03-07-2013, 12:01 AM
|
#43
|
عضو منتديات العبار
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 137
|
السلام عليكم ورحمة الله...
لقبيلة أكلب من عزة الجانب ، ومن حلو الشمائل ،وكرم الأخلاق ، وطيب الخصال
ماجعلها مضرب مثلا في حسن الجيرة وحماية الجار ،وحفظ العهد ، ومن مواقف أبنائها المشرفة في حسن الجوار وصون العهد موقف ابنها / حشر بن عايض بن ذيخان الهزري الأكلبي
الذي أتخذه وبحسم حيال ابل / عايض المشعلي القحطاني والملقب بـ ( المجهجل ) وردها من أيدي بني هزر وشيخهم سياف الصاري بعد أن درى وأتضح له أن للمجهجل ( طبخة قهوة ) أو كما كانوا يسمونها ( شبكة ابل ) مع والده / عايض بن ذيخان الذي كان قد هرم ، والقصة تتلخص فيمايلي:
غزا الفارس الشيخ / سياف بن سيف ابن الصاري الأكلبي المشاعلة من قحطان ، وكان على رأس مجموعة من فرسان بني هزر ، فنال ابلا لهم وأخذها وكان من ضمن تلك الابل ابلا لرجل من المشاعلة يدعى / عايض المشعلي ( المجهجل ) وكان يطلقعلى تلك الابل اسم ( آل العذراء )
وقد ضاقت الأرض ذرعا بعايض المجهجل على ابله ولايدر كيف يتصرف ، وبعد مدة من الوقت وهو يفكر فيماذا يعمل تذكر ان له عند عايض بن ذيخان الأكلبي والد : حشر ( طبخة قهوة )
والطبخة هي مقدار مايكفي الدلة الواحدة من حبوب القهوة ، كان الرجل فيما مضى يقدمها للرجل الآخر
من قبيلة أخرى لتكون بمثابة اعلان جيرة وأخذ عهد على من قدمت له بمنع الاعتداء ورد مايؤخذ له من
قبل قبيلته ، وكان قد مضى على تقديم الطبخة عقودا من الزمن ، فجاء المجهجل لذيخان الأكلبي
يذكره بالطبخة ليردد له ابله من بني هزر ، فوجده شيخا هرما لم يعد يتذكر شيئا ، فأخذ يطلب نجدة ابنه حشر ولكن حشر ا لايوجد لديه علم بهذه الطبخة ولم يذكرها له والده وذلك لقدم زمن تقديمها لوالده وقد نشأ حشر وترعرع بعد ذلك وصار شابا شجاعا ولهذا رفض حشر القيام برد ابل المجهجل
حيث لايوجد مايدلل على وجود ( طبخة الجيرة ) أو ماكانوا يسمونها ( شبكة الابل )
ولهذا أعيت الأمور المجهجل فأخذ يسند ويفيض عبر وادي أكلب تبالة بين بيوتهم وهو ( يغلّم ويلوّم )
أي يهيجن لائما حشر وينخاه وينخى أكلب ، ويقول مما لازال محفوظا:
يا حشر انا النوم ما جاني
......................... يكون تأتي بجرمية
ما تلقح الا على ثاني
............................ حمرا سناد سهاوية
الى قوله ينخى أكلب
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
.......................لومي عليكم يامزبّنة الجنيّة
فلما رأى حشر من الرجل ما رأى غلب على ظنه ان الرجل صادق
فطلب منه أن يجلس معه عند الشيخ ومقطع الحق المعروف
( ابن ركبان ) والد الشيخ دغش يرحمه الله وجد الشيخ / محمد وأظن اسمه ( محمد ) وقال له بيني وبينك مايحكم به ابن ركبان فوافق المجهجل وجلسا الى الشيخ ابن ركبان وقدم المجهجل دعواه
فقال ابن ركبان لحشر ألم يحدثك والدك عن الطبخة ؟ .قال حشر
لاوالله ولو كنت أعلم بصحة دعواه ان أردد له ابله من بني هزر لو تتأزم الأمور بيني وبين بني عمي من بني هزر ، وكان صادقا ، فطلب ابن ركبان من المجهجل احضار شهودا لدعواه وقال : سأحكم برد ابلك ان أثبت دعواك بشهود ، فأخذ المجهجل يتذكر وكان قد تقدم به السن وبعد مدة حضر لابن ركبان ومعه الفويه شيخ بني واهب شهران ، وابن جدران من شيوخ محلف أكلب المعروفين ، فشهد الفويه وابن جدران ان المجهجل كان قد قدم لعايض والد حشر في سوق نمران طبخة الجيرة بحضورهما ،
فقال حشر : أما الآن فاعتبر ابلك راجعة لك يا المجهجل ثم أخذ يصبح ويمسي سياف ابن الصاري شيخ قبيلة بني هزر ويطلب منه أن يعيد ماعنده وماعند بقية بني هزر من ابل المجهجل ، فرفض سياف ذلك رفضا قاطعا في البداية لان الابل قد مضى عليها وقتا طويلا عند بني هزر وبعضهم ربما قد تصرف فيها ، ولكن حشر أصر وقال الرجل له عندنا جيرة وعهد فتأزم الأمر بين سياف وحشر الى التهديد والوعيد
وفي النهاية رضخ سياف لحشر وأمر بني هزر باعادة ابل المجهجل
فأعادوها لصاحبها فما كان منه الا ان أقطع سيافا منها نياقا كهدية
ومكافأة لاستجابته لحشر قبل أن تشتعل نار الفتنة بين بني هزر بسبب ابل المجهجل ، وقد أستمرت الرفقة والمعرفة بين بني حشر وأبناء المجهجل بعد ذلك ، والى وقت قريب كان التزاور قائما بين الأسرتين الكريمتين ،
حدثت هذه القصة قبيل توحيد البلاد بقليل في أواخر القرن الثاني عشر الهجري أو أ ول الثالث عشر الهجري ، وقيل ان المجهجل قدم الطبخة للأكلبي في سوق نمران ، وقيل بل كان قريب النزل منه في مربع ما وسير عليه بها فقدمها له والأرجح انها في سوق نمران حسب رواية بني حشر أنفسهم.
ومن هذه القصة نعرف كم تعني الجيرة والوفاء بالعهد عند أكلب
وتجدر الاشارة الى أن مسألة ارجاع الابل أخذت وقتا طويلا بين أخذها وارجاعها للتثبت و بسبب تقدم عايض والد حشر في السن وضعف ذاكرته وبسبب رفض سياف بعد ذلك فقد أخذ وقتا طويلا وهو يرفض
الى ان تبينت له حجة المجهجل ورأى حزما من حشر وسياف هو شيخ القبيلة ( بني هزر ) ولايريد شقر العصا بينهم ولا يرغب لهذا الخلاف ان يفرقهم ويؤدي ببعضهم فهو صاحب حكمة
وهو صاحب الحكمة المعروفة في قوله يرد على أحد أنداده :
( أبك أنا ذيب شرود ورود والا انت ثور تنطح الجرفان ) .
فقد وصف نفسه بصفاة الشجاع الذكي ووصف خصمه بوصف الشجاع الذي يفتقر للحكمة.
اخواني القراء هذا مافعله حشر بكل بسالة بسبب طبخة الجيرة ومادام الكلام في الجار وعهد الجيرة ، فان للجار والجيرة في الاسلام شأن عظيم
قال الله تعالى:
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ)[النساء:36].
هذا أمر من رب العالمين وهذا شأن الجار في القرآن الكريم فماذا قالت السنة المطهرة
عن الجار ؟
: روى البخاري في صحيحه , عن عائشة- رضي الله عنها - عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال : (( ما زال جبريل يوصيني بالجار , حتى ظننت أنَه سيورثه))
والجيران ثلاثة من حيث الحقوق الواجبة تجاههم وهم:
- جار له حق واحد، وهو المشرك، وله حق الجوار.
- جار له حقان، وهو الجار المسلم ، له حق الجوار وحق الإسلام.
- جار له ثلاثة حقوق، هو الجار المسلم له رحم، له حق الجوار، وحق الإسلام وحق القربى.
فأي شأن أعظم من شان الجار في الاسلام بعد النظر فيما تقدم
وحقوق الجار كثيرة ولكن من أهمها:
1 = رد السلام بوجه طلق واجابة الدعوة.
قال الشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة فبين اهتمام العرب باكرام الضيف وجار الجنب وهو مانعرفه اليوم بجار الطنب:
فالضيف والجار الجنيب كأنما ........... هبطا تبالة مخصبا أهضامها
2= كف الأذى عنه
قال صلى الله عليه وسلم فيما روي عن أبي شريح:
(( والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , والله لا يؤمن , قيل من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ))
3 = تفقده وقضاء حوائجه واكرامه:
وإكرام الجار يشمل الإكرام المادي ,مثل ماروي عن أبي ذر- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ص :
(( يا أبا ذر إذا طبخت مرقةً فأكثر ماءها , وتعاهد جيرانك . ))
وكذلك ماروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال : كان النبي - ص - يقول : (( يا نساء المسلمات , لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة . ))
4= ستره وصيانة عرضه.
والعرب خاصة كانت تعظم أمر الجار وتجيره حتى قبل أن تبزغ شمس الاسلام الذي ثيّت حقوق الجار في الجاهلية وزاد عليها مافيه صلاح للناس ومراعاة للمصالح ودفع للمضار، وكانت العرب تفخر بصيانة أعراض الجار وستره
قال الشاعر العربي عنترة العبسي:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي.. ... ..حتى يواري جارتي مأواها
وجاء الاسلام فقال الشاعر العربي المسلم:
ما ضـر جاري إذ أجاوره ألا يـكــون لبـيـته ســــتـر
أعمى إذا ما جارتي خرجت حتى يواري جارتي الخدر
5 = التغاضي عن مخالفات الجار الصغيرة التي لايوجد فيها مايخالف للشرع والسنة وضررها محدود
مثال : ايقافه سيارته في موقف سيارتك.
قال الشاعر الفارس الشيخ / ظافر بن حنيف بن ناجية الأكلبي الذي عاش في القرن التاسع الهجري من قصيدته ذات الخصال الثمان التي يقول في مطلعها:
لاعدت فعول الرجال فعد لي ............ فالطيب تلقى لي ثمان خصايلي
قال:
والسادسة أدمح لجاري زلته .............. عساه يذكر مرة جمايلي
والسابعة مانيب الد لجارتي ................ الى بدت ماني لها بمخايلي
6 = مداراة الجار ومراعاة خاطره.
كانت البادية تهتم بالجيرة اهتماما بالغا فاذا رأى جارا من جاره سوءا أو جنفا وأراد أن يفارقه
يستحيي منه فلا يؤنبه وانما اذا رأى كلب ذلك الجار حذفه (رجمه) بحجر على مرأى من جاره صاحب الكلب أو أحد أفراد أسرة صاحب الكلب ولايجعله في الكلب وانما يقذفه بقربه فيصوي الكلب، وكانت هذه علامة على الرغبة في التشتت وايذانا بالفراق دون التطاول في مشادات كلامية او سباب او جدال ؛ فيرحل الجار عن جاره وصدره سليم عليه وتلج النساء والذراري بالبكاء
لحزن الفراق... وقلت:
من أول لافارق الجار جاره ................ تسمع عويل مخضبات الكفوفي
واليوم كم جار حذف كلب جاره ........... عجل على الفرقا خبيث الوصوفي
7 = حماية الجار وحفظ العهد.
وقد ضربت العرب لنا في ذلك أروع مثال في فعل المهادي العبيدي مع جاره مفرج السبيعي وقصتهما المشهورة ، وفي موقف حشر بن عايض بن ذيخان الهزري الأكلبي من ابل عايض المشعلي القحطاني .
ومن حقوق الجار إن مات أن تشيعه، وإن استقرض أن تقرضه ، وإن أصابه خير أن تهنأه،
وإن أصابته مصيبة أن تواسيه، وأن لا ترفع البناء فوق بنائه، فيسد عليه الريح إلا بإذنه وللجار حق الشفعة.
قال الشاعر / مقحم الصقري يرحمه الله:
أحدن على جاره بختري ونوار
..........وأحدن على جاره صفاة محيفه
الجار لا بده مقفي عن الجـار
.........وكلن بجيرانه يعـد الوصيفـه
خطو الولد مثل البليهي إليا ثار
...........زود على حمله نقل حمل إليفه
اخواني هذا ما سمح لي وقتي بتقديمه لكم هنا
عن حشر وجيرة وعهد أكلب وحقوق الجار بشكل عام في الاسلام وعند العرب
منقول
|
|
|