بقلم : علي الكوراني العاملي وعبد الهادي الربيعي الطبعة الأولى 1431 ه - 2010 م .
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير الأنام محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
قبيلة عجل بن لجيم أحد البطون الكبرى لقبيلة بكر بن وائل من ربيعة ، كانت تسكن مع بني شيبان واللهازم وسائر بكر بن وائل بين اليمامة والأطراف الغربية من العراق من الأبلة إلى الحيرة ، ثم حطَّت الرحال في البصرة والكوفة بعد تمصيرهما ثم سكنت الكرج بين طهران وهمدان بعد أن بناها أبو دلف العجلي وسكنوا قزوين وخراسان وكانوا أمراء تلك البقاع وقد عرضنا نسب القبيلة ومواطنها وأشهر بطونها ، ونبذة عن تاريخها ودورها في الحروب ، ومنها معركة ذي قار الشهيرة .
ثم ذكرنا إسلامها ومشاركتها في الفتوحات ، ثم عددنا الصحابة والتابعين منها ، وفيهم من كبار القادة والأمراء كأبي دلف العجلي ، وفيهم من كبار الفقهاء كبريد بن معاوية العجلي .
وقد اكتفينا بتعداد رواة الحديث والعلم وذكرنا بعض علمائهم المتأخرين كابن إدريس الحلي العجلي ( رحمه الله ) . كما ذكرنا عدداً من شعراءهم ، خاصة الرُّجَّاز منهم ، لأن فن الرجز تطور على أيديهم . ثم ختمنا ببعض موالي بني عجل الذين نبغوا وكانوا شخصيات في المجتمع الإسلامي ، وأعلاماً في بعض المذاهب . أرجو أن أكون وفقت في تسليط الضوء على تاريخ ورجالات هذه القبيلة العربية العريقة .وأتقدم بالشكر إلى سماحة الشيخ علي الكوراني العاملي لرعايته هذا الجهد ومراجعته هذا الجزء وتكميله وإعادة ترتيبه أدامه الله ذخراً للمؤمنين والحمد لله رب العالمين . عبد الهادي الربيعي 28 ربيع الثاني 1430 هجرية
الفصل الأول : ملامح عامة عن بني عجل بن لجيم
1 - نسب بني عجل يرجع نسبها إلى عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار والنسبة إليه عجلي .
ولعجل بن لجيم أربعة أولاد وهم : ربيعة ، وضبيعة ، وسعد ، وكعب وقيل صعب ، فأما صعب وضبيعة فأبناؤهم قليلون ، وأما ربيعة وسعد بن عجل فالعدد في ولدهم . ( المعارف لابن قتيبة / 97 ) .
وأما أم عجل فهي حَذام بنت جسر بن تيم بن يقدم بن عنزة ، وبها يضرب المثل في الصدق ، وقال فيها زوجها لجيم بن صعب :
إذا قالـت حَذام فصدقوها * فإن القول ما قالت حذام
( إكمال الكمال لابن ماكولا العجلي : 3 / 132 ) .
2 - مواطن بني عجل
سكنت هذه القبيلة وسائر بطون بكر بن وائل في شرق شبه الجزيرة العربية وشمالها الشرقي ، من البحرين واليمامة إلى الكوفة والحيرة ، ومن منازلهم : ذو الأراكة ،وهو نخل بموضع في اليمامة ( معجم البلدان: 2 / 29 ) . وجوخاء : موضع بالبادية بين عين الصيد وزبالة تقع في طريق الحاج من واسط ( معجم البلدان : 2 / 197 ) .
والحيرة : سكنوها قبل الفتوحات الإسلامية ( ابن خلدون : 4 / 225 ) . والخربة : ما بين اليمامة والبصرة ( معجم البلدان / 3 / 94 ) .
وزُم : ماء في طريق الكوفة إلى مكة والبصرة . ( معجم البلدان : 3 / 150 ) .
ودحل : ماء بالحزن لبني الوصاف من بني عجل .
والشبرم : ماء لهم في طرف البرية قرب الكوفة . والهجيرة : ماء لهم بين الكوفة والبصرة .
والرويثة ومحضرة : بين طريق الكوفة والبصرة إلى مكة . ( معجم قبائل العرب : 2 / 757 ) .
وبقيع : ماء أيضاً لهم ( معجم البلدان : 1 / 474 )
وساق : ماء البصرة والكوفة إلى مكة ( معجم البلدان : 3 / 172 ) .
والقيارة : من واسط على مرحلتين ، وهو بئر ماؤها غليظ كثير . ( معجم البلدان : 4 / 491 ) .
3 - بطون قبيلة عجل
1 - بنو جذيمة بن سعد : ومنهم : حنظلة بن سيار بن ثعلبة العجلي ، قائد بكر بن وائل في معركة ذي قار الشهيرة ( التنبيه والأشراف : المسعودي / 207 )
2 - بنو جشم بن قيس ، بن سعد بن عجل بن لجيم ( معجم قبائل العرب : 1 / 189 ) ، ومنهم خراش بن إسماعيل الراوية النسابة ، والنسبة إليهم جشمي . ومساكنهم بالسروات وهي تلال بين تهامة ونجد متصلة باليمن إلى الشام ، وبسروات هذيل . وقد انتقل معظمهم إلى المغرب .
وكان له من الولد دلف وعبد سعد ، ومنهم بصير بن صرد وفد على النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) عند سبيه لهوازن فشفع في سباياهم فأطلقهم له ( نهاية الأرب : القلقشندي / 1 / 74 )
3 - بنو دلف : بن جشم بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم ، والنسب إليه دلفي ، ومن رجاله القاسم بن عيسى أبو دلف الأمير والشاعر ، وعلي بن هبة الله بن علي جعفر بن علكان ، المعروف بابن ماكولا صاحب كتاب إكمال الكمال .
4 - بنو ذهل بن ربيعة : بن عجل بن لجيم ، ومنهم : فرات بن حيان أحد صحابة النبي ( صلى الله عليه وصلّى ) ( الثقات / ابن حبان : 3 / 333 )
5 - ربيعة بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ( المصدر السابق : 2 / 432 ) ، وهذا البطن من أكبر بطون بني عجل ويتفرع إلى عدة بطون .
وذكر العزاوي في عشائر العراق ( 4 / 164 ) أن ربيعة العراق الحاليين يرجعون في نسبهم إلى هذا البطن ، قال : « هم أولاد ربيعة بطن من بكر بن وائل العدنانية ، وهم بنو ربيعة بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، على ما هو المشهور عندهم » .
6 - بنو ربيعة بن مالك : بن ربيعة بن عجل ، قبيلة كبيرة العدد ومنها مشاهير كالفضل بن قدامة ، أبو النجم العجلي ، الراجز ، والمرار بن سلامة ، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ( تاريخ دمشق : ابن عساكر : 48 / 149 ) .
7 - سعد بن قيس : وهم : بنو سعد بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ( معجم قبائل العرب : 2 / 517 )
8 - بنو سعد بن عبد الله : بن أسامة بن ربيعة بن ضبيعة بن عجل ، وقد ولد أنساً ومهانة ومهرباً ،وهم رهط أصرم بن عنفوة بن كساب بن مهرب الذي غلب على أصبهان أيام حكم ابن الزبير ، وابنه أبو بكر ابن أصرم ( إكمال الكمال : 5 / 229 )
9 - بنو سيار بن الأسعد بن جذيمة : بن سعد بن عجل بن لجيم وأولاده : مالك وعوف وعمر وربيعة وعبد الله ، أمهم زهيرة بنت الطيب بن معاوية بن عامر بن حنيفة ، وزيد وأمه الغراء . وولد مالك عبد الله بن مالك ، أمه الصرماء بنت الأعور من بنى ضبيعة بن عجل . وولد ربيعة بن سيار : أسود وعبد العزى وحارثة والحارث وعمرا ، ومنهم إياس بن مضارب العجلي صاحب سوق ابن مطيع بالكوفة ( المصدر السابق : 4 / 435 ) .
وكان على شرطة خالد بن عبد الله القسري ، وقتل في ثورة المختار الثقفي في الكوفة .
10 - بنو صعب بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر ( معجم قبائل العرب : 2 / 641 )
11 - ضُبيعة بن عجل : بن لجيم (المصدر السابق : 2 / 664) وأولاده : ربيعة وأسامة وسعد وعمر وأبو سود وأسود . ومنهم بشير بن زيد أحد الصحابة .
12 - بنو عترة بن عامر بن كعب بن عجل ، والنسبة إليهم العُتري بضم العين ، نزل أكثرهم الكوفة ( الأنساب للسمعاني : 4 / 151 )
13 - بنو عايش بن مالك : وهم من بني العباب ( تاج العروس : 16 / 112 )
14 - بنو عائذ بن شريط ، ومنهم مرداس بن نهار ، وحجار بن أبجر ، أحد قادة يزيد في كربلاء . ( إكمال الكمال : 6 / 12 ) .
15 - العبَّاب : وهم بنو الحارث بن ربيعة بن عجل ، والنسب إليه عبابي ( الأنساب / السمعاني / 4 / 122 ) منهم قيس بن العباب من فرسان القادسية ، وابن الحجية .
16 - عبد سعد بن جشم : بن قيس بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ( معجم قبائل العرب : 2 / 724 )
17 - عدي بن ربيعة : بن عجل بن لجيم ( تاج العروس : 19 / 667 ) .
18 - عنز : بطن من عجل بن لجيم ، من العدنانية ( معجم قبائل العرب : 2 / 845 ) .
19 - بنو القاسم بن عيسى : أبناء أبي دلف العجلي أمير الكرج ، وفيهم أمراء وقضاة وعلماء ، منهم محمد بن إدريس الحلي ، وأحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف ، وأخوه بكر وغيرهم .
وينتسب إلى هذا البطن من العشائر العراقية المعاصرة :
أ . حجام ( حكام ) وهي قبيلة عربية مشهورة ، تقطن حوالي مدينة سوق الشيوخ من الناصرية ، وإليهم يرجع الدلفيون الآتي ذكرهم ، وفروعها كثيرة منهم : آل صالح وهم الرؤساء وآل حسين وآل ذياب وآل بو كاظمة وآل طعيمة ، وآل بو دخيل ، وآل بو فضيل ، وآل بو قريش ،وآل بو خرسا ، وأولاد شمس ، وآل بو دلي ، وأولاد علي ، ثم آل بو عطا وآل حطوط ، وآل بيحات ، وأولاد ناهي ، وأولاد كنيِّف ، وأولاد سوَّاد ، وأولاد منهي . ولهم فروع أخرى في الشنافية ، وهم يكونون الثلث في عشيرة العوابد ، وهم آل شمخي ، وآل قاعي ، والباصر ، والعويسات ، آل عمران .
وفي قلعة سَكر منهم : آل عليان وآل شنان وفي النعمانية : العرايا وأولاد زيارة ، وفي قضاء عفك قرب الديوانية . ويعود هؤلاء جميعاً إلى بني شيبان المذكورين في سوق الشيوخ . ( القاموس العشائري : 1 / 181 )
وقد نسبهم العزاوي إلى بني مالك حيث أن نخوتهم كنخوة بني مالك ( زيود أو مزايدة ) ، لكن النخوة ليست دليلاً كافياً على نسبة القبيلة ، خاصة أن صاحب كتاب ماضي النجف وحاضرها نسبهم إلى ربيعة ( عشائر العراق : عباس العزاوي : 4 / 38 ) وبنو عجل من ربيعة ، فكونهم من بني عجل قريب جداً ، فقد كانوا يسكنون ضفاف الفرات الغربية بين السماوة والبصرة جنباً إلى جنب مع بني شيبان حلفائهم ، ومن البعيد جداً أن تذوب قبيلة كبيرة سكنت هذه المنطقة من قديم ولا يبقى منهم أحد فيها ! أما بطونهم التي ذكرها العزاوي فهي : آل غطيِّش ، ومنهم : آل ناهي ، وآل فندي . الدحلة ، وهم آل عجيل ومنهم : آل صالح وآل حسين . وآل كطان ( قطان ) ومنهم : آل ديوان ، وآل فرحان .
ومن بني أبي دلف : العتيبية ، ومنهم : آل شخيل ، وآل خنيفس .
ومن أبي دلف : آل جمعة . وأهل الشاخة ، ومنهم آل عطية ، وآل خليفة . ومن الدلفيين أيضاً : الزويدات ، والربيحات ، وآل مالح ، وعدهم بعضهم عشيرة لوحدها ( عشائر العراق : 4 / 39 ) وتعرف هذه القبيلة بقوة الشكيمة وتحريض نسائهم على القتال ( عشائر العراق : 4 / 40 ) وكان لهم موقف مشهود في أحداث جنوب العراق ( القاموس العشائري : 1 / 218 ) ب . الدلفية : وهي أحد عشائر مندلي من جهة الكوت ، وأصلهم من بني عجل ، ومن فروعهم : الربيعات ، الحالوبة ، اسحيب ، جويحل ، الخيمات . ( المصدر السابق : 1 / 270 ) .
ج . آل جويبر : يعدهم البعض من خيقان ، والبعض من بني مالك ، وآخرون من حجام ، وذلك غير بعيد لتقاربهم في الصفات التي ذكرها العزاوي أعلاه ، ومن فرقهم : المطاردة ، الشليشات ، البو نجم ( المصدر السابق : 1 / 129 ) . وذكروا في موقع منتديات بني عجل وحنيفة الأليكتروني ، قبائل أخرى ترجع إلى أبي دلف ، وذكر أماكن سكناهم كالبصرة في الدير ، والفاو ، والكوت ، وعفك في الديوانية ، وبغداد ، وفي الأهواز أيضاً .
20 - كعب بن عجل بن لجيم بن صعب . من بكر بن وائل . ( معجم قبائل العرب : 3 / 986 ) .
21 - بنو مالك بن ربيعة بن عجل ، منهم : زهدم بن معبد بن عبد الحارث بن هلال الشاعر الملقب بالمفرض . ( الأنساب للسمعاني : 5 / 356 ) .
من بكر بن وائل قبائل معروفه بالعراق حالياً أهمها : بنو عجل وبنو حنيفة وتنتشر قبائل بنو عجل وحنيفه في محافظة ذي قار في العصر الحالي ويبلغ تعداد نفوسهم 20 الف نسمة.
وتنتشر عشيرة بنو حنيفة في محافظة ذي قار في سوق الشيوخ مع قبيلة بنو عجل البكرية واصبحوا قبيلة واحدة تحت مسمى "بنو عجل وحنيفة".
4 - من أيام قبيلة بني عجل
ذكر الخطيب البغدادي أن لأبي الفرج الأصفهاني وهو من أولاد مروان بن الحكم كتاباً في أيام العرب ذكر فيه ألفاً وسبع مئة يوم ( تاريخ بغداد : 11 / 397 ) وهو يعني أن جزيرة العرب كانت تموج بالحروب والقتل ! وكان لقبائل ربيعة نصيب وافر من هذه الحروب ، مع القبائل المضرية كبني تميم أو القحطانية من عرب اليمن أو العدنانية التي ترجع إلى ربيعة بن نزار ، ولعل العداوة بين القبائل الربيعية كانت أشدُّ ، فقد كانت بينهم حرب البسوس ودامت نحو أربعين سنة بين بني شيبان من بكر بن وائل وبني جشم من تغلب ، بسبب قتل جساس بن مرة الشيباني لوائل كليب التغلبي ، وذكرنا تفاصيلها في كتابنا عن بني شيبان .
ومن أشهر وقائع بني عجل بن لجيم :
1 - يوم مسلحة : غزا فيه قيس بن عاصم التميمي بني عجل بالنباج وثيتل ، قرب مسلحة ، قال جرير :
لهم يوم الكلاب ويوم قيس * أقام على مسلحة المزارا ( معجم البلدان : 5 / 129 )
2 - يوم لقيط : حيث تجمعت اللهازم وهي قيس وتيم اللات ، ومعهما عجل بن لجيم ، وعنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار وأغاروا على بني تميم وهم غارون ، وأوقعوا ببني دارم بالوقيط وأسرت ربيعة جماعة من رؤساء بني تميم منهم نعيم وعوف ابنا القعقاع بن معبد بن زرارة ، ومنهم ضرار بن القعقاع بن معبد بن زرارة فجزوا ناصيته وأطلقوه ، وأسروا عثجل بن المأمون بن زرارة ، وجويرة بن بدر بن عبد الله بن دارم ، ولم يزل في الوثاق حتى رآهم يوماً يشربون فقال شعراً فأشفقوا عليه وأطلقوه . وأكثر الشعراء في هذا اليوم . ( الكامل في التاريخ : 1 / 628 ) .
3 - حربهم مع شيبان . وكلاهما من بكر بن وائل ، وكانت الحرب في الخربة ما بين البصرة واليمامة . ( معجم قبائل العرب : 1 / 406 )
4 - غارة بني فقعس بن طريف من بطون بني أسد العدنانية ، على بني عجل بن لجيم ( المصدر السابق : 3 / 925 ) .
5 - يوم قهد : بالتحريك ، موضع قرب سنجار . وكانت فيه وقعة لبني سليم بن منصور من قيس عيلان ، على بني عجل . ( معجم ما استعجم : 3 / 1100 ) .
6 - وأشهر معاركهم على الإطلاق معركتهم مع الفرس يوم ذي قار . وذكرنا خبره في بني شيبان لأنهم كانوا شركاءهم فيها ، وكانت القيادة لرئيس بني عجل : حنظلة بن ثعلبة . وكان النبي عرض دعوته عليهم وعلى بني ذهل بن شيبان في موسم الحج بمكة ، وتلا عليهم من القرآن ، فأعجبتهم دعوته وطلب منهم أن يحموه من قريش والعرب ليبلغ رسالة ربه ، فاعتذروا له بأنهم مجاورون لكسرى ولا يستطيعون ذلك .
وكان سبب معركتهم مع الفرس في ذي قار أن كسرى خيرهم بين أن يسلموه أمانة النعمان بن المنذر وكانت ألف درع ، وبين الجلاء أو القتال فقرروا القتال وأن لا يخونوا الأمانة . وقال شيخهم : إجعلوا شعاركم اسم الرجل القرشي الذي دعاكم في مكة ، فجعلوا شعارهم : يا محمد ، يا محمد وكانت معركتهم في ذي قار قرب مدينة الناصرية ، فنصرهم الله باسم النبي ، وكان ذلك بعد معركة بدر بأربعة أشهر ، وأرسلوا خمس الغنائم إلى النبي ، فقبلها وشكرهم .
الفصل الثاني : وفود بني عجل على النبي صلّى الله عليه وسلّم :
ويظهر أن وفد بكر بن وائل جاء بعد أن كتب لهم النبي ( صلى الله عليه وساّم ) رسالة دعاهم فيها إلى الإسلام .
قال ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة مرثد بن ظبيان السدوسي : وفد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) وشهد معه حنيناً ، وكتب معه ’ كتاباً إلى بعض بطون بكر بن وائل ، ونص الكتاب : من محمد رسول الله إلى بكر بن وائل : أسلموا تسلموا » . ( أسد الغابة : 4 / 344 ) .
واستظهر الميانجي في مكاتيب الرسول : 2 / 345 : أن رسول الله ’ بعث لهم بكتابين أحدهما إلى ملكهم هوذة بن علي الحنفي ( 6) هامش ( 1 ) هوذة بن علي بن ثمامة الحنفي من بكر بن وائل ، كان ملك أهل اليمامة ، ولم يسلم لأنه اشترط على النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) شروطاً ، فلم يجبه إليها . الأعلام : 8 / 102 . / هامش ، والى ثمامة بن آثال ( 2 ) هامش ( 2 ) ثمامة بن أثال بن النعمان اليمامي ، من بني حنيفة ، كان سيد أهل اليمامة . ولما ارتد أهل اليمامة في فتنة مسيلمة ثبت على إسلامه ، ولحق بالعلاء بن الحضرمي ، في جمع ممن ثبت معه ، فقاتل المرتدين من أهل البحرين ، وقتل بعيد ذلك ( رحمه الله ) .الأعلام : 2 / 100 / هامش ثم بعث هذا الكتاب كالمنشور العام مع وفدهم الذي جاء إليه قال : أن الكتاب بعثه النبي ’ إلى بطون بكر بن وائل القاطنين باليمامة ، بني ضبيعة ، وبني سدوس ، وبني شيبان ، وبني يشكر ، وبني عكابة ، وبني حنيفة رهط هوذة بن علي وثمامة بن أثال ملكي اليمامة ، وبني عجل ، وكانت ديارهم من اليمامة إلى البحرين ، فكان رسول الله ’ كتب إلى ملكهم هوذة وإلى ثمامة وكتب مع وفدهم كتاباً إلى جميع بطون بكر بن وائل .
الفصل الثالث : من أعلام بني عجل في الإسلام
1 - بقية أعلام بني عجل من الصحابة
1 - فرات بن حيان بن ثعلبة العجلي ، من بنى عجل بن لجيم بن سعد بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط ، حليف لبنى سهم هاجر إلى النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) ، روى عنه حارثة بن مضرب ، وحنظلة بن الربيع ، يعدُّ في الكوفيين . روى عن قتادة قال هاجر من بكر بن وائل أربعة : رجلان من بنى سدوس ، أسد بن عبد الله من أهل اليمامة ، وبشير بن الخصاصية وعمرو بن تغلب من النمر بن قاسط ، وفرات بن حيان من بنى عجل ، لكن هذا يتنافى مع ما سيأتي ، فقد قال ابن سعد في الطبقات : أنه كان مقيماً في مكة وعندما خرجت قريش لحرب النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) في بدر ، بعثوا بفرات إلى أبي سفيان ليعلمه بخروج قريش ، فخالف أبا سفيان في الطريق ، ثم التحق بالمشركين في الجحفة ، ومضى معهم إلى بدر ، وحضر المعركة إلى جانب المشركين ، وأصيب بجراحة ثم هرب ماشياً ( الطبقات 2 / 13 )
ثم بعث النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) سرية عليها زيد بن حارثة إلى منطقة القردة في هلال جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهراً من مهاجره ، وهي أول سرية خرج فيها زيد أميراً ، والقردة من أرض نجد بين الربذة والغمرة ناحية ذات عرق ، بعثه النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) يعترض عيراً لقريش فيها صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى ، وعبد الله بن أبي ربيعة ، ومعه مال كثير نُقْرٌ وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم ، وكان دليلهم فرات بن حيان العجلي ، فخرج بهم على ذات عرق طريق العراق ، فبلغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) أمرهم فوجه زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوها فأصابوا العير وأفلت أعيان القوم ، وقدموا بالعير على النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) فخمسها فبلغ الخمس فيه عشرين ألف درهم وقسم ما بقي على أهل السرية وأسر فرات بن حيان فأتي به النبي فقيل له إن تسلم تترك فأسلم فتركه الرسول .
2 - بشير بن زيد الضبعي ، عدَّه الشيخ الطوسي ممن روى عن النبي ( رجال الطوسي : 28 ) ، أدرك الجاهلية وله صحبة ، روى عنه الأشهب الضبعي ، وهو راوي قول النبي ’ عن يوم ذي قار : اليوم أول يوم انتصف فيه العرب على العجم ( الوافي : 10 / 105 )
3 - خولي بن أبي خولي العجلي ، واسم أبي خولي عمرو بن زهير بن جعف ، قال الطبري : شهد خولي بن أبي خولي بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله ’ ومات في خلافة عمر ( الاستيعاب : 2 / 453 ) وذكروا أن
أخاه مالكاً شهد بدراً معه ( المصدر السابق : 3 / 1350 ) .
4 - عتيبة بن النهاس ( عبدل ) بن حنظلة بن يام بن الحارث بن سيار بن حيي بن حاطبة ( المصدر السابق : 4 / 436 ) ، وهو أبو الحكم بن عتيبة الآتي ذكره ، من كبار العجليين أدرك النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) استعمله خالد بن الوليد في اليمامة على اللهازم في الحرب على المرتدين وكان من الكماة الشجعان ، واستعان به العلاء الحضرمي أيضاً في قتال المرتدين ( الإصابة : 5 / 94 ) كما استعان به خالد بن الوليد مرة أخرى في معركة اُلَّيس قرب السماوة مع بعض جنود كسرى وبعض نصارى بكر بن وائل ( الطبري : 2 / 560 ) وشهد فتح الري مع نعيم بن مقرن ، وبعث نعيم معه الأخماس إلى عمر بن الخطاب ( المصدر السابق : 3 / 231 ) ، كما شهد مع نعيم فتح قومس . ثم جعله عثمان والياً على حلوان في السنة الحادية عشرة من ولايته فقد كان زعيماً يقصده الشعراء ، ففي خزانة الأدب : « دخل الحطيئة على عتيبة بن النهاس العجلي فسأله فقال: ما أنا في عمل فأعطيك من غدده ، وما في مالي فضل عن قومي . فلما خرج قال له رجل من قومه : أتعرفه قال : لا . قال : هذا الحطيئة فأمر بردِّه فلما رجع قال : إنك لم تسلم تسليم الإسلام ولا استأنست استئناس الجار ، ولا رحبت ترحيب ابن العم . قال : هو ذلك . قال : أجلس ، فلكَ :
من يجعل المعروف من دون عرضه * يـَفـِرْهُ ومـن لا يـتـقِ الشتـمَ يُـشـتـم
قال : نعم ، أنا . فقال عتيبة لغلامه : إذهب به إلى السوق فلا يشيرن إلى شئ إلا اشتريته له . فانطلق به الغلام فجعل يعرض عليه الحبرة واليمنة وبياض مصر ، وهو يشير إلى الكرابيس والأكسية الغلاظ ، فاشترى له بمائتي درهم وأوقر راحلته براً وتمراً . فقال له الغلام : هل من حاجة غير هذا ؟ قال : لا ، حسبي . قال : إنه قد أمرني أن لا أجعل لك علة فيما تريد قال : لا حاجة بي أن يكون لهذا يدٌ على قومي أكثر من هذه ثم ذهب فقال:
سئلـت فـلـم تبخـل ولـم تعـط طائلاً * فـسـيـان لا ذم عـلـيـك ولا حـــمـــد
وأنـت امـرؤ لا الجـود منك سجية * فتعطي وقد يعدي على النائل الوجد
( خزانة الأدب : البغدادي : 2 / 362 - 363 )
5 - فرقد العجلي الربعي ، ويقال التميمي العنبري يذكر في الصحابة ، ذهبت به أمه أمامة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) وكانت له
ذوائب فمسح بيده عليه وباركه ودعا له ( الاستيعاب : 3 / 1259 ) .
6 - النسير بن (ديسم بن) ثور بن عريجه بن محلم بن هلال بن ربيعة من بني عجل بن لجيم . أدرك النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) وشهد القادسية . وكان من قادة النعمان بن مقرن في معركة نهاوند ، فعهد إليه بحصار قلعة ومعه بنو عجل قومه وحنيفة ، وفتحها بعد فتح نهاوند سنة إحدى وعشرين فعرفت باسمه : قلعة النسير ، مات سنة خمس وثلاثين ( الأعلام : 8 / 19 ) وولاه عثمان همدان سنة ثلاث عشرين ./ 44 ، والإصابة : 6 / 390 ) .
7 - المثنى بن لاحق العجلي ، له إدراك . قال الطبري : كان أشد الناس على النصارى من بني بكر بن وائل حين توجه خالد بن الوليد إليهم سنة اثنتي عشرة ، فكان هو وفرات بن حيان ، ومذعور بن عدي ، وسعيد بن مرة مع خالد بن الوليد في تلك الحرب . ( الإصابة : 6 / 216 )
8 - مذعور بن عدي العجلي ، شهد اليرموك وفتوح العراق ، وذكره سيف بن عمر ، وكان المثنى ومذعور قد وفداً على النبي وصحباه ، وكان حرملة وسلمى من المهاجرين فقدموا على أبي بكر . وكان مذعور بن عدي العجلي على كردوس باليرموك ، ولما قدم المثنى بن حارثة ومذعور على أبي بكر فاستأذناه في غزو أهل فارس وقتالهم ، وأن يتأمرا على من لحق بهما من قومهما ، فأذن لهما وكان مذعور في أربعة آلاف من بكر بن وائل وضبيعة وعنزة ، ففتح خفان والنمارق ، قال مذعور :
غـلـبنـا عـلى خـفـان بـيـدٍ مشيحـة * إلى النخلات السحق فوق النمارق
وإنـا لـنـرجـو أن تـجـول خـيـولـنـا * بشاطي الفرات بالسيوف البوارق
( الإصابة : 6 / 51 )
2 - أعلام بني عجل من التابعين
1 - علباء بن جحش العجلي : أحد الشجعان يوم القادسية . قال الطبري : « خرج رجل من أهل فارس ينادي من يبارز ؟ فبرز له علباء بن جحش العجلي فنفحه علباء فأسحره ( أصابه في سحره عند نحره ) ، ونفحه فمات من ساعته وأما ( علباء ) فأدركه الموت على رأس ثلاثين ذراعاً من مصرعه إلى صف فارس ، وقال :
أرجـو بـهـا مـن ربـنـا ثـوابـا * قد كنت ممن أحسن الضرابا
( تاريخ الطبري : 3 / 54 )
2 - الهزهاز بن عمرو العجلي : أحد القادة في القادسية ، كان على إحدى المجنبات في الجيش الإسلامي في أحد أيام القادسية .( تاريخ الطبري : 3 / 52 )
3 - سلامة العجلي : يروى عن سلمان الفارسي . ( ثقات ابن حبان : 4 / 343 )
4 - سويد بن عبيد العجلي : صاحب القصب ، يروى عن أبي موسى الأشعري ( ثقات ابن حبان : 4 / 325 ) .
5 - عامر بن ذؤيب : روى عن ابن عباس .( ثقات ابن حبان : 5 / 192)
6 - عبد الله بن عمرو أبو مراية العجلي ، يروى عن سلمان وعمران بن حصين ، بصري ، روى عنه قتادة . ( ثقات ابن حبان : 5 / 31 ) .
7 - عبد الله بن أسيد بن عبد الرحمن العجلي ، كان على صدقات بكر بن وائل . ( إكمال الكمال : 1 / 66 )
8 - عكرمة بن عمار العجلي البصري ، من رجال مسلم والأربعة مات سنة 159 ، وثقه ابن المديني وابن عدي وأبو حاتم وغيرهم . . ، ومن حديثه ما رواه ابن ماجة ، والحاكم ، والخطيب .
الفصل الرابع : العجليون من أصحاب أمير المؤمنين والأئمة
1 - عبد الله بن حجل ، بن مالك بن كعب بن عبدة بن أسامة بن ضبيعة بن عجل ( إكمال الكمال : 6 / 31 ) ، عده الشيخ ابن داود من خواص أصحاب أمير المؤمنين رجال ابن داود : 188 ) ، شهد معه صفين أميراً على لهازم الكوفة ( شرح نهج البلاغة : 4 / 27 ) ،
2 - أبو الأشعث العجلي يحيى بن مطرف ، شهد مع أمير المؤمنين صفين
3 - أبو السفاح العجلي من أصحاب أمير المؤمنين (رضي الله عنه ) ( رجال الخاقاني : 116 ) . ومروان أبو عثمان العجلي ، يروى عن أمير المؤمنين ( رضي الله عنه ) . ( الثقات / ابن حبان / 5 / 425 )
4 - عبد الحميد بن عمران ، روى عنه المفيد خطبة أمير المؤمنين في أهل الكوفة حينما وافوه بذي قار( الإرشاد : الشيخ المفيد :1 / 249)
5 - عبد الواحد بن حسان ،شهد صفين ( شرح نهج البلاغة / 5 / 177 )
أعلام بني عجل من أصحاب بقية الأئمة
بُريد بن معاوية العجلي وهو من كبار شخصيات بني عجل . إسماعيل بن كثير العجلي وبدر بن عمرو العجلي . وبشار بن مفرغ العجلي . وعبد الرحمن بن أحمر . وجرير بن أحمد العجلي . وجُمَيْع بن عمير بن عبد الرحمن العجلي ، وقد ارتضاه ابن حبان في الثقات : 1 / ومنهم ربعي بن أحمر . وزياد بن أحمر . وزفر بن النعمان ، أبو الأزهر الكوفي . وسالم بن أبي حفصة العجلي . وسعيد بن نوح بن مجالد ، من بني ضبيعة بن عجل ، وسلم بن عبد الرحمن العجلي وسليمان بن هارون العجلي . وسليمان بن وهب . وشبابة بن المعتمر . والوليد بن العلاء الوصافي ، وعبيد الله بن الوليد الوصافي ، وهو ومالك بن عامر وعمرو بن حنظلة وعمر بن خطيم وعنبسة بن مصعب العجلي ، والفضل بن عطاء . والقاسم بن بريد . ومحمد بن أحمد العجلي الكوفي ، ومحمد بن عبيدة ، ومحمد بن عمران ، ومحمد بن عمر بن سويد .ومحمد بن هيثم العجلي ، ومصبح بن الهلقام بن علوان العجلي . ومعاوية بن العلاء العجلي . ومعمر بن يحيى بن سالم العجلي ، وموسى أبو الحسن العجلي . ومحمد بن سعيد ، ومحمد بن الحسن بن العلا بن حارثة والنجم بن حطيم العجلي الكوفي ، والنعمان بن عمار العجلي ،وهارون بن سليمان . وياسين العجلي ، وأبو إبراهيم العجلي ، وأبو خلف العجلي ،وأبو النعمان العجلي ، وأبو عمران العجلي ، وهو موسى بن سليمان بن مسلم ( الجرح والتعديل : 8 / 145 ) . الشاعر أبو هريرة العجلي البزاز ،وأسلم بن ميسرة ، ومحمد بن جرير القائد القاسم بن عبد الغفار العجلي .
الفصل الخامس : زعماء وعلماء من بني عجل بن لجيم
أبو دلف العجلي وهو القاسم بن عيسى ، بن إدريس ، بن معقل ، بن عمرو ، بن شيخ ، بن معاوية ، بن خزاعي ، بن عبد العزى . كان فارساً شاعراً سمحاً جواداً ( تاريخ بغداد : 12 / 413 ) . وكان أبو دلف يشتي في العراق ويصيف في جبال إيران ، روى عنه المسعودي في مروج الذهب : 1 / 195 :
وإني امرؤ كِسْرَويُّ الفعال * أصِيفُ الجبالَ وَأشْتُو العراقا
« أبو دلف صاحب الكرج وأميرها . القاسم بن عيسى العجلي . حدث عنه هشيم وغيره ، وعنه محمد بن المغيرة الأصبهاني . وكان فارساً شجاعاً مهيباً سائساً ، شديد الوطأة ، جواداً ممدحاً مبذراً ، شاعراً مجوداً ، له أخبار في حرب بابك ، وولي إمرة دمشق للمعتصم ، وقد دخل على الرشيد فسلم ، فقال : أفسدت الجبل علينا يا غلام . قال : فأنا أصلحه ! أفسدته يا أمير المؤمنين وأنت عليَّ أفأعجز عن صلاحه وأنت معي ! ؟ فأعجبه وولاه الجبل . فلما خرج قال : أرى غلاماً يرمي من وراء همة بعيدة وقيل إنه فرق في يوم أموالاً عظيمة وأنشد لنفسه :
كـفـاني من مـالي دلاص وسابـح * وأبيض من صافي الحديد ومغفر وله أخبار في الكرم والفروسية وكان موته ببغداد في سنة خمس وعشرين ومئتين ، وفي ذريته أمراء وعلماء ( أعلام النبلاء : 10 / 563 ) .
بنو عجل أسسوا مدينة كرج كان بنو عجل يسكنون الكوفة ، وكان جد أبي دلف يتاجر بالأغنام والعطور ، ثم انتقلوا إلى إيران بين همدان وأصفهان ، وأسسوا قرية زراعية ، وحصناً يسمى الكرج ، فصار في زمن أبي دلف مدينة ، ويقال لها كرج أبي دلف ، تمييزاً لها عن الكرج التي قرب الري ، وهي غير الكُرْج بضم الكاف التي هي دولة جورجيا وتسمى بلاد الكُرْج أو كُرجستان ( معجم البلدان : 4 / 446 ، والأنساب : 5 / 46 ، واللباب : 1 / 173 ومعجم البكري : 4 / 1123 )
وكان أبو دلف في شبابه قائد مجموعة فرسان ضد بني العباس فكان يغير على أصفهان وغيرها ، ثم جاء إلى هارون مستأمناً فقبله وصار من قادة جيشه ، ثم عند المأمون ( الأعلام : 5 / 197 ) وولاه أخوه المعتصم على دمشق كما يأتي . ( تاريخ دمشق : 49 / 130 ) .
وقال أحد الشعراء في شجاعته :
وإذا بدا لك قاسم يوم الوغى * يختال خلت أمامه قنديلا
وإذا تـلـذذ بالعـمـود ولـيـنـه * خلت العمود بكفه منديلا
وإذا تناول صخرة ليرضها * عادت كثيباً في يديه مهيلا
قالوا وينظم فارسين بطعنة * يوم اللقاء ولا يراه جليلا
لا تعجبوا لو كان مد قناته * ميلاً إذا نظم الفوارس ميلا
( تاريخ بغداد : 12 / 414 )
وقال فيه أبو تمام الطائي :
إذا العيس لاقت بي أبا دلف فقد * تقطع ما بـيـني وبين النوائـب
هنالك تلقى الجود حيث تقطعت * تمائمه والمجد مرخى الذوائب
تـكـاد عـطـايـاه يـجـن جنـونهـا * إذا لـم يعـوذهـا بـنغـمة طـالـب
( خزانة الأدب : 1 / 343 )
وروى المستطرف : 1 / 355 ، قصة قتله اثنين بطعنة واحدة ، وله قصص كثيرة ، منها مع فتيانه وأصدقائه ، روى العتابي وميمون بن وصيف عن أبيه قال : « زرنا أبا دلف العجلي أربع مائة رجل بين كاتب وشاعر وعامل وسائل ومتوصل ، فأقمنا في بابه شهراً لا نصل إليه ، ثم أذن لنا بالدخول عليه ، فدخلنا فإذا بكراسي قد حفت من داخل القصر فإذا بكرسي أكبر منها على باب ، فما جلسنا إلا قليلاً إذا بأبي دلف قد خرج إلينا ، فأومأنا بالقيام إليه ، فأومأ بيده أن لا يقوم أحد ، ثم جلس على كرسيه وأطرق ملياً ورفع رأسه وأنشأ يقول :
ألا أيـهـا الـزوار لا يـَدَ عـنـدكـــم * أيـاديـكـم عـنـدي أجـل وأكـبـــرُ
فـإن كـنتـم أفـردتـمـوني لـلـغـنى * فشكري لكم من شكركم لي أكثر
لأنـي للمعـروف أهـلٌ ومـوضـعٌ * ينال الفتى مـني وعرضي موفـر
كفانـي مـن مالي دلاصٌ وسابحٌ * وأبيض من صافي الحديد ومغفر
ثم أمر بالأنطاع فبسطت وبالأموال فصبت ، وقال : أيها الزوار إني أجلُّ أقداركم وأعظم أخطاركم عن القسمة بينكم ، فيأخذ كل رجل منكم حسب ما أطاق وقدر ما أحب ! قال : فحملنا في الحجور والأكمام والقلانس والخفاف ، وخرجنا نملأ السماء دعاء والأرض ثناء » . ( تاريخ دمشق : 49 / 137 ، والمستطرف : 1 / 355 ، والسمعاني : 5 / 48 ) . ومنها ، أنه خرج إلى مكة مع رفقة فاجتمع الأعراب لإغتيالهم فتسرع قوم إليهم فزجرهم ، وقال : مالكم ولهذا ؟ ثم انفصل بأصحابه فعبأ عسكره ميمنة وميسرة وقلباً ، فلما سمع الأعراب أن أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب . ( المستطرف : 1 / 413 ) . وله كتب منها : كتاب البزاة والصيد ، وكتاب سياسة الملوك ، وكتاب السلاح ، وكتاب الجوارح واللعب بها . ( معجم المؤلفين : 8 / 109 ) حسد المأمون وقادة جيشه لأبي دلف كان أبو دلف ( رحمه الله ) ظاهرة في رجال العرب ، فكان محسوداً من قادة الجيش العباسي الفرس والترك ، وقد عملوا على قتله مراراً ، وحركوا عليه المأمون ثم أخاه المعتصم ، فقد صرح المأمون بحسده وقال : « ما حسدت أحداً قط إلا أبا دلف » . ( شرح النهج : 19 / 97 ) .
وفي تاريخ دمشق : 49 / 132 : « قال المأمون يوماً وهو مقطب لأبي دلف : أنت الذي يقول فيك الشاعر :
إنما الدنيا أبو دلف * عند مغزاه ومحتضره
فـإذا ولى أبـو دلف * ولَّتِ الدنيا على أثـره
فقال : يا أمير المؤمنين شهادة زور ، وقول غرور ، وملق معتسف ، وطالب عرف ، وأصدق منه ابن أخت لي :
دعيني أجوب الأرض التمس الغنا * فلا الكرج الدنيا ولا الناس قاسم
فضحك المأمون وسكن غضبه » ! وفي سير الذهبي : 10 / 192 أن هذه الأبيات لشاعر يسمى العكوك علي بن جبلة بن مسلم الخراساني ، قال الجاحظ : كان أحسن خلق الله إنشاداً ، ما رأيت مثله بدوياً ولا حضرياً . وأشاد بالقصيدة الطويلة ، وذكر منها :
كل من في الأرض من عرب * بـيـن بـاديـه إلـى حـضــــره
مـسـتـعـيٌـر مـنـك مـكـرمــــةً * يـكـتـسـيـهـا يـوم مـفـتـخـره
وقال : ابن المعتز في طبقات الشعراء : لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب وقال : أطلبوه فطلبوه ، فلم يقدروا عليه ، لأنه كان مقيماً بالجبل ، ففر إلى الجزيرة ثم إلى الشامات فظفروا به ، فحمل مقيداً إلى المأمون فقال : أنت القائل :
كل من في الأرض من عرب * جعلتنا نستعير منه المكارم
قال : يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم ، قال : والله ما أبقيت أحداً ، وإنما أستحل دمك بكفرك ، حيث تقول :
أنت الذي تنـزل الأيـام منزلهـا * وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرفٍ إلى أحد * إلا قـضـيـت بـأرزاق وآجــــال
وروى في تاريخ دمشق أيضاً : « أن المعتصم بالله كان قد غضب على أبي دلف ، واعتزم على قبض ماله ، فاحتال له عبد الله بن طاهر حتى ولي دمشق ، ونحاه عن الجبل ( إيران ) حتى سكن أمره » .
أولاد أبي دلف « كان موته ببغداد في سنة خمس وعشرين ومئتين ، وفي ذريته أمراء وعلماء » . ( سير الذهبي : 10 / 564 ) .
قال المسعودي في مروج الذهب : 2 / 65 : « وفي سنة ست وعشرين ومائتين مات أبو دُلَفَ القاسم بن عيسى العجلي ، وكان سيد أهله ورئيس عشيرته من عجل وغيرها من ربيعة ، وكان شاعراً مجيداً ، وشجاعاً بطلاً ، مغنياً مصيباً أحمد بن عيسى العجلي العطار أبو جعفر ، المعروف بابن أبي موسى ، أحمد بن محمد بن الفضل ولاه إسماعيل بن أحمد الساماني قزوين وأبهر وزنجان سنة إحدى وتسعين ومائتين ، وهو والد معقل بن أحمد الرئيس المشهور . مذكور بالسماح والمرؤة ، توفى سنة ثلاث وثلاث مائة .( فهرست منتجب الدين / 179 ) .
أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي وثقه الشيخ النجاشي في ترجمته لابنه الحسن بن أحمد أميركا بن أبي اللجيم بن أميرة المصدري العجلي : الفقيه الثقة معين الدين ، مناظر حاذق وجه ، أستاد الشيخ الإمام رشيد الدين عبد الجليل الرازي المحقق ، وله تصانيف في الأصول منها : التعليق الكبير والتعليق الصغير ، الحد ، ورسائل شتى . أخبر بها الشيخ الإمام رشيد الدين عبد الجليل الرازي المحقق ، عنه . ( فهرست منتجب الدين / 35 ، أمل الآمل 2 / 40 ) . ولعل كا بعد أمير للتصغير . الحسن بن أحمد بن محمد بن الهيثم المجاور وهم من أهل الري ، جاور في آخر عمره بالكوفة ورأيته بها ، وله كتب منها : كتاب المثاني ، وكتاب الجامع ( رجال النجاشي / 65 ) « الحسن بن أحمد ، نزيل الكوفة ، له كتاب الجامع ، توفي في حدود سنة 400 » .صالح بن عيسى بن أحمد بن محمد العجلي روى عنه في أماليه في عدة
مواضع ، وفي فضائل الأشهر الثلاثة ، وفي معاني الأخبار .
علي بن محمد بن يعقوب بن إسحاق ابن عمار الصيرفي الكسائي الكوفي العجلي ، روى عنه التلعكبري الشيخ محمد بن هارون وسمع منه سنة 325 ، وله منه إجازة ، مات سنة 332 ( رجال الطوسي : 431 ) ، وهو من مشايخ جعفر بن محمد بن قولويه صاحب كامل الزيارت أيضاً ، روى عنه حديثاً في الصلاة ( كامل الزيارات : 47 ) .
محمد بن عبد الله بن حمدان العجلي الدلفي من نسل أبي دلف ، وهو أبو الحسن ، فاضل نحوي ، له شرح ديوان المتنبي من عشرة أجزاء ( الأعلام : 6 / 226 ) توفي بمصر سنة 460 .
محمد بن الفضل بن محمد بن سنان العجلي كان في بيتهم السيادة والرياسة والإيالة بقزوين ، وكانوا أصحاب جاه وثروة ومرؤة ، ومحمد بن الفضل كان والياً بقزوين ، محمود الأثر في الرعية ، وفى تسكين الديلم ودفع غائلتهم ، وغدر به حتى وقع في أسر كوتكين بن ساتكين التركي فصادره ، وعقد عليه العقود بجميع دوره وبساتينه وضياعه بقزوين وأبهر وكانت كثيرة ، وأحضر القاضي والعدول والأشراف ليشهدهم عليها ، فلما قريت عليه قال : اُشهدكم أن كذا وكذا وقف على أولادي وأولاد أولادي ما تناسلوا ، وكذا وكذا وقف على مساكين قزوين ، فغضب التركي وحمله معه وقتله في بعض نواحي ساوة ( الذريعة : 13 / 178 ) .
محمد بن الفضل بن معقل يوصف الكرم والجود ، لكنه كان يستهين بالرياسة ، ويسرف في البذل ، وتغيرت أحوال ضياعه ، وبقيت طعمة في أيدي غلمانه وحشمه حتى خربوها ، ولد سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة وتوفى سنة خمس وعشرين وأربع مائة . ( الذريعة : 13 / 178 ) .
يحيى بن اليمان العجلي الكوفي أبو زكريا : حافظ ، مفسر ، من أهل الكوفة . كان صدوقاً ثقة كثير الحفظ سريعة ، إلا أنه فلج وتغير حفظه ، وغلط فيما يرويه . له كتاب التفسير في الظاهرية ، مات سنة 189 ( الأعلام : 8 / 177 ) . روى عن هشام بن عروة ، وإسماعيل بن أبي خالد ، والمنهال بن خليفة ، وسفيان الثوري ، وجماعة . وقرأ القرآن على حمزة . روى عنه : ابنه داوود بن يحيى ، وبشر الحافي ، وأبو كريب ، وسفيان بن وكيع ، والحسن بن عرفة . ( تاريخ الذهبي : 12 / 461 ) . وروى عنه الشيخ المفيد في الإرشاد ، قال : عن يحيى بن اليمان قال : حدثني سفيان الثوري ، عن أبي الجحاف ، عن معاوية بن ثعلبة قال : قيل لأبي ذر : أوص ، قال : قد أوصيت ، قيل : إلى من ؟
ومنهم قسورة بن علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن أبي حجر العجلي الاجل أبو الحارث فاضل له نظم رائق ( فهرست منتجب الدين / 97 ) ومحمد بن الحسين بن أعرابي العجلي ، الأجل شهاب الدين فاضل ، صالح ( المصدر السابق : 126 )
محمد بن سنان بن حليس بن حنظلة بن مالك العجلي ، صاحب رأى سديد وعلم وأناة ، وحسن تدبير ، وكان قد ولى أمر قزوين فغزا الديلم وأغار وسبى ، وعزم على المعاودة فأخبر إن ملك الديلم رغب في الاسلام ، فتوقف وكتب بذلك إلى الرشيد العباسي فأسلم ملكهم ، ولما قصد الرشيد خراسان استقبله محمد وسأله النظر لأهل قزوين فرفع خراج السنة ، واستدعى ان يدخلها ويشاهد حال أهلها في مجاهدة الديلم ، فأجابه إليه ، ومات محمد في أيام المأمون . ( المصدر السابق : 177 )
محمد بن هيثم العجلي ، ذكره ابن داود في رجاله / 186 ، ووثقه ، كما وثقه النجاشي عند ترجمة حفيده الحسن بن محمد ، وكان ولده محمد. المسافر بن الحسين ، الشيخ الأجل زين الدين المسافر بن الحسين ، فاضل ، صالح ، وهو أخو الشيخ شهاب الدين محمد بن الحسين بن أعرابي . ( رجال ابن داود / 126 ) .
مورق بن مشرج العجلي أبو المعتمر البصري ، روى عن سلمان الفارسي وأنس بن مالك وأبي الدرداء ، وأبي ذر الغفاري ، وعدد من الصحابة . وروى عنه أبان بن أبي عياش ، وحميد الطويل ، وقتادة ، ومجاهد بن جبر ، وعديدون . ووثقه النسائي وابن حبان ( تهذيب الكمال : 29 / 17) وقال ابن سعد : كان ثقة عابداً ، وروى عنه أنه قال : أمرٌ أنا في طلبه منذ عشر سنين لم أقدر عليه ، ولست بتارك طلبه أبداً ، قال : وما هو يا أبا المعتمر ؟ قال الصمت عما لا يعنيني وقال : إني لقليل الغضب ، وربما أتت عليَّ السنة لا أغضب ، ولقلَّما قلت في غضبي شيئاً فأندم عليه إذا رضيت . ورغم بعده عن الدنيا لم يسلم من أذى الحجاج فقد حبسه في الكوفة ، وتوفي مورق في ولاية عمر بن هبيرة على العراق .
( الطبقات الكبرى : 7 / 213 ) .
علي بن هبة الله بن علي ( ابن ماكولا ) قال في تذكرة الحفاظ : 4 / 1201 : « ابن ماكولا ، الأمير الكبير الحافظ البارع ، أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمد بن دلف بن الأمير الجواد أبى دلف القاسم بن عيسى العجلي الجرباذقابي ثم البغداذي مصنف الإكمال ، وغير ذلك قال : ولدت في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة بعكبرا سمع بشرى بن عبد الله الفاتني وعبيد الله بن عمر بن شاهين . ببغداذ ، وأبا القاسم الحنائي وطبقته بدمشق ، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصري بمصر ، وسمع بما وراء النهر وخراسان والجبال والجزيرة والسواحل ، ولقى الحفاظ والأعلام » .
« علي بن هبة الله بن علي بن جعفر المعروف بابن ماكولا : أصله من جرباذقان ، وكان والده من وزراء القائم بأمر الله ، وعمه قاضي القضاة . أحب العلم منذ صباه وطلب الحديث ، وكان يحضر المشايخ إلى منزله ويسمع منهم ، ويكتب بخطه ويحصِّل . ثم إنه سافر في طلب الحديث إلى الشام ، وإلى الثغور ، والسواحل ، وديار مصر ، وبلاد الجزيرة ، والعراق والجبال ، وخراسان ، وما وراء النهر ، وما وراء ذلك من البلاد . وحصل طرفاً صالحاً من علم الحديث ، وقرأ الأدب وبرع فيه ، وله النثر الحسن الجيد ، والمصنفات الملاح ، ونفذه المقتدي بأمر الله رسولاً إلى سمرقند ، وبخارا لأخذ البيعة له على ملكهما طغاخ الخان . ( ذيل تاريخ بغداد : 4 / 169 ) .
« ولد بعكبرا سنة 429 ، وتوفى قتيلاً بجرجان سنة 487 من تصانيفه : الإكمال في رفع الإرتياب عن المختلف والمؤتلف لأسماء الكنى والأنساب ، المعبر عنه بإكمال الكمال . وكتاب الوزراء ، ومفاخرة السيف والقلم والدينار » . ( هدية العارفين : 1 / 693 ) .
الحافظ أحمد عبد الله بن صالح العجلي أبو الحسين ، ولد في الكوفة سنة 182 زمن هارون العباسي ، ونشأ في بغداد ، وسمع الحديث في الكوفة والبصرة ، ومات في طرابلس الغرب سنة 261 ، عن ثمانين سنة . أخذ العلم عن كثيرن منهم : أبوه عبد الله بن صالح العجلي كان من أئمة القرَّاء والحديث ، وإسحاق بن منصور السلولي الكوفي .
أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي أمير وقائد شجاع ، من بيت مجد ورياسة . كان من الولاة في أيام بعض الخلفاء العباسيين على الري وقم وأصبهان وما حولها . تولى أصبهان من قِبل عمرو بن الليث الصفار والي خراسان زمن الخليفة العباسي المعتمد على الله سنة 266 ، وكانت البلاد آنذاك في فتن وحروب بين أمراء المناطق ، طمعاً في توسيع ملكهم وجرت بينه وبين بكتمر وقعة هزم فيها أحمد بن عبد العزيز بكتمر ففر منه حتى دخل بغداد . ( تاريخ الطبري : 8 / 49 ) ثم جرت معركة بينه وبين القائد التركي كيغلغ سنة 267 ، في قرماسين فانهزم أحمد ، ومضى القائد التركي إلى أصبهان فتبعه أحمد بمن معه فأوقع فيه . ( تاريخ الطبري / 8 / 66 ) . وفي سنة 268 جرت بينه وبين أذكوتكين بن استاتكين وقعة انهزم فيها أحمد بن عبد العزيز ، واستولى أذكوتكين على قم وانتزعها من يد أحمد بن عبد العزيز ( الكامل في التاريخ : 7 / 372 )
وفي سنة 271 عزل المعتمد العباسي عمرو بن الليث عن ولاية خراسان ، فتمرد عليه ، فوجه إليه أحمد بن عبد العزيز في جيش فكانت وقعة بين عساكر الخليفة وبين عمرو بن الليث الصفار ، ودامت الحرب من أول النهار إلى الظهر فانهزم عمرو وعساكره ، وكانوا خمسة عشر ألفاً بين فارس وراجل ، وجرح الدرهمي مقدم جيش عمرو بن الليث ، وقتل مائة رجل من حماتهم وأسر ثلاثة آلاف أسير ، واستأمن منهم ألف رجل ، وغنموا من معسكرهم الدواب والبقر والحمير ثلاثين ألف رأس ( الكامل : 7 / 416 ) . وفي سنة 279 استولى رافع بن هرثمة على الري ، فوجه إليه المعتضد بأحمد بن عبد العزيز فاسترجعها منه . ( الطبري : 8 / 166 ) . ومات عبد العزيز سنة 280 فتنازع على الرئاسة إخوته وأولاده
عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف وجه إليه محمد بن أبي الساج ، أحد قادة الموفق والمعتمد ، خادمه وصيفاً فهزم عمر ، ثم ولاه المعتضد أصبهان والكرج ونهاوند ، ثم شخص المعتضد سنة 282 إلى الجبل فبلغ الكرج وأخذ أموالاً لابن أبي دلف ، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف يطلب منه جوهراً كان عنده فوجه به إليه وتنحى من بين يديه . ولما عاد المعتضد إلى بغداد بعث وزيره عبيد الله بن سليمان لقتال عمر بن عبد العزيز وهو في أصبهان سنة 282 ، فلما وصل إليه طلب منه عمر الأمان فآمنه وجاء به إلى الخليفة فأحسن إليه ، واستعمله على أصبهان مرة أخرى . ( الطبري : 8 / 168 ) .
بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف أخو عمر ، شاعر ، فرَّ من المعتضد إلى الأهواز ، وامتنع فيها سنة 283 ، فسير المعتضد جيشاً لقتاله فظفر بكر وقدم أصبهان ، فقصده عيسى بن النوشري ، أحد ولاة المنتصر والمعتمد والمستكفي ، فقاتله ، فتفرق رجال بكر عنه ونجا بكر ، فمضى إلى طبرستان فأقام إلى أن مات سنة 285 . ( الأعلام : 2 / 66 ) .
الشيخ ابن إدريس الحلي العجلي وجده الرابع أبو دلف : وهو محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس بن الحسين بن القاسم أبي دلف . . بن سعد بن عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، الحلي ، العجلي . ( ابن إدريس الحلي / 27 ) .
نبوغ بني عجل بن لجيم في الرجز فقد أنجبوا عدداً من الأدباء والشعراء خاصة في الرجز ، وهو شعر يثير الحماسة وينشده المقاتلون في المعركة ( الصحاح : 3 / 878 ) .وقد طوَّر الرجز شاعران من بني عجل : الأغلب بن جشم بن عمرو العجلي ، توفي 21 ه ، وقد نحا بالرجز منحى القصيد فأطاله ، واستشهد في واقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين للهجرة . وهو آخر من عمَّر طويلاً من الجاهلية . ( الأعلام : 1 / 335 ) .
والثاني : أبو النجم العجلي الراجز ، وهو الفضل بن قدامة بن عبيد . نبغ في العصر الأموي ، وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان وولده هشام . قال أبو عمرو بن العلاء : كان ينزل سواد الكوفة ، وهو أبلغ من العجاج في النعت . ( الأعلام : 5 / 151 ) وهو القائل :
أنا أبو النجم وشعري شعري * لـلـه درِّي مـا يجـنُّ صدري
( الكنى والألقاب / الشيخ عباس القمي / 1 / 164 ) ومن أراجيزه :
المـرء كالحالم فـي المنـامِ * يقـول إنـي مـدركٌ أمـامي في قابلٍ ما فاتني في العامِ * والمرء يدنيه من الحِمام مَـرُّ الليـالي السود والأيـام * إن الفتى يصبح للأسقام
كالغرض المنصوب للسهام * أخطأ رامٍ أم أصاب رام .
( الوافي بالوفيات : 24 / 43 )
وبرز منهم العديد من الرجاز والشعراء ، كالقاسم بن عيسى أبو دلف العجلي ، والمرار بن سلامة ، أدرك الجاهلية والإسلام ، لكنه قليل الشعر ، ويستشهد اللغويون برجزهم في كتبهم .
ومنهم حرملة بن عبد الله ذي الغلصمة ، أي اللحم بين الرأس والعنق ، فارس شاعر ومنهم جرير بن خرقاء شاعر مشهور . وهو القائل في الفرزدق الشاعر :
لقد بوأتك الدار بكر بن وائل * وردت لك الأحشاء إذ أنت مجرم
ليالي تمنى أن تكون حمامـة * بمكـة يغـشاهـا الشتـا والمـحـرم
فإن تنأ عنا لا تضرنا وإن تعد * تجدنا على العهد الذي كنت تعلم
( أمالي السيد المرتضى : 1 / 221 )
ومنهم أيوب بن خولي . وحباب بن أفعى ، وهو شاعر فارس . والأغر بن السليك بن حنظلة ، شاعر محسن . ووكيع بن حسان بن أبي سود ، فارس شاعر ، وهو قاتل قتيبة بن مسلم الباهلي .
ومنهم مالك بن جندل بن مسلمة بن عدنة ، شاعر فارس ، اشترك في قتل المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة .
ومنهـم زهـدم بن معبـد ، وسمى المفرض بقوله :
وأنا المفرض في جنوب * الغـادريـن بـكـل جـار
تـفــريـض زنــدة قـادح * فـي كـل ما يـورى بنار
ومنهم الرهَّاب العجلي ، هجا الملك عمر بن هند اللخمي بقوله :
أبى القلب أن يهوى السدير وأهله * وإن قيل : عيش بالسدير غرير
فـلا أنـذر الـحـي الـذي نـزلـوا بــه * وإنـي لـمـن لـم يـأتـه لـنـذيــــر
بـه الـبـق والـحـمـى وأسـدٌ خَـفِـيَّـةٌ * وعمرو بن هند يعتدي ويجور
ومنهم يزيد بن حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي ، راجز جاهلي ، من الفرسان . كان مع أبيه في حرب ذي قار ، وله فيها شعر .
ومنهم عمير بن مهتجر الشاعر ، من بني دلف .
ومنهم العديل بن الفرخ ، شاعر في الدولة المروانية ، قال ابن قتيبة : لقبه العَبَّاب ، والعباب اسم كلبه . وقال يفتخر بقومه وانتصارهم على الفرس في يوم ذي قار :
ما أوقد الناس من نار لمكرمة * إلا اصطلينا وكنا موقدي النار
وما يعدون من يوم سمعت بـه * للناس أفضل من يوم بذي قار
جئنا بأسلابهم والخيل عابسة * يوم استبلنا لكسرى كل أسوار
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام : د . جواد علي : 5 / 298 )
ومنهم : عاصم بن الحسين بن محمد بن أحمد بن أبي حجر العجلي ، فاضل ، ثقة ، له نظم وكتاب التمثيل ، وشجون الحكايات . ( فهرست منتجب الدين / 85 )
الفصل السادس : من موالي بني عجل :
1 - أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب القفطي ، أبو جعفر من أهل الكوفة ، كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون ، وكان أخوه القاسم بن يوسف يدعى أنه من بني عجل ولم يدع أحمد ذلك ، قال المرزباني : كان مولى لبني عجل ، ومنازلهم الكوفة . وكان وزير المأمون بعد أحمد بن أبي خالد ، وكان وأخاه شاعرين ، وأولادهما جميعاً أهل أدب . ( الوافي بالوفيات : 8 / 181 ) . مولاهم الكوفي توفي في شهر رمضان سنة 213 ، ذكره أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق وفي معجم الأدباء .
2 - القاسم بن يوسف بن صبيح القفطي . مولى بني عجل ، شاعر ، من أهل الكوفة . قال المرزباني : هو أرثى الناس للبهائم . وهو أخو أحمد بن يوسف الكاتب ( وزير المأمون ) وكان القاسم أشعر من أحمد وعاش بعده ورثاه ، مات سنة ( 220 ) ( الأعلام : 5 / 186 )
3 - مروك بن عبيد بن سالم بن أبي حفصة . مولى بني عجل ، وقال الشيخ النجاشي / 425 ، إنه مولى عمار بن المبارك العجلي . واسم مروك صالح ، واسم أبي حفصة زياد .
4 - عمرو بن أبي المقدام . وأبوه ثابت بن هرمز العجلي ، مولاهم تابعي .
5 - سعيد بن يسار الضبعي . مولى بني ضبيعة بن عجل بن لجيم الحناط ، كوفي ثقة ،
6 - حميد بن المثنى أبو المغرا العجلي . مولاهم كوفي ثقة وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست ، قال : حميد بن المثنى العجلي الكوفي ، يكنى أبا المغرا الصيرفي ، ثقة .
7 - ثابت بن هرمز الفارسي . أبو المقدام العجلي الحداد ، مولى بني عجل
8 - بشار بن يسار الضبعي . أخو سعيد ، مولى بني ضبيعة بن عجل .
9 - يزيد أبو خالد القماط . مولى بني عجل بن لجيم ، كوفي .
نقل هذا المبحث : عبدالله بن دهيمش بن عبار الفدعاني العنزي .
يتبع