الأخ صفوق حياك الله وأشكرك على هذا التعليق فيبدوا أن مغازلتى لك فكرياَ لم تجدى نفعاَ فكم تمنيت أن يكون نقدك أكثر عمقاَ وأكثر تحليلاَ ومعالجة بدلاَ من هذه الملاحظات التى أبديتها دون تقديم أدلة أحسن منها ضبطاَ فالحكم يترتب على الواقع وليس على الظن فلايمكن تقديم مانظن به أو حتى الغالب على الظن والشك على الأمر المقطوع بصحته وثبوته تاريخياَ فجميع ماتقدم ذكره هو مبنى على وقائع وشواهد تاريخية هى برأيي أقرب للواقعية والحقيقة من غيرها وهذا أمراَ لاألزم به أحداَ؟ إنما هى إجتهادات وخواطر تحولت الى فكرة قد لاتشكك فى سلامة المنهج فكما يقال لاإجتهاد مع وجود النص فنحن هنا نجتهد وذلك لعدم وجود النصوص ولكل مجتهد نصيب فانا والحمد لله لست كغيرى مما ينطبق عليه قول المتنبى: ودع كل صوت غير صوتى- فأنا الطائرُالمحكي وغيرى الصدَى......
[quote=صفوق الدهمشي العنزي;44261]
بسم الله الرحمن الرحيم
موضوع يستحق النظر ، مع كون خاطري بدأ يعزب كثيراً عن المنتدى ؛ لبعض الظروف ، وأنا لا أقاوم رائحة الموضوعات التي فيها مجال للفكر ؛ لأن الحوار المرتقي إلى مستوى الجدل المثمر هو رياضتي الفكرية منذ مراحلي الأولى في التعليم حتى الدراسات العليا وممارسة التأليف بمختلف فنون الفكر ، وموضوع أبو مشاري غازلني فكرياً . لقد كانت قصص عنزة وتاريخها هي الغالبة على مجالس آباءنا وأجدادنا ، رغم انشغالهم بطلب الرزق . وليعلم المطلع على كلامي أن عين الناقد بصيرة ، وملاحظاتي حسب أصول البحث العلمي ، ومثل هذا الموضوع يجب الإكثار منه ؛ لأن كثيراً من الموضوعات لا تستحق النظر فيها .
ونلخص بعض الملاحظات :-
أولاً : عنوان البحث ليس صحيحاً ؛ لأن ( أو ) للتخيير بين أمرين ، وهو يريد ربط عنزة بالفرعين لحين معرفة الفرع المنحدرة منه عنزة الحالية ، وعليه لابد من الربط بالواو ، فيكون الصحيح ( عنزة بين جلان وهميم ) لأننا على صياغة أبو مشاري نقول لغة ( عنزة بين جلان وجلان ) أو ( عنزة بين هميم وهميم ) . بناء على المعنى الذي هو يريده وهو ربط عنزة بالفرعين فقط .
أقول: نعم هذا ماقصدته بالضبط وهو التخيير بين أمرين؟ فبناء على ماذكرته سابقاَ من شواهد وملامح تاريخية فالأمر لايعدوا بين أمرين أما بنى جلان أوبنى هميم؟ فلا أريد أن أترك القضية عائمة هكذا دون تحديد وإلا فهناك بنو هزان ومحارب وبنى الدول وجسر وطريف أما المعنى اللغوى (عنزة بين جلان وهميم) فلا أرانى أجهل ذلك؟ فقد وضعته عنواناَ أول الأمر ثم أبدلته بهذا العنوان للتاكيد على هذين الفرعين دون غيرهما!
ثانياً : قال الكاتب ( ولعل هذا ما يفسر لنا إغفال كثير من المصادر .... إلى قوله ( لما غفل المؤرخين عن الإشارة ) . هذا الاستنتاج فيه نظر ؛ لأن بعض المؤرخين ذكروا رحيل عنزة إلى خيبر باسم القبيلة ، ( عنزة بنو أسد ) وهذا يرجح أن بشراً ومسلماً اسمان لحلفين انضوت تحتهما قبائل عنزة . لكن هذا غير مراد للكاتب .
أقول: هذا الكلام صحيح ياأخى فى حال مافهمته أنت؟ ولكنى هنا لم أعنى إغفال المؤرخين عن رحيل عنزة الى خيبر بإسم القبيلة بل كنت أعنى بهذه الغفلة بيان الفروع العنزية التى شاركت فى هذا الحلف وهل بنى هزان هم من اللهازم أم لا ومما قلته الاَتى: منها على سبيل المثال بنى هزان والنمر وبني هميم من يقدم إضافة الى بنى جلان بن عتيك فهناك من الشواهد التاريخية مايؤكد على أن بنى هزان هى أحد مكونات هذا الحلف كون صباح بن عتيك جد وائل بن هزان شقيق جلان بن عتيك وماحادثة إبنا حلاكة الهزانيين وأسرهم الحارث بن ظالم هم وقيس بن ثعلبة إلا دليلاَ واضحاَ على هذه المشاركة ولعل هذا مايفسر لنا إغفال المصادر القديمة عن بيان ذكر عنزة اللهازم من أي الفروع هم ولأي البطون ينتمون....فكثيراَ مايُذكر أن عنزة بن أسد من اللهازم هكذا دون تحديد فرع أو قبيلة بعينها مما أوقعنا فى حيرة من أمرنا؟ وهذا فى رأيي أحد المؤشرات التى تؤكد على مشاركة عنزة بكل فروعها فى حلف اللهازم ولهذا نجد المصادرعندما تأتى على ذكر عنزة فى هذا الحلف تشير الى عنزة بن أسد القبيلة هكذا على الإطلاق دون تحديد فرع أو بطن وإلا لو كان الأمر خاصا بفرع دون غيره لما غفل المؤرخين عن الإشارة الى هذا الأمر ولذكروه بإسمه بطبيعة الحال بدليل أنهم لما ذكروا رحيل عنزة مع بكر بن وائل الى العراق إستثنوا بنى هزان من هذا وقالوا ( وبقى منهم فى نجد بنو هزان ) وانهم قد حالفوا بنى حنيفة فى اليمامة فى الجبل المعروف فى وادى العرض (الباطن) وصاهروهم حيث يجمع بينهم النسب الربعى حتى قيل أن ماكان يجرى على الهزانى يجرى على الحنفى وهكذا ومما يؤكد مشاركة بنى هزان بحلف اللهازم إنتهى.... فالحديث كان منصباَ على بنى هزان ولم يكن عن هجرة عنزة الى خيبر؟ اما مايخص بشر - ومسلم فانا لم أقل بأنهم حلفان انضوت تحته قبائل عنزة بل ذكرت أنهم أحد هذين الفرعين وهذا نظرة تحليلية بناءَ على ماتم ذكره من شواهد!
ثالثا : العنوان غير مطابق للموضوع ؛ لأن العنوان يربط عنزة بين فرعين ، وقد قرر أن عنزة بجميع قبائلها تجمعت تحت لواء اللهازم ، ولم يذكر تفرقها بعد ذلك ، فكيف نقصر عنزة على فرعين منها فقط ؟؟
رابعاً : قرر الكاتب أن جميع قبائل عنزة دخلت في حلف اللهازم ، ثم في آخر الموضوع قال : إن الأسماء التي تترد في هذه الأحداث هم لفرعان من عنزة إما لبني جلان أو بني هميم . وهذا تناقض كيف صار الحلف الجامع للقبائل فرعين فقط ؟!! وأين ذهبت بقية قبائل عنزة ..ويمكن أن يؤدي هذا الاتجاه إلى القول : إن بشراً من بني هميم ،، ومسلماً من بني جلان ، أو العكس ، وهذا نظير قولهم : بشر من تغلب ومسلم من بكر ابني وائل .
أقول: كيف للعنوان أن يكون غير مطابق للموضوع؟ فالموضوع من أوله الى اَخره لم يخرج عن هذا السياق وكون انى لم أذكر تفرقها بعد ذلك فهذا يدل على أن العنوان هو تماماَ مطابق للموضوع فانا هنا يااخى لايعنينى السرد التاريخى بشىء بقدر مايعنينى هذين الفرعين بشر- ومسلم تحديداَ ولأي البطون ينتمون؟ أما التفرق والأحداث الأخرى فهذا أمراَ معلوم ليس بخافى فقد أشرت بعجالة عن بنى هزان وبنى حنيفة فى اليمامة وكذلك بنى جلان المذكورين بالقصيدة وهم المقيمين بإنطاع وذلك على سبيل الشواهد لا السرد القصصى؟ اما إقرارى بأن جميع عنزة هم من اللهازم فقد ذكرت بعض القرائن والمؤشرات على هذا الأمرفهل هناك مايخالفه! وأما الأسماء التى تتردد فى هذه الأحداث فهذه حقيقة لاشك فيها فما عليك إلا الرجوع للمصادر والمراجع التاريخية كي تتبين لك الحقائق جلية دون لبس فأين هو التناقض بارك الله فيك؟ فالحلف الجامع للقبائل فانا لاأعنى به أن جميع من فيه قد أصبحوا تحت مسمى هذين الفرعين كما يبدوا وفهذا أمراَ بعيداَ عن الواقع إنما أعنى بهذين الفرعين دون غيرهم من الفروع والبطون هم من تنتسب لهم قبيلة عنزة فى الوقت الحاضر كما أسلفت من قبل أما أين ذهبت بقية عنزة فهذاَ بحثاَ اَخر وموضوعاَ ليس لها علاقة بهذا الموضوع لامن من قريب ولامن بعيد كون الموضوع محدد البحث والتحقيق أما القول بأن هذا الأمر شبيه بقولهم بأن بشر من تغلب ومسلم من بكر؟ فأقول نعم هو شبيه بهذا إلا ان شواهدنا ودلائلنا هى اقوى وأقرب وأصوب مما هم عليه!
خامساً: قال الكاتب : وهذا قطعاً يقودنا إلى الاستدلال العقلي بأن الذي هاجر من عين التمر إلى أعراض خيبر هم لاشك أحد هذين الفرعين ..نقول : يفسد على هذا الاستدلال العقلي وصف المؤرخين بأن الذي هاجر إلى خيبر هم قبيلة عنزة ، بنو أسد بن ربيعة ، ولم يعينوا فرعاً أو قبيلة من عنزة ، ولو كان الأمر كما ذكر لاشتهر ؛ لأنه مما يعتني به المؤرخون ، وأما التسلسل الثنائي فليس دليلاً على ما ذكره ولا يلزم اجتماعهما بجد واحد قريب .
أقول: ماذكرته ياأخى هو مايفسد الإستدلال العقلى فى حقيقة الأمر؟ فإذا كنا نقول بأن المؤرخين قد اغفلوا ذكر الفرع العنزى الذي شارك فى حلف اللهازم وأغفلوا ذكر الفرع الذى هاجر الى خيبر فبالله عليك كيف تريد بعد ذلك أن يشتهر هذا الأمر ويعتنى به المؤرخون وهو لم يُذكر أصلاَ؟ فقد ظلت عنزة قرابة الأربعة قرون عند أستقرارها فى خيبر دون ان يرد لها ذكراَ إلا النزر اليسير ولو كان الأمر كما تقول فلماذا لم يعتنى المؤرخون وكتاب السير بالفروع والبطون التى شاركت فى حلف اللهازم من باب أولى؟ وإلا فما هو تفسيرك إذن لوجود هذين الفرعين فقط من عنزة! الا يعنى هذا بأن الذى هاجر الى خيبر هو فرعاَ صغيراَ من عنزة تسلسلت منه بعد تلك القرون هذين الفرعين بشر- ومسلم؟ أما القول بأن التسلسل ليس دليلاَ على ماذكرته ولايلزم الإجتماع بجد واحد قريب؟ إذن ماهو دليلك على خلاف هذا وماهى رؤيتك فيما يخص هذه الجزئية؟ فانت ياأخى تنفى دون أن تضع رؤيتك فيما تنفيه كما انك لاتضفى على الموضوع إضافات وملامح تعزز من الموضوع وتكسبه فائدة علمية حتى لايتشتت ذهن القارىء!
سادساً : قال الكاتب : لو كان الأمر خلاف هذا لكانت عنزة اليوم تنتسب لأكثر من فرع .. نقول : هذا دليل على أن عنزة الحالية فرع من عنزة الكبرى ، وليس دليلاً على أن عنزة الحالية من أحد الفرعين ، أو أن الذي هاجر من عين التمر أحد الفرعين ، وكل هذه الأدلة ضعيفة ومحتملة ويجوز قلبها ؛ لأنه يحتمل أن الذي هاجر إلى خيبر فرعان آخران غير الفرعين اللذين ذكرهما الكاتب ، وليس هناك مانع تاريخي .
أقول: وهذا عين ماذكرته تماماَ فجلان وهميم هم احد فروع عنزة الكبرى؟ فإذا كانت عنزة هى فرع من هذه الفروع فكيف إذن تنفى ان عنزة الحالية ليست من أحد هذين الفرعين الا ترى هذا تناقضاَ! وهل هذان الفرعان جلان وهميم ليسوا من الفروع المهمة فى عنزة الكبرى؟ أما القول بأنها أدلة ضعيفة ومحتملة ويجوز قلبها؟ فماالذى يمنعك أن تاتى بما ينافى هذه الأدلة حتى يتبين لنا عور ضعفها! أما الإحتمال بأن الذى هاجر الى خيبر فرعان اَخران غير جلان وهميم فهذا أمر محتمل ويجوز قبوله إلا أن المتتبع لأحداث اللهازم يجد أن لاذكراَ لهذه الفروع غير هذين الفرعين جلان وهميم لوجود الشواهد والدلائل التى أشرت الى بعضها سابقاَ!
ثم ماذكره الكاتب استدلال تاريخي وليس عقلياً ؛ لأن العقلي لا يستند إلى مرجع ، والتاريخي يستند إلى مرجع بغض النظر عن صحة الاستدلال من عدمه ، وهنا استدل الكاتب بأحداث ووقائع .كما أنه يوجد أخطاء نحوية ولغوية يحسن بالكاتب تجنبها .
أقول: نعم هذه إستدلالات تاريخية وهى مبنية على شواهد ومعطيات واقعية ليست من نسج الخيال أو تمنيات النفس فالعقل هو محراث التاريخ فعندما يغيب النص نحكم العقل وهكذا فلو كان هناك مستندات تاريخية أومراجع مؤكدة ثابته لما إحتجنا الى الإستدلال العقلى! وإلا مافائدة البحث والتحقيق والمتابعة إن لم يكن للعقل دوراَ فى هذه الأمور أما الأخطاء اللغوية ونحوها فأنا أخاطب عامة القراء باللغة المفهومة التى لاتستعصى على الفهم وهى اللغة التى إعتادوا عليها دون الدخول فى أصول اللغة وقواعدها أوالمفردات ولوازمها فلاتكن دقيقاَ فى هذا الأمر فيكفينى القول: على المرء أن يسعى الى الخير جُهده - وليس عليه أن تتم المطالبُ!
*أما مايتعلق فى موضوع الإستاذ أبومشعل فلنا عودة اليه إن شاء الله