نشرت جريدة الرأي العام فى عام 2001م فى صفحة سيوف الجزيرة الشعبية سلسلة مقالات عن أصول القبائل العربية وجذورها التاريخية سوف نقوم بنشر مايمكن لنا نشره كما هو دون تصرف منا فى أصل المادة مع التعليق والتعريف للدلالة والتنويه فقط .
[ الدواسر ]
قبيلة الدواسر قبيلة عربية صريحة النسب تتكون من جذمين كبيرين هما دوسر بن تغلب من العدنانية واَل زايد من قحطان مساكنهم من وادي الدواسر الى الحوطة جنوب الرياض أما المتحضرون من الدواسر فيتوزعون على أماكن واسعة من شبه الجزيرة العربية والخليج العربى والعراق حيث يوجد مايقارب خمسمئة بيت فى الفاو جنوب العراق ومن أشهرهم أسرة اَل راشد كما ذكر ذلك (1) الشريفى إبراهيم فى تحفته وماجاء فى القبائل (2) ليونس الشيخ ابراهيم وجاء عن دوسر فى اللغة (3) أنه الشديد الضخم ويقال رجل دوسر لأي رجل شديد ضخم وأسد دوسر كذلك وأطلق اسم دوسر على إحدى كتائب النعمان بن المنذر ملك الحيرة قبل الإسلام قال سحمي بن عجب المصرورى عاش فى منتصف القرن عشر الميلادى
أنا بنى تغلب من نسل وايل - من قديم شبوب الحرب منا - لالبسنا السلايل بالدبايل - نعجب اللى غطاريفه تثنى - نشتهر بالدواسر من الأوايل - عمرو بن كلثوم وكليب منا > وقال كليب بن حشيفان العمري عندما زار المغفور له جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز وادي الدواسر : من بنى كليب نسل وايل ياسعود – حنا بنى عمك وحنا لعدوانك خزام> وقال صالح الحقباني الدوسري من أهل القرن الحا\ى عشر: حنا بني تغلب من نسل وايل – نحتمى الفرس من حر السموم> وهكذا تواترت الروايات أن قبيلة الدواسر تتألف من تغلب بن وائل العدنانية وهذا ماثبت فى الروايات التاريخية المتواترة وماورد فى أشعار الدواسر أما اَل زايد فقد ورد فى عدة مصادر تاريخية أنهم من قحطان جاء (4) جدهم الأول من مأرب وأستقر مع بنى تغلب فى الوادي (5) المسمى قديماَ وادي الدواسروزايد الذى تنتسب اليه اَل زايد ينتمى الى (6) عمرو الملطوم ميزقياء بن عامر بن ماء السماء ملك سد مأرب وشيخ الأزد يقول المرحوم محمد الأحمد السديري فى ملحمته الزايدية: ياناشدِ عنى وأنا لي قبيلة – لها المجد زايد بالرفاع بناه – وكمل مقام المجد عامر وشهيده – طريق المعالى للدخيل مشاه > وعامر المذكور (7) هو بن زياد من اَل بدران وينتهى نسب السدارى وغيرهم من البدارين وقيل أن عامر هو بن بدران وابن أخته ناصر المبيعيج الذى حدثت فى عهده (8) الوقعة الذى ذكرها ابن بسام سنة 1092هـ
[ تغلب وبكر ]
وقد خرج من تغلب اَل عليات والمحمد وتحالفوا مع اَل زايد من قحطان وأطلق عليهم الدواسر ويعتقد (9) أن التسمية جائت بعد معركة خزاز التى جرت فى جنوب اليمن على أثر إنتصارهم لإبن عمهم عدى بن ربيعة المسمى الزير سالم عندما حاولت مذحج الضغط عليه لإستضعافه فخرجت إليه بعض تغلب وهم اَل عليات واَل محمد متحالفين مع اَل زايد القحطانيين فأنتصروا لعدي بن ربيعة ثم نزحوا معاَ ونزلوا الأرض المحيطة بالهدار وماجاورها وعجزوا عن إزالة اَل صباح واَل خليفة والجلاهمة ومن معهم الذين يقيمون بالوادي ولهم الحصن المسمى حصن صبحي ويقول بعض المهتمين بهذا الشأن أن تسمية الدواسر أطلقت على ستة أقسام من تغلب وهم (10) الجبيلات المشاوية المصارير الحقبان بعد اشتراكهم فى حروب النعمان بن المنذر ضد الفرس وهذا مما يخالف الواقع حيث أن الدواسر الاَن تضم اَل زايد والعليات والمحمد فإن كانت التسمية بعد معركة خزاز فى اليمن فإن هذه الأقسام خرجت من تغلب وتحالفت مع اَل زايد من قحطان وأطلق عليهم جميعاَ الدواسر فقد صح عن الشيخ على الخالد الصباح أن اَل صباح أبناء (11) حماد راس الجمل كانوا يقيمون مع أبناء عمومتهم اَل خليفة واَل جلاهمة فى الهدار ولهم حصن صبحي وحصل نزاع بينهم وبين أبناء عمومتهم أجلوا على أثر النزاع جماعة منهم فدخلوا على الدواسر وقام اَل حسن من الدواسر ومن معهم بمحااصرة أبناء حماد فى الحصن ولما طال الحصار تم الصلح على أن يخرج أبناء حماد راس الجمل وجماعته من الحصن وفعلاَ غادر اَل صباح والجلاهمة والخليفة ومن معهم من العوائل يقول (12) إبن مشعي فى كتابه الكنوز الشعبية : حدث نزاع بين اَل صباح واَل خليفة ومن معهم وبين جماعة من بنى عمهم تغلبوا عليهم وأخرجوهم من البلد فلجأوا الى قبيلة الدواسر وهناك اجتمعت بطون الدواسر وكل بطن منهم رفع رمحاَ وخيروهم بالرماح فاختاروا رمح اَل حسن فرحلوا معهم الى الهدار وكان لهم فيه أتباع فتم لهم الإستيلاء على البلاد وأخرج اَل صباح واَل خليفة ومن معهم من الأسر والجماعات وغادروا نجد الى قطر حيث سكنوا الزبارة على ساحل قطر الغربي قرب البحرين ويقال أن والد صباح الأول توفى فى الزبارة وبعد مدة انتقلوا من قطر" والموضوع عمومه يحتاج الى بحث واستقصاء شامل لتبيان الحقائق بدقة وشمولية وهذا ماسنحاول بحثه إن شاء الله . إنتهى ثم يتحدث المعد بعد ذلك عن وقائع الدواسر وحروبهم ومشاهيرهم .
(1) هو ابراهيم جارالله بن دخنة الشريفي صاحب كتاب التحفة الذهبية فى أنساب قبائل وأسر شبه الجزيرة العربية يقع فى عدة أجزاء عام 1998م فى الكويت
(2) هو يونس الشيخ إبراهيم السامرائي صاحب كتاب القبائل العراقية صدر من جزئين فى بغداد فى الثمانينات
(3) لقب دوسر ليس له علاقة بمسمى قبيلة الدواسر اليوم إنما جاء فى كتب التاريخ لإحدى كتائب النعمان بن المنذر ملك الحيرة وهما كتائب دوسر والشهباء وهى من أشهر الكتائب التى كان يحارب بها أعدائه وله أيضاَ كتائب الصنائع والرهائن والوضائع وقد جاء في معاجم اللغة العربية أن معنى الدسر بتشديد الدال وفتحها واسكان السين الطعن والدفع بقوة يقال دسره دسرا أي طعنه و دفعه وجاء الدسر الدفع الشديدقال ابن عباس رضي الله عنه ليس في العنبر زكاة انما هو شي يدسره البحر دسرا أي يدفعه ويرمي به،ويقال دسره بالرمح والجيش اذا بلغ أثنى عشر الفا سمي الدوسر وهو قريب مما يسمى الفرقة في الاصطلاح العسكري الحديث ويقال لمن قاد الجيش اذا بلغ أثنى عشر الفا قائدالدوسر قال المثقب العبدي يمدح عمروبن هند:
ضربت دوسر فيهم ضربة - أثبتت أوتاد ملك فاستقر : وورد أيضاَ أن الدوسر هو الأسد الصلب .
4- المعروف تاريخياَ أن إنهيار سد مأرب أو تهدم سد مأرب هو حدث تاريخي ذكره القرآن الكريم:« لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِم آيةٌ جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْناَهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ» (سبأ: 15-16) ويروى المؤرخون تاريخ أول بناء لسد مأرب إلى ما بين 1750-1700 ق.م وأقدم نقش على السد هو نقش لبناء أو ترميم أجزاء من السد قام به يثعمر بن سمهعلي ينوف وزمنه غير معروف الإصلاح التالي كان في زمن "يدع إل بيين" الذي حكم في 780-750 ق.م ثم ترميم ذماح علي ذراح الذي حكم في 730-720 ق.م ثم كرب إل بيين بن يثعمر حكم في 720-710 ق.م وكانت كل تلك الإصلاحات طفيفة وهي بمثابة الصيانة مثل إزالة الأتربة وتمسير مسالك المياه أو سد بعض الشقوق لكن في حوالي 145 ق.م تصدع السد بشكل كبير وكان ذلك في فترة الحرب بين الريدانيين وملوك سبأ وهو التصدع الذي يرى الكثير من العلماء أنه هو السيل العرم المذكور في القرآن وهو نفسه الذي تذكره الأمثال بقولها (تفرقوا أيدي سبأ) وسببت الحرب بين الريدانيين والسبئيين تأخر صيانة هذا العامل الحيوي من عوامل الحياة مما أدى إلى خسائر فادحة في الزروع والثمار مما أدى إلى تفرق الناس بحثا عن أراضي أكثر قابلية للحياة فحدثت الهجرات لكن لا يمكن الجزم بأن ذلك التصدع هو سيل العرم، وكانت بعض الهجرات هي انما في القرن الثاني أو الثالث للميلاد ونسبت لتصدع سد مأرب، وقد تم ترميم السد مرتين قبيل الإسلام مرة على يد "شرحبيل يعفر بن أبي كرب أسعد" في 450م والمرة الأخيرة هي على يد أبرهة الاشرم في عام 543م وبينت النقوش على سد مأرب تكاليف الترميم الباهظة وعدد العمال الكبير أما تغلب وبكر بن وائل فكان وجودهما بحدود أوائل القرن الثاني الميلادي 200م والله أعلم .
5- وادي الدواسر كان يُطلق عليه قديماَ وادي العقيق وعقيق بنى عقيل إنما تسمية وادي الدواسر فقد جائت فى القرون المتاخرة .
6- عمرو الملطوم هو عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن عمرو بن عامر هو ملك قبائل الأزد وصاحب سد مأرب وسبب تسميته بالملطوم أنه رأى في منامه رؤيا تخبره بقرب إنهيار سد مأرب فاتفق مع إبنه أن يلطمه فيغضب الابن ويخرج من اليمن إلى جبال القهر وهي بين نجران والسليل وتثليث ثم بعد فترة يبيع أبوه عمرو بن عامر أملاكه بحجة اللحاق بإبنه وأنه لا يصبر عنه، وفي رواية أخرى ذكرها ابن كثير في تفسيره أنه اتفق مع أحد أبناءه أن ينازعه في الحديث وأن يرد عليه فيقوم الأب ويلطم الابن فيرد الابن اللطم وفي نفس الوقت طلب من أبنائه الآخرين أن لا يغيروا عليه وحين ذلك يحلف أن لا يقيم بينأظهرهم، وبعد وفاته تفرق أبناؤه وأصبحوا لا ينزلون في بلد إلا ويتغلبون على أهله.
7- عامر المذكور هو الجد الرابع والعشرين للأمير أحمد السديري جد السدارى فهو عامر بن بدران بن سالم بن زايد بن زياد بن سالم بن وادعة جد الوداعين وينتمى وادعة الى عمرو الملطوم الملقب بميزقياء ملك مأرب الذى هاجر من مأرب بعد إنهيار السد وهو بن عامر ماء السماء من الأزد من كهلان من قحطان .
8- لم أعثر لناصر المبيعيج ترجمة له عند ابن بسام عام 1092هـ أما عامر المذكور فهو ليس عامر بن بدران الأول إنما هو عامرالثاني بن غالب بن محسن بن جواد بن سويد الجد الرابع عشر للأمير لأحمد السديري .
9- القول بأن الحلف بين بني تغلب واَل زايد قد تم بعد معركة خزاز فهذا من الخطأ التاريخي؟ فهناك فارق زمني بعيد يفصل بين الحدثين وأما معركة خزاز فقد حدثت فى نجد وتحديداَ فى القصيم وخزاز جبل أحمر أجمع المؤرخين على أنه يقع جنوب الرس وقد ذكرت فيه قصائد كثيرة والمعركة ليست لها علاقة بالزير ولا بإستضعافه من قبل قبيلة جنب إنما هذه جائت بعد معركة خزاز أواخر معركة البسوس ولاأدري ماهي علاقة هذه المعركة بالهدار وخروج بعض بطون التغالبة مع اّل زايد القحطانيين متحالفين ونزولهم الهدار! وكذلك عجزهم عن إزاحة الصباح والخليفة والجلاهمة فهذا خلط فى الاحداث وقفزاَ على الحقائق التاريخية خصوصاَ أن اَل زايد من قحطان والتى من المفروض هي بالطرف المعادي لقبائل ربيعة ومعد فكيف يتم التحالف بينهما أثناء إنتصارهم لعدي!
10- هم الخييلات وليس الجبيلات؟وأعتقد أنها غلطة مطبعية ثم المشاوية والحقبان والمصارير والعمور.
11- الشيخ على الخالد المالك الصباح من المهتمين بالتاريخ وموروث قبيلة عنزة وسبق وأن نشرنا نبذة عنه أما حماد راس الجمل فهو أما أنه ابناَ لمرعي بن عبية بن جني بن محمد بن طريف أو من ذريته أما الحدث الذى حصل بين الصباح وأتباعهم أهل الهدار فهى مشهورة ومذكورة فى الكتب التاريخية .
12- هو محمد بن مشعي اَل صالح من العمور من الدواسر صاحب كتاب الكنوز الشعبية طبع عام 1961م .