( قصّة مذهان بن شنان بن غافل مع سمران العود الخريصي )
وجه لي أحد الأخوة سؤال حول قصّة مذهان بن شنان بن غافل حيث صدر كتاب جديد بعنوان ( قبيلة شمّر في كتابات العرب والمستشرقين ) لمؤلفه نايف مطلق الشمري وذكر السائل أن قصّة مذهان بن شنان بن غافل قد كتبها المؤلف ويسأل عن حقيقة القصّة وهذا جوابي على السائل :
في عام 1393هـ جاء الشيخ عبيد بن غبين رحمه الله للرياض وسلّم على الملك فيصل رحمه الله ونزلّه هو ومرافقيه في فندق اليمامه فزرت الشيخ عبيد ووجدت معه من نوادر رجال الفدعان وهم مذهان بن شنان بن غافل ومهباش بن شلاش بن قنيفذ من المهيد ومرزوق بن ربيّع الناموس من الحناتيش رحمهم الله جميعاً فتشرفت بدعوتهم وأكرموني في زياره وسألت مذهان عن قصته مع سمران العود الخريصي الشمري وكنت من عادتي أن اسجّل القصّة بصوت راويها ولكني خشيت أن استأذنه بالتسجيل فيرفض فأحجمت عن التسجيل وحفظتها بصدري وهذه القصّة كما رواها مذهان :
قال : قتل والدي شنان رحمه الله وكنت طفل ما أعي ما حدث وبعد أن بلغت سن الرشد كنت أسمع يقال سنة مقتل شنان وكنت أتألم من هذا القول فسألت وعرفت أن الذي قتل والدي يدعى سمران العود من الخرصة من شمّر وصدف أن الدولة جمعت شيوخ الفدعان وشيوخ شمّر ووقعّوا على معاهدة كف الغزو بينهم وأنه مافات مات من ذبح الرجال وأخذ الحلال ويسمّى ( الحفار والدفان ) وصاروا شمّر والفدعان أصحاب ولكني كنت أضمر في قرارة نفسي أنني لم أتقيّد بهذه المعاهدة ولابد أن آخذ ثار والدي وبدأت بالبحث والتحري عن سمران بشتّى الوسائل وكانوا أعمامي يراقبوني ويحاولون اقناعي أن الأحداث أنتهت ومثل مالنا علينا ولكني كنت اتوارى عن أنظارهم وأدعي أنني أقنص الصيد وكانت معي بندق أم أصبع ولا تاخذ ألا طلقة واحدة وكنت دائماَ مجهزها وقد عرفت أبل سمران ورحول أبله ووصفه ووصف راعيه وفي يوم من العشر الأواخر من رمضان ذهبت أبحث عن أبل سمران لعلي أجده عندها وكنت اخوض أبل شمّر كأنني دوار ذاهبة حتى وجدت أبل سمران ولفت نظري أن الرجل الذي راكب على الرحول ليس هو راعيه ففرحت لعله يكون هو سمران وعندما اقتربت منه تأكدت أنه هو سمران حيث كان راكب على رحوله ومنخدم على الشداد وكأنه نائم وهو صائم فعرفته على الوصف وكان معي ذلول قد قيدتها في روض قريب من المكان لكي أقتل سمران وأركب ذلولي وأذهب لربعي وعندما أقتربت منه ناديته بأسمه يا سمران فقال : ( هاه ) ثم شعر أنني غريمه فقال ( ليس أنا سمران ) فقلت له بل أنت سمران فالق البندق فحل بندقه من الشداد ورماها بالأرض فأخذتها وقلت أتعرفني قال أنت ولد شنان بن غافل وأقسم لك بالله أنني ما ذبحت أبوك لا غيله ولا عند الرفاف ولكنه استاق أبلي ولو لم أذبحه لذبحني والآن أنت وليتني فأن اعفيت عني عن روح أبوك فأني أتوسل إليك بذلك وأن أخذت ثار أبوك فأني أنا السبب في موته قال مذهان ولما سمعت كلامه دخلت في قلبي الرحمة فقلت يا سمران دنّق وكان عليه قرون شهب لأنه كان متوسط بالعمر فأرخى راسه وكان يفكّر أنني نويت أذبحه بالخنجر ولكني قصيت قرونه وقلت له أذهب فأنت عتيق لوجه الله ثم عن روح والدي وعندما خرجت من أبله قمز تيس من الظباء فصوبت البندق صوبه ورميته وقتلته فكانت الطلقة التي أردتها لسمران صدت بها التيس وركبت ذلولي ووضعت قرونه بالعليقة التي كانت معي وأتيت إلى عمامي وبديت اشوي لهم فطور من التيس وكنت محتار كيف أفاتحهم بقصتي مع سمران وبعد أن افطروا من الظبي كانوا يشيدون بهذا الظبي أنه سمين فقلت لهم هناك اسمن من هذا الظبي صدته واعفيت عنه فقالوا ما يوجد أسمن من هذا الظبي فقلت بل سمران العود تمكنت منه وعفيت عنه وهذه قرونه فما كان من عمامي ألا أن قاموا وحبوا راسي واعجبهم ما عملت وفي اليوم الثاني اقبلت جهامة من الأبل تساق وقدامها عدد من الخياله من الجربان شيوخ شمّر ومعهم سمران العود وقد رفع رايه بيضاء ووقفّوا الأبل أمام بيت عمامي وواصل سمران مسيره يخوض النزل وهو يقول ( البضاء ترفع لمذهان بن شنان بن غافل الذي أعتقني ) ويكرر هذا الكلام في صوت عالي حتّى سمعه كل من وجد بالنجع ثم قاموا الحضور من الغافل ورحبوا بالجربان ومن معهم وحولوا بهم عن خيلهم وكانت الأبل التي معهم جايبينها مدّى لشنان فرفضوا الغافل قبولها وقالوا ولدنا أعفى لوجه الله ثم أكرموهم وعادوا بعد أن أدوا واجب القبائل بينهم حسب العرف القبلي وقال مذهان أن فهد المارك ذكر القصّة ولكنه حرّف بها وقال أنني وجدت سمران نائم بفراشه وأني باغته وفحجت عليه وسحبت الخنجر ولكن هذه القصّة وقد أشرت لهذه الحادثة في قصيدتي الملحمة الوائلية الكبرى عندما قلت :
تـاريـخـنـا مـبـطـي بالأمجاد حـافـل *** ولا يجحد المعروف كود الأسافل
تنسون ما سوّى الشجاع أبن غافل *** يوم الخريصي أعتقه قبل مذهان
كتبه عبدالله بن دهيمش بن عبار