من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن
930 - " من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن ؟ فقال أبو هريرة
فقلت : أنا يا رسول الله ، فأخذ بيدي فعد خمسا فقال : اتق المحارم تكن أعبد
الناس و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا و أحب
للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما و لا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 637 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 50 ) و أحمد ( 2 / 310 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق "
( ص 42 ) من طريق جعفر بن سليمان عن أبي طارق عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا
. و قال الترمذي : " حديث غريب ، و الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئا " .
قلت : و الصواب أنه سمع منه في الجملة كما بينه الحافظ في " تهذيب التهذيب "
غير أنه أعني الحسن مدلس ، فلا يحتج بما رواه عنه معنعنا كما في هذا الحديث .
ثم إن فيه علة أخرى و هي جهالة أبي طارق هذا ، قال الذهبي : " لا يعرف " .
لكن للحديث طريقا أخرى عن أبي هريرة ، قال المنذري ( 3 / 237 ) : " رواه البزار
و البيهقي في كتاب " الزهد " عن مكحول عن واثلة . عنه و قد سمع مكحول من واثلة
، قاله الترمذي و غيره لكن بقية إسناده فيهم ضعف " .
قلت : و من هذا الوجه أخرجه الخرائطي بإسناد آخر عن مكحول بلفظ : ( كن ورعا تكن
أعبد الناس و كن قنعا تكن أشكر الناس و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا
و أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ) . أخرجه الخرائطي ( ص 39 ) قال : حدثنا نصر
بن داود الصاغاني : حدثنا أبو الربيع الزهراني : حدثنا إسماعيل بن زكريا عن أبي
رجاء عن برد بن سنان عن مكحول عن واثلة بن الأسقع عن أبي هريرة .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون . و أبو رجاء اسمه محرز بن عبد
الله الجزري قال أبو داود : ثقة . و كذا وثقه أبو حاتم و ذكره ابن حبان في
" الثقات " و قال : " كان يدلس عن مكحول يعتبر بحديثه ما بين فيه السماع عن
مكحول و غيره .
قلت : و هذا الحديث إنما رواه عن مكحول بواسطة برد بن سنان فزالت بذلك مظنة
تدليسه عنه لكن الذهبي قال في " الكنى " من " الميزان " ما نصه : " أبو رجاء
الجزري عن فرات بن السائب ، و عنه عبدة بن سليمان و إسماعيل بن زكريا يقال اسمه
محرز ، قال ابن حبان روى عن فرات و أهل الجزيرة المناكير الكثيرة التي لا يتابع
عليها لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ، فمن ذلك عن فرات عن ميمون عن ابن عمر
مرفوعا : ما صبر أهل البيت على ضر ثلاثا إلا أتاهم الله برزق " . فيظهر أن ابن
حبان تناقض في هذا الرجل فمرة أورده في " الثقات " و أخرى في كتابه " الضعفاء "
. و لعل منشأ تلك المناكير من الذين دلسهم و ليست منه نفسه ، فإنه ثقة كما سبق
، و الله أعلم . و الحديث أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 10 / 365 ) و " أخبار
أصبهان " ( 2 / 302 ) و البيهقي في " الزهد " ( ق 99 / 2 ) من طريق أخرى عن أبي
رجاء به و زاد : " و أقل الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب " .
و لهذه الزيادة طريق ثالثة عن أبي هريرة مضى برقم ( 506 ) . و لها شاهد يرويه
إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني حدثني أبي عن جدي عن أبي إدريس
الخولاني عن أبي ذر قال : " دخلت المسجد ، و إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس وحده ، فجلست إليه فقال : يا أبا ذر ! إن للمسجد تحية و إن تحيته ركعتان
.... " . و هو حديث طويل جدا ، فيه أسئلة كثيرة من أبي ذر مع جواب النبي صلى
الله عليه وسلم عليها . أخرجه ابن حبان ( 94 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 1 /
166 - 168 ) . لكن إسناده واه جدا إبراهيم هذا متروك .
و لبعض الحديث شاهد آخر بلفظ : " يا أبا الدرداء أحسن جوار من جاورك تكن مؤمنا
و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما و ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس " .
أخرجه الخرائطي ( ص 41 ) عن عبد المنعم بن بشير حدثنا أبو مودود عبد العزيز بن
أبي سليمان الهذلي عن محمد بن كعب القرظي عن أبي الدرداء مرفوعا به .
و هذا إسناد ضعيف من أجل عبد المنعم بل اتهمه ابن معين ، و سائر رجاله ثقات .
و بالجملة فالحديث بهذه الطرق حسن على أقل الأحوال و لعله لذلك قال الدارقطني
على ما في " تخريج الإحياء " ( 2 / 160 ) : " و الحديث ثابت " . و الله أعلم
|