كيف اكتشف العزيزي سرقة أبي ماضي لقصيدة محمد الدسم؟
المصدر:
الثلاثاء19جمادى الأولى 1428هـ - 5يونيو 2007م - العدد 14225
كيف اكتشف العزيزي سرقة أبي ماضي لقصيدة محمد الدسم؟
أبو ماضي غير قصيدة الدسم من الشعبي إلى الفصيح
عبدالله الزامل
بقلم: صلاح الزامل
لعل من المؤكد أن الشعر الشعبي على مراحل عصوره قد قرأ شعراؤه الذين يقرأونه فيهم وعلى الأقل من سمع قصائد الشعر العربي الفصيح وحاكوه في قصائدهم وتأثروا بالشعر العربي ونجد هذا ظاهراً في أشعارهم كالشاعر الشهير ومحسن الهزاني والشاعر محمد بن لعبون والشاعر محمد القاضي هؤلاء أجزم أنهم قرأوا الشعر العربي الفصيح فالاقتباس أمر وارد لدى بعض شعراء الشعبي كما فعل ومحسن الهزاني حينما اقتبس بيت امرئ القيس في وصف فرسه،
مكر مفر مقبل مدبر معاً.
كجلمود صخر حطه السيل من عال
إذاً فشعراء الشعبي قد أخذوا من الشعر العربي الفصيح وليس كلهم كما قلت ولكن على الأقل سكان المدن والقرى فتوارد الخواطر في المعاني فهذا بحر لا يمكن الإحاطة به وقد ألفت في ذلك مؤلفات ولعل من أشهرها كتاب: ضوء على الأدب الشعبي للرائد الأديب عبدالله بن علي الزامل ت 1407ه رحمه الله تعالى.
في سنة 1956م - 1375ه أصدر علاّمة الأردن وأديبها اللغوي روكس بن زايد العزيزي ت 1425ه كتاباً بعنوان "فريسة أبي ماضي" والعنوان واضح جداً لا غموض فيه فهو يعني الشاعر المهجري اللبناني المشهور ذائع الصيت في الوطن العربي إيليا ابي ماضي ت 1377ه وفريسة من الافتراس فكأن أبو ماضي انقض على فريسة له وأكلها وقضى عليها وصوّره هنا العزيزي بأنه وحش كاسر لم يبق ولم يذر من هذه الفريسة شيئاً لمن بعده. لكن ما هذه الفريسة، هل هي فريسة حقيقية افترسها أبو ماضي وما أكثر الفرائس من الحيوان ومن الإنسان أكثر!! فالمفترسون كثير من الإنسان وضحايا وفرائسهم على مدى التاريخ لا يحصون ولا يعدون والأستاذ الأديب روكس يقصد افتراساً معنوياً فبحثه هذا الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية في أوائل الخمسينات الميلادية والسبعينات الهجرية حينما أذاع بحثه هذا في إذاعة الشرق الأدنى قبل نشره في كتابه هذا ونشر بحثه كذلك هذا النفيس في جريدة السائح الشهيرة في تاريخ 7آذار سنة 1955م لكن ما هو هذا الذي اكتشفه الأديب روكس؟ وما هي الفريسة التي افترسها أبو ماضي؟ في هذا الكتاب يكشف لنا الأديب العزيزي عن سرقة أو إغارة من الشاعر المهجري المشهور أبو ماضي على قصيدة شعبية لشاعر من شعراء عنزة يدعى الرميثي واسمه كما يذكر العزيزي علي الرميثي الفدعاني العنزي لكن الأستاذ والراوية المعروف عبدالله بن عبّار العنزي يرى ان اسمه محمد بن حسين الدسم والأستاذ عبدالله بن عبار قد التقى بأبناء محمد وهما عودة وعطا الله. وقد استقر عودة بالأردن وعطا الله استقر بحفر الباطن وتوفي فيها كما حدثني بذلك هاتفياً ابن عبار ولعلنا نستعرض حياة هذا الشاعر الفحل في أعداد قادمة ومحمد بن حسين الدسم العنزي هذا عمّر طويلاً فقد توفي وعمره المائة سنة وتوفي في حدود 1360ه تقريباً كما حدثني عبدالله بن عبّار وفقه الله. وأما كيف اكتشف العزيزي هذه السرقة من ايليا ابو ماضي فهو عندما قارن بين القصيدتين الشعبية والفصيحة فبالمقارنة وجد ان ابي ماضي قد غيّر ألفاظ القصيدة واستبدلها بألفاظ فصيحة فهي سرقة واضحة مكشوفة فقصيدة أبي ماضي هذه الفصيحة هي من أشهر قصائده وهي قصيدة الطين ومنها:
يا أخي لا تمل بوجهك عني
ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
أنت لا تأكل النضار إذا جعت
ولا تشرب الجمان المنضد
وسميت هذه القصيدة بقصيدة الطين لأن الشاعر ايليا أبو ماضي أورد في قصيدته هذه أصل الإنسان الأول وهو آدم عليه السلام حيث يقول أبو ماضي:
نسي الطين ساعة انه طين
حقير فصال تيها وعربد
وكسا النحز جسمه فتباهى
وحوى المال كيسه فتمرد
ولننظر كيف قارن الأديب روكس العزيزي قصيدة محمد الدسم العنزي رحمه الله وقصيدة ايليا أبو ماضي ووجه المقارنة بين القصيدتين فكلا القصيدتين على نسق معين واحد الفارق انه قصيدة الدسم شعبية وقصيدة أبي ماضي فصيحة.
يقول الرميثي في قصيدته هذه الشعبية:
يا أخوي ما احنا فحمة بهاسني
ولا أنت شمساً تلهب الدو بغياه
يأتي أبو ماضي ويصيغ هذا البيت بعبارات فصيحة قائلاً:
يا أخي لا تمل بوجهك عني
ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
الشاعر الرميثي العنزي أشار إلى أنه لا بقاء ولا خلود للإنسان في هذه الدنيا فمادام ذلك كذلك فما هي فائدة المال أنت أيها الإنسان لن تأكل الذهب حينما يهجم عليك الموت بغتة يقول أبو ماضي في هذا المعنى بقالب فصيح رائع وجذاب:
أنت لا تأكل النضار إذا جعت
ولا تشرب الجمان المنضد
يقول: الرميثي رحمه الله تعالى مخاطباً ابن عمه:
المنوه اللي بضميرك تلوى
لي مثلها يا شين بالقلب تهواه
نحلم حلو ما حلوة يوم نرضى
وتمر يوم السعد ما بان ما طاه
الشاعر ابو ماضي عبر عن هذين البيتين:
بأربعة أبيات في سبك جيد قائلاً:
لك في عالم النهار أماني
ورؤى والظلام فوقك ممتد
وبقلبي كما بقلبك
أحلام حسان فانه غير جمد
أأماني كلها للتلاشي
وأمانيك للخلود المؤكد؟
لا فهذي وتلك تأتي وتمضي
كذويها وأي شيء يؤبد؟
طبعاً كما هو معروف فإن الشاعر الرميثي المعروف بالرسم في قصيدته يخاطب شخصاً معيناً وهو ابن عمه وأما ابو ماضي الشاعر المهجري فهو يخاطب عموم الناس.
ويستمر الأستاذ الأديب روكس العزيزي في التحليل والمقارنة بين القصيدتين ومن هذه المقارنات نختار كذلك هذه الأبيات يقول: محمد الدسم العنزي رحمه الله.
يوم الرماح تناوشك ليه تلوى
والترف يوم يفارقك ليه تشهاه
يأتي ابو ماضي بمثل هذا البيت قائلاً:
واذا راعك الحبيب بهجر
ودعتك الذكرى ألا تتوجد
قلت هذه المقارنة إشارات وليست صريحة في التقاط المعنى من الشاعر الدسم العنزي رحمه الله.
ويقول ايضاً الدسم معبراً قال الانسان الى التراب:
كليتنا للترب نمشي ونحيا
لا توهمك يا الضبع نفسك بمشهاه
أما أبو ماضي فيقول:
أنت مثلي من الثرى وإليه
فلماذا يا صاحبي النيه والصد؟
ثم يقول: العزيزي ان الشاعر الرميثي "محمد الدسم"
يقول بيتاً في منتهى الروعة:
هذا القمر والشمس والنجم تعلى
ومخمو مسك مثل الخرابيش تنصاه
يشرح العزيزي هذا البيت ويقول:
هاهو ذا القمر وهاهي ذه الشمس وهاهي ذه النجوم ترتفع متعالية في قبة السماء تزور بيوت الشعر الحقيرة "الخرابيش" كما تزور بيتك الفخم ذا الأعمدة الخمسة
أخذ ابوماضي هذا المعنى وقال:
النجوم التي تراها اراها
حين تخص وعندما تتوقد
قمر واعد يطل علينا
وعلى الكوخ والبناء الموطد
ألك القصر دونه الحرس الشا
كي ومن حوله الجدار المشيد
وهكذا نجد ان العلامة العزيزي قد أبان وأظهر هذه المقارنة بين القصيدتين ونشرها في الصحافة وأيدها نخبة من الأدباء في العراق والشام ومصر ولعل من أشهرهم الأديب اللبناني ما ورد من عبود حيث قال: تكون تكون قصيدة ابي ماضي طبق الأصل ولا فرق بينها وبين قصيدة الرميثي "الدسم" ثم قال: مارون عبود وأنك لتعجب اذا يعارض العزيزي كل بيت بآخره مثله حتى تردد قول الشاعر:
ولو كان سهماً واحداً لا تقيته
ولكنه سهم وثان وثالث
جريدة السائح علقت بمقال طويل على مقال مارون عبود نقتطف منه بعض السطور. يقول محرر جريدة السائح اللبنانية وان قصيدة الرميثي التي اكتشف الأستاذ العزيزي ان ايليا ابي ماضي أغار على معانيها وسرق منها الكثير فصاغ منه قصيدة الطين ليست كما ظن السارق غير متداولة فلقد سمعناها مراراً عديدة في ادارة هذه الجريدة منذ زهاء ثلاثة عقود من السنين وكان الذي رواها لنا وهو أشد الناس تعلقاً بها وأعجاباً ظاهر ابو ماضي والد ايليا ابو ماضي نفسه. وتذكر جريدة السائح ان ظاهر ابوماضي يعد احد الرواة لقصائد البادية في الشام والأردن. الشاعر ابو ماضي لما سمع او قرأ هذه المقارنات من العزيزي فقد سخر قلمه في جريدته التي تصدر بأمريكا للشتائم للعزيزي وأنكر هو وأنصاره وجود شاعر يدعى الرميثي. وقد جمع الأستاذ العزيزي جمعاً من الشهادات من البادية ومن رواة الشعر الشعبي بالأردن ترد على ابي ماضي انكاره لوجود الشاعر الرميثي "الدسم" وان الشاعر معروف ومشهور بين ابناء البادية وشيوخهم وقد حصن خمس شهادات تدفع حجة ابي ماضي وتعريه وتفضحه. ولذلك من يقرأ القصيدتين لا يجد شكاً في ابي ماضي قد قرأ قصيدة الدسم واستفاد منها ولو انه صرح بمعارضتها تقبل الناس منه وعذروه لكنه أخذ المعنى ولم يشر إلى هذا وأعتقد انه لن يكشف!!
المصدر: الرياض
الأحد 2جمادى الآخرة 1428هـ - 17يونيو 2007م - العدد 14237
ابن عبار: القصيدة التي اقتبس منها ابوماضي ليست للدسم
المكرم المشرف على صفحة (خزامى الصحارى) السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
أطلعت على ما كتبه الأخ الفاضل صلاح الزامل حفظه الله ورعاه وسدد خطاه في صحيفة "الرياض" الغراء الصفحة الثلاثون، الصادرة في يوم الثلاثاء التاسع عشر من شهر جمادي الأولى وأشكركم على العناية بالتراث وبخصوص الموضوع المنشور بتلك الصفحة بعنوان (أبو ماضي غير قصيدة الدسم من الشعر الشعبي إلى الفصيح) والتي سبق وأن نشرها الأديب الأردني الراحل روكس ابن زايد العزيزي من أهل مدينة مأدبا غرب عمان أفيدك أن هذا الرجل له عدد من المؤلفات وله عناية فائقة في تراث البادية ولكنه قد نقل من أشخاص ينتحلون القصائد والقصص فيد عون بأنها من نظمهم وقد أطلعت على كتابه الجزء الثاني من معلمة التراث الأردني ووجدت فيها أكثر من عشرين قصيدة منسوبة لغير أصحابها ونشرت تعقيب في صحيفة الجزيرة المسائية عام 1405ه المرفق صورة وقابلت الرجل في عمان عام 1406ه وسلمته الرد ثم أنه بعث لي خطاباً يعتذر ويعد بالتصويب في إعادة طباعة كتابه مؤرخ في 1406/6/29ه المرفق صورته أما القصيدة الواردة في موضوع إيليا أبو ماضي والمنشورة في الصفحة المشار إليها فهي لرجل اسمه على الرميثي ذكر العزيزي أنه من الفدعان وهناك فخذ الرمث من ضنا لحيدة من الخرصة من ضنا ماجد من الفدعان ولكني لا أعرف هذا الرجل ولا أدري هل نسبته (الرميثي) إلى فخذ الرمث أو نسبة إلى مدينة الرمثا الأردنية وإذا كان فدعاني فهو قد عاش خارج القبيلة وكان تعقيبي على المذكور هو أنه نسب قصيدة محمد بن حسين الدسم الدوامي من قبيلة السبعة إلى علي الرميثي أما القصيدة التي اقتبس معانيها إيليا أبو ماضي فهي لست للدسم البتة وقد تكون للرميثي أما قصيدة الدسم التي عقبت عليها فهي تسمى الشيخة وتبلغ ستين بيتاً حسب ما تلقيتها من أبناء الدسم شاكراً ومقدراً حرصكم على اظهار الحقيقة.
أخوكم عبدالله بن دهيمش العبار
الاخ مشعل العبار اشكرك جزيل الشكر ولاتوفي وانا اخوك..
الشاعر محمد الدسم شاعر لايشق له غبار ومعروف عند كبار السن ....
اتمنى اخوي مشعل انك تبحثلي عن قصيدة محمد الدسم كامله ... وهي موضوعها عن شارب الدخان ....
تقبل مروري العذب لشخصك الكريم اتمنى لك التوفيق....