ـ 20 ـ
50 ـ قال الكاتبُ: [وممن دخل في هذا الحلف بعض بطون تغلب بسبب ما جرى لهم في وقعة البشر سنة 70 هـ من استنزاف وقتل. وقد أشار إلى ذلك شاعر تغلب الأخطل في أبيات له حيث يقول:
يا كعب لا تهجون العام معترضا = فإن شعرك إن لاقيتني غرر
إني أنا الليث في عريسة أشب = فورع السرح حتى يفسح البصر
إن اللهازم لن تنفك تابعة = هم الذنابى وشرب التابع الكدر
قبيلة كشراك النعل دارجة = إن يهبطوا العفو لا يوجد لهم أثر
محلهم من بني تيم وإخوتهم = حيث يكون من الحمارة الثفر
ويعني باللهازم: لهازم تغلب الذين دخلوا مع اللهازم البكريين] ص 46 ـ 47
زَلَّ الكاتبُ هنا إلى كثيرٍ من الأخطاءِ والتَّناقضاتِ:
1 ـ فـ"لهازمُ" تغلبَ قبائلُ معروفةٌ منذ الجاهليَّةِ، قال عمرو بن كلثوم:
أَلا يا مُرَّ ، والأنباءُ تَنْمِي ، = عَلامَ تَرَى صنائِعَنا تَصِيرُ
ألَمْ تَشْكُرْ لنا أبناءُ تَيْمٍ = وإِخْوتُها اللَّهازمُ والقُعُورُ
فاللَّهازمُ من تغلبَ هم: عَوْفٌ وسَعْدٌ ابنا مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبِ بنِ عَمْرو بنِ غَنْمِ بنِ تغلبَ، والقُعُورُ هم: الحارثُ ومالكُ ابنا مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ.
2 ـ وخَلَّطَ الكاتبُ ولَفَّقَ بين الأحداثِ والأخبارِ والأشعارِ!! فجَعَلَ لهازمَ تغلب يَدْخُلُونَ في لهازمَ بكرٍ بعد وقعة البِشْرِ سنة 70 هـ، ثم استشهد لهذا الزَّعْمِ بأبياتٍ للأخطل في هَجْوِ كعبِ بن جُعَيْلٍ!! وهذا كلُّه خَلْطٌ كبيرٌ وتَلْفيقٌ؛ فالمُهاجاةُ بين الأخطلِ وكعبٍ وَقَعَتْ في أوائلِ خلافةِ معاويةَ أو قبل ذلك ـ وكان الأخطلُ صغيرَ السِّنِّ حين تفلَّتَ إلى كعبٍ ـ، فهذه الأبياتُ قِيلَتْ قبلَ وقعةِ البِشْرِ بنَحْوِ ثلاثين عاماً أو أكثرَ! فكيف جَمَعَ الكاتبُ بينها وبين الوَقْعةِ؟!
3 ـ والذين قُتِلُوا في يوم البِشْرِ هم بنو جُشَمَ بنِ بكرٍ، وهم قومُ الأخطلِ، وقال الجحَّافُ بن حكيمٍ السُّلَمِيُّ الذي استباحَهُم:
أبا مالكٍ هَلْ لُمْتَنِي أو حَضَضْتَنِي = على القَتْلِ أم هل لامَنِي كلُّ لائمِ؟!
فإنْ تَطْردوني تَطْرُدُونِي وقد جَرَى = بِيَ الوَرْدُ يَوْماً في دِمَاءِ "الأراقمِ"
نَكحْتُ بسَيْفِي في زُهَيْرٍ ومالكٍ = نِكَاحَ اغْتِصَابٍ لا نِكَاحَ دَرَاهِمِ
زُهَيْرٌ هم: بنو زُهَيْرِ بنِ جُشَمَ بنِ بكرٍ، ومالكٌ هم: بنو مالكِ بنِ جُشَمَ بنِ بكرٍ رَهْطُ الأخطلِ، وهما أَعَزُّ الأراقمِ، يُقَالُ لهما: الرَّوْقَانِ. فأولى النَّاسِ أنْ يَدْخلُوا في الأحلافِ بعد هذه المقتلةِ هم قَوْمُ الأخطل!!
4 ـ ومِن عَجَبٍ أنْ يُقْحِمَ الكاتبُ (بكرَ بنَ وائلٍ) في هذه الأبياتِ!! ويَزْعُمُ أنَّ لهازِمَ تغلبَ تابعون لهم!! ألا يكونُونَ تابعين إلا لبكرٍ؟! والأبياتُ سافرةُ المعنى لا يُخْطِئُه أدنى قارئٌ؛ فالأخطلُ يقولُ: إنَّ هؤلاءِ اللَّهازِمَ تابعونَ لبني تَيْمٍ وإخوتِهم. وتَيْمٌ هم: بنو أسامةَ بنِ مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ، وإخوتُهم: القُعُورُ وريشُ الحبارى والأبناءُ، وهذه الفُرُوعُ جميعُها تَلْتَقِي مع اللَّهازمِ في مالكِ بنِ بكرِ بنِ حُبَيْبٍ. فمَحَلُّ اللَّهازمِ من هذه الفُرُوعِ ذلك الموضعُ الوضيعُ.
5 ـ ويبقى ـ أخيراً ـ خَطَأُ الكاتبِ في تَحْديدِ وَقْعةِ البِشْرِ؛ فهي لَمْ تَقَعْ سنة 70 هـ كما قال، فالذي وَقَعَ في هذه السَّنَةِ مَقْتَلُ عُمَيْرِ بنِ الحُبابِ السُّلَمِيِّ في وَقْعةِ الحَشَّاكِ. أمَّا يَوْمُ البِشْرِ فكان بعد أن "اسْتَقَرَّ الأمْرُ لعبدِ الملكِ واجْتَمَعَ المسلمون عليه" وذلك بعد سنة 73 هـ.
ـ يتبع إن شاء الله ـ