( أنفلات وسائل النشر والبث في هذا العصر )
هذا الموضوع كتبته قبل اكثر من عشرة سنين عندما طلع مقطع به رجال يتحدثون ويدعّون أنهم من قبيلة بني مرة من بني شيبان من بكر بن وائل وهم المعروفين باسم ( النوّر ) وتذّكرت أن ما يدعّون به جاء في قصّة الزير الخرافية الخيالية حيث في العصور الوسطى انتشرت قصص خيالية كتبها مؤلفين من الحكواتيين مثل قصّة عنترة وقصّة قيس بن الملّوح وقصّة الزير وقصص بني هلال ورغم أن هذه الشخصيات لهم قصص حقيقية فقد كتبوا عنهم قصص خرافية وهم يتناولون شخصية معروفة أو قبيلة معروفة ويكثر بهذه القصص ( قال الراوي ) وهم يسندونها لراوي مجهول لأنها غير مسنده وكانوا قد استهدفوا قبيلة بني هلال العامرية الهوازنية المضرية فكتبوا عنها من الخيال ما جعل العوام يتناقلون قصص وروايات وأشعار منتحلة ولا باس من تأليف ونشر قصص مشابهة لتمثيليات في هذا العصر لقصد التسلية ولكنها طمست تاريخ هذه القبيلة الصحيح ومن كثر الخلط أصبح لا يعرف الخطأ من الصواب وكما يعرف الجميع فأن الزود مثل النقص .
ومن ألف قصة عدي بن ربيعة ( المهلهل ) الملقب ( الزير ) فقد أطلق عليه أسم سالم وليس من أسماء الزير سالم ؟ وذكر المؤلف أن جليلة بنت مرّة زوجة كليب أخو الزير قد ضربت بالرمل وهو نوع من الكهانة وأتضح لها أن جساس أخوها سيقتل كليب زوجها ثم أن الزير سيقوم بمحاربة بني شيبان قومها ويقتل أخوانها جساس وهمام وغيره فأحتالت لكي تقضي على الزير وصارت تطلب طلبات ومنها أدعت أنها مريضة وأن علاجها شربة ماء من بير السباع وهو بير ترد عليه السباع وطلبت من الزير أن يحضر لها ماء من بير السباع لعل السباع تفترس الزير فطلب سلاح وقالت له أنت البطل الذي لا يقهر كيف تطلب سلاح ؟ وذهب الزير لجلب الماء من البير وكان يمتطي حمار ونزل في البير ليملأ القرب من الماء وكان بالقرب من البير أسد نايم فاستيقظ الأسد وأكل الحمار فوضع الزير رسن الحمار في رأس الأسد وحمل على ضهره القرب وركبه وقال ( من أكل حمار العرب يزوزي بالقرب ) وذهبت مثلاً ثم أنه بدأ يقتل من الأسود بثأر الحمار حتى بنى قصر من رؤس الأسود وعندما كنا نقرأ قصّة الزير ونحن صغار أعجبنا بالزير وصدّقنا هذه الأكذوبة .
والذي أدهى وأمر من هذه الرواية فأن المؤلف قد تجرّد من كل مصداقية فختم قصته بخرافات لا يقرها لا عقل ولا نقل في التشنيع بقبيلة بكر بن وائل تلك القبيلة التي دعى لها الرسول صلى الله عليه وسلّم فقال : ( اللهم أجبر كسيرهم وأو طريدهم ولا تريني فيهم سائلاً أو قال عائلاً ) والسائل هو الذي يتسّول ويشحذ والعائل هو الفقير وتصديق لدعوة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فأن عوائل وأسر وأفراد من قبيلة بني حنيفة من بكر الذين يسكنون في الرياض ما يوجد شخص منهم تسوّل أو ادعى بحاجة لقصد التكسب وقبائل بكر في العراق رغم ما جرى لهم من نكبات ما يوجد منهم من تسّول ومع عظمة هذه القبيلة وعلو شأنها فقد ذكر صاحب القصة أن الزير انتصر على بكر في نهاية حرب البسوس وحرّم على قبيلة بكر ركوب الخيل وأرغمهم على أقتناء الحمير كما حرّم عليهم أن يوقدون النار في بيوتهم وأن لا يستقبلون الضيوف وأمرهم أن يتسولون ثم بدأ المؤلف يسرد الأكاذيب وآخر ما قال أن بقايا قبيلة بكر بن وائل هم ( النوّر ) الذين هم الغجر المعروفين وهذا من الخرافات المشوهة لتاريخ القبائل مع أن قبيلة بكر لها تاريخ ناصع منذ العصر الجاهلي إلى هذا العصر وحقيقة نهاية حرب البسوس أن بكر انتصرت على تغلب ثم جاء الإسلام وانتهت الحروب وقبيلة بكر هي التي هزمت جيش الفرس ومن معهم من العرب في ذي قار ولم يكن مع بكر من القبائل ألا قبيلة عنزة وبعض أحلافهم الذين يعدّون منهم فكيف صاروا نور وهم منذ العصر الجاهلي ولا يزالون من أعز القبائل وهم حالياً بالعراق وايران وتركيا وفي جميع اقطار العرب شعوب وقبائل .
وعلى ذكر قبيلة بكر بن وائل وحيث أن بعض جماعتنا أنتحل نسبها وحاول نقل بعض بطون عنزة بن أسد لنسب بكر فأنني سبق وأن التقيت بالشيخ معن بن شناّع الدلفي العجلي وهو شيخ قبائل بني عجل من قبائل بكر بن وائل في العراق وأيران وقد أثناء على جهدي مشكوراً وزودني في عدد من مؤلفاته وبها تفاصيل وافية عن قبائل بني عجل لذلك أقول لأخواننا الذين يريدون اقتطاع جزء من عنزة وألحاق نسبها بنسب قبائل بكر فأن هذه القبائل حية ترزق ولا يحق لنا نحن أبناء عمهم عنزة بن أسد أن نرث أسمهم ولا أن نتقمّص نسبهم وعلى الذين يتخيلون أن يقلعون عن التزييف والتحريف وقد التقيت بالشيخ معن في مدينة العين بالأمارات وهو من أهل الخميسية بالعراق وقد سكن بالأمارات وفي قطر وعندما وصلت الأمارات اتصلت به وواعدته في عمارة معروفة وعندما قابلته سلم عليه سلام حار وقال انت لست لعنزة فقط بل لكل ربيعة وهذا الرجل من عظماء الرجال في المخبر والمنظر فهو رجل مهيب .
*- ومع الأسف في هذا العصر تعددت وسائل التواصل ويلاحظ أن بعض مواقع النت تنشر مقالات وبحوث مسيئة للقبائل والأفراد وتنشر مقاطع من شعر لشعراء تعيد ذكّر الأحداث الأليمة التي كانت سائدة في مجتمعات العرب قبل أن يمن الله على الشعب بحكومة رشيدة منعت السلب والنهب والغزو بين القبائل وأهل القرى والمدن ومع ذلك بكل أسف فقد سخرّت وسائل تثير الضغاين والأحقاد وترسّخ مشاعر العداء بين أحفاد الرجال الذين افضوا إلى ربهم بأعمالهم نطلب لهم الرحمة والمغفرة فأين الرقابة ؟