قيعي الشليمي من السعيد- من قبيلة الظفير،يقتني من الإبل المغاتير سلالة طيبة ولما كانت منازل إحدى القبائل مربعة استأذن أن ترعى إبله في مراعي هذه القبيلة حسب العادات والقوانين عند أهل البادية.
وفي أثناء ذلك حدث أن غزا الشيخ عبدالكريم الجربا هذه القبيلة كما يحدث بين القبائل أن ذاك فقد كانت الغزوات متبادلة بغرض الكسب وشاء الله أن ينتصر عبد الكريم الجربا ويستاق إبل هذه القبيلة ومن ضمنها إبل الشليمي.
أما الشليمي فقد أفاق على هول الكارثة التي حلت به فهو ليس طرفاً فيما حدث واحتار ماذا يفعل؟
وأخيراً هداه تفكيره إلى أن يطلب من ابن عمه محمد بن دهمان المساعدة وابن دهمان هذا شاعر معروف وقد ألح عليه أن يتصرف لإرجاع الإبل حاول ابن دهمان أن يعتذر لأسباب منها بعد المسافه بين قبيلتي شمر والظفير ووعورة الطريق المحفوفة بالخطر.
ولم ينفع الأعتذار فتوجها إلى عبد الكريم الجربا،وجداً بالسير حتى لاحت لهما منازل شمر.فقال قيعي: ماذا جهزت من القصيد؟...
يقصد في مدح عبدالكريم فأجاب ابن دهمان بهدؤ لا شيء! فأهتال قيعي، كيف لم يقل شيئاً وهو ما أتى به إلا لأنه شاعر وسوف يعيد إبله بشاعريته،فأجابه ابن دهمان إن الشعر عنده يأتي فجأة وشبهه بدبك حوافر الخيل على أرض ممطوره لتوه!..... كناية عن ارتجاله للقصيدة.
فلما وصلا فإذا هو بيت مهيب ومن حوله وداخله العديد من الرجال أقارب وضيوف وأهل حاجه وغيرهم .....
فقد كان مجلساً عامراً قد تدخله وتخرج منه فلا ينتبه لك أحد، فتبادلا النظرات يبحثان عن رأي واتفقا وهذا الرأي لمحمد بن دهمان أن يعقلا ركابهما بعيدا ويأتيا أمام المجلس فيفتعلان مشاجره والقصد أن يلفتا انتباه لوجودهما وحدث ما اتفقا عليه وبالفعل أثارا انتباه الشيخ عبد الكريم واستغرابه من رجلين غريبين يتشاجران أمام مجلسه فأمر بأحضارهما ولما سألهما عن أمرهما كان كل منهما يريد أن يتحدث قبل الآخر.
حتى أستطاع ابن دهمان أن يتحدث فكان أن ارتجل هذه القصيدة وكان في يد عبد الكريم الجربا سيفه. وهو مشدود مع القصيده لم يفطن الي سيفه وقد ارتخت عن قبضته فأنزلق إلى موقد النار أمامه فلاحظ أبن دهمان ذلك أثناء إلقاء القصيدة فأشار إليه في البيت الثالث عشرمن القصيدة..
يا راكبٍ من فوق قصرات الأوبار
فج النحور إليا انتوى كـل نـاوي
عيـرات منقيـات بالـدو هـدار
حمرٍ سمرهن من قعـود اللحـاوي
طفقات من مس المناجيـب عبـار
ياكن ينهش من قفاهن اضـراوي
ياما حلا بظهورهن مس الأكـوار
وعليهن اللـي يبعـدون الهقـاوي
في دربهم متعرضيـن للأخطـار
ناصيـن دار محرقيـن القهـاوي
مدن من الداير مـع فـج الأنـوار
والعصر بالخابور عشر النضاوي
أرقب رقيبتهن على رأس سنجـار
تطلع الجربـان بهكـا الحـراوي
أهل بيوتٍ كنهـا زمـت الطـار
كبار الصحون مزبنين الجـلاوي
بيوت المحمد مدهل الضيف والجار
وملجأ لمن كثرت عليه الشكـاوي
لازم يجي بالبيت هاتش وخطـار
وخلايق ما ينعـرف لـه لغـاوي
في ضف شيخٍ للمناعيـر جـرار
اللي طريحه مال لجرحه مـداوي
وادنى بالادنى كان للربع تختـار
عبدالكريـم إليـا بلتـك البـلاوي
شواي صنع الهند في مجحم النـار
من الزوم كنه من شفا البيـر داوي
مثوار شقحا بأول الـذود معطـار
تركض إليا سمعت تداويه المداوي
ما طاع بالقالات عمسين الأشـوار
رد السلف على الجهامة خـلاوي
يجيبـه اللـي لطوابيـر كـسـار
كان الشليمي للبويضـا رجـاوي
والله يبيض وجهكم عقب ما صار
ابيض من القطن العفر عند راوي
فلما انتهى من قصيدته صمت عبدالكريم ثم التفت إلى رجال قبيلته قائلاً: ماذا تقولون يا شمر؟
كان عبدالكريم قادر على اتخاذ القرار دون الرجوع إلى أفراد قبيلته لاكنها حكمة هذا الرجل العظيم وعبدالكريم لا يحتاج إلى مشورة يكفي أن نعرفه بلقب (( أبو خوذه)).
فكان هناك شيء واحد يبدو صعباً بعض الشيء فكيف تعاد هذه الأبل وقد توزعت على بيوت شمر، فهي كسب وجرت العادة أن يتقاسمونها على طريقة الأسهم.
هنا تحدث قيعي الشليمي وبين أن هذه المسألة سهله للغاية حيث طلب أن يقف على مكان مرتفع وينادي على أبله فما جاءته فهي له والتي لا تجيء فليست من أبله.
وعندما بداء (يدوه) حدث الموقف الذي يقال أنه أبكى الكثيرين من رجال شمر أبكاهم وفاء الحيوان في صورة نادرة قلما تحدث فعندما سمعت إبله صوته وهو ينادي كانت تخرج من بين البيوت وهي تتجه إليه من هنا ناقة ومن هناك أخرى وهكذا من كل الأنحاء حتى اجتمعت عنده،إلا ناقه واحدة كانت تمشي قليلاً ثم تقف لحظات وقد جاءته في النهاية إلا أنه اقسم أنها له لكن لم ينجبها فحل الإبل أصلاً
وهكذا أعادت قصيدة محمد بن دهمان أبل قيعي الشليمي كاملة بعد أن ردها عبدالكريم الجربا ولم يأخذ منها شيئاً أبداً رغم أنها كسب ولا لو عليه لو احتفظ بها ...