الإهداءات

 

 

   

 

    
  

 


    -  تعديل اهداء
العودة   موقع قبيلة عنزه الرسمي: الموقع الرسمي لقبائل ربيعه عامه و عنزة خاصه المركز البحثي لقبيلة عنزه الخطب والمقالات والبحوث العلميه
الخطب والمقالات والبحوث العلميه بقلم فضيله الشيخ الباحث محمد بن فنخور العبدلي
 

إضافة رد
 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 08-31-2010, 06:47 PM   #1
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 342
افتراضي بحثي : البشـــ بين العرف والشرع ـــعة

البشعة


البشـــ بين العرف والشرع ـــعة


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد


يتم الفصل في المنازعات بالمناطق القبلية عن طريق الأعراف القبلية التي لها في كثير من الأحيان قوة القانون ، ويمثل شيخ القبيلة أو من يقوم مقامه دور القاضي وترتبط قوة قراره بقوة شخصيته 0


فالعرب قديما وحديثا وقبل انتشار وسيادة نظام الدولة في جميع إنحاء العالم كانوا بحاجة ماسة للقضاء منذ وجودهم على هذه الأرض لذلك شيدوا للعدل صرحاً وأسسوا له قواعد احترموها وتقيدوا بها ولا يتجاوزونها مهما حدث وإلا تقع عليه عقوبات أخرى أشد وأنكى ، ومع أن هذه القوانين لم تكن مكتوبة إلا أنها سائدة ومنتشرة بينهم كالقوانين والأنظمة الحالية المدونة والمكتوبة سواء كانت شرعية إسلامية أو قانونية وضعية 0


الأنظمة العرفية القديمة لم تكن وليدة الساعة أو تم إقرارها في جلسة أو اجتماع وإنما هي نتاج سلسلة طويلة من التجارب على مدى سنوات طوال ، والغريب أنها لم تكتب وتوزع على القبائل والعشائر ، ولم تُدَوّن في كتب يتوارثها الأجيال جيل بعد جيل 0


لقد توارثها الأبناء وصانوها جيل بعد جيل ، ليس بالكتابة وإنما بالحفظ والمحافظة عليها وعرف أناس بتطبيقها من القضاة والعوارف وأمثالهم 0


جاء الدين الإسلامي وبرز نوره وانتشر بحمد الله وفضله فكان له الأثر البعيد والكبير في جميع مناحي الحياة العربية والبدوية ولا سيما القضاء العرفي البدوي فأقر الصحيح العادات والأحكام التي كانت مألوفة في الجاهلية ، وألغى منها ما لا يتوافق مع الشرع ، أما الذي يحتاج للتعديل فقام بتعديله 0


ومن القوانين العرفية السائدة هي البشعه التي اعتبرت في فترة من فترات الزمن إحدى الوسائل التي يتم بموجبها إبراء الذمم والتبرئة من التهم وهي تقليد عربي مارسته القبائل العربية قبل وبعد الإسلام 0


تعريف البشعة


البشعة في اللغة : مشتقة من بشع بتشديد الشين وفتحها ، يقال : بشع يبشعا تبشيعا ، وهذا بشع بفتح الباء وكسر الشين ، وهذه بشعة ، والأبشع والبشعاء ، أي القبيح والقبيحة ، إذن بشع قبح 0


واصطلاحا : هي التعزير أو التجريم ، أي تلبيس الشخص تهمة ، ثم إزالتها عنه بالتبشيع ، والبشعة على عادات العرب الموروثة لمعرفة المجرم في جريمة وقعت ولم يعرف الأطراف المشاركة بالجريمة 0


قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : البشعه هي تلحيس النار المتهم 0


وصف البشعة


البشعة هي الكي بطرف يد المحماس أو قطعة حديد محمية على النار إلى درجة الاحمرار ، حيث يطلب القاضي من المتهم أن يمد لسانه فيلذعه على رأس اللسان ، فإذا تركت النار أثرا للكي على اللسان يسند الجرم إليه ، وإذا لم يترك الكي أي أثر على رأس اللسان يعلن القاضي براءته 0


فهي إحدى الطرق الذكية التي استخدمها بعض أبناء البادية للحكم على براءة أو إدانة المتهم وهي وسيله لكشف الكذب أو التأكد من براءة متهمٍ ما ، تتم عملية (البشعه) بأن يجلس المتهم بجانب ( المبشع ) وهو الشخص الذي يقوم بالعملية كذلك يجلس الخصوم والشهود لمشاهدة ما يجري حيث يقوم المبشع بتسخين ( الميسم ) يد محماس القهوة العربية حتى تصبح حمراء من شدة النار ويخرجها ثم ينظر إليها ويقلبها , ثم يرجعها إلى النار ثانية وكل هذا يتم أمام ناظري المتهم وخلال هذه الفترة فأن المبشع يقوم بعمل المحقق فيتحدث المتهم طالباً منه إظهار الحقيقة مبين له مدى خطورة حرق النار للسانه هذا من جهة ومن جهة أخرى فأنه يراقب ملامح وجه المتهم عن قرب وقسمات وجهه والانعكاسات البادية عليه وعندما تصبح يد المحماس قد جهزت واحمرت من شدة النار فأن المبشع يطلب من المتهم مد لسانه حيث يقوم بوضعها على اللسان بسرعة ومهارة لا يتقنها إلا قلة عرفوا بهذا الفن وتمرسوا عليه , ثم ينتظر الجميع بضع دقائق ثم يطلب المبشع من المتهم مد لسانه مره أخرى أمام الجميع فإذا ظهرت البثور على لسانه فأن ذالك يعني تجريم المتهم وإذا بقى لسانه سليماً فذالك يعني براءته من التهمة المنسوبة إليه ويعلن المبشع حينها براءته ، قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : البشعه هي تلحيس النار المتهم , أعني عندما تنفذ جميع الأدلة الثبوتية لإظهار المجرم , يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه ( المبشع ) وهذا الرجل يأتي بقضيب عريض من الحديد ويحميه بالنار بحضور المدعي أو وكيله حتى يبلغ أقصى حد من الحرارة ويمسح به لسان المتهم بكل سرعه ولباقة , ثم يناوله في الحال شربة ماء ، فإذا حصل ضرر في لسانه أعلن المبشع أن لاحس النار مجرم ، وإن لم يحصل ضرر يعلن براءته 0


منزلة المبشع


فيها رأيان هما :


الأول : أنه قاضي : يعد المبشع في العرف القبلي قاضيـاً بل أكبر القضاة ، فعن طريقه تحسم القضايا الصعبة ، ففي منتدى الملتقى العربي المبشع : هو قـاضى الجـرائم المنكرة التي لا شهود لها ويتم اختبار المدعى عليه بالماء أو بالنار أو بالرؤيا 0


الثاني : المبشع ليس بقاضي ولكنه صاحب طريقة أو معرفة ونحو ذلك لكنه أدنى منزلة من القاضي ، يقول أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه ( المبشع ) فهنا يقرر أن المبشع غير القاضي في عرف مستخدميها 0


مهنة المبشع


مهنة المبشع وراثية تحتكرها قبائل معينة ، وداخل القبيلة عشيرة معينة ، وجرت العادة أن يكون المبشع من ( رجال الدين ) لأنها في معتقد القبليين جانب روحي وديني , ويعتبرونه من الصالحين ، الأتقياء ، ويؤمنون بصحة أقواله ، وصدق أحكامه ، قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو : لا يستطيع أي كان من البدوان يكون مبشعا ، بل هنالك عائلات مخصوصة ، وإذا مات المبشع يخلفه أكبر رجل من عائلته , حتى إذا لم يكن هذا هو الأفضل ، لا ينتخب المبشع انتخابا وإنما هو يصل إلى منصبه بحكم الوراثة والعادة 0


أين تعقد البشعة


تعقد البشعة في بيت المبشع ، أو على مقربة منه ، فالخصوم هم الذين ينتقلون إلى حيث يقيم المبشع مهما طال السفر في الغالب ، ونفقات البشعة يتحملها الطرف الخاسر 0


كيفية الالتجاء إلى البشعة


1- تكون المبادرة للالتجاء إلى البشعة من أحد الطرفين المتخاصمين 0


2- قد تصدر المبادرة من القاضي الذي ينظر في الخصومة ، قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : عندما تنفذ جميع الأدلة الثبوتية لإظهار المجرم , يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه ( المبشع ) 0


3- قد تكون من الرجل نفسه الذي تدور حوله الشكوك ، عندما يكون على يقين من براءته ، حتى يتجنب انتقام المجني عليه ، فيبدي استعداده للخضوع للبشعة ، في هذه الحالة لا يجوز للطرف الثاني رفض عرضه 0


قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو : المدعي هو الذي يطلب بشعة المدعى عليه في أغلب الحالات ، وقد يرفض المدعى عليه أن يبشع فيحكم عليه القضاة بالبشعة ، وفي بعض الأحيان يكون الطالب للبشعة هو المدعى عليه تخلصا من التهمة الموجهة إليه ، والمدعي هو الذي يختار المبشع , ليس المدعى عليه ، ذلك لأنه هو الرجل الذي يجب أن يطمئن وله الخيار في أن يصر على حقه هذا أو يعدل عنه 0


خطوات البشعة


1- يُوضع محماس البن أو حديدة مصفحة وما شابهها في النار حتى يُصبح شديد الاحمرار 0


2- يُخرج المبشع المحماس ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات لكي يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء 0


3- يمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم ويقول له أبشع أو ألحس 0


4- على المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة وبعدها 0


5- يلحس المتهم المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء 0


إذا ظهر على لسانه أي أثر للنار حكموا عليه بأنه مذنب وإلا فهو بريء 0


إجراءات البشعة


1- الاستماع لعرض تفاصيل القضية من الطرفين 0


2- الاستماع للشهـود 0


3- تلاوة تفاصيل الموضوع من قبل المبشع ليقنع الحضور بأنه على وعي تام بعناصر الموضوع محل النزاع 0


4- حث الطرفين على عدم المضي في إجراءات البشعة وإنه من الأفضل الاتفاق ودياً وعلى المتهم الاعتراف إن كان مذنباً مع أن الحل الودي سيحرم المبشع من أجرته إلا إنه يطرحه عليهم بشكل جدي 0


5- إذا فشلت المساعي الودية : يقدم كل من المتخاصمين كفيلاً يضمن تنفيذ ما يلزمه المكفول فكفيل المدعي يتعهد بامتناع المدعي عن الانتقام من المدعى عليه إذا أدين ، وكفيل المدعى عليه يتعهد بأداء ما يفرضه العرف عليه إذا أدين 0


6- لحس النار 0


ماذا يحدث بعد مجلس البشعة


قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : وحينئذ يرفع من تبرأ راية بيضاء وينادي قائلا ( بيض الله وجه المبشع وبيض الله وجه الكفيل )


مجـال تطبيق البشـعة


من أكثر الجرائم التي يستعان فيها بالبشعة هي جرائم :


1- القتل


2- العرض


3- السرقة


4- إثبات النسب


مكان انتشارها


كانت شائعة في المجتمعات القبلية القديمة والمعاصرة وبعض المجتمعات المدنية القديمة وقد انتشرت في فلسطين والأردن وقبائل شرق الأردن وسوريا ومصر وخصوصا في سيناء ، فهي منتشرة عند كثير من القبائل العربية مثل بني عطية والحويطات وقبائل شرق الأردن وسيناء وفي أرجاء الجزيرة العربية كما في قبائل عنزة ، وفي الحجاز ، وفي وعُمان وحضرموت وغيرها من القبائل العربية بيد أنها أكثر ما اشتهرت وسط عربان الشرقية في مصرعلى أيدي مبشعين مشهورين أمثال العيادي والجريري ، قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو : البشعة طريقة من طرق التقاضي مألوفة لدي عربان السبع 0


اختلفت الآراء حول البشعه :


قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو : البشعة طريقة من طرق التقاضي تشبه الشعوذة الهندية القديمة التي يجد المرء جذورها في عبادة المجوس للنار 0


وعن البشعة ونظرة الناس لها فمنهم من :


1- يرى أنها صحيحة واستخدمت قديما عند بعض القبائل ودليلهم فيها إن الرجل الصدوق يكون واثقاً من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلا ً فلا تؤثر فيه حرارة المعدن ويعلن المبشع حينها براءته وأما الكاذب فيكون مضطرباً لدرجة أن ريقه يجف مما يسهل التصاق قطعة الحديد بلسانه وهنا تثبت التهمة عليه0


2- يرى أنها طريقة صوفية حيث قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : يقرر القاضي إرسال المتهم إلى رجل من أهل الطرق الصوفية كالرفاعية وأمثالهم يدعونه ( المبشع ) 0


3- يرى أنها نوع من أنواع السحر والشعوذة وكانت تستخدم بنطاق ضيق لحل المنازعات الكبرى بين الناس ومن يمارس هذا الدور وهو المبشع هو ساحر أو كاهن وله طريقته للاستدلال على معرفة المتهم من خلال الشعوذة والسحر0


4- يراها أنها عملية خرافية بدائية لا تتعدى كونها شعوذة 0


5- أنها خرافة لا أصل لها ولكنها طريقة لكشف الكذب فقط حيث أن الهدف منها التحقق من دعوى المتخاصمين بعدم توفر الدلائل والشهود ويستطيع القائم بهذا العمل معرفة ملامح وجه المتهم أثناء تسخين قطعة الحديد حين يقوم المبشع بتقليب قطعة الحديد أمام نظر المتهم لتصبح حمراء و ينظر إلى وجهه ويقلبها مرة أخرى وهو يتحدث معه طالباً منهم إظهار الحقيقة مبينا له أن الكاذب ستحرق النار لسانه ويضرب له أمثلة بفلان وفلان وهنا يلعب العامل النفسي دوره حيث يعترف المتهم قبل البدء بها بتهمته وهنا تحل القضية عن طريق البشعة التي لم تمارس حقيقة 0


6- يراها أنها وسيله جيدة لإظهار حقيقة المتهم وذلك عند عدم توفر الشهود في جرائم مهمة ومصيرية مثل جرائم القتل والسرقة والشرف وغيرها ، وفي نظرهم أن المبشع رجل بدوي ذكي يلجأ إلى الاستفسار المسبق عن المشكلة قبل أن تحال إليه ويحصل على صورة شبه كاملة عن الجريمة وأطرافها وحيثياتها كما يرون أنها ليست ضرباً من ضروب السحر والشعوذة واقرب تفسير علمي لها هو أن المتهم من شدة خوفه وارتباكه يجف لعابه فإذا ما لامست الأداة الحارة لسانه التصقت به وأحدثت به أثراً بالغاً يظهر للعيان أما البريء المطمئن لبراءته فأن لعابه يحول دون التصاق محماس القهوة الحار بلسانه شرط أن لا تستمر الملامسة أكثر من اللازم وهنا تظهر مهارة من يمارس البشعة كطريقة وأسلوب يكتشف من خلاله المذنب من البريء , وهذا الأسلوب الفذ الذي تفتقت عنه العبقرية البدوية 0


7- يرى أن البشعه عمليه نفسية حيث يأتي المتهم ويكون فعلاً مخطئ يكون خائف وعند ذلك يجف ريقه ، فعندما يلعق المعدن الذي تحول لونه إلى الأسود بعد الأحمر من شدة الاحتراق لا يكون على لسانه لعاب فتكويه النار فيعرف انه كاذب والعكس 0


8- يرى أن البشعة نوع من أنواع الشرك ، خاصة إذا صاحبها اعتقاد 0


9- يرى أن البشعه عبارة عن حديدة مكتوب عليها بعض الطلاسم يشك بها لسان المتهم أو المتخاصمين أو يضع الخصوم والمتهمون ألسنتهم عليها لاعتقادهم أنها لا تؤدي إلا المذنب وقد تلاشت هذه العادة مؤخرا ولم يعد يعمل بها 0


البشعة في المجتمعات الأخرى


قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو :


1- لقد ذكرت البشعة في الشعر الهندي عندما أرادت ( سيتا ) أن تبرهن على أنها برية مما اتهمها به بعلها ( راما ) , يوم اتهمها بأنها خانت عهده , وأحبت رجلا غيره , فحملت قضيبا من الحديد المصلي بالنار, وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض. ولما لم تؤذها النار ولم تحرق يدها القابضة على الحديد نادوا ببراءتها. ولم تكن البشعة التي أشارت إليها هذه القصة من منتجات الخيال الشعري فقط, بل نصت عليها القوانين الهندية أيضا ، وهذا النوع من البشعة نصت عليها القوانين الإسكندنافية التي فرضت على المتهم أن يسير بالحديد المصلي بالشكل المتقدم ذكره تسع خطوات ، وكذلك في القوانين الانجلوسكسونية فقد اشترطوا أن يكون ثقل الحديد المصلي على هذا الشكل ما يعادل نصف كيلو, ثم زادوه إلى ما يقرب من الكيلو ونصف حتى أن ريشاردس زوجة شارلس البدين أثبت أنها بريئة مما اتهموها به بأن ارتدت ثوبا مطليا بالشمع وولجت به النار فلم تؤذها هذه0


2- وهنالك نوع آخر, من البشعة كان معروفا في إنجلترا وفي ألمانيا ، وهو أن يسير المتهم حافي القدمين على حديد المحراث المتأجج نارا , وأن يخطو تسع خطوات وهو على هذه الحال ، ولقد أيدت قوانين العصور الوسطى كلها هذا النوع من البشعة واعتبرته من الإجراءات القانونية التي لا مناص منها حتى أن الملكة ( إما ) الإنجليزية أم الملك إدوارد المعترف قامت بهذا النوع من البشعة عندما اتهمت بتأسيس صلات غير شريفة بينها وبين الوين أسقف وينشتر ، ولم تستطيع تبرئة شرفها إلا بهذه الطريقة ، وكذلك فعلت الملكة الألمانية في حادثة كهذه 0


3- وهنالك نوع آخر من أنواع البشعة معروف في أفريقيا وفي آسيا أيضا ، وهو أن يغطس المتهم يده في الماء المغلي , أو في الزيت المغلي , أو في الرصاص الذائب فيخرج منه حجرا أو خاتما يكون قد ألقي فيه عن قصد ، حتى أن زنوج أفريقيا يشترطون أن يغطس المتهم ذراعه كله حتى الكوع , وليس يده حتى المرفق فحسب, في الزيت المغلي , فإذا لم يمس اليد أو الذراع أذى حكموا ببراءة صاحبها من التهمة التي أسندت إليه , وإلا أدانوه وعاقبوه من أجلها 0


4- ومن أنواع البشعة ما نراه بين البراهمة في الهند إذ يشرب المتهم ثلاث حفنات من ماء غطس فيه صنم مقدس ، وهم يعتقدون أن الرجل البريء لا يصيبه أذى إذا شرب هذا الماء والمذنب لابد وأن يصيبه ذلك في بحر أسبوع أو ثلاثة أسابيع من تاريخ شربه ، وفي أفريقيا لا يزالون حتى يومنا هذا يسقون المتهم ماء مسموما 0


5- وهنالك بشعة استعملت في الإسكندرية في العصر الثاني للميلاد ، إذ كانوا يطعمون المتهم كسرة من الخبز وأخرى من الجبن بعد أن يقرأ عليهما ما معناه ( أن يرسل الإله الملك جبرائيل فيوقف اللقمة في حلق الآكل إذا كان هذا مذنبا أو يسهل عليه بلعها إذا كان برئيا ) ، وهذا النوع من البشعة أقره القانون الإنجليزي 0


أسباب القضـاء على البشعة


1- الدعوة الإصلاحية في نجد والحجاز : فقد وقفت الدعوة منها موقفاً معادياً ، واعتبرتها إحدى الممارسات المخالفة لتعاليم الإسلام , وعدوها من العادات الوثنية ، حيث أنه تنطوي على نوع من الشرك ، وقد أجبر الشيخ محمد بن عبد الوهاب قبيلة مطير على التخلي عنها بأمر صريح منه ، فقد كانوا يمارسونها فيما مضى0


2- حظـر الالتجاء إليها في الدول العربية الحديثة كما حدث في الأردن ، فقد صدر فيها قانوناً عام 1973م ، بالمنع منعاً باتاً في اللجوء إليها 0


3- جهود فردية من علماء الدين وغيرهم ممن يرون فيها أنها إجراء غير إنساني ، وإنها غير عادلة 0


حكمها العقلي


قال أحمد وصفي زكريا رحمه الله في كتابه عشائر الشام ص 271 : وهذه البشعه من أغرب الأعمال وأوحشها وأبعدها عن العقل والشرع ، وقد جرت مره في الكرك ( شرقي الأردن )أمام أحد الأجانب فرفع آلة التصوير وصورها وبعث بها إلى صحف بلاده لنشرها وتشويه سمعة الأمة العربية بها فحبذا الإعراض عنها بتاتا 0


حكمها الشرعي


السؤال الأول : يشيع بين القبائل العربية في البادية والحضر ما يسمى ( بالبشعة ) ، وصفتها أنهم عندما يُتَّهم أحدهم بتهمة ما فإنهم يذهبون به إلى شخص يسمونه ( المُبَشِّع ) ويقوم هذا الشخص بتسخين قطعة حديد مستديرة ( طاسة ) حتى تصل إلى درجة الاحمرار ويطلب من المتهم لعقها فإن لم تصبه بأذى فهو برئ وإن أصابته أو أبى أن يتعرض لها فهو مدان ؟


الجواب : لفضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله : البشعة ليس لها أصل في الشرع ، وإنما يجب أن نعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ) رواه الدارقطني ، فهذا الحديث الشريف رسم لنا طريق المطالبة بالحق وإثباته أو نفى الادعاء الباطل ، وهذا ما يجب على المسلمين أن يتمسكوا به دون سواه من الطرق السيئة التي لا أصل لها في الشرع ، بل وتنافي العقائد الثابتة بخصوصية الله تعالى بعلم الغيب ، فقال تعالى ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَراًّ إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )(الأعراف 188) ، والله سبحانه وتعالى أعلم 0


السؤال الثاني : و جاء في موقع الإسلام أون لاين : بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :


فاللجوء إلى البشعة لإثبات الحقوق أو نهي الاتهام عن المتهم لا يجوز شرعا ، والبشعة طريقة يستخدمها البدو وغيرهم في معرفة الصدق من الكذب في عدد من القضايا ، كمعرفة السارق ، وإثبات النسب وغيرها ، وهي تحل محل الشهود ، ويعد المبشع قائما مقام القاضي ، والبشعة تأخذ ثلاثة أشكال :


الطريقة الأولى : الاختبار بالنار: فيحمي المبشع إناء نحاسيا على جمرات الفحم حتى تصل لدرجة الإحماء ويريها الشاهدين ، ثم يجعل المتهم يلحسها بلسانه ثلاثا ، فإن ظهر على لسان المتهم شيء ، حكم المبشع بالدعوى لخصمه ، وإلا حكم له ، ومرد ذلك عندهم أن المتهم إن كان مذنبا جف ريقه من الخوف وأثرت النار فيه ، وإلا فالعكس 0


الطريقة الثانية : الاختبار بالماء : حيث يحضر المبشع إناء فيه ماء ، حيث يجلس الشهود والمتهم ، ويقوم بالتعزيم عليه ، فإن تحرك الإناء فقد ثبتت التهمة على المتهم ، وإلا حكم له بالبراءة 0


الطريقة الثالثة : الاختبار بالحلم : وهي أن يحلم المبشع بالمتهم ، وبناء على الحلم يحكم عليه اتهاما أو براءة 0


ومثل هذه الطرق الثلاثة لا تجوز شرعا ، لما يلي :


1- أن هناك وسائل إثبات حددها الشرع في القضاء ، يجب أن نصير إليها عند التحاكم ، وهي: الإقرار ، والبينة ، والشهود ، فإما أن يقر الإنسان بتهمته ، أو تكون هناك بينة ، أو يقوم الشهود بالشهادة على أنهم رأوا المتهم يسرق أو يفعل ما اتهم فيه ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر ) أخرجه البيهقي والدراقطني 0


2- أن البشعة ضرب من الشعوذة والسحر، وهي إحدى موروثات البيئة العربية في الجاهلية ، فقيام المبشع بالتعزيم على الإناء لا يكون إلا من خلال الاتصال بالجن ، وهو محرم بلا خلاف0


3- أن ما يقوم به المبشع من تسخين إناء وادعاء أن المتهم إن لحسه بلسانه ولم يضره دليل على براءته أمر غير منضبط لا يمكن التعويل عليه شرعا ، فإن عدم الخوف أو غيره وإسالة لعابه قد يكون عند البعض ولا يكون عند الآخرين ، فمن طبائع بعض البشر أنه يخاف بمجرد اتهامه ، فينتفي التثبت من صحة ما يدعى في طريقة تسخين الإناء ، وهو عاب الله تعالى على من يحكم بالظن ، كما في قوله تعالى ( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) النجم 28 0


4- أن الأحلام والرؤى لا ينبني عليها أحكام في الدنيا ، وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء ، فلا يجوز في القضاء أن يلجأ إلى حلم شيطاني يوسوس فيه للإنسان ، أو يغلب على ظنه شيء ، فيكون حديث نفس ، فيحكم المبشع على المتهم زورا وبهتانا 0


5- أن القيام بطريقة البشعة فيها إضرار على الشرع من أكثر من ناحية ، فمن ناحية فيها إبطال لقواعد الشرع في إثبات الجرائم ، ومن ناحية أخرى فيه إضرار على العقيدة ، حيث إن كثيرا من الناس لا يخاف أن يحلف بالله كذبا ، ولكن يعظم في قلبه أن يكذب أمام البشعة خشية الفضيحة مما يشاع عنها ، ففي مثل هذا تقليل لله في قلوب خلقه ، فيخدش التوحيد ، وينافي مقتضاه ، كما قال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) أي إلا ليوحدون ، أو إلا ليقروا لي بالعبودية طوعاً أو كرهاً ، وفعل البشعة وتعظيمها في القلب ينافي هذا 0


6- أن قبول المتهم بعمل البشعة في حالة وجود النار فيه إهلاك للنفس وتعريضها للتعذيب ، وهو منهي عنه شرعا ، فكما جاء النهي عن إيذاء المسلم غيره ، فلا يجوز أن يؤذي الإنسان نفسه ، لأن جسده أمانة عند الله تعالى ، واعتداء الإنسان على جسده محرم ، سواء أكان بالقتل أم بغيره ، كما قال تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء 29 ، ويقاس عليه كل إيذاء للنفس 0


وعليه : فلا يجوز شرعا اللجوء إلى البشعة ولا اعتبارها في التقاضي ، ويأثم فاعلها والمشترك فيها ، والراضي عنها ، لمخالفتها قواعد الشرع في التقاضي ، وأثرها الفاسد على العقيدة والله أعلم 0


جمع وتنسيق


محمد فنخور العبدلي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ


1- الراوي علي الملاحي


http://www.albdoo.com/vb/t21279.html


2- منتديات صقور البادية


http://www.darwesh.net/vb/showthread.php?t=2012


3- منتديات عنزة الوائلية - أسعد الحمدان




4- http://forum.sh3bwah.maktoob.com/t118132.html


5- http://www6.mashy.com/islameyat/fatawa/list/-16




7- http://www.alkathiri.net/showthread.php?t=8287


8- http://alhowaitat.net/showthread.php?t=34389


9- http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid=1150542095344&pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar%2FFatwaA%2FFatwaAAskTheScholar


10-http://www.palestineremembered.com/Articles/General-2/Story7894.html


11- كتاب عشائر الشام لأحمد وصفي زكريا رحمه الله


12- منتدى الملتقى العربيhttp://www.4roro4.com/vb/s27264.html
محمد فنخور العبدلي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-01-2010, 02:47 PM   #2
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,350
افتراضي

مع الشكر للأخ محمد بن فنخور العبدلي :
نحيل هذا الموضوع للأخ مشعل السحيحير لعله يطلع عليه ويساهم في ما يعرفه و رغم صغر سنه فأننا لا نعفيه لأنه من سلالة رجال من عوارف عنزة الذين يفصلون في الخصومات قديماً والبشعة لها علاقة مباشرة بالعوارف 0
أما أنا فلن أتطرق لمواضيع البشعة ولكني سوف أتحفكم بما نشرت في كتابي قطوف الأزهار من طرائف طلايب العوارف بختصار :

( من نوادر قصص العوارف في قضاء البدو قديماً )

هذه الأبيات لرجل تراهن مع رجل آخر أيهما افضل الكريم أو الشجاع وتقدما لأحد العوارف لكي يقرر أيهما أفضل فقال الذي يفضل الشجاع :
ياعارفه جيتك عـن الـفـرق نـشّـاد *** مـا دام بالـدنـيـا حـقـوق وقـوانيـن
أي الـعــديـم ايـاه وامـبــادل الــزاد *** أن كان ما قـدر الفتى يجمع اثـنين
أي الـلي الـروح العـزيزه بها جـاد *** وأي الذي يرخص شياه وبعـاريـن
لا حل بطراف الظعن كون واطـراد *** عـن ذودنا الفارس يصد المعاديـن
فقال الذي يفضل الكريم هذه الأبيات :
يالعـارفه جيتـك عـن الـفـرق نشـاد *** حيثك تعـرف الموجبـه والقوانيـن
أي الـشـجـاع الـلـي لـلأرواح جـلاد *** وأي كـريـم بالـدهـر يشـبع الفيـن
من الـرس للنقـره إلـى بـاب بغـداد *** مـا يلـتـقـا بسـواقـهـم مسعـر زيـن
وفـيهـا مسـاكيـن تـفـاغـر للأجـواد *** بليـل الشتا وهبت عليهم شميطين
فرد العارفة بهذين البيتين يقول :
أخبرك كان أنـك عـن الـفـرق نشّـاد *** الـكـل منهـم بالمـلازيـم لـه حـيـن
واحد إلى جت حزتـه يحمي الأذواد *** واحد بوقت الجوع يقري مجيعين
* ومن قصص العوارف هذه القصة وهي طلابة بين الشيخ كنعان الطيار ومحمد الصياد حيث قال كنعان لمحمد الصياد لو أردت تمنى ما هي أمنيتك فقال محمد أتـنمى ذلول أغزي عليها مع الجماعة وقال كنعان وأنا أتمنى فتاه جميلة زوجه وأن يكون الروض أخضر والجماعة جميع وتجادلوا بالكلام بحيث كل رجل تمسك بأمنيته ورأيه وقالوا لنذهب للضريغط عارفة ولد علي لكي يفصل بيننا ويبيّن أينا صاحب الرأي الصائب فذهبا إلى الضريغط وبدأ محمد الصياد في أداء حجته بهذه الأبيات يقول :
جـيـنـاك يـا ولـد الضـريغـط بـقـالـه *** والـكـل مـنـا عــانـي بــطــلابـــــه
حـيـثـك غـلام مـا تـعـد الا الـصـدق *** ولا عـلـوم الـكـذب مـا تــشـقـابــه
أي البـنـات العـفـر وأيـات الـنـضى *** الـلـي تـجـيـب مـن الـخـلا ركـابــه
حـيـل يـقـطـعـن الـفـيـافـي ضــمـّـر *** كـلـن تــّورد لا وقـــع مــجـــدابــه
يجمع عـليهـا الفـود من مـال العـدا *** فـي سـاعـة فـيـهـا تـقـوم حـرابـه
وقال الشيخ كنعان الطيار هذه الأبيات :
جـيـنـاك يـا ولـد الضريـغـط بـقـالـه *** والــكــل مــنــا عــانـي بـطـلابـــه
حـيـثـك غـلام مـا تـعـد الا الـصـدق *** ولا عـلـوم الـكـذب مـا تـشـقــابــه
أي البـنـات الـعـفـر حـلـوات الـنـبـا *** الـلـي حـوا كـل الـحـلا بـثـيـابـــــه
رقـاب المـهـات مـنـومـات السـاهـر *** كـن العسل يـدهـك بـروس انيابـه
هـن الـلي يـجـبـن العـوارف مثـلـك *** وغـوش تـفـك الـذود مـن طـلابّـه
عـنـد الحـلـيـلـة مـا تـبـاطـأ نـومـك *** والهجـن تعرضـك العطش وذيابـه
لـو الـركـّاب مـنـيـهــات بــالــخـــلا *** لــولا الـعــذارى عــازنــا ركــابــه
وبعد أن سمع الضريغط حجة الصياد والطيار حكم للطيار حيث أن النساء افضل من الهجن على كل حال وقال الضريغط في الفصل بينهما :
هـــذا جـوابـي والـشــهـــادة لــلــه *** حيـثـه يعـرف الخـافي مـن الجابـه
الـنهـب مـع قـتـل النـفـوس الحـرة *** امـحـرمــه رب الــمـلأ بــكـتــابـــه
حـجـتـك يـالـطـيـار عـنـدي تـقـبــل *** وحـجـتـك يـالـصـيـاد نـقـفـل بـابـه

يتبع

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 09-02-2010 الساعة 04:51 PM
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-01-2010, 03:08 PM   #3
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,350
افتراضي

تابع
* وهذه قصة أخرى مشابهة من الطلايب عند العوارف قضاة البادية قديماً كان رجلين أخوين يقال أنهما من قبيلة شمر أحدهما كريم وجبان والآخر شجاع وبخيل وهذا التناقض بين الأخوين في الصفات مثار جدل وفي أحد الأيام لام الكريم على أخيه الشجاع البخيل وقال له لو مع شجاعتك كرم لأصبحت من أفاضل العرب فقال الشجاع لأخيه الكريم بل أنت اترك التبذير الذي تسميه كرم لتسد به ثغرة جبنك ولماذا لا تكون شجاع مع الكرم فقرر الأخوين الذهاب إلى الزميلي أحد قضاة شمر لكي يفصل بينهما أيهما أفضل الشجاع أم الكريم ؟ فجلس الأخوين عند الزميلي وأبدأ كل منهما حجته فقال الكريم هذه الأبيات :
أنـشــدك يـا ولـد الـزمـيـلـي بـالـلـه *** حـيـثـك تـخـلـص قـالـةٍ تـبـلابــهـا
حـيـثـك صـدوق ولا تـقـول الـزلــه *** ولا عـلـوم الـكـذب مـا تـشـقـابـهـا
أنـا الـيـا جـوني هـجـافـا وجـوعــا *** مـزاهـبـهـم الــزاد مــا يـلـتـقـابـهـا
رميـت أنـا سيفي وحليـت محـزمي * ** من نومي اقعدني جضيض ركابها
هليـت بالسـن الضحوك ونطحـتهـم *** يـوم البخيـل أغـضى ولا هـلابـهـا
أول مـا ابـاديـهـم بـأجـاويـد الـلبـن *** مـن هـجـمـة يمـلأ الـقـدح حلابهـا
وثـانـي مـا اباديـهـم بسمـن جـامـد *** حـتى الجـواعـا تستـليـن ارقـابـهـا
وثـالـث مـا ابـاديهـم بـعـيتـا حـايـل *** نــقـالـت الـنـيـيـن هــو عـذابــهـــا
مـع منسـف يقـلـط لهتـاشـة الخـلا *** صـيـنـيـتـه تـصـبـي بـمــا دلابـهـــا
والـلي تـمثـنـاني وضـاف الفـارس *** مـن الـذرة عـشـاه والملح مـابـهـا
ضيوف الفارس يصبحون بحسـره *** وضـيـوفـنـا مـثـل جـديـد ثـيـابـهــا
أخوي أشجع مـني وأنـا أكـرم منـه *** يـرخص بـروحه والعدا مـا هابهـا
ثم بعد أن أدى الكريم حجته شعراً تـقـّدم الفارس الشجاع فقال :
أنـشـدك يـا ولـد الـزمـيـلـي بـالـلــه *** حـيـثـك تـخـلـص قـالـة تـبـلا بـهـا
حـيـثــك غــلام مــا تـقــول الـزلـــه *** ولا عـلـوم الـكـذب مـا تـشقـابـهـا
أي الـذي لا جـاء مـن الضـد عـدوه *** عـلـم وكــاد ولا كــذب جـيــابـهــا
الـلي رميـت بـوجـه ربـعـي عشـره *** يـوم النـشـامـا كـلـشـت بشنـابـهـا
أنـا الـلي لـولاي الـبـوادي ضـاعـت *** والبـوش مـا تسرح ولا يرعابـهـا
أي الـذي بالكـون يرخـص بـعـمـره *** يـوم الـمـنـايـا حـاضـرٍ قـصـابـهــا
وأي الـذي يـكـرم مـن أمـوال جـده *** أو الـلـي يـجـلـب روحـه لجـلابـهـا
لـو كـان أسـوم الـروح بميـة نـاقـه *** الـروح مـا تجـلـب ولا ينصخابـهـا
أخـوي أكـرم مني وأنـا اشجع منـه *** مـخـروق كـف ولا يصمـد مـابـهـا
قـم يالـزميـلي بالعجـل هـات حـقـنـا *** مـا هـي لحـايس قـروة تـلتـقـابهـا
ويقال أن الفارس أمسك في مقبض السيف عندما قال البيت الأخير وكأنه يريد أن يخرجه من جرابه وقد قضى الزميلي للفارس رغم أن الكريم أفضل بحيث تحتاجه في كل الأوقات بينما الشجاع تحتاجه في أوقات معينة وهذا ما قال الزميلي :
أقضي لكـم بالصـدق مـاني مـداري *** ولا بد ما نعطي الحقوق أصحابها
تـرى الكريم سهيل والفارس القمـر *** يضـوي علينـا من وراء سحابهـا
* وعن طلايب العوارف في العصر القديم هذه القصة برواية صقار بن حنيف المسيكي رحمه الله كانوا العرب يلجأون لأشخاص يسمونهم العوارف وهم رجال اهل فهم وذكاء وتعارف عليهم القبايل يقال أن ثلاثة نسوة كانن سائرات في طريق فشاهدن سيف مذهب من أفخر السيوف ملقا على قارعة الطريق فتراكضن إليه فأمسكن به جميعاً وكانت أحداهن زوجها كريم والأخرى زوجها شجاع والثالثة زوجها حايف وكل واحدة منهم تدعي أن زوجها يستحقه وبعد أن اشتد الخلاف بينهن احتاج الأمر إلى الذهاب للعارفة لكي يفصل بينهن فتقدمن إلى العارفة وأول من تقدمت زوجة الكريم فأحتجت أن زوجها يستحقه فقالت هذه الأبيات :
حــنـا نــزلــنـا فـيــاض شــري *** حـــد الـرمــث مــن الــعــــدام
يـسـتـاهـل الـسـيـف الـكـريـــم *** لا غــشـى الــلــيــل الــظــــلام
يــذبــح لــلـخــطــار الــحــيــل *** مـــن مـــراديـــم الـــســــنـــام
ولـلـخـطــار الــمـعــتـجـلــيــن *** يــحــط الــمــيــســور اشــمـام
وقالت زوجة الشجاع هذه الأبيات :
حــنــا نـزلـنـا فـيــاض شـــري *** حــــد الــرمــث مــن الـعـــدام
يـسـتـاهـل الـسـيـف الـشـجـاع *** لا غــشـى الـجـــو الـــكـــتـــام
يــلــكــد عــلـى جـمــع الـقــوم *** عـــن لا يـــنـــوشــــه مــــلام
عــادتــه تــقــطــيــع الـــروس *** وسـيــفــه يـقـص الـعـــظـــام
وقالت زوجـة الحايـف هذه الأبيات :
حـنــا نــزلــنــا فـيـاض شــري *** حــــد الــرمــث مــن الــعــدام
يـسـتـاهـل الـسـيـف الـحـايــف *** مــا يـمـشـي وســط الــزحــام
يــحــوف لــحــالــه بــالــلـيــل *** ويــجــيــب الــذود الــجــهـــام
يــطــلــق ذود الـمــصـالــيـــح *** قــبــل راعــيــهـــن يـــنـــــــام
وقيل أن العارفة أعطى السيف للشجاع للأنه يستحقه :
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-2010, 02:44 AM   #4
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 342
افتراضي


إضافة جميلة وننتظر مشعل السحيحير
محمد فنخور العبدلي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-2010, 06:28 AM   #5
عضو منتديات العبار
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 12
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه عاداتك تتحفتنا يابو اسامه بمواضيعك الله يبيض وجهك وجه ابو مشعل دائما . تقبل مروري 0

ابو وايل النجادي ــ القصيم
النجادي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-2010, 05:33 PM   #6
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 342
افتراضي


حياك الله يالنجادي ووجهك أبيض
محمد فنخور العبدلي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2010, 06:02 AM   #7
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 122
افتراضي


اشكراستاذي الجهبذ النحرير الأديب ألنسابه عبدالله بن عبار العنزي على ثقته الفاضل
كما اشكر أخي الباحث النبيه محمد بن فنخور العبدلي على الموضوع الرائع

أخي محمد هناك فرق بين الأعراف المتبعة بين إصدار القضايا بين قضاة القبائل البدو الصرحاء المرتحلين وبين قضاة الأرياف أو مايطلق عليه العشائر الرعوية ومن ذلك يتبع قضاء الأرياف التبشيع وقد قرأت بالمصادر قصص عن قضايا تبشيع لقضاة الأرياف

ولم اسمع بإصدار مثل هذا النوع من قضاة القبائل البدوية لا في قبيلة عنزة ولاشمر ولابني خالد بادية سوريا والعراق ولم اسمع بقاضي عنزي إصدار مثل هذا الحكم
فالحديث عن البشعة يكون بقضاة الأرياف السورية أو العراقية ومناطق منها بئر السبع وفلسطين والأردن وبوادي مصر في سينا وغيرها وللعلم قد قضي على هذا العرف بالا حكام في الدولة ألحديثه في الأردن

إما إحكام القضاة القضاء العشائري البدوي فهو مقارب للشريعة الاسلاميه بنحو 60% من احكامها على سبيل المثال قد عرف هنا محكمة التميز والتميز قد عرف في عنزة سابقا" كنقد ابن غبين ضاة ضنا عبيد وإعادة الحكم أو تنفيذه وله الحق بتحويل القضايا إلى قضاة آخرين إذا عجز عن حلها

كما ينقد ابن شعلان قضاة الروله
ابن مهيد من الفدعان . ويعتبر المرجع الاستئنافي للطعن بقرارات ابن سمير وابن كويكب في قضايا الدم
كله هذا يدخل بمحكمة التميز الموجوده حاليا" من المحكمة الاسلاميه

كما إن هناك مايعرف بقطع يد الحايف السارق وقطع الرجل ونحوه

كما هناك مايسمى بالتعزير ومن صوره كالمغتصب والمفسد بأمر مشين بان يوضع فوق جمل ويوضع ممدد" على الجمل ويوضع تحته فحم فإذا علق بجسده من هذا الفحم فانه يقطع من جسده ماعلق به ويطلق عليه حكم التعزير

تلك إحكام مقاربه نوعا" ما لبعض الإحكام الاسلاميه تلك تعرف عند قضاة القبائل البدوية

كما المبشع ليس بقاضي وإنما تحال إليه القضايا من قضاة الأرياف

كما هو معروف عند قضاة البادية تحال إلي بعض المطبقين للإحكام

- القصاصة: وهي الأموال التي يتقاضاها (القصاص)
-القرش :وهي الاموال التي يتقاضاها (المقارشي )
- -قطاعة الحلال :وهي الاموال التي يتقاضاها (مسوق الحلال )
-الرضوة: وهي الاموال التي يتقاضاها(المرضوي)
- الجعالة: وهي الاموال التي يتقاضاها (الرزقة في القضايا الحقوقية

وقولك في باب :

مهنة المبشع

مهنة المبشع وراثية تحتكرها قبائل معينة ، وداخل القبيلة عشيرة معينة ، وجرت العادة أن يكون المبشع من ( رجال الدين ) لأنها في معتقد القبليين جانب روحي وديني , ويعتبرونه من الصالحين ، الأتقياء ، ويؤمنون بصحة أقواله ، وصدق أحكامه ، قال عارف العارف في كتابه القضاء عند البدو : لا يستطيع أي كان من البدوان يكون مبشعا ، بل هنالك عائلات مخصوصة ، وإذا مات المبشع يخلفه أكبر رجل من عائلته , حتى إذا لم يكن هذا هو الأفضل ، لا ينتخب المبشع انتخابا وإنما هو يصل إلى منصبه بحكم الوراثة والعادة 0

عليه اقول هذا ينطبق على مايسمى بالسادة أو المجلي ونحوه فقبيلة عنزة أو شمر ليوجد عندها هذا القول
فإذا التبشيع لوجود له بعرف القضاء البدوي القبلي

فالسادة والمجلي تجده عند القبائل الرعوية

وهنك عرف عن القضاء البدوي فلمجال لتبشيع لديه والمقولة تقول ( البيانات على المدعي وحلف اليمين )

وقد وافق ماقلته موضوعك الرائع وهي تسقط مسئلة التبشيع عن قضاة البادية القبائل

فقد ذكرت سابقا" بموضوع القضاء عند عنزة ورمزت إلى التبشيع ولكن بعد الرجوع إلى بعض الرواة فقد نفو لي مسألة التبشيع عند قبائل عنزة وإنشاء الله هناك استدراك لهذا الموضوع وتنقيحه وإضافات مايستجد حول ذلك

وكما قلت في مسألة التبشيع فقد وجدت من المصادر أنها توجد ومتأصلة بقضاء إلا أرياف ومن ماقرأته وجدت عن قبائل البوشعبان والنعيم والبو سرايا والحديديين وغيرها من القبائل

أخيرا" أتقدم بالشكر لأستاذي الأديب عبدالله ابن عبار العنزي
ولأخي الفاضل الباحث محمد بن فنخور العبدلي
__________________
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لزيارة الموقع الشخصي
http://mshal.net/
مشعل السحيحير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2010, 06:23 AM   #8
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,353
افتراضي

عز الله إني باشــــــعٍ والحـــس النـــار)))(((( وعز الله إن النار تأكل لساني

مبحث جميل ورائع تمنيت لو اضيف له الشعر الشعبي والقصص التاريخيه عن البشعه

بارك الله فيك يابو اسامه
مشعل العبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2010, 02:21 PM   #9
صاحب الموقع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 10,350
افتراضي

رواية وردت لرجلين وهي أن الشاعر الفارس نومان الحسيني الضفيري أو الشاعر الفارس ماجد الحثربي الشمري حصل عليه تهمه من قبل أبن عريعر أبان حكمه وأحضر لكي يبشّع
وعندما شاهد البشعة نهض واستل سيفه وقفز بعيداً وقال أبيات منها قوله :
أنا أشهد أني باشع والحس النار *** وأنا أشهد أن النار تاكل لساني
وأنا أشهد أني لريش العين دوار *** وأنا أشهد أنه من ثمانه سقاني
وأنا أشهد أني حامل صنع بيطار *** وأنا أشهد أني ذابح من تلاني
وصيغة البشعة يكون من رجال القبيلة رجل تابع لأوامر العارفة أو الشيخ ومهمته يضع يد المحماسة على النار حتى تصير حمراء ثم يخرج المتهم لسانه وتوضع يد المحماسة على لسانه ويقولون بزعمهم أنه إذا كان بري لا تضره بشيء وأن كان فاعل تحرق لسانه ولكن في نظري أن النار تأكل البري والمتهم والحكمة من ذلك أن المتهم عندما يواجه بالبشعة ينشف ريقة ويتغيّر لونه ويقر قبل أن توضع الحديدة الحامية على لسانه وقد سألت الكثير من الرجال كبار السن من عنزة هل منكم أحد شاهد البشعة أو يذكر موقف ؟ وجميع من سألته يقول كنت اسمع بالبشعة ولا وقفت عليها ولكن يوجد عند قبيلة الجدعة من الفدعان عائلة تسمى السهيل ويشيرون كبار السن أن أبن سهيل كان يبشّع ولم أقابل أحد من رجال هذه العائلة وشكراً لكم على هذا الطرح وشكراً للفاضل مشعل السحيحير على تجاوبه

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بن عبار ; 11-05-2022 الساعة 04:00 PM
عبدالله بن عبار متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-2010, 03:23 PM   #10
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 342
افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشعل السحيحير [ مشاهدة المشاركة ]

اشكراستاذي الجهبذ النحرير الأديب ألنسابه عبدالله بن عبار العنزي على ثقته الفاضل
كما اشكر أخي الباحث النبيه محمد بن فنخور العبدلي على الموضوع الرائع
000000000000000


أخي مشعل السحيحير وفقك الله لكل خير
أشكر لك مداخلتك الجميله واللطيفه
وموفق بإذن الله
أخوك أبو أسامه
محمد فنخور العبدلي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

 
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جمعت الدلائل جمعة العرف بالميزان عبدالله الموسى الخرشاوي الشعر الشعبي المكتوب 4 01-15-2013 10:58 PM
بحثي : فـــــــوائد الأبـــل محمد فنخور العبدلي الخطب والمقالات والبحوث العلميه 3 04-12-2012 04:09 PM
بحثي : الأساس في عقال الرأس محمد فنخور العبدلي الخطب والمقالات والبحوث العلميه 10 08-13-2011 07:07 AM
بحثي : حكم الشرع في تربية شعر الرأس محمد فنخور العبدلي الخطب والمقالات والبحوث العلميه 4 08-12-2011 04:09 PM
بحثي : الحجامة بين الشرع والطب محمد فنخور العبدلي الخطب والمقالات والبحوث العلميه 7 08-05-2011 05:18 PM
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

 
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

 
 
 

الساعة الآن 06:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd 
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009