الرحالة الذى رأى نهراَ فى الدرعية؟
كان الدكتور الألماني(سيتزن) مقيماً فى حلب أوائل القرن التاسع عشر الميلادي عندما رغب فى التعرف على أحوال الجزيرة العربية واِمكانية قيامه برحلة اِليها فكان أن أرسل له صديقه الأنجليزي مستر(رينود) الذى عايش الجزيرة العربية لفترات متقطعة عندما رافق المقيم الأجليزي فى البصرة خلال اِقامته فى الكويت(القرين) أيضاً هذه الرسالة التعريفية المؤرخة فى 2أبريل 1805م الموافق ليوم الثلاثاء الثاني من محرم 1220هـ وقد نشرت فى حينها بمجلة أخبار شهرية الألمانية فى عددها الصادر سبتمبر1805م أي بعد أشهر قليلة من كتابتها وفيمايلي نص تلك الرسالة الموجهة من المستر(رينود) الأنجليزي لصديقه الدكتور.
سيتزن (بتصرف قليل) بكثير من السرور أقدم اِليكم بعض الأخبار عن أجزاء من جزيرة العرب الصحراوية التى زرتها وأقمت فيها بعض الوقت خلال مدة عشر سنوات اِلاأني أخشى مع الأسف أن لاترضيكم اخباري كل الرضا لأن اِنصرافي اِلى أعمال من نوع أَخر لم تسمح لي بتكريس وقت واِنتباهي بصورة خاصة اِلى الموضوعات الأدبية والجغرافية وبالنسبة لمشروعكم فى زيارة هذا الجزء المعروف قليلاً من الكرة الأرضية ألاحظ قبل كل شيء أن الصعوبات والأخطار للوصول اِلى(الدرعية) لايمكن التغلب عليها دون مساعدة وحماية المستر(مانستي) المقيم الأنجليزي فى البصرة ولذلك فاِنني أنصحكم اِذا كنتم مصممين
على زيارة تلك الأماكن الموحشة ان تذهبوا أولاً اِلى البصرة وان تعتمدوا كلياً على توجيهات المقيم هناك فاِن هذا سوف يزودكم برسائل توصية اِلى شيوخ الأماكن التى تقودكم الرحلة اِليها , كما أنه فى الوقت نفسه سوف يدبر مرافقاً موثوقاً يرشدكم فى تلك الأرجاء غير المأمونة التى ليس فيها طرق)
يكمل الدكتور(رينود) رسالته فيقول: كان طريق رحلتي فى تلك الأرجاء كمايلي : لقد سافرت فى زورق مكشوف يخص عرب(بني عتبة) اِلى جزيرة البحرين ثم وصلت هناك من هناك اِلى القطيف وهي بلدة صغيرة تبعد مايقارب مئتين ميلاً عن القرين(الكويت حاليا) وتنتج البحرين كمية قليلة من التمور الممتازة ولكن الجزيرة تسترعي الأهتمام قبل كل شيء بسبب صيد اللؤلؤ الذى يملكه( بني عتبة) والصناعة الوحيدة فى البحرين تقتصرعلى نسيج رفيع من وبر الأبل الأسود يستعمل للشباب التى تطرز بالذهب عند الكتفين(يقصد البشوت) أما المدينة نفسها فاِنها متواضعة مبنية كلها من بالطين ويوجد فيها بكميات كبيرة نوع من السمك المسطح الممتاز يطلق عليه اِسم(الزبيدي) وهذا نوع من الأسماك غير معروف بالمرة فى أووربا ولم أصادف مثله فى أي مكان سوى بومباي!اِن القطيف مدينة بحرية وقد بنيت أيضاً بشكل متواضع مثل البحرين والقرين وهناك قناة صالحة للملاحة بين البحرين والقطيف ولكن لايمر منها اِلاالسفن التى تعمل فى الخليج العربى وكذلك فأن جميع السفن الأوربية لاتقف اِلا على الشاطيء الشرقي من الخليج(الجانب الأيراني) لأن البحارة الأوربيون لايعرفون اِلا القليل
عن الشواطيء الغربية والسفن العربية التى تسمى بلغة البلاد جدايات(كذا لعله يقصد الجلابيت) عبارة عن زوارق لها صاري واحد وحمولتها من مئتين اِلى ثلاثمئة طن يستخدم فى صيد اللؤلؤ فى البحرين والزبارة والقطيف والقرين نحو(700) زورق تنصرف كلها اِلى هذا العمل وهذه التجارة وحدها مقابل ربح سنوي يبلغ(مليوناً ونصف المليون)من القروش وعدد سكان هذه الأمكنة يقدر بستين الف نسمة معظمهم من المسلمين الذين يراعون شعائر الدين ليس فى القطيف سوى عدد قليل من المساجد والاراضي المحيطة عبارة عن صحراء تتكون فى الغالب من رمال فقط وقد سافرت من القطيف اِلى الاِحساء التى تقع فى صحراء رملية وتبعد عن المكان الأول مايقارب رحلة سبعة أيام واِن الأحساء مدينة صغيرة ولكنها غنية بأبقارها الممتازة وكذلك الخيل فى هذه المدينة تمتاز بالجمال والسرعة الفائقة كانت الأحساء قبلاً تحت سيطرة(بني خالد) والمدينة نفسها ليست أكبر من القطيف وكل أعمالها الصناعية تقتصر كذلك على نوع من نسيج وبر الأبل وكثيراً ماتتعرض الأحساء اِلى نقص مياه الشرب اِذ ليس هناك نهر بالقرب منها ولأن السكان مضطرون اِلى تأمين هذه الحاجة من بعض الأًبار فقط التى تحتوى على ماء مستنقعي أما الرحلة من الأحساء اِلى الدرعية فهي ثمانية أيام أخرى والطريق كلها عبارة عن صحراء رملية لاتنبت فيها اِلابعض الأعشاب أحياناً والدرعية مدينة صغيرة ولكنها جميلة البناء على طراز عربي كما أن موقعها يجعل الأقامة فيها صحية تماماً وتحيط بالمدينة عدة تلال مزروعة وهناك(نهر صغير يروي المنطقة كلها)؟ (لعله رأى سيلان الوادي فى موسم الأمطار فحسبه نهراً)ويكمل قائلاً:ويمكن أن نجد هنا بعض الفواكه مثل العنب والتين وغير ذلك اِلاأن هذه الفواكه جميعها حسبما علمت تلتهم من السكان قبل أن تنضج والمسلمون القاطنون فى هذه النواحي بسطاء جداً ولكنهم من جهة ثانية كرماء تجاه الضيوف ويوجد هنا عدد كبير من الأغنام اكثرها بلون أسود وتتصف بطول صوفها واذانها ولها لحم ممتاز أما الخيل المحلية فاِنها رخيصة جداً وهى من أجمل نوع فى جزيرة العرب حينما كنت فى الدرعية كان اِسم شيخها هو(عبدالعزيز بن سعود) أستشهد عام 1803م1218هـ وهووالد الشيخ الحالي(أي الأمام سعود الكبير) وكان والده (يعني الأمام محمد بن سعود)هو الذي أسس الدولة الجديدة وأقتصر عبدالعزيز على توسيعها وكان عبدالعزيز يبلغ الستين من العمر تقريباً وهو رجل طويل نحيف ويعتبر مثقفاً جداً وكانت أسرته تتألف حسب المعلومات التي وصلتني من(80) نسمة وكانت جنوده اِذذاك مائة ألف رجل ولكن بما أن (الظفير وعنزة وبنى خالد) وغيرها من القبائل أصبحت الأًن تحت سيطرته فأعتقد أنني لاأخطيء اِذا حددت عدد جنوده أوبالأحرى عدد الرعايا الذي يجب عليهم حمل السلاح اِمتثالاً لأوامره بما لايقل عن (200)ألف وليس فى المدينة يهود أوأمة أخرى غير المسلمين وقد أقمت فى الدرعية مدة أسبوع تقريباً ثم بعد اِقامة فى القطيف عدت اِلى القرين)اِلى هنا تنتهي رسالة(رينود)أما الدكتور(سيتزن) ومحاولاته للقيام برحلة للجزيرة العربية فتلك رواية أخرى لها وقت أَخر
(مجلة المختلف119يونيو2001م)
(ودمتم سالمين)
التعديل الأخير تم بواسطة ابو مشاري الرفدي ; 10-06-2010 الساعة 02:42 PM
|