05-20-2008, 03:08 PM
|
#90
|
المشرف العام
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,353
|
العقد الفريد
أبو عمر، شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى : 328هـ)
كتب" قال فراسُ بن خِنْدف: تجمَّعت اللهازُم لتُغير على تَميم وهم غارُّون، فرأى لك ناشب الأعور بن بَشامة العَنبري، وهو أسير في بني سَعد بن مالك ابن ضُبيعة بن قيسِ بن ثعلبة، فقال لهم: أعطوني رسولاً أرسله إلى بني العَنبر أوصيهم بصاحبكم خيراً، ليولوه مثلَ الذي تولوني من البر به والإحسان إليه. وكان حَنظلة بن الطُّفيل المَرثدي أسيراً في بني العَنبر. فقالوا له: على أن تُوصيه ونحن حضُور. قال نعم. فأتوه بغلام لهم. فقال: لقد أتيتموني بأحمقَ وما أراه مُبلِّغاً عني. قال الغلام: لا والله ما أنا بأحمَق، وقل ما ئشت فإني مُبلَغه. فملأ الأعورُ كفه من الرمل، فقال: كم هذا الذي في كفِّي من الرمل؟ قال الغلام: شيء لا يُحصى كَثرة، ثم أومأ إلي الشمس، وقال: ما تلك؟ قال: هي الشمس. قال: فاذهب إلى قومي فابلغهم عني التحيةَ وقُل لهم يُحسنوا إلى أسيرهم وُيكْرموه، فإني عند قوم مُحسنين إلي مُكرمين لي، وقل لهم يَقْروا جمل الأحمر، ويَرْكبوا ناقتي العَيْساء، بآية أكلت معهم حَيْساً، وَيرْعوا حاجتي في أبيني مالك. وأخبرهم أنِّ العوسج قد أَوْرق، وأنّ النِّساء قد اشتكت. ولْيعصوا هَمَّام بن بَشَامة، فإنه مَشْئوم مَحدود، وُيطيعوا هُذَيل بن الأخْنس، فإنه حازم مَيمون. قال: فأتاهم الرسول فأبلغهم. فقال بنو عمرو بن تميم: ما نعرف هذا الكلام، ولقد جنّ الأعورُ بعدنا، فواللهّ ما نعرف له ناقةً عَيْساء، ولا جملاً أحمر. فشخص الرسولُ، ثم ناداهم هُذيل: يا بني العنبر، قد بَين لكم صاحبُكم: أما الرمل الذي قبض عليه، فإنه يُخبركم أنه أتاكم عددٌ لا يُحصى؟ وأما الشمس التي أومأ إليها، فإنه يقول: إن ذلك أوضحُ من الشَّمس؟ وأما جَمله الأحمر، فإنه هو الصَمَّان يأمركم أن تُعْروه؟ وأما ناقتهُ العَيساء، فهي الدَّهناء يأمركم أن تَحْترزوا فيها، وأما أبْناء مالك، فإنه يأمركم أن تنذروا بني مالك بن حنظلة ابن مالك بن زَيد مناة ما حَذركم وأن تُمسكوا الحِلْف بينكم وبينهم، وأما العَوْسج الذي أورق، فيُخبركم أنّ القوم قد لَبسوا السلاح؛ وأما تشكيَ النساء، فيُخبركم بأنهن قد عَمِلنَ شِكاءً يغزون به. قال: وقوله بآية ما أكلت معكم حَيساً، يريد أحلاطاً من الناس قد غزوكم. فتحرَّزت عمرو فركبتَ الدَهناء، وَأنذروا بني مالك، فقالوا: لسنا ندري ما يقول بنو عمرو ولسنا متحوِّلين لِمَا قال صاحبُكم: قال فصبّحتِ اللهازمُ بني حنظلة، فوجدوا بني عمرو قد أجلت، وإنما أرادوهم على الوَقيط، وعلى الجَيش أبجر بِن جابر العِجْليّ. وشهدها ناسٌ مع تيم اللات، وشهدها الفِزْر بن الأسود بن شريد، من بني سِنان. فاقتَتلوا، فأسر ضِرارُ بن القَعقاع بن مَعبد بن زُرارة، وتَنازع في أسره بِشرُ بن العوراء، من تيم اللات، والفِزْر بن الأسود، فجزّا ناصيتَه وخَليّا سربه من تحت الليل. وأسر عمرو بن قيس، من بني ربيعة، عَثْجَلَ بن المأموم بن شَيبان بن عَلقمة، من بني زُرارة، ومَنَ عليه. وأسرت غَمامةُ بنت طوق بن عُبيد بن زُرارة، واشترك في أسِرها الحَطيم بن هلال، وظربان بن زياد، وقيس بن خالد. ورَدُوها إلى أهلها. وعَير جريرٌ الخَطفي بني دارم بأسْر ضِرارِ وعَثْجل وغَمامة، فقال:
أغَمام لو شَهد الوقيطَ فوارسي ... ما قِيد يقتل عَثجل وضِرَارُ
وأسر حنظلةُ بن المأمون بن شيبان بن عَلقمة، أسره طَيْسلة بن زِياد، أحد بني ربيعة. وأسر جُويرية بن بَدر، من بني عبد الله بن دارم، فلم يزل في الوثاق حتى قال أبياتاً يَمدح فيها بني عِجل، وأنشأ يتغنّى بها رافعاً عقيرته:
وقائلةٍ ما غالَه أن يَزُورها ... وقد كنتُ عن تلك الزَيارة في شُغل
وقد أدركتْني والحوادثُ جَمةٌ ... مَخالبُ قوم لا ضِعافٍ ولا عُزْل
سِراع إلى الدّاعَي بِطاء عن الخَنَا ... رزانٍ لدى النّادي مِن غير ما جَهْل
لعلهُم أن يمَطروني بنعمية ... كما طاب ماءُ المُزن في البلَد المَحْل
فقد يُنعش الله الفتى بعد عسرة ... وقد يَبتدي الحُسنَى سَراةُ بني عِجْل
فلما سَمعوه أطلقوه. وأسر نعيم بن القعقاع بن معبد بن زرارة، وعمرو ابن ناشب، وأسر سنان بن عمرو، أخو بني سلامة بن كِندة، من بني دارم، وأسر حاضر بن ضَمرة، وأسر الهيثم بن صَعصعة، وهَرب عوفُ بن القَعقاع عن إخوته، وقُتل حكيم النّهشلي، وذلك أنه لم يَزل يُقَاتل وَهو يَرتجز ويقول:
كُل امرئ مُصبَّح في أهله ... والموتُ أدنى مِن شِراكَ نَعْلِهِ
وفيه يقول عَنترة الفوارس:
وغادَرْنا حكيماً في مَجال ... صَريعاً قد سَلَبناه الإزارَا"
__________________________________________________ _____________________________________
ماذا كان هدف الأعورُ؟
|
|
|