(بحث في قصة وقصيدة)
ومن القصص والقصائد التي اختلفت الرواة بنسبتها هذه القصة والقصيدة فقد نسبت لعدة رجال ولم يجد الباحث اليقين القاطع لينسب القصيدة والقصة لصاحبها الحقيقي وقد أخذت بأرجح الروايات مع التنويه عن أقوال الرواة وهذه القصيدة أوردها خالد الحاتم في مؤلفه خيار ما يلتقط من شعـر النبط ونسبها للشيخ مشعان بن مغيلث الهذال ونسبها غيره ممن كتب هذه القصيدة للشيخ مشعان وكذلك معظم الرواة ينسبها للشيخ مشعان ولكن رواة الحبلان يقولون أن هذه القصيدة للشاعـر سميحان بن حويكم بن سحيم الحبلاني وبعض الرواة ينسبها للفارس مسلط بن فالح ابن عدينان الملقب (الرعوجي) وحيث أن هذه القصيدة لها قصة تتناقلها الرواة في المجالس ومفادها أن صاحب هذه القصيدةى أراد والده أن يزوجه فقال له أختر من بنات الحمائل من ترغب الزواج منها لكي نقوم بأجراء اللازم حيال ذلك فرفض الفتى قبول أحد من بنات الحي فغضب عليه والده وقال له ( أتريد أن ازوجك أبنت ابن فلان ) وكان الرجل الذي اسماه شيخ لأحد القبائل المعادية لقبيلة الشاب وليس بينهم صلة فما كان من الرجل إلا أن عقد العزم على التخفي والذهاب إلى الشيخ المذكور لعله يحظى ببغيته فتنكر ولبس لباس الرعاة وقدم على شيخ القبيلة والد الفتاة وأدعي أنه يرغب البحث عن مصدر رزق فقال شيخ القبيلة إذا ترغب أن تكون ( حشاش ) أي تجمع الحشائش للخيل وتعلفها فرضي بذلك لكي يكون بالقرب من هذه الفتاة وبقي على هذا الحال حتى جاء في ذات ليلة من جمع الحشائش وكان قد لحق به الظمأ وأخذ منه كل مأخذ ويقال أن هذه الفتاة قد شاهدت الشاب اصبح عندها أحساس أن هذا الفتى اليافع الجميل الذي يبدوا عليه أثر العـز والشرف لا يمكن أن يكون صاحب هذه المهنة فأرادت أن تختبره فوضعـت القربـة أمام خبائها وعندما جاء يريد أن يشرب من ماء القربة رأى القربة قـرب الخباء فتراجع وقد سمع دق النجـر عند أحد جيران الشيخ ويدعى أبن مهاوش فتوجه له وتقهوى وشرب ماء ثم عاد إلى بيت الشيخ وتناول الربابة وعزف عليها قصيدته المعروفة وكانت الفتاة تسمع فتأكد لها أن هذا الفتى من بيت رفيع وعندما جاء الصباح وأستيقظ والدها الشيخ سألتـه عن أوصاف الإبل والمولى الوارد ذكرهما في القصيدة فقال تلك أبل أبن هذال وذاك مولاه فقالت إذاً الفتى الذي يعمل عندك حشاش هو أبن هذال وأخبرته بالقصيدة ولكنـه لم يعير قولها اهتمام وكان يتحيّن فرصة معركة لكي يبرز شجاعتـه ويفصح عن شخصيتـه لعله يفوز بضالته وفي ذات يوم أنكبت على قوم الشيخ غارة من قبيلة أخرى فساقت الإبـل وكانت فرصة عندما لحقوا أصحاب الإبل ولم يفلحوا في فكاكها فما كان من الرجل إلا أن ركب جواد أصيل وتقلد بسيف ولحق بالقوم فقتل منهم وقلع من خيلهم ورد الإبل ثم أنـه جمع أعنـه الخيل وسروجها ووضعهن في كهف وسد عليهن بالصخور وكذلك غمس يده في دم فرس قـتلت في المعركة ثم وضع كفه على كل فرس بحيث يكون مقاس الكف من بصمة الدم شاهد له أنه هو الذي فك الإبل وقلع الخيل ثم عـاد وترك الإبل في مفلاها وكـأن لم يحصل شيء وعندما شاهد بعض رجال الحي الإبل ووجدوا الخيل اغاروا على الخيل فأخذ كل رجل منهم فرس وحضروا عند الشيخ وكل منهم يدعي أنه رد الإبل وكانت الفتاة قد ظنت أن الحشاش هو الذي ردها وعندما تعالت الأصوات وكثر الهرج والمرج تقدم الرجل وقال للشيخ أريد أن تسمح لي لأقول كلمة ؟ فقال قـل ؟ فقال ( أن الخيل لابد أن يكون لها أعنـه وسروج والذي فك الإبل وقلع الخيل من فرسانها عليه إحضار السروج والأعنة وهناك شاهد ودليل آخر وهو وجود كف من الدم على كل فرس فمن يكون له هذا الكف يا ترى ؟ فعرف الشيخ أن هذا الفتى لديه علم وقد طلب من الشيخ الذهاب معه إلى مكان وجود الأعنه والسروج ثم طلب من المدعين وضع أكفهم لمطابقة هذا الكف ولم ينطبق الا على فارس وثبت لدى الشيخ أن هذا الفتى هو الفارس المعروف وقد عظم قدره عنده وسأله عن أسباب تخفيه فشرح له قول والده وكيف أنه قال له كذا وكذا ثم زوجه ابنتـه وهكذا يقولون الرواة 0
أما الذين ينسبون القصة لسميحان بن حويكم بن سحيم فيقولون أنه كان له شأن وعنده أموال وخدم وحشم ثم مالت به الدنيا ولحقه فقر وفاقة فاشتغل في جمع الحشائش ثم قال قصيدته يتوجد على ماضيه ويتمنى الذود والصينية والمولى الوارد ذكرهم في القصيدة وهذه الرواية توجد عند رواة الحبلان فهم ينفون أن يكون مشعان قد أشتغل في جمع الحشائش علماً أن هذا العمل لا ينتقص من شأنه شي كونه لأجل غاية وقد تحققت أما الذين ينسبون هذه القصة والقصيدة للفارس مسلط الرعوجي فهم يستدلون بأن الرعوجي قد تزوج فعلاً من تلك القبيلة بالإضافة إلى كونه شاعـر وفارس وهذه القصيدة مدار الحديث كاملة بعد تلقفها من أفواه حفاظها بألإضافة إلى ما أورده خالد الحاتم وأني أرجح أن صاحب القصة والقصيدة هو مسلط بن فالح بن عدينان الرعوجي وليس مشعان ولا سميحان وهذه القصيدة الذي قالها :
كثر المنا حـّرق ضميري على ماش *** بالليل من كثـر الهواجيس مانـود
أبـي أتصبـر والظمأ يحـرق الجـاش *** ياما طواني وأيبسن يبست اقدود
المسعد اللي ما سرى الليل حشاش *** عقب الحيا يضرب على كل منقود
خـلا هـدوم القـز والجوخ واقمـاش *** ومجـالس تلـقـا بهـا الـزل ممـدود
مجـالس فـيهـا مـعـاميـل وافــراش *** وصينيـه يركض بها العبد مسعود
فـي ربـعـة يفـرح بـهـا كـل هـتـّاش *** ويزبن لها اللي من دناياه مضهود
وسـود تـلاوح بالغـنـا كـل مهبـاش *** من حمو لوح كفوفهـن صار يبّود
وقطعان تسرح عند لمات الأدبـاش *** صفـر ومغـاتـيـر ويبـرالهـن سـود
مرباعها الصمان تبعد عن الطـاش *** ومقيضها دخنـه إلى حصرم العود
وأنا على مثـل النداوي إلـى حـاش *** تنزع كما تنزع على الكـف بـارود
لمحلا وقـت الضحى قـول شوبـاش *** وقـامت تنـازى بالمناعيـر جلعـود
وثـار الكتـام وصـار للشلف هبّـاش *** والـذود قـفـا بالمساويق عـرجـود
من لا يروي شذرة السيف لا عاش *** عـليـه جـيـب مـورد الخـد مقـدود
يابن مهاوش كب حمسات الأدفاش *** مطعومها يـرث عـلى كبـدك لهـود
قـم سو فنجال ترى الراس منـداش *** ياشوق من قرنه بالأمتان مرجـود
دقـه بـنـجـر يسـمـعــه كـل طــراش *** حسه ولـو دقـيت بالهون بـه زود
وحطـه بـدلـت مـولع كنهـا الشـاش *** وإبهارهـا لا حـط مـا هـو بمعـدود
أن فـاح ريحت بنهـا وهيلها جـاش *** مـن الزباد أقنـه على شذرة العـود
كنه بعرض الصين ورس إلى ناش *** أو زعــفـران كـل مــا عـلـّـم ردود
صبه على الطيّب وعده عن اللاش *** الـلاش لا فـاقـد ولا هـو بـمـفـقـود
والمرجلة مـا كـل رجـل لهـا حـاش *** والـلي يريد الطيب ما هـو بمردود