سادسا- دخول عنزة بن أسد في اللهازم من بني بكر بن وائل.من
((المصادر المتقدمة))
دخلت عنزة في اللهازم من بني بكر بن وائل اللهازم ، ويضم القبائل التالية : قيس بن ثعلبة ، وتيم الله (اللات ) بن ثعلبة ، وعجل بن لجيم ، وعنزة بن أسد بن ربيعة .وقد تم هذا الأمر منذ حرب البسوس ، واستمر إلى ما بعد الإسلام ، وقد شاركت عنزة أخوتها البكريين في المرابع والمجامع ، والوقائع ، ودخلت الإسلام مع بكر بن وائل ، وارتدت معها أيضا كما ذكر الطبري ، وابن الأثير ، في قتال العلاء ابن الحضرمي لأهل البحرين .
وقد شاركت مع عامة بكر ربيعة في معركة الجمل ، وصفين إلى جانب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومواقفها مشهودة ، وممدوحة على لسان أمير المؤمنين ، وقد اشتهر انتساب عنزة إلى بكر عند عامة العرب ، فليس من المستغرب أن تنسب إلى وائل ، وتكون في عداد بكر بن وائل ، ويستفيض ذلك منذ العهد الجاهلي إلى يومنا هذا
والنصوص الدالة على ذلك كثيرة ، نذكر منها :
يقول أبو عبيد البكري في معجم ماستعجم في تفرق بلاد ربيعة ، وبعض أحداثها ( وأقامت سائر قبائل ربيعة، من بكر وتغلب وغفيلة وعنزة وضبيعة في بلادهم، من ظواهر نجد والحجاز وأطراف تهامة، حتى وقعت الحرب بينهم في قتل جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان كليب بن ربيعة، وانضمت النمر وغفيلة إلى تغلب، فصاروا معهم، ولحقت عنزة وضبيعة ببكر بن وائل، فلم تزل الحروب والوقائع تنقلهم من بلد إلى بلد، وتنفيهم من ارض إلى أرض، وتغلب في كل ذلك ظاهرة على بكر، حتى التقوا يوم قضة، وقضة: عقبة في عارض اليمامة، وعارض: جبل، وقضة من اليمامة على ثلاث ليال، وذلك يوم التحالق، فكانت الدبرة لبكر على بني تغلب فتفرقوا على ذلك اليوم وتلك الوقعة، وتبددوا في البلاد، أعني بني تغلب، وانتشرت بكر بن وائل وعنزة وضبيعة باليمامة، فيما بينها وبين البحرين، إلى أطراف سواد العراق ومناظرها، وناحية الأبله إلى هيت وما والاها من البلاد، وانحازت النمر وغفيلة إلى أطراف الجزيرة وعانات وما دونها، إلى بلاد بكر بن وائل وما خلفها من بلاد قضاعة، من مشارق الأرض ).
ويقول أبو فرج الأصفهاني : ( بطون بكر بن وائل على جذمين، جذمٍ يقال له الذهلان، وجذمٍ يقال له اللهازم. فالذهلان: بنو شيبان بن ثعلبة و يشكر بن وائل، وبنو ضبيعة بن ربيعة . واللهازم : قيس بن ثعلبة، وتيم اللات بن ثعلبة، وعجل بن لجيم، وعنزة بن أسدٍ بن رببيعة ) .ويقول البلاذري في كتابه أنساب الأشراف ( تجمعت اللهازم وهم: قيس، وتيم الله، ابنا ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر. وعجل. ولجيم ابنا صعب بن علي بن بكر بن وائل. وعنزة بن أسد بن ربيعة ) .
و في كتابه المقدمة الفاضلية للشريف الجواني ( عنزة بن أسد واسمه عمرو ، وهو من اللهازم ).
و ذكر أبو عبيد البكري عند موضع النباج : النباج وثيتل : موضعان متدانيان، بينهما دوح، ينزلهما اللهازم من بني بكر، وهم بنو قيس وتيم (الله ) بني ثعلبة وعجل وعنزة، وقد أغارت عليهم فيها بنو تميم، فظفرت بهم، قال ربيعة بن طريف يمدح قيس بن عاصم:
وأنت الذي خويت بكر بن وائل ،،، وقد عطلت منها النباج وثيتل
وفي معجم الأدباء ليقوت الحموي : ( وحدث عن أحمد بن عبيد عن الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: اللهازم قيس بن ثعلبة وعجل وعنزة وتيم الله. قال عيسى بن عمر: أرى اللهازم تجمعوا كما تجمع لهازم الدابة )
ومن قصيدة طويلة للفرزدق يرثي فيها منها الشاهد :
وقد مات بسطام بن قيس بن خالد
ومات أبو غسان شيخ اللهازم .
وفي نهاية الأرب للقلقشندي قال ما نصه ( اللهازم بطن من بني بكر بن وائل )
وقال صاحب كتاب الروض المعطار في خبر الاقطار للحِميري متحدثاً عن موضع اسمه النباج( النباج وثيتل موضعان متدانيان بينهما دوح، ينزلهما اللهازم من بني بكر) .
ويقول البري صاحب كتاب الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة ما نص ( واللهازمُ: عَنَزةُ بن أسد بن ربيعة، وعِجل بن لُجيم، وتيمُ الله، وقيس، وذهل بنو ثعلبة بن عُكابة. ثم تَلهزمت حَنيفةُ بن لُجيم، فصارت معهم. والذهلان: شيبان وذهل ابنا ثعلبةَ بن عكابة )
و ما ذكره الطبري:
( فأبت اللهازم، وهم بنو قيس بن ثعلبة وحلفاؤهم عنزة وتيم اللات وحلفاؤها عجل حتى توافوا هم وآل ذهل بن شيبان وحلفاؤها يشكر، وذهل بن ثعلبة وحلفاؤها ضبيعة بن ربيعة بن نزار، أربع قبائل وأربع قبائل، وكان هذا الحلف في أهل الوبر في الجاهلية، فكانت حنيفة بقيت من قبائل بكر لم تكن دخلت في الجاهلية في هذا الحلف، لأنهم أهل مدر، فدخلوا في الإسلام مع أخيهم عجل، فصاروا لهزمةً، ثم تراضوا بحكم عمران بن عصام العنزي أحد بني هميم، وردها إلى أشيم).
وقد شاركت عنزة وعموم اللهازم ، أخوتهم البكريين في جميع الوقائع ، والأيام ، وكان الشاعر الجاهلي رشيد بن رميض العنزي من اللهازم شاعر بكر الأبرز في وقته فقد ذكر أبو عبيد في أيام العرب خبر يوم الشيطين العظيم لبكر على تميم وكان قبيل الأسلام حيث أجمعت بكر على غزو تميم فقالوا : إن في دين عبد المطلب أن من قتل نفسا قتل بها ، فنغير هذه الغاره ثم نسلم عليها . فأغاروا على تميم وأخذوها ، فقال رشيد بن رميض العنزي :
وما كان بين الشيطين ولعلـــــع *** لنسوتنا إلا مناقل أربع
فجئنا بجمع لم ير الناس مثلــه *** وكاد له ظهر الوديعة يضلع
بأرعن دهم تنشد البلق وسطـــه *** له عارض فيه المنية تلمع
إذا حان منه منزل القوم أوقدت،،، لأخراه أولاه سنا وتيفعوا
والقصيدة طويلة يذكر فيها تفاصيل الهزيمة. فأجابه محرز المكعبر الضبي التميمي فقال :
فخرتم بيوم الشيطين وغيركم
يضر بيوم الشيطين وينفــــــع
وجئتم بها مذمومـــــة عنزيـــــــــة
تكاد من اللوم المبين تطلع
فأن يك أقــــــوام أصيبـــوا بغــــرة
فأنتم من الغارات أخزى وأوجع
ويقول أبو عبيدة في أيام العرب : "وأغار حاتم طي بجيش من قومه طي على بكر بن وائل ، فقاتلوهم ، وانهزمت طي ، وقتل منهم جماعة ، وأسر منهم جماعة ، فكان في الأسرى حاتم بن عبد الله الطائي . أسرته عنزة بن أسد ، وبقي عندها موثقا . فقال رشيد بن رميض العنزي :
ونحن أسرنا حاتما وابن ظالـــم
فكل ثوى في قيدنا وهو يخشع
وكعب إياد قد أسرنا وبعـــــده
أسرنـــــــا أبا حسان والخيل تطمع
وريان غادرنا بوجه كــــــــــأنه
وأشياعه فيها صريم مصــــوع
ومن أخبار اللهازم البكريين أيضا ما ذكره الطبري في تاريخه عندما بعث ابو بكر رضي الله العلاء بن الحضرمي لقتال مرتدة بكر بن وائل بقيادة المحطم بن بضيعة وأبجر العجلي وجاء في الخبر :
( فبينا الناس ليلة كذلك إذ سمع المسلمون في عسكر المشركين ضوضاء شديدة، فكأنها ضوضاء هزيمة فقال العلاء: من يأتينا بخير القوم؟ فقال عبد الله بن حذف: أنا آتيكم بخبر القوم ـ وكانت أمه عجلية ـ فخرج حتى إذا دنا من خندقهم أخذوه فقالوا له: من أنت؟ فانتسب لهم وجعل ينادي يا أبجراه! فجاء أبجر بن بجير فعرفه فقال: ما شأنك؟ فقال لا أضيعن الليلة بين اللهازم، علام أقتل وحولي عساكر من عجل وتيم اللات وعنزة وقيس، أيتلاعب بي الحطم ونزاع القبائل وأنتم شهود! فتخلصه وقال: والله إني لأظنك بئس ابن الأخت لأخوالك الليلة ).
ثم ما نقله أبو الفرج الأصفهاني ، عن قصة هلال بن أسعر المازني التميمي حين قتل نهيس الجلاني من بني جلان من عنزة من اللهازم فهرب وتخفى وقد طلبت بكر بن وائل الثأر منه لدم الجلاني العنزي . وله قصائد كثيرة في ذلك منها قوله يعاتب قومه على خذلانهم له
بني مازن لاتطردوني فإننــــــي
أخوكم وإن جزت جرائرها يدي
ولا تثلجوا أكباد بكر بن وائل
بترك أخيكم كالخليع المطرد
وفيها أيضا :
وتعلم بكر أنكم حيث كنتم
وكنتم من الأرض الغريبة محتدي
فإن يسر لي إبعاد بكر فربمـــــا
منعت الكرى بالغيظ من متوعــــد
و الكثير من النصوص الثابتة المحكمة ، في اثبات دخول عنزة بن أسد في بكر بن وائل واندماجها معها ، وانتسابها لها .
كما جاء عند أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني قائلا : ( أخبرني علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثني أبو سعيد السكري، قال: حدثنا محمد بن أبي السري- واسم أبي السري سهل بن سلام الأزدي- قال: حدثني هشام بن محمد قال: أخبرنا عوانة بن الحكم، قال: خرج المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يومئذ، ومعه الهيثم بن الأسود النخعي، بعد غب مطر، يسير بظهر الكوفة والخوف فلقي ابن لسان الحمرة، أحد بني تيم الله بن ثعلبة وهو لا يعرف المغيرة. فقال له المغيرة: من أين أقبلت يا أعرابي? قال: من السماوة. قال: فكيف تركت الأرض خلفك? قال: عريضة أريضة . قال: وكيف كان المطر? قال: عفى الأثر، وملأ الحفر. قال: ممن أنت? قال: من بكر بن وائل. قال: فكيف علمك بهم? قال: إن جهلتهم لم أعرف غيرهم. قال: فما تقول في بني شبيان?قال: ساتنا وسادة غيرنا. قال: فما تقول في بني ذهل? قال: ساة نوكى. قال: فقيس بن ثعلبة? إن جاورتهم سرقوك، وإن ائتمنتهم خانوك: قال: فبنوتيم الله بن ثعلبة? قال: رعاء البقر ، وعراقيب الكلاب. قال: فما تقول في بني يشكر? قال: صريح تحسبه مولى.( قال هشام: لأن في ألوانها حمرة). قال: فعجل? قال: أحلاس الخيل. قال: يطعمون الطعام، ويضربون الهام. قال: فعنزة! قال: لا تلتقي بهم الشفتان لؤما . قال: فضبيعة أضجم? قال: جدعاً وعقراً )
وقد غضبت اللهازم عندما مدح الأعشى والأصم بنوا شيبان من بكر بعد حرب ذي قار ولم يذكرا اللهازم الذي شاركوا أخوتهم في الحرب فقال أحد بنو قيس بن ثعلبه :
جدعتما شاعري قوم إولى حسب
حزت أنوفهمـا حـزا بمنشـار
لولا الفوارس لاميل ولا عـزل
مـن اللهازم ماقاظـوا بذيقـار
نحن أتيناهم من عنـد أشملهـم
كمـا تلبـس وردا بـصـدار
***
و للحديث تتمه إن شاء الله