النقاش البناء ينفع ويرفع والنقاش العقيم يهدم ويضر
أقول وبالله أستعين
إذا قلنا بأن لحوم العلماء مسمومة فلا نقصد أنهم مقدسون أو عن الخطأ منزهون ، كلا وحاشا فمن من البشر لا يخطئ فكلنا ذو خطأ 0
تقديم لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لرسالة لحوم العلماء مسمومة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد
فقد اطلعت على الرسالة القيمة التي جمعها الأخ في الله الشيخ العلامة "ناصر بن سليمان العمر" بعنوان: (لحوم العلماء مسمومة) فألفيتها رسالة قيمة قد أجاد فيها وأفاد ونقل فيها من الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم ما يشفي ويكفي في التحذير من غيبة العلماء والوقوع في أعراضهم فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته وإن نصيحتي لطلبة العلم بأن يقرءوها ويستفيدوا منها وأن يحفظوا ألسنتهم من الغيبة لإخوانهم في الله عامة ومن الغيبة لأهل العلم بصفة خاصة عملا بقول الله عز وجل: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) واتقاء لما في الغيبة من الشر العظيم والعواقب الوخيمة ولا يستثنى من ذلك إلا ما دلت الأدلة على استثنائه وهي أمور ستة جمعها بعضهم في بيتين فقال:
الــذم ليس بغيبــة فــي سـتة
ولمظهــر فسـقا ومسـتفت ومـن
متظلـــم ومعـــرف ومحــذر
طلـب الإعانـة فـي إزالـة منكــر
وفقني الله وجميع المسلمين لما فيه رضاه وأعاذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
أقول لو للشيخ رحمه اعتراض على العبارة لنبه لذلك وطلب تغيير العنوان وهذا دأبه رحمه الله
وقال الشيخ سليمان بن صالح الخراشي فهمان خاطئان لعبارة ( لحوم العلماء مسمومة ) لأنهم إذا قدحوا في العلماء : 000 وسقطت أقوالهم عند الناس ما بقي للناس أحدٌ يقودهم بكتاب الله. بل تقودهم الشياطين وحزب الشيطان ، ولذلك كانت غيبة العلماء أعظم بكثير من غيبة غير العلماء ، لأن غيبة غير العلماء غيبة شخصية إن ضرَّت فإنها لا تضر إلا الذي اغتاب والذي قيلت فيه الغيبة، لكن غيبة العلماء تضرُّ الإسلام كلَّه ؛ لأن العلماء حملة لواء الإسلام فإذا سقطت الثقة بأقوالهم، سقط لواءُ الإسلام، وصار في هذا ضرر على الأمة الإسلامية.
نقله من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
وقال الدكتور سعد بن مطر العتيبي والمعروف أنها من كلام الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي رحمه الله، وعبارته التي وقفت عليها في (تبيين كذب المفتري: 29-30) فيها تعليل واستدلال، إذ قال رحمه الله: "واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء رحمة الله عليهم مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم... والارتكاب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغتياب وسبّ الأموات جسيم، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]. والله تعالى أعلم.
لاحظ لم يعلق على العبارة وسياق الفتوى أنه تقبلها والله اعلم 0
وقال فضيلة الشيخ العلامة عبيد الجابري ـ حفظه الله ـ
بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:
(1) إن هذه المقوله "لحوم العلماء مسمومه" من المقولات التي يريد بها الحق أُناس ويريد بها الباطل آخرون.
(2) فالحركيون، وأساطين فقه الواقع، ودعاة الحزبية، يلوونها إليهم ويرفعونها في وجه كل من يتصدى لهم، كاشفاً لانحرافهم، فيقولون: "لحوم العلماء مسمومه"، ويعنون أنفسهم ورموزهم وقاداتهم.
(3) ومرادهم أن لا يرد على أحد، ولا يبين عوار أحد، ولا يكشف عوار أحد، حتى يخلوا لهم الجو، فيوجهوا الناس كما شاءوا، ويقودوهم إلى البدع والانحراف والضلال وتفريق كلمة هذه الجماعة، جماعة أهل السنة والأثر.
(4) وأهل السنة يستعملونها، وهي لصالحهم.
(5) وأهل السنة يرفعون هذه الكلمة في وجوه المبتدعة دفاعاً عن أئمة الهدى وأئمة الحق، فلحومهم مسمومه، بلا شك.
(6) أما أهل البدع والضلال والانحراف، فلحومهم لا كرامة لها.
(7) ونحن حينما نرد على هؤلاء، لا نرد عليهم لذاتهم ولا لأشخاصهم، لكن لما نشروه بيننا من الانحراف والجهالات والضلالات، ولما أشاعوه من الفرقة، بركوبهم البدع، فلا كرامة لهم حتى يعودوا إلى الحق والسنة. وقام الدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأئمة على أنه لا كرامة لهؤلاء.
(8) والذي يتأمل النصوص يظهر له ذلك جليا. قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "سيكون أُناس يحدثونكم بما لم تسمعوه أنتم ولا أباؤكم، فإياكم وإياهم". وحذَّر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل الأهواء، وحذَّر من الخوارج، وأمر بقتلهم وقتالهم، ووعد أن يقاتلهم إن لقيهم، ووعد على ذلك بالأجر.وحذَّر من القدرية وقال فيهم:"إنهم مجوس هذه الأمة"، وحذَّر من المسيح الدجال الذي يخرج أخر الزمان حتى قال قائلٌ من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إن كنا لنظنه أنه في طائفة النخل" أي قريب منهم.
(9) وحذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحذيراً عاماً، وتحذيراً خاصاً، من ذلكم حديث افتراق الأمم، ومشى أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأئمة السنة من بعده على ذلك.
(10) وهذا عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ يقول: "إياكم وأهل الرأي، فإنهم أعيتهم أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحفظوها فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا".
(11) وروى اللاكائي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال: "والله ما أظن أن أحد أحب إلى الشيطان هلاكاً مني اليوم "، قيل: وكيف؟ قال: "تحدث البدعة في المشرق أو المغرب، فيحملها الرجل إلي، فإذا أنتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليهم".
(12) وذكر الذهبي في السير وغيره عند ترجمته عمر بن عبيد المعتزلي القدري عن عاصم الأحول، قال: كنا في مجلس قتاده، فذكر عمر بن عبيد، فوقع فيه، قلت: (أي عاصماً): "ما أرى أهل العلم يرد بعضهم" أو قال: "يقع بعضهم في بعض"، قال قتاده: " أما تدري يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعه، يجب أن يذكر ليعلم".
(13) والذي خبر كتب أهل السنة، مثل: الإبانة لابن بطه، وشرح أصول الاعتقاد لللاكائي وغيرها، يظهر له ذلك جليا، وأن السلف مجمعون على التحذير من البدع وأهلها، من ذلكم ما قاله مصعب بن سعد ـ رحمه الله ـ، قال: "لا تجالس مفتوناً، فإنه لن يخطئك منه إحدى اثنتين، إما أن يفتنك فتتابعه أو يؤذيك قبل أن تفارقه". وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وهذه إضافة قيمة من أحد مؤلفات الشيخ عبد الكريم الحميد حفظه الله:
والعجب أن يوجد من الناس من إذا ذُكِرَ هؤلاء وبُيِّن أمرهم إظهارا للدين ونصيحة للأمة جعل ذلك من باب ( الغيبة ) وقال : ( لُحُومُ العُلَمَاءِ مَسْمُومةٌ ) ، ونحو ذلك ممَّا لا يفقهه على وجهه أو أنه يحتج به لهواه ، وليس الكلام بهؤلاء من هذا الباب كما أن قائل هذه الكلمة >>ابن عَسَاكِر<< لم يقصد ما فهمه أهل الفُهُوم القاصرة .
وسوف أُورِدُ كلامه وأوضِّح المقصود منه – إن شاء الله تعالى - :
قال الحافظ >>ابن عَسَاكِر<< رحمه الله : ( واعْلَمْ يَا أخِي – وَفَّقَنَا اللهُ وَإيَّاكَ لِمَرْضاتِهِ ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَخْشاهُ ويَتَّقيه حَقَّ تُقَاتِهِ – أَنَّ لُحُومَ العُلَماءِ مَسْمُومَةٌ ، وَعَادةُ اللهِ في هَتْكِ أسْتَارِ مُنْتَقِصِيهِمْ مَعْلُومَةٌ ، لأنَّ الوَقِيعَةَ فِيهِمْ بِمَا هُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ أمْرُهُ عَظِيم ٌ ، والتَّناوُلُ لأعْراضِهِم بالزُّورِ والافْتِراءِ مَرْتَعٌ وَخيمٌ ، والاختِلاقُ عَلَى من اخْتارهُ اللهُ مِنْهُم لِنَعْشِ العِلْمِ خُلُقٌ ذَمِيمٌ ) انتهى ( ) .
وفيما يلي سأوَضِّح المقصودَ بِهَذا الكلام :
1- يريد >>ابن عَسَاكِر<< -رحمه الله – بـ ( العُلَماء ) أنهم الذين يستحقُّون أن يُسَمَّوا ( علماء ) ، وهم الذين وصفهم بأن الله اختارهم لِـ ( نَعْشِ العِلْم ) ؛ يعني القيام به ، وبيانه ، والذبِّ عنه ، ليس من تَمَعْلَم وسُمِّي بـ ( العالِم ) كحال كثيرين من أهل زماننا ! .
2- قوله : ( بما هُمْ مِنْهُ بَراءٌ ) ، وقوله ، : ( بالزُّور والافْتِراء ) ، وقوله : ( والاختِلاقُ ) يُبَيِّن المراد وأنَّه القول فيهم بالكذب عليهم ، فهذا هو المحذور .
3- لا يعني كلامه هذا غلق الباب عن الكلام في العلماء إذا دعت الحاجة لذلك وحَسُنَ القصد في ذلك كما في كتب ( الجرح والتعديل ) والتراجم ومما يُؤثَر عن العلماء كلامهم في زلَّات بعضهم ، بل هذا دين يُدَان الله به ، وذلك بشروطه ليس للثَّلب والاستطالة وإسقاط منزلة العالم وإلا فكيف يحفظ الدين إذا لم تُبَيَّن الأخطاء ؟! .
4- ولا يعني كلام >>ابن عَسَاكِر<< أيضاً أن لحوم العلماء ليست مسمومة بالافتراء عليهم ، وغِيبتهم وبهتهم ، وإنما معنى كلامه أنّ العلماء الذين وصَفَهم غيبتهم أعظم من غِيبة غيرهم لمقامهم من الدِّين ولأن الله أغْيَرُ لهم مِمَّن ليس في مقامهم ، أمّا ذمُّ الغِيبة والوعيد عليها فعامٌّ للعلماء وغيرهم .
5- إنَّ من المعلوم من عموم وجملة الشريعة وواجباتها هو النصح لله ولرسوله y ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ، فهل من النُّصح السكوت عن أخطاء العلماء ؟! ، بل هذا غِشٌّ وخيانة ، ولو عُملَ به لتلاشى الدّين واضمحلَّ ! .
بل بيان زلاََّتهم من النصح لهم لِيَقِلَّ أتباعهم ومقلِّدوهم في خطئهم ، ولعلَّهم هم يرجعون إلى الصواب ، وذلك من النُّصح للأمة حتى لا تضِِلَّ بزلات من ليسوا بمعصومين .
6- وإذا كان هذا هو الصحيح في بيان أخطاء من يستحقُّون أن يُسَمَّوا علماء حفظا للدين ونصحا للمسلمين فكيف يكون حال من يتَسَمَّون بالعلماء وآفاتهم على الدين وضررهم على المسلمين ظاهر بيِّن ؟! ؛ لا ريب أنَّ من يجادل عن هذا الصنف أنَّه في أحسن الأحوال مُغرِقٌ في الجهل ! ، وإلا فهو من الغاشِّين للأمة الملبِّسين على الناس دينهم ! .
7- لو سُبِرَت أحوال هذا الصِّنف لَوُجِدَ حين يُنالُ من عرضه أو يُبخسُ في ماله أو يُخالَفُ في هواه مخالفا لأصله الجاهلي الذي أصَّله ، فتجده يحامي ويعادي ، فما بال الدِّين يُغَطَّى على انتهاك حُرُماته بكلام لـ >>ابن عَسَاكِر<< فُهِمَ على غير مراده ! .من موقع أهل الحديث 0
قال الشيخ / بكر أبوزيد رحمه الله تعالى في كتابه : " النظائر " في لطائف الكلم في العلم ص295 :
* ( لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في منتقصهم معلومة ) .
ابن عساكر في مقدمة كتابه " تبيين كذب المفتري " .
وفي " الشقائق النعمانية " ص/39 ... ذكر مايفيد أن الأولى أن يقال : لحوم العلماء سامة . أ.هـ
وقال الشيخ زيد بن هادي المدخلي هذه المقولة مأثورة " لحوم العلماء مسمومة " ، هذا ينطبق على من يغتاب العلماء ، علماء الكتاب والسنة الذين هم أهل الشرع العاملين بالكتاب والسنة بفهم السلف ، لا يجوز لأحد أن يتكلم فيهم حتى ولو وقعوا في شيء من الخطأ في اجتهاد في الأحكام ، لا يجوز لأحد أن يغتابهم ، هذا مُسَلَّم به ، ولا يصلح أن يكون دليلاً للمنع من الكلام في أهل البدع والمجاهرين بالمعاصي ، فأهل البدع يُبين أمرهم ، الذين ينشرون البدع يُبين أمرهم وخطأهم واعتداءهم على السنة وأنهم يحاربون السنة من أجل أن يحذرهم الناس ، فالكلام فيهم من باب النصيحة .
وأما الكـلام في العلماء المجتهـدين علماء الكتاب والسنة ونقدهم بدون بصيرة لا يجـوز لأحـد أن يفعله ويقدم عليه ، وهذا الذي يوجـه إليه هذا الكلام الذي صدر وأورده ابن عساكر في تاريخـه .