( من نوادر القصص )

قصّة الشيخ قاعد بن روضان بن بنيان الساري حدثت هذه القصّة في حدود عام 1215هـ حيث جلا الشيخ قاعد بن روضان بعد حادثة مع رجل من القبيلة وكان في ذلك العصر من تحمّل دم يرحل عن قومه ويلجأ إلى أحد القبائل المنيعة لقصد حمايته حتّى يقبل عند جماعته أو يبقى ضمن القبيلة التي دخل معها وكان مع قاعد زوجته وعبده وطفليه وحمل بيته وحلّته وتوجّه إلى قبيلة الزقاريط من قبيله عبده من شّمر وكان الوقت قيظ وقبل أن يصل قاعد إلى الزقاريط هلكت زوجته وعبده وأبله من الظمأ وكان على راحلته اطفاله قد وضعهم في خرج الذلول وكان قد أخفّى قليل من الماء معه للأطفال وعندما هلكت زوجته وعبده وأبله خشي على أطفاله ونفسه من الهلاك فحث راحلته التي هي سبيل النجاة الوحيدة بإذن الله وتوجه إلى مقر كان يعرف مكانه لا يخلوا من الماء فوصل المقر وشاهد الماء وترجّل عن راحلته ولم يقيدها لأنه يعرف أنها ظمأنه وكان يتوقع أن الناقة سوف ترد على الماء وعندما أقترب من المقر سمعت الناقة أصوات رفيف طيور في المقر فجفلت وفرّت هاربة وحاول اللحاق بها لكي ينقذ الأطفال ولكنها ضاعت في الليل فأيس من الأبناء لأنهم سيقتلهم الظمأ لا محاله ولم يبقى أمامه ألا تسليم أمره إلى الله ويصبر وقد شرب من الماء وجلس يفكّر ماذا يفعل فقرر أن يواصل طريقه إلى الزقاريط وكان يقصد بيت الشيخ أبن مغامس شيخ قبيلة الزقاريط وبعد مشقّة وعناء وهو سائراً على أقدامه وصل ألى بيت الشيخ أبن مغامس شيخ الزقاريط وهو لا يعرفه فوجده نائم ووجد القهوجي جالس قرب الدلال فقال للقهوجي أعمل قهوة فقال القهوجي أقصر صوتك يا رجل لا تزعج الشيخ فأنه حزين على طفله توفيت وهي حفيدته ويحبها فقال قاعد بصوت عالي أعمل القهوة لأني ضيف وأيقض الشيخ وإذا أنه غضب فسوف أرضيه وكان الشيخ أبن مغامس يسمع كلام قاعد منذ بدايته فقال للقهوجي أعمل القهوة للضيف وقام وسلّم على قاعد ورحّب به وبعد أن رشفوا القهوة قال الشيخ أبن مغامس للشيخ قاعد ( أنت تقول أنك سترضيني فبماذا ترضيني ؟ ) قال قاعد حصلت معي قصّه وأنا متجّه لك ثم أخبره بما حصل فأستغرب أبن مغامس صبر قاعد وكأنه لم يصدّق فأمر رجاله أن يأخذون معهم جمال ويذهبون للمكان الذي ذكر قاعد هلاك زوجته وعبده وأبله وإذا وجدوا الكلام صحيح عليهم أحضار بيته واثاثه والبحث عن الأبناء وذهبوا عدد من رجال الزقاريط ووجدوا ما ذكره قاعد صحيح ودفنوا زوجته وعبده وحملوا بيته وحلّته وأحضروها لأبن مغامس فأمر أبن مغامس أن يبنى بيت قاعد بالقرب من بيته وتعمل به القهوة وأمر أبنته أن توجه للبيت وأبلغها أنها تعتبر نفسها زوجه لقاعد كل هذا والشيخ قاعد ليس لديه علم عن ما فعل أبن مغامس فقال لقاعد سوف نذهب إلى بيت أحد الجيران لنتقهوى به فتوجهوا لبيت قاعد وعندما شاهد قاعد البيت والأثاث عرفها وقال هذا بيتي وهذي حلتي كيف أحضرت ؟ قال أبن مغامس أنت منذ الآن في بيتك وقد زوجتك أبنتي وسآملّك لك عليها الآن فأنشرح صدر قاعد وخفف هذا الموقف عنه الحزن على فراق زوجته وأطفاله وعبده وأبله هذا ما كان من قاعد
أما أطفاله الذين هربت بهم الناقة فأنهم قد أنقذهم الله سبحانه وتعالى حيث صادفهم أهل قافلة وأنقذوهم وربوهم وأصبحوا مع هؤلاء القوم لأنهم لا يعرفون من أي قبيلة بحكم أنهم أطفال لا يعون وكان قاعد قد جزم أنهم قتلهم الظمأ ولم يبحث عنهم
وقد بقي قاعد مدّة من الزمن عند الزقاريط في جوار أبن مغامس وأنجب أبناء من بنت أبن مغامس ثم أن قضيته حلّت وتنازلوا عنه أخصامه وأراد الرحيل إلى قومه وكان أبن مغامس قد جمع له من الزقاريط أبل وأعطاه خيل فرحل ووّدعه وحمل زوجته وعياله وأستاق أبله وكر راجعاً لجماعته وفي الطريق نزل وبنى بيته وسرّح أبله قرب البيت ولاحظ أن هذه المنطقة لا تخلوا من غزاه وهو رجل بمفرده وقد شاهده غزوا كانوا مكمنين في مكان قريب منه وأرسلوا أحد رجالهم يستطلع هل هذا البيت الخلاوي حوله أحد أو أنه لقمة سائغه لهؤلاء الغزو وعندما تأكد قاعد أن الغزو سوف ينقضون عليه أهداه فكره إلى رأي وهو أن يذهب إلى القوم ويدعوهم للعشاء فركب فرسه وذهب إلى القوم وسلّم عليهم وقال أنني رجل كنت مطلوب بدم ثم أنتهت مشكلتي وها أنذا عائداً إلى قومي وأنتم هنا تبحثون عن طمع وأنا قدمت عليكم لكي أدعوكم للعشاء باعتباركم ضيوف فواقوا على أن يحلون ضيوف عند قاعد ومن غريب الصّدف أن عياله الذين كانوا أطفال وهربت بهم الناقة كانوا مع هؤلاء الغزوا وعندما وافقوا الغزو على ضيفة قاعد سمع شابين يقولون لبقية رفاقهم نحن لا نحضر عشاء هذا الرجل ولا نوافق أنكم تثقلون عليه بالضيفة فقال أحد القوم للشابين أنتم لقطناكم متصرعين على ناقة وكدتم تهلكون من الظمأ لولا أن أنقذناكم ولا نعرف أصلكم والآن تعاندوننا بالشور فسمع قاعد كلامهم وتفحّص وجوه الشابين فعرف أنهم عياله وتريّث في كشف الأمر حتّى يتعشوّن الضيوف وأقسم على الشابين بالحضور مع رفاقهم وذبح لهم جزور وبعد أن تعشّوا سأل الرجل الذي ذكر أن الشابين وجدوا على راحله وكادوا أن يهلكون من الظمأ وذكر للقوم قصّته ومنها فقد الطفلين وتطرّق للناقة التي هربت بأطفاله ووصف الناقة وذكر لونها ووسمها ولون الشّداد الذي كان عليها والوقت الذي ضاعت به والمكان فتشاهدوا القوم أن الشابين هم الذين تنطبق عليهم هذه الأوصاف فتعرّف قاعد على عياله وأقام في مكانه أيام يذبح من الأبل للقوم فرحة بنجاة عياله ثم عاد ألى قومه وترأس قبيلة الولد في وقته وعاصر أخداث ثم بقي يرأس قبيلة الساري ولا تزال ذريته هم شيوخ قبيلة الساري ومن فرسانهم المشهورين محسن رخيص الروح وعلى القصّاب وفارس والحميدي وغيرهم الكثير من الفرسان

قصة ممتعه وتاريخ مشرف
للساري والفدعان وعيال وايل
سلمت يداك ابو مشعل
لك مني فائق التقدير

صاعد المصلوخي

يا محسن يا رخيص الروح = والروح ما يصخى بها
تثني ورا الحمرا الطيوح=أللي تجر إجنابها

ألف نعم بالقاعد، شيخان وفرسان وأهل مشورة وبخت، رحمهم الله برحمته الواسعة وبارك في عقبهم وسلمك الله يأديبنا العزيز على ما تورده لنا من تاريخ قبيلة عنزة الذي كاد أن يمحوه زمن التحضر وهذا ماعجز عنه جميع من خالفك وخالف سلم أهله من قبله وشذ عن صفات وطباع قبيلة عنزة ظناً بأنهم سيكسبون الشهرة بما فعلوا هدانا الله وإياهم وعبادة أجمعين ..

وأنعم وأكرم بقبيلة شمر مزبن الجاني والضعيف ومكرمين الضيف، ومن المؤكد أن لهذه العائلة الكريمة من القصص والأشعار الحماسية والفخر الكثير وهو ما لا يملكه إلا جنابك المكرم فكلنا رجاء وتمني على جنابك العزيز الإستزادة من ذلك ومثل هذه القصص ما نرجوه وما نصبوا إليه حفظك الله وأطال بعمرك وأصلح لك النية والذرية والسميّة وحفظك من كل مكروه ..

بحق انها قصه رائعه وهادفه اشكرك استاذنا على ايراد ماهو مفيد ومثري
لاهنت الله يديمك يابو مشعل

قصه تحزن وتظهر جلادة السابقين وصبرهم العظيم نحن الآن يجزعنا أي شي ويفزعنا والصبر مفقود والحكمه غائبه الأ من رحم الله الف شكر أبو مشعل على سرد هذه القصه 0