توهم بعض النسابين أن بني عقيل بن عامر الذي ينتسب له بني خالد هو عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعه من قيس عيلان من مضر .
ولا نختلف ان هناك عقيل بن عامر ترتبط فيه قبيلة بني خالد بالنسب كجد أعلى ينتسب له بني خالد ولا نشك ان قيس قبيلة من عقيل ينتسب لها بني جبر وهي القبيلة التي وردت كثيرا بين شعراء سلاطين الدولة الجبرية ودورنا في هذا البحث تسليط الضوء على ماورد عن ال عامر وماهي علاقتهم في بني خالد ولن ننسى ربط هذا النسب وفق المراجع والمصادر الموثقه ونوادر الشعر النبطي منذ القرن الرابع للهجرة مرورا بكافة القرون وصولا الى القرن الثامن قيام الدولة الجبرية
بني عامر في الاحساء
يقول الحمداني صاحب كتاب انساب العرب 603 – 685
عن بني عامر مانصه ( انه قابل أمير وفد ال عامر ايام الدوله الظاهرية عند قدومهم الى مصر وهو محمد بن احمد العقدي بن سنان بن عقيلة بن شبانه بن قديمة بن نباته بن عامر وهم غير عامر المنتفق وغير عامربن صعصعه )
ينفي الحمداني ان يكون وفد بني عامر من عامر بن صعصعه وينفي ان يكونوا من بني عامر بن عقيل الذي يعود له المنتفق
عندما قال وليسوا من عامر المنتفق وهو بذلك ينفي العقيلية من قيس عيلان المضرية نفيا قاطعا وهو الخبير بهم وأخذ اخبارهم منهم عند مقابلة امير وفدهم في مصر
وقد عقب ابن سعيد ( 610-685هـ) على قول الحمداني عند حديثه عن بني عقيل ( وملكوا اليمامة من بني كلاب وكان ملكهم في نحو الخمسين من المائة السابعة ملكها منهم عصفور وبنوه ومن ال عامر هؤلاء عقيل ولا عبرة بقول الحمداني في انهم غير عامر بن صعصعه وغير عامر المنتفق بل هم عامر بن صعصعه )
واما ابن فضل الله العمري فقد قال في مسالك الابصار وممالك الامصار السفر الرابع توفي سنة 720 هجري عند حديثه عن بني عقيل مانصه : ( عُقَيل : وهم من آل عامر ، قال الحمداني : وهي غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة ، قال : ومنهم القديمات والنعائم وقبات وقيس ودنفل وحرثان وبنو مطرق ، وذكر أنهم وفدوا في ألأيام الظاهرية صحبة مقدمهم محمد بن أحمد بن العقدي بن سنان بن عُقيلة بن شبانة بن قديمة بن نباته بن عامر ... وكانت الإمرة فيهم في أولاد مانع إلى بقية أمراء فيهم وكبراء لهم ، ودارهم الإحساء والقطيف وملج وأنطاع والقرعاء واللهابة وجودة ومتالع )
وقد حدد لنا ابن فضل الله العمري قبائل بني عقيل الذي تحدث عنهم الحمداني عندما قابل وفدهم وهم القديمات والنعايم وقيس وقبات ودنفل وحرثان وبنو مطرق وليس بينهم من قبائل عقيل من عامر بن صعصعه وهذا يؤكد ان هناك عقيلا اخر يتحدث عنه الحمداني وابن فضل الله العمري أدخله ابن سعيد في عامر بن صعصعه وقبائلها المنتفق وخفاجة وعبادة وعوف ولم نجد قبيلة من هذه القبائل بين قبائل بني عامر التي يتحدث عنها الحمداني وأيده في ذلك ابن خلدون وابن فضل الله العمري
كما اكد لنا ابن فضل الله العمري وجود قبيلة قيس من عقيل وهي التي اوهمت البعض ان المقصود فيها هي قيس عيلان اثناء ذكرها في نسب بني جبر عند شعراء الدولة الجبرية .
وحول هذا الاضطراب والتناقض عند ابن سعيد يقول ابن خلدون المغربي الأندلسي ( 732-808هـ )
في كتابه ((العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب
والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر))
معلقا على ماقاله ابن سعيد عن بني عقيل العصفوريين بمانصه ( وقد جاءت نصوصه عن بني عصفور مضطربة متناقضة )
ومما يدلل على الاظطراب عند ابن سعيد الاندلسي هو قوله مانصه ( دخلت جزيرة العرب، فسألت: هل بقي في أقطارها أحد من ربيعة فقالوا لم يبق من يركب الخيل وفيه عربية وحل وترحال غير عنزة، وهم بجهات خيبر، وبني شعبة المشهورين بقطع الطرقات وهتك الأستار في أطراف الحجاز مما يلي اليمن والبحر، وبني عنز في جهة تبالة؛ وغير ذلك لا نعلمه في المشرق ولا في المغرب )
بينما نجد الشريف محمد الادريسي يحددا لنا في القرن الخامس بني عامر هؤلاء حين تحدث عنهم على انهم بادية من ربيعة وحدد لنا ديارهم
يقول الشريف محمد بن عبد العزيز الإدريسي المتوفى سنة 560 هـ في كتاب ( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) والذي ألفه سنة 548 هـ مانصه (ويتصل بالقطيف إلى ناحية البصرة بر متصل لا عمارة فيه وإنما به أخصاص من العرب يسمون عامر ربيعة )
وقد سبق ذلك ابو عبيد البكري ( ت 487هـ ) معجم ما استعجم ص 25 في تحديد نسب ال عامر هؤلاء حيث قال مانصه
(ونزلت عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس، والعمور - وهم بنو الديل بن عمرو، ومحارب بن عمرو، وعجل بن عمرو ابن وديعة بن لكيز بن أفصى، و معهم عميرة بن أسد بن ربيعة حلفاء لهم - الجوف والعيون والاحساء)
ونجد ياقوت الحموي يذكر لنا بعض مواردهم في الجوف من الجهة الشماليه للاحساء ويذكر لنا بعض البلدان التي استوطنوها
ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان إذ قال: (قال أبو محمد الأسود: هو ماء لعامر، في واد يقال له الجوف، به نخيل كثيرة، ومزارع جمة، وقال نصر: هو ماء لبني عامر بن جذيمة من عبدالقيس)
وهذا محمد بن عبدالله بن محمد الطنجي الذي عرف بأبن بطوطة ولد في 703 هـ توفى 779 هـ يوافق 24 فبراير 1304 م / 1377 م
قال في رحلته المسماة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ) حيث قال مانصه
(ثم سافرنا منها الى مدينة هجر وتسمى بالحسا بفتح الحاء والسين واهمالهما وهي التي يضرب المثل بها فيقال كجالب التمر الى هجر وبها من النخيل ما ليس ببلد سواها، وان اهلها عرب، اكثرهم من قبيلة عبد القيس ابن افصى بن دعمي بن جديلة )
وقال ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد عند حديثه عن قبائل ربيعة: (ومنازل غالبهم البحرين وهجر والقطيف وحجر اليمامة وما والى هذه المنازل)
ونقول انه سبق نزول بني عامر من عبدالقيس البحرين والاحساء قبيلتا تغلب بن وائل و بكر بن وائل وشاركة عبدالقيس اخوانهم من ربيعة في الموطن حيث يقول ابن خلدون (ت سنة 808 هـ) عند حديثه عن عبد القيس قال في العبر ( وكانت ديارهم بتهامة حتى خرجوا إلى البحرين وزاحموا من بها من بكر بن وائل)
قال ابن سعيد سألت أهل البحرين في سنة احدى وخمسين وستمائة حين لقيتهم بالمدينة المنورة عن البحرين فقالوا الملك فيها لبني عامر من عقيل وبنو تغلب من جملة رعاياهم وبنو عصفور من بني عقيل هم أصحاب الاحساء ودار ملكهم )
وهناك من حرف تغلب الى ثعلب ولكن القلقشندي اكد ان تغلب المقصودين هم بني مره حيث يقول
وقال القلقشندي, نهاية الأرب/ ص366: [ثم اختلفت بنو عقيل وبنو تغلب بن مرة, فغلبت بنو تغلب على بني عقيل وطردوهم عن البحرين، فساروا إلى العراق وملكوا الكوفة والبلاد الفراتية وتغلّبوا على الموصل،
ان المتتبع لقبائل ربيعة المتجرد من الاهواء يجد ان البحرين والاحساء كانت ديار لقبائل متعدده من ربيعة منذ القرن الخامس حيث تدل على ذلك النصوص التي ذكرناها سابقا وعلى ان القطيف الى البصرة بر متصل ويسكنه عرب من عامر ربيعة منذ القرن الخامس وتتوالى النصوص لتؤكد وجود بني ربيعة الى القرن الثامن للهجرة حيث ينتشرون في البحرين وهجر ( الاحساء ) وهو تاريخ قيام الدولة الجبرية بل تدل هذه النصوص والقرائن على قوة قبائل ربيعة وكثرتها وغلبتها وسنجد فروع ربعية قد شكلت تحالف قوي لمواجهة القرامطة وقبيلة بني عقيل من عامر بن صعصعه التي كان قدومها للمنطقة بصبحة القرامطة
بني عامر ربيعة وعامر بن صعصعة وعلاقاتهم بالقرامطة
جاء في كتاب تاريخ إبن خلدون(ت 808 هـ):
تاريخ ابن خلدون الجزء السادس صفحة 29 ( بنو المنتفق
من بنى عامر بن عقيل بن كعب كلهم شيعة للقرامطة بالبحرين
جاء في كتاب (معجم الأدباء) لياقوت الحموي ( ت 626 هـ)
(غالبية جيش القرامطة من البدو من بني هلال وعامر بن صعصعة والمنتفق وخفاجة وكل هذه الفخوذ من هوازن
تؤكد هذه المصادر وغيرها ان بني عقيل بن كعب من قيس عيلان من الموالين للقرامطة وهم خفاجة وعبادة وبني عامر المنتفق وغيرها من قبائل بني كلاب في ديار العراق كما أكدت ان قدومهم توافق مع قدوم القرامطة للاحساء بينما بنو جبر هم على المذهب المالكي انحدروا من نجد كما ذكر السخاوي في نسبه لاجود بن زامل بالنجدي الاصل المالكي المذهب وأكد السخاوي ان بني جبر هم من قضاء على اخر تواجد للقرامطة وهم بنو جروان وانهم سادوا البلاد بالعدل
يقول السخاوي حيث قال " أجود بن زامل الجبري العقيلي نسبة إلى جده جبر ولذا يقال له ولطائفته بنو جبر – النجدي الأصل المالكي المذهب ومولده ببادية الحسا والقطيف من الشرق منها في رمضان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وقام أخوه سيف على آخر ولاة الجراونة بقايا القرامطة الشيعة المتعصبين حين رام قتله وكان الظفر لسيف بحيث قتله وانتزع البلاد المشار إليها وملكها وسار فيها بالعدل فدان له أهلها )
تحالفات قبائل ربيعة
ومن الجدير بالذكر الاشارة الى ان قبائل ربيعة تداخلت مع بعضها البعض منذ العهد الجاهلي ايام حرب البسوس فانظمت قبيلة النمر بن قاسط الى اخوتها التغالبه
ويقول عن هذا التداخل الشاعر القطامي التغلبي في النمر بن قاسط وقد أصبحوا جزءا من تغلب
وتغلب حي ورثت مجد وائل = مراسيلها حشد ومرفدها غزر
دعوا النمر لا تثنوا عليهم خيانة = فقد أحسنت فيما خلى بيننا النمر
وكنا كما كانوا إذا نزلت بهم = من المعضلات لا عوان ولا بكر
كما يقول عمرو بن كلثوم في ديوان عمرو بن كلثوم يمدح خاله الثوير من النمر بن قاسط ويعده في تغلب بن وائل
ما بامرئ من ضؤلة في وائل = ورث الثوير ومالكا ومهلهلا
خالي بذي بقر حمى أصحابه = وشرى بحسن حديثه أن يقتلا
ذاك الثوير فما أحب بفضله = عند التفاضل فضل قوم أفضلا
يقول أبو عبيد البكري :" وأقامت سائر قبائل ربيعة، من بكر وتغلب وغفيلة وعنزة وضبيعة في بلادهم، من ظواهر نجد والحجاز وأطراف تهامة، حتى وقعت الحرب بينهم في قتل جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان كليب بن ربيعة، وانضمت النمر وغفيلة إلى تغلب، فصاروا معهم،
ويقول ابن عبد ربه في العقد الفريد : " ودعت تغلب النمرَ بن قاسط فانضمّت إلى بني كُليب وصاروا يداً معهم على بكر، ولحقت بهم غُفَيلة ابن قاسط "
ويؤكد هذا التحالف المشترك بين قبائل ربيعة عدد من قصائد ابن مقرب العيوني حيث يقول
اما حان يافرعي ربيعة ان ارى = بنات الوغى يعلوا الروابي قتامها
ردو الحرب ورد الضاميات حياضها = خوامس يغتال العضال ازدحامها
ويعني ابن مقرب بفرعي ربيعة بني عامر من عبد القيس وبكر بن وائل ويؤكد ذلك قوله
بها كل قومٍ من ربيعة ينتمي = إلى ذروة تعلو الرواسي هضابها
لكيزية أنسابها عامرية = يكود المناوي ضيمها واغتصابها
إذا ثوّب الداعي بها : ياآل عامر = أتت مثل أسد الغاب غّلب رقابها
من الحارثين الأولى في أكُفُهم = يحار الندى مسجورةٌ ثغابُها
ومن مالك الفخار بن عامر = فوارس أرواح الأعادي نهابها
ومن نسل عبد فتيةٌ أي فتية = يجلّ المعادي بأسها فيهابها
وإن صاح داعي حيّها في محارب = أتت تتلظّى للمنايا حرابها
وإن قال ياآل شيبان : أرقلت = إلى الموت عدواً شيبها وشبابها
كما يقول
وهل تصحبني من شريك عصابة = نماها الى العليا قيس وخالد
اولئك اخواني ورهطي واسرتي = وقومي اذا ماستنهضتني الحقائد
ومن ذلك يتضح لنا ان هناك من ربيعة بنو الحارث بن عامر وبنو مالك بن عامر وبني شيبان من بكر بن وائل وبني مره من تغلب بن وائل
ونقول ان هذا الاتحاد القبلي من ربيعة الممتد منذ العهد الجاهلي الى قيام دولة العيونيين بتواتر النصوص وقرائن الشعر لابن مقرب العيوني أعطى لهذا الكيان الربعي القدرة على تبؤ السلطة ومقارعة القرامطة والقضاء على اخر تواجد لهم في المنطقة سواء في العهد العيوني او العهد الجبري وما انتقال الزعامة من البيت العيوني الى البيت الجبري الا عبارة عن تنقلها في فروعها الربعية المختلفة
يتبع الحلقة الثانية قريبا