جلست ذات ليله , أقلب الدفاتر وأعلق بقلمي على النوادر , كي أقيد الفوائد وأتصيد الفرائد , كما قال الشاعر :
العلم صيد والكتابة قيده
قيد صيودك بالحبال الواثقه
فمن الحماقه ان تصيد غزالة
وتتركها بين الخلائق طالقه
فبينما أنا على هذا الحال , حتى فاجئني رنين الجوال , ففتحت جوالي وسأل الرجل عن أحوالي , وقال : كيف حال الترباني ؟
فقلت : الحمد لله .
فقال المتصل : أنا خالد العنزي .
فقلت : بخ بخ نعم الحي عنزة .
فقال العنزي : أليس هذا حديث نبوي أخرجة الإمام البغوي .
قلت : نعم , وهو حديث ضعيف , تكلم فيه علماء الحديث , في سنده راوي من الضبط والحفظ خاوي .
فقال العنزي : يا ترباني , أريد أن اعرف رجلا لا يوجد مثل اسماء ابائة في الانساب .
قلت : نعم , هو مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن اتردل بن سرندل بن غرندل بن ماشك بن المستورد الأسدي .
فضحك العنزي وقال : كأنها رقعة طلاسم .
ثم قال العنزي : أتعبني عن جذيمة السؤال حتى قلت : الإجابة عنه محال , فما قصة هذا البيت :
وكنا كندامى جذيمة حقبة
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فمن هو جذيمة ؟ وما نسبه ؟
فقلت : عندي لك جواب يجلو صدأ الأذهان ويزهر بطلته نور البرهان .
فقال العنزي : تفضل يا ترباني , وانا لك سامع وبجوابك ان شاء الله قانع .
فقلت : اعلم رحمك الله , أن جذيمة هو ابن مالك بن تيم الأزدي , كان ملك ايام الطوائف , وهو أول من حذا النعال , وكان به برص , فكنت العرب عن البرص إعظاما له فقالت : جذيمة الوضاح .
أما هذا البيت :
وكنا كندمانى جذيمة حقبة
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فهي لمتمم بن نويرة يرثي اخاه مالك .
وقولة : كندمانى جذيمة : يضرب مثل في الألفه والمودة الصادقة .
وقصة هذا المثل هو : أن عمرو بن عدي اوفى على مالك وعقيل ابني فرج بن مالك بن كعب بن القيس من قضاعة , وقد نزلا منزلا , وهما متوجهان الى خاله جذيمة , ومعهما قينة يقال لها : أم عمرو , وهي تغنيهما وتسقيهما , فرأت عمرو وقد تلبد شعره وطالت أظفاره , وساءت حاله , فاحتقرته فرمت اليه بكراع من طعامها وناولتهما وأوكأت زقها ولم تناول عمرو شيئا , فقال عمرو :
صددت الكأس عنا أم عمرو
وكأن الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة أم عمرو
بصاحبك الذي لا تصبحينا
فما شرب الشراب كمثل عمرو
وما نال المكارم فاصبحينا
فإلا تنكري عمرا فإني
أنا ابن عدي حقا فاعرفينا
وخالي لا ابالك ذو المعالي
جذيمة كيف ويحك تنكرينا !
فقالا له : من أنت يا فتى ؟ فقال : أنا عمرو بن عدي , فضماه اليهما وغسلا رأسه وأخذا من شعره وقلما أظفاره , والبساه بعض الثياب , وقالا : ما كنا نهدي جذيمة انفس من ابن اخته , ثم وردا به على جذيمة فسر به سرورا شديدا , وقال لهما جذيمة : تمنيا , فسألاه ان يكونا نديميه ماعاش , فنادماه أربعين سنة .
فضرب بهما المثل في الألفة والمودة الصادقة .
وأبيات متمم بن نويرة :
وكنا كندمانى جذيمة حقبة
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
تمثلت بهما عائشة ـ رضي الله عنها ـ عند قبر أخيها عبدالرحمن .
فقال العنزي : والله ياترباني , لقد رأيت كلامك ليس فيه سقط , وعروسا بغير نقط , أعجبني ردك العجيب وقد جمع درر النسب والنسيب , فبارك الله فيك .
فقلت : يا عنزي , أسمع بجوالك صوت طقا طقا , شبيه بصوت القطا .
فضحك العنزي وقال : هذا صوت بطارية الجوال , لا تقدر على الحمل الثقال , وهي دائما على هذا الحال .
ماقصرت ياترباني ، فقد أثرت أشجاني ، وعرفت مقصدك الداني ، والحديث أخرجه الطبراني ، وله طريق ثاني ، صححه أبو بكر والزيداني ، والسجع ليس بآني آني ، وإنما بالمعنى وحرف المباني ، وعنزة ليس فخرها آني ، وليس بحديث الطبراني ، فقد ضجت بها الأكواني ، في الجاهلية وبعد القرآن ، ومسدد ومسرهد علماني ، فلاتعرض بقيمة الإنساني ، وعنزة بنت أسد العدناني ، صحيحة النسب من زماني ، وأنت يا ابن ترباني ، بكري أو تغلبي أو غساني ، أم بقية جرهم أم ساساني ، تبقى قيمتك مثل إنساني ، ، وأنا بحر في آني الآني ، لايتكدر بصروف الحدثاني ، وللفرزدق جميل المعاني ، أم ... حيث تقابل البحراني ، فلسنا نسأل الترباني ، وباحثنا ابن عبار الفدعاني ، أم تريد شعراً أفناني ، فلساني سيف يماني ، شعبي أوفصيح عرباني ، فاتق من لاتعرف إنساني ، فقد يأتيك بماليس في الأذهاني ، وإن شئت ملأت الصفحات آني الآني ، من غير تكلف أو نسياني ، ومن غير تعب أوهذياني ...
بعد التحية والسلام ،، أصبح الحديث تفننّا في الكلام ،،
بلغة العرب والأعراب ،،، التي نزل بها كلام رب الأرباب ،، لا نقص فيها ولا استلاب
أما الأصل والنسب ،،، فقد طارت به العرب ،،، وتفاخرت به بسبب وبلا سبب ،،،
فجاء القرآن ،،، يحمله النبي العدنان ،،،،، الهاشمي الإنسان ،،،
به تساوت الأمم ،،، العرب والعجم
الأخ الباحث الترباتي شكراً لك على كل ما تكتب وقد شدني العنوان باسم ( مقامات عنزة ) ولكني قرأته وخرجت منه صفر اليدين حيث لم أجد عن عنزة شيء لذلك فأني تمنيت لو أن العنوان ( الجواب على تسائلات عنزي ) وقد تمتعت بالفن الذي ورد في ثنايا العبارات التي كتبت في مقالك وهو يحتوي على كلام شيّق من يقرأه كأنه يلعق عسلاً كما أن مجارات الأخوة الذين جاروا كلامك بكلام شيّق ولطيف فالله دركم جميعاً فقد أتحفتمونا بهذه العبارات الشيقة وليس لي تعليق لأنني لا أجيد فن الخطابة
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 11-23-2022 الساعة 06:44 PM