بسم الله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد:
فقد ذكر أبوالمنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي (ت 204هـ) في كتابه: (جمهرة النسب)؛ في سياق حديثه عن بني قِرار (بكسر القاف) من بني يقدم بن عنزة بن أسد (انظر المخطط المرفق), وجود صحراء في الكوفة تنسب لهم:
يقول: (... وولد طريف: الأوس, وحرباً, ومالكاً, وسطيحاً.
منهم قِرار, وعِرار ابنا ثعلبة بن مالك بن حرب [قلت: في الأصل مالك بن الحارث بدل حرب وهو خطأ, والصواب ما ذكرته, نقلاً عن نص لابن الكلبي نفسه, نقله البلاذري, وسيأتي بعد قليل], وأمهما مارية بنت الجعيد من عبد القيس, بالكوفة صحراء بني قِرار).
جمهرة النسب لابن الكلبي الجزء الثاني صفحة 342
دار اليقظة العربية
الطبعةالثانية
تحقيق محمود فردوس العظم
وذكر البلاذري في: (فتوح البلدان)؛ في سياق حديثه عن تمصير الكوفة ما نصه:
(قال هشام بن محمد بن السائب الكلبي: (... وصحراء بني قِرار نسبت إلى بني قِرار بن ثعلبة بن مالك بن حرب بن طريف بن النمر بن يقدم بن عنزة بن أسد بن نزار)).
وذكر صاحب (توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة وأنسابهم, وألقابهم, وكناهم) ما نصه:
(القِراري بكسر القاف نسبة إلى قِرار بن ثعلبة بن مالك من بني عنزة بن أسد بن ربيعة وإلى ولده تنسب صحراء بني قرار بالكوفة).
وبنو قِرار هم أقرباء للشاعرين الشهيرين: رشيد بن رميض العنزي, وأوس, حيث يلتقي الجميع في النمر بن يقدم بن عنزة بن أسد (أنظر المخطط المرفق).
والملاحظ مما سبق, انه وعلى الرغم من تمصير الامصار وإنشاء الحواضر في العصر الراشدي, وسكناها من قبل الكثير من القبائل, ومنها - كما ذكر المؤرخون - قبيلة عنزة؛ فقد حافظت قبيلة عنزة على بداوتها وارتباطها بالصحراء, حتى سميت باسم بعض أبنائها.
يقول النسابة والأديب الكبير عبد الله بن عبار: (... قبيلة عنزة من قبائل ربيعة التي احتفظت باسمها القديم وأصالتها العنزية وبقيت على بداوتها...).
أصدق الدلائل في أنساب بني وائل, صفحة 173
الطبعة السابعة.
ويقول المستشرق أوبنهايم: (... بقيت عنزة وفية لطريقة حياتها البدوية...)
البدو, الجزء الأول, صفحة 122
دار الوراق
الطبعة الأولى
تحقيق ماجد شبر
قلت: وهذا الأمر, أعني محافظة عنزة على بداوتها, وعدم الاستغراق في التحضر كان له - بفضل الله - دور كبير في بقائها منذ الجاهلية وحتى عصرنا الحالي, بخلاف العديد من القبائل الأخرى؛ حيث يذكر علماء التاريخ والاجتماع أن من اكبر أسباب انهيار الأمم والحضارات, وتفككها واندثارها, هو الاستغراق في حياة التحضر والدعة والخمول والترف والتنعم بالملذات, وترك الخشونة.
ختاماً:
هذه دعوة مني - على خلاف التيار السائد - للخشونة, والتمسك بالقيم والعادات البدوية الأصيلة التي لا تخالف الشرع الإسلامي العظيم, وتعليمها وغرسها في الناشئة, وأما ما خالف منها الشرع فلا يعمل به, ولكن يبقى مذكوراً متوارثاً معلوماً - ولو على نطاق ضيق - , وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتذاكرون ما كان في الجاهلية, ولم يذكر أن أحداً أنكر ذلك.
والله أعلم.
وتقبلوا تحياتي.
أخوكم: أبو عمر أحمد الذيب الحبلاني العنزي.