كنت عزمت أن أنزل هذا موضوعا مستقلا لكن المنتدى لم يفتح صندوق المشاركة المستقلة !!
هل إســماعيل عليه السلام عربي ؟
إسماعيل بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام اعجمي الأصل شعوبي الدم ، حتى اسمه ( إسماعيل ) ليس عربياً ؛ لأن والده كلداني ، حسب نصوص التوراة ، وهو ابن اعجمي ، تعلم العربية من جرهم ، كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في صحيح البخاري ، وأبناؤه العرب المستعربة الإسماعيليين مجمعين من شعبين عجميين ، والدهم اسماعيل كلداني ، ووالدتهم هاجر قبطية ، ويقال خادمة عند الملك القبطي وليست منهم ، والدليل ان الملك اهداها لسارة زوجة ابراهيم عليه السلام لتخدمها ، وعليه قد تكون افريقية او من شعب آخر ، امهم كانت خادمة في بيت الملك ، فهي اسرة عجمية باتفاق اهل العلم المعتبرين ، وهل فوق اخبار النبي صلى الله عليه وسلم اخبار ، حيث جاء الخبر في صحيح البخاري (3364) قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم .
فهذا يدل على أن إسماعيل عليه السلام تعلم العربية من جرهم .
وهذا حديث صحيح يفصل في شأن القبائل اليمنية بأنها ليست من بني اسماعيل عليه السلام ..
وأما الحديث الذي ذكر فيه أنه أول من تكلم باللغة العربية ، فهو غير صحيح باتفاق اهل الحديث المعتبرين ؛ لأن مداره على مسمع بن عبد الملك ، وهو شيعي بالبصرة ، ضعفه علماء الحديث .
ويكفي انه عارض صحيح البخاري الذي اجمعت الأمة على صحته واعتباره .
ثم كيف يكون اول من نطق بالعربية والنبي صلى الله عليه وسلم يخبر بأنه تعلم العربية من العرب الذين حول مكة بحديث متفق على صحته ، هذا تخبط يشبه تخبط من يريدون عدنانية قضاعة من أجل أن تكون سلالتهم عدنانية ، والمؤرخين السابقين يريدون الانتساب لبني اسماعيل عليه السلام .
قال الإمام الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري (6/403)
قوله ( وتعلم العربية منهم )
فيه اشعار بأن لسان أمه وأبيه لم يكن عربيا ، وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية . انتهى .
ثم هناك تفسير - لبعض المحدثين - من جانب آخر للحديث الذي ذكرفيه أنه أول من نطق بالعربية يفيد في بحثنا ، فقد فسرو الحديث خروجا من معارضة هذا الحديث فسرو المعنى بقولهم ( اول من نطق بالعربية من بني ابراهيم عليه السلام ..)
وليس مع كلام الذي لاينطق عن الهوى اجتهاد ، من اجتهادات الحمقى الذين يعتقدون ان الاصل العجمي عيب وهو ليس عيباً ، فليس العنصر العربي سواء العارب او المستعرب او البائد ، ليس افضل من العجم ، بدليل قوله تعالى { .. وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ...} .
ولما فقه العرب ذلك تزوج الحسين بن علي رضي الله عنهما بنت ملك الفرس لما أتي بها للمدينة اسيرة اعتقها وتزوجها ، لأن الحر لايجوز له ان يتزوج الأمة ؛ لأنها صارت رقيقة بسبب الكفر وتم اسرها ، بل انجب منها وماتت في نفاسها .
ثم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه زوج اخته فاطمه الزهرية القرشية لبلال بن رباح رضي الله عنهم ، وهو عبد حبشي الأصل ، ولكن ابا بكر اعتقه .
وفاطمة بنت قيس الفهرية القرشية استشارت النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج من معاوية بن أبي سفيان أو أبو جهم ؟ فقال لها : انكحي اسامة بن زيد ..!! وأسامة بن زيد حسب النظام الاجتماعي العربي ليس كفئا بالنسب مع ان والده هو أسامة بن زيد بنحارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. . من العرب العاربة ؛ لأمرين : لأن زيد والد اسامه قد اسر ثم تم بيعه في مكة ، ولأن والدة اسامة أم أيمن أمة سوداء ( عبده ) . واسامة لونه مثل لون والدته .
ويقال في اسمها : بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان ..
فكان رد فاطمة : اسامة اسامة .. على سبيل الاستغراب ؟ فرضخت لمشورة النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقول : فسعدت به .
ولابأس بقول : عبد أو عبده ؛ لقوله تعالى { .....والعبد بالعبد ..} ؛ لأنها مصطلح اجتماعي ، مثل قولنا : الخضيري ،، وليس اسما نبزيا ..
وهذا الكلام سقناه للتدليل على ان العرب يعتقدون انهم افضل من العجم وان العرب بعد الاسلام علموا انهم ليسو افضل من العجم ورد الله ورسوله عليهم هذا الاعتقاد حال كونهم متناقضين كيف ابيكم ابراهيم عليه السلام عجمي ومنحدرين من ظهور الاعاجم وتستحقرون الاعاجم . بل والدة القبائل الاسماعيلية كلها – وليست العدنانية فقط – أمة مستخدمة ( عبده ) في قصر الملك ، ولما اهديت لسارة عليها السلام استأذن ابراهيم عليه السلام زوجته في استيلاد هاجر فأذنت له فاستولدها ولم يتزوجها فليست زوجته ولايجوز له ان يتزوجها ؛ لأنه حر وهي ( عبده ) ، ولذلك ابونا ابراهيم عليه السلام لما ترك هاجر وابنه اسماعيل في مكة لم يقل ( أهلي ) قال ( ذريتي ) ؛ لأن هاجر ليست زوجة ، قال الله تعالى نقلا لقول ابراهيم { رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} .
بينما قال عن موسى عليه السلام لما كانت زوجته بنت شعيب حرة وليست أمة قال الله تعالى { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } .
فهنا الزوجة أهل عند العرب ، والأمة ليست أهلاً ، ولو كانت هاجر زوجة لما استأذن ابراهيم من زوجته ليستولدها .
ثم ليس من العرب المستعربة نبي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإسماعيل عليه السلام ، ومن العرب البائدة ثلاثة فقط هود وصالح وشعيب .
اذا حسبنا اسماعيل عليه السلام من العرب فهم خمسة فقط ، وإسماعيل ليس من العرب حسب الأحاديث الصحيحة بل تعلم العربية من العرب ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعده من الأنبياء العرب في الحديث .
قال الإمام الحافظ ابن كثير في كتابه : قصص الأنبياء :" في صحيح ابن حبان عن أبي ذر رضي الله عنه في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه [ أي: رسول الله صلى الله عليه « ...وأربعة من العرب : هود ، وشعيب ، وصالح ، ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم ". انتهى .
ولم يصح من الأحاديث شيء في عدد الأنبياء ولكنهم كثيرون لقول الله تعالى { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ } المؤمنون/44 ، وقال تعالى : { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ } فاطر/24 .
العرب منهم أربعة فقط . أقل من عدد أصابع اليد الواحدة ، فكيف يزعم جاهل أنهم كلهم عرب ؟!!
ثم بعض الجهلة العاميين يرون أن كلمة ( عربي ) صفة مدح ، وأن كلمة ( عجمي ) صفة ذم ، وهما ليس للمدح ولا للذم ، بل هما للتعريف فقط ، وصفة اعجمي نسبية ، أي : بالنسبة للسان العربي .
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .
قال البغوي في تفسير الآية : (لِتَعَارَفُوا) لِيَعْرِف بعضكم بعضا في قرب النسب وبُعْدِه ، لا لِيَتَفَاخَرُوا .
وقال ابن عطية في تفسيره : وقصد هذه الآية التسوية بين الناس ، ثم قال تعالى : (وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ، أي : لئلا تَفَاخَرُوا ، ويُريد بعضكم أن يَكون أكْرَم مِن بعض فإن الطريق إلى الكرم غير هذا (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) .
وقال ابن كثير : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ، أي : ليحصل التعارف بينهم ، كل يرجع إلى قبيلته . وقال مجاهد في قوله عز وجل : ( لِتَعَارَفُوا ) : كما يُقال فلان ابن فلان من كذا وكذا ، أي : مِن قبيلة كذا وكذا . انتهى .
أما الوهم بأن العرب أعزة فهذا ينفيه سيد العرب وخليفة الله بأرضه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، بمقولته المشهورة : كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام .
ولازال العرب أمة مستذلة بين الأمم حينما تنحت عن تعاليم دينها ورضيت بالدون ، فأرضها مستحلة ودماؤها مستباحة وأموالها مهدرة ، واتفق العرب أن لا يتفقوا .
التعديل الأخير تم بواسطة صفوق الدهمشي العنزي ; 03-16-2014 الساعة 05:32 PM
سبب آخر: تكبير الخط
|