قبيلتي العزيزة ،،، وحدة الصف ضرورة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين أمابعد
قبيلتي الكريمة قبيلة عنزة الحاضر منهم والغائب عن هذا الموقع ،الضيوف والزوار الكرام من جيراننا وأصهارنا ، وأبناء عمومتنا ، وأصحابنا وأحبابنا 0
يتفق العقلاء من الناس على أن الاجتماع والائتلاف مطلب ضروري لا غنى عنه لأمة تريد الفلاح ، وقد جاء الشرع بالتأكيد على هذا الأصل ورعايته ، ولكن المواقف والأحداث تعصف بالناس ، والأحداث قد تفرز اختلافاً في الآراء والمواقف ، وهذا أمر لا بد أن يقع من البشر، لكن هذا الاختلاف اتسعت شقته في المجتمع بشكل عام ، وبدأيتجاوز قدر الاختلاف في الرأي ، وبدا معه أن الحاجة ماسة إلى الوصية والتأكيد على معاني الاجتماع والائتلاف ، وثمة أمور بها تتضح أهمية وحدة الصف والحاجة إليه :
الأمر الأول: جاء التأكيد في القرآن الكريم على مراعاة هذا الأصل، قال تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ) 0
ـ دعاة لوحدة الصف وجمع الكلمة، قالuالأمر الثاني: لقد كان الأنبياءالإمام البغوي ( بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة وترك الفرقة والمخالفة ) 0
الأمر الثالث: لقداعتنت السنة النبوية بالاجتماع ووحدة الصف ، وتكرر النهي عن التفرق والاختلاف ، قال إن الله يرضى لكم ثلاثاً ، ويكره لكم ثلاثاً فذكر منها( وأن تعتصمواrرسول الله فقال يا أيها الناس منtقال خطبنا عمرyبحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) وعن ابن عمر أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)
اعتناء بالغ بوحدة الصف ، وكانrالأمر الرابع: لقد كان لأصحاب النبي الخلاف في الرأي يحصل بينهم ، ومع ذلك كانت النفوس صافية نقية ، قال القرطبي ( مَنْ تَأَمَّلَ مَا دَار بَيْنَ أَبِي بَكْر وَعَلِيٍّ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ وَمِنْ الاعْتِذَارِ وَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنْ الإنْصَافِ عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ الآخَرِ، وَأَنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مُتَّفِقَة عَلَى الاحْتِرَام وَالْمَحَبَّة، وَإِنْ كَانَ الطَّبْع الْبَشَرِيّ قَدْ يَغْلِب أَحْيَانًا لَكِنَّ الدِّيَانَة تَرُدُّ ذَلِكَ ) ، إنها النفوس التي صفت وتسامت على حظوظها، فلم يجد الهوى بينهم مكاناً0
الأمر الخامس: من سمات أهل الخير حب الاجتماع والائتلاف ، وهم من أشد الناس حرصاً عليه ودعوة له 0
الأمرالسادس: مصالح الاجتماع لا تقارن بمفاسد الفرقة: فثمة طائفة ممن يثيرون الفرقة يدفعهم لذلك الحرص والاجتهاد الخاطئ، ويسعون إلى تحقيق مصالح من تصحيح ما يعتقدون أن الآخرين أخطئوا وتجاوزوا فيه، لكن يغيب عنهم أن مصالح الاجتماع لا تقارن (التحدث بنعمة اللهr بالمفاسد الناشئة عن الافتراق والاختلاف ، قال الرسول شكر،وتركها كفـر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، والجماعة بركة ، والفرقة عذاب ) 0
الأمر السابع: إذا كان الاجتماع ووحدة الصف ضرورة في كل وقت وحين، فنحن اليوم أحوج إليه من أي وقت مضى ، لأن الافتراق والخلاف إضاعة للجهود ، وتشتيت للطاقات 0
ولكي تتوحد صفوفنا وتقوى كلمتنا لابد أن نتعرف على وسائل وحدة الصف ومنها :
أولاً: لا بد من التأكيد على أهمية وحدة الصف وإشاعة الحديث حوله حتى يتأكد هذا المعنى ويستقر 0
ثانياً: تقوية الأواصر بين أفراد المجتمع والقبيلة والأسرة ، ويمكن أن يتم ذلك من خلال التزاور والاجتماع ، وإقامة المشروعات المشتركة ، والتعاون على الأعمال المفيدة للمجتمع ، ومع ما في ذلك من تحقيق للمحبة والمودة فإنه يفتح المجال للنقاش حول أمور الخلاف حين يوجد الخلاف ، فتكون هناك جسور مفتوحة يمكن التواصل منخلالها 0
ثالثاً: الموازنة بين قول الحق ووحدة الصف : إنه لا يتصور أن يسعى شخص بقصد وإرادة إلى شق وحدة الصف إلا مَنْفي قلبه مرض ، لكن عامة ما يحصل إنما هو شعور بالغيرة ، ورغبة في بيان ما يعتقد الشخص بأنه هو الحق ، وإن كان الغالب أن أمثال هؤلاء لا يسلم من ملابسة الهوى ، ومن ثم فإن الاحتجاج ببيان الحق وحده لا يكفي ، ولا بد ها هنا من مراعاة أمور منها أن يكون الحق واضحا جلياً ، وأن يكون بيان الحق بالأسلوب المناسب ؛ وأن يسلك فيه صاحبه العدل ويجانب البغي والظلم ، ويجب أن يعلم أن من مسؤليته وحدة الصف والسعي لجمع الكلمة ، وأن يكون بيان الحق من الشخص المناسب ، وعندما يتم بيان الحق فلا ينبغي أن يستمر الناس في الخوض فيما لا أثر له إلا إيغار الصدور وإثارة الفرقة 0
رابعاً: الاعتدال في الحكم على الأخطاء :لا يمكن أن يسلم البشر من الوقوع في الخطأ ، ومهما بلغ الإنسان من العلم والتقوى والورع وكبر السن والمكانة العلمية أو المجتمعية فهو عرضة للجهل والهوى والزلل ، والخطأ يتفاوت أمره ، فالخطأ في المسائل الظاهرة ليس كالخطأ في المسائل الخفية ، وحين يترجح بيان خطأ إنسان فينبغي الاعتدال في ذلك ، ومجانبة الغلو والشطط 0
خامساً: الفصل بين الأشخاص والمواقف: من الأمور التي ينبغي أن يعنى بها مريد الحق أن يكون حديثه عن الحق أو الباطل متجنباً الأشخاص ، ومن المعلوم أنه لا يلزم من وقوع الشخص في الخطأ تأثيمه أو تضليله 0
سادساً: الحذر من الانشغال بعيوب الناس فالمسلم مأمور بحفظ لسانه وصيانة أعراض المؤمنين، ومن أعظم الآفات أن ينشغل المرء بعيوب الآخرين ، لقد جاء الشرع بوضع الناس في منازلهم ، ومن ثَمَّ فالخطأ منهم ليس كالخطأ من غيرهم ، لذا كان لزاماً حفظ منزلتهم ومكانتهم ،وحين يصدر الخطأ والزلل منهم فالأمر يختلف عمن دونهم ، قال ســعيد بن المسيب ( ليس مـن شــريف ولا عـالم ولا ذي فضــل إلا وفيــه عيب، ولكــن مـن الناس مـن لا ينبغي أن تذكر عيوبه ) 0
سابعاً: البعدعن تضخيم الخلاف: الخلاف لا ينشأ من فراغ ، وكثير من مواطن الصراع والافتراق بذرتها خطأ أو تقصير، يغذيها هوى ، أو تضخيم ، ومن الناس من لا يجيد الاعتدال ، فيضخم الخطأ ، فيقع في البغي والعدوان ، فلو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة 0
ثامنا : التفريق بين الخلاف في الرأي واختلاف القلوب : لا بد أن يحصل الخلاف في الرأي وتتعدد الاجتهادات ، لكن من واجب المسلم أن يحذر من أن يؤدي ذلك أصحابه من ذلك 0rإلى اختلاف القلوب ، وقد حذر النبي
تاسعا : الخلاف لا بد منه : يطمع بعض الغيورين والحريصين على وحدة الكلمة في قطع دابر الاختلاف والفرقة ، لكنهم يتطلعون إلى نفي الخلاف في الرأي ، ويسعون إلى الاتفاق على ما لا يمكن الاتفاق عليه ، وإذا كنا نريد وحدة الصف وجمع الكلمة ، فلا بد من استيعاب تعدد الآراء والاجتهادات ، بل لا بد أن نتجاوز ذلك إلى استيعاب أن الناس لن يكون وا نسخة واحدة ، وبدلاً من السعي لتذويب ما لا يمكن تذويبه من الفوارق ينبغي أن يتركز الأمر على استجلاء الثوابت ، وضبط الاجتهادات وتسديد المسيرة 0
عاشرا : إن مما يقلل الاختلاف والصراع أن يفتح المجال للحوار، فقد كان السلف يختلفون ويسود بينهم الحوار والجدل بالتي هي أحسن 0
الحادي عشر: سعي المصلحين والعقلاء والكبراء لتدارك الخلاف : من المهمحين يشيع خلاف تبدو منه بوادر الافتراق أن يسعى المصلحون للأخذ بزمام المبادرة ،فيبذلون وسعهم في الإصلاح ورأب الصدع قبل أن يتأصل الخلاف وتطول الخصومة ، بأن يسعوا للإصلاح بين المتخاصمين بأنفسهم 0
هذه خاطرة غزت ذهني فأرهقته ، وتسللت إلى فؤادي فأوجلته ، أحببت أن أذكرها ، تذكيرا لنفسي ، ولمن أحب من أخواني ، وأفراد مجتمعي ، وعلى رأسها قبيلتي التي أعتز بأنني فرد فيها ، داعيا لها بالتوحد والتجمع على طاعته والتوفيق والصلاح، وأن تجتمع قلوبنا وآرائنا وأهدافنا على توحيد صفنا فيما يرضي الله وحده وعباده الصالحين ، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 0
أخوكم محمد فنخور العبدلي
محافظة القريات
مقتبسة من محاضرة للدكتور إبراهيم الدويش مع تعديلها حسب ما يتطلبه المقال