[ ساجر الرفدي وقعود الحسنية]

غزا الشيخ ساجر الرفدي شيخ قبيلة السلقا من عنزة والشيخ دغيم بن هذال شقيق الشيخ عبدالمحسن بن هذال شيخ قبيلة عنزة ومعهم الشيخ فيصل بن دخيل شيخ المضيان وكان أكبرهم سناَ رحمهم الله جميعاَ ومعهم جمع كبير من العمارات يوماَ غزوة كسبوا من خلالها الكثير من الحلال والمتاعَ وبعد عودتهم من تلك الغزوة أخذوا بتقسيم الكسب والغنائم فيما بينهم بعد فرز نصيب العقادة للشيوخ وهي عادة قديمة ومتوارثة عند القبائل إلا أن الشيخ ساجر الرفدي رحمه الله كان لايلتزم بهذه القاعدة أي ما يُسمى بنصيب العقادة وهي أخذ نصيبه قبل الأَخرين بل كان يأخذ نصيبه من الكسب والغنائم كحال غيره من الأفراد والمقاتلين دون تميز عليهم وهذه من الخصال الحميدة التي حببت الكثير من المقاتلين والفرسان من شتى مختلف قبائل عنزة وغيرهم أن يحرصوا على متابعته في كثير من غزواته ومعاديه التي إشتهر بها, إلا أن خلافاَ وقع بين أحد رجال الحبلان أثناء توزيع وفرز الكسب وبين رجل من قبيلة الحسني حول قعود طيب كان من نصيب إمرأة أعطاها إياه هذا الرجل وهو أحد أقربائها وهي أرملة تدعى رومية الحسني تعول أبناء لها أيتام, والذي إدعىَ كلا الرجلين أحقيته به! فالحسني يقولون أن هذا القعود هو من جملة نصيب كسب قبيلة الحسني؟ وبالمقابل فإن الحبلان يدَعون عكس ذلك ويقولون بل القعود هو من نصيب كسب الحبلان! وتطور الخلاف فيما بينهم وتأزم الموقف خاصةَ بعد تدَخل الشيخ دغيم وإنحيازه لصالح الحبلان ومتبنياَ دعواهم! مما جعل الشيخ ساجر أن يقوم بالتدخل لحل هذه الأزمة وهذا الخلاف الذي نشب بين الفريقين وذلك رأباَ للصدع وحلاَ للنزاع بالتي هي أحسن, وبعد الكثير من الجدال والحوار بين الطرفين ثبت بشهادة الشهود من بعض الأطراف بأن القعود هو من نصيب قبيلة الحسني دون الحبلان؟ وانتهت القضية عند هذا الحد, وبعدها أخذت هذه الأرملة القعود وأرسلته الى مراعي ومفالي إبل الحسني هناك, ولكن يبدوا أن الشيخ دغيم لم يرضى بهذه النتيجة وهذا الحل! مما دفعه بعد عدة أيام بأن يوعز لأحد عبيده بأن يأخذ القعود قسراَ من المرعى وإرساله بعد ذلك مع إبله ويضع عليه وسم الجعيثن؟ عند ذلك هاج رجال الحسني والمضيان واجتمعوا في بيت الشيخ ساجر لتداول هذا الأمر والتطور الغير متوقع الذي أقدم عليه الشيخ دغيم واحتدم النقاش فيما بينهم وهنا حاول الشيخ ساجر بشتى الوسائل والطرق أن يجد حلاَ يرضي صاحبة القعود عارضاَ عليها أن تختار ماتشاء من إبله أو أياَ من إبل الشملان يكون عوضاَ عن قعودها الذي أخذه الشيخ دغيم, قائلاَ لهم ومبيناَ بأنه لايريد أن يقع خلاف أو إصطدام بينهم وبين أبناء عمومتهم من أجل قعود يمكن أن يعوض بغيره وأن المسألة لاتحتاج كل هذا التصعيد وهذا التوتر والإحتقان, وانقسم الفرقين بعدها بين موافقاَ لهذا الرأي وهم قلة وبين معارضاَ له ومطالباَ باسترداد القعود بالقوة كما أُخذ بالقوة وهم الأغلبية؟ معتبرين أن هذا الذي حصل هو مساساَ بكرامتهم وإهانة لهم قبل كل شيء! والغريب في الأمر أن الذي تزعم فريق المعارضة هو الشاعر سليمان اليمني؟ الذي أخذ يؤلب الناس على موقف الشيخ ساجر اتجاههم ويحثهم على أخذ القعود بالقوة مهما كان الثمن! عندها أسقط بيد الشيخ ساجر واحتار في الأمر ولم يجد حلاَ لهذه المشكلة التي لم يكن يتوقعها؟ فهو من جهة لايريد الخلاف مع أبناء عمومته من أجل قعود وفي نفس الوقت فهو أيضاَ لايريد أن يخسر جماعته أويغضبهم عليه؟ مما أعتبر وفُسرعلى أنه موقفاَ سلبياَ وفيه نوعاَ من المداهنة والتواني؟عندها رأى الفريق المعارض أن لابد من الرحيل والإبتعاد حتى تهدأ النفوس ويتداولون الأمر فيما بينهم بعيداَ عن التأثيرات والتدخلات المخالفة لرأيهم ويبدوا أن هذا الأبتعاد قد طال مما أثار قريحة الشيخ ساجر الرفدي وقال متوجداَ على فراق جماعته:
ياراكـبِ مـن عندنا فـوق مقــران = مافوقه إلا الخرج هو والسـفايـف
ياراكبـه وصــل سلامـي سليمـان = راعـي عـلـومِ للنشـامـا طـرايـــف
كـانـه نشــد عـن كيفـنا كيفـنا زان = يـامـا فـرقـنا مـن بـكـار وولايـــف
ياقلـب يالـلي بيــن جاذب وشطـان= أذوى كما زرعِ على الدرب هايـف
ماهو على المجمول مياح الأردان= مـن بعــدكـم يـامحمليــن الـكلايــف
وقد رد سليمان اليمني بهذه الأبيات مخالفة القافية:
ياراكب اللـي جفلـه شـوف ظله = مامون قطاع الفيافي عمانـي
لاجيت ساجر ذيب الأطراف قله = كانـه تـوانا مانـجي ِللأوانــي
مازول ِيِذكــْر تالـي الوسـم خله = رجالنا مـن عقبكم تقـل زانـي
هذا مااستطعت جمعه من هاتين القصيدتين وهما لاشك أطول من ذلك ولكن الحقيقة أننا لانعرف ماذا حصل بعد هذا الرحيل وماهي التطورات التي حدثت بعد ذلك؟ ويبدوا لي والله أعلم أن هذه القصة قد جرت مابين عام 1860م 1865م وهي من السنوات العصيبة والمليئة بالأحداث, وإن كنت أميل أن هذه هي سبب رحيل الشيخ ساجر عن الهذال وجواره للجربا في الجزيرة والتي لاتخلوا أيضاَ من أسباب أخرى ولكن يبدو أن هذه الحادثة هي القشة التي قصمت ظهر البعير؟ بدليل أن الشيخ عبدالمحسن الهذال هو من سعى بعد ذلك لإسترضاء الشيخ ساجر بشتى الوسائل بعد ان طالت غيبته عند الجربان والذي قام بهذه المهمة هو الشاعر هاني الدوامي السبيعي وكانت بإيعاز من الشيخ عبدالمحسن شخصياَ؟ وعندما حلَ الشاعر هاني الدوامي ضيفاَ عند عبالكريم الجربا القى هذه القصيدة:
هـجـرٍ تـحـدر يـوم سـاجـر عـثـابـه = والـيا طـلـب لـه حـاجـة مـا تـهـيـا ‏
راعـي البـويضـا مـا تـوني ركـابـه = أبـو رجـا عـيـا عـلى الطـيـب عـيـا ‏
سـاجـر تخـبـرونـه نـهـار الحـرابـه = وأولاد وايــل ضـدكـم مــن هـنــيـا ‏
خلـوا جـبـل حمـريـن لـجـت ذيـابـه = والصيف مـا يشبـه لـوبـل الـثـريـا
وفي رواية أخرى قيل أن المرسول هو سليمان اليمني نفسه! وبإيعاز من الشيخ دغيم الهذال ويستشهدون بقصيدة اليمني:
يابو رجا يالقرم عندي لكم شور = والشور مبطي بين مخطي وصايب
يبعدك عن زور تقل لون جرجور= قـبل الـغزو ياتـي نـذير الركـــــايب
لما حـلا المعبـار من عند منـجور= مطول شوشات الزعل والحــرايـب
نسكن من الشماَ ليا الخِر أبوزور= مرتـع لشرهـات الـبكـار العـــرايـب
يبرولك السلقا رجالِ تقـل ســـور= وخيلِ تجيـب الخيل معـها جنايــــب
ولاإنص ابن شعلان والعز مديور= ولايقطع النوهات كـــود الصلايــب
تلقا هـل العليا على الخيل صابور= عـدوهــم ينـهج على غـير طـــايب
أولاد عــبدالله مـع أولاد مشهــور= مـرويـن حـد مصـفحات القضايــب
والحقيقة أن قصيدة اليمني من حيث المعنى هي أكثر تفصيل وشرح وإيضاح إلا إنها لاتشير للأسباب التي قيلت من أجلها وبذلك فهي لاتعطي مبرراَ أوسبباَ مقنعاَ لحث الشيخ ساجر على الرحيل هكذا دون سبب؟ وواضح من البيت الأول للقصيدة أنها قيلت لإسباب اَخرى وأن المسألة كانت تتعلق بمشورة وإبداء رأي فيما بينهم لوجود حدثِ ما والله أعلم؟ فلو كان اليمني مرسولاَ من الشيخ دغيم فعلاَ لما ذكر في قصيدته البيت السادس أصلا َ! فهو في كلتا الحالتين سيخرج من مجاورة الجربا ويجاور بعدها الشعلان؟ وهذا مالايريده بالطبع الشيخ دغيم خصوصاَ وأن الأسباب لازالت قائمة؟ ولكن من باب الأمانة نقول أن الشطر الثاني من البيت الثالث يؤيد وبقوة رأي المستشهدين بهذه القصيدة كقوله [ مطول شوشات الزعل والحرايب] إذن فعلى خلاف هاتين الروايتين نقول أن الشاعر الدوامي هنا كان في منتهى الذكاء والفطنة فهو قد اصاب عصفورين بحجر واحد بهذه القصيدة الإستفزازية المتعمدة؟ فمن جهة أراد أن يستفز الشيخ هجر بن وتيد شيخ الفداغة من شمر والذي كان فيما يبدوا مقيماَ بجوارعبالكريم الجربا حتى يرى ردة فعله والتي سوف تكون هي السبب لرحيل الشيخ ساجر عن الجربا؟ وبالفعل نجحت الخطة فقد غضب الشيخ هجر من هذه القصيدة معتبرها تفضيلاَ للشيخ ساجرعند الشيخ عبالكريم الجربا مما أغضب الشيخ ساجر بدوره من ردة فعل عبالكريم الجربا عندما قال لهجر بن وتيد بأن ساجر هو عنزي وبإمكانه الرحيل وقت مايشاء ولكنك أنت شمري وابن عم؟ بينما نجد في رواية أخرى أن سليمان اليمني فيما بعد يذهب للشيخ عبالكريم الجربا وبنفس المهمة التي قام بها قبله الشاعرهاني الدوامي ولكن هذه المرة كانت لتحذير الشيخ دهام بن قعيشيش من مجاورة الجربا؟ ويقال أنها بإيعاز من الشيخ ساجر! يقول اليمني:
قـلـت آه لـو قـول آه يجـمع عمامـه = اللي وراء سنجار يسمع اعيـاطـي ‏
الـلـي مـقـادمـهـم رجـال الـنــدامــه = أهــل شـمـات وبـرعٍ بـالـغـلاطـــي
يـا حـيـف يا خطـو الغـلام الفـدامـه = ما ِيـْروحْ العـطبة وريح الشواطـي
يرعى كما يرعى الجمل من رمامه = ويبرك على النملـة وسيع الأباطـي‏
يـا دهـام يـا صيـاد فـرخ الـنـعـامـه = تـوكـر على دسم العـلف بالرباطـي
إلـى ضربـت الـراس تـنثـر عظامـه = يا مودع ريش الحبـاري شطـاطـي
يا دهـام دونـك مـرقـدي ذق منامـه = جـنــة نـعـيـم بـيـن شـط وشـاطــي ‏
عـنـد الشـيـوخ مـزوديـن الكـرامـه = لاهـبـت النـكـبـا بـليـالــي شبـاطــي
فرحان هـو فرحان ساس الشهامـه = وعبدالكريم أطيـب أساميه غـاطـي
والقصيدة أطول من ذلك, ولكن بالعودة للتقارير والوثائق البريطانية نجد أن هناك تقريراَ يقول أنه [ في 14 نيسان عام1862م أن قبيلة شمر بزعامة الشيخ عبد الكريم ومعه الشيخ دهام أحدمشايخ عنزة قديماً قد وصلوا إلى ضفاف الفرات وأنهم أخذوا يتقدمون نحو حلب] فهل هذا التقرير المذكور هو المقصود بالرواية التي جمعت الشيخ دهام القعيشيش بالشيخ عبالكريم الجربا!!

*هو الشيخ دغيم بن الحميدي بن عبالله بن هذال شقيق شيخ
مشائخ قبيلة عنزة عبدالمحسن الهذال .
*هوالشيخ فيصل بن وقيان بن دخيل بن قابس بن خنيف بن
سوي بن دغيم .
*هوسليمان اليمني من الخنفة من المضيان من قبيلة السلقا أحد
فحول شعراء عنزة لم أعثر له على ترجمة ولاحتى على اسمه
الكامل رغم شهرته الواسعة وجل مايعرف عنه أنه كان مقيماَ
وجماعته فى العراق وكانت أخبار الشيخ ساجر تصله عن
طريق الحجاج عندما كان الأخير في نجد وقد التقى معه في
وديان عنزة بعد خروج الأخير منتصف أربعينيات القرن التاسع
عشر .
*هوالشيخ دهام بن حمدان بن قعيشيش شيخ ضنا ماجد من
الفدعان توفى عام1870م .
*هوالشيخ عبالكريم بن صفوق بن فارس بن الحميدي الجربا أحد
أشهر مشائخ قبيلة شمر يكنى أبوخوذه لكرمه وجوده أعدم على
جسر الموصل في نوفمبرعام 1871م من قبل السلطات
العثمانية .

مشكور اخوي ابو مشاري

دمت بود

مشكوراخوي ابومشاري والله يعطيك العافيه بصراحه قصه تستحق ان تروى

الشكر موصول لك أخي سعد على المتابعة والمشاركة

تحياتي

الشاعرة بنت الربيلي أشكرك على المشاركة والمتابعة

تحياتي

شكرا ابو مشاري الرفدي ... لكن هل ساجر الرفدي كان بمنطقة القصيم ومتى سكن السلقا منطقة الشملي وما حولها ...