( التفسير الخاطيء لنصوص المؤرخين يوهم الجهلاء )
ورد اسم اللهازم في الكثير من كتب نسابة العرب والمؤرخين ومسمى اللهازم كان في بداية الأمر لقب لقبت به بنو عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة عندما قال لهم أبوهم أغدوا كاللهازم يعني عظام الحنك ويقصد أنكم لا تفككون ثم بعد أن أصبحت بنو عجل من بطون بكر القوية وكان العصر الجاهلي بحاجة إلى تكتل لقصد الحماية من أعتداء الأقرباء والأعداء فقد أنظم إلى هذا الحلف بنو قيس وبنو تيم اللاّت أبنا ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ثم أن قسم آخر من بكر شكّل تجمع منفرد وهم الذهلين والذهلين هم بنو ذهل بن شيبان بن ذهل وبنو ذهل بن ثعلبة بن عكابة وأطلق على الجمع الأول اللهازم وأطلق على الجمع الثاني : الذهلين وبقيت بني يشكر وهي أبعد قبائل بكر منفردة بأسمها ونتيجة هذا التشكيل الداخلي في قبائل بكر كانت قبيلة عنزة بن أسد أعلا نسباً من بطون بكر في أثنا عشر ضهر ولكنها دخلت في مرحلة قلة بينما قبائل بكر تكاثرت وأصبحت قوية وحيث أن تغلب بن وائل أخو بكر وبنو النمر بن قاسط أبناء عم بكر قد اتحدوا وهم من ألد اعداء بكر فأنهم قد انقطعت الفزعة منهم لبكر في الحروب وحيث أن بنو عنز بن وائل أنحازت ودخلت في حلف مع قبائل خثعم فهم أيضاً أبعدو عن بكر وحيث أن قبيلة أكلب من قبائل ربيعة هي الأخرى قد حالفت خثعم ودخلت في تهامة فأنها اصبحت بعيدة عن بكر وحيث أن عميرة بن أسد دخلت في عبدالقيس بن افصى وعبدالقيس كذلك ليس على وفاق مع بكر فأن القبيلتان أصبحتا لا تفزع لبكر وقبيلة ضبيعة بن أسد دخلت العراق وأبعدت عن بكر وبقي من قبائل ربيعة المشهورة قبيلة عنزة ونظراً لأن قبيلة بكر تحيط بها قبائل في نجد قيسية ويمانية وهي بحاجة إلى تعاضد فقد أنظمت قبيلة عنزة ودخلت ضمن جمع اللهازم فأصبحت تعد من قبيلة بكر في جمع وليس نسب لأنها تميّز بجدها وتنسب لجدها ولم ينسب أي عنزي إلى بكر أو لأحد بطونها ولا يقال لمن دخل في اللهازم ( لهزمي ) بل تنسب كل قبيلة لنسبها الصحيح حيث يقال : العجلي والقيسي والتيمي والعنزي وعندما يورد أي كاتب اسم عنزة يوضح أنها عنزة بن أسد وهذا النسب يجعل نسب عنزة أوضح من الشمس وقد توهم بعض من أورد نصوص تلهزم عنزة مع بكر يريد أثبات أنتساب عنزة من بكر بينما التفسير الصحيح ينفى أنتساب عنزة لبكر وانتمائها لبكر لأن النص يقول ( عنزة بن أسد ) وهذا يفهم منه أن عنزة لا يقال لها عنزة بن بكر ولا عنزة بن وائل بن قاسط ولا عنزة بن عجل أو أبن قيس أو أبن تيم بل يقال عنزة والمفرد العنزي لذا نقول كيف يفسّر الشيء الواضح بتفسير مخالف للواقع ؟ وكيف تنسب عنزة لبكر وهي عنزة بن أسد ؟
أقول لو أن هذه القبائل عندما تجمعت في جمع وأطلق عليها لقب اللهازم فلو أن كلمة اللهازم طمست اسم عجل وقيس وتيم وعنزة وصار أسم اللهازم اسم فعلي وأختفت الأسماء التي تحدد النسب وأصبح الأسم المشهور للفرد ( اللهزمي ) فأننا لا نستطيع التفريق بين العنزي والبكري وهنا يفتح باب الأجتهاد أما المؤرخين والنسابين فأنهم قد وضحوا لنا القبائل البكرية المتلهزمة بأسم الجد ويفندون لنا نسب عنزة ويرفعونه إلى أسد بن ربيعة ومع ذلك لا يزال يوجد من لم يفهم القصد حتى الآن فأن هذه آفة ؟
أقول : للأخوة الذين فسروّا النص بالعكس فأن جمع اللهازم حصل في فترة زمنية قبل الإسلام وبقي بعد الإسلام له ذكر قليل لفترة محدودة ثم أندثر وكان وجوده عندما كانت اللهازم مجتمعة ثم بعد أن جاء الإسلام وجدت عنزة بن أسد في عين التمر في الأنبار شمال غرب العراق ووجدت بنو عجل بن لجيم في بر فارس جنوب العراق ووجدت بنو قيس بن ثعلبة في منفوحة ومناطق أخرى وذابت بنو تيم اللات في قبائل العراق ولم تعرف عندها لم يبقى لهذا الجمع أثر أطلاقاً ولا يزالون بني عجل لهم وجود في الخميسية في منطقة البصرة وفي بر فارس في منطقة عربستان ولا تجد عندهم من يعرف اللهازم منذ ذلك الحين وهاهي عنزة منذ ثلاثة عشر قرن وهي ترد أخبارها في المكان والزمان وفي أسمها الصحيح عنزة بن أسد ولا تجد من يذكر اللهازم أو يسمع به من أجيال عنزة منذ القرن الثاني الهجري حتى جاء هذا العصر فكثرت الأجتهادات الخاطئة والأفكار الحمقاء حيث بعد أن وصلت قبيلة عنزة قمة السؤدد والمجد أرادوا أرجاعها ثلاثة عشر قرن لكي تكون لهزمة وتكون ملحقة لقبيلة بكر ويكون جدها الذي تعتزي به مستعار وهم بذلك يحاولون البحث عن مثالب هذه القبيلة ويريدون لها النقص ولا يريدونها قبيلة عريقة وأصيلة ومستقلة ولها جد صريح تعتزي به وتنتسب له وكل من كتب هذه الكتابات وحاول الصاق عنزة في بكر فهو يزعم أنه قد رفع من شأن هذه القبيلة ولكن الصحيح هو العكس حيث أن وضعها لحقة ولصقة وجدها مستعار لا يجلب الفخر للقبيلة بل يجلب لها العار والعيب نسأل الله أن يهدي من أضل السبيل
أما أقوال النسابه والمؤرخين ومنهم محمد بن أبي بكر بن عبد الله التلمساني الشهير بالبري حين قال : اللهازم هم عنزه بن أسد وعجل بن لجيم وتيم الله وقيس أبناء ثعلبة ثم تلهزمت حنيفه بن لجيم والذهلان شيبان وذهل أبناء ثعلبه بن عكابة ) وأصبحت عنزة من أحياء بكر بن وائل
قلت : نعم كلمة الحي كما نعرفه في مفهومنا الحاضر هو جمع عناصر من الناس ولم يقول البري انتسبت عنزة لبكر بن وائل لأنه ذكر في تفسيرة لعناصر اللهازم أنهم عنزة بن أسد
وكذلك قول أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني حيث ذكر أن بكر بن وائل حيين ! وهما الذهلين واللهازم)، ويوافقه قول الشاعر الفرزدق التميمي :
وأرضى بحكم الحي بكر بن وائل *** أن كان في الذهلين أو فياللهازم
قلت لقد وضّح الأصفهاني أن كلمة اللهازم تعني أبناء بكر بن وائل ولم يذكر عنزة لأن عنزة الحقت باللهازم وهم بالأساس ليس من بكر ولا يدخل تلهزمهم في بكر نسباً بل هو جمع ونحن الذي يعنينا هو النسب الصحيح وليس الجمع أو الحلف لأنه كثيراً ما ينفض ولا يشكل نسب وهاهو قد أنفض وأنتهى منذ قرون أما قول الفرزدق فأنه واضح وهو عندما قال الذهلين لم يخلط نسب الذهلين لأن ذهل الأكبر وذهل الأصغر كل واحد له نسب وله جد فهو قال الذهلين ونسب الجميع إلى بكر وهذا صحيح ولكن عنزة لا يوجد مؤرخ نسبهم لبكر نسباً لأن المؤرخين يحملون أمانة
أما الشاعر القيسي الذي رد على من مدح بنوا شيبان من بكر بعد حرب ذي قار ولم يذكر اللهازم الذي شاركواأخوتهم في الحرب فقال :
لولا الفوارس لاميل ولا عزل *** من اللهازم ماقاظوا بذيقار
نحن أتيناهم من عند أشملهم *** كـمـا تـلـبـس ورادبـصـدار
قلت نعم فقد قالها أثناء وجود اللهازم وكان هذا القول قد مضى عليه خمسة عشر قرن وأكثر حيث أن معركة ذي قار قبل الهجرة بقليل ولكن ألا يفكّرون أخوتنا الذين يفسرون النصوص حسب رغبتهم أن 1500 سنة قد مرّت بيننا وبين موقعة ذي قار وهل يعتقدون أن حلف اللهازم لا يزال قائم ؟ لقد أنتهى الحلف ولا عاد يعرف ونحن حالياً في سنة 1432هـ والحدث المشار إليه كان قبل تؤرخ الهجرة لهذ الفت نظر الجميع أننا منذ ذلك الوقت لم نكن لهزمة بل نحن هامة وقد أصبحنا أقوياء وأصبحت القبائل تحالفنا وأنتهى الحلف وتفيد الجميع أن جدنا وائل عنزي وليس مستعار وكما قلت :
جدنا وائل ما هو نكره معرّف *** ما مكانه لهزمة لاشك هامه
وأود ان أنبه إلى ملاحظة هامة وهو أن هناك من هو لا يزال يعمه في الجهل فيأخذ بالخرافة القائلة أن عنزة أطلق عليها اسم عنزة بسبب تعنّز أبنة النعمان ويرددونها كرواية فهل يعقل أن أحد من الرواة يحفظ هذه الرواية منذ ذلك التاريخ ؟ وأنني أسأل الكثير عن جدّه الخامس وأطلب نبذة عنه وهو لا يعرف ألا أسمه ولمحة بسيطة عنه فكيف يحفظون رواية ان عنزة اطلق عليها اسم عنزة عندما عنّزت أبنة النعمان ؟ والمؤرخين بسطوا معركة ذي قار بالتفصيل وأوردوا أسماء الأشخاص الذين شاركوا من زعماء البطون ووصفوا ما حدث وما قيل من شعر وهنا نوضح للجميع أن هذه المقولة ليس لها سند ولا صحة لها والذين زبنوّا تركة النعمان هم بني شيبان وهم قبيلة من بكر بن وائل وبقي لهم ذكر في التاريخ بعد المعركة ولم يتغيّر أسمهم من بني شيبان إلى عنزة وعنزة اسم معروف قبل موقعة ذي قار بأربع مائة سنة لذلك فأن ما أشيع مجرد أشاعة باطلة
وكذلك أود أن أنوه عن خرافة أخرى ترددت في الأونة الأخيرة وهي قول من يربط لعبة ( الدحة ) في معركة ذي قار وهذه لا أساس لها من الصحة جملة وتفصيل ونحن لسنا بحاجة إلى تأليف الخرافات والأساطير وحكايات قال الراوي لأن القبيلة تعرف بأفعالها وأصالة النسب والكرم والشجاعة والعفة والشهامة وحماية المستجير وأكرام الضيف وحشمة الخوي وهكذا أما من يلفّق حكاية في لعبة ويجعل لها تاريخ دون سند فأنها لا تفيد والدحة لعبة منتشرة في أكثر من ثلاثين قبيلة ومن ضمنها عنزة ولا علاقة لها بموقعة ذي قار ومن المؤكد أن كل المؤرخين الذين ذكروا اللهازم فندوا أنساب القبائل المنضوية تحت هذا الأسم وقد ذكروا عنزة بن أسد في الأسم الصريح والنسب الصحيح ولا أدري لماذا تحرّف النصوص ويعدي البعض في بكرية عنزة بموجب هذا الحلف وهو لم يحصل التداخل وأني أطلب من جميع الأخوة الباحثين من وجد نص ينسب العنزي بكري أو العكس فليذكره ومن وجد نص يذكر أنه عنزة أطلق عليها عنزة بسبب تعنز بنت النعمان فليشير له ومن وجد نص يفيد أن لعبة الدحة لها أترباط في معركة ذي قار فيشير له أما التكهنات والتخبط فلا يخدم القبيلة ولا يرفع شأنها هذا ما لزم أيضاحه والله من وراء القصد