أجحاف أن نهبط عليك فتلتقي *** عـلـيـك بحـور طـامـيات الـزواخـر
تكن مثل أبداء الحباب الذي جرى *** به البحر تزهاه رياح الصراصر
فوثب الجحاف يجر ردائه وما يعلم من الغضب فقال عبدالملك للأخطل ما احسبك ألا كسبت قومك شراً فأفتعل الجحاف عهداً من عبدالملك على صدقات بكر وتغلب وصحبه من قومه نحو من الف فارس فثار بهم حتى بلغ الرصافة قال : وبينها وبين شط الفرات ليلة وهي في قبلة الفرات ثم كشف لهم أمر هو أنشدهم شعر الأخطل وقال لهم إنما هي النار أو العار فمن صبر فليقدم ومن كره فليرجع قالوا : ما بانفسنا عن نفسك رغبة فأخبرهم بما يريد فقالوا نحن معك فيما كنت فيه من خير وشر
فأرتحلوا فطرقوا صهين بعد رؤبة من الليل وهي في قبلة الرصافة وبينهما ميل ثم صبحوا عاجنة الرحوب في قبلة صهين والبشر وهو واد لبني تغلب فأغاروا على بني تغلب فقتلوهم وبقروا من النساء ممن كانت حاملاً ومن كانت غير حامل قتلوها فقال عمرو بن شبّة في خبره
فهو يوم البشر ويقال أيضاً يوم عاجنة الرحوب ويوم مخاشن وهو جبل إلى جنب البشري وهو مرج السلوطح لأنه بالرحوب وقتل في تلك الليلة أبناً للأخطل يقال له أبو غياث
قال : أبن شبّة سمعت أبي يقول صعد الجحاف الجبل وجعل ينادي من كانت حاملاً فإلي فصعدن إليه فجعل يبقر بطونهن ثم أن الجحاف هرب بعد فعله وتفرّق عنه أصحابه ولحق بالروم فلحق الجحاف عبيدة بن همام التغلبي دون الدرب فكر عليه الجحاف فهزمه وهزم أصحابه وقتلهم ومكث زمناً في الروم وقال في ذلك :
فأن تطردوني تطردوني وقد مضى *** من الورد يوم في دماء الأراقم
لدن ذر قرن الشمس حتى تلبست *** ظلاماً بركض المقربات الصلادم
ولما سكن غضب عبدالملك كلمته القيسية في أن يؤمنه فلان وتلكأ فقيل له إنا والله لا نأمنه على المسلمين أن طال مقامه بالروم فأمنه فأقبل فلما قدم على عبدالملك لقيه الأخطل فقال له الجحاف :
أبا مالك هل لمتني إذ حضضتني *** على القتل أم لامني لك لائمي
أبا مالك أني أطعتك في التي *** حضضت عليها فعل حران حازم
فأن تدعني أخرى أجبك بمثلها *** وأني لطب بالوغى جد عالم
وقال الأخطر في أحد قصائده :
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة *** إلى الله منها المشتكى والمعوّل
فسائل بني مروان ما بال ذمة *** وحبل ضعيف لا يزال يوصل
فألا تغيرها قريش بملكها *** يكنعن قريش مستراد ومزجل
ولحرب البشر قصّة طويلة وكان قائد تغلب بشر بن قيس بن عقّة بن هلال النمري من بني النمر بن قاسط الذين انصهروا في تغلب ومع الأسف أنه شاعت خرافة في وقتنا الحاضر تنقل نسب قبيلة بشر العنزية كذباً إلى بشر بن قيس النمري قائد موقعة البشر الذي لم يوفق وقد خذل ربيعة كلها بالأنتصار الساحق لقيس على تغلب وأحلافها من بني النمر بن قاسط فهم وجدوا أسم بشر وأدخلوا بشر العنزية به دون أي دليل ألا تطابق الأسم علماً أن بشر جد بشر من عنزة لم يخلق أثناء موقعة البشر ولم تشارك عنزة بهذه المعركة وكانت بعين التمر وبشر النمري المذكور جده قتل مع الكاهنة سجاح في حفر أبو موسى الأشعري المسمى حالياً حفر الباطن وذلك عندما غزت المسلمين في حرب الردة وأنتصر عليهم خالد بن الوليد في اليمامة وانهزمت سجاح ومن معها راجعين إلى الجزيرة الفراتية حيث كان أخوالها تغلب وهي تميمية ولحق جيش المسلمين من هرب مع سجاح وأدركوهم في الباطن وقتل عقّة بن هلال النمري جد بشر بن قيس ولذلك فقد نفيت جميع الأكاذيب عن هذه القبيلة وأفهمت المزورين الذين يتخبطون بنسب عنزة ومن تأثر بدعايتهم الباطلة ولا زلت أقول كل من يقول بشر القبيلة العنزية من تغلب فهو واهم ومن يقول أن ضنا مسلم العنزية من بكر فهو واهم لأن بشر ومسلم من عنزة بن أسد بن ربيعة ولهم جد أسمه وائل عنزي قح ولم تستعير القبيلة وائل بن قاسط جد بكر وتغلب ولم تكن عنزة هي فرعي بكر وتغلب وأني أحّذر الذين يتلاعبون بنسب عنزة ويدعون باطلاً بأنها هي بكر وتغلب وأشكرك يا أخ أحمد على تفهمك لنسب هذه القبيلة الصحيح وتاريخها