( قصة وقصيدة عمر أبا الخساير )
*- الفارس الشاعر عمر أبا الخساير البجيدي العنزي لجأ له أبن والي حلب التركي في عصر حكم الأتراك حيث أختطف من المحمل الشامي المتوجه للديار المقدسة وكان في صندوق مفتوح على جنب الجمل ويعادله ملابسه فشاهده أعرابي وتسلل حتى حانت الفرصة ليلاً فخطف الجمل الذي عليه أبن الوالي دون علم حراسة المحمل وذهب به بعيداً وكان هذا الفتى نائم لا يعلم بما حل به ثم أن الأعرابي أناخ الجمل وفتش حمولته ووجد الصناديق بها رجل وملابسه فما كان من الأعرابي الا أن أخذ الجمل وترك أبن الوالي قرب منازل عنزة ومن حسن حظه صار عند الفارس عمر أبا الخساير البجيدي وهو لا يعلم أنه أبن الوالي وبقي عنده معزز ومكرّم حتى أخبره أنه أبن والي حلب وأبلغه بقصته وطلب منه أن يوصله إلى والده في مدينة حلب فجهّز عمر قافلة من جماعته لمرافقته لحماية هذا الرجل الغريب وذهب متوجهاً إلى حلب وفي أثناء مسيرهم كان عمر أجهد نفسه في المسير ولم يرقد طيلة هذه المدة خشية أن يجري لأبن الوالي مكروه فسمع أحد الرجال يتضجر وتلفظ الرجل بكلمة أغضبت عمر فقال :
سميـت بالرحمـن وأدنـيـت فاطـري *** مـأمـونـة مـن قـاطـعـات الخـرايـم
طـويـلـت ملـز الفخـذ نـابـيـة الـقـرا *** تصبـر إلـى هبـت عـلينـا السمايـم
وردتـهـا بــرقـع وأنـا جـاهــل بـــه *** مـا هـي دلالـه مـار أوهـم وهـايــم
وردتـهـا بـيـن الـقـريـتـيـن وتـدمـر *** بـديـار غـرب مـا تعـرف الفـهـايـم
وجزعت أنا من كلمـة قالها الـردي *** يقـولهـا الـلي مـا يـداري الظـلايـم
يـقـولـهـا الـلي مـنـزلـه يـتـقي بنـا *** لا حـلـت الـبـلـوى سريـع الهـزايـم
أنـا الـلـي وديــت الـغــريــب بـلاده *** وأصبـر عـلى جـل الأمور العظايـم
تسعـيـن مـع تسعـيـن زرٍ زهـابـنـا *** مـن خـوف نـورث للتـوالـي لـوايـم
عشـريـن لـيـلـه والمطـايـا نحثـهـا *** يـوم الردي عـن واجبـه بـات نايـم
النـوم ساس اللوم لـو يدري الفـتى *** ريـف العـذارى والـرجـال الهلايـم
واللي يدور الهون والكـن والـذرى *** يـمـوت مـا حـاشت يـديـه الغـنايـم
وقال مريبد العدواني هذه القصيدة يوصف الحال السائدة في عصره فيقول
الـلـه مــن قــلـب تــزايــد عــذابــه *** والعين عيت تـقبـل النـوم واتريـح
يا الـلـه طلبـتـك يا سـريـع الأجـابـه *** تـفتـح لـنـا بـاب الفـرج بالمفاتيـح
يـا الـلـه بـرزق وأنـت فـتـّاح بـابـه *** يـا خالـق قـوت الـبـدو والـفـلاليـح
الـنـوم سـاس الـلـوم بـان الـردابـه *** وعين تبي الطولات نومه شلافيح
والـلي يـدور الفـود يتـعـب اركابـه *** والرزق بطراف الخطا ياأهل الفيح
الـذيـب مـا يـرقـد ورزقـه نـهـابــه *** يبحث عن الغـرات حول المصاليح
يحمـد مصابيح السرى من سرابـه *** باللـيـل الأظـلـم والنعـايـم مـدابيـح
تـغـاروا الـمـرقـاب مـثـل الـذيـابــه *** وتـقـابـلـوا مـثـل الحـرار المفاليـح
وأنـا على اللي يوم ساجن احقـابـه *** تـشـدا قـطـاة وردوهـا الجـواويـح
قـالـوا هـذيـك الـبـل تسلـل حـرابـه *** وقـالـوا جنبهـا عاشقين الطماميـح
الـلـه يـلـوم الـلـي بـخـالـه خـنـابـه *** لا جت هروج القـوم عنها تصافيح
يـوم أنطلق مثل الرعد من سحابـه *** بكفـوف كوخـان العـيـون الذوابيح
مـن كـل مـسـلـوب يـؤكـد صـوابـه *** بصمع الفـرنج موميـات المطاويح
كـثـرت منـاجيهـم وصـارت طلابـه *** وجـنـك كمـا ذودٍ لحوضه مراويـح
ثــوّر عـقـيـد الـقــوم ثــم عــدابــه *** لهم عـلى عوص النجايب مشاويح
في عام 1400هـ كنت أحرر صفحة آداب البادية وهي صفحة أسبوعية في جريدة اليوم وكان من الشعراء الذين يهتمون بالشعر الشعبي شاعر كان يكتب بأسم مستعار ( فتى رحيمة ) وقد ارسل لي رسالة يسأل عن أبيات يقول أن والده يكررأبيات عندما ييقضه للصلاة وهو لا يدري لمن تكون الأبيات والأبيات هي :
النوم ساس اللوم لو يدري الفتى *** ريف العذارى والرجال الهلايم
واللي يدور الهون والكن والذرى *** يموت مـا حاشت يـديـه الغنايـم
والأبيات الأخرى :
النوم ساس اللوم بان الـردابـه *** وعيت تبي الطـولات نـومـه شلافـيـح
واللي يدور الفود يتعب ركابـه *** والرزق بطـراف الخطا يا أهـل الفيح
وكان لي شرف البحث عن هذين القصيدتين فحصلت عليهن بالمشافهة من الراوي لطيّف بن عويدات البجيدي رحمه الله فنشرت القصيدتان ومن ثم تحاصيت على شعر الرجلين ونشرته بقطوف الأزهار