَرَجَتِ امرأةٌ فقامت تُصلي، وخرجَ غلامٌ فقامَ يُصلي معَهُ، فقلتُ: يا عباسُ ما هذا الدِّيْنُ؟ إنَّ هذا الدِّيْنَ ما ندرِي ما هو؟ فقال: هذا محمدُ بنُ عبدِ الله يزعمُ أنَّ الله تبارَكَ وتعالى أرْسَلهُ، وأنَّ كُنوزَ كِسرى وقيْصَرَ ستُفتَحُ عليه، وهذِهِ امرأتُه خديجةُ بِنْتُ خُوَيْلِد ءامنَت به، وهذا الغلامُ ابنُ عمهِ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ءامَنَ به.
قال عفيفٌ: وليتني كُنْتُ ءامَنْتُ بهِ يومئذٍ فكُنْتُ أكونُ ثانيًا(1)و(2).
هذا حديثٌ صحيحٌ من حديثِ إسماعيلَ بنِ إياسِ بنِ عفيفٍ، عن أبيه إياسٍ عن جدِه عفيفٍ الكِنْدي، أسلمَ بعد ذلك وحسُنَ إسلامُهُ.
وقولُه: "ثانياً"، يعني ثانيَ الرجالِ.
تابَعَه إبراهيمُ بنُ سعيدٍ عن محمدِ بنِ إسحاقَ وقال في الحديث:
"إذ خَرَجَ رجلٌ من خِباءٍ قريب منه فنَظَرَ إلى السماء فلمَّا رءاها قد مالَتْ يعني الشمس قامَ يصلي"(3) ثم ذَكَرَ قيامَ خديجةَ خَلْفَهُ
رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:17 PM   #6
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:30 PM   #7
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي

رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-27-2010, 10:35 PM   #8
المراقب عام
 
الصورة الرمزية رياض بن سالم منزل العنزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 2,359
افتراضي متبوعه

رياض بن سالم منزل العنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم وسألهم رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 1 03-29-2010 07:09 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تحلفوا بآبائكم رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 13 03-16-2010 04:04 PM
قوله صلى الله عليه وآله وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 4 03-13-2010 09:07 PM
أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 1 03-08-2010 09:43 PM
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم وسألهم رياض بن سالم منزل العنزي المنتدى العام 1 02-02-2010 09:36 PM
 


 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

 
 
 

الساعة الآن 01:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd 
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009