السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضع بين أياديكم
بحثي
نظرة تأريخية للقهوة العربية
آمل منكم قرائته وتزويدي بملحوظاتكم قبل أن اعتمد نشره بشكل أوسع
ودمتم بخير وعافية
المقدمــــة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (آل عمران 102)، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )(النساء 1)، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )( الأحزاب 70 - 71 ) أما بعد
القهوة العربية رمز الضيافة ، رمز الكرم ، رمز الاحترام ، رمز التقدير للضيوف عند البادية ، خصوصا بادية الجزيرة العربية ، والشام ، والرافدين ، فأول ما يقدم للضيف القهوة ، ولما لا ، فالقهوة عند العرب عنوان للأصالة والكرم ، فالعربي يمتاز بالكرم في حله وترحاله ، في غناه وفقره ، في أفراحه وأحزانه ، كما أنها ( أي القهوة ) رمز للشجاعة والفروسية 0
إن إعداد القهوة العربية والتعامل معها ، عادة عربية بدوية لها احترامها الذي يصل إلى حد الالتزام بها وعدم تجاوزها ، لها قوانين ، لها أنظمة ، لها طقوس ، لا يجوز عرفا تجاوزها ، أو التمرد عليها ، بل يجب احترامها ، والتمسك بها 0
القهوة العربية لها معنىً خاصا عند البدوي ، وتحتل مكاناً بارزاً في المجالس باعتبارها رمزاً للكرم و حسن الضيافة ، فهي حاضرة في جميع المواقف والمناسبات 0
هذا جهد المقل ، جهد من بضاعته مزجاة ، ومن هذا حاله فلا يستغني عن أخ يسدي له نصحا مغلفا بالحب :
تعمدني بنصحك بانفراد ،،،،، وجنبني النصح في الجماعة
واعلم أخي الكريم أن الشاعر قد قال :
كتاب قد حوى دررا ،،،،، بعين الحسن ملحوظة
لـذا قد قلت تنبيــها ،،،،، حقوق الطبع محفوظة
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
محافظة القريات
الباب الأول
تعريف عام بالبن والقهوة
توطئة حول أهمية القهوة عند العرب رمز الضيافة العربية
جاء في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا : تُعتبَر القهوة رمزًا من رموز الكَرَم عند العرب ، يُفاخرون بشربها وتُعَدّ مظهرًا من مظاهر الرّجولة في نظرهم ، فتقديمها للزائر إشارة تكريم ، وقد حظيت بالاحترام عند معدّيها وشاربيها على حدٍّ سواء ، ويعقدون لها المجالس الخاصّة التي تُسمّى بالشبّة أو القهوة أو الدّيوانيّة ، وللقهوة بروتوكولات خاصّة بها وأوانٍ خاصة عند أهل البادية ، تُسمّى الدلّة التي يجلبها بعض المُضيفين من بلدانٍ بعيدةٍ وبأسعارٍ باهظةٍ طمعًا في السّمعة الحسنة ، وتثور في المقابل ثائرة المضيف إذا أخبره أحدٌ أنّ قهوته فيها خلل أو تغيّر في مذاقها ، ويُعبّرون عن ذلك بقولهم :
قهوتك صايدة ؛ ولا بُدّ في هذه الحالة أن يُغيّر المُضيف قهوته حالاً ويستبدلها بأخرى 0
القهوة تحظى بالكثير من الاحترام عند العرب من أهل البادية وعند الخليجييّن والسّعوديين على وجه الخصوص ، والقهوة لها عادات قبلية متعارف عليها بين الناس وكل القبائل ، فيجب أن تسكب القهوة للضّيوف وأنت واقف وتمسك بها في يدك اليُسرى وتقدم الفنجان باليد اليُمنى ولا تجلس أبدًا حتّى ينتهي جميع الحاضرين من شرب القهوة ، بل وأحيانًا يُستحسن إضافة فنجانٍ آخرٍ للضّيف في حال انتهائه من الشّرب خوفًا من أن يكون قد خجل من طلب المزيد ، وهذا غايةٌ في الكرم عند أهالي البادية ، عند سكب القهوة وتقديمها للضّيوف يجب أن تبدأ من اليمين عملاً بالسّنة الشريفة ، أو تبدأ بالضيف مباشرةً إذا كان من كبار السّن ، والمُتعارف عليه أنّك تصبّ القهوة حتّى يقول الضّيف كفى ويُعبّر عن ذلك بقوله : ( بس ) أو ( كافي ) أو ( أكرِم ) ، أو بِهَزّ فنجان القهوة 0
مهارةُ صبّ القهوة أيضًا أن تُحدِثَ صوتًا خفيفًا نتيجة ملامسة الفنجان للدلّة ، وكان يُقصَد بهذه الحركة تنبيه الضّيف إذا كان سارحًا ، أو كما تقدم في الأفراح ، أما في الأحزان كالعزاء أحياناً فعلى مقدم القهوة ألا يصدر صوتاً ولو خفيفاً ، كما أنّ مِن مهارة شرب القهوة أن يهزّ الشّارب الفنجان يمينًا وشمالاً حتّى تبرّد القهوة ويتمّ ارتشافها بسرعةٍ ، بلغ من احترام البدو والعرب في السّابق للقهوة أنّه إذا كان لأحدهم طلب عند شيخ العشيرة أو المُضيف ، كان يضع فنجانه وهو مليء بالقهوة على الأرض ولا يشربه ، فيلاحظ المُضيف أو شيخ العشيرة ذلك ،
فيُبادره بالسؤال : ما حاجتك ؟ فإذا قضاها له ، أَمَره بشرب قهوته اعتزازًا بنفسه ، وإذا امتنع الضّيف عن شرب القهوة وتجاهله المُضيف ولم يسأله ما طلبه فإنّ ذلك يُعدّ عيبًا كبيرًا في حقّه ، وينتشر أمر هذا الخبر في القبيلة ، وأصحاب الحقوق عادةً يحترمون هذه العادات فلا يبالغون في المطالب التّعجيزية ولا يطلبون ما يستحيل تحقيقه ، ولكلّ مقام مقال ، ليست القهوة للسّلم فقط بل تستخدم للحروب ، فكافّة القبائل في السابق ، إذا حدث بينها شجارٌ أو معارك طاحنةٌ وأعجز إحدى القبائل بطل معين ، كان شيخ العشيرة يجتمع بأفرادها ويقول : مَن يشرب فنجان فلان ويشير بذلك للبطل الآنف الذكر ؟
( أي : من يتكفّل به أثناء المعركة ويقتله ) فيقول أشجع أفراد القبيلة : أنا أشرب فنجانه ، وبذلك يقطع على نفسه عهدًا أمام الجميع بأن يقتل ذلك البطل أو يُقتَل هو في المعركة ، وأيّ عارٍ يجلبه هذا الرّجل على قبيلته إذا لم يُنفّذ وعده ، هكذا تحوّلت القهوة من رمزٍ للألفة والسّلام إلى نذير حربٍ ودمارٍ 0
وقال طلال المناور : إن هز الضيف فنجان قهوتـهِ ، فقد اكتفى من الشرب ، وبعضهم لا يقبل من الضيف الا بشرب ثلاثة فناجين ثُمَّ يقبل منه هز الفنجان ، فرحاً به وتقديراً له ، وإن امتنع الضيف من شُربها فهذا أمر خطير له ما بعده من القول لأنه غالباً سوف يقدم طلباً عليك أن تتعهد له بإنجازه حتى يشرب قهوتك ، وإن أراقَ الفنجان فهو يشير الى مخالطة القهوة لشيء ٍ غريب كحشرة ، وإن شربه على عجل واكتفى بفنجان واحد ، ربما يشير الى برودتها أو شيء من هذا القبيل0
طقوسٌ و آداب اصطلحت عليها أعراف العرب في جزيرتهم ، تشكلت عبر مرور الغداةِ وكر العشي ، ولا تختلف تلك الآداب من بلد أو من قبيلة وأخرى في الجزيرة ومحيطها إلا ما ندر ، فهم يجعلونها من أركان الضيافة الأساسية ، فلا مجلس إلا والقهوة أميرته الأثيرة و فاكهته المفضلة ، فيها تزداد بهجة الصباح و تزدان أحاديث السمر ، من بلاط أعظم الملوك الى بساط أفقر صعلوك ، لذلك تجد أنهم كثيرا ً ما يتغنون بها و يمتدحون مَن لا تنفك قهوته حاضرة ، نعم تلك هي القهوة العربية ، طاردت الهم ، موقدة الفكر ، ذات الرائحة الأخاذة والطعم الوقور، قال الشاعر :
إدفع و رد الــــهـم عنك بـقهــوة ،،،،، بمــــــذاقها ترنو الى الأخيارِ
جازت مدى الأعمار ِ فهيَ كأنها ،،،،، عند المذاق ِ تزيد في الأعمارِ
وجاء في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا : وقد لعبت القهوة دورا هاما في كثير من المجتمعات على مر التاريخ ، فقد كانت تستخدم في أفريقيا واليمن في الاحتفالات الدينية ، ونتيجة لذلك ، حظرت الكنيسة الأثيوبية استهلاكها المدني حتى عهد الإمبراطور منليك الثاني من اثيوبيا ، وقد تم حظرها في العهد العثماني في تركيا في القرن السابع عشر لأسباب سياسية ، حيث ارتبطت بالأنشطة السياسية المتمردة في أوروبا 0
تعد القهوة سلعة تصدير هامة ، ففي عام 2004م كان البن أعلى الصادرات الزراعية ل 12 بلدا ، وفي عام 2005م أصبح في المركز السابع للصادرات الزراعية المشروعة من حيث القيمة
0
ظهر بعض الجدل حول زراعة البن وأثرها على البيئة ، فقد قامت العديد من الدراسات بالبحث في العلاقة بين استهلاك القهوة وبعض الحالات الطبية ، ولا يزال هناك جدال حول ما إذا كانت الآثار العامة للقهوة إيجابية أم سلبية 0
قال الدكتور محمود النجرس : لقد حظيت القهوة العربية باحترام كبير في أوساط المجتمعات العربية البدوية والريفية والحضرية ، وتكاد تكون المشروب الوحيد الذي يغني البدوي عن كل مشروب ، فقد يستغني البدوي في الماضي عن طعامه وشرابه ، ولكنه لا يستغني عن تعاطي القهوة المرة ، فهي شرابه المفضل ، وخلال أكثر من أربعة قرون بقيت القهوة العربية المادة الأفضل التي يكرم بها العربي ضيفه عند قدومه وقبل الطعام وبعده ، يشربونها في مجالسهم ومضافاتهم ودواوينهم ،
ولهم في جودة صنعها وتقديمها وشربها ، وقيل في وصف مجالسها الشعر والأمثال والحكم ، إن للقهوة العربية في نفوس العرب في بواديهم وأريافهم مكانة لا تدانيها مكانة ، فهي لديهم ذات صلة وثيقة بالإحساس القومي العربي ، الذي يتمسكون به أشد التمسك باعتبارهم عرباً أقحاح ، فهي تكاد تكون المشروب القومي للأمة العربية ، لقد ضربت القهوة العربية جذورها في وجدان المجتمع العربي منذ مئات السنين ، وظلَّت شامخة البنيان متحدية كل قوى التغيير والتطوير حتى الآن ، فهي لم تؤدِ وظيفة اجتماعية فحسب ، وإنما جعلت كل الوظائف الاجتماعية تتمحور حولها حتى ارتبطت بكل المواقف ، والأوضاع الاجتماعية المختلفة ، فهي ترتبط بالضيافة والكرم والالتزام الشخصي والجماعي ، بأنفاسها الحارة نلاقي ضيوفنا
، وبعبق هيلها نودعهم ، وبحضرتها تتهادى الآراء والأفكار ، ونحل كثيراً من قضايانا اليومية ، ورشف فنجان القهوة يتضمن توقيعاً على اتفاق مصالحة ، إذا كان هناك خلاف ، أو فتح بوابة الألفة لتعايش أكثر دفئاً وحميمة بين الناس ، كما أن شرب فنجان من القهوة قد يشرط بتلبية طلب ما من صاحب المضافة أو الديوان أو البيت ، فكثيراً ما تتم في مجالس القهوة العربية في المضافات اتفاقات المصاهرة ، وعقود الزواج ، وفض المنازعات ، فكم من المشاكل التي استعصت عن الحل تم حلها عن طريق فنجان قهوة وكم من قضية زواج قوبلت بالرفض تم تذليلها عن طريق فنجان قهوة عربية ، فهي أكثر من شراب وترتبط بمختلف شؤون الحياة وقد تستغل أحياناً ، وهذا كان في الماضي للتحريض على أخذ الثأر من أعداء القبيلة ، أو المعتدين عليها ، أو على أعـراض أسـرها ، حيث يصب شيخ القبيلة فـي مضافته فنجان قهوة بيـده
، ومن يشربه من شباب القبيلة أولاًً ، فهو من نذر نفسه بأخذ ثأر القبيلة، وقد تستخدم لتنبه أحد أفراد القبيلة إلى عيب فيه ، أو استفزازه للتعرف على خلل أصاب سلوكه أو سلوك عائلته ، بأن يستثني من يصب القهوة رجلاً من الجالسين ، ويتعداه إلى غيره ، فعلى هذا الشخص عندها أن يبحث عن السبب ، كما تستخدم لعقاب المجرمين والمسيئين أو الشاذين والخارجين عن فضائل القبيلة ، أو المقصرين بحقها ، وذلك بحرمانهم من ارتياد المضافة ، أو الديوان ، وهي عقوبة صارمة وقاسية جداً ،
وتلخيصاً لما سبق فإن القهوة العربية ارتبطت بمختلف شؤون الحياة الاجتماعية للجماعة القبلية ، وشربها عادة اجتماعية تنطوي على رموز ومعانٍ بالغة في الأهمية في حياتهم ، فهي التي تصور طبيعة العلاقات الاجتماعية بينهم ، وهي التي تكشف عن القيم السائدة عندهم بطريقة عفوية وتلقائية ، وهي أداة للتعبير عن مشاعرهم في مناسبات عديدة ، وهي المحور الذي تدور عليه حياتهم اليومية ، كما أنها تشكل عنصراً ثقافياً موروثاً لا يستغني عنه على الرغم من التطورات التكنولوجية ، والتغيرات الثقافية التي طرأت على المجتمع ،
فهي تتصدر باستمرار المجالس البدوية ، وتشكل نسقاً ثقافياً مشتركاً يطبع عادات وتقاليد المجتمع بطابع معين ، فهي القاسم المشترك لكل عنصر ثقافي في المجتمع البدوي ، لقد وازن المجتمع القبلي ما بين قيمة القهوة العربية المعنوية ، وقيمة الرجال المشاهير، فإذا ما توفي شيخ قبيلة ما ، أو أحد وجهائها ، أو أحد أعيان المجتمع قلبوا دلال القهوة على وجهها ، وحرموا شربها فترة من الزمن ، كتعبير عن تقديرهم للراحل المتوفى ، وإخلاصهم له ، وعدم استغنائهم عن رأيه ومشورته ،
فمكانته بينهم لا تقل عن مكانة القهوة التي لا يستغنون عنها ، وللمنزلة الكـبيرة التي تحظى بها القهوة فـي أوسـاط المجتمع الـبدوي قديماً ، وكان الأمراء والشيوخ يتفاخرون بكرمهم وأن مضافاتهم ودواوينهم لا تخلو من القهوة العربية ، فهي دوماً تفوح برائحة الهيل ، ويحرصون دوماً على جودة صنعها 0
التعريف ( أصل كلمة القهوة )
القهوة هي ذلك الشراب الأسود المرّ الذي يُتخذ من مغليّ حبّات البنّ، التي تفوح منها رائحة الهيل والبهار الزكية فتنتشي لها نفس البدويّ ولا يستطيع مقاومة إغرائها ، فيحتسي منها رشفات قليلة تنعش روحه وتعدل مزاجه وتعيد إليه راحته وهدوءه 0
اشتقاق الاسم قهوة من بلدة Caffa ، وهي مقاطعة موجودة في الحبشة ، وتبقى شجرة القهوة خضراء طوال السنة مثل شجرة الزيتون ، والقهوة في الأصل هو اسم من أسماء الخمرة ، ذُكرت القهوة َ في كتاب القانون في الطب لابن سينا سُمّيت قهوة لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تقلّ شهوته له أو تذهب به قها أقهى عن الطعام واقتهى ارتدت شهوته عنه من غير مرض مثل أقهم يقال للرجل القليل الطعم : قد أقهى وقد أقهم وقيل :
هو أن يقدر على الطعام فلا يأكله وإن كان مشتهيا له ، فسميت بذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام أي تذهب بشهوته وفي التهذيب أي تشبعه 0
جاء في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا : تم أخذ لفظ كافي المستخدم في أوروبا من اللفظ التركي كويف ، الذي تم اشتقاقه بدوره منقالب : Lang-ar قهوة ، كما تم اشتقاق أصل المصطلح العربي إما من منطقة كافا في غرب اثيوبيا ، حيث كان يزرع البن ، أو تم اقتطاعه من قهوة البن ،
التي تعني خمر الحبة في اللغة العربية ، وقد استخدم اللفظ الانجليزي كافي لأول مرة من أوائل إلى منتصف القرن السابع عشر، واستخدمت صياغات مبكرة من الكلمة في العقد الأخير من القرن السادس عشر ، أما في اريتريا البلد المجاور لإثيوبيا ، يستخدم لفظ بن ( الذي يعني أيضا خمر الحبة في اللغة التجرينية ) ، وفي اللغة الأمهريةوعفان أورومو تسمى القهوة ببونا 0
قال الدكتور محمود النجرس : القهوة لغةً الخمر سميت بذلك لأنها ( تقهي ) ، أي تذهب بشهوة الطعام ، وهي أيضاً اللبن المحض ، أما القهوة اصطلاحاً ، فهي شراب البن المغلي وأهل البادية والأرياف ، وبعض أهل المدن يسمونها الكَهوة ، واستمدت اسمها من العربية كل لغات العالم 0
وفي سبب تسميتها عدة آراء :
أولها : سميت بالقهوة تشبيهاً لها بالخمرة ، وهذا هو الاشتقاق اللغوي ، وهذه التسمية هي التي جعلت رجال الدين في بداية استخدامها يقومون بتحريمها ومحاربتها 0
ثانيها : أن تسميتها بالقهوة مشتقة من علم الإقهاء العربية ، وتعني كره الطعام والابتعاد عنه 0
ثالثها : أنها سميت باسم مقاطعة كوفا أو كفا في جنوب الحبشة ، حيث كانت نباتاً برياً ينمو من تلقاء نفسه ، وقد انتشر هذا المشروب من الحبشة إلى غيرها ، عن طريق اليمن وباقي الأصقاع الواقعة في جنوب بلاد العرب ، ومن بلاد العرب انتشر إلى بقية إنحاء العالم 0
أسماء القهوة
القهوة العربية تعددت مسمياتها وهذا يدل على أهميتها ومن الأسماء : تسمى القهوة البدوية , والقهوة السادة , والقهوة المرة ، ومشروب الأجاويد ، ومفتاح السلام ، والبدء بالكلام ، وقهوة الكيـف ، وقهوة البن ، والبرية ( نوع من أنواع البن اليمني الجيد ) ، والطبخة ، والشاذلية ( اختلف في سبب التسمية فمنهم من يقول إنها نسبه إلى توع من أنواع البن اليمني الجيد ومنهم من يقول إنها نسبه إلى عمر الشاذلي وهو أول من شرب القهوة ، وقيل هي اسم للدلة ) 0
تأريخها و موطنها
قال الدكتور عبدالله بن إبراهيم العسكر في جريدة الرياض العدد 14737 : فتاريخ القهوة موغل في القدم ، على أن عمرها في جزيرة العرب لا يتعدى حوالي خمسة قرون ، وقال أيضا : يرتبط اسم جمال الدين أبو عبدالله محمد بن سعيد الذبحاني بتاريخ القهوة في الجزيرة العربية ، عاش الشيخ الذبحاني في منتصف القرن التاسع الهجري ( منتصف القرن الخامس عشر الميلادي ) وهو أول من أدخل هذا المشروب إلى الجزيرة العربية ،
وبالتالي يمكن أن نقول مطمئنين أن القهوة بكل أشكالها لم تكن معروفة لأهل الجزيرة العربية قبل هذا التاريخ كان الشيخ الذبحاني يتولى رئاسة الإفتاء في عدن ، تعرض عليه الفتاوى التي تتعرض للنوازل يجيز ما يراه ، وينقض أو يصحح ما يحتاج إلى تصحيح ، وكان أيام عمله ذاك على علاقة بالحبشة ، وربما أنه تعاطى التجارة مع تجار الحبشة ، لذا نجده يسافر إلى هناك ، وتعرف على مشروب القهوة ، وارتاحت لها نفسه ، وبعد عودته أصيب بمرض جعله يتذكر مشروب القهوة ، فأرسل من جلبها له ،
فطفق يصنعها كما كان يصنعها الأحباش ، وسقاها لخاصته وأهل بيته وعرفوا مقدار أثرها على الجسم الواهن والذهن المكدود ، لقد بقيت القهوة محدودة الانتشار في اليمن ، ولقيت معارضة من مشايخها ، وعدوه مشروباً جديداً ومبتدعاً لا يتناسب مع مروءة الرجل ، أما الشيخ الذبحاني فقد انتهى أن أصبح من المتصوفة ، وترك القضاء والإفتاء ، ولازم شرب القهوة ، وهذا سبب آخر زاد من عدد معارضيها. لكن القهوة أصبحت من لوازم الصوفية ، لأنها تساعدهم على السهر وقيام الليل ،
وبعد مدة لا تتجاوز العقد بدأ بعض المزارعين في زراعة شجرة القهوة بسبب انتشار شربها بين الطبقة العليا في اليمن، ثم قلدتهم العامة خصوصاً طلبة العلم الذين يحتاجونها لمساعدتهم على السهر ، ومن اليمن انتقلت القهوة إلى مكة ، وعارضها رجال الدين معارضة شديدة ، وأصدر بعضهم الفتاوى التي تحرمها ،
وعدوها من جنس المسكرات والمثبطات ، وقالوا إنها تسبب العلل في الأبدان والضعف في العقول ، وانقسم الناس بسببها إلى قسمين ، وكثرت الفتن والمواجهات خصوصاً عندما أيد بعض الفقهاء فريق المحللين للقهوة ، واستعان بعض الفقهاء بالسلطة السياسية ، وطال النزاع طويلاً ، لكن المعارضين اخترعوا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من شرب القهوة يحشر يوم القيامة ووجه أسود من أسافل أوانيها ،
ولعل شهرة القهوة وانتشارها في بقية الأمصار الإسلامية حدث عندما ظهرت القهوة لأول مرة في مصر في مطلع القرن العاشر الهجري ، لقد جلبها اليمانيون إلى رواقهم في الجامع الأزهر، وكان طلاب اليمن وما جاورهم في الرواق اليمني يسهرون للدراسة وترديد الأذكار وينشدون المدائح النبوية ، ويستعينون على مغالبة النعاس بشرب القهوة ، ولقيت القهوة معارضة علماء مصر ،
وأصدر بعضهم فتاوى تحرمها ، ومع هذا بقيت معارضة مصر اخف وطأة من معارضة الحجاز ، وكانت العلاقة المتنوعة بين الحجاز واليمن ومصر قوية ومتشابكة ، ونلمح أن مشروب القهوة انتشر في عموم اليمن ، لكنه في مكة يصادف عاماً تحرم فيه القهوة ، وآخر تحل فيه ، والشيء نفسه يقال عن مصر ، وحدث في بعض الأعوام التي سُمح بمشروب القهوة أن قُدمت لزوار البيت العتيق جنباً على جنب مع ماء زمزم ، وحدث في الأعوام التي حرمت فيها القهوة أن أقيم الحد الشرعي على شاربها وبائعها ،
فقد عزر أولئك وطوف بهم في شوارع مكة ، وكبس العسس على المقاهي وبيوت القهوة وخربت وكبس على المرتادين وأخرجوا وقد شدوا وثاقهم بالحبال والحديد ، ثم يتم جلدهم في الميادين العامة ويسجنون المدد المقررة ، ومن مصر والحجاز انتقلت القهوة إلى القسطنطينية ثم البندقية في القرن السابع عشر الميلادي ، ثم إلى سائر أوروبا ، وافتتح أول مقهى في انجلترا سنة 1652م ، ولقيت القهوة معارضة في انجلترا وألمانيا ولكنها معارضة يسيرة 0
وقيل اكتشفت القهوة العربية في أوائل القرن العاشر الهجري عن طريق مكتشفها وهو أبو بكر ابن عبدالله الشيخ الصالح العارف بالله تعالى الشاذلي المعروف بالعيدروس ، مبتكر القهوة العربية من البن من اليمن ( ونسبت إليه الشاذلية ) وكان أصل اتخاذه لها انه أثناء سياحته الى اليمن مر بشجر البن ورآه يتساقط بكثرة دون أن يجمعه أحد ورآه متروكا مع كثرته فاقتات من ثمره فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة ،
فاتخذه قوتا وطعاما وشرابا وأرشد أتباعه الى ذلك ثم عرفت بعد ذلك القهوة وانتشرت في اليمن ثم الى بلاد الحجاز ثم الى سائر الجزيرة العربية ثم الى الشام والعراق ومصر ثم الى سائر بلاد الدنيا 0
لقد ذكرت القهوة في كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد : أن أبا بكر بن عبد الله الشاذلي ابتكر صنعها من البن المجلوب من اليمن ، فرأى أنها تجلب السهر ، وتنشط على العبادة فأرشد أتباعه إلى استعمالها 0
وجاء في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا : القهوة مشروب يعد من بذورالبن المحمصة ،
وينمو البن في أكثر من 70 بلدا ، ويقال أن البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولا في العالم بعد النفط الخام ، ونظرا لاحتوائها على الكافيين ، يمكن أن يكون للقهوة تأثير منبه للبشر ، ويعد القهوة اليوم واحدة من المشروبات الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم ، و جاء في موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا : من المفترض أن الأثيوبيين أجداد قبيلة جالا ، كانوا أول من اكتشف وتعرف على الأثر المنبه لنبات حبوب البن ،
ومع ذلك لم يُعثر على دليل مباشر يكشف بالتحديد عن مكان نمو القهوة في أفريقيا ، أو يكشف عمن قد استخدمها على أنها منشط أو حتى يعرف عن ذلك قبل القرن السابع عشر ، حيث لم تظهر قصة الخالدي راعي الماعز الأثيوبي الذي اكتشف القهوة في القرن التاسع في الكتابة إلا في عام 1671م وربما تكون ملفقة ، وقد ظهر أقرب دليل موثوق به سواء على شرب القهوة أو معرفة شجرة البن ، في منتصف القرن الخامس عشر،
في الأديرة الصوفية في اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية ، حيث انتشر البن من إثيوبيا إلى مصر ، واليمن ، وقد كان العرب هم أول من قاموا بتحميص وغلي حبوب البن ، على غرار الطريقة التي تتم بها اليوم ، وبحلول القرن الخامس عشر، كان البن قد وصل إلى بقية الشرق الأوسط وبلاد فارس ، تركيا ، وشمال أفريقيا ، ثم انتشر البن من العالم الإسلامي إلى إيطاليا ، ثم إلى بقية أوروبا ، واندونيسيا ، وإلى الأمريكتين ،
في عام 1583م ، قام الطبيب الألماني راؤولف ليونارد بوصف القهوة بعد عودته من رحلة إلى الشرق الأدنى استمرت عشر سنوات : مما يوحي بأنها لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ في أوروبا : انتقل البن من العالم الإسلامي ، إلى إيطاليا ، وقد جلبت التجارة المزدهرة بين البندقية وشمال أفريقيا ; مصر، والشرق الأوسط ،
العديد من السلع ، بما في ذلك القهوة إلى ميناء البندقية ، حيث انتشرت من البندقية إلى بقية أوروبا ، كما حازت القهوة على قبولا واسعا بعد أن تم اعتبارها من المشروبات المسيحية عن طريق البابا كليمنت الثامن في عام 1600م ، على الرغم من النداءات لحظر المشروب الإسلامي ، وقد تم افتتاح أول مقهى أوروبي في إيطاليا في عام 1645م ، حيث كان الهولنديين هم أول من أول قام باستيراد البن على نطاق واسع ، حيث كانوا من أول من تحدى الحظر العربي على تصدير النباتات والبذور غير المحمصة عندما قام بيتر فان دين برويك بتهريب شتلات من عدن إلى أوروبا في عام 1616م ،
ثم قام الهولنديون في وقت لاحق بزرع المحصول في جاوةوسيلان ، حيث كانت الصادرات الأولى من القهوة الإندونيسية من جاوة إلى هولندا في عام 1711م ، ومن خلال الجهود التي بذلتها شركة الهند الشرقية البريطانية ، حظا البن بشعبية في انجلترا أيضا ، وقد تم تقديمها لأول مرة في فرنسا في عام 1657م ، وفي النمساوبولندا بعد معركة فيينا عام 1683م ، عندما تم الاستيلاء عليها إمدادات الأتراك الذين هُزموا ، عندما وصلت القهوة إلى أمريكا الشمالية خلال الفترة الاستعمارية ،
لم تحظى في البداية بنفس النجاح الذي كانت عليه في أوروبا ، ومع ذلك فقد زاد الطلب على القهوة كثيرا خلال الحرب الثورية ، مما جعل التجار يقوموا بادخار المخزون الضئيل ورفع الأسعار بشكل كبير، وكان هذا أيضا نتيجة لانخفاض توافر الشاي من التجار البريطانيين ، وبعد حرب عام 1812م ، التي قامت بريطانيا خلالها بقطع واردات الشاي مؤقتا ، زاد تذوق الأميركيين للقهوة ،
وارتفع الطلب خلال الحرب الأهلية الأمريكية جنبا إلى جنب مع التقدم في تكنولوجيا الغلي ، مما أدى لتأمين موقف القهوة كسلعة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية 0
أصبحت القهوة من المحاصيل النقدية الحيوية لدول كثيرة في العالم الثالث ، حيث أصبح أكثر من مائة مليون شخص في البلدان النامية يعتمد على القهوة كمصدر أساسي للدخل ( بونتي 1) ، كما أصبحت القهوة من الصادرات الرئيسية ، والعمود الفقري لدول افريقية مثل أوغندا ، بوروندي ، رواندا ، واثيوبيا ، وكذلك العديد من بلدان أمريكا الوسطى ( انتهى ) 0
الموطن الأصلي جنوب غرب الحبشة ( إثيوبيا ) ، يزرع في البرازيل و الحبشة وكل المناطق الاستوائية في أفريقيا ، وفي اليمن التي تشتهر بالأنواع الراقية والغالية الثمن من البن العدني ، وهو أغلى ثمناً من البن البرازيلي والأفريقي ، وتشير دراسات الآثار بأن سكان شرق أفريقيا في الحقبة ما قبل التاريخ ،
أحبوا ميزات القهوة المنشطة ، وقد أكلوا البذور غير المحمصة الحمراء والتي تشبه الكرز ، في مناسبات كثيرة مثل حروب القبائل و رحلات الصيد الطويلة ، والنشاطات الأخرى التي تتطلب صحواً ، انتباهاً ، قوة ، و قدرة على الاحتمال 0
دخلت شجرة البن الى الجزيرة العربية من الحبشة ، في حوالي القرن الخامس عشر ميلادي ، والعرب هم الذين بدءوا بتحميص و طحن القهوة و شربها ساخنة ، كما نفعل في يومنا هذا ، وقد كتب ابن سينا أول وصف طبي لتأثير القهوة المنشط و المنبه للجسم و الأعصاب ، وذلك باعتراف الغرب الذي سمى ابن سينا بالطبيب العربي ، وبعدها و لمدة مائتي عام كانت الجزيرة هي التي توفر القهوة للعالم .
ولم تتوسع شهرة و استعمال القهوة بالعالم بسرعة ، بل انتشارها كان بطيئاً ، بحيث بقيت القهوة 500 سنة في الشرق الأوسط ، وفي سنة 1517 أدخل السلطان سليم الأول القهوة الى القسطنطينية ( استانبول ) ، وبعدها بوقت قصير أدخل تجار البهارات القهوة الى ايطاليا ، و انتشرت بعدها القهوة في جميع أنحاء أوروبا خلال مائة عام 0
وقيل اكتشفت القهوة العربية في أوائل القرن العاشر الهجري عن طريق مكتشفها وهو أبو بكر ابن عبدالله الشيخ الصالح العارف بالله تعالى الشاذلي المعروف بالعيدروس مبتكر القهوة العربية من البن من اليمن ( ونسبت إليه الشاذلية ) وكان أصل اتخاذه لها انه أثناء سياحته الى اليمن مر بشجر البن وراه يتساقط بكثرة دون أن يجمعه احد وراه متروكا مع كثرته فاقتات من ثمره فوجد فيه تجفيفا للدماغ واجتلابا للسهر وتنشيطا للعبادة ،
فاتخذه قوتا وطعاما وشرابا وارشد أتباعه الى ذلك ثم عرفت بعد ذلك القهوة وانتشرت في اليمن ثم الى بلاد الحجاز ثم الى سائر الجزيرة العربية ثم الى الشام والعراق ومصر ثم الى سائر بلاد الدنيا ، واختلف العلماء في أوائل القرن العاشر الهجري في القهوة وأمرها حتى ذهب الى تحريمها جماعة من العلماء ترجح عندهم أنها مضرة وهم من علماء تلك الفترة في الحجاز والشام ومصر ،
والأكثرون ذهبوا الى أنها مباحة وقد اجمع العلماء في فترة لاحقة على أنها مباحة ، ومن بعد ذلك أصبحت القهوة العربية هي رمز الكرم العربي وزينة مجالس الرجال
0
قال الكاتب : طلال المناور : مواطن القهوة شبه الجزيرة العربية خاصة السعودية و اليمن والحبشة وأمريكا والبرازيل ، لكن تاريخ القهوة أمر اختلف فيه ، فمنهم من قال أن القهوة لم تعرف الا قبل خمس قرون فقط ومنهم من استدل على قدمها بقصة الأعرابي ، فقد حُكيَ أن أعرابيا كان يرعى غنمه و ذات يوم لاحظ نشاطا غير عادي على غنمه ،
فظل يراقبها حتى عرف أنها تأكل من ثمار شجرة دائمة الخضرة و قرر أن يجربها فتناول منها فشعر بنشاط غير عادي و حيوية و بدا الراعي في نشر قصته مع هذه الثمار حتى شاع استعمال البن 0